ذكر ابن سعد الواقدي في الطبقات الكبرى((1515)) (1/186)
طبع مصر و(ص‏135) طبع ليدن حديث‏ممشى‏قريش الى ابي
طالب في امره (ص) الى ان قال: فاشمازوا ونفروا منها يعني
من مقالة محمد وغضبواوقاموا وهم يقولون: اصبروا على
آلهتكم، ان هذا لشي‏ء يراد، ويقال المتكلم بهذا عقبة بن ابي
معيط. وقالوا:لا نعود اليه ابدا، وما خيرمن ان نغتال محمدا. فلما
كان مساء تلك الليلة فقد رسول اللّه(ص) وجاء ابوطالب
وعمومته الى منزله فلم يجدوه، فجمع فتيانا من بني هاشم
وبني المطلب ثم قال: لياخذ كل واحدمنكم حديدة صارمة،
ثم‏ليتبعني اذا دخلت المسجد، فلينظر كل فتى منكم
فليجلس الى عظيم من عظمائهم‏فيهم ابن الحنظلية يعني
ابا جهل فانه لم يغب عن شر ان كان محمد قد قتل، فقال
الفتيان: نفعل، فجاءزيد بن حارثة فوجد ابا طالب على تلك
الحال، فقال: يا زيد احسست ابن اخي؟ قال: نعم كنت معه
آنفا.فقال ابو طالب: لا ادخل بيتي ابداحتى اراه، فخرج زيد
سريعا حتى اتى رسول اللّه (ص) وهو في بيت عندالصفا ومعه
اصحابه يتحدثون، فاخبره الخبر، فجاء رسول اللّه (ص) الى ابي
طالب، فقال: يا بن اخي اين‏كنت؟ اكنت في خير؟ قال: نعم.
قال: ادخل بيتك، فدخل رسول اللّه (ص). فلما اصبح ابو طالب
غدا على‏النبي (ص)، فاخذ بيده فوقف به على اندية قريش
ومعه الفتيان الهاشميون والمطلبيون فقال: يا معشرقريش هل
تدرون ما هممت به؟ قالوا: لا. فاخبرهم الخبر، وقال للفتيان:
اكشفوا عما في ايديكم فكشفوا،فاذا كل رجل منهم معه حديدة
صارمة. فقال: واللّه لو قتلتموه ما بقيت منكم احدا. حتى نتفانى
نحن وانتم،فانكسر القوم وكان اشدهم انكسارا ابو جهل.
لفظ آخر
واخرج الفقيه الحنبلي ابراهيم بن علي بن محمد الدينوري في
كتابه نهاية الطلب((1514))باسناده عن عبداللّهبن‏المغيرة بن
معقب، قال: فقد ابو طالب رسول‏اللّه(ص) فظن ان بعض قريش
اغتاله فقتله، فبعث الى بني‏هاشم فقال: يا بني هاشم اظن ان
بعض قريش اغتال محمدا فقتله، فلياخذ كل واحد منكم
حديدة صارمة‏وليجلس الى جنب عظيم من عظماء قريش، فاذا
قلت: ابغي محمدا. قتل كل منكم الرجل الذي الى جانبه.وبلغ
رسول اللّه جمع ابي طالب وهو في بيت عند الصفا، فاتى ابا
طالب وهو في‏المسجد، فلما رآه ابو طالب‏اخذ بيده ثم قال:
يامعشر قريش، فقدت محمدا فظننت ان بعضكم‏اغتاله فامرت
كل فتى شهد من بني‏هاشم‏ان ياخذحديدة ويجلس كل‏واحد
منهم الى عظيم منكم، فاذا قلت: ابغي محمدا قتل كل واحد
منهم الرجل‏الذي‏الى جنبه، فاكشفوا عما في ايديكم يا بني
هاشم فكشف بنو هاشم عما في ايديهم فنظرت قريش الى‏ذلك
فعندها هابت قريش رسول اللّه (ص)، ثم انشا ابو طالب :
الا ابلغ قريشا حيث حلت
وكل سرائر منها غرور
فاني والضوابح عاديات((1515))
وما تتلو السفاسرة الشهور((1516))
لال محمد راع حفيظ
وود الصدر مني والضمير
فلست بقاطع رحمي وولدي
ولو جرت مظالمها الجزور
ايامر جمعهم ابناء فهر
بقتل محمد والامر زور
فلا وابيك لا ظفرت قريش
ولا امت رشادا اذ تشير
بني اخي ونوط القلب مني
وابيض ماؤه غدق كثير
ويشرب بعده الولدان ريا
واحمد قد تضمنه القبور
ايا بن الانف انف بني قصي((1517))
كان جبينك القمر المنير
لفت نظر : قال شيخنا العلامة المجلسي في
البحار((1518))(9/31): روى جامع الديوان يعني ديوان ابي
طالب آنحو هذا الخبر مرسلا ثم ذكر الاشعار هكذا...
فذكر الاشعار وفيها زيادة عشرين بيتا على ما ذكر، وهي لا
توجد في الديوان المطبوع لسيدنا ابي طالب.
لفظ ثالث
وقال السيد فخار بن معد في كتابه الحجة((1519)) (ص‏61):
واخبرني الشيخ الحافظابو الفرج عبدالرحمن بن‏محمد ابن
الجوزي المحدث البغدادي وكان ممن يرى كفر ابي طالب
ويعتقده بواسط العراق سنة احدى‏وتسعين وخمسمائة باسناد
له الى الواقدي، قال: كان ابو طالب بن عبدالمطلب لا يغيب
صباح النبي ولامساءه، ويحرسه من اعدائه ويخاف ان يغتالوه،
فلما كان ذات يوم فقده فلم يره، وجاء المساء فلم يره،واصبح
الصباح فطلبه في مظانه فلم يجده فلزم احشاءه، وقال: واولداه،
وجمع عبيده ومن يلزمه في نفسه‏فقال لهم: ان محمدا قد
فقدته في امسنا ويومنا هذا ولا اظن الا ان‏قريشا قد اغتالته
وكادته، وقد بقي هذاالوجه ما جئته، وبعيد ان يكون فيه. واختار
من عبيده عشرين رجلا، فقال: امضوا واعدوا سكاكين
وليمض‏كل رجل منكم وليجلس الى جنب سيد من سادات
قريش، فان اتيت ومحمد معي فلا تحدثن امرا وكونواعلى
رسلكم حتى اقف عليكم، وان جئت وما محمد معي فليضرب
كل منكم الرجل الذي الى جانبه من‏سادات قريش. فمضوا
وشحذوا سكاكينهم حتى رضوها، ومضى ابو طالب في الوجه
الذي اراده ومعه‏رهطه من قومه فوجده في اسفل مكة قائما
يصلي الى جنب صخرة فوقع عليه وقبله واخذ بيده وقال: يا
بن‏اخ قد كدت ان تاتي على قومك، سر معي، فاخذ بيده وجاء
الى المسجد وقريش في ناديهم جلوس عندالكعبة، فلما راوه
قد جاء ويده في يد النبي (ص) قالوا: هذا ابو طالب قد جاءكم
بمحمد ان له لشانا، فلماوقف عليهم والغضب في وجهه قال
لعبيده: ابرزوا ما في ايديكم فابرز كل واحد منهم ما في يده.
فلما راواالسكاكين قالوا: ما هذا يا ابا طالب؟ قال: ما ترون، اني
طلبت محمدا فلم اره منذ يومين فخفت ان تكونواكدتموه
ببعض شانكم، فامرت هؤلاء ان يجلسوا حيث ترون وقلت لهم:
ان جئت وليس محمد معي‏فليضرب كل منكم صاحبه الذي
الى جنبه ولا يستاذني فيه، ولو كان هاشميا، فقالوا: وهل كنت
فاعلا؟فقال: اي ورب هذه واومى الى الكعبة، فقال له المطعم
بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وكان من احلافه:لقد كدت
تاتي على قومك؟ قال هو ذلك. ومضى به وهو يقول:
اذهب بني فما عليك غضاضة
اذهب وقر بذاك منك عيونا
واللّه لن يصلوا اليك بجمعهم
حتى اوسد في التراب دفينا
ودعوتني وعلمت انك ناصحي
ولقد صدقت وكنت قبل امينا
وذكرت دينا لا محالة انه
من خير اديان البرية دينا((1520))
فرجعت قريش على ابي طالب بالعتب والاستعطاف وهو لا
يحفل بهم ولا يلتفت اليهم.
قال الاميني : هذا شيخ الابطح يروقه ان يضحي كل قومه دون
نبي الاسلام وقد تاهب لان يطا القوميات‏كلها والاواصر
المتشجة بينه وبين قريش باخمص الدين، فحياها اللّه من
عاطفة الهية، وآصرة دينية هي‏فوق اواصر الرحم.
6 ابو طالب في بدء الدعوة
لما نزلت: (وانذر عشيرتك الاقربين)((1521)). خرج رسول اللّه
(ص) فصعد على الصفا فهتف: يا صباحاه.فاجتمعوا اليه، فقال:
«ارايتكم لو اخبرتكم ان خيلا تخرج بسفح الجبل اكنتم
مصدقي؟» قالوا: نعم ماجربنا عليك كذبا. قال: «فاني نذير لكم
بين يدي عذاب شديد». فقال ابو لهب: تبا لك، اما
جمعتناالالهذا؟ ثم احضر قومه في داره، فبادره ابو لهب وقال:
هؤلاء هم عمومتك وبنو عمك فتكلم
ودع‏الصباة((1522))واعلم انه ليس لقومك بالعرب قاطبة
طاقة، وان احق من اخذك فحبسك بنو ابيك، وان اقمت ماانت
عليه فهو ايسر عليهم من ان ينب لك بطون قريش، وتمدهم
العرب، فما رايت احدا جاء على بني ابيه‏بشر مما جئتهم به.
فسكت رسول اللّه (ص) ولم يتكلم.
ثم دعاهم ثانية وقال: «الحمد للّه احمده واستعينه واؤمن به
واتوكل عليه، واشهد ان لا اله الا اللّه وحده لاشريك له. ثم قال:
ان الرائد لا يكذب اهله، واللّه الذي لا اله الا هو اني رسول اللّه
اليكم خاصة والى الناس‏عامة، واللّه لتموتن كما تنامون،
ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وانها الجنة
ابدا والنار ابدا».
فقال ابو طالب: ما احب الينا معاونتك، واقبلنا لنصيحتك،
واشد تصديقنا لحديثك، وهؤلاء بنو ابيك‏مجتمعون وانما انا
احدهم غير اني اسرعهم الى ما تحب، فامض لما امرت به، فواللّه
لا ازال احوطك وامنعك،غير ان نفسي لا تطاوعني على فراق
دين عبد المطلب((1523)).
قال الاميني : لم يكن دين عبد المطلب سلام اللّه عليه الا دين
التوحيد والايمان باللّه ورسله وكتبه غيرمشوب بشي‏ء من
الوثنية، وهو الذي كان يقول في وصاياه: انه لن يخرج من الدنيا
ظلوم حتى ينتقم منه‏وتصيبه عقوبة. الى ان هلك ظلوم لم
تصبه عقوبة. فقيل له في ذلك، ففكر في ذلك، فقال: واللّه ان
وراء هذه‏الدار دارا يجزى فيها المحسن باحسانه، ويعاقب
المسي‏ء باساءته، وهو الذي قال لابرهة: ان لهذا البيت‏ربايدب
عنه ويحفظه، وقال وقد صعد ابا قبيس:
لاهم ان المرء يم
نع حله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم
ومحالهم عدوا محالك
فانصر على آل الصلي
ب وعابديه اليوم آلك
ان كنت تاركهم وكع
بتنا فامر ما بدا لك((1524))
ويعرب عن تقدمه في الايمان الخالص والتوحيد الصحيح انتماء
رسول اللّه (ص) اليه ومباهاته به يوم حنين‏بقوله:
انا النبي لا كذب
انا ابن عبدالمطلب((1525))
وقد اجاد الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي في
قوله:
تنقل احمد نورا عظيماتلالا
في جباه الساجدينا
تقلب فيهم قرنا فقرنا
الى ان جاء خير المرسلينا((1526))
وهذا هو الذي اراده ابو طالب سلام اللّه عليه بقوله: نفسي لا
تطاوعني على فراق دين عبدالمطلب. وهوصريح بقية كلامه،
وقد اراد بهذا السياق‏التعمية على الحضور لئلا يناصبوه العداء
بمفارقتهم، وهذا السياق‏من الكلام من سنن العرب في
محاوراتهم، قد يريدون به التعمية، وقد يراد به التاكيد للمعنى
المقصود كقول‏الشاعر:
ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم
بهن فلول من قراع الكتائب
ولو لم يكن لسيدنا ابي طالب الا موقفه هذا لكفى بمفرده في
ايمانه الثابت، واسلامه القويم، وثباته في المبدا.
قال ابن الاثير((1527)): فقال ابو لهب: هذه واللّه
السوء((1528))، خذوا على يديه قبل ان ياخذ غيركم، فقال
ابوطالب: واللّه لنمنعنه ما بقينا. وفي السيرة الحلبية((1529))
(1/304): ان الدعوة كانت في دار ابي طالب.
قال عقيل بن ابي طالب: جاءت قريش الى ابي طالب فقالوا: ان
ابن اخيك يؤذينا في نادينا وفي كعبتنا وفي‏ديارنا ويسمعنا ما
نكره، فان رايت ان تكفه عنا فافعل. فقال لي: يا عقيل التمس
لي ابن عمك. فاخرجته‏من كبس((1530)) من كباس ابي
طالب. فجاء يمشي معي يطلب الفي‏ء يطا فيه لا يقدر عليه،
حتى انتهى الى ابي‏طالب فقال: يا بن اخي واللّه لقد كنت لي
مطيعا، جاء قومك يزعمون انك تاتيهم في كعبتهم وفي
ناديهم‏فتؤذيهم وتسمعهم ما يكرهون، فان رايت ان تكف عنهم.
فحلق بصره الى السماء وقال: واللّه ما انا بقادر ان‏ارد ما بعثني به
ربي، ولو ان يشعل احدهم من هذه الشمس نارا. فقال ابو
طالب: واللّه ما كذب قط،فارجعوا راشدين.
قال الاميني : هكذا اخرجه البخاري في تاريخه((1531))
باسناد رجاله كلهم ثقات، وبهذا اللفظ ذكره‏المحب‏الطبري في
ذخائر العقبى (ص‏223). غير ان ابن كثير لما راى لكلمة:
راشدين. قيمة في ايمان ابي طالب‏حذفها في تاريخه((1532))
(3/42). حيا اللّه الامانة!
واخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى((1533)) (1/171) حديث
الدعوة عن علي وفيه: «ثم قال لهم (ص): من‏يؤازرني على ما انا
عليه ويجيبني على ان يكون اخي وله الجنة؟ فقلت: انا يا
رسول اللّه، واني لاحدثهم‏سنا، واحمشهم ساقا. وسكت القوم، ثم
قالوا: يا ابا طالب الا ترى ابنك؟ قال: دعوه فلن يالو((1534))
ابن عمه‏خيرا».
وروى ابو عمرو الزاهد الطبري عن تغلب عن ابن الاعرابي انه
قال في لغة العور انه الردي من كل‏شي‏ءقال: ومن العور ما
في رواية ابن عب اس. ثم ذكر حديث علي (ع) بطوله الى ان
قال: قال: «فلما اراد النبي(ص) ان يتكلم اعترضه ابو لهب،
فتكلم بكلمات وقال: قوموا. فقاموا وانصرفوا. قال: فلما كان من
الغدامرني فصنعت مثل ذلك الطعام والشراب ودعوتهم فاقبلوا
ودخلوا فاكلوا وشربوا، فقام رسول اللّه (ص)ليتكلم فاعترضه ابو
لهب فقال له ابو طالب: اسكت يا اعور ما انت وهذا؟ ثم قال: لا
يقومن احد. قال:فجلسوا ثم قال للنبي (ص): قم يا سيدي
فتكلم بما تحب وبلغ رسالة ربك فانك الصادق المصدق‏».
والى هذا الحديث وكلمة ابي طالب اسكت يا اعور ما انت
وهذا؟ وقع الايعاز في النهاية لابن‏الاثير((1535))(3/156)،
والفائق للزمخشري((1536)) (2/98) نقلا عن ابن الاعرابي،
وفي لسان العرب((1537))(6/294)،تاج العروس (3/428).
قال الاميني : اي كافر طاهر هذا سلام اللّه عليه وهو يدافع عن
الاسلام المقدس بكل حوله وطوله، ويسلق‏رجال قومه بلسان
حديد، ويحض النبي الاعظم على الدعوة وتبليغ رسالته عن
ربه، ويراه الصادق‏المصدق؟.
7 قول ابي طالب لعلي: الزم ابن عمك
قال ابن اسحاق: ذكر بعض اهل العلم ان رسول اللّه (ص) كان
اذا حضرت الصلاة خرج الى شعاب مكة‏وخرج معه علي بن ابي
طالب مستخفيا من ابيه ابي طالب ومن جميع اعمامه وسائر
قومه، فيصليان‏الصلوات فيها، فاذا امسيا رجعا فمكثا كذلك ما
شاء اللّه ان يمكثا، ثم ان ابا طالب عثر عليهما يوما وهمايصليان،
فقال لرسول اللّه (ص): يا بن اخي ما هذا الدين الذي اراك تدين
به؟ قال: « اي عم هذا دين اللّهودين ملائكته ودين رسله ودين
ابينا ابراهيم‏».
وذكروا انه قال لعلي: اي بني ما هذا الدين الذي انت عليه؟
فقال: «يا ابت آمنت باللّه وبرسول اللّهوصدقته بما جاء به،
وصليت معه للّه واتبعته‏» فزعموا انه قال له: اما انه لم يدعك الا
الى خير، فالزمه. وفي‏لفظ عن علي: انه لما اسلم قال له ابو
طالب: الزم ابن عمك.
سيرة ابن هشام (1/265)، تاريخ الطبري (2/214)، تفسير
الثعلبي، عيون الاثر (1/94) الاصابة (4/116)،اسنى المطالب
(ص‏10)((1538)).
وفي شرح ابن ابي الحديد((1539)) (3/314): روي عن علي
قال: قال ابي: يا بني الزم ابن عمك فانك تسلم به‏من كل باس
عاجل وآجل. ثم قال لي:
ان الوثيقة في لزوم محمد
فاشدد بصحبته على ايديكا
فقال: ومن شعره المناسب لهذا المعنى قوله:
ان عليا وجعفرا ثقتي
عند ملم الزمان والنوب
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما
اخي لامي من بينهم وابي
واللّه لا اخذل النبي ولا
يخذله من بني ذو حسب
هذه الابيات الثلاثة توجد في ديوان ابي طالب((1540)) ايضا
(ص‏36) وذكرها العسكري كتاب الاوائل((1541))قال:ان ابا
طالب مر بالنبي (ص) ومعه جعفر فراى رسول اللّه (ص) يصلي
وعلي معه، فقال لجعفر: يابني صل‏جناح ابن عمك. فقام الى
جنب علي، فاحس‏النبي فتقدمهما، واقبلوا على امرهم حتى
فرغوا، فانصرف ابوطالب مسرورا وانشا يقول:
ان عليا وجعفرا ثقتي
عند ملم الزمان والنوب
وذكر ابياتا لم يذكرها ابن ابي الحديد ومنها:
نحن وهذا النبي ننصره
نضرب عنه الاعداء كالشهب
واخرج ابو بكر الشيرازي في تفسيره: ان النبي (ص) لما انزل
عليه الوحي اتى المسجد الحرام وقام يصلي‏فيه، فاجتاز به علي
(ع) وكان ابن تسع سنين فناداه: يا علي الي اقبل. فاقبل اليه
ملبيا فقال له النبي: «اني‏رسول اللّه اليك خاصة والى الخلق
عامة فقف عن يميني وصل معي‏». فقال: «يا رسول اللّه حتى
امضي‏واستاذن ابا طالب والدي‏»، فقال له: « اذهب فانه سياذن
لك‏»، فانطلق اليه يستاذنه في اتباعه، فقال: ياولدي تعلم ان
محمدا امين اللّه منذ كان، امض اليه واتبعه ترشد وتفلح. فاتى
علي(ع) ورسول اللّه (ص) قائم‏يصلي في المسجد، فقام عن
يمينه يصلي معه، فاجتاز ابو طالب بهما وهما يصليان فقال: يا
محمد ما تصنع؟قال: «اعبد اله السموات والارض ومعي اخي
علي يعبد ما اعبد وانا ادعوك الى عبادة الواحد القهار»فضحك
ابو طالب حتى بدت نواجده وانشا يقول:
واللّه لن يصلوا اليك بجمعهم
حتى اغيب في التراب دفينا
الى آخر الابيات التي اسلفناها (ص‏334).
8 قول ابي طالب : صل جناح ابن عمك
اخرج ابن الاثير: ان ابا طالب راى النبي (ص) وعليا يصليان
وعلي على يمينه، فقال لجعفر رضي اللّهتعالى‏عنه: صل جناح
ابن عمك، وصل عن يساره، وكان اسلام جعفر بعد اسلام اخيه
علي بقليل. وقال ابوطالب:
فصبرا ابا يعلى على دين احمد
وكن مظهرا للدين وفقت صابرا
وحط من اتى بالحق من عند ربه
بصدق وعزم لا تكن حمز كافرا
فقد سرني اذ قلت انك مؤمن
فكن لرسول اللّه في اللّه ناصرا
وباد قريشا بالذي قد اتيته
جهارا وقل ما كان احمد ساحرا
اسد الغابة((1542)) (1/287)، شرح ابن ابي الحديد((1543))
(3/315)، الاصابة (4/116)، السيرة‏الحلبية((1544))(1/286)،
اسنى المطالب((1545)) (ص‏6) وقال: قال البرزنجي: تواترت
الاخبار ان ابا طالب كان‏يحب النبي (ص) ويحوطه وينصره
ويعينه على تبليغ دينه ويصدقه فيما يقوله، ويامر اولاده
كجعفر وعلي‏باتباعه ونصرته.
وقال في (ص‏10): قال البرزنجي: هذه الاخبار كلها صريحة في
ان قلبه طافح وممتلئ بالايمان بالنبي (ص).
9 ابو طالب وحنوه على النبي (ص)
قال ابو جعفر محمد بن‏حبيب(رحمه اللّه)في‏اماليه: كان‏ابو
طالب اذا راى‏رسول‏اللّه(ص) احيانا يبكي وبقول:اذا رايته
ذكرت اخي، وكان عبداللّه اخاه لابويه، وكان شديد الحب
والحنو عليه، وكذلك كان عبدالمطلب‏شديد الحب له، وكان
ابو طالب كثيرا ما يخاف على رسول اللّه (ص) البيات اذا عرف
مضجعه، فكان يقيمه‏ليلا من منامه ويضجع ابنه عليا مكانه،
فقال له علي ليلة: « يا ابت اني مقتول »، فقال له:
اصبرن يا بني فالصبر احجى
كل حي مصيره لشعوب
قد بذلناك والبلاء شديد
لفداء الحبيب وابن الحبيب
لفداء الاغر ذي الحسب الثا
قب والباع والكريم النجيب
ان تصبك المنون فالنبل تبرى((1546))
فمصيب منها وغير مصيب
كل حي وان تملى بعمر((1547))
آخذ من مذاقها بنصيب
فاجاب علي بقوله:
اتامرني بالصبر في نصر احمد
وواللّه ما قلت الذي قلت جازعا
ولكنني احببت ان ترى نصرتي
وتعلم اني لم ازل لك طائعا
ساسعى لوجه اللّه في نصر احمد
نبي الهدى المحمود طفلا ويافعا
وذكره ابن ابي الحديد((1548))نقلا عن الامالي (3/310)
وهناك تصحيف في البيت الثاني والثالث من ابيات ابي‏طالب
صححناه من طبقات السيد علي خان الناقل عن شرح ابن ابي
الحديد المخطوط، وذكر القصة ابوعلي الموضح العمري
العلوي كما في كتابه الحجة((1549)) (ص‏69).
قال الاميني : ان القرابة والرحم تبعثان الى المحاماة الى حد
محدود، لكنه اذا بلغت حد التضحية بولدكاميرالمؤمنين هو
احب‏العالمين الى والده، فهناك يقف التفاني على موقفه، فلا
يستسهل الوالد ان يعرض ابنه‏على القتل كل ليلة فينيمه على
فراش المفدى، ويستعوض منه ابن اخيه، الا ان يكون مندفعا
الى ذلك بدافع‏ديني وهو معنى اعتناق ابي طالب للدين
الحنيف، وهو الذي تعطيه المحاورة الشعرية بين الوالد والولد
فترى‏الولد يصارح بالنبوة، فلا ينكر عليه الوالد بان هذا التهالك
ليس الا بدافع قومي، غير فاتر عن حض ابنه‏على ما يبتغيه من
النصرة ولا متثبط عن النهوض بها. فسلام اللّه على والد وما
ولد.
10 ابو طالب وابن الزبعرى
قال القرطبي في تفسيره((1550)) (ص‏406): روى اهل السير
قال: كان النبي (ص) قد خرج الى الكعبة‏يوماواراد ان يصلي،
فلما دخل في الصلاة قال ابو جهل لعنه اللّه:
من يقوم الى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزبعرى
فاخذ فرثا ودما فلطخ به وجه النبي (ص)فانفتل النبي (ص)
من صلاته، ثم اتى ابا طالب عمه فقال: «يا عم الا ترى الى ما
فعل بي؟» فقال ابوطالب: من فعل هذا بك؟ فقال النبي (ص):
«عبداللّه بن الزبعرى‏». فقام ابو طالب ووضع سيفه
على‏عاتقه‏ومشى معه حتى اتى القوم، فلما راوا ابا طالب قد
اقبل جعل القوم ينهضون، فقال ابو طالب: واللّه لئن قام‏رجل
لجللته بسيفي فقعدوا حتى دنا اليهم، فقال: يا بني من الفاعل
بك هذا؟ فقال: «عبداللّه بن الزبعرى‏»،فاخذ ابو طالب فرثا ودما
فلطخ به وجوههم ولحاهم وثيابهم، واساء لهم القول.
حديث موقف ابي طالب هذا يوجد في غير واحد من كتب القوم
وقد لعبت به ايدي الهوى، وسنوقفك ان‏شاء اللّه على حق القول
فيه تحت عنوان: ابو طالب في الذكر الحكيم((1551)).
11 سيدنا ابو طالب وقريش
قال ابن اسحاق: لما بادى رسول اللّه (ص) قومه بالاسلام،
وصدع به كما امره اللّه لم يبعد منه قومه ولم يردواعليه، فيما
بلغني، حتى ذكر آلهتهم وعابها. فلما فعل ذلك اعظموه
وناكروه، واجمعوا خلافه وعداوته، الا من‏عصم اللّه تعالى منهم
بالاسلام وهم قليل مستخفون، وحدب((1552))على رسول
اللّه (ص) عمه ابو طالب‏ومنعه وقام دونه، ومضى رسول اللّه
(ص) على امر اللّه مظهرا لامره، لا يرده عنه شي‏ء.
وقال: ان قريشا حين قالوا لابي طالب هذه المقالة بعث الى
رسول اللّه (ص) فقال له: يابن اخي ان قومك‏جاؤوني فقالوا لي
كذا وكذا، فابق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الامر ما لا
اطيق، قال: فظن رسول اللّه(ص) انه قد بدا لعمه فيه بداء، وانه
خاذله ومسلمه، وانه قد ضعف عن نصرته والقيام معه، قال:
فقال‏رسول‏اللّه(ص): «يا عم واللّه لو وضعوا الشمس في يميني،
والقمر في يساري على ان اترك هذا الامرحتى‏يظهره اللّه او
اهلك فيه ما تركته‏». قال: ثم استعبر رسول‏اللّه(ص) فبكى ثم
قام، فلما ولى ناداه ابوطالب، فقال: اقبل يابن اخي. قال: فاقبل
عليه رسول اللّه (ص) فقال: اذهب يا بن اخي فقل ما
احببت‏فواللّه لا اسلمك لشي‏ء ابدا.
ثم ان قريشا حين عرفوا ان ابا طالب قد ابى خذلان رسول اللّه
(ص) واسلامه واجماعه لفراقهم في ذلك‏وعداوتهم مشوا اليه
بعمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له: يا ابا طالب هذا عمارة
بن الوليد انهد فتى في‏قريش واجمله، فخذه فلك عقله ونصره،
واتخذه ولدا فهو لك، واسلم الينا ابن اخيك، هذا الذي قد
خالفك‏دينك ودين آبائك وفرق جماعة قومك، وسفه
احلامهم، فنقتله، فانما هو رجل برجل، قال: واللّه لبئس
ماتسومونني، اتعطونني ابنكم اغذوه لكم واعطيكم ابني
تقتلونه؟ هذا واللّه ما لا يكون ابدا. قال: فقال المطعم‏بن
عدي‏بن نوفل: واللّه يا ابا طالب لقد انصفك قومك وجهدوا على
التخل ص مما تكرهه، فما اراك تريد ان‏تقبل منهم شيئا، فقال
ابوطالب لمطعم: واللّه ما انصفوني، ولكنك قد اجمعت خذلاني
ومظاهرة القوم علي‏فاصنع ما بدا لك او كما قال.
قال: فحقب الامر، وحميت الحرب، وتنابذ القوم، وبادى بعضهم
بعضا، فقال ابو طالب عند ذلك يعرض‏بالمطعم بن عدي ويعم
من خذله من عبد مناف ومن عاداه من قبائل قريش، ويذكر ما
سالوه وما تباعدمن امرهم:
الا قل لعمرو والوليد ومطعم
الا ليت حظ‏ي من حياطتكم بكر((1553))
من الخور حبحاب كثير رغاؤه
يرش على الساقين من بوله قطر((1554))
تخلف خلف الورد ليس بلاحق
اذا ما علا الفيفاء قيل له وبر((1555))
ارى اخوينا من ابينا وامنا
اذا سئلا قالا الى غيرنا الامر
بلى لهما امر ولكن تجرجما
كما جرجمت من‏راس ذي علق‏صخر((1556))
اخص خصوصا عبد شمس ونوفلا
هما نبذانا مثل ما ينبذ الجمر
هما اغمزا للقوم في اخويهما
فقد اصبحا منهم اكفهما صفر
هما اشركا في المجد من لا ابا له
من الناس الا ان يرس له ذكر((1557))
وتيم ومخزوم وزهرة منهم
وكانوا لنا مولى اذا بني النصر((1558))
فواللّه لا تنفك منا عداوة
ولا منهم ما كان من نسلنا شفر((1559))
فقد سفهت احلامهم وعقولهم
وكانوا كجفر بئس ما صنعت جفر
قال ابن هشام: تركنا منها بيتين اقذع فيهما.
قال الاميني : حذف ابن هشام منها ثلاثة ابيات لا تخفى على
اي احد غايته الوحيدة فيه، وان الانسان‏على‏نفسه بصيرة ولو
القى معاذيره، الا وهي:
وما ذاك الا سؤدد خصنا به
اله العباد واصطفانا له الفخر
رجال تمالوا حاسدين وبغضة
لاهل العلى فبينهم ابدا وتر
وليد ابوه كان عبدا لجدنا
الى علجة زرقاء جال بها السحر
يريد به الوليد بن المغيرة وكان من المستهزئين بالنبي الاعظم
ومن الذين مشوا
الى ابي طالب (ع) في امر النبي (ص) وقد نزل قوله تعالى:
(ذرني ومن خلقت وحيدا)((1560)) وكان يسمى:الوحيد في
قومه((1561)).
ثم قام ابو طالب حين راى قريشا يصنعون ما يصنعون في
بني هاشم وبني المطلب فدعاهم الى ما هوعليه من منع
رسول اللّه (ص) والقيام دونه فاجتمعوا اليه وقاموا معه، واجابوه
ما دعاهم، اليه، الا ما كان‏من ابي لهب عدو اللّه الملعون.
فلما راى ابو طالب من قومه ما سره في جهدهم معه وحدبهم
عليه، جعل يمدحهم ويذكر قديمهم، ويذكرفضل رسول اللّه
(ص) فيهم، ومكانه منهم، ليشد لهم
رايهم، وليحدبوا معه على امره، فقال:
اذا اجتمعت يوما قريش لمفخر
فعبد مناف سرها وصميمها((1562))
فان حصلت اشراف عبد منافها
ففي هاشم اشرافها وقديمها
وان فخرت يوما فان محمدا
هو المصطفى من سرها وكريمها
تداعت قريش غثها وسمينها
علينا فلم تظفر وطاشت حلومها((1563))
وكنا قديما لا نقر ظلامة
اذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها((1564))
ونحمي حماها كل يوم كريهة
ونضرب عن احجارها من يرومها
بنا انتعش العود الذواء وانما
باكنافنا تندى وتنمى ارومها((1565))
سيرة ابن هشام (1/275 283)، طبقات ابن سعد (1/186)،
تاريخ الطبري (2/218 221)، ديوان ابي‏طالب (ص‏24)،
الروض الانف (1/171، 172)، شرح ابن ابي الحديد (3/306)،
تاريخ ابن كثير (2/126،258، و 3/42، 48، 49)، عيون الاثر
(1/99، 100)، تاريخ ابي الفداء (1/117)، السيرة الحلبية
(1/306)،اسنى المطالب (ص‏15) فقال: هذه الابيات من غرر
مدائح ابي طالب للنبي (ص) الدالة على تصديقه اياه،طلبة
الطالب (ص‏5 9)((1566)).
12 سيد الاباطح وصحيفة قريش
اجتمع قريش وتشاوروا ان يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني
هاشم وبني المطلب ا ن لاينكحوا اليهم، ولايبيعوا منهم شيئا
ولا يتبايعوا، ولا يقبلوا منهم صلحا ابدا، ولا تاخذهم بهم رافة
حتى يسلموا رسول اللّه(ص) للقتل، ويخلوا بينهم وبينه،
وكتبوه في صحيفة بخط منصور بن عكرمة، او بخط بغيض بن
عامر، اوبخط النضر ابن الحرث، او بخط هشام بن عمرو، او بخط
طلحة بن ابي طلحة، او بخط منصور ابن عبد،وعلقوا منها
صحيفة في الكعبة هلال المحرم سنة سبع من النبوة، وكان
اجتماعهم بخيف بني كنانة وهوالمحصب، فانحاز بنو هشام
وبنو المطلب الى ابي طالب ودخلوا معه في الشعب الا ابا لهب
فكان مع قريش،فاقاموا على ذلك سنتين وقيل ثلاث سنين،
وانهم جهدوا في الشعب حتى كانوا ياكلون
الخبط((1567))وورق‏الشجر.
قال ابن كثير: كان ابو طالب مدة اقامتهم بالشعب يامره (ص)
فياتي فراشه كل ليلة حتى يراه من اراد به‏شرا وغائلة، فاذا نام
الناس امر احد بنيه او اخوانه او بني عمه ان يضطجع على
فراش المصطفى (ص)ويامر هو ان ياتي بعض فرشهم فيرقد
عليها.
ثم ان اللّه تعالى اوحى الى النبي (ص) ان الارضة اكلت جميع
ما في الصحيفة من القطيعة والظلم فلم تدع‏سوى اسم اللّه
فقط، فاخبر النبي (ص) عمه ابا طالب بذلك، فقال: يا بن اخي
اربك اخبرك بهذا؟ قال:«نعم‏». قال: والثواقب ما كذبتني قط.
فانطلق في عصابة من بني هاشم والمطلب حتى اتوا المسجد،
فانكرقريش ذلك، وظنوا انهم خرجوا من شدة البلاء ليسلموا
اليهم رسول اللّه (ص)، فقال ابو طالب:
يا معشر قريش جرت بيننا وبينكم امور لم تذكر في صحيفتكم،
فاتوا بها، لعل ان يكون بيننا وبينكم صلح،وانما قال ذلك خشية
ان ينظروا فيها قبل ان ياتوا بها فاتوا بها وهم لا يشكون ان ابا
طالب يدفع اليهم النبي(ص)، فوضعوها بينهم وقبل ان تفتح
قالوا لابي طالب: قد آن لكم ان ترجعوا عما احدثتم علينا
وعلى‏انفسكم، فقال: اتيتكم في امر هو نصف بيننا وبينكم، ان
ابن اخي اخبرني ولم يكذبني ان‏اللّه قد بعث على‏صحيفتكم
داب ة فلم تترك فيها الا اسم اللّه فقط، فان كان كما يقول
فافيقوا عما انتم عليه، فواللّه لا نسلمه‏حتى نموت من عند
آخرنا. وان كان باطلا دفعناه اليكم فقتلتم او استحييتم! فقالوا:
رضينا. ففتحوهافوجدوها كما قال (ص). فقالوا: هذا سحر ابن
اخيك وزادهم ذلك بغيا وعدوانا.
وان ابا طالب قال لهم بعد ان وجدوا الامر كما اخبر به (ص):
علام نحصر ونحبس وقد بان الامر وتبين‏انكم اولى بالظلم
والقطيعة؟ ودخل هو ومن معه بين استار الكعبة وقال: اللهم
انصرنا على من ظلمنا،وقطع ارحامنا، واستحل ما يحرم عليه
منا.
وعند ذلك مشت طائفة من قريش في نقض تلك الصحيفة،
فقال ابو طالب:
الا هل اتى بحرينا((1568)) صنع ربنا
على نايهم واللّه بالناس ارود((1569))
فيخبرهم ان الصحيفة مزقت
وان كل ما لم يرضه اللّه مفسد
تراوحها افك وسحر مجمع
ولم يلف سحر آخر الدهر يصعد
تداعى لها من ليس فيها بقرقر
فطائرها في راسها يتردد((1570))
وكانت كفاء وقعة باثيمة
ليقطع منها ساعد ومقلد
ويظعن اهل المكتين فيهربوا
فرائصهم من خشية الشر ترعد
ويترك حراث يقلب امره
ايتهم فيها عند ذاك وينجد((1571))
وتصعد بين الاخشبين كتيبة
لها حدج سهم وقوس ومرهد((1572))
فمن ينش من حضار مكة عزه
فعزتنا في بطن مكة اتلد((1573))
نشانا بها والناس فيها قلائل
فلم ننفكك نزداد خيرا ونحمد
ونطعم حتى يترك الناس فضلهم
اذا جعلت ايدي المفيضين ترعد((1574))
جزى اللّه رهطا بالحجون تتابعوا((1575))
على ملا يهدي لحزم ويرشد
قعودا لدى خطم الحجون كانهم
مقاولة((1576)) بل هم اعز وامجد
اعان عليها كل صقر كانه
اذا ما مشى في رفرف‏الدرع‏احرد((1577))
الا ان خير الناس نفسا ووالدا
اذا عد سادات البرية احمد
نبي الاله والكريم باصله
واخلاقه وهو الرشيد المؤيد
جري‏ء على جلى الخطوب كانه
شهاب بكفي قابس يتوقد((1578))
من الاكرمين من لؤي بن غالب
اذا سيم خسفا وجهه يتربد((1579))
طويل النجاد((1580)) خارج نصف ساقه
على وجهه يسقى الغمام ويسعد
عظيم الرماد سيد وابن سيد
يحض على مقرى الضيوف ويحشد
ويبني لابناء العشيرة صالحا
اذا نحن طفنا في البلاد ويمهد
الظ((1581)) بهذا الصلح كل مبرا
عظيم اللواء امره ثم يحمد
قضوا ما قضوا في ليلهم ثم اصبحوا
على مهل وسائر الناس رقد
هم رجعوا سهل بن بيضاء راضيا
وسر ابو بكر بها ومحمد((1582))
متى شرك الاقوام في جل امرنا
وكنا قديما قبلها نتودد
وكنا قديما لا نقر ظلامة
وندرك ما شئنا ولا نتشدد
فيال قصي هل لكم في نفوسكم
وهل لكم فيما يجي‏ء به غد
فاني واياكم كما قال قائل
لديك البيان لو تكلمت اسود((1583))
طبقات ابن سعد (1/173، 192)، سيرة ابن هشام (1/399
404)، عيون الاخبار لابن قتيبة (2/151)،تاريخ اليعقوبي
(2/22)، الاستيعاب ترجمة سهل بن بيضاء (2/570)، صفة
الصفوة (1/35)، الروض الانف(1/231)، خزانة الادب للبغدادي
(1/252)، تاريخ ابن كثير (3/84، 95، 97)، عيون الاثر
(1/127)،الخصائص الكبرى (1/151)، ديوان ابي طالب (ص‏13)،
السيرة الحلبية (1/357 367)، سيرة زيني‏دحلان هامش
الحلبية (1/286 290)، طلبة الطالب (ص‏9، 15، 44)، اسنى
المطالب (ص‏11 13)((1584)).
وذكر ابن الاثير قصة الصحيفة في الكامل((1585)) (2/36)
فقال: قال ابو طالب في امر الصحيفة واكل الارضة مافيها من
ظلم وقطيعة رحم ابياتا، منها:
وقد كان في امر الصحيفة عبرة
متى ما يخبر غائب القوم يعجب
محا اللّه منها كفرهم وعقوقهم
وما نقموا من ناطق الحق معرب
فاصبح ما قالوا من الامر باطلا
ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب
13 وصية ابي طالب عند موته
عن الكلبي قال: لما حضرت ابا طالب الوفاة جمع اليه وجوه
قريش فاوصاهم فقال: يا معشر قريش انتم‏صفوة اللّه من خلقه
وقلب العرب، فيكم السيد المطاع، وفيكم المقدام الشجاع،
الواسع الباع، واعلموا انكم لم‏تتركوا للعرب في المثر نصيبا الا
احرزتموه، ولا شرفا الا ادركتموه، فلكم بذلك على الناس
الفضيلة، ولهم‏به اليكم الوسيلة، والناس لكم حرب وعلى
حربكم الب، واني اوصيكم بتعظيم هذه البنية يعني الكعبة
آفان فيها مرضاة للرب، وقواما للمعاش، وثباتا للوطاة، صلوا
ارحامكم ولا تقطعوها، فان صلة الرحم‏منساة في الاجل، وزيادة
في العدد، واتركوا البغي والعقوق ففيهما هلكة القرون قبلكم،
اجيبوا الداعي،واعطوا السائل فان فيهما شرف الحياة والممات،
وعليكم بصدق الحديث، واداء الامانة، فان فيهما محبة
في‏الخاص، ومكرمة في العام.
واني اوصيكم بمحمد خيرا فانه الامين في قريش، والصديق في
العرب، وهو الجامع لكل ما اوصيتكم به،وقد جاءنا بامر قبله
الجنان، وانكره اللسان مخافة الشنن، وايم اللّه كاني انظر الى
صعاليك العرب واهل‏الاطراف والمستضعفين من الناس قد
اجابوا دعوته، وصدقوا كلمته، وعظموا امره، فخاض بهم
غمرات‏الموت، وصارت رؤساء قريش وصناديدها اذنابا، ودورها
خرابا، وضعفاؤها اربابا، واذا اعظمهم عليه‏احوجهم اليه،
وابعدهم منه احظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، واصفت
له فؤادها، واعطته قيادها،دونكم يا معشر قريش ابن ابيكم،
كونوا له ولاة ولحزبه حماة، واللّه لا يسلك احد سبيله الا رشد،
ولاياخذ احد بهديه الا سعد، ولو كان لنفسي مدة، وفي اجلي
تاخير، لكففت عنه الهزاهز، ولدافعت عنه‏الدواهي.
الروض الانف (1/259)، المواهب (1/72)، تاريخ الخميس
(1/339)، ثمرات الاوراق هامش المستطرف(2/9)، بلوغ الارب
(1/327)، السيرة الحلبية (1/375) السيرة لزيني دحلان هامش
الحلبية (1/93)، اسنى‏المطالب (ص‏5)((1586)).
قال الاميني : في هذه الوصية الطافحة بالايمان والرشاد دلالة
واضحة على انه(ع) انما ارجا تصديقه باللسان‏الى هذه الاونة
التي يئس فيها من الحياة حذار شنن قومه المستتبع لانثيالهم
عنه، المؤدي الى ضعف‏المنة((1587))وتفكك القوى، فلا
يتسنى له حينئذ الذب عن رسول اللّه (ص) وان كان الايمان به
مستقرا في الجنان‏من اول يومه، لكنه لما شعر بازوف الاجل
وفوات الغاية المذكورة ابدى ما
اجنته‏اضالعه((1588))فاوصى‏بالنبي(ص) بوصيته الخالدة.
14 وصية ابي طالب لبني ابيه
اخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى ((1589)): ان ابا طالب لما
حضرته الوفاة دعا بني عبد المطلب فقال: لن‏تزالوا بخير ما
سمعتم من محمد، وما اتبعتم امره، فاتبعوه واعينوه ترشدوا.
وفي لفظ: يا معشر بني هاشم اطيعوا محمدا وصدقوه تفلحوا
وترشدوا.
وتوجد هذه الوصية((1590)) في تذكرة السبط (ص‏5)،
الخصائص الكبرى (1/87)، السيرة الحلبية (1/372،375)،
سيرة زيني دحلان هامش الحلبية (1/92، 293)، اسنى
المطالب (ص‏10). و راى البرزنجي هذاالحديث دليلا على
ايمان ابي طالب ونعما هو، قال: قلت: بعيد جدا ان يعرف ان
الرشاد في اتباعه ويامر غيره‏بذلك ثم يتركه هو.
قال الاميني : ليس في العقل السليم مساغ للقول بان هذه
المواقف كلها لم تنبعث عن خضوع ابي طالب‏للدين الحنيف
وتصديقه للصادع به (ص)، والا فماذا الذي كان يحدوه الى
مخاشنة قريش ومقاساة‏الاذى‏منهم وتعكير الصفو من حياته لا
سيما ايام كان هو والصفوة من فئته في الشعب، فلا حياة
هنيئة، ولاعيش رغدا، ولا امن يطمان به، ولا خطر مدروءا،
يتحمل الجفاء والقطيعة والقسوة المؤلمة من قومه، فماذاالذي
اقدمه على هذه كلها؟ وماذا الذي حصره وحبسه في الشعب
عدة سنين تجاه‏امر لا يقول بصدقه ولايخبت الى حقيقته؟ لاها
اللّه لم يكن كل ذلك الا عن ايمان ثابت، وتصديق وتسليم
واذعان بما جاء به‏نبي‏الاسلام، يظهر ذلك للقارئ المستشف
لجزئيات كل من هذه القصص، ولم تكن القرابة والقومية
بمفردهاتدعوه الى مقاساة تلكم المشاق كما لم تدع ابا لهب
اخاه، وهب ان القرابة تدعوه الى الذب عنه (ص) لكنهالا تدعو
الى المصارحة بتصديقه وان ما جاء به حق، وانه نبي كموسى
خط في اول الكتب، وان من‏اقتص‏اثره فهو المهتدي، وان
الضال من ازور عنه وتخلف، الى امثال ذلك من مصارحات
قالها بمل‏ء فمه،ودعا اليه (ص) فيها باعلى هتافه.
15 حديث عن ابي طالب
ذكرابن حجر في الاصابة (4/116) من طريق اسحاق بن عيسى
الهاشمي عن ابي رافع قال: سمعت ابا طالب‏يقول: سمعت ابن
اخي محمد بن عبداللّه يقول: ان ربه بعثه بصلة الارحام، وان
يعبد اللّه وحده ولا يعبد معه‏غيره، ومحمد الصدوق الامين.
وذكره السيد زيني دحلان في اسنى المطالب((1591)) (ص‏6)
وقال: اخرجه الخطيب، واخرجه السيد فخار بن‏معد في كتاب
الحجة((1592)) (ص‏26) من طريق الحافظ ابي نعيم
الاصبهاني، وباسناد آخر من طريق ابي الفرج‏الاصبهاني، وروى
الشيخ ابراهيم الحنبلي في نهاية الطلب عن عروة الثقفي قال:
سمعت ابا طالب(رضي اللّهعنه) يقول: حدثني ابن اخي الصادق
الامين وكان واللّه صدوقا: ان ربه ارسله بصلة الارحام، واقام
الصلاة،وايتاء الزكاة وكان يقول: اشكر ترزق، ولا تكفر تعذب.
(3) ما يروي عنه آله وذووه
من طرق العامة فحسب
اما رجال آل هاشم، وابناء عبدالمطلب، وولد ابي طالب، فلم
يؤثر عنهم الا الهتاف بايمانه الثابت، وان ماكان يؤثره في نصرة
النبي الاقدس (ص) كان منبعثا عن تدين بما صدع به (ص)
واهل البيت ادرى بما فيه.
قال ابن الاثير في جامع الاصول: وما اسلم من اعمام النبي
(ص) غير حمزة والعباس وابي طالب عند اهل‏البيت عليهم
السلام. انتهى.
نعم: هتفوا بذلك في اجيالهم وادوارهم بمل‏ء الافواه وبكل
صراحة وجبهوا من خالفهم في ذلك.
اذا قالت حذام فصدقوها
فان القول ما قالت حذام
1 قال ابن ابي الحديد في شرحه((1593)) (3/312): روي
باسانيد كثيرة بعضها عن العباس بن عبدالمطلب‏وبعضها عن
ابي بكر بن ابي قحافة: ان ابا طالب ما مات حتى قال: لا اله
الااللّه، محمد رسول اللّه. والخبرمشهور ان ابا طالب عند الموت
قال كلاما خفيا، فاصغى اليه اخوه العباس((1594))، وروي عن
علي (ع) انه‏قال: «ما مات ابو طالب حتى اعط‏ى رسول اللّه
(ص) من نفسه الرضا».
وذكر ابو الفداء والشعراني عن ابن عباس: ان ابا طالب لما اشتد
مرضه قال له رسول اللّه (ص): يا عم قلهااستحل لك بها
الشفاعة يوم القيامة يعني الشهادة، فقال له ابو طالب: يا بن
اخي لولا مخافة السبة وان‏تظن‏قريش ان ما قلتها جزعا من
الموت لقلتها. فلما تقارب من ابي طالب الموت جعل يحرك
شفتيه‏فاصغى‏اليه العباس باذنه وقال: واللّه يا بن اخي‏لقد قال
الكلمة التي امرته ان يقولها. فقال رسول اللّه(ص):
الحمد للّه الذي هداك يا عم((1595)).
وقال السيد احمد زيني دحلان في السيرة الحلبية((1596))
(1/94): نقل الشيخ السحيمي في شرحه على شرح‏جوهرة
التوحيد عن الامام الشعراني والسبكي وجماعة ان ذلك
الحديث اعني حديث العباس ثبت عندبعض اهل الكشف
وصح عندهم اسلامه.
قال الاميني : ذكرنا هذا الحديث مجاراة للقوم، والا فما كانت
حاجة ابي طالب مسيسة عند الموت الى التلفظ‏بتينك
الكلمتين اللتين كرس حياته الثمينة للهتاف بمفادهما في
شعره ونثره، والدعوة اليهما، والذب عمن‏صدع بهما، ومعاناة
الاهوال دونهما حتى يومه الاخير. ما كانت حاجة ابي طالب
مسيسة عندئذ الى التفوه‏بهما كامر مستجد، فمتى كفر هو؟
ومتى ضل؟ حتى يؤمن ويهتدي بهما، اليس من الشهادة قوله
الذي اسلفناه(ص‏331):
ليعلم خيار الناس ان محمدا
وزير لموسى والمسيح ابن مريم
اتانا بهدي مثل ما اتيا به
فكل بامر اللّه يهدي ويعصم
وانكم تتلونه في كتابكم
بصدق حديث لا حديث مبرجم
وقوله في (ص‏332):
امين حبيب في العباد مسوم
بخاتم رب قاهر في الخواتم
نبي اتاه الوحي من عند ربه
ومن قال لا يقرع بها سن نادم
وقوله في (ص‏332):
الم تعلموا انا وجدنا محمدا
رسولا كموسى خط في اول الكتب
وقوله في (ص‏334):
وظلم نبي جاء يدعو الى الهدى
وامر اتى من عند ذي العرش قيم
وقوله في (ص‏334):
فاصدع بامرك ما عليك غضاضة
وابشر بذاك وقر منك عيونا
ودعوتني وعلمت انك ناصحي
ولقد دعوت وكنت ثم امينا
ولقد علمت بان دين محمد
من خير اديان البرية دينا
وقوله في (ص‏335):
او تؤمنوا بكتاب منزل عجب
على نبي كموسى او كذي النون
وقوله في (ص‏337):
نصرت الرسول رسول المليك
ببيض تلالا كلمع البروق
اذب واحمي رسول الاله
حماية حام عليه شفيق
وقوله في (ص‏340):
فايده رب العباد بنصره
واظهر دينا حقه غير باطل
وقوله في (ص‏356):
واللّه لا اخذل النبي ولا
يخذله من بني ذو حسب
نحن وهذا النبي ننصره
نضرب عنه الاعداء بالشهب
وقوله في (ص‏345):
اتبغون قتلا للنبي محمد
خصصتم على شؤم بطول اثام
وقوله في (ص‏357):
فصبرا ابا يعلى على دين احمد
وكن مظهرا للدين وفقت صابرا
وحط من اتى بالحق من عند ربه
بصدق وعزم لا تكن حمز كافرا
فقد سرني اذ قلت انك مؤمن
فكن لرسول اللّه في اللّه ناصرا
وقوله وقد رواه ابو الفرج الاصبهاني:
زعمت قريش ان احمد ساحر
كذبوا ورب الراقصات الى الحرم((1597))
ما زلت اعرفه بصدق حديثه
وهو الامين على الحرائب والحرم
وقوله المروي من طريق ابي الفرج الاصبهاني كما في كتاب
الحجة((1598))(ص‏72) ومن طريق الحسن بن محمدبن
جرير كما في تفسير ابي الفتوح((1599))(4/212).
قل لمن كان من كنانة في العز
واهل الندى واهل المعالي
قد اتاكم من المليك رسول
فاقبلوه بصالح الاعمال
وانصروا احمدا فان من الل
ه رداء عليه غير مدال
وقوله من ابيات في شرح ابن ابي الحديد((1600)) (3/315):
فخير بني هاشم احمد
رسول الاله على فترة((1601))
ولو كان يؤثر اقل من هذا عن احد من الصحابة لطبل له، وزمر
من يتشبث بالطحلب في سرد الفضائل‏لبعضهم مغالاة فيهم،
لكني اجد اسلام ابي طالب مستعصيا فهمه على هؤلاء ولو صرخ
بالف هتاف من‏ضرائب هذه. لماذا؟ انا لا ادري!
2 اخرج ابن سعد في طبقاته((1602)) (1/105) عن عبيد اللّه
بن ابي رافع عن علي قال: اخبرت رسول اللّه(ص) بموت ابي
طالب، فبكى ثم قال: اذهب فاغسله وكفنه وواره غفر اللّه له
ورحمه.
وفي لفظ الواقدي: فبكى بكاء شديدا ثم قال: اذهب فاغسله. الخ.
واخرجه((1603)) ابن عساكر كما في اسنى‏المطالب(ص‏21)،
والبيهقي في دلائل‏النبوة، وذكره سبط ابن الجوزي
في‏التذكرة (ص‏6)، وابن ابي الحديد في شرحه (3/314)،
والحلبي في السيرة (1/373)، والسيد زيني دحلان في‏هامش
السيرة الحلبية (1/90)، والبرزنجي في نجاة ابي طالب
وصححه كما في اسنى المطالب (ص‏35) وقال:اخرجه ايضا ابو
داود، وابن الجارود، وابن خزيمة وقال: انما ترك
النبي(ص)المشي في جنازته اتقاء من‏شرسفهاء قريش. وعدم
صلاته لعدم مشروعى ة صلاة الجنازة يومئذ.
عن الاسلمي وغيره: توفي ابو طالب للنصف من شوال في
السنة العاشرة من حين نبئ رسول اللّه (ص)،وتوفيت خديجة
بعده بشهر وخمسة ايام فاجتمع على رسول اللّه (ص) عليها
وعلى عمه حزن شديدحتى‏سمي ذلك العام عام الحزن.
طبقات ابن سعد (1/106)، الامتاع للمقريزي (ص‏27)، تاريخ
ابن كثير (3/134)، السيرة الحلبية (1/373)،السيرة لزيني
دحلان هامش الحلبية (1/291)، اسنى المطالب
(ص‏11)((1604)).
لفت نظر : عين ابن سعد لوفاة ابي طالب يوم النصف من شوال
كما سمعت،وقال ابو الفداء في تاريخه(1/120) توفي في شوال،
واوعز القسطلاني في المواهب((1605)) (1/71) موته في شوال
الى القيل، وقال المقريزي‏في الامتاع (ص‏27): توفي اول ذي
القعدة وقيل: النصف من شوال، وقال الزرقاني في شرح
المواهب(1/291): مات بعد خروجهم من الشعب في ثامن عشر
رمضان سنة عشر، وفي الاستيعاب: خرجوا من‏الشعب في اول
سنة خمسين وتوفي ابو طالب بعده بستة اشهر فتكون وفاته
في رجب. انتهى. وهذاالاختلاف موجود في تليف الشيعة ايضا.
3 اخرج البيهقي عن ابن عباس: ان النبي (ص) عاد من جنازة
ابي طالب فقال: «وصلتك رحم، وجزيت‏خيرا يا عم‏» وفي لفظ
الخطيب: عارض النبي جنازة ابي طالب فقال: «وصلتك رحم،
جزاك اللّه خيرا ياعم‏».
دلائل النبوة للبيهقي، تاريخ الخطيب البغدادي (13/196)،
تاريخ ابن كثير(3/125)، تذكرة السبط (ص‏6)،نهاية الطلب
للشيخ ابراهيم الحنفي كما في الطرائف (ص‏86)، الاصابة
(4/116)، شرح شواهد المغني(ص‏136)((1606)).
وقال اليعقوبي في تاريخه((1607)) (2/26): لما قيل لرسول
اللّه: ان ابا طالب قد مات عظم ذلك في قلبه واشتد له‏جزعه،
ثم دخل فمسح جبينه الايمن اربع مرات وجبينه الايسر ثلاث
مرات، ثم قال: «يا عم ربيت‏صغيرا، وكفلت يتيما، ونصرت
كبيرا، فجزاك اللّه عني خيرا، ومشى بين يدي سريره وجعل
يعرضه ويقول:وصلتك رحم، وجزيت خيرا».
4 عن اسحاق بن عبداللّه بن الحارث قال: قال العباس: يا
رسول اللّه اترجو لابي طالب؟ قال: «كل‏الخيرارجو من رب ي‏».
اخرجه ابن سعد في الطبقات((1608)) (1/106) بسند صحيح
رجاله كلهم ثقات رجال الصحاح وهم: عفان بن‏مسلم، وحماد
بن سلمة، وثابت البنائي((1609))، واسحاق ابن عبداللّه.
واخرجه ابن عساكر((1610)) كما في الخصائص
الكبرى((1611)) (1/87)، والفقيه الحنفي‏الشيخ ابراهيم
الدينوري في‏نهاية الطلب كما في الطرائف((1612)) (ص‏68)،
وذكره ابن ابي الحديد في شرحه((1613)) (3/311)،
والسيوط‏ي في‏التعظيم والمنة (ص‏7) نقلا عن ابن سعد.
5 وعن انس بن مالك قال: اتى اعرابي الى رسول اللّه (ص)
فقال: يا رسول اللّه لقد اتيناك وما لنا بعيريئط، ولا صبي
يصطبح((1614))، ثم انشد:
اتيناك والعذراء يدمى لبانها
وقد شغلت ام الصبي عن الطفل
والقى بكفيه الصبي استكانة
من الجوع ضعفا ما يمر ولا يحلي
ولا شي‏ء مما ياكل الناس عندنا
سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل((1615))
وليس لنا الا اليك فرارنا
واين فرار الناس الا الى الرسل
فقام رسول اللّه (ص) يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد اللّه
تعالى واثنى عليه ثم قال: «اللهم اسقنا غيثامغيثا سحا طبقا غير
رائث، تنبت به الزرع وتملا به الضرع، وتحيي به الارض بعد
موتها، وكذلك‏تخرجون‏».