محاكمة حول سند الحديث

محاكمة حول سند الحديث

(وان احكم بينهم بما انزل اللّه ولا تتبع اهواءهم ((1-2048)) )

لقد اوقفك البحث والتنقيب البالغان على زرافات من علماء الامة وحفاظ الحديث ورؤساء المذهب السنة‏والجماعة رووا حديث الغدير، واخبتوا وسكنوا اليه، وعلى اخرين زووا عنه كل ريبة وشك، وحكموا بصحة اسانيدجمة من طرقه، وحسن طرق اخرى، وقوة طائفة منها، وهناك امة من فطاحل العلماء حكموا بتواتر الحديث، وشنعواعلى من انكر ذلك، ولقد علمت ان من رواه من الصحابة في ما وقفنا على روايته مائة وعشرة صحابي، ومر (ص‏155)ان الحافظ السجستاني رواه عن مائة وعشرين صحابيا، واسلفنا (ص‏158) عن الحافظ ابي العلاء الهمداني: انه رواه‏بمائتين وخمسين طريقا، وعليه فقس رواية التابعين ومن بعدهم في الاجيال المتاخرة، فلن تجد فيما يؤثر عن رسول‏اللّه(ص) حديثا يبلغ هذا المبلغ من الثبوت واليقين والتواتر. وقد افرد شمس الدين الجزري المترجم (ص‏129) رسالة في اثبات تواتره، ونسب منكره الى الجهل، فهو كمامر(ص‏307) عن الفقيه ضياء الدين المقبلي: ان لم يكن معلوما فما في الدين معلوم. و(ص‏295) عن العاصمي: حديث‏تلق ته الامة بالقبول، وهو موافق بالاصول. و(ص‏296) عن الغزالي: انه اجمع الجمهور على متنه. و(ص‏295): اتفق‏عليه جمهور اهل السنة. و(ص‏309) عن البدخشي: حديث صحيح مشهور، ولم يتكلم في صحته الا متعصب جاحد لااعتبار بقوله. و(ص‏297): انه حديث متفق على صحته، وان صدره متواتر يتيقن ان رسول اللّه قاله، وذيله زيادة قوية‏الاسناد. و(ص‏311): انه حديث صحيح قد اخطا من تكلم‏3 في صحته، و(ص‏310): انه حديث مشهور كثير الطرق‏جدا، و(ص‏310) من قول الالوسي: نعم ثبت عندنا انه(ص) قاله في حق علي، و(ص‏302): حديث صحيح لا مرية فيه،و(ص‏299، 301): انه متواتر عن النبي(ص) ومتواتر عن امير المؤمنين ايضا، رواه الجم الغفير، ولا عبرة بمن حاول‏تضعيفه ممن لا اطلاع له في هذا العلم، يعني علم الحديث، و(ص‏304): انه حديث صحيح لا مرية فيه ولا شك ينافيه،ولا يلتفت الى قول من تكلم في صحته، ولا الى قول من نفى الزيادة، و(ص‏299): انه متواتر لا يلتفت الى من قدح في‏صحته، وصح عن جماعة ممن يحصل القطع بخبرهم، و(ص‏295) عن الاصبهاني: حديث صحيح ثابت، لا اعرف له‏علة، قد رواه نحو مائة نفس منهم العشرة المبشرة… الى كلمات اخرى ذكرت مفصلة.

لكن بين ثنايا العصبية ومن وراء ربوات الاحقاد حثالة حدا بهم الانحياز عن مولانا امير المؤمنين صلوات اللّه عليه آالى تعكير هذا الصفو واقلاق تلك الطمانينة بكل جلبة ولغط، فمن منكر صحة صدور الحديث ((1-2049)) ، معللا بان علياكان باليمن، وما كان مع رسول اللّه في حجته تلك…الى اخر ينكر صحة صدر الحديث ((1-2050)) ويقول: لم يروه اكثرمن رواه، الى ثالث يضعف ذيله ((1-2051)) ويقول: لا ريب انه كذب، ورابع يطعن‏في‏اصله، ويعتبر الدعاء الملحق به ((1-2052)) ، ويقول: لم يخرج غير احمد الا الجزء الاخير من قوله(ص) : «اللهم وال من والاه…» الخ.

وقد عرفت تواتر الجميع والاتفاق على صحته ونصوص العلماء على اعتبار هذه كلها، غير ابهين بكل ما هناك من‏الصخب واللغب، فالاجماع قد سبق المهملجين ولحقهم، حتى لم يبق لهم في مستوى الاعتبار مقيلا.

وهناك من يقول تارة: انه لم يروه علماؤنا ((1-2053)) ، واخرى: انه لا يصح من طريق‏ا لثقات ((1-2054)) ، وقلده بعض‏مقلدي المتاخرين، وقال: لم يذكره الثقات من المحدثين ((1-2055)) ، 3وهو بنفسه يقول بتواتره في موضع اخر من كتابه.ونحن لا نقابل البادي والتابع الا بالسلام، كما امرنا اللّه سبحانه بذلك . ((1-2056))

وانا لا ادري ان قصر الباع لم يدع البادي يعرف علماء اصحابه، او ان يقف على الصحاح والمسانيد، او انه لا يقول بثقة‏كل اولئك الاعلام!

فان كان لا يدري فتلك مصيبة / وان كان يدري فالمصيبة‏ اعظم

وفي القوم من يلوك بين اشداقه انه ما اخرجه الا احمد في ((1-2057)) ، وهو مشتمل على الصحيح والضعيف.فكانه مسنده لم يقف على تاليف غير مسند احمد، او انه لم يوقفه السير على الاسانيد الجمة الصحيحة والقوية في الصحاح‏والمسانيد والسنن وغيرها، وكانه لم يطلع على ما افرده الاعلام بالتاليف حول احمد ومسنده، او لم‏يطرق سمعه مايقوله السبكي في طبقاته ((1-2058)) (1/201) من انه الف احمد مسنده، وهو اصل من اصول هذه الامة. قال الامام الحافظ ابو موسى المديني المترجم (ص‏116): مسند الامام احمد اصل كبير ومرجع وثيق لاصحاب‏الحديث، انتقي من احاديث كثيرة ومسموعات وافرة، فجعل اماما ومعتمدا، وعند التنازع ملجا ومستندا، على ما اخبرناوالدي وغيره بان المبارك بن عبدالجبار كتب اليهما من بغداد قال: اخبرنا…، ثم ذكر السند من طريق الحافظ ابن بطة‏الى احمد انه قال: ان هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من اكثر من سبعمائة وخمسين الفا، فما اختلف فيه المسلمون من‏حديث رسول اللّه فارجعوا اليه، فان كان فيه، والا ليس بحجة. وقال عبداللّه: قلت لابي: لم كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند، فقال: عملت هذا الكتاب اماما، اذا اختلف الناس‏في سنة عن رسول اللّه رجع اليه. وقال: قال ابو موسى المديني: ولم يخرج الا عمن ثبت عنده صدقه وديانته، دون من طعن في امانته. وقال ابو موسى: ومن الدليل على ان ما اودعه الامام احمد قد احتاط فيه‏اسنادا ومتنا لم يورد فيه الا ما صح سنده…ثم ذكر دليل مدعاه. انتهى ملخصا.

وكانه لم يقف على ما يقول الحافظ الجزري المترجم (ص‏129) من قصيدة له يمدح بها الامام احمد ومسنده، وذكرهافي المصعد الاحمد في ختم مسند احمد (ص‏45):

وان كتاب المسند البحر للرضا / فتى حنبل للدين اية مسند

حوى من حديث المصطفى كل جوهر / وجمع فيه كل در منضد

فما من صحيح كالبخاري جامعا / ولا مسند يلفى كمسند احمد

وهذا الحافظ السيوط‏ي يقول في ديباجة جمع الجوامع كما في كنز العمال ((1-2059)) (1/3): وكل ما في مسند احمد فهومقبول، فان الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن. فهب انا سالمنا الرجل على ما يقول، ولكن ما ذنب احمد؟ وما التبعة على المسند ان كان هذا الحديث من قسم‏الصحاح من رواياته؟ على انه ليس من الممكن مسالمته على تخصيص الرواية باحمد، واولئك رواته امم من الائمة‏ادرجوه في الصحاح والمسانيد، واخرجوه ثقة عن ثقة، ورجال كثير من اسانيده رجال الصحيحين.

وجاء اخر يقول ((1-2060)) : نقل حديث الغدير في غير الكتب الصحاح. ذاهلا عن ان الحديث اخرجه الترمذي في‏صحيحه، وابن ماجة في سننه، والدارقطني بعدة طرق، وضياء الدين المقدسي في المختارة ووو… وسمعت في (ص‏311) قول الشيخ محمد الحوت: رواه اصحاب السنن غير ابي داود، ورواه احمد وصححوه، واصحابه‏يقولون: انها كتب صحاح، فالعزو اليها معلم بالصحة.

وبهذا تعرف قيمة قول من قدح في صحته ((1-2061)) بعدم رواية الشيخين في صحيحيهما. وجاء اخر يصححه ويثبت‏حسنه وينقل اتفاق جمهور اهل السنة عليه، ويقول: وكم حديث صحيح ما اخرجه الشيخان، كما مر (ص‏304). ونحن نقول: حتى ان الحاكم النيسابوري استدرك عليهما كتابا ضخما لا يقل‏عن الصحيحين في الحجم، وصافقه على‏كثير مما اخرجه الذهبي في الملخص، وتجد في 3 تراجم العلماء مستدركات اخرى على الصحيحين.

وهذا الحاكم النيسابوري يقول في المستدرك ((1-2062)) (1/2): لم يحكما يعني البخاري ومسلم ولا واحد منهما بانه‏لم يصح من الحديث غير ما اخرجاه، وقد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة يشمتون برواة الاثار بان جميع مايصح‏عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة الاف حديث، وهذه الاسانيد المجموعة المشتملة على الف جزء او اقل او اكثرمنه كلها سقيمة غير صحيحة.

وقد سالني جماعة من اعيان اهل العلم بهذه المدينة وغيرها ان اجمع كتابا يشتمل على الاحاديث المروية باسانيديحتج محمد بن اسماعيل البخاري ومسلم ابن الحجاج بمثلها، اذ لا سبيل الى اخراج ما لا علة له، فانهمارحمهمااللّهلم يدعيا ذلك لانفسهما.

وقد خرج جماعة من علماء عصرهما ومن بعدهما عليهما احاديث قد اخرجاها وهي معلولة، وقد جهدت في الذب‏عنها في المدخل الى الصحيح بما رضيه اهل الصنعة، وانا استعين اللّه على اخراج احاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلهاالشيخان‏غ او احدهما، وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء اهل الاسلام، ان الزيادة في الاسانيد والمتون من الثقات‏مقبولة. انتهى.

وقال ‏الحافظ الكبيرالعراقي في فتح‏ المغيث ((1-2063)) (ص‏17) في‏ شرح‏ قوله‏ في‏ الفية‏ الحديث:

ولم يعماه ولكن قل ما / عند ابن الاخرم منه قد فاتهما

اي لم يعم البخاري ومسلم كل الصحيح، يريد لم يستوعباه في كتابيهما، ولم‏يلتزما ذلك، والزام الدارقطني وغيره اياهماباحاديث ليس بلازم، قال الحاكم في‏خطبة المستدرك: ولم يحكما ولا واحد منهما انه لم يصح من الحديث غير مااخرجاه. انتهى. قال البخاري: ما ادخلت في كتاب الجامع الا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول. وقال مسلم: ليس كل صحيح وضعته هنا، انما وضعت هنا ما اجمعوا عليه، يريد ما وجد عنده فيها شرائط المجمع عليه، وان لم‏يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم. وقال العراقي ايضا (ص‏19) في شرح قوله:

وخذ زيادة الصحيح اذ تنص‏ / صحته او من مصنف ينص ((1-2064))

يجمعه نحو ابن حبان الزكي / وابن خزيمة وكالمستدرك

لما تقدم ان البخاري ومسلما لم يستوعبا اخراج الصحيح، فكانه قيل: فمن اين‏يعرف الصحيح الزائد على ما فيهما؟فقال : خذه اذ تنص صحته، اي حيث ينص على صحته امام معتمد، كابي داود، والترمذي، والنسائي، والدارقطني،والخطابي، والبيهقي، في مصنفاتهم المعتمدة، كذا قيده ابن الصلاح بمصنفاتهم، ولم اقيده بها، بل اذا صح الطريق اليهم‏انهم صححوه ولو في غير مصنفاتهم، او صححه من لم يشتهر له تصنيف من الائمة، كيحيى بن سعيد القطان، وابن معين،ونحوهما، فالحكم كذلك على الصواب، وانما قيده ابن الصلاح بالمصنفات، لانه ذهب الى انه ليس لاحد في هذه‏الاعصار ان يصحح الاحاديث، فلهذا لم يعتمد على صحة السند الى من صححه في غير تصنيف مشهور. ويؤخذالصحيح ايضا من المصنفات المختصة بجمع الصحيح فقط، كصحيح ابي بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة، وصحيح‏ابي حاتم محمد بن حبان، وكتاب المستدرك على الصحيحين لابي عبداللّه الحاكم، وكذلك ما يوجد في المستخرجات‏على الصحيحين من زيادة او تتمة لمحذوف فهو محكوم بصحته. انتهى.

ولا يخفى على الباحث ان القرون الاولى لم يكن يوجد فيها شي‏ء من كل هذا اللغط امام ما اصحر به نبي الاسلام يوم‏الغدير. نعم، كان هناك شرذمة من اهل‏الحنق والاحقاد على ال اللّه، وكانوا ينحتون له قضية شخصية واقعة بين اميرالمؤمنين وزيد بن حارثة، كل ذلك تصغيرا لموقعه العظيم في النفوس، الى ان جاء المامون الخليفة العباسي، واحضراربعين من فقهاء عصره، وناظرهم في ذلك، واثبت عليهم حق القول في الحديث، كما مر (ص‏210)، ثم في القرن الرابع‏تلقته الامة بالقبول، واخبت له الحفاظ الاثبات من دون غمز فيه رادين عنه قول من يقدح فيه ممن لا يعرف باسمه‏ورسمه: بان عليا ما كان مع رسول‏اللّه في حجته تلك، كما مر (ص‏295).

وقد اسلفنا لك صريح كلمات الاعلام باتفاق جمهور اهل السنة على صحة الحديث واقوالهم في تواتره، وهناك اعاظم‏مشايخ الشيخين البخاري ومسلم قد رووه باسانيد صحاح وحسان مخبتين اليه، وفيهم جمع من الذين يروي عنهم‏3الشيخان باسانيدهم في الصحيحين من مشيخة القرن الثالث، الا وهم:

محمد صاعقة: المتوفى (255). وغيرهم ((1-2065)) .

فعدم اخراج البخاري ومسلم هذا الحديث المتفق على صحته وتواتره والحال هذه لا يكون قدحا في الحديث ان لم‏يكن نقصا في الكتابين ومؤلفيهما، وكان الشيخ محمود القادري فطن لهذا وحاول بقوله المذكور (ص‏304) : وكم‏حديث صحيح ما اخرجه الشيخان تقديس ساحة الكتابين ومؤلفيهما عن هذا النقص. لا انه اراد اثبات صحة‏الحديث بذلك، كيف؟ وهو يقول: اتفق على ما ذكرنا جمهور اهل السنة.

وغير خاف على النابه البصير ان البادي بخلاف الاجماع في رد الحديث هو ابن حزم الاندلسي ((1-2066)) ، وهو يقول:ان‏الام ة لا تجتمع على خطا. ثم تبعه في ذلك ابن تيمية، وجعل قوله مدرك قدحه في الحديث، ولم يجد غميزة فيه غيره‏بيد انه زاد عليه قوله: نقل عن البخاري وابراهيم الحراني وطائفة من اهل العلم بالحديث انهم طعنوا فيه وضعفوه، ذاهلاعن قوله في منهاج السنة (4/13): ان قصة الغدير كانت في مرتجع رسول اللّه(ص) من حجة الوداع، وقد اجمع الناس‏على هذا. ثم قلدهما من راقه الانحياز عن الحق الثابت من نظراء التفتازاني والقاضي‏الايجي والقوشجي والسيد الجرجاني،وزادوا ضغثا على ابالة، فلم يكتفوا في رد 3 الحديث بعدم اخراج الصحيحين، ولم يقفوا على فرية ابن تيمية في عزوه‏الطعن الى البخاري والحراني، او ما راقتهم النسبة الى البخاري والحراني لمكان ضعف الناقل ابن تيمية عندهم،فقالوا بارسال المسلم: قد طعن فيه ابن ابي داود وابو حاتم السجستاني. ثم جاء ابن حجر فزاد على ابي داودوالسجستاني قوله: وغيرهم…الى ان جاد الدهر بالهروي، فزحزح السجستاني، ووضع في محله الواقدي وابن خزيمة،فقال في السهام الثاقبة: قدح في صحة الحديث كثير من ائمة الحديث، كابي داود،والواقدي، وابن خزيمة، وغيرهم من ‏الثقات.

لا ادري ما اجراهم على الرحمن (وقد خاب من افترى) ((1-2067)) ، وما عساني ان اقول في بحاثة يذكر هذه النسب المفتعلة‏على ائمة الحديث وحفاظ السنة في كتابه؟ الا مسائل هؤلاء عن مصدر هذه النقول والاضافات؟ افي مؤلف وجدوها؟فما هو؟ واين هو؟ ولم لم يسموه؟ ام عن المشايخ رووها؟ فلم لم يسندوها؟ الا مسائل هؤلاء كيف خفي طعن مثل‏البخاري وقرنائه في الحديث على ذلك الجم الغفير من الحفاظ والاعلام ومهرة الفن في القرون الاولى الى القرن السابع‏والثامن قرن ابن تيمية ومقلديه، فلم يفه به احد، ولا يوجد منه اثر في اي تاليف ومسند، او انهم اوقفهم السير عليه،ولكنهم‏لم يروا في سوق الحق له قيمة، فضربوا عنه صفحا؟

وبعد هذا كله فاين تجد مقيل القول بانكار تواتره من مستوى الحقيقة؟ والقول بان الشيعة اتفقوا على اعتبار التواتر فيمايستدل به على الامامة، فكيف يسوغ لهم الاحتجاج بحديث الغدير وهو من الاحاد؟ ((1-2068)) يقول الرجل ذلك وهويرى الحديث متواترا لرواية ثمانية صحابة ((1-2069)) ، وان في القوم من يرى الحديث متواترا لرواية اربعة من الصحابة‏له، ويقول: لا تحل مخالفته ((1-2070)) ، ويجزم بتواتر حديث «الائمة من قريش‏» ((1-2071)) ، ويقول: رواه انس بن‏مالك، وعبداللّه بن عمر، ومعاوية، وروى معناه‏جابر بن عبداللّه، وجابر بن سمرة، وعبادة بن الصامت. واخر يقول ذلك في حديث اخر رواه علي عن النبي(ص) ويرويه عن علي اثنا عشر رجلا فيقول ((1-2072)) : هذه اثنتاعشرة طريقا اليه، ومثل هذا يبلغ حد التواتر. واخر يرى حديث: «تقتلك الفئة الباغية‏» متواترا، ويقول ((1-2073)) : تواترت الروايات به، روي ذلك عن عماروعثمان وابن مسعود وحذيفة وابن عباس في اخرين، وجود السيوط‏ي قول من حدد التواتر بعشرة، وقال في الفيته ((1-2074)) (ص‏16):

وما رواه عدد جم يجب / احالة اجتماعهم على الكذب

فمتواتر وقوم حددوا / بعشرة وهو لدي اجود

هذه نظريتهم المشهورة في تحديد التواتر، لكنهم اذا وقفوا على حديث الغديراتخذوا له حدا اعلى لم تبلغه رواية مائة‏وعشرة صحابي او اكثر بالغا ما بلغ.

ومن غرائب اليوم ما جاء به احمد امين في كتابه ظهر الاسلام تعليق (ص‏194): من انه يرويه الشيعة عن البراء بن‏عازب. وانت تعلم ان نصيب رواية البراء من اخراج علماء اهل السنة اوفر من كثير من روايات الصحابة، فقد عرفت(ص‏18، 19، 20) و(ص‏272 283): انه اخرجها ما يربو على‏الاربعين رجلا من فطاحل علمائهم، وفيهم مثل احمدوابن ماجة والترمذي والنسائي وابن ابي شيبة ونظرائهم، وجملة من اسانيدها صحيحة رجالها كلهم ثقات، لكن احمدامين راقه ان تكون الرواية معزوة الى الشيعة فحسب، اسقاطا للاحتجاج‏بها، وليس‏هذا ببدع من‏تقولاته في‏صحائف‏اسلامه صبحا وضحى وظهرا.

( كبرت كلمة تخرج من افواههم ان يقولون الا كذبا # فلعلك باخع نفسك على اثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا ((1-2075)) ).