وفي لفظ الطبري في تاريخه: ايها الناس اقصدوا بنا نحو هؤلاء
الذين يبغون دم‏ابن عفان، ويزعمون انه قتل‏مظلوما.
راجع ((477)): كتاب صفين لابن مزاحم طبع مصر (ص‏361،
369)، تاريخ الطبري (7/21)، الكامل لابن الاثير(3/123)، شرح
ابن ابي الحديد (1/504)، تاريخ ابن كثير (7/266)، جمهرة
الخطب (1/81).
2 خطب معاوية يوم وفد اليه وفد ((478)) بعثه اليه امير
المؤمنين (ع) فقال:
اما بعد، فانكم دعوتم الى الطاعة والجماعة، فاما الجماعة التي
دعوتم اليها فمعنا هي، واما الطاعة لصاحبكم‏فانا لا نراها، ان
صاحبكم قتل خليفتنا، وفرق جماعتنا، وآوى ثارنا وقتلتنا،
وصاحبكم يزعم انه لم يقتله،فنحن لا نرد ذلك عليه، ارايتم
قتلة صاحبنا؟ الستم تعلمون انهم اصحاب صاحبكم؟
فليدفعهم الينافلنقتلهم به، ثم نحن نجيبكم الى الطاعة
والجماعة.
فقال له شبث بن ربعي: ايسرك يا معاوية انك امكنت من عمار
تقتله؟ وفي لفظ ابن كثير: لو تمكنت من عماراكنت قاتله
بعثمان؟ فقال معاوية: وما يمنعني من ذلك؟ واللّه لو امكنت
((479)) من ابن سمية ما قتلته بعثمان(رضى‏ا...عنه)، ولكن
كنت قاتله بناتل‏مولى عثمان.
فقال شبث: واله الارض واله السماء ما عدلت معتدلا، لا والذي
لا اله الا هو، لا تصل الى عمار حتى تندرالهام عن كواهل
الاقوام، وتضيق الارض الفضاء عليك برحبها. الخ.
كتاب صفين لابن مزاحم (ص‏223)، تاريخ الطبري (6/3)،
الكامل لابن الاثير (3/124)، شرح ابن ابي‏الحديد (1/344)،
تاريخ ابن كثير (7/257)، جمهرة الخطب (1/158) ((480)).
3 ارسل امير المؤمنين ابنه الحسن وعمار بن ياسر الى الكوفة،
فلما قدماها كان اول من اتاهما مسروق بن‏الاجدع فسلم
عليهما، واقبل على عمار فقال: يا ابا اليقظان علام قتلتم
عثمان (رضى‏ا...عنه)؟ قال: على شتم‏اعراضنا، وضرب ابشارنا
((481)). فقال: واللّه ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به، ولئن
صبرتم لكان خيراللصابرين.
فخرج ابو موسى، فلقي الحسن فضمه اليه، واقبل على عمار
فقال: يا ابا اليقظان اعدوت ((482)) فيمن عدا على‏امير
المؤمنين، فاحللت نفسك مع الفجار؟ قال: لم افعل ولم
يسؤني، فقطع عليهما الحسن، فاقبل على ابي‏موسى فقال: «يا
ابا موسى لم تثبط الناس عنا؟ فواللّه ما اردنا الا الاصلاح، وما
مثل امير المؤمنين يخاف‏على شي‏ء»، فقال: صدقت بابي‏انت
وامي، ولكن‏المستشار مؤتمن، سمعت رسول‏اللّه(ص) يقول:
«انهاستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من
الماشي، والماشي خير من الراكب‏»، وقد جعلنا اللّهعز وجل
اخوانا وحرم علينا اموالنا ودماءنا وقال: (يا ايها الذين آمنوا لا
تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل الاان‏تكون تجارة عن تراض منكم
ولا تقتلوا انفسكم ان اللّه كان بكم رحيما) ((483)) وقال عز
وجل: (ومن‏يقتل مؤمنامتعمدا فجزاؤه جهنم) ((484)) الاية.
فغضب عمار وساءه، وقام وقال: يا ايها الناس انما قال رسول اللّه
له‏خاصة: «انت فيها قاعدا خير منك قائما». وقام رجل من بني
تميم فقال لعمار: اسكت ايها العبد انت امس مع‏الغوغاء واليوم
تسافه اميرنا. وثار زيد بن صوحان. الحديث ((485)).
تاريخ الطبري (5/187)، شرح ابن ابي الحديد (3/285)، الكامل
لابن الاثير (3/97) ((486)).
4 قال الباقلاني في التمهيد (ص‏220): روي ان عمارا كان
يقول: عثمان كافر. وكان يقول بعد قتله: قتلناعثمان يوم قتلناه
كافرا. وهذا سرف عظيم من خرج الى ما هو دونه استحق الادب
من الامام. فلعل عثمان‏انتهره وادبه لكثرة قوله: قد خلعت
عثمان وانا بري‏ء منه، فادى الادب الى فتق امعائه، ولو ادى
الادب الى‏تلف النفس لم يكن بذلك ماثوما ولا مستحقا للخلع،
فاما ان يكون ضربه باطلا، واما ان يكون صحيحافيكون ردعا
وتاديبا ونهيا عن الاغراق والسرف، وذلك صواب من فعل
عثمان وهفوة من عمار.
قال الاميني : هذه التمحلات تضاد ما صح وثبت عن النبي
الاقدس في عمار، ونحن لا يسعنا تكذيب‏النبي‏الصادق الامين
تحفظا على كرامة اي ابن انثى فضلا عن ان يكون من ابناء
الشجرة المنعوتة في‏القرآن.
5 روى ابو مخنف، عن موسى بن عبدالرحمن بن ابي ليلى،
عن ابيه، قال:اقبلنا مع الحسن وعمار بن ياسرمن ذي قار، حتى
نزلنا القادسية، فنزل الحسن وعمار، ونزلنا معهما، فاحتبى
عمار بحمائل سيفه، ثم جعل‏يسال الناس عن اهل الكوفة وعن
حالهم، ثم سمعته يقول: ما تركت في نفسي حزة اهم الي من
الا نكون‏نبشنا عثمان من قبره ثم احرقناه بالنار.
شرح ابن ابي الحديد ((487)) (3/292).
6 جاء في محاورة وقعت بين عمار بن ياسر وعمرو بن العاص،
فيما اخرجه نصر في كتابه: قال له عمرو: فماترى في قتل
عثمان؟ قال: فتح لكم باب كل سوء. قال عمرو: فعلي قتله، قال
عمار: بل اللّه رب علي قتله‏وعلي معه. قال عمرو: اكنت فيمن
قتله؟ قال: كنت مع من قتله وانا اليوم اقاتل معهم. قال
عمرو:فلم‏قتلتموه؟ قال عمار: اراد ان يغير ديننا فقتلناه. فقال
عمرو: الا تسمعون؟ قد اعترف بقتل‏عثمان. قال‏عمار: وقد قالها
فرعون قبلك لقومه الا تستمعون؟ الحديث.
كتاب صفين لابن مزاحم (ص‏384)، شرح ابن ابي الحديد
(2/273) ((488)).
7 ان عمار بن ياسر نادى يوم صفين ((489)): اين من يبغي
رضوان ربه ولا يؤوب الى مال ولا ولد؟ قال: فاتته‏عصابة من
الناس، فقال: ايها الناس اقصدوا بنا نحو هؤلاء القوم الذين
يبغون دم عثمان ويزعمون انه قتل‏مظلوما، واللّه ان كان الا
ظالما لنفسه، الحاكم بغير ما انزل اللّه.
كتاب صفين ((490)) (ص‏369).
وفي الفتنة الكبرى ((491)) (ص‏171): فقد روي ان عمار بن
ياسر كان يكفر عثمان ويستحل دمه ويسميه‏نعثلا.
قال الاميني : هذا الصحابي البطل الذي عرفته في صفحة (20
28) من هذاالجزء، عمار بن ياسر المعني في‏عدة آيات كريمة
من الذكر الحكيم، ومصب الثناء البالغ المتكرر المستفيض من
صاحب الرسالة، من ذلك:انه ملئ ايمانا من قرنه الى قدمه، وانه
مع الحق والحق معه يدور معه اينما دار، وانه ما عرض عليه
امران‏الااخذ بالارشد منهما، وان ه من نفر تشتاق اليهم الجنة،
وانه جلدة بين عينيه (ص)، وانه تقتله الفئة‏الباغية، فمعتقد
هذا الرجل العظيم، وهو متلفع بهاتيك الفضائل كلها في
الخليفة ما تراه يكرره من انه كان‏ظالما لنفسه، حاكما بغير ما
انزل اللّه، مريدا تغيير دين اللّه تغييرا اباح لهم قتله، وانه قتله
الصالحون، المنكرون‏للعدوان، الامرون بالاحسان، الى ما لهذه
من عقائد تركته جازما بما نطق به، مصرا على ما ارتكبه،
معترفابانه كان مع المجهزين عليه، متاسفا على ما فاته من
نبش قبره واحراقه بالنار، فلم يبرح كذلك حتى اخذيقاتل
الطالبين بثاره مع قاتليه وخاذليه، مذعنا بان الثائرين له
مبطلون يجب قتالهم فلم يفتا على هذاالمعتقد حتى قتلته
الفئة الباغية، اصحاب معاوية، وقاتله وسالبه وباغضه في النار
نصا من النبي المختار(ص).

(9) حديث المقداد بن الاسود الكندي
فارس يوم بدر
قال اليعقوبي في تاريخه ((492)) (2/140) في بيعة عثمان
واستخلافه: مال قوم مع علي ابن ابي طالب، وتحاملوا في‏القول
على عثمان، فروى بعضهم قال: دخلت مسجد رسول اللّه،
فرايت رجلا جاثيا على ركبتيه يتلهف‏تلهف من كان الدنيا كانت
له فسلبها، وهو يقول: واعجبا لقريش، ودفعهم هذا الامر على
((493)) اهل بيت نبيهم،وفيهم اول المؤمنين، وابن عم رسول
اللّه، اعلم الناس وافقههم في دين اللّه، واعظمهم عناء في
الاسلام،وابصرهم بالطريق، واهداهم للصراط المستقيم، واللّه
لقد زووها عن الهادي المهتدي الطاهر النقي، وماارادوا اصلاحا
للامة، ولا صوابا في المذهب، ولكنهم آثروا الدنيا على الاخرة،
فبعدا وسحقا للقوم‏الظالمين.
فدنوت منه فقلت: من انت يرحمك اللّه، ومن هذا الرجل؟
فقال: انا المقداد بن عمرو، وهذا الرجل علي بن‏ابي طالب، قال:
فقلت: الا تقوم بهذا الامر فاعينك عليه؟ فقال: يابن اخي ان
هذا الامر لا يجزي فيه‏الرجل ولا الرجلان، ثم خرجت، فلقيت
اباذر، فذكرت له ذلك، فقال: صدق اخي المقداد، ثم اتيت
عبداللّهبن مسعود، فذكرت ذلك له، فقال: لقد اخبرنا فلم نال.
وذكر ابن عبد ربه في العقد ((494)) (2/260) في حديث بيعة
عثمان: فقال عمار بن ياسر لعبد الرحمن : ان اردت‏ان لا
يختلف المسلمون فبايع عليا، فقال المقداد بن الاسود: صدق
عمار ان بايعت عليا، قلنا: سمعنا واطعنا.قال ابن ابي سرح: ان
اردت ان لا تختلف قريش فبايع عثمان، ان بايعت عثمان
سمعنا واطعنا. فشتم عمار بن‏ابي سرح وقال: متى كنت تنصح
للمسلمين؟ فتكلم بنو هاشم وبنو امية، فقال عمار: ايها الناس
ان اللّهاكرمنا بنبينا واعزنا بدينه، فانى تصرفون هذا الامر عن
بيت نبيكم؟ فقال له رجل من بني مخزوم: لقدعدوت طورك
يابن سمية، وما انت وتامير قريش لانفسها؟ فقال سعد بن ابي
وقاص: افرغ قبل ان يفتتن‏الناس، فلا تجعلن‏ايها الرهط على
انفسكم سبيلا، ودعا عليا فقال: عليك عهداللّه وميثاقه
لتعملن‏بكتاب اللّهوسن ة نبيه وسيرة الخليفتين من بعده، قال:
«اعمل بمبلغ علمي وطاقتي‏». ثم دعا عثمان، فقال: عليك
عهد اللّهوميثاقه لتعملن بكتاب اللّه وسنة نبيه وسيرة
الخليفتين من بعده. فقال: نعم، فبايعه. فقال علي «حبوته
محاباة‏ليس ذا باول يوم تظاهرتم فيه علينا، اما واللّه ما وليت
عثمان الا ليرد الامر اليك، واللّه كل يوم هو في شان‏».فقال عبد
الرحمن: يا علي لا تجعل على نفسك سبيلا، فاني قد نظرت
وشاورت الناس،فاذا هم لا يعدلون‏بعثمان احدا، فخرج علي وهو
يقول: «سيبلغ الكتاب اجله‏»، قال المقداد: اما واللّه لقد تركته
من الذين يقضون‏بالحق وبه يعدلون، فقال: يا مقداد واللّه لقد
اجتهدت للمسليمن. قال: لئن كنت اردت بذلك اللّه فاثابك
اللّهثواب المحسنين. ثم قال المقداد : ما رايت مثل ما اوتي اهل
هذا البيت بعد نبيهم، ولا اقضى منهم بالعدل، ولااعرف بالحق،
اما واللّه لو اجد اعوانا. قال له عبدالرحمن: يا مقداد اتق اللّه فاني
اخشى عليك الفتنة.
واخرج ((495)) الطبري نحوه في تاريخه (5/37)، وذكره ابن
الاثير في الكامل (3/29، 30)، وابن ابي الحديد في‏شرح النهج
(1/65).
وفي لفظ المسعودي في المروج ((496)) (1/440): فقام عمار
في المسجد فقال: يا معشر قريش اما اذا صرفتم هذاالامر عن
اهل بيت نبيكم ها هنا مرة وها هنا مرة فما انا بمن ان ينزعه اللّه
[منكم] فيضعه في غيركم كمانزعتموه من اهله ووضعتموه في
غير اهله. وقام المقداد فقال: ما رايت مثل ما اوذي به اهل هذا
البيت بعدنبيهم. فقال له عبدالرحمن بن عوف: وما انت وذاك
يا مقداد بن عمرو؟ فقال: اني واللّه لاحبهم بحب‏رسول‏اللّه (ص)
وان الحق معهم وفيهم، يا عبد الرحمن اعجب من‏قريش وانما
تطولهم على الناس بفضل اهل‏هذا البيت قد اجتمعوا على
نزع سلطان رسول اللّه (ص) بعده من ايديهم، اما وايم اللّه يا
عبدالرحمن لواجد على قريش انصارا لقاتلتهم كقتالي اياهم مع
رسول اللّه (ص) يوم بدر. وجرى بينهم من الكلام‏خطب طويل
قد اتينا على ذكره في كتابنا اخبار الزمان في اخبار الشورى
والدار.
ومر في هذا الجزء (ص‏17): ان المقداد احد الجمع الذين كتبوا
كتابا عددوا فيه احداث عثمان وخوفوه ربه‏واعلموه انهم
مواثبوه ان لم يقلع. راجع حديث البلاذري ((497)) المذكور.
قال الاميني : لعلك تعرف المقداد ومبلغه من العظمة، ومبواه
من الدين، ومثواه من الفضيلة. قال ابوعمر: كان‏من الفضلاء
النجباء الكبار الخيار. هاجر الهجرتين وشهد بدرا والمشاهد
كلها، اول من حارب فارسا في‏الاسلام. كان فارسا يوم بدر، ولم
يثبت انه كان فيها على فرس غيره، وهو عند القوم احدالسبعة
الذين‏اظهروا الاسلام، واحد النجباء الاربعة عشر وزراء رسول
اللّه ورفقائه ((498)) سماه رسول‏اللّه(ص) اوابا، كما في‏حديث
اخرجه ابو عمر في الاستيعاب.
وانى يسع للباحث ان يستكنه ما لهذا الصحابي العظيم من
الفضائل، او يدرك شاوه وبين يديه قول رسول‏اللّه (ص) في
الثناء عليه: «ان اللّه امرني بحب اربعة، واخبرني انه يحبهم:
علي، والمقداد، وابو ذر، وسلمان‏»((499)).
وقوله (ص): «ان الجنة تشتاق الى اربعة: علي، وعمار، وسلمان،
والمقداد»، اخرجه ابو نعيم في حلية الاولياء(1/142).
فهذا الرجل‏الديني‏الذي يحبه‏اللّهويامر نبيه(ص)بحبه كان‏ناقما
على‏الخليفة واجدا على‏خلافته من‏اول يومه،متلهفا
على‏استخلافه تلهف من كان الدنيا كانت له فسلبها، وكان
يثبط الناس ويخذلهم عنه، ويرى امرته‏امرا من الامر ((500))
وادا، يعتقدها ظلما على اهل بيت العصمة، ويستنجد اعوانا
يقاتل بهم مستخلفيه كقتاله‏اياهم يوم بدر، هذا رايه في عثمان
من يوم‏الشورى قبل‏بوائقه، فكيف‏بعد ما شاهد منه من هنات
وهنات؟

(10) حديث حجر بن عدي الكوفي
سلام اللّه عليه وعلى اصحابه
ان معاوية بن ابي سفيان لما ولى المغيرة بن شعبة الكوفة في
جمادى سنة (41) دعاه فحمد اللّه واثنى عليه‏ثم‏قال: ام ا بعد،
فان لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا، وقد قال المتلمس
: ((501))
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا
وما علم الانسان الا ليعلما
وقد يجزي عنك الحكيم بغير التعليم، وقد اردت ايصاءك باشياء
كثيرة فانا تاركها اعتمادا على بصرك بمايرضيني، ويسعد
سلطاني، ويصلح به رعيتي، ولست تاركا ايصاءك بخصلة: لا
تتحم ((502)) عن شتم علي وذمه،والترحم على
عثمان‏والاستغفار له والعيب على اصحاب علي والاقصاء لهم
وترك الاسماع منهم، وباطراءشيعة عثمان رضوان اللّه عليه
والادناء لهم والاستماع منهم. فقال المغيرة: قد جربت وجربت
وعملت قبلك‏لغيرك فلم يذمم بي دفع ولا رفع ولا وضع،
فستبلو فتحمد او تذم. ثم قال: بل نحمد ان شاء اللّه.
فاقام المغيرة بالكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين واشهرا لا يدع
ذم علي والوقوع فيه، والعيب لقتلة عثمان‏واللعن لهم، والدعاء
لعثمان بالرحمة والاستغفار له والتزكية لاصحابه، فكان حجر
بن عدي اذا سمع ذلك‏قال: بل اياكم فذمم اللّه ولعن. ثم قام
فقال: ان اللّه عز وجل يقول: (كونوا قوامين بالقسط شهداء للّه)
((503))، وانااشهد ان من تذمون وتعيرون لاحق بالفضل، وان
من تزكون وتطرون اولى بالذم. فيقول له المغيرة: ياحجر لقد
رمي بسهمك اذ كنت انا الوالي عليك، يا حجر ويحك اتق
السلطان، اتق غضبه وسطوته،فان‏غضبة السلطان احيانا مم ا
يهلك امثالك كثيرا، ثم يكف عنه ويصفح، فلم يزل حتى كان
في آخرامارته، قام المغيرة فقال في علي وعثمان كما كان
يقول وكانت مقالته: اللهم ارحم عثمان بن عفان وتجاوز
عنه‏واجزه باحسن عمله فانه عمل بكتابك واتبع سنة نبيك
(ص) وجمع كلمتنا وحقن دماءنا وقتل مظلوما،اللهم فارحم
انصاره واولياءه ومحبيه والطالبين بدمه، ويدعو على قتلته.
فقام حجر بن عدي فنعر نعرة‏بالمغيرة سمعها كل من كان في
المسجد وخارجا منه وقال: انك لا تدري بمن تولع من هرمك
ايها الانسان،مر لنا بارزاقنا واعطياتنا فانك قد حبستها عنا
وليس ذلك لك، ولم يكن يطمع في ذلك من كان قبلك،
وقداصبحت بذم امير المؤمنين وتقريظ المجرمين. قال: فقام
معه اكثر من ثلثي الناس يقولون: صدق واللّه حجروبر، مر لنا
بارزاقنا واعطياتنا، فانا لا ننتفع بقولك هذا، ولا يجدي علينا
شيئا، واكثروا في مثل هذا القول‏ونحوه.
الى ان هلك المغيرة سنة (51)، فجمعت الكوفة والبصرة لزياد
بن ابي سفيان فاقبل حتى دخل القصربالكوفة ثم صعد المنبر
فخطب ثم ذكر عثمان واصحابه فقرظهم وذكر قتلته ولعنهم،
فقام حجر ففعل مثل‏الذي كان يفعل بالمغيرة.
قال محمد بن سيرين: خطب زياد يوما في الجمعة فاطال
الخطبة واخر الصلاة فقال له حجر بن عدي:الصلاة. فمضى في
خطبته ثم قال: الصلاة. فمضى في خطبته، فلما خشي حجر
فوت الصلاة ضرب بيده الى‏كف من الحصى وثار الى الصلاة
وثار الناس معه، فلما راى ذلك زياد نزل فصلى بالناس، فلما
فرغ من‏صلاته كتب الى معاوية في امره وكثر عليه فكتب اليه
معاوية: ان شده في الحديد ثم احمله الي، فلما ان جاءكتاب
معاوية اراد قوم حجر ان يمنعوه فقال: لا، ولكن سمع وطاعة.
فشد في الحديد ثم حمل الى معاوية[ثم] ساروا به وباصحابه
وهم:
1 الارقم بن عبداللّه الكندي من بني الارقم.
2 شريك بن شداد الحضرمي.
3 صيفي بن فسيل الشيباني.
4 قبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسي.
5 كريم بن عفيف الخثعمي من بني عامر ثم من قحافة.
6 عاصم بن عوف البجلي.
7 ورقاء بن سمي البجلي.
8 كدام بن حيان العنزي.
9 عبدالرحمن بن حسان العنزي.
10 محرز بن شهاب التميمي من بني منقر.
11 عبداللّه بن حوية السعدي من بني تميم.
واتبعهم زياد برجلين وهما: عتبة بن الاخنس السعدي، وسعيد
بن نمران الهمداني، فمضوا بهم حتى انتهوا الى‏مرج عذراء
بينها وبين دمشق اثنا عشر ميلا فحبسوا بها فجاء رسول
معاوية اليهم بتخلية ستة وبقتل‏ثمانية، فقال لهم رسول
معاوية: انا قد امرنا ان نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له
فان فعلتم تركناكم،وان ابيتم قتلناكم، وان امير المؤمنين
يزعم ان دماءكم قد حلت له بشهادة اهل مصركم عليكم غير انه
قدعفا عن ذلك، فابرؤوا من هذا الرجل نخل سبيلكم، قالوا:
اللهم انا لسنا فاعلي ذلك. فامر بقبورهم فحفرت‏وادنيت
اكفانهم، وقاموا الليل كله يصلون. فلما اصبحوا قال اصحاب
معاوية: يا هؤلاء لقد رايناكم‏البارحة قد اطلتم الصلاة واحسنتم
الدعاء فاخبرونا ما قولكم في عثمان؟ قالوا: هو اول من جار في
الحكم‏وعمل بغير الحق. فقال اصحاب معاوية: امير المؤمنين
كان اعلم بكم. ثم قاموا اليهم فقالوا: تبرؤون من‏هذا الرجل؟
قالوا: بل نتولاه ونتبرا ممن تبرا منه. فاخذ كل رجل منهم رجلا
ليقتله واقبلوا يقتلونهم واحداواحدا حتى قتلوا ستة وهم:
1 حجر. 2 شريك. 3 صيفي. 4 قبيصة. 5 محرز. 6
كدام.
اخذنا من القصة ما يهمنا ذكره. راجع ((504)): الاغاني لابي
الفرج (16/2 11)، تاريخ الطبري (6/141 160)،تاريخ ابن
عساكر (2/370 381)، الكامل لابن الاثير (3/202 210)،
تاريخ ابن كثير (8/49 55).
قال الاميني : هذه نظرية الصحابي العظيم حجر واصحابه
العظماء الصلحاء الاخيار في عثمان، فكانوا يرونه‏اول من جار
في الحكم وعمل بغير الحق، وكان حجر يراه من المجرمين
فيما جابه به المغيرة بالكوفة، وقد بلغ‏هو وزملاؤه الابرار من
ذلك حدا استساغوا القتل دون ما يرونه، وابوا ان يتحولوا عن
عقائدهم، وبرزالذين كتب عليهم القتل الى مضاجعهم،
فاستمرؤوا جرع الموت في سبيلها زعافا ممقرا.
(11) حديث عبد الرحمن بن حسان العنزي الكوفي
لما قتل حجر بن عدي سلام اللّه عليه وخمسة من اصحابه
رضوان اللّه عليهم، قال عبدالرحمن بن حسان‏وكريم بن عفيف
الخثعمي وكانا من اصحاب حجر : ابعثوا بنا الى امير
المؤمنين، فنحن نقول في هذاالرجل مثل مقالته. فبعثوا الى
معاوية فاخبروه، فبعث: ائتوني بهما. فالتفتا الى حجر، فقال له
العنزي: لاتبعد يا حجر ولا يبعد مثواك، فنعم اخو الاسلام كنت.
وقال الخثعمي نحو ذلك، ثم مضى بهما فالتفت‏العنزي، فقال
متمثلا:
كفى بشفاة القبر بعدا لهالك
وبالموت قطاعا لحبل القرائن
فلما دخل عليه الخثعمي قال له: اللّه اللّه يا معاوية انك منقول
من هذه الدارالزائلة الى الدار الاخرة الدائمة،ومسؤول عم اردت
بقتلنا وفيم سفكت دماءنا.فقال: ما تقول في علي؟ قال: اقول
فيه قولك، اتتبرا من دين‏علي الذي كان يدين اللّه به؟ وقام
شمر بن عبداللّه الخثعمي فاستوهبه، فقال: هو لك، غير اني
حابسه شهرا،فحبسه، ثم اطلقه على ان لا يدخل الكوفة ما دام
له سلطان، فنزل الموصل فكان ينتظر موت معاوية ليعودالى
الكوفة، فمات قبل معاوية بشهر.
واقبل على عبدالرحمن بن حسان، فقال له: يا اخا ربيعة ما
تقول في علي؟ قال: اشهد انه من الذاكرين اللّهكثيرا والامرين
بالمعروف والناهين عن المنكر والعافين عن الناس. قال: فما
تقول في عثمان؟ قال: هو اول من‏فتح ابواب الظلم، وارتج
ابواب الحق. قال: قتلت نفسك. قال: بل اياك قتلت، لا ربيعة
بالوادي يعني انه‏ليس ثم احد من قومه فيتكلم فيه فبعث به
معاوية الى زياد، وكتب اليه: ان هذا شر من بعثت به،
فعاقبه‏بالعقوبة التي هو اهلها، واقتله شر قتلة. فلما قدم به على
زياد بعث به الى قس الناطف ((505))، فدفنه حيا.
الاغاني لابي الفرج (16/10)، تاريخ الطبري (6/155)، تاريخ ابن
عساكر (2/379)، الكامل لابن الاثير(3/209) ((506)).
قال الاميني : انظر الى تصلب الرجل الديني في معتقده في
حق الرجلين: علي امير المؤمنين، وعثمان، وكيف‏بلغ من ذلك
حدا استباح فيه ان يراق دمه دون ان يعدل عما عقد عليه
ضميره، واخبتت اليه نفسه، وكان‏يرى من واجبه الاشادة بما
ذكر وان اريق عليه دمه الطاهر، واسيلت نفسه الزكية.

(12) حديث هاشم المرقال
خرج يوم صفين من عسكر معاوية فتى شاب وهو يقول:
انا ابن ارباب الملوك غسان
والدائن اليوم بدين عثمان
انبانا اقوامنا بما كان
ان عليا قتل ابن عفان
ثم شد فلا ينثني يضرب بسيفه، ثم جعل يلعن عليا ويشتمه
ويسهب في ذمه،فقال له هاشم بن عتبة: ان‏هذاالكلام بعده
الخصام، وان هذا القتال بعده الحساب. فات ق اللّه فانك راجع
الى ربك فسائلك عن هذاالموقف وما اردت به، قال: فاني
اقاتلكم لان صاحبكم لا يصلي كما ذكر لي، وانكم لا تصلون،
واقاتلكم ان‏صاحبكم قتل خليفتنا وانتم وازرتموه على قتله.
فقال له هاشم: وما انت وابن عفان؟ انما قتله اصحاب‏محمد
وقراء الناس حين احدث احداثا وخالف حكم الكتاب، واصحاب
محمد هم اصحاب الدين، واولى‏بالنظر في امور المسلمين، وما
اظن ان امر هذه الامة ولا امر هذا الدين عناك طرفة عين قط.
قال الفتى:اجل اجل واللّه لا اكذب فان الكذب يضر ولا ينفع،
ويشين ولا يزين. فقال له هاشم: ان هذا الامر لا علم‏لك به
فخله واهل العلم به، قال: اظنك واللّه قد نصحتني، وقال له
هاشم: واما قولك: ان‏صاحبنا لا يصل ي،فهو اول من صلى مع
رسول اللّه، وافقهه في دين اللّه، واولاه برسول اللّه، واما من ترى
معه فكلهم قارئ‏الكتاب، لا ينامون الليل تهجدا، فلا يغررك عن
دينك الاشقياء المغرورون. قال الفتى: يا عبداللّه اني
لاظنك‏امرا صالحا، واظنني مخطئا آثما، اخبرني هل تجد لي
من توبة؟ قال: نعم، تب الى اللّه يتب عليك، فانه يقبل‏التوبة عن
عباده ويعفو عن السيئات، ويحب التوابين ويحب المتطهرين.
الحديث ((507)).
قال الاميني : هذا هاشم المرقال الصحابي المقدس، وبطل
الدين العظيم، وهذا رايه في عثمان وهو يبوح به في‏موقف قتال
حصل من جراء قتله، مبررا فيه عمل المجهزين عليه، ويرى انه
خالف حكم الكتاب واحدث‏احداثا اباحت لاصحاب محمد (ص)
قتله وان من قتله هم اهل الدين والقرآن.

(13) حديث جهجاه بن سعيد الغفاري
ممن بايع تحت الشجرة ((508))
ورد من‏طريق‏ابي‏حبيبة انه‏قال: خطب عثمان‏الناس، فقام اليه
جهجاه الغفاري:فصاح: يا عثمان الا ان هذه‏شارف ((509)) قد
جئنا بها، عليها عباءة وجامعة، فانزل فلندرعك العباءة،
ولنطرحك في الجامعة ولنحملك على‏الشارف، ثم نطرحك
في جبل الدخان. فقال عثمان: قبحك‏اللّه وقبح ما جئت به. قال
ابوحبيبة: ولم يكن ذلك‏منه الا عن ملا من‏الناس، وقام
الى‏عثمان خيرته وشيعته من بني امية فحملوه فادخلوه الدار.
وجاء من‏طريق عبدالرحمن بن‏حاطب‏قال: انا انظر الى عثمان
يخطب على عصا النبي(ص)التي‏كان[يخطب] ((510))عليها
وابو بكر وعمر غ، فقال له جهجاه: قم يا نعثل فانزل عن‏هذا
المنبر. واخذالعصا فكسرها على‏ركبته‏اليمنى، فدخلت شظية
منها فيها، فبقي‏الجرح حتى‏اصابته‏الاكلة فرايتها تدود،
فنزل‏عثمان وحملوه وامر بالعصا فشدوها فكانت مضببة، فما
خرج بعد ذلك اليوم الا خرجة او خرجتين حتى‏حصر فقتل.
وفي لفظ البلاذري: خطب عثمان في بعض ايامه فقال له
جهجاه بن سعيد الغفاري: يا عثمان انزل ندرعك‏عباءة
ونحملك على شارف من الابل الى جبل الدخان كما سيرت
خيار الناس، فقال له عثمان: قبحك اللّهوقبح ما جئت به، وكان
جهجاه متغيظا على عثمان، فلما كان يوم الدار دخل عليه
ومعه عصا كان‏النبي(ص) يتخص ربها فكسرها على ركبته
فوقعت فيها الاكلة.
راجع ((511)) : الانساب للبلاذري (5/47)، تاريخ الطبري
(5/114)، الاستيعاب في ترجمة جهجاه، الكامل لابن‏الاثير
(3/70)، شرح ابن ابي الحديد (1/165)، الرياض النضرة(2/123)،
تاريخ‏ابن‏كثير(7/175)،الاصابة(1/253)، تاريخ‏الخميس
(2/260).
قال الاميني : جهجاه من اهل بيعة الشجرة الذين رضي اللّه
عنهم ورضوا عنه بنص الذكر الحكيم وهويستبيح خلع عثمان
ونفيه وتشهيره ملفوفا بعباءة مكبلا بالحديد الى جبل الدخان،
ولا يتحرج من هتكه‏وكسر مخصرته، وانما قال ما قاله وفعل ما
فعل بمحضر من المهاجرين والانصار، فلم يؤاخذه على ذلك
احدمنهم ولا رد عليه راد، فكانه كان يخبر عن صميم افئدتهم،
واظهر ما اضمروه، وجاء بما احبوه حتى قضى ماكان مقتضيا.
ان حدوث الجرح في ركبة جهجاه لولوج شي‏ء من كسرات
العصا فيها المتحول اكلة ان صح فمن ولائدالاتفاق وليس
بكرامة للقتيل، كما ان وقوع عبداللّه ابن ابي ربيعة المخزومي
والي عثمان على اليمن من مركبه‏وموته وقد جاء لنصرة عثمان
لم يكن نقمة ولا نكبة له. قال ابو عمر وغيره: جاء عبداللّه
المخزومي لينصره لماحصر فسقط عن راحلته بقرب مكة
فمات ((512)).
وقال البلاذري في الانساب ((513)) (5/87): اقبل عبداللّه
المخزومي وكان عامله على مخاليف الجند لينصره، فلماانتهى
الى بطن نخلة سقط عن راحلته فانكسرت رجله فانصرف الى
اهله.

(14) حديث سهل بن حنيف الانصاري
(15) حديث رفاعة بن رافع الانصاري
(16) حديث الحجاج بن غزية الانصاري
قال البلاذري في الانساب ((514)) (5/78): قال ابو مخنف في
روايته: ان زيد بن ثابت الانصاري قال: يا معشرالانصار انكم
نصرتم اللّه ونبيه فانصروا خليفته. فاجابه قوم منهم، فقال سهل
بن حنيف: يا زيد اشبعك‏عثمان من عضدان المدينة
والعضيدة نخلة قصيرة ينال حملها فقال زيد: لا تقتلوا الشيخ
ودعوه حتى‏يموت فما اقرب اجله. فقال الحجاج بن غزية
الانصاري احد بني النجار: واللّه لولم يبق من عمره الا
بين‏الظهر والعصر لتقربنا الى اللّه بدمه.
وجاء رفاعة بن مالك الانصاري ثم الزرقي بنار في حطب،
فاشعلها في احد البابين فاحترق وسقط، وفتح‏الناس الباب
الاخر واقتحموا الدار.
وفي لفظ للبلاذري ((515)) (ص‏90): قال زيد للانصار: انكم
نصرتم رسول‏اللّه(ص) فكنتم انصار اللّه فانصرواخليفته تكونوا
انصارا للّه مرتين. فقال الحجاج بن غزية: واللّه ان تدري هذه
البقرة الصيحاء ما تقول، واللّهلولم يبق من اجله الا ما بين العصر
الى الليل لتقربنا الى اللّه بدمه.
وقال ابن حجر في الاصابة (1/313): روى للحجاج بن غزية
اصحاب السنن حديثا صرح بسماعه فيه من‏النبي (ص) في
الحج، قال ابن المديني: هو الذي ضرب مروان يوم الدار حتى
سقط ((516)).
قال الاميني : نظرية هؤلاء الثلاثة ليست باقل صراحة من
نظريات اخوانهم المهاجرين‏والانصارفي‏استباحة دم الخليفة،
وازالته عن منصة الملك الاسلامي الديني.

(17) حديث ابي ايوب الانصاري
من السابقين من جلة الصحابة البدريين
قال في خطبة له: ان امير المؤمنين اكرمه اللّه قد اسمع من
كانت له اذن‏واعية، وقلب حفيظ، ان اللّه قداكرمكم به كرامة ما
قبلتموها حق قبولها، حيث نزل بين اظهركم ابن عم رسول اللّه
(ص)، وخيرالمسلمين وافضلهم وسيدهم بعده، يفقهكم في
الدين ويدعوكم الى جهاد المحلين، فواللّه لكانكم صم
لاتسمعون، وقلوبكم غلف مطبوع عليها فلا تستجيبون. عباد
اللّه اليس انما عهدكم بالجور والعدوان امس؟وقد شمل العباد ،
وشاع في الاسلام، فذو حق محروم مشتوم عرضه، ومضروب
ظهره، وملطوم وجهه،وموطوء بطنه، وملقى بالعراء، فلما
جاءكم امير المؤمنين صدع بالحق، ونشر العدل، وعمل
بالكتاب،فاشكروا نعمة اللّه عليكم ولا تتولوا مجرمين، ولا تكونوا
كالذين قالوا: سمعنا وهم لا يسمعون، اشحذواالسيوف، وجددوا
آلة الحرب، واستعدوا للجهاد، فاذا دعيتم فاجيبوا، واذا امرتم
فاطيعوا، تكونوا بذلك من‏الصادقين.
الامامة والسياسة (1/112) في طبع، وفي آخر (ص‏128)،
جمهرة الخطب (1/236) ((517)).
قال الاميني : هذا ابو ايوب الانصاري، عظيم الصحابة الذي
اختار اللّه داره منزلا لرسول اللّه (ص) من بين‏الانصار، وحسبه
ذلك شرفا، وهو من البدريين، وشهد المغازي كلها، وقد دعا له
رسول اللّه (ص) لما اخذشيئا من كريمته الشريفة بقوله: «لا
يصيبك السوء يا ابا ايوب‏» ((518))، وهذا يعم الاسواء الظاهرة
من‏قتل‏بهوان، واسر وسجن في مذلة، وامراض مخزية من جذام
وبرص وغيرهما واختلال في العقل، والاسواءالمعنوية من
تزحزح عن الايمان وتضعضع في العقيدة، وانحياز عن‏الدين،
فهو رضوان اللّه عليه مكلوء عن‏هذه كلها بتلك الدعوة المجابة،
وهو مع فضله هذا يعد عهد عثمان عهد جور وعدوان، ويعدد ما
حدث‏هنالك من البوائق النازلة على صلحاء الامة كابي ذر
وعمار وابن مسعود وغيرهم مما مر تفصيله، ولو لم‏يكن الا
شهادة ابي ايوب لكفت حجة في كل مهمة، فكيف وقد صافقه
على ما يقول سروات المهاجرين‏والانصار؟

(18) حديث قيس بن سعد بن عبادة الانصاري
سيد الخزرج، ( بدري )
1 من خطبة له خطبها بمصر، في اخذ البيعة لامير المؤمنين
علي صلوات اللّه عليه، قال: الحمد للّه الذي‏جاء بالحق، وامات
الباطل، وكبت الظالمين. ايها الناس، انا قد بايعنا خير من نعلم
بعد محمد نبينا، (ص)فقوموا ايها الناس فبايعوا على كتاب اللّه
وسنة رسوله (ص).
تاريخ الطبري (5/228)، الكامل لابن الاثير (3/115)، شرح ابن
ابي الحديد(2/23) ((519)).
2 من كتاب لمعاوية الى قيس بن سعد قبل وقعة صفين: اما
بعد، فانكم ان كنتم نقمتم على عثمان بن عفان(رضى‏ا...عنه)
في اثرة رايتموها، او ضربة سوط ضربها، او شتيمة رجل، او في
تسييره آخر، او في استعماله‏الفتي، فانكم قد علمتم ان كنتم
تعلمون ان دمه لم يكن يحل لكم، فقد ركبتم عظيما من الامر
وجئتم شيئا ادا،فتب الى اللّه عز وجل يا قيس بن سعد! فانك
كنت في المجلبين على عثمان بن عفان (رضى‏ا...عنه) ان
كانت‏التوبة من قتل المؤمن تغني شيئا.
فاما صاحبك فانا استيقنا انه الذي اغرى به الناس، وحملهم
على قتله حتى قتلوه، وانه لم يسلم من دمه‏عظم قومك، فان
استطعت يا قيس ان تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل، تابعنا
على امرنا ولك سلطان‏العراقين اذا ظهرت ما بقيت، ولمن
احببت من اهل بيتك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان،
وسلني غير هذامما تحب فانك لا تسالني شيئا الا اوتيته،
واكتب الي برايك فيما كتبت به اليك. والسلام.
فكتب اليه قيس:
اما بعد، فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه من قتل
عثمان (رضى‏ا...عنه)، وذلك امر لم اقارفه ولم اطف‏به. وذكرت
صاحبي هو اغرى الناس بعثمان، ودسهم اليه حتى قتلوه، وهذا
لم اطلع عليه، وذكرت عظم‏عشيرتي لم تسلم من دم عثمان،
فاول الناس كان فيه قياما عشيرتي. الخ.
وفي لفظ: فلعمري ان اولى الناس في امره عشيرتي. فلعمري
ان اول الناس كان فيه قياما عشيرتي ولهم‏اسوة.
تاريخ الطبري (5/227)، كامل ابن الاثير (3/116)، شرح ابن ابي
الحديد (2/23)، النجوم الزاهرة (1/99)،جمهرة الرسائل
(1/524) ((520)).
3 تحاور قيس بن سعد والنعمان بن بشير بين الصفين
بصفين، فقال النعمان: يا قيس بن سعد اما انصفكم‏من دعاكم
الى ما رضي لنفسه؟ انكم يا معشر الانصار اخطاتم في خذل
عثمان يوم الدار، وقتلكم انصاره‏يوم الجمل، واقحامكم على
اهل الشام بصفين، فلو كنتم اذ خذلتم عثمان خذلتم عليا كان
هذا بهذا، ولكنكم‏خذلتم حقا، ونصرتم باطلا، ثم لم ترضوا ان
تكونوا كالناس، شعلتم الحرب، ودعوتم الى البراز، فقد
واللّهوجدتم رجال الحرب من اهل الشام سراعا الى برازكم، غير
انكاس عن حربكم... الكلام.
فضحك قيس وقال: واللّه ما كنت اراك يا نعمان تجترئ على
هذا المقام، اما المنصف المحق فلا ينصح اخاه من‏غش نفسه،
وانت واللّه الغاش لنفسه، المبطل فيما نصح غيره.
اما ذكر عثمان‏فان‏كان‏الايجاز يكفيك‏فخذه:
قتل‏عثمان‏من‏لست خيرا منه، وخذله من هو خير منك،
وامااصحاب الجمل فقاتلناهم على النكث، واما معاوية فلو
اجتمعت العرب على بيعته لقاتلتهم الانصار، واماقولك: انا لسنا
كالناس، فنحن في هذه الحرب كما كنا مع رسول اللّه، نلقى
السيوف بوجوهنا والرماح‏بنحورنا، حتى جاء الحق وظهر امر اللّه
وهم كارهون. ولكن انظر يا نعمان هل ترى مع معاوية الا
طليقااعرابيا، او يمانيامستدرجا؟ وانظر اين‏المهاجرون‏والانصار
والتابعون باحسان،الذين رضي اللّه عنهم ورضواعنه؟ ثم انظر
هل ترى مع معاوية غيرك وصويحبك ((521))؟ ولستما واللّه
بدريين ولا عقبيين ((522)) ولا لكما سابقة في‏الاسلام ولا آية
في القرآن.
كتاب صفين لابن مزاحم (ص‏511)، الامامة والسياسة (1/94)،
وفي طبعة (ص‏83)، شرح ابن ابي الحديد(2/298)، جمهرة
الخطب (1/190) ((523)).
4 قدم المدينة قيس بن سعد، فجاءه حسان بن‏ثابت شامتا به،
وكان حسان عثمانيا، فقال له: نزعك علي‏بن‏ابي طالب وقد
قتلت عثمان، فبقي عليك الاثم، ولم يحسن لك الشكر. فقال
له قيس: يا اعمى القلب والبصر،واللّه لولا ان القي بين رهط‏ي
ورهطك حربا لضربت عنقك، اخرج عني.
تاريخ الطبري (5/231)، شرح ابن ابي الحديد (2/25) ((524)).
قال الاميني : ان فتى الانصار وامير الخزرج وابن اميرها قيس
بن سعد الذي تقدمت فضائله وفواضله في الجزء الثاني (ص‏69

110)، تراه يتبجح في كتابه الى معاوية بان عشيرته الانصار كانوا
اول الناس قياما في دم عثمان، وفي خطبته يرى ان الحق
المحيى مع مولانا امير المؤمنين، وان الباطل الذي اميت كان
في العهد البائد بقتل عثمان، وان المقتولين في واقعة الدار هم
الظالمون، واعطف على هذه كلها محاورته مع النعمان بن بشير
بصفين، فالكل لهجة واحدة من رئي في الدين والدنيا واحد.

(19) حديث فروة بن عمرو بن البياضي الانصاري
اخرج مالك في الموطا حديثه في باب العمل في القراءة،
وسكت عن اسمه ولم‏يسمه، بل ذكره بلقبه البياضي.وقال ابن
وضاح ((525)) وابن مزين ((526)): انما سكت مالك عن
اسمه، لانه كان ممن اعان على قتل عثمان.
وعقبه ابو عمر في الاستيعاب فقال: هذا لا يعرف ولا وجه لما
قالاه في ذلك ولم يكن لقائل هذا علم بما كان‏من الانصار يوم
الدار.
الاستيعاب ترجمة فروة، اسد الغابة (4/179)، الاصابة (3/204)،
شرح الموطا للزرقاني (1/152) ((527)).
قال الاميني : الذي يشهد ببطلان ما قالاه ان ما حسبوه جريمة
من فروة ان كان مسقطا لعدالته فالاخراج‏عنه باطل سماه او لم
يسمه، وان كان غير مسقط لها فهو مشمول لما عم الصحابة
عند القوم من الفضل‏والعدالة، وان روايته حجة يؤخذ بها ولا
يضره اذن الغاء الاسم، ثم ان كانت هذه الجريمة مما يؤاخذ
به‏صاحبه فهي عامة للانصار كلهم كما اوعز اليه ابو عمر بقوله:
لم يكن لقائل هذا علم بما كان من الانصار يوم‏الدار. فيجب
اسقاط رواياتهم او السكوت عن اسمائهم جمعاء. وبالجملة: ان
هذا الانصاري البدري‏عد مم ن‏اعان على قتل عثمان، ولم يشذ
في رايه عن الانصار او عن بقية الصحابة اجمع.

(20) حديث محمد بن عمرو الانصاري
احد المحامدة الذين سماهم رسول‏اللّه(ص) محمدا. قال ابو
عمر في‏الاستيعاب ((528)) في ترجمته: يقال: انه كان
اشدالناس على عثمان المحمدون: محمد بن ابي بكر، محمد
ابن ابي حذيفة، محمد بن عمرو بن حزم.

(21) حديث جابر بن عبداللّه الانصاري
الصحابي العظيم وقوم آخرين من الصحابة
لما فرغ الحجاج من امر ابن الزبير كنس المسجد الحرام من
الحجارة والدم واتته ولاية مكة والمدينة، وكان‏عبدالملك حين
بعثه لقتال عبداللّه بن الزبير عقد له على مكة ولكنه احب
تجديد ولايته اياها، فشخص‏الحجاج الى المدينة، واستخلف
على مكة عبدالرحمن بن نافع بن عبدالحارث الخزاعي، فلما
قدم المدينة اقام‏بها شهرا او شهرين فاساء الى اهلها واستخف
بهم وقال: انهم قتلة امير المؤمنين عثمان، وختم يد جابر
بن‏عبداللّه برصاص وايدي قوم آخرين كما يفعل بالذمة، منهم:
انس بن مالك ختم عنقه، وارسل الى سهل بن‏سعد فدعاه
فقال: ما منعك ان تنصر امير المؤمنين عثمان بن عفان؟ قال:
قد فعلت. قال: كذبت. ثم امر به‏فختم في عنقه برصاص.
انساب البلاذري (5/373)، تاريخ الطبري (7/206)، الكامل
لابن الاثير (4/149) ((529)).
قال الاميني : تعط‏ي هذه الرواية ان مؤاخذة الحجاج لبقية
الصحابة وفيهم جابر صاحب الحلقة في مسجدالنبي (ص)
يؤخذ منه العلم كما في الاصابة (1/213) كانت لتدخلهم في
واقعة عثمان بمباشرة او تخذيل‏عنه او بتقاعد عن نصرته، نحن
لا نقول بوثاقة الرجل فيما يرويه كما لا نقول بسداده فيما
يرتئيه، غيران‏الحالة تشهد ان تلكم النسبة كانت مشهورة بين
الملا فاحتج بها الحجاج على ما ارتكبه من اهانتهم ولم‏يظهر
من القوم اي انكار لما رموا به ردءا لعادية الطاغية، لكنهم صبروا
على البلاء وشدة النازلة ثباتا منهم‏على ما ارتكبوه في واقعة
الدار.

(22) حديث جبلة بن عمرو((530)) الانصاري
اخرج الطبري من طريق عثمان بن الشريد قال، مر عثمان على
جبلة بن عمرو الساعدي وهو بفناء داره‏ومعه جامعة، فقال: يا
نعثل واللّه لاقتلنك ولاحملنك على قلوص جرباء، ولاخرجنك
الى حرة النار،ثم‏جاءه مر ة اخرى وعثمان على المنبر فانزله
عنه.
واخرج من طريق عامر بن سعد، قال: كان اول من اجترا على
عثمان بالمنطق السي‏ء جبلة بن عمروالساعدي، مر به عثمان
وهو جالس في ندي قومه، وفي يد جبلة بن عمرو جامعة، فلما
مر عثمان سلم،فردالقوم، فقال جبلة: لم ترد ون على رجل
فعل كذا وكذا؟ قال: ثم اقبل على عثمان فقال: واللّه
لاطرحن‏هذه‏الجامعة في عنقك او لتتركن بطانتك هذه. قال
عثمان: اي بطانة؟ فواللّه اني لاتخير الناس. فقال:
مروان‏تخيرته! ومعاوية تخيرته! وعبداللّه بن عامر بن كريز
تخيرته! وعبداللّه بن سعد تخيرته! منهم من نزل القرآن‏بذمه
واباح رسول‏اللّه دمه ((531)) قال: فانصرف عثمان،فمازال
الناس مجترئين عليه الى هذا اليوم.
تاريخ الطبري (5/114)، الكامل لابن الاثير (3/70)، تاريخ ابن
كثير (7/176) شرح ابن ابي الحديد(1/165) ((532)).
واخرج البلاذري في الانساب ((533)) (5/47) الحديث الاول
باللفظ المذكور فقال: ثم اتاه وهو على المنبر فانزله،وكان اول
من اجترا على عثمان وتجهمه بالمنطق الغليظ واتاه يوما
بجامعة فقال: واللّه لاطرحنها في عنقك، اولتتركن بطانتك
هذه، اطعمت الحارث بن الحكم السوق وفعلت وفعلت، وكان
عثمان ولى الحارث السوق‏فكان يشتري الجلب ((534))
بحكمه ويبيعه بسومه، ويجبي مقاعد المتسوقين، ويصنع
صنيعا منكرا، فكلم في‏اخراج السوق من يده فلم يفعل.
وقيل لجبلة في امر عثمان وسئل الكف عنه، فقال: واللّه لا القى
اللّه غدا فاقول: انا اطعنا سادتنا وكبراءنافاضلونا السبيل.
واخرج ابن شبة في اخبار المدينة ((535)) من طريق
عبدالرحمن بن ازهر: انهم لما ارادوا دفن عثمان، فانتهوا
الى‏البقيع، فمنعهم من دفنه جبلة بن عمرو، فانطلقوا الى
حش كوكب فدفنوه فيه ((536)).
قال الاميني : انك جد عليم بما في هذا الرجل المبجل البدري
الذي اثنى عليه ابو عمر في الاستيعاب ((537)) بقوله:كان
فاضلا من فقهاء الصحابة. وهو احدالصحابة العدول الذين يحتج
بما رووه او راوه من شدة على عثمان‏وثبات عليها، حتى انه يعد
المحايدة يومئذ من الضلال الذي يامر به السادة والكبراء
الضالون، ويهدد عثمان‏ويرعد ويبرق وينهى عن رد السلام عليه
الذي هو تحية المسلمين، ومن الواجب شرعا ردها، وينزله
عن‏منبر الخطابة انزالا عنيفا بين الملا، ثم لم يزل يستخف به
ويهينه ولا تاخذه فيه هوادة حتى منعه عن الدفن‏في البقيع،
فدفن في حش كوكب مقابر اليهود، وكل هذه لا تلتئم مع
حسن ظنه به فضلا عن حسن‏عقيدته.
نعم، ان جبلة فعل هذه الافاعيل بين ظهراني الملا الديني
الصحابة العدول وهم بين متجمهر معه، ومخذل عن‏الخليفة
المقتول، ومتثبط عنه، وراض بما دارت على الخليفة من دائرة
سوء، ما خلا شذاذا من الامويين‏الذين وصفهم جبلة في بيانه،
وقدمنا نحن تفصيل ما نزل من القرآن فيهم في الجزء الثامن
((539))، ولم تقم الجامعة‏الدينية لهم ولارائهم وزنا.

(23) حديث محمد بن مسلمة الانصاري
اخرج الطبري، من طريق محمد بن مسلمة، قال: خرجت في
نفر من قومي الى المصريين وكان رؤساؤهم‏اربعة: عبدالرحمن
بن عديس البلوي، وسودان بن حمران المرادي، وعمرو بن
الحمق الخزاعي، وابن‏النباع ((539))، قال: فدخلت عليهم
وهم في خباء لهم اربعتهم، ورايت الناس لهم تبعا، قال:
فعظمت حق عثمان،وما في رقابهم من البيعة، وخوفتهم
بالفتنة، واعلمتهم ان في قتله اختلافا وامرا عظيما، فلاتكونوا
اول من‏فتحه، وانه ينزع عن هذه الخصال التي نقمتم منها
عليه، وانا ضامن لذلك. قال القوم: فان لم ينزع؟ قال:قلت:
فامركم اليكم. قال: فانصرف القوم وهم راضون، فرجعت الى
عثمان، فقلت: اخلني. فاخلاني، فقلت:اللّه اللّه يا عثمان في
نفسك، ان هؤلاء القوم انما قدموا يريدون دمك وانت ترى
خذلان اصحابك لك، لابل هم‏يقوون عدوك عليك، قال:
فاعطاني الرضا، وجزاني خيرا. قال: ثم خرجت من عنده فاقمت
ما شاء اللّه ان‏اقيم.
قال: وقد تكلم عثمان برجوع المصريين، وذكر انهم جاؤوا لامر
فبلغهم غيره فانصرفوا. فاردت ان آتيه‏فاعنفه، ثم سكت فاذا
قائل يقول: قد قدم المصريون وهم بالسويداء ((540)) قال:
قلت: احق ما تقول؟ قال: نعم.قال: فارسل الي عثمان، قال: واذا
الخبر قد جاءه، وقد نزل القوم من ساعتهم ذا خشب ((541))
فقال: يا اباعبدالرحمن هؤلاء القوم قد رجعوا، فما الراي فيهم؟
قال: قلت: واللّه ما ادري، الا اني اظن انهم لم يرجعوالخير، قال:
فارجع اليهم فارددهم، قال: قلت: لا واللّه ما انا بفاعل، قال:
ولم؟ قال: لاني ضمنت لهم اموراتنزع عنها، فلم تنزع عن حرف
منها، قال: فقال: اللّه المستعان.
قال: وخرجت وقدم القوم وحلوا بالاسواف وحصروا عثمان.
وجاءني‏عبدالرحمن بن عديس ومعه سودان‏بن حمران
وصاحباه، فقالوا: يا ابا عبدالرحمن الم تعلم انك كلمتنا ورددتنا
وزعمت ان صاحبنا نازع عمانكره؟ فقلت: بلى، فاذا هم
يخرجون الي صحيفة صغيرة، واذا قصبة من رصاص، فاذا هم
يقولون: وجدناجملا من ابل الصدقة عليه غلام عثمان، فاخذنا
متاعه ففتشناه، فوجدنا فيه هذا الكتاب. الحديث ياتي‏بتمامه
. ((542))
تاريخ الطبري (5/118)، الكامل لابن الاثير (3/70) ((543)).
قال الاميني : انك تجد محمد بن مسلمة هاهنا لا يشك في ان
ما نقمه القوم على الخليفة موبقات يستحل بهاهتك الحرمات
ممن ارتكبها، لكنه كره المناجزة‏وحاول الاصلاح حذار الفتنة
المستتبعة لطامات وهنابث،وسعى سعيه في رد القوم بضمانه
عسى ان ينزع الخليفة عما فرط في جنب اللّه، وان يكون ذلك
توبة نصوحا،فلعل الفورة تهدا، ولهيب الثورة يخبا، لكنه لما
شاهد الفشل في مسعاه، واخفق ظنه بعثمان، وراى منه
حنث‏الال، وعدم النزوع عن احداثه، تركه والقوم، فارتكبوا منه
ما ارتكبوا ولم يجبه حينما استنصره، ولم يقم‏لطلبته وزنا، ولم
ير له حرمة يدافع بها عنه، ولذلك خاشنه في القول، فكان ما
كان مقضيا.

(24) حديث ابن عباس
(ص) حبر الامة ابن عم النبي الاعظم
1 اخرج ابوعمر في الاستيعاب ((544))، في ترجمة مولانا
امير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه من طريق طارق،قال: جاء
ناس الى ابن عباس، فقالوا: جئناك نسالك، فقال: سلوا عما
شئتم، فقالوا: اي رجل كان ابو بكر؟فقال: كان خيرا كله. او قال:
كالخير كله، على حدة كانت فيه. قالوا: فاي رجل كان عمر؟
قال: كان كالطائرالحذر الذي يظن ان له في كل طريق شركا.
قالوا: فاي رجل كان عثمان؟ قال: رجل الهته نومته عن
يقظته.قال: فاي رجل كان علي؟ قال: كان قد ملئ جوفه حكما
وعلما وباسا ونجدة مع قرابته من رسول اللّه(ص) وكان يظن
ان لا يمد يده الى‏شي‏ء الا ناله، فما مد يده الى شي‏ء فناله.