2 من كتاب لمعاوية
الى ابن عباس: لعمري لو قتلتك بعثمان
رجوت ان يكونذلك للّه رضا، وان يكون راياصوابا،
فانك من
الساعين عليه، والخاذلين له، والسافكين دمه، وما
جرى بيني
وبينك صلح فيمنعك منيولا بيدك امان ((545)).
فكتب اليه ابن عباس جوابا طويلا يقول فيه: واما
قولك: اني من
الساعين على عثمان والخاذلين له،والسافكين له، وما
جرى
بيني وبينك صلح فيمنعك مني، فاقسم باللّه لانت
المتربص
بقتله، والمحب لهلاكه،والحابس الناس قبلك عنه على
بصيرة
من امره، ولقد اتاك كتابه وصريخه يستغيث بك
ويستصرخ،
فماحفلت به،حتى بعثت اليه معذرا باجرة، انت تعلم
انهم لن
يتركوه حتى يقتل، فقتل كما كنت اردت، ثمعلمتعند
ذلك
ان الناس لن يعدلوا بيننا وبينك، فطفقت تنعى عثمان
وتلزمنا
دمه، وتقول قتل مظلوما، فان يكقتل مظلوما فانت
اظلم
الظالمين، ثم لم تزل مصوبا ومصعدا وجاثما ورابضا،
تستغوي
الجهال، وتنازعنا حقنابالسفهاء، حتى ادركت ما طلبت
(وان
ادري لعله فتنة لكم ومتاع الى حين) ((546)).
قال الاميني : ان حبر الامة وان لم يكن له اي تدخل في
واقعة
الدار، وكان امير الحاج في سنته تلك، لكنكتراه لا
يشذ عن
الصحابة في الراي حول الخليفة، ولا يقيم له وزنا،
ولا يرى له
مكانة، ومن اجل ذلكاعطى المقام حقه في جواب
السائل عن
الخلفاء، غير انه لم يصف عثمان الا بما ينبىء عن
عدم كفاءته
برقدتهالطويلة الغاشية على يقظته، وسباته العميق
الساتر
لانتباهته، ومن جراء ذلك الاعتقاد تجده لم
يهتمبشيءمن امره
لما جاءه نافع بن طريف بكتاب ((547)) من الخليفة يستنجد
الحجيج ويستغيث بهم، على حين انهمحصور، فقراه
نافع على
الناس بينما كان ابن عباس يخطب، فلما نجزت قراءته
اتم
خطبته من حيث افضتاليه، ولم يلو الى امر عثمان
وحصاره،
ولم ينبس في امره ببنت شفة، وكان في وسعه ان
يستثيرهم
لنصرته،وهل ذلك كله لسوء راي منه في الخليفة؟ او
لعدم
الاهتمام في امره؟ او لحسن ظنه بالثائرين عليه؟
اخترماشئت،
ولعلك تختار تحقق الجميع لدى ابن عباس، وكانعائشة
شعرت منه ذلك، فقالت يوم مر بها ابنعباس في منزل
من
منازل الحج: يابن عباس ان اللّه قد آتاك عقلا وفهما
وبيانا
فاياك ان ترد الناس عن هذاالطاغية ((548)).
ومن جراء رايه الذائع الشائع كان يحذر معاوية ويخاف
بطشه،
ولما قال له امير المؤمنين (ع): «اذهب انتالى الشام
فقد
وليتكها». قال: اني اخشى من معاوية ان يقتلني
بعثمان، او
يحبسني لقرابتي منك، ولكن اكتبمعي الى معاوية
فمنه
وعده. الحديث ((549)).
وفي اثر ذلك الراي كان يسكت عن لعن قتلة عثمان، ولما
كتب
اليه معاوية: ان اخرج الى المسجد والعن قتلهعثمان.
اجاب
بقوله: لعثمان ولد وخاصة وقرابة، هم احق بلعنهم
مني، فان
شاؤوا ان يلعنوا فليلعنوا، وانشاؤوا ان يمسكوا
فليمسكوا
. ((550))
(25) حديث عمرو بن العاصي
الذي عرفناكه في
(2/120 176)
اخرج الطبري من طريق ابي عون مولى المسور، قال: كان
عمرو بن العاصي على مصر عاملا لعثمان فعزلهعن
الخراج،
واستعمله على الصلاة، واستعمل عبداللّه ابن سعد
على الخراج،
ثم جمعهما لعبداللّه بن سعد، فلماقدم عمرو بن
العاصي
المدينة جعل يطعن على عثمان، فارسل اليه يوما عثمان
خاليا
به، فقال: يابن النابغة مااسرع ما قمل به جربان
جبتك! انما
عهدك بالعمل عاما اول، اتطعن علي وتاتيني بوجه
وتذهب
عني بخر؟واللّه لولا اكلة ما فعلت ذلك. فقال عمرو:
ان كثيرا
مما يقول الناس وينقلون الى ولاتهم باطل، فاتق
اللّه ياامير
المؤمنين في رعيتك، فقال عثمان: واللّه لقد
استعملتك على
ظلعك وكثرة القالة فيك، فقال عمرو: قد كنتعاملا
لعمر بن
الخطاب، ففارقني وهو عني راض، فقال عثمان: وانا
واللّه لو
آخذتك بما آخذك به عمرلاستقمت ولكني لنت عليك
فاجترات علي، اما واللّه لانا اعز منك نفرا في
الجاهلية، وقبل ان
الي هذاالسلطان، فقال عمرو: دع عنك هذا، فالحمد
للّه الذي
اكرمنا بمحمد(ص) وهدانا به، قد رايت العاصي بنوائل
ورايت
اباك عفان، فواللّه للعاصي كان اشرف من ابيك ((551)).
فانكسر عثمان وقال: مالنا ولذكرالجاهلية.
وخرج عمرو، ودخل مروان فقال: يا امير المؤمنين، وقد
بلغت
مبلغا يذكر عمرو بن العاصي اباك! فقالعثمان: دع
هذا عنك،
من ذكر آباء الرجال ذكروا اباه.
قال: فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقد عليه، ياتي
عليا
مرة فيؤلبه على عثمان، وياتي الزبير مرة
فيؤلبهعلى عثمان
وياتي طلحة مرة فيؤلبه على عثمان ويعترض الحاج
فيخبرهم
بما احدث عثمان، فلما كان حصرعثمان الاول، خرج من
المدينة، حتى انتهى الى ارض له بفلسطين يقال لها:
السبع،
فنزل في قصر له يقال له:العجلان، وهو يقول: العجب ما
ياتينا
عن ابن عفان. قال: فبينا هو جالس في قصره ذلك، ومعه
ابناه
محمدوعبداللّه، وسلامة بن روح الجذامي اذ مر بهم
راكب،
فناداه عمرو: من اين قدم الرجل؟ فقال: من
المدينة،قال: ما
فعل الرجل؟ يعني عثمان. قال: تركته محصورا شديد
الحصار.
قال عمرو: انا ابو عبداللّه، قد يضرطالعير
والمكواة في النار. فلم
يبرح مجلسه ذلك حتى مر به راكب آخر، فناداه عمرو. ما
فعل
الرجل؟ يعنيعثمان. قال: قتل. قال: انا ابو عبداللّه
اذا حككت
قرحة نكاتها، ان كنت لاحرض عليه حتى اني
لاحرضعليه
الراعي في غنمه في راس الجبل. فقال له سلامة بن روح:
يا
معشر قريش انه كان بينكم وبين العربباب وثيق
فكسرتموه،
فما حملكم على ذلك؟ فقال: اردنا ان نخرج الحق من
حافرة
الباطل، وان يكون الناسفي الحق شرعا سواء، وكانت
عند عمرو
اخت عثمان لامه ام كلثوم بنت عقبة بن ابي معيط،
ففارقها
حينعزله ((552)).
2 لما ركب علي وركب معه ثلاثون رجلا من المهاجرين
والانصار الى اهل مصر في اول مجيئهم
المدينةناقمين على
عثمان وردهم عنه فانصرفوا راجعين، رجععلي(ع) الى
عثمان
واخبره انهم قد رجعوا، حتى اذاكان الغد جاء مروان
عثمان
فقال له: تكلم واعلم الناس ان اهل مصر قد رجعوا، وان
ما
بلغهم عن امامهمكان باطلا، فان خطبتك تسير في
البلاد قبل
ان يتحلب الناس عليك من امصارهم فياتيك من لا
تستطيعدفعه. فابى عثمان ان يخرج، فلم يزل به مروان
حتى
خرج فجلس على المنبر فحمد اللّه واثنى عليه ثم
قال:اما بعد:
ان هؤلاء القوم من اهل مصر كان بلغهم عن امامهم امر
فلما
تيقنوا انه باطل ما بلغهم عنه رجعواالى بلادهم ((553)).
فناداه عمرو ابن العاصي من ناحية المسجد: اتق اللّه
يا عثمان!
فانك قد ركبت نهابير ((554))وركبناها معك فتب الى اللّه
نتب، فناداه عثمان وانك هناك يابن النابغة! قملت
واللّه جبتك
منذ تركتك من العمل، فنوديمن ناحية اخرى: تب الى
اللّه
واظهر التوبة يكف الناس عنك. فرفع عثمان يديه مدا
واستقبل
القبلة فقال:اللهم اني اول تائب تاب اليك. ورجع الى
منزله،
وخرج عمرو بن العاصي حتى نزل منزله بفلسطين
فكانيقول:
واللّه ان كنت لالقى الراعي فاحرضه عليه. وفي لفظ
البلاذري:
يابن النابغة وانك ممن تؤلب عليالطغام. وفي لفظ:
قال عمرو:
يا عثمان انك قد ركبت بهذه الامة نهاية منالامر
وزغت فزاغوا
فاعتدل اواعتزل. وفي لفظ: ركبت بهذه الامة نهابير من
الامور
فركبوها منك، وملت بهم فمالوا بك، اعدل او اعتزل.
تاريخ الطبري (5/110، 114)، انساب البلاذري (5/74)،
الاستيعاب ترجمة عثمان، شرح ابن ابي الحديد(2/113)،
الكامل لابن الاثير (3/68)، الفائق للزمخشري(2/296)،
نهاية
ابن الاثير (4/196)، تاريخ ابنكثير (7/175)، تاريخ ابن
خلدون
(2/396)، لسان العرب (7/98)، تاج العروس (3/592) ((555)).
3 قال ابن قتيبة: ذكروا ان رجلا من همدان يقال له برد
قدم
على معاوية فسمع عمرا يقع في علي، فقال له:ياعمرو ان
اشياخنا سمعوا رسول اللّه (ص) يقول: «من كنت مولاه
فعلي
مولاه»، فحق ذلك ام باطل؟ فقالعمرو: حق، وانا
ازيدك انه
ليس احد من صحابة رسول اللّه له مناقب مثل مناقب
علي.
ففزع الفتى، فقالعمرو: انه افسدها بامره في
عثمان، فقال برد:
هل امر او قتل؟ قال: لا، ولكنه آوى ومنع، قال : فهل
بايعهالناس
عليها؟ قال: نعم. قال: فما اخرجك من بيعته؟ قال:
اتهامي اياه
في عثمان. قال له: وانت ايضا قداتهمت. قال: صدقت،
فيها
خرجت الى فلسطين. فرجع الفتى الى قومه فقال: انا
اتينا قوما
اخذنا الحجةعليهم من افواههم، علي على الحق
فاتبعوه.
الامامة والسياسة ((556)) (1/93).
4 اخرج الطبري في تاريخه ((557)) (5/234) من طريق
الواقدي، قال: لما بلغ عمرا قتل عثمان
(رضىا...عنه)قال: انا ابو
عبداللّه، قتلته وانا بوادي السباع، من يلي هذا
الامرمن بعده؟ ان
يله طلحة فهو فتى العربسيبا، وان يله ابن ابي طالب
فلا اراه
الا سيستنظف الحق، وهو اكره من يليه الي.
5 اسلفنا في حديث طويل في الجزء الثاني (ص133 136)
من قول الامام الحسن السبط الزكي لعمروبن العاصي
«واما ما
ذكرت من امر عثمان فانت سعرت عليه الدنيا نارا ثم
لحقت
بفلسطين، فلما اتاك قتلهقلت: انا ابو عبداللّه
اذا نكات اي
قشرت قرحة ادميتها، ثم حبست نفسك الى معاوية، وبعت
دينكبدنياه، فلسنا نلومك على بغض، ولا نعاتبك على
ود،
وباللّه ما نصرت عثمان حيا، ولا غضبت له مقتولا».
قال ابو عمر في الاستيعاب ((558)) في ترجمة عبداللّه بن
سعد بن ابي سرح: كان عمرو بن العاصي يطعن علىعثمان
ويؤلب عليه ويسعى في افساد امره، فلما بلغه قتل
عثمان وكان
معتزلا بفلسطين قال: اني اذا نكاتقرحة ادميتها،
او نحو هذا.
وقال ((559))
في ترجمة محمد بن ابي حذيفة: كان عمرو بن
العاص مذ عزله عثمان عن مصر يعمل حيلة في
التاليبوالطعن على عثمان.
وفي الاصابة (3/381): ان عثمان لما عزل عمرو بن العاص عن
مصر قدم المدينة فجعل يطعن على عثمان،فبلغ عثمان
فزجره، فخرج الى ارض له بفلسطين فاقام بها.
قال الاميني : لعل مما يستغني عن الافاضة فيه مناواة
ابن
العاصي لعثمان ورايه في سقوطه، وتبجحه
بالتاليبعليه،
ومسرته على قتله، وقوله بملء فمه: انا ابو
عبداللّه قتلته وانا
بوادي السباع. وقوله: اني اذا نكات قرحةادميتها.
وهل الاحن
بينهما استفحلت فتاثرت بها نفسية ابن العاصي حتى
انه اجتهد
فاخطا او انه اصابالحق، فكان اجتهاده عن مقدمات
صحيحة
مقطوعة عن الضغائن الثائرة، معتضدة براء الصحابة،
وايا ماكان
فهو عند القوم من اعاظم الصحابة العدول يرى في
الخليفة هذا
الراي!
(26) حديث عامر بن واثلة
ابي الطفيل
الشيخ الكبير
الصحابي
قدم ابو الطفيل الشام يزور ابن اخ له من رجال
معاوية، فاخبر
معاوية بقدومه، فارسل اليه فاتاه وهو شيخكبير،
فلما دخل
عليه قال له معاوية: انت ابوالطفيل عامر بن واثلة؟
قال: نعم.
قال معاوية: اكنت ممن قتلعثمان امير المؤمنين؟
قال: لا،
ولكن ممن شهده فلم ينصره. قال: ولم؟ قال: لم ينصره
المهاجرون والانصار.فقال معاوية اما واللّه ان
نصرته كانت
عليهم وعليك حقا واجبا وفرضا لازما، فاذ ضيعتموه
فقد فعل
اللّهبكم ما انتم اهله، واصاركم الى ما رايتم. فقال
ابو الطفيل:
فما منعك يا امير المؤمنين اذ تربصت به ريبالمنون
ان تنصره
ومعك اهل الشام؟ قال معاوية: اوما ترى طلبي لدمه
نصرة له؟
فضحك ابو الطفيل وقال:بلى، ولكني واياك ((560))
كما قال
عبيد بن الابرص ((561)):
لاعرفنك بعد الموت تندبني
وفي حياتي ما زودتني زادي
فدخل مروان بن الحكم وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن
الحكم، فلما جلسوا نظر اليهم معاوية ثم قال:اتعرفون
هذا
الشيخ؟ قالوا: لا. فقال معاوية: هذا خليل علي بن ابي
طالب،
وفارس صفين، وشاعر اهلالعراق، هذا ابو الطفيل.
قال سعيد
بن العاص: قد عرفناه يا امير المؤمنين! فما يمنعك
منه؟
وشتمه القوم،فزجرهم معاوية وقال: مهلا فرب يوم
ارتفع عن
الاسباب قد ضقتم به ذرعا، ثم قال: اتعرف هؤلاء يا
اباالطفيل؟
قال: ما انكرهم من سوء ولا اعرفهم بخير، وانشد شعرا:
فان تكن العداوة قد اكنت
فشر عداوة المرء السباب
فقال معاوية: يا ابا الطفيل ما ابقى لك الدهر من حب
علي؟
قال: حب امموسى، واشكو الى اللّه التقصير.فضحك
معاوية
وقال: ولكن واللّه هؤلاء الذين حولك لو سئلوا
عنيما قالوا هذا.
فقال مروان: اجل واللّه لانقول الباطل.
الامامة والسياسة (1/158)، مروج الذهب (2/62)، تاريخ ابن
عساكر (7/201)، الاستيعاب فيالكنى، تاريخالخلفاء
للسيوطي
(ص133) ((562)).
قال الاميني : اترى هذا الشيخالكبير الصالحكيف
يعترف
بخذلانهعثمان؟ ويحكي مصافقته على ذلك
عنالمهاجرين
والانصار الصحابة العدول، غير متندم على ما فرط
هنالك، ولو
كان يتحرج هو ومن نقل عنهمموافقتهم له لردعتهم
الصحبة
والعدالة عما ارتكبوه من القتل والخذلان، ولو كان
لحقه واياهم
شيء منالندم لباح به وباحوا، لكنهم اعتقدوا
امرا فمضوا على
ضوئه، وانهم كانوا على بصيرة من امرهم، ومااعتراهم
الندم الى
آخر نفس لفظوه.
(27) حديث سعد بن ابي
وقاص
احد العشرة
المبشرة، واحد الستة اصحاب الشورى
1 روى ابن قتيبة في الامامة والسياسة ((563))
(1/43)، قال:
كتب عمرو بن العاص الى سعد بن ابي وقاصيساله عن
قتل
عثمان ومن قتله ومن تولى كبره؟فكتب اليه سعد: انك
سالتني من قتل عثمان، واني اخبرك انهقتل بسيف
سلته
عائشة، وصقله طلحة، وسمه ابن ابي طالب، وسكت الزبير
واشار بيده، وامسكنا نحن، ولوشئنا دفعناه عنه،
ولكن عثمان
غير وتغير واحسن واساء، فان كنا احسنا، فقد احسنا
وان كنا
اسانا فنستغفراللّه. الحديث مر بتمامه (ص83).
2 عن ابي حبيبة، قال: نظرت الى سعد بن ابي وقاص يوم
قتل
عثمان دخل عليه ثم خرج من عنده وهويسترجع مما يرى
على
الباب، فقال له مروان: الان تندم؟ انت اشعرته. فاسمع
سعدا
يقول: استغفر اللّه لم اكناظن الناس يجترؤون هذه
الجراة ولا
يطلبون دمه، وقد دخلت عليه الان فتكلم بكلام لم
تحضره
انت ولااصحابك، فنزع عن كل ما كره منه، واعطى
التوبة،
وقال: لا اتمادى في الهلكة، ان من تمادى في الجور
كانابعد
من الطريق، فانا اتوب وانزع. فقال مروان: ان
كنتتريد ان تذب
عنه، فعليك بابن ابي طالب فانهمتستر وهو لا يجبه.
فخرج سعد حتى اتى عليا وهو بين القبر والمنبر، فقال:
يا ابا
الحسن قم فداك ابي وامي جئتك واللّه بخير ماجاء به
احد قط
الى احد، تصل رحم ابن عمك، وتاخذ بالفضل عليه،
وتحقن
دمه، ويرجع الامر على مانحب، قد اعطى خليفتك من
نفسه
الرضا. فقال علي: «تقبل اللّه منه يا ابا اسحاق
واللّه ما زلت اذب
عنهحتى اني لاستحي، ولكن مروان ومعاوية
وعبداللّه بن عامر
وسعيد بن العاص هم صنعوا به ما ترى، فاذانصحته
وامرته ان
ينحيهم استغشني حتى جاء ما ترى». قال: فبيناهم
كذلك جاء
محمد بن ابيبكر،فسارعلى ا، فاخذ علي بيدي، ونهض
علي
وهو يقول: «واي خير توبته هذه؟» فواللّه ما بلغت
داري
حتىسمعت الهائعة ان عثمان قد قتل، فلم نزل واللّه
فيشر الى
يومنا هذا.
تاريخ الطبري ((564)) (5/121).
قال الاميني : يتراءى للقارئ من هذه الجمل ان سعدا
خذل
الخليفة على حينانه مكثور لا يراد به الا
القتلوهو على علم
منه انه مقتول لا محالة لما كان يرى انه غير وتغير،
وغير عازب
عن سعد حينئذ حكمالشريعة بوجوب كلاءة النفس
المحترمة
للمتمكن منها وهو يقول: وامسكنا نحن ولو شئنا
دفعناه عنه.
حتىانه بعد هدوء الثورة غير جازم بانه ارتكب حوبا
في خذلانه
فيقول: ان كنا احسنا فقد احسنا، وان كنااسانا
فنستغفر اللّه،
وعلى تقدير كونه اساءة يراها من اللمم الممحو
بالاستغفار،
ولعل الشق الاخير منكلمته مجاملة مع عمرو بن
العاصي لئلا
يلحقه الطلب بدم عثمان، ولذلك القى المسؤولية على
اناس
اخرينمن علية الامة ذكرهم في كتابه، وعليه فصميم
رايه هو
ما ارتكبه ساعة القتل من الخذلان.
(28) حديث مالك الاشتر
بن الحارث
المترجم له فيما
مر (ص38 40)
ذكر البلاذري في الانساب ((565)) (5/46): ان عثمان كتب
الى الاشتر واصحابه مع عبدالرحمن بن ابي
بكر،والمسور بن
مخرمة يدعوهم الى الطاعة ويعلمهم انهم اول من سن
الفرقة،
ويامرهم بتقوى اللّه ومراجعةالحق، والكتاب اليه
بالذي يحبون.
فكتب اليه الاشتر:
من مالك بن الحارث الى الخليفة المبتلى الخاطئ
الحائد عن
سنة نبيه، النابذ لحكم القرآن وراء ظهره:
اما بعد، فقد قرانا كتابك فانه نفسك وعمالك عن
الظلم
والعدوان وتسيير الصالحين نسمح لك بطاعتنا،وزعمت
انا قد
ظلمنا انفسنا، وذلك ظنك الذي ارداك، فاراك الجور
عدلا،
والباطل حقا. واما محبتنا فانتنزع وتتوب وتستغفر
اللّه من
تجنيك على خيارنا، وتسييرك صلحاءنا، واخراجك ايانا
من
ديارنا، وتوليتكالاحداث علينا، وان تولي مصرنا
عبداللّه بن
قيس ابا موسى الاشعري وحذيفة فقد رضيناهما،
واحبسعنا
وليدك وسعيدك ومن يدعوك اليه الهوى من اهل بيتك ان
شاء اللّه والسلام.
وخرج بكتابهم يزيد بن قيس الارحبي، ومسروق بن
الاجدع
الهمداني، وعبد اللّه بن ابي سبرة الجعفي،وعلقمة
بن قيس ابو
شبل النخعي، وخارجة بن الصلت البرجمي في آخرين.
فلما قرا
عثمان الكتاب قال:اللهم اني تائب وكتب الى ابي موسى
وحذيفة: انتما لاهل الكوفة رضى ولنا ثقة، فتوليا
امرهم وقوما
بهبالحق غفراللّه لنا ولكما. فتولى ابو موسى
وحذيفة الامر،
وسكن ابو موسى الناس، وقال عتبة بنالوغل:
تصدق علينا يابن عفان واحتسب
وامر علينا الاشعري لياليا
فقال عثمان: نعم وشهورا ان بقيت.
قال الاميني : نظرية مالك الذي عرفته صحيفة (38) في
عثمان صريحة واضحة لا تحتاج
الىتحليلوتعليل،وانما اعطى
مننفسهالرضا في كتابه بشرط النزوع والتوبة،
لكنه لما لم يجد
للشرط وفاء بل وجد منه اصراراعلى ما نقمه هو
والصحابة كلهم
تنشطللمخالفة، واجلب عليه خيلا ورجلا، ولم يزل
مشتدا في
ذلك حتىبلغ ما اراد.
وسنوقفك على حقيقة امر الخليفة من توبته بعد توبته
في
المستقبل القريب ان شاء اللّه تعالى.
(29) حديث عبداللّه بن
عكيم
اخرج ابن سعد
والبلاذري، باسنادهما عن عبداللّه بن عكيم
الجهني الصحابي ، قال: لا اعين على دمخليفة ابدا
بعد
عثمان. فقيل له: يا ابا معبد واعنت على دمه؟ قال: اني
اعد ذكر
مساوئه اعانة على دمه.
طبقات ابن سعد (3/56)، الانساب للبلاذري (5/101) ((566)).
قال الاميني : هذا الحديث صريح في ان الرجل كان
يعتقد في
عثمان مساوئ ومثالب، وقد اطمان بثبوتها له،فتحدث
بها في
الاندية والمحاشد اعانة على دمه، فكان ذلك من
موجبات
قتله، ولم يزل معترفا به بعد اناسيلت نفسه واريق
دمه.
(30) حديث محمد بن ابي
حذيفة
كان ابو القاسم
محمد بن ابي حذيفة العبشمي من اشد الناس
تاليبا على عثمان، وذكر البلاذري في الانسابقال:
كان محمد
بن ابي بكر بن ابي قحافة، ومحمد بن ابي حذيفة، خرجا
الى
مصر عام مخرج عبداللّه بن سعدبن ابي سرح اليها،
فاظهر
محمد ابن ابي حذيفة عيب عثمان والطعن عليه وقال:
استعمل عثمان رجلااباحرسول(ص) دمه يوم الفتح ونزل
القرآن بكفره حين قال: سانزل مثل ما انزل اللّه ((567)).
وكانت غزاة ذات الصواري في المحرم سنة اربع وثلاثين
وعليها
عبداللّه بن سعد، فصلى بالناس فكبر ابن ابيحذيفة
تكبيرة
افزعه بها، فقال: لولا انك احمق لقربت بين خطوك، ولم
يزل
يبلغه عنه وعن ابن ابي بكر مايكره، وجعل ابن ابي
حذيفة
يقول: يا اهل مصر انا خلفنا الغزو وراءنا، يعني غزو
عثمان.
ان محمد بن ابي حذيفة ومحمد بن ابي بكر حين اكثر
الناس
في امر عثمان قدما مصر وعليها عبداللّه بن سعدبن
ابي سرح،
ووافقا بمصر محمد بن طلحة بن عبيد اللّهوهو مع
عبداللّه بن
سعد، وان ابن ابي حذيفة شهدصلاة الصبح في صبيحة
الليلة
التي قدم فيها ففاتته الصلاة فجهر بالقراءة فسمع
ابن ابي سرح
قراءته فسالعنه، فقيل: رجل ابيض وضيء الوجه.
فامر اذا صلى
ان يؤتى به، فلما رآه قال: ما جاء بك الى بلدي؟
قال:جئت غازيا،
قال: ومن معك؟ قال: محمد بن ابي بكر. فقال: واللّهما
جئتما
الا لتفسدا الناس، وامر بهمافسجنا، فارسلا الى
محمد بن
طلحة يسالانه ان يكلمه فيهما لئلا يمنعهما من
الغزو،
فاطلقهما ابن ابي سرحوغزا ابن ابي سرح افريقية
فاعد لهما
سفينة مفردة لئلا يفسدا عليه الناس، فمرض ابن ابي
بكر
فتخلفوتخلف معه ابن ابي حذيفة، ثم انهما خرجا في
جماعة
الناس فما رجعا من غزاتهما الا وقد اوغرا صدورالناس
على
عثمان، فلما وافى ابن ابي سرح مصر وافاه كتاب عثمان
بالمصير اليه، فشخص الى المدينة وخلفعلى مصر رجلا
كان
هواه مع ابن ابي بكر وابن ابي حذيفة، فكان ممن
شايعهم
وشجعهم على المسير الىعثمان.
قالوا: وبعث عثمان الى ابن ابي حذيفة بثلاثين الف
درهم
وبحمل عليه كسوة فامر فوضع في المسجد وقال: يامعشر
المسلمين الا ترون الى عثمان يخادعني عن ديني
ويرشوني
عليه؟ فازداد اهل مصر عيبا لعثمان وطعناعليه،
واجتمعوا الى
ابن ابي حذيفة فراسوه عليهم، فلما بلغ عثمان ذلك
دعا بعمار
بن ياسر فاعتذر اليه ممافعل به واستغفر اللّه منه
وساله ان لا
يحقده عليه، وقال: بحسبك من سلامتي لك ثقتي بك،
وساله
الشخوصالى مصر لياتيه بصحة خبر ابن ابي حذيفة،
وحق ما
بلغه عنه من باطله، وامره ان يقوم بعذره، ويضمن
عنهالعتبى
لمن قدم عليه، فلما ورد عمار مصر ((568)) حرض الناس على
عثمان ودعاهم الى خلعه، واشعلها عليه،وقوى راي ابن
ابي
حذيفة وابن ابي بكر وشجعهما على المسير الى
المدينة، فكتب
ابن ابي سرح الى عثمانيعلمه ما كان من عمار،
ويستاذنه في
عقوبته، فكتب اليه: بئس الراي رايتيابن ابي سرح
فاحسن
جهازعمار واحمله الي، فتحرك اهل مصر وقالوا: سير
عمار،
ودب فيهم ابن ابي حذيفة ودعاهم الى المسيرفاجابوه
. ((569))
وذكر ابو عمر الكندي في امراء مصر: ان عبداللّه بن
سعد امير
مصر كان توجه الى عثمان لما قام الناسعليه، فطلب
امراء
الامصار فتوجه اليه في رجب سنة (35) واستناب عقبة بن
عامر، فوثب محمد بن ابيحذيفة على عقبة وكان يوم
ذاك
بمصر فاخرجه من مصر وغلب عليها، وذلك في شوال منها،
ودعا الىخلع عثمان، واسعر البلاد، وحرض على عثمان
. ((570))
واخرج من طريق الليث عن عبدالكريم الحضرمي كما في
الاصابة (3/373): ان ابن ابي حذيفة كان يكتبالكتب على
[السنة] ((571))
ازواج النبي (ص) في الطعن على عثمان،
كان ياخذ الرواحل فيحصرها ثم ياخذالرجال الذين
يريد ان
يبعث بذلك معهم، فيجعلهم على ظهور بيت في الحر،
فيستقبلون بوجوههم الشمسليلوحهم تلويح المسافر،
ثم
يامرهم ان يخرجوا الى طريق المدينة، ثم يرسل رسلا
يخبروا
بقدومهم فيامربتلقيهم، فاذا لقوا الناس قالوا لهم:
ليس عندنا
خبر، الخبر في الكتب، فيتلقاهم ابن ابي حذيفة ومعه
الناس،فيقول لهم الرسل: عليكم بالمسجد، فيقرا
عليهم الكتب
من امهات المؤمنين: انا نشكو اليكم يا اهل
الاسلامكذا وكذا من
الطعن على عثمان، فيضج اهل المسجد بالبكاء
والدعاء، فلما
خرج المصريون ووجهوا نحوالمدينة على عثمان شيعهم
محمد
بن ابي حذيفة الى عجرود ثم رجع.
قال الاميني : اترى هذا الصحابي العظيم كيف يجد
ويجتهد في
اطفاء هذه النائرة ولا يخاف فيما يعتقد انه
فياللّه لومة لائم،
غير مكترث لما بهته به العثمانيون مناختلاق الكتب
على
امهات المؤمنين، وتسويد الوجوهبمواجهة الشمس،
ولم يزل
على دابه واجتهاده حتى قضي الامر، وازيحت المثلات،
وما
نبزوه به من الافتعالوالتزوير هو حرفة كل عاجز،
ولعله دبر في
الازمنة الاخيرة كما دبرت امثاله في كل من الثائرين
على
عثمانسترا على الحقائق الراهنة.
وهل من المستبعد ان تكتب في التاليب على عثمان
صاحبة
قول: اقتلوا نعثلا قتل اللّه نعثلا انه قد
كفر.[وقائلة : وددت واللّه
انه في غرارة من غرائري هذه واني طوقت حمله حتى
القيه في
البحر] ((572))
وقائلة:وددت واللّه انك يا مروان وصاحبك
هذا الذي يعنيك امره في رجل كل واحد منكما رحا
وانكما
فيالبحر. وقائلة: بعدالنعثل وسحقا. وقائلة: ابعده
اللّه، ذلك لما
قدمت يداه وما اللّه بظلام للعبيد. وقائلة:
يابنعباس ان اللّه قد
آتاك عقلا وفهما وبيانا فاياك ان ترد الناس عن هذا
الطاغية.
وهي كانت فيالرعيلالاول منالثائرين على عثمان
بشتى
الحيل والطرق الثائرة.
هب انهم بهتوا القوم بتلكم الافائك لكن هل يسعهم
انكار
تالبهم على الخليفة يومئذ؟ وقد التزموابعدالتهم،
والصحاح
والمسانيد مشحونة بالاحتجاج بهم والاخراج عنهم،
نعم غاية ما
يمكنهم من التقولالحكم بالخطا في الاجتهاد شان كل
متقابلين في حكم شرعي، وليس تحكمهم هذا بارجح من
راي
من يرىانهم اصابوا في الاجتهاد واجماع الصحابة
يومئذ كان
معاضدا لهم، وهم يقولون: ان امة محمد لا تجتمع
علىخطا.
(31) حديث عمرو بن زرارة
النخعي
ادرك عصر النبي
(ص)
قال البلاذري وغيره: ان اول من دعا الى خلع عثمان
والبيعة
لعلي عمرو بن زرارة بن قيس النخعي، وكميلبن زياد
بن
نهيك النخعي، فقام عمرو بن زرارة فقال: ايها الناس
ان عثمان
قد ترك الحق وهو يعرفه، وقداغرى بصلحائكم يولي
عليهم
شراركم، فبلغ الوليد فكتب الى عثمان بما كان من ابن
زرارة،
فكتب اليهعثمان، ان ابن زرارة اعرابي جلف، فسيره
الى الشام.
وشيعه الاشتر والاسود بن يزيد بن قيس وعلقمة
بنقيس بن
يزيد وهو عم الاسود والاسود اكبر منه، فقال قيس بن
قهدان
يومئذ:
اقسم باللّه رب البيت مجتهدا
ارجو الثواب به سرا واعلانا
لاخلعن ابا وهب وصاحبه
كهف الضلالة عثمان بن عفانا
وقال ابن الاثير: هو ممن سيره عثمان من اهل الكوفة
الى
دمشق.
راجع ((573))
: الانساب للبلاذري (5/30)، اسد الغابة
(4/104)، الاصابة (1/548 و2/536).
قال الاميني : ليس على نظرية هذا الصحابي ستر يماط
عنها،
ولا انه كان يلهج بغير المكشوف حتى يسدلعليه شيء
من
التمويه، فانك لا تجد رايه الا في عداد آراء
الصحابة جمعاء
يومئذ.
(32) حديث صعصعة بن
صوحان
سيد قومه
عبدالقيس
اخرج ابن عساكر في تاريخه ((574)) (6/424) من طريق
حميد بن هلال العدوي،قال: قام صعصعة الى عثمان
بنعفان
وهو على المنبر فقال: يا امير المؤمنين ملت فمالت
امتك،
اعتدل يا امير المؤمنين تعتدل امتك.
قال: وتكلم صعصعة يوما فاكثر، فقال عثمان: يا ايها
الناس ان
هذا البجباج النفاج ما يدري من اللّه ولا
ايناللّه. فقال: اما قولك:
ما ادري من اللّه: فان اللّه ربنا ورب آبائنا
الاولين، واما قولك: لا
ادري اين اللّه: فاناللّهلبالمرصاد، ثم قرا: (اذن
للذين يقاتلون
بانهم ظلموا وان اللّه على نصرهم لقدير) ((575)).
فقال
عثمان: ما نزلت هذهالاية الا في وفي اصحابنا،
اخرجنا من مكة
بغير حق.
وذكره الزمخشري في الفائق ((576)) (1/35) فقال: البجباج:
الذي يهبر الكلام وليس لكلامه جهة، وروي:الفجفاج،
وهو
الصياح المكثار. وقيل: المافون المختال. والنفاج:
الشديد
الصلف.
واوعز اليه ابن منظور في لسان العرب ((577))
(3/32)، وقال:
البجباج من البجبجة التي تفعل عند مناغاة
الصبي،وبجباج
فجفاج كثير الكلام، والبجباج: الاحمق، والنفاج:
المتكبر.
وكذا ذكره ابن الاثير في النهاية ((578)) (1/72)، والزبيدي
في تاج العروس (2/6).
قال الاميني : هذا صعصعة الذي اسلفنا صفحة (43) من هذا
الجزء ذكر عظمته وفضله وبطولته وثقته فيالدين
والدنيا، يرى
ان الخليفة مال عن الحق فمالت امته ولو اعتدل
اعتدلت، وفي
تلاوته الاية الكريمة فيمحاورته ايذان بالحرب،
وانه ومن شاكله
مظلومون من ناحية عثمان منصورون باللّه تعالى، فهو
بذلكمستبيح لمنابذته ومناجزته، لقد لهج صعصعة
بهذه على
رؤوس الاشهاد والخليفة على المنبر يخطب، فلميسمع
انكارا
او دفاعا من افاضل الصحابة العدول.
(33) حديث حكيم بن جبلة
العبدي
الشهيد يوم الجمل
كان هذا الرجل العظيم صالحا دينا مطاعا في قومه كما
وصفه
ابو عمر، واثنىعليه المسعودي بالسيادةوالزهد
والنسك. كان
احد زعماء الثائرين على عثمان من اهل البصرة كما
ياتي. وقال
المسعودي: ان الناس لمانقموا على عثمان ما نقموا،
سار فيمن
سار الى المدينة حكيم بن جبلة. وقال الذهبي: كان ممن
الب
على عثمان(رضىا...عنه). وجاء في مقال خفاف الطائي في
الحديث عن عثمان: حصره المكشوح، وحكم فيه
حكيم،ووليه
محمد وعمار، وتجرد في امره ثلاثة نفر: عدي بن حاتم،
والاشتر النخعي، وعمرو بن الحمق، وجد فيامره
رجلان:
طلحة والزبير. الحديث.
وقال ابو عمر: كان ممن يعيب عثمان من اجل عبداللّه
بن عامر
وغيره من عماله. قال ابو عبيد: قطعت رجلحكيم يوم
الجمل
فاخذها ثم زحف الى الذي قطعها، فلم يزل يضربه بها
حتى
قتله، وقال:
يا نفس لن تراعي
دعاك خير داعي
ان قطعت كراعي
ان معي ذراعي ((579))
فالباحث يجد لهذا البطل الصالح الدين الزاهد
الناسك قدما اي
قدم في التاليبعلى الخليفة، وله خطواتهالواسعة
في استحلال
دمه والتجمهر عليه، وهو مع ذلك كله بعد صالح يذكر
ويشكر
ويثنى عليه، ما اسودتصحيفة تاريخه بمناجزته
الخليفة
والوقيعة فيه ومقته والنقمة عليه، ولم يتضعضع بها
اركان
صلاحه، ومااختل بها نظام نسكه، ولا شوهت سمعته
الدينية،
ولا دنست ساحة قدسه، وهذه كلها لا تلتئم مع
كونالخليفة
امام عدل.
(34) حديث هشام بن
الوليد المخزومي اخي خالد
مر في (ص15) من
هذا الجزء قول الرجل لعثمان لما ضرب
عمارا حتى غشي عليه: يا عثمان اما عليفات
قيتهوبني ابيه،
واما نحن فاجترات علينا وضربت اخانا حتى اشفيت به
على
التلف، اما واللّه لئن مات لاقتلن بهرجلا من بني
امية عظيم
السرة. فقال عثمان: وانك لهاهنا يابن القسرية؟ قال:
فانهما
قسريتان، وكانت امهوجدته قسريتين من بجيلة،
فشتمه
عثمان وامر به فاخرج.
ولهشام ابيات في عثمان ذكرها المرزباني في معجم
الشعراء
كما قاله ابن حجر في الاصابة (3/606) وذكر منهاقوله:
لساني طويل فاحترس من شدائه
عليك وسيفي من لساني اطول
لعل الباحث لا يعزب عنه راي هذا الصحابي العادل
فيالخليفة، ولا يجده شاذا عن بقية الصحابة
فياصفاقهم على
مقته بعد ما يراه كيف يجابه الرجل بفظاظة وخشونة،
ويقابله
بالقول القارص، ويهددهبالهجاء والقتل، غير راع
له اي حرمة
وكرامة، لا يحسب تلكم القوارص زورا من القول، وفندا
من
الكلام،بل يرى الخليفة اهلا لكل ذلك، فهل يجتمع هذا
مع
كون الرجل امام عدل عند المخزومي؟
(35) حديث معاوية بن ابي
سفيان الاموي
1 من كتاب لامير
المؤمنين الى معاوية: «فسبحان اللّه ما اشد
لزومكللاهواء المبتدعة والحيرة المتبعة،
ومعتضييع الحقائق
واطراح الوثائق التي هي للّه طلبة، وعلى عباده حجة،
فاما
اكثارك الحجاج في عثمان وقتله،فانك انما نصرت
عثمان
حيث كان النصر لك، وخذلته حيث كان النصر له» ((580)).
2 ومن كتاب له (ع) الى معاوية: «فواللّه ما قتل ابن
عمك
غيرك».
راجع ما مر من حديث امير المؤمنين.
3 ومن كتاب له (ع) الى الرجل: «قد اسهبت في ذكر عثمان،
ولعمري ما قتله غيرك، ولا خذله سواك،ولقد تربصت به
الدوائر، وتمنيت له الاماني، طمعا فيما ظهر منك،
ودل عليه
فعلك».
شرح ابن ابي الحديد ((581)) (3/411).
4 من كتاب لابن عباس الى معاوية: اما ما ذكرت من
سرعتنا
اليك بالمساءة الى انصار ابن عفان،وكراهتنا لسلطان
بني امية،
فلعمري لقد ادركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم
تنصره، حتى صرتالى ما صرت اليه، وبيني وبينك
فيذلك
ابن عمك واخو عثمان: الوليد بن عقبة.
كتاب نصر (ص472)، الامامة والسياسة (1/96)، شرح ابن ابي
الحديد (2/289) ((582)).
5 من كتاب لابن عباس الى معاوية: واما قولك: اني من
الساعين على عثمان والخاذلين له والسافكين دمه،وما
جرى
بيني وبينك صلح فيمنعك مني، فاقسم باللّه لانت
المتربص
بقتله، والمحب لهلاكه، والحابس الناسقبلك عنه
على بصيرة
منامره، ولقد اتاك كتابه وصريخه يستغيث ويستصرخ،
فما
حفلت به حتى بعثت اليهمعذرا باجرة انت تعلم انهم
لن يتركوه
حتى يقتل، فقتل كما كنت اردت، ثم علمت عند
ذلكانالناس
لنيعدلوا بيننا وبينك فطفقت تنعى عثمان وتلزمنا
دمه
وتقول: قتل مظلوما. فان يك قتل مظلوما فانت
اظلمالظالمين.
مر تمام الكتاب في صفحة (134).
6 روى البلاذري في الانساب ((583)) قال: لما ارسل
عثمان
الى معاوية يستمده، بعث يزيد بن اسد القسريجدخالد
بن
عبداللّه بن يزيد امير العراق وقال له: اذا اتيت ذا
خشب فاقم بها
ولا تتجاوزها ولا تقل:الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
فان ني انا
الشاهد وانت الغائب، قال: فاقام بذي خشب حتى قتل
عثمان،فاستقدمه حينئذ معاوية، فعاد الى الشام
بالجيش الذي
كان ارسل معه، وانما صنع ذلك معاوية ليقتل
عثمانفيدعو
الى نفسه.
راجع شرح ابن ابي الحديد ((584)) (4/57).
7 من خطبة لشبث بن ربعي يخاطب معاوية: انه واللّه لا
يخفى علينا ما تغزو وما تطلب، انك لم تجد
شيئاتستغوي به
الناس، وتستميل به اهواءهم، وتستخلصبه طاعتهم،
الا قولك:
قتل امامكم مظلوما، فنحننطلب بدمه. فاستجاب له
سفهاء
طغام، وقد علمنا ان قد ابطات عنه بالنصر، واحببت له
القتل
لهذه المنزلةالتي اصبحت تطلب. الخ.
كتاب صفين لابن مزاحم (ص210)، تاريخ الطبري (5/243)،
الكامل لابن الاثير (3/123)، شرح ابن ابيالحديد (1/342)
. ((585))
8 من كتاب لابي ايوب الانصاري جوابا لمعاوية: فما
نحن
وقتلة عثمان، ان الذيتربص بعثمان
وثبطاهلالشام عن نصرته
لانت، وان الذين قتلوه غير الانصار.
الامامة والسياسة (1/93) وفي طبعة (ص81)، شرح ابن ابي
الحديد (2/281) ((586)).
9 من كتاب لمحمد بن مسلمة الانصاري جوابا لمعاوية:
ولئن
كنت نصرت عثمان ميتا لقد خذلته حيا، ونحنومن
قبلنا من
المهاجرين والانصار اولى بالصواب.
الامامة والسياسة (1/87)، شرح ابن ابي الحديد (1/260)
. ((587))
10 في محاورة بين معاوية وابي الطفيل الكناني: قال
معاوية:
اكنت فيمن حضر قتل عثمان؟ قال: لا، ولكنيفيمن حضر
فلم
ينصره، قال: فما منعك من ذلك وقد كانت نصرته
عليكواجبة؟ قال: منعني ما منعك اذتربصت به ريب
المنون
وانت بالشام، قال: اوما ترى طلبي بدمه نصرة له؟ قال:
بلى
ولكنكواياه كما قالالجعدي ((588)):
لالفينك بعد الموت تندبني
وفي حياتي ما زودتني زادي
راجع ما مر في هذا الجزء (ص139)
11 لما اتى معاوية نعي عثمان وبيعة الناس عليا (ع) ضاق
صدرا بما اتاه وتظاهر بالندم على خذلانهعثمان،
وقال كما في
كتاب صفين ((589)) (ص88):
اتاني امر فيه للنفس غمة
وفيه بكاء للعيون طويل
وفيه فناء شامل وخزاية
وفيه اجتداع للانوف اصيل
مصاب امير المؤمنين وهذه
تكاد لها صم الجبال تزول
فلله عينا من راى مثل هالك
اصيب بلا ذنب وذاك جليل
تداعت عليه بالمدينة عصبة
فريقان منها قاتل وخذول
دعاهم فصموا عنه عند جوابه
وذاكم على ما في النفوس دليل
ندمت على ما كان من تبعي الهوى
وقصري ((590))
فيه حسرة وعويل
قال الاميني : ان زبدة مخض هذه الكلمات المعتضدة
بعضها
ببعض ان ابن هند لم يشذ عن الصحابة في امرعثمان،
وانما
يفترق عنهم بان اولئك كانوا مهاجمين عليه او خاذلين
له، واما
معاوية فقد اختص بالخذلانوالتخذيل اللذين كان
يروقه
نتاجهما حتى وقع ما كان يحبه ويتحراه، وحتى حسب
صفاء
الجو لما كانيضمره من التشبث بثارات عثمان،
والظاهر بعد
الاخذ بمجامع هذه النقول عن اعاظم الصحابة وبعد
تصويرالحادثة نفسها من شتى المصادر ان لخذلان
معاوية اتم
مدخلية في انتهاء امر الخليفة الى ما انتهى
اليه،والخاذل غير
بعيد عن المجهز، ومن هنا وهنا يقول له الامام(ع):
«فواللّه ما
قتل ابن عمك غيرك». ويقول:«ولعمري ما قتله غيرك،
ولا
خذله سواك»، الى كلمات آخرين لا تخفى عليهم نوايا
الرجل،
فلو كانمستعجلا بكتائبه الى دخول المدينة، غير
متربص قتل
ابن عمه لحاموا عنه ونصروه، وكان مبلغ امرهعندئذ
اما الى
الفوز بهم، او تراخي الامر الى ان يبلغه بقية
الانصار من بلاد
اخرى، فيكون النصر بهمجميعا، لكن معاوية ما كان
يريد ذلك
وانما كان مستبطئ اجل الرجل، طامعا في تقلده
الخلافة من
بعده،فتركه والقوم، فهو اظلم الظالمين ان كان قتل
مظلوما
كما قاله حبر الامة، او انه من الصحابة العدول
كمايحسبه
القوم وهذا رايه في الخليفة المقتول.
(36) حديث عثمان نفسه
دخل المغيرة بن
شعبة على عثمان (رضىا...عنه) وهو محصور
فقال: يا امير المؤمنين ان هؤلاء قد اجتمعواعليك
فان احببت
فالحق بمكة، وان احببت ان نخرق لك بابا من الدار
فتلحق
بالشام، ففيها معاويةوانصارك من اهل الشام، وان
ابيت فاخرج
ونخرج وتحاكم القوم الى اللّه. فقال عثمان: اما ما
ذكرت
منالخروج الى مكة فاني سمعت رسول اللّه (ص) يقول:
«يلحد
بمكة رجل من قريش عليه نصف عذاب هذهالامة من الانس
والجن». فلن اكون ذلك الرجل ان شاء اللّه. الحديث.
وفي لفظ احمد: «يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف
عذاب العالم» فلن اكون انا اياه.
وفي لفظ الخطيب: «يلحد بمكة رجل من قريش عليه نصف
عذاب الامة»، فلن اكونه.
وفي لفظ الحلبي: ان ابن الزبير لما قال لعثمان
(رضىا...عنه)
وهو محاصر: ان عندي نجائب اعددتها لك فهللك ان
تنجو
الى مكة؟ فانهم لا يستحلونك بها، قال له عثمان: سمعت
رسول اللّه (ص) يقول: «يلحد رجلفي الحرم من قريش او
بمكة
يكون عليه نصف عذاب العالم»، فلن اكون انا.
راجع ((591))
: مسند احمد (1/67)، رجال اسناده كلهم ثقات،
الامامة والسياسة لابن قتيبة (ص35)، تاريخالخطيب
(14/272)، الرياض النضرة (2/129)، تاريخ ابن كثير (7/210)،
مجمع الزوائد (7/230) قال:ورواه احمد ورجاله ثقات وله
طرق، الصواعق (ص66)، تاريخ الخلفاء للسيوطي
(ص109)،
السيرةالحلبية (1/188)، تاريخ الخميس (2/263)، ازالة
الخفاء
(2/343).
الانسان على نفسه
بصيرة
تعطينا هذه
الرواية ان ثقة عثمان بانطباق ما ذكره عن رسول
اللّه (ص) في الرجل الملحد بمكة على نفسهمن جراء ما
علم انه
مرتكبه من الاعمال اشد واكثر من ثقته بايمانه بما
رووه له من
البشارة بالجنة في العشرةالمبشرة الى فضائل اخرى
صنعتها له
ايدي الولاء والمحبة، على ان هذه كلها نصوص فيه،
واما ما
خشيانطباقه عليه فهو وارد في رجل مجهول استقرب
الخليفة ان يكونه هو، فامتنع عن الانفلات الى مكة
وآثرعليه
بقاءه في الحصار حتى اودي به، ولم يكن يعلم انه يقتل
بمكة لو
خرج اليها، وعلى فرض قتله بها فمن ذاالذي اخبره انه
يكون هو
ذلك الرجل؟
كيف يخاف عثمان ان يكون هو ذلك الرجل وقد اشترى
الجنة
من النبي (ص)مرتين بيع الحق: حيث حفربئر رومة، وحيث
جهز جيش العسرة ((592))؟
كيف يخاف عثمان وقد عهد اليه رسول اللّه (ص) بانه
يقتل
ويبعث يوم القيامة اميرا على كل مخذول، يغبطهاهل
المشرق
والمغرب، ويشفع في عدد ربيعة ومضر ((593))؟
كيف يخاف عثمان وقد سمع وصية رسول اللّه (ص) الى امته
به
بقوله: عليكمبالامير واصحابه. واشار الىعثمان؟
كيف يخاف عثمان وقد اخبر (ص) عن شانه في الجنة لما
سئل: افي الجنة برق؟ فقال: نعم والذي نفسي بيدهان
عثمان
ليتحول من منزل الى منزل فتبرق له الجنة ((594)).
كيف يخاف عثمان وقد قال (ص) بمشهد منه ومسمع: ليس
من نبي الا وله رفيق من امته معه في الجنة
وانعثمان رفيقي
ومعي في الجنة ((595))؟
كيف يخاف عثمان وقد قال له (ص) معتنقا اياه: انت وليي
في
الدنيا والاخرة. او قال: هذا جليسي في الدنياووليي
في الاخرة
؟ ((596))
كيف يخاف عثمان بعد ما جاء عن جابر ان النبي (ص) ما
صعد
المنبر فنزل حتى قال: عثمان في الجنة ((597))؟
نعم، للباحث ان يجيب بان هذه كلها اباطيل واكاذيب
لا يصح
شيء منها، فما ذنب عثمان؟ وكيف لا يخافوالانسان
على
نفسه بصيرة ولو القى معاذيره؟
قريض يؤكد ما سبق
ذكر البلاذري في
الانساب ((598))
(5/105) للاعور الشني
بشر بن منقذ يكنى ابا منقذ احد بني شن بن اقصى
كانمع امير
المؤمنين يوم الجمل، ترجمه المرزباني في معجم
الشعراء
(ص39) قوله:
بكت عين من يبكي ابن عفان بعدما
نفى ورق الفرقان كل مكان
ثوى تاركا للحق متبع الهوى
واورث حربا حشها بطعان
برئت الى الرحمن من دين نعثل
ودين ابن صخر ايها الرجلان
ويقال: ابن الغريرة النهشلي، ويقال: الحباب بن يزيد
المجاشعي
. ((599))
وقال علي بن الغدير المضرس الغنوي، ويقال: اهاب بن
همام
بن صعصعة المجاشعي:
لعمر ابيك فلا تكذبي
لقد ذهب الخير الا قليلا
لقد فتن الناس في دينهم
وخلى ابن عفان شرا طويلا
اعاذل كل امريء هالك
فسيري الى اللّه سيرا جميلا
راجع ((600))
: الانساب (5/104)، تاريخ الطبري (5/152)،
الاستيعاب(2/480)،تفسير ابن كثير (1/143).
واخرج نصر بن مزاحم في كتاب صفين ((601)) (ص435) من
رجز همام بن الاغفل يوم صفين قوله:
قد قرت العين من الفساق
ومن رؤوس الكفر والنفاق
اذ ظهرت كتائب العراق
نحن قتلنا صاحب المراق
وقائد البغاة والشقاق
عثمان يوم الدار والاحراق ((602))
لما لففنا ساقهم بساق
بالطعن والضرب مع العناق
وقال محمد بن ابي سبرة بن ابي زهير القرشي كما في
كتاب
صفين ((603))
(ص436):
نحن قتلنا نعثلا بالسيره
اذ صد عن اعلامنا المنيره
يحكم بالجور على العشيره
نحن قتلنا قبله المغيره ((604))
نالته ارماح لنا موتوره
انا اناس ثابتو البصيره
وقال الفضل بن العباس مجيبا الوليد بن عقبة بن ابي
معيط
عن ابيات له:
اتطلب ثارا لست منه ولا له
واين ابن ذكوان الصفوري من عمرو
كما اتصلت بنت الحمار بامها
وتنسى اباها اذ تسامي اولي الفخر
الا ان خير الناس بعد محمد
وصي النبي المصطفى عند ذي الذكر
واول من صلى وصنو نبيه
واول من اردى الغواة لدى بدر
فلو رات الانصار ظلم ابن عمكم
لكانوا له من ظلمه حاضري النصر
كفى ذاك عيبا ان يشيروا بقتله
وان يسلموه للاحابيش من مصر
تاريخ الطبري ((605)) (5/151).
نادى عمرو بن العاص يوم صفين باعلى صوته:
يا ايها الجند الصليب الايمان
قوموا قياما واستعينوا الرحمن
اني اتاني خبر ذو الوان ((606))
ان عليا قتل ابن عفان
ردوا علينا شيخنا كما كانفرد عليه اهل العراق
وقالوا:
ابت سيوف مذحج وهمدان
بان ترد نعثلا كما كان
خلقا جديدا مثل خلق الرحمن
ذلك شان قد مضى وذا شان
ثم نادى عمرو بن العاص ثانية برفع صوته:
ردوا علينا شيخنا ثم بجل
او لا تكونوا حرزا من الاسل ((607))
فرد عليه اهل العراق:
كيف نرد نعثلا وقد قحل
نحن ضربنا راسه حتى انجفل ((608))
وابدل اللّه به خير بدل
اعلم بالدين وازكى بالعمل ((609))
شد الاشتر مالك بن الحارث يوم صفين على محمد بن روضة
وهو يقول:
لا يبعد اللّه سوى عثمانا
وانزل اللّه بكم هوانا
ولا يسلي عنكم الاحزانا
مخالف قد خالف الرحمانا
نصرتموه عابدا شيطانا ((610))
(37) حديث المهاجرين
والانصار
1 من كتاب كتبه
مولانا امير المؤمنين الى معاوية: «زعمت
انك انما افسد عليك بيعتي خفري بعثمان،ولعمري ما
كنت الا
رجلا من المهاجرين، اوردت كما اوردوا واصدرت كما
اصدروا،
وما كان اللّه ليجمعهمعلى ضلال، ولا ليضربهم
بالعمى، وما
امرت فلزمتني خطيئة الامر، ولا قتلت فاخاف على نفسي
قصاصالقاتل» ((611)).
2 روى البلاذري، عن المدائني، عن عبداللّه بن فائد
انه قال:
نظر ثابت بن عبداللّه بن الزبير الى اهل
الشامفقال: اني
لابغضهم. فقال سعيد بن خالد بن عمرو ابن عثمان:
تبغضهم
لانهم قتلوا اباك. قال: صدقت، قتلابي علوج الشام
وجفاته
وقتل جدك المهاجرون والانصار.
انساب البلاذري ((612)) (5/195، 372).
|