ثم لو لم يكن الحفاظ عدوا هذه الرواية من موضوعات عبيداللّه
العمري وكان عندهم ثقة برجالها ولوبالعلاج ولو بقيل قائل، لما
اعرضوا عنها في تلكم القرون الخالية كلها، وكان يتلقاها حافظ
عن حافظ‏وامام عن امام ولم تكن تخص روايتها بالمحب
الطبري وابن كثير المتخصصين لذكر الموضوعات
والاحاديث‏المفتعلة او من يحذو حذوهما. وفي نفس الرواية ما
يكذبها من شتى النواحي:
1 ان عائشة ولدت في السنة الرابعة او الخامسة من
البعثة((1399))، والقضية على‏تسليم قبولها قد وقعت
في‏السادسة من البعثة، فاين كانت عائشة يوم ذاك؟
اشاهدت موقف ابيها وهي على ثدي امها بنت سنة او سنتين؟
لماذا لم يرو ذلك عن ابيها او عن امها او عن‏ام جميل؟ لعل
الرواية من ولائد القرون المتاخرة عنهم، ولدتها ام الفضائل بعد
قضاء الدهر على حياة من‏خلقت لاجله.
2 ان في لفظ الرواية: لما اجتمع اصحاب النبي (ص) وكانوا
ثمانية وثلاثين رجلا. فعلى هذا لم يكن ابو بكريوم ذاك مسلما
اخذا بقول النبي (ص) «صلت الملائكة علي وعلى علي سبع
سنين لانا كنا نصلي وليس‏معنا احد يصلي غيرنا»((1400)). وما
مرت من الصحيحة عن امير المؤمنين (ع): «لقد صليت مع
رسول (ص)قبل الناس بسبع سنين‏»((1401)). وما اسلفنا من
صحيحة الطبري: ان ابا بكر اسلم بعد اكثر من
خمسين‏رجلا((1402)).
3 في الرواية: الح ابو بكر على رسول اللّه في الظهور، فقال: يا
ابا بكر انا قليل، فلم يزل ابو بكر يلح‏حتى‏ظهر رسول اللّه (ص).
الخ. يكذبه ما في السير من ان رسول اللّه (ص) اظهر الدعوة
قبل ذلك اليوم‏بثلاث سنين.
وروى ابن سعد وابن هشام والطبري وغيرهم: ان اللّه عزوجل
امر نبيه‏محمدا(ص) بعد مبعثه بثلاث سنين‏ان يصدع بما جاءه
منه، وان ينادي الناس بامره ويدعو اليه فقال له: (فاصدع بما
تؤمر واعرض عن‏المشركين)((1403)) وكان قبل ذلك في
السنين الثلاث من مبعثه الى ان امر باظهار الدعوة الى اللّه
مستسرا مخفيا امره(ص) وانزل عليه: (وانذر عشيرتك
الاقربين # واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين # فان
عصوك‏ف‏قل‏اني بري‏ء مما تع ملون)((1404))((1405)).
فاظهار النبي(ص) دعوته كان بامر من المولى سبحانه من
دون سبق اي الحاح‏من اي احد عليه من ابي بكراو غيره سواء
كان اسلم ابو بكر يوم ذاك او لم يسلم.
على ان ابابكر عد ممن كان يدعو سرا بعد ذلك اليوم بعد ظهور
الدعوة من المسلمين، فاين مقيل الحاحه‏على رسول اللّه في
الظهور من الصحة يوم ذاك؟ قال ابن سعد في
طبقاته((1406)) (1/185): كان ابو بكر يدعوناحية سرا، وكان
سعد بن زيد مثل ذلك، وكان عثمان مثل ذلك، وكان عمر
يدعو علانية وحمزة بن‏عبدالمطلب. فاسرار ابي بكر في الدعوة
يوم اعلان عمر كان بعد ذلك اليوم، اذ اسلم عمر بعد
خروج‏المهاجرين الى ارض الحبشة بعد اربعين رجلا((1407)).
وقد مر في الرواية ان القضية وقعت والمسلمون ثمان‏وثلاثون
نسمة.
وذكر الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (9/259) حديثين في
اسلام ام ابي بكر، احدهما عن ابن عباس قال:اسلمت ام ابي بكر
وام عثمان وام طلحة وام الزبير وام عبدالرحمن بن عوف وام
عمار. فقال:
فيه: خازم بن الحسين وهو ضعيف. وقال الذهبي في
الميزان((1408)) (1/315): قال ابن معين((1409)): خازم
ليس‏بشي‏ء. وقال ابو داود: روى مناكير. وقال ابن
عدي((1410)): عامة ما يرويه لا يتابع عليه.
والحديث الثاني للهيثمي عن طريق الهيثم بن عدي قال:
هلك ابو بكر فورثاه ابواه جميعا وكانا اسلما. ثم‏قال:اسناده
منقطع.
قال الاميني : كان الحافظ الهيثمي يوهم بكلمته الاخيرة ان
علة الحديث هي انقطاعه فحسب، ولم يذكر بقية‏رجاله حتى
تقف عليها نظارة التنقيب، غير ان في ذكر الهيثم بن عدي
الكذاب كفاية. قال البخاري: ليس‏بثقة كان يكذب. وقال ابو
داود: كذاب. وقال النسائي((1411)) وغيره: متروك الحديث.
وقالت جارية الهيثم:كان مولاي يقوم عامة الليل يصلي فاذا
اصبح جلس يكذب، وقال النسائي ايضا: منكر الحديث.
وذكرحديثا وعده من افتراء الهيثم على هشام بن عروة. وقال
ابو حاتم((1412)): متروك الحديث. وقال ابو زرعة:ليس بشي‏ء.
وقال العجلي((1413)): كذاب وقد رايته.
وقال الساجي: سكن مكة وكان يكذب. وقال امام الحنابلة
احمد: كان صاحب اخبار وتدليس. وقال‏الحاكم النقاش: حدث
عن الثقات باحاديث منكرة. وعد البيهقي والنقاش والجوزجاني
الحديث من‏الموضوعات لكون الهيثم فيه. وقال ابو نعيم: يوجد
في حديثه المناكير((1414)).
فاسلام ام ابي بكر كاسلام والده ابي قحافة قط لا يثبت. والذي
ذكر اسلامهما من المؤرخين كابن كثيروالدياربكري والحلبي
وغيرهم لا يعول على قولهم بعد ما عرفت الحال في مستند
اقوالهم، فلا قيمة‏للدعوى المجردة والتقول بلا دليل.
ويعرب عن جلية الحال بقاء ام الخير ام ابي بكر في حبالة
ابي قحافة في مكة، وقد اسلمت هي على‏قول‏من يقول
باسلامها في السادسة من البعثة، واسلم ابو قحافة في الثامنة
من الهجرة سنة الفتح كما سمعت،فتخلل بين اسلامهما
خمسة عشر عاما، فباي كتاب ام باية سنة بقيت تلك المسلمة
ام مثل ابي بكر تلك‏السنين المتطاولة في نكاح ابي قحافة
الذي لم يسلم بعد؟ وما الذي جمع بينهما؟ والفراق بينهما كان
اول شعارالاسلامية. فاين اسلامها؟ وبماذا يثبت والحال هذه؟
(28) ابو بكر وابواه في القرآن
لعبت ايدي الهوى بكتاب اللّه، وحرفت الكلم عن مواضعها، وجاء
من يؤلف في التفسير وقد اعماه‏الحب‏واصم ه، يخبط خبط
عشواء، فتراه كحاطب ليل يروي في كتابه اساطير السلف
الاولين من‏الوضاعين مرسلا اياها ارسال المسلم من دون اي
تحقيق وتثبت وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا، ومع‏ذلك
يرون انفسهم ائمة وقادة في علم القرآن العزيز. حتى يروون ان
قوله تعالى في الاحقاف (15): (ووصينا الانسان‏بو الديه احسانا
حملته امه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا
حتى اذا بلغ‏اشده وبلغ اربعين سنة قال رب اوزعني ان اشكر
نعمتك التي انعمت علي
وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه واصلح لي في ذريتي اني
تبت اليك واني من المسلمين) نزلت في ابي‏بكر.
ويروون عن علي امير المؤمنين وابن عباس ان الاية نزلت في
ابي بكر الصديق، وكان حمله وفصاله ثلاثين‏شهرا، حملته امه
تسعة اشهر وارضعته واحدا وعشرين شهرا، اسلم ابواه جميعا
ولم يجتمع لاحد من‏المهاجرين ان اسلم ابواه غيره، فاوصاه اللّه
بهما ولزم ذلك من بعده. فلما نبئ رسول اللّه (ص) وهو
ابن‏اربعين سنة صدق ابو بكر (رضي اللّه عنه) رسول اللّه (ص)
وهو ابن ثمان وثلاثين سنة، فلما بلغ اربعين سنة‏قال: ( رب
اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي‏وعلى والدي)،
واستجاب اللّه له فاسلم والداه واولاده‏كلهم.
الكشاف (3/99)، تفسير القرطبي (16/193، 194)، الرياض
النضرة (1/47)، مرقاة الوصول (ص‏121)،تفسير الخازن
(4/132)، تفسير النسفي هامش الخازن (4/132)، تفسير
الشوكاني (5/18)((1415)).
الا مسائل هؤلاء الاعلام المغفلين عن ان كون مدة الحمل
والفصال ثلاثين شهرا هل يخص بابي بكرفحسب حتى يخص
بالذكر؟ ام هو مطرد في خلق اللّه، اما بكون مدة الحمل ستة
اشهر ومدة الارضاع‏حولين كاملين، واما بكون الحمل تسعة
اشهر والارضاع واحدا وعشرين شهرا؟ وان الحري بالذكر
هوالاول لشذوذه عن العادة المطردة.
ثم ان كان هذا من خاصة ابي بكر وحكاية لحمله وفصاله فكيف
يصح لمولانا امير المؤمنين وابن عباس‏الاستدلال بالاية مع ما
في سورة لقمان على كون اقل الحمل ستة اشهر؟ كما مر في
الجزء السادس (ص‏93 آ95)، فالاية الكريمة لا تبين الا ما هو
السائر الدائر بين البشر باحد الوجهين المذكورين وبهذا
يتم‏الاستدلال. وفيه قال ابن كثير في تفسيره (4/157): وهو
استنباط قوي صحيح ووافقه عليه عثمان وجماعة‏من الصحابة
غ. وابن كثير مع اكثاره بنقل الموضوعات لم يوعز الى نزول
الاية في ابي بكر لما يرى في نقله‏من الفضيحة على نفسه.
ثم ان في نص الاية ان ذلك الانسان قال ما قاله وقد بلغ اشده
وبلغ من عمره اربعين عاما. وابو بكر لم يكن‏مسلما يوم ذاك لا
هو ولا ابوه ولا امه، اما هو فقد قدمنا انه اسلم بعد سبع من
البعثة بنصوص مرت في‏الجزء الثالث (ص‏220 223).
واما ابوه فقد اسلم ان اسلم يوم الفتح في السنة الثامنة من
الهجرة، وكان لابي بكر يومئذ ست وخمسون‏سنة او اكثر.
واما امه فقد اسلمت ان اسلمت في السنة السادسة من
البعثة، وابو بكر يوم‏ذاك ابن اربع واربعين سنة‏اواكثر منها.
فبماذا انعم اللّه عليه وعلى والديه يوم قال: رب اوزعني ان
اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي،وكلهم غير
مسلمين؟ والجملة دعائية بالنسبة الى الهام الشكر على ما انعم
اللّه به عليه وعلى والديه‏فحسب، واما بالنسبة الى كونهم من
المنعم عليهم فخبرية تقتضي سبق تلك النعمة على ظرف
الدعاء،فالقول بان اللّه سبحانه استجاب له فاسلم والداه واولاده
كلهم، مهزاة غير مدعومة بشاهد.
على ان اخبار اسلام والديه بعد تسليمها والغض عما فيها
تدل على ان اسلام امه كان بدعاء رسول اللّه(ص) لها بالاسلام،
واسلام ابيه من بركة مسحه(ص) يده على صدره، فاين دعاء
ابي بكر؟.
واما ما في ذيل الرواية مما عزي الى امير المؤمنين (ع) من انه
لم يجتمع لاحد من المهاجرين ان اسلم ابواه‏غير ابي بكر.
فحاشا اميرالمؤمنين يقول مثل ذلك، وقد عرفناك (ص‏310
312) زرافات من المهاجرين‏اسلموا هم وآباؤهم وامهاتهم
ويقدمهم هو سلام اللّه عليه بالاولية والاولوية.
آية اخرى في ابي بكر وابيه :
وردت في قوله تعالى من سورة المجادلة (22) (لا تجد قوما
يؤمنون باللّه واليوم الاخر يوادون من حاد اللّهورسوله ولو كانوا
آباءهم او ابناءهم او اخوانهم او عشيرتهم اولئك كتب في
قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه‏ويدخلهم جنات تجري من
تحتها الانهار خالدين فيها رضي اللّه عنهم ورضوا عنه اولئك
حزب اللّه الا ان حزب اللّههم المفلحون).
من طريق ابن جريج: ان ابا قحافة سب النبي (ص) فصكه ابو
بكر ابنه صكة فسقط منها على وجهه، ثم‏اتى‏النبي (ص) فذكر
ذلك له، فقال: او فعلته لا تعد اليه، فقال: والذي بعثك بالحق
نبيا لو كان السيف مني قريبالقتلته. فنزلت قوله: لا تجد قوما.
الاية.
تفسير القرطبي((1416)) (17/307)، تفسير
الزمخشري((1417))(3/172)، مرقاة الوصول‏حاشية نوادر
الاصول(ص‏121)، تفسير الالوسي (28/36).
قال الاميني : اصفق رجال التفسير على ان سورة الاحقاف التي
مرت فيها الاية الاولى مكية، وعلى‏ان‏سورة‏المجادلة مدنى ة،
وعلى ان هذه الاية نزلت بعد ردح من الزمن من نزول
الاحقاف، ويظهر من تفسيرالقرطبي وابن كثير((1418))
والرازي((1419))انها نزلت بعد بدر واحد فيقع نزولها على هذا
في السنة الرابعة من‏الهجرة تقريبا، فما وجه الجمع بين الايتين
على‏تقدير تسليم نزولهما في ابي بكر؟ والاولى منهما كما مر
نص‏على ان ابا قحافة ممن انعم اللّه عليه يوم كان لابي بكر
اربعون سنة، ولما بلغ اشده وبلغ اربعين سنة قال:(رب اوزعني
ان اشكر نعمتك التي انعمت علي‏وعلى والدي)، وهذه الاية كما
ترى نص في ان ابا قحافة يوم‏نزولها وكان يوم ذاك لابي بكر
ثلاث وخمسون سنة تقريبا كان ممن حاد اللّه ورسوله.
والذي يهون الخطب ان متن هذه الرواية كالرواية السابقة
الواردة في الاية الاولى يكذب نفسها. اذ الاية‏كما سمعت نزلت
بالمدينة، وظاهر الرواية وقوع القصة بها، ويوم ذاك كان ابو
قحافة بمكة، فاين وانى اجتمع‏ابو بكر مع ابيه وصكه؟
ثم هل يشترط وجوب قتل من سب رسول اللّه (ص) بقرب
السيف ممن سمعه؟ او شرع هذا الحكم بعدالقضية؟ او خص ابو
قحافة منه بالدليل؟ سل من اعماه الغلو في الفضائل واصمه:
(ان هم ليقولون‏منكرامن‏الق ول وزورا)((1420))، ( ويقولون
هو من عند اللّه وما هو من عند اللّه ويقولون على اللّه الكذب
وهم‏يع‏لمون)((1421)).
ايمان ابي طالب وسيرته
الغاية للقالة
احسب ان القوم لم ينسجوا هذا الافك على نول الجهل بتراجم
الرجال فحسب، ولا ان لهم ماربا في آباءالمهاجرين اسلموا او لم
يسلموا، او ان لهم غاية في اسلام ابوي ابي بكر، لكنهم زمروا لما
لم يزل لهم فيه مكاءوتصدية من تكفير سيد الاباطح شيخ
الائمة ابي طالب والد مولانا امير المؤمنين سلام اللّه عليهما،
وذلك بعدان عجزوا عن الوقيعة في الولد فوجهوها الى الوالد او
الى الوالدين كما فعله الحافظ العاصمي
في‏زين‏الفتى.وكان‏من‏تهويلهم في‏تخفيف‏تلكم‏الوطاة ان‏جروا
ذلك الى والدي النبي المعظم صلى اللّه عليه وآله
وسلم‏وعليهما حتى قال العاصمي في زين الفتى عند بيان وجه
الشبه بين النبي والمرتضى صلى اللّه عليهما وآلهما: اماتشبيه
الابوين في الحكم والتسمية، فان النبي في كثرة ما انعم اللّه
تعالى عليه ووفور احسانه اليه لم يرزقه‏اسلام ابويه، وعلى هذا
جمهور المسلمين((1422)) الا شرذمة قليلين لا يلتفت اليهم،
فكذلك المرتضى فيما اكرمه‏اللّه به من الاخلاق والخصال
وفنون النعم والافعال لم يرزقه اسلام ابويه. انتهى .
فلم تفتا لهم في ذلك جلبة ولغط مكابرين فيهما المعلوم من
سيرة شيخ الابطح وكفالته‏لصاحب‏الرسالة،ودرئه عنه كل سوء
وعادية، وهتافه بدينه‏القويم، وخضوعه لناموسه‏الالهي
في‏قوله‏وفعله وشعره‏ونثره،ودفاعه عنه‏بكل ما يملكه من حول
وطول.
ولولا ابو طالب وابنه
لما مثل الدين شخصا وقاما
فذاك بمكة آوى وحامى
وهذا بيثرب جس الحماما
تكفل عبد مناف بامر
واودى فكان علي تماما
فقل في ثبير مضى بعد ما
قضى ما قضاه وابقى شماما((1423))
فلله ذا فاتحا للهدى
وللّه ذا للمعالي ختاما
وما ضر مجد ابي طالب
جهول لغا او بصير تعامى
كما لا يضر اياب((1424)) الصبا
ح من ظن ضوء النهار الظلاما((1425))
وهناك طرق لا يمكن‏التوصل الى الاذعان بنفسيات اي احد الا
بها، الا وهي:
1 استنباطها مما يلفظ به من قول.
2 او مما ينوء به من عمل.
3 او مما يروي عنه آله وذووه. فان اهل البيت ادرى بما فيه.
4 او مما اسنده اليه من لاث به وبخع له.
(1) نظمه الدال على ايمانه
اما اقوال ابي طالب سلام اللّه عليه: فاليك عقودا عسجدية من
شعره الرائق مثبتة في السير والتواريخ وكتب‏الحديث.
اخرج الحاكم في المستدرك((1426)) (2/623) باسناده عن
ابن اسحاق قال: قال ابو طالب ابياتا للنجاشي يحضه‏على حسن
جوارهم والدفع عنهم يعني عن المهاجرين الى الحبشة من
المسلمين:
ليعلم خيار الناس ان محمدا
وزير لموسى والمسيح ابن مريم
اتانا بهدي مثل ما اتيا به
فكل بامر اللّه يهدي ويعصم((1427))
وانكم تتلونه في كتابكم
بصدق حديث لا حديث المبرجم
وانك ما تاتيك منها عصابة
بفضلك الا ارجعوا بالتكرم
وقال سلام اللّه عليه من قصيدة:
فبلغ عن الشحناء افناء غالب
لويا وتيما عند نصر الكرائم
لانا سيوف اللّه والمجد كله
اذا كان صوت القوم وجي الغمائم
الم تعلموا ان القطيعة ماثم
وامر بلاء قاتم غير حازم
وان سبيل الرشد يعلم في غد
وان نعيم الدهر ليس بدائم
فلا تسفهن احلامكم في محمد
ولا تتبعوا امر الغواة الاشائم
تمنيتم ان تقتلوه وانما
امانيكم هذي كاحلام نائم
وانكم واللّه لا تقتلونه
ولما تروا قطف اللحى والغلاصم((1428))
ولم تبصروا والاحياء منكم ملاحما
تحوم عليها الطير بعد ملاحم
وتدعو بارحام اواصر بيننا
فقد قطع الارحام وقع الصوارم
زعمتم بانا مسلمون محمدا
ولما نقاذف دونه ونزاحم
من القوم مفضال ابي على العدى
تمكن في الفرعين من آل هاشم
امين حبيب في العباد مسوم
بخاتم رب قاهر في الخواتم
يرى الناس برهانا عليه وهيبة
وما جاهل في قومه مثل عالم
نبي اتاه الوحي من عند ربه
ومن قال لا يقرع بها سن نادم
تطيف به جرثومة هاشمية
تذبب عنه كل عات وظالم
ديوان ابي طالب (ص‏32)، شرح ابن ابي الحديد
(3/313)((1429)).
ومن شعره في امر الصحيفة التي سنوقفك على قصتها قوله:
الا ابلغا عني على ذات بينها
لويا وخصا من لوي بني كعب
الم تعلموا انا وجدنا محمدا
رسولا كموسى خط في اول الكتب
وان عليه في العباد محبة
ولا حيف فيمن خصه اللّه بالحب
وان الذي رقشتم في كتابكم
يكون لكم يوما كراغية السقب((1430))
افيقوا افيقوا قبل ان تحفر الزبى((1431))
ويصبح من لم يجن ذنبا كذي ذنب
ولا تتبعوا امر الغواة وتقطعوا
اواصرنا بعد المودة والقرب
وتستجلبوا حربا عوانا((1432)) وربما
امر على من ذاقه حلب الحرب
فلسنا وبيت اللّه نسلم احمدا
لعزاء من عض الزمان ولا كرب((1433))
ولما تبن منا ومنكم سوالف
وايد اترت((1434)) بالمهندة الشهب
بمعترك ضنك ترى كسرالقنا
به والضباع العرج تعكف كالشرب((1435))
كان مجال الخيل في حجراته
ومعمعة الابطال معركة الحرب
اليس ابونا هاشم شد ازره
واوصى بنيه بالطعان وبالضرب
ولسنا نمل الحرب حتى تملنا
ولا نشتكي مما ينوب من النكب
ولكننا اهل الحفائظ والنهى
اذا طار ارواح الكماة من الرعب
سيرة ابن هشام (1/373)، شرح ابن ابي الحديد (3/313)، بلوغ
الارب
(1/325)، خزانة الادب للبغدادي (1/261)، الروض الانف
(1/220)، تاريخ ابن كثير (3/87)، اسنى‏المطالب (ص‏6، 13)،
طلبة الطالب (ص‏10)((1436)).
ومن شعره قوله:
الا ما لهم آخر الليل معتم
طواني واخرى النجم لما تقحم
طواني وقد نامت عيون كثيرة
وسامر اخرى قاعد لم ينوم
لاحلام اقوام ارادوا محمدا
بظلم ومن لا يتقي البغي يظلم
سعوا سفها واقتادهم سوء امرهم
على خائل من امرهم غير محكم
رجاة امور لم ينالوا نظامها
وان نشدوا في كل بدو وموسم
يرجون منا خطة دون نيلها
ضراب وطعن بالوشيج المقوم((1437))
يرجون ان نسخي بقتل محمد
ولم تختضب سمر العوالي من الدم
كذبتم وبيت اللّه حتى تفلقوا
جماجم تلقى بالحميم وزمزم((1438))
وتقطع ارحام وتنسى حليلة
حليلا ويغشى محرم بعد محرم
وينهض قوم بالحديد اليكم
يذبون عن احسابهم كل مجرم
هم الاسد اسد الزارتين اذا غدت
على حنق لم تخش اعلام معلم
فيا لبني فهر افيقوا ولم تقم
نوائح قتلى تدعي بالتسدم((1439))
على ما مضى من بغيكم وعقوقكم
وغشيانكم في امرنا كل ماتم
وظلم نبي جاء يدعو الى الهدى
وامر اتى من عند ذي العرش قيم((1440))
فلا تحسبونا مسلميه ومثله
اذا كان في قوم فليس بمسلم
فهذي معاذير وتقدمة لكم
لكيلا تكون الحرب قبل التقدم
ديوان ابي طالب((1441))(ص‏29)، شرح ابن ابي الحديد
(3/312)((1442)).
وله قوله مخاطبا للنبي الاعظم (ص):
واللّه لن يصلوا اليك بجمعهم
حتى اوسد في التراب دفينا
فاصدع بامرك ما عليك غضاضة
وابشر بذاك وقر منك عيونا
ودعوتني وعلمت انك ناصحي
ولقد دعوت وكنت ثم امينا((1443))
ولقد علمت بان دين محمد
من خير اديان البرية دينا
رواها الثعلبي في تفسيره وقال: قد اتفق على صحة نقل هذه
الابيات عن ابي
طالب: مقاتل، وعبداللّه بن عباس، والقسم بن محضرة، وعطاء
بن دينار.
راجع:((1444)) خزانة الادب للبغدادي (1/261)، تاريخ ابن
كثير (3/42)، شرح ابن ابي الحديد (3/306)، تاريخ‏ابي الفدا
(1/120)، فتح الباري (7/153، 155)، الاصابة (4/116)، المواهب
اللدنية (1/61)، السيرة الحلبية(1/305)، ديوان ابي طالب
(ص‏12)، طلبة الطالب (ص‏5)، بلوغ الارب (1/325)، السيرة
النبوية لزيني‏دحلان هامش الحلبية (1/91، 211)، وذكر البيت
الاخير في اسنى المطالب (ص‏6) فقال: عده البرزنجي من‏كلام
ابي طالب المعروف.

لفت نظر

زاد القرطبي وابن كثير في تاريخه على الابيات:
لولا الملامة او حذاري سبة
لوجدتني سمحا بذاك مبينا
قال السيد احمد زيني دحلان في اسنى
المطالب((1445))(ص‏14): فقيل: ان هذا البيت موضوع
ادخلوه في شعرابي طالب وليس من كلامه.
قال الاميني : هب ان البيت الاخير من صلب ما نظمه ابو طالب
(ع) فان اقصى ما فيه ان العار والسبة،اللذين كان ابو طالب (ع)
يحذرهما خيفة ان يسقط محله عند قريش فلا تتسنى له نصرة
الرسول المبعوث(ص)، انما منعاه عن الابانة والاظهار لاعتناق
الدين، واعلان الايمان بما جاء به النبي الامين، وهو صريح‏قوله:
لوجدتني سمحا بذاك مبينا. اي مظهرا، واين هو عن اعتناق
الدين في نفسه، والعمل بمقتضاه من‏النصرة والدفاع؟ ولو كان
يريد به عدم الخضوع للدين لكان تهافتا بينا بينه وبين ابياته
الاولى التي ينص‏فيها بان دين محمد (ص) من خير اديان
البرية دينا، وانه(ص) صادق في دعوته امين على امته.
ومن شعره قوله قد غضب لعثمان بن مظعون حين عذبته
قريش ونالت منه:
امن تذكر دهر غير مامون
اصبحت مكتئبا تبكي كمحزون
ام من تذكر اقوام ذوي سفه
يغشون بالظلم من يدعو الى الدين
الا ترون اذل اللّه جمعكم
انا غضبنا لعثمان بن مظعون
ونمنع الضيم من يبغي مضيمنا
بكل مطرد في الكف مسنون
ومرهفات كان الملح خالطها
يشفى بها الداء من هام المجانين
حتى تقر رجال لا حلوم لها
بعد الصعوبة بالاسماح واللين
او تؤمنوا بكتاب منزل عجب
على نبي كموسى او كذي النون((1446))
ومن شعره يمدح النبي الاعظم (ص) قوله:
لقد اكرم اللّه النبي محمدا
فاكرم خلق اللّه في الناس احمد
وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد
اخرجه((1447)) البخاري في تاريخه الصغير من طريق علي
بن يزيد، وابو نعيم في دلائل النبوة (1/6)، وابن‏عساكر في
تاريخه (1/275)، وذكره له ابن ابي الحديد في شرحه (3/315)،
وابن كثير في تاريخه (1/266)،وابن حجر في الاصابة (4/115)،
والقسطلاني في المواهب اللدنية (1/518) نقلاعن تاريخ
البخاري، والدياربكري في تاريخ الخميس (1/254) فقال: انشا
ابو طالب في مدح النبي ابياتا منها هذا البيت:
وشق له من اسمه ليجله....
حسان بن ثابت ضمن شعره هذا البيت فقال:
الم تر ان اللّه ارسل عبده
بياته واللّه اعلى وامجد
وشق له من اسمه ليجله
....
والزرقاني في شرح المواهب (3/156) وقال: توارد حسان معه او
ضمنه شعره وبه جزم في الخميس، اسنى‏المطالب((1448))
(ص‏14).
ومن شعره المشهور كما قاله ابن ابي الحديد في
شرحه((1449))(3/315):
انت النبي محمد
قرم اغر مسود
لمسودين اكارم
طابوا وطاب المولد
نعم الارومة اصلها
عمرو الخضم الاوحد
هشم الربيكة في الجفا
ن وعيش مكة انكد((1450))
فجرت بذلك سنة
فيها الخبيزة تثرد
ولنا السقاية للحجي
ج بها يماث العنجد((1451))
والمازمان((1452)) وما حوت
عرفاتها والمسجد
انى تضام ولم امت
وانا الشجاع العربد
وبطاح مكة لا يرى
فيها نجيع اسود
وبنو ابيك كانهم
اسد العرين توقدوا
ولقد عهدتك صادقا
في القول لا يتزيد
ما زلت تنطق بالصوا
ب وانت طفل امرد
جاء ابو جهل بن هشام الى رسول اللّه (ص) وهو ساجد وبيده
حجر يريد ان يرميه به، فلما رفع يده لصق‏الحجر بكفه فلم
يستطع ما اراد، فقال ابو طالب:
افيقوا بني غالب وانتهوا
عن الغي من بعض ذا المنطق
والا فاني اذن خائف
بوائق في داركم تلتقي
تكون لغيركم عبرة
ورب المغارب والمشرق
كما نال من كان من قبلكم
ثمود وعاد وماذا بقي
غداة اتاهم بها صرصر
وناقة ذي العرش قد تستقي
فحل عليهم بها سخطه
من اللّه في ضربة الازرق((1453))
غداة يعض بعرقوبها
حساما من الهند ذا رونق
واعجب من ذاك في امركم
عجائب في الحجر الملصق
بكف الذي قام من خبثه
الى الصابر الصادق المتقي
فاثبته اللّه في كفه
على رغمه الجائر الاحمق
احيمق مخزومكم اذ غوى
لغي الغواة ولم يصدق
ديوان ابي طالب((1454))(ص‏13)، شرح ابن ابي الحديد
(3/314)((1455)).
قال ابن ابي الحديد في شرحه((1456))(3/314): قالوا : وقد
اشتهر عن عبداللّه المامون رحمه اللّه انه كان يقول:اسلم ابو
طالب واللّه بقوله:
نصرت الرسول رسول المليك
ببيض تلالا كلمع البروق
اذب واحمي رسول الاله
حماية حام عليه شفيق
وما ان ادب لاعدائه
دبيب البكار حذار الفنيق((1457))
ولكن ازير لهم ساميا
كما زار ليث بغيل مضيق
وتوجد هذه الابيات مع بيت زائد في ديوانه((1458))(ص‏24).
ولسيدنا ابي طالب ابيات كتبها الى النجاشي بعد ما خرج عمرو
بن العاص الى بلاد الحبشة ليكيد جعفر بن‏ابي طالب واصحابه
عند النجاشي. يحرض النجاشي على اكرام جعفر والاعراض عن
ما يقوله عمرو((1459))،منها:
الا ليت شعري كيف في الناس جعفر
وعمرو واعداء النبي الاقارب
وهل نال احسان النجاشي جعفرا
واصحابه ام عاق عن ذاك شاغب
تعلم ابيت اللعن((1460)) انك ماجد
كريم فلا يشقى اليك المجانب
ونعلم ان اللّه زادك بسطة
واسباب خير كلها بك لازب
تاريخ ابن كثير((1461))(3/77)، شرح ابن ابي الحديد
(3/314).
قال ابن ابي الحديد في شرحه((1462)) (3/315): ومن شعره
المشهور ايضا قوله
يخاطب محمدا، ويسكن جاشه، ويامره باظهار الدعوة:
لا يمنعنك من حق تقوم به
ايد تصول ولا سلق باصوات
فان كفك كفي ان بهم مليت((1463))
ودون نفسك نفسي في الملمات
قال ابن هشام((1464)): ولما خشي ابو طالب دهماء العرب ان
يركبوه مع قومه قال قصيدته التي تعوذ فيها بحرم‏مكة وبمكانه
منها، و تودد فيها اشراف قومه وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم
في ذلك من شعره انه غيرمسلم رسول اللّه (ص)، ولا تاركه
لشي‏ء ابدا، حتى يهلك دونه، فقال ابو طالب:
خليلي ما اذني لاول عاذل
بصغواء في حق ولا عند باطل
ولما رايت القوم لاود فيهم
وقد قطعوا كل العرى والوسائل
وقد صارحونا بالعداوة والاذى
وقد طاوعوا امر العدو المزايل
وقد حالفوا قوما علينا اظنة((1465))
يعضون غيظا خلفنا بالانامل
صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة
وابيض عضب من تراث المقاول((1466))
###
اعوذ برب الناس من كل طاعن
علينا بسوء او ملح بباطل
ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة
ومن ملحق في الدين مالم نحاول
وثور ومن ارسى ثبيرا مكانه
وراق ليرقى في حراء ونازل((1467))
وبالبيت حق البيت من بطن مكة
وباللّه ان اللّه ليس بغافل
وبالحجر المسود اذ يمسحونه
اذا اكتنفوه بالضحى والاصائل
###
كذبتم وبيت اللّه نترك مكة
ونظعن الا امركم في بلابل
كذبتم وبيت اللّه نبزى محمدا
ولما نطاعن دونه ونناضل((1468))
ونسلمه حتى نصرع حوله
ونذهل عن ابنائنا والحلائل
وينهض قوم بالحديد اليكم
نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل((1469))
وحتى نرى ذا الظغن يركب ردعه
من الطعن فعل الانكب المتحامل((1470))
وانا لعمر اللّه ان جد ما ارى
لتلتبس اسيافنا بالاماثل
بكفي فتى مثل الشهاب سميدع
اخي ثقة حامي الحقيقة باسل
شهورا واياما وحولا مجرما((1471))
علينا وتاتي حجة بعد قابل
وما ترك قوم لا ابا لك سيدا
يحوط الذمار غير ذرب مواكل((1472))
وابيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمال اليتامى عصمة للارامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم
فهم عنده في رحمة وفواضل
###
بميزان قسط لا يخيس شعيرة
له شاهد من نفسه غير عائل((1473))
لقد سفهت احلام قوم تبدلوا
بني‏خلف قيضا بنا والغياطل((1474))
ونحن الصميم من ذؤابة هاشم
وآل قصي في الخطوب الاوائل
وسهم ومخزوم تمالوا والبوا
علينا العدا من كل طمل وخامل((1475))
فعبد مناف انتم خير قومكم
فلا تشركوا في امركم كل واغل((1476))
###
الم تعلموا ان ابننا لا مكذب
لدينا ولا نعبا بقول الاباطل
اشم من الشم البهاليل ينتمي
الى حسب في حومة المجد فاضل
لعمري لقد كلفت وجدا باحمد
واحببته حب الحبيب المواصل
فلا زال في الدنيا جمالا لاهلها
وزينا لمن والاه رب المشاكل
فاصبح فينا احمد في ارومة
تقصر عنه سورة المتطاول
حدبت بنفسي دونه وحميته
ودافعت عنه بالذرى والكلاكل((1477))
فايده رب العباد بنصره
واظهر دينا حقه غير باطل
هذه القصيدة ذكر منها ابن هشام في سيرته((1478)) (1/286
298)، اربعة وتسعين
بيتا وقال: هذا ما صح لي من هذه القصيدة. وذكر ابن كثير منها
اثنين وتسعين بيتا في تاريخه((1479))(3/53 آ57)، وفي
رواية ابن هشام ثلاثة ابيات لم توجد في تاريخ ابن كثير وقال
(ص‏57) قلت: هذه قصيدة عظيمة‏بليغة جدا لا يستطيع يقولها
الا من نسبت اليه، وهي افحل من المعلقات السبع، وابلغ في
تادية المعنى فيهاجميعها، وقد اوردها الاموي في مغازيه
مطولة بزيادات اخر واللّه اعلم.
وذكرها ابو هفان العبدي في ديوان ابي طالب((1480)) (ص‏2
12) في مائة واحد عشر بيتا ولعلها تمام‏القصيدة.
وقال ابن ابي الحديد في شرحه((1481)) (3/315) بعد ذكر
جملة من شعر ابي طالب: فكل هذه الاشعار قدجاءت مجي‏ء
التواتر، لانه ان لم تكن آحادها متواترة فمجموعها يدل على امر
واحد مشترك وهو تصديق‏محمد (ص)، ومجموعها متواتر كما
ان كل واحدة من قتلات علي (ع) الفرسان منقولة آحادا
ومجموعهامتواتر يفيدنا
العلم الضروري بشجاعته، وكذلك القول فيما روي من سخاء
حاتم وحلم الاحنف ومعاوية وذكاء اياس‏وخلاعة ابي نواس وغير
ذلك. قالوا: واتركوا هذا كله جانبا، ما قولكم في القصيدة اللامية
التي شهرتهاكشهرة قفا نبك؟ وان جاز الشك فيها او في شي‏ء
من ابياتها جاز الشك في قفا نبك وفي بعض ابياتها.
وقال القسطلاني في ارشاد الساري((1482)) (2/227): قصيدة
جليلة بليغة من بحر الطويل، وعدة ابياتها مائة‏وعشرة ابيات،
قالها لما تمالا قريش على النبي (ص) ونفروا عنه من يريد
الاسلام.
وذكر منها في المواهب اللدنية((1483))(1/48)، ابياتا فقال:
هي اكثر من ثمانين بيتا قال ابن التين: ان في شعر ابي‏طالب
هذا دليلا على انه كان يعرف نبوة النبي (ص) قبل ان يبعث لما
اخبره به بحيرا وغيره من شانه. وقال‏العيني في عمدة
القاري((1484)): (3/434) قصيدة طنانة وهي مائة بيت
وعشرة ابيات اولها:
خليلي ما اذني لاول عاذل
بصغواء في حق ولا عند باطل
ذكر منها البغدادي في خزانة الادب((1485)) (1/252 261)
اثنين واربعين بيتا مع شرحها، وقال : اولها:
خليلي ما اذني لاول عاذل
بصغواء في حق ولا عند باطل
خليلي ان الراي ليس بشركة
ولا نهنه عند الامور البلابل((1486))
ولما رايت القوم لاود عندهم
وقد قطعوا كل العرى والوسائل
وذكر الالوسي عدة منها في بلوغ الارب((1487)) (1/237)
وذكر كلمة ابن كثير
المذكور وقال: هي مذكورة مع شرحها في كتاب لب لباب
لسان العرب.
وذكر منها السيد زيني دحلان ابياتا في السيرة النبوية هامش
الحلبية((1488))(1/88) فقال: قال الامام‏عبدالواحد
السفاقسي((1489)) في شرح البخاري: ان في شعر ابي طالب
هذا دليلا على انه كان يعرف نبوة‏النبي(ص) قبل ان يبعث لما
اخبره به بحيرا الراهب وغيره من شانه، مع ما شاهده من
احواله، ومنهاالاستسقاء به في صغره
ومعرفة‏ابي‏طالب‏بنبوته(ص)، جاءت في كثير من‏الاخبار زيادة
على‏اخذهامن‏شعره.
قال الاميني : انا لا ادري كيف تكون الشهادة والاعتراف بالنبوة
ان لم يكن منها هذه الاساليب المتنوعة‏المذكورة في هذه
الاشعار؟ ولو وجد واحد منها في شعر اي احد او نثره لاصفق
الكل على اسلامه، لكن‏جميعها لا يدل على اسلام ابي طالب.
فاعجب واعتبر!
هذه جملة من شعر ابي طالب (ع) الطافح من كل شطره
الايمان الخالص، والاسلام الصحيح، قال العلامة‏الاوحد ابن
شهرآشوب المازندراني في كتابه متشابهات القرآن عند قوله
تعالى: (ولينصرن اللّه من‏ين‏صره)((1490)): ان اشعار ابي
طالب الدالة على ايمانه تزيد على ثلاثة آلاف بيت يكاشف فيها
من يكاشف
النبي(ص) ويصحح نبوته. ثم ذكر جملة ضافية ومما ذكر له
قوله في وصيته:
اوصي بنصر نبي الخير اربعة
ابني عليا وشيخ القوم عباسا
وحمزة الاسد الحامي حقيقته
وجعفرا ان تذودا دونه الناسا
كونوا فداء لكم امي وما ولدت
في نصر احمد دون الناس اتراسا((1491))
(2) ما ناء به من عمل بار وقول مشكور
اما ما ناء به سيد الاباطح ابو طالب سلام اللّه عليه من عمل بار
وسعي مشكور في نصرة النبي (ص)وكلاءته والذب عنه
والدعوة اليه والى دينه الحنيف منذ بدء البعثة الى ان لفظ ابو
طالب نفسه الاخير، وقدتخلل ذلك جمل من القول كلها
نصوص على اسلامه الصحيح، وايمانه الخالص، وخضوعه
للرسالة الالهية،فالى الملتقى. روى القوم:
1 استصحاب ابي طالب النبي (ص) الى الشام
قال ابن اسحاق: ان ابا طالب خرج في ركب الى الشام تاجرا،
فلما تهيا للرحيل واجمع السير هب له رسول‏اللّه (ص) فاخذ
بزمام ناقته وقال: يا عم الى من تكلني لا اب لي ولا ام لي؟ فرق
له ابو طالب وقال: واللّهلاخرجن به معي ولا يفارقني ولا افارقه
ابدا. قال: فخرج به معه، فلما نزل الركب بصرى من ارض
الشام‏وتهيا راهب يقال له بحيرا في صومعة له، وكان اعلم اهل
النصرانية، ولم يزل في تلك الصومعة راهب اليه‏يصير علمهم
من كتاب فيهم كما يزعمون يتوارثونه كائنا عن كائن، فلما
نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانواكثيراما يمرون عليه قبل ذلك فلا
يكلمهم ولا يتعرض لهم، حتى اذا كان ذلك العام نزلوا به قريبا
من‏صومعته فصنع لهم طعاما كثيرا وذلك فيما يزعمون عن
شي‏ء رآه وهو في صومعته في الركب حين اقبلوا،وغمامة تظله
(ص) من بين القوم. ثم اقبلوا حتى نزلوا بظل شجرة قريبا منه
فنظر الى الغمامة حتى اظلت‏الشجرة وتهصرت، يعني تدلت
اغصانها على رسول اللّه (ص) حتى استظل تحتها، فلما راى
بحيرا ذلك نزل‏من صومعته وقد امر بذلك الطعام فصنع، ثم
ارسل اليهم فقال: اني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش،وانا
احب ان تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم وحركم وعبدكم،
فقال له رجل منهم: يا بحيرا ان لذلك اليوم‏لشانا ما كنت تصنع
هذا فيما مضى وقد كنا نمر بك كثيرا، فما شانك اليوم؟ فقال
له بحيرا: صدقت قد كان ماتقولون، ولكنكم ضيوف فاحببت ان
اكرمكم واصنع لكم طعاما تاكلون منه كلكم، فاجتمعوا اليه
وتخلف‏رسول اللّه (ص) من بين القوم لحداثة سنه في رحال
القوم تحت الشجرة.
فلما نظر بحيرا في القوم لم ير الصفة التي يعرفها وهي موجودة
عنده، فقال: يا معشر قريش لا يتخلف احدمنكم عن طعامي
هذا، فقالوا: يا بحيرا ما تخلف عنك احد ينبغي ان ياتيك الا غلام
هو احدث القوم‏سناتخلف في رحالهم، قال: فلا تفعلوا ادعوه
فليحضر هذا الطعام معكم، فقال رجل من قريش:
واللات‏والعزى ان لهذا اليوم نبا. ايليق ان يتخلف ابن عبداللّه
عن الطعام من بيننا؟ ثم قام اليه فاحتضنه ثم اقبل به‏حتى
اجلسه مع القوم. فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظا شديدا
وينظر الى اشياء من جسده قد كان يجدهاعنده في صفته حتى
اذا فرغ القوم من الطعام وتفرقوا قام بحيرا فقال له: يا غلام
اسالك باللات والعزى‏الااخبرتني عما اسالك عنه. فقال رسول
اللّه (ص): لا تسالني باللا ت والعزى شيئا قط، فقال بحيرا:
فباللّهالا ما اخبرتني عما اسالك عنه. فقال: سلني عما بدا لك.
فجعل يساله عن اشياء من نومه وهيئته واموره‏ورسول اللّه
يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته، ثم نظر الى ظهره
فراى خاتم النبوة بين كتفيه‏على‏موضعه من صفته التي عنده.
الحديث.
فقال ابو طالب في ذلك:
ان ابن آمنة النبي محمدا
عندي يفوق منازل الاولاد
لما تعلق بالزمام رحمته
والعيس قد قلصن((1492)) بالازواد
فارفض من عيني دمع ذارف
مثل الجمان مفرق الافراد
راعيت فيه قرابة موصولة
وحفظت فيه وصية الاجداد
وامرته بالسير بين عمومة
بيض الوجوه مصالت انجاد((1493))
ساروا لابعد طية معلومة
فلقد تباعد طية((1494)) المرتاد
حتى اذا ما القوم بصرى عاينوا
لا قوا على شرك من المرصاد((1495))
حبرا فاخبرهم حديثا صادقا
عنه ورد معاشر الحساد
قوم يهود قد راوا لما راى
ظل الغمام وعن ذي الاكباد((1496))
ثاروا لقتل محمد فنهاهم
عنه وجاهد احسن التجهاد
فثنى زبيرا من بحيرا فانثنى
في القوم بعد تجاول وبعاد((1497))
ونهى دريسا فانتهى عن قوله
حبر يوافق امره برشاد
وقال ايضا:
الم ترني من بعد هم هممته
بفرقة حر الوالدين حرام((1498))
باحمد لما ان شددت مطيتي
برحلي وقد ودعته بسلام
بكى حزنا والعيس قد فصلت بنا
واخذت بالكفين فضل زمام
ذكرت اباه ثم رقرقت عبرة
تجود من العينين ذات سجام
فقلت: ترحل راشدا في عمومة
مواسير في الباساء غير لئام((1499))
فجاء مع العير التي راح ركبها
شمي الهوى والاصل غير شم
فلما هبطنا ارض بصرى تشرفوا
لنا فوق دور ينظرون جسام
فجاء بحيرا عند ذلك حاشدا
لنا بشراب طيب وطعام
فقال اجمعوا اصحابكم لطعامنا
فقلنا جمعنا القوم غير غلام
يتيم فقال ادعوه ان طعامنا
كثير عليه اليوم غير حرام
فلولا الذي خبرتم عن محمد
لكنتم لدينا اليوم غير كرام
فلما رآه مقبلا نحو داره
يوقيه حر الشمس ظل غمام
حنا راسه شبه السجود وضمه
الى نحره والصدر اي ضمام
واقبل ركب يطلبون الذي راى
بحيرا من الاعلام وسط خيام
فثار اليهم خشية لعرامهم((1500))
وكانوا ذوي بغي لنا وعرام
دريس وتمام وقد كان فيهم((1501))
زبير وكل القوم غير نيام
فجاؤوا وقد هموا بقتل محمد
فردهم عنه بحسن خصام
بتاويله التوراة حتى تيقنوا
وقال لهم رمتم اشد مرام
اتبغون قتلا للنبي محمد
خصصتم على شؤم بطول اثام
وان الذي نختاره منه مانع
سيكفيه منكم كيد كل طغام
فذلك من اعلامه وبيانه
وليس نهار واضح كظلام
ديوان ابي طالب((1502))(ص‏33 35)، تاريخ ابن
عساكر((1503)) (1/269 272)، الروض
الانف((1504))(1/120).
وذكر السيوط‏ي الحديث من طريق البيهقي في الخصائص
الكبرى((1505)) (1/84) فقال في (ص‏85): وقال ابوطالب في
ذلك ابياتا منها:
فما رجعوا حتى راوا من محمد
احاديث تجلو غم كل فواد
وحتى راوا احبار كل مدينة
سجودا له من عصبة وفراد
زبيرا وتماما وقد كان شاهدا
دريسا وهموا كلهم بفساد
فقال لهم قولا بحيرا وايقنوا
له بعد تكذيب وطول بعاد
كما قال للرهط الذين تهودوا
وجاهدهم في اللّه كل جهاد
فقال ولم يترك له النصح رده
فان له ارصاد كل مصاد
فاني اخاف الحاسدين وانه
لفي الكتب مكتوب بكل مداد
2 استسقاء ابي طالب بالنبي(ص)
اخرج ابن عساكر في تاريخه((1506)) عن جلهمة بن عرفطة
قال: قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش: يا اباطالب اقحط
الوادي، واجدب العيال، فهلم واستسق.
فخرج ابو طالب ومعه غلام كانه شمس دجن تجلت عنه سحابه
قتماء وحوله اغيلمة، فاخذه ابو طالب‏فالصق ظهره بالكعبة،
ولاذ باصبعه الغلام، وما في السماء قزعة((1507))، فاقبل
السحاب من هاهنا وهاهنا،واغدق واغدودق، وانفجر له الوادي،
واخصب البادي والنادي، وفي ذلك يقول ابو طالب:
وابيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمال اليتامى عصمة للارامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم
فهم عنده في نعمة وفواضل
وميزان عدل لا يخيس شعيرة
ووزان صدق وزنه غير هائل
شرح البخاري للقسطلاني (2/227)، المواهب اللدنية (1/48)،
الخصائص
الكبرى (86، 124)، شرح بهجة المحافل (1/119)، السيرة
الحلبية (1/125)، السيرة النبوية لزيني دحلان‏هامش الحلبية
(1/87)، طلبة الطالب (ص‏42)((1508)).
ذكر الشهرستاني في الملل والنحل((1509)) بهامش الفصل
(3/225) سيدنا عبدالمطلب وقال: ومما يدل‏على‏معرفته بحال
الرسالة وشرف النبوة ان اهل مكة لما اصابهم ذلك الجدب
العظيم، وامسك السحاب عنهم‏سنتين، امر ابا طالب ابنه ان
يحضر المصطفى عليه الصلاة والسلام وهو رضيع في قماط،
فوضعه على يديه‏واستقبل الكعبة ورماه الى السماء وقال: يا رب
بحق هذا الغلام. ورماه ثانيا وثالثا وكان يقول: بحق هذاالغلام
اسقنا غيثا مغيثا دائما هاطلا. فلم يلبث ساعة ان طبق السحاب
وجه السماء وامطر حتى خافواعلى‏المسجد، وانشد ابو طالب
ذلك الشعر اللامي الذي منه:
وابيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمال اليتامى عصمة للارامل
ثم ذكر ابياتا من القصيدة، ولا يخفى على الباحث ان القصيدة
نظمها ابو طالب عليه السلام ايام كونه في‏الشعب كما مر.
فاستسقاء عبد المطلب وابنه سيد الابطح بالنبي الاعظم يوم
كان (ص) رضيعا يافعا يعرب عن توحيدهماالخالص، وايمانهما
باللّه، وعرفانهما بالرسالة الخاتمة، وقداسة صاحبها من اول
يومه، ولو لم يكن لهما الا هذان‏الموقفان لكفياهما، كما يكفيان
الباحث عن دليل آخر على اعتناقهما الايمان.
3 ابو طالب في مولد امير المؤمنين (ع)
عن جابر بن عبداللّه قال: سالت رسول اللّه (ص) عن ميلاد علي
بن ابي طالب فقال: «لقد سالتني عن‏خير مولود ولد في شبه
المسيح (ع)، ان اللّه تبارك وتعالى خلق عليا من نوري وخلقني
من نوره وكلانا من‏نور واحد، ثم ان اللّه عز وجل نقلنا من صلب
آدم (ع) في اصلاب طاهرة الى ارحام زكية، فما نقلت من‏صلب
الا ونقل علي معي، فلم نزل كذلك حتى استودعني خير رحم
وهي آمنة. واستودع عليا خير رحم‏وهي‏فاطمة بنت اسد». وكان
في زماننا رجل زاهد عابد يقال له المبرم بن دعيب بن الشقبان
قد عبد اللّهتعالى مائتين وسبعين سنة لم يسال اللّه حاجة،
فبعث اللّه اليه ابا طالب، فلما ابصره المبرم قام اليه وقبل
راسه‏واجلسه بين يديه ثم قال: من انت؟ فقال: رجل من تهامة.
فقال: من اي تهامة؟ فقال: من بني هاشم. فوثب‏العابد فقبل
راسه ثم قال: يا هذا ان العلي الاعلى الهمني الهاما. قال ابو
طالب: وما هو؟ قال: ولد يولد من‏ظهرك وهو ولي اللّه غ. فلما
كان الليلة التي ولد فيها علي اشرقت الارض، فخرج ابو طالب
وهو يقول:ايها الناس ولد في الكعبة ولي اللّه، فلما اصبح دخل
الكعبة وهو يقول:
يا رب هذا الغسق الدجي
والقمر المنبلج المضي
بين لنا من امرك الخفي
ماذا ترى في اسم ذا الصبي
قال: فسمع صوت هاتف يقول:
يا اهل بيت المصطفى النبي
خصصتم بالولد الزكي
ان اسمه من شامخ العلي
علي اشتق من العلي
اخرجه الحافظ الكنجي الشافعي في كفاية
الطالب((1510))(ص‏260) وقال: تفرد به مسلم بن خالد
الزنجي وهوشيخ الشافعي، وتفرد به عن الزنجي عبد العزيز بن
عبدالصمد وهو معروف عندنا.
4 بدء امر النبي وابو طالب
اخرج فقيه الحنابلة ابراهيم بن علي بن محمد الدينوري في
كتابه نهاية الطلب‏وغاية السؤول في مناقب آل‏الرسول((1511))
باسناده عن طاووس عن ابن عباس في حديث طويل: ان النبي
(ص) قال للعباس (رضي اللّهعنه) ان اللّه قد امرني باظهار
امري وقد انباني واستنباني فما عندك؟ فقال له العباس (رضي
اللّه عنه): يابن‏اخي تعلم ان قريشا اشد الناس حسدا لولد ابيك،
وان كانت هذه الخصلة كانت الطامة الطماء والداهية‏العظيمة
ورمينا عن قوس واحد وانتسفونا نسفا، صلتا((1512)) ولكن
قرب الى عمك ابي طالب فانه كان اكبراعمامك ان لا ينصرك
لا يخذلك ولا يسلمك، فاتياه، فلما رآهما ابو طالب قال: ان
لكما لظنة وخبرا، ما جاءبكما في هذا الوقت؟ فعرفه العباس ما
قال له النبي (ص) وما اجابه به العباس، فنظر اليه ابو طالب
وقال له:اخرج يا بن اخي فانك الرفيع كعبا، والمنيع حزبا،
والاعلى ابا، واللّه لا يسلقك لسان الا سلقته السن
حداد،واجتذبته سيوف حداد، واللّه لتذلن لك العرب ذل البهم
لحاضنها، ولقد كان ابي يقرا الكتاب جميعا، ولقدقال: ان من
صلبي لنبيا، لوددت اني ادركت ذلك الزمان فمنت به، فمن
ادركه من ولدي فليؤمن به.
قال الاميني : اترى ان ابا طالب يروي ذلك عن ابيه مطمئنا
به؟ وينشط رسول اللّه (ص) هذا التنشيط لاول‏يومه، ويامره
باشهار امره والاشادة بذكر اللّه، وهو مخبت بانه هو ذلك النبي
الموعود بلسان ابيه والكتب‏السالفة، ويتكهن بخضوع العرب له،
اتراه سلام اللّه عليه ياتي بهذه كلها ثم لا يؤمن به؟ ان هذا
الااختلاق.
5 ابو طالب وفقده النبي (ص)