ثم هل كان يعلم يومئذ انه يطيق على ذلك او لا؟ او كان يعلم
انه لا يطيقه؟ وعلى الاخير فكيف قبل ما لايطيقه؟ وعلى
الثاني كيف اقدم على الخطر فيما لا يعلم انه يتسنى له ان ينوء
به؟ وعلى الاول فلماذا خالف مااشترط عليه وقبله ووقعت
البيعة عليه، وحصل القبول والرضا من الامة به؟ ثم جاء يعتذر
لما اخذه ابن‏عوف بمخالفته اياها بانه لا يطيق ذلك، فقال فيما
اخرجه احمد في مسنده ((375)) (1/68) من طريق شقيق:
واماقوله: اني لم اترك سنة عمر، فاني لا اطيقها ولا هو. وذكره
ابن كثير في تاريخه ((376)) (7/206).
وكيفما اجيب عن هذه المسائل فعبرتنا الان بنظرية
عبدالرحمن بن عوف الاخيرة في الخليفة، وهي من‏اوضح
الحقائق لمن استشف ما ذكرناه من قوله له: اني استعيذ باللّه
من بيعتك. وقوله لمولانا اميرالمؤمنين(ع): اذا شئت فخذ
سيفك وآخذ سيفي. الخ. مستحلا قتاله، وقوله: عاجلوه قبل ان
يتمادى في ملكه. وقدبالغ في الانكار عليه ورايه في سقوطه
انه لم يره اهلا للصلاة عليه واوصى بذلك عند وفاته فصلى
عليه‏الزبير، وهجره وحلف ان لا يكلمه ابدا حتى انه حول وجهه
الى الحائط لما جاء عائدا، وانه كان لا يرى‏لتصرفاته نفوذا
ولذلك لما بلغه اعطاء عثمان ابل الصدقة لبعض بني الحكم
ارسل اليها المسور بن مخرمة‏وعبدالرحمن بن الاسودفاخذها
فقسمها عبدالرحمن في الناس وعثمان في الدار، ولهذه كلها
كان يراه عثمان‏منافقا ويقذفه بالنفاق كما ذكره ابن حجر في
الصواعق ((377)) (ص‏68) واجاب عنه متسالما عليه بانه
كان‏متوحشا منه لانه كان يجيئه كثيرا. اقرا واضحك. وذكره
الحلبي في السيرة ((378)) (2/87) فقال: اجاب عنه ابن‏حجر.
ولم يذكر الجواب لعلمه بانه اضحوكة.
ونسائل القوم بصورة اخرى مع قطع النظر عن جميع ما قلناه:
ان ما اشترط على عثمان وعقد عليه امره هل‏كان واجب الوفاء؟
او كان لعثمان منتدح عنه بتركه؟ وعلى الاول فما وجه مخالفة
الخليفة له؟ ولماذا لم يقبله‏مولانا امير المؤمنين (ع) وهو عيبة
علم رسول اللّه (ص) والعارف باحكامه وسننه وبصلاح الامة
منذبدء امرها الى منصرمه، وهل يخلع الخليفة في صورة
المخالفة؟ فلماذا كان عثمان لا يروقه التنازل عن امره
لماارادت الصحابة خلعه للمخالفة؟ او انه لا يخلع؟ فلماذا
تجمهروا عليه فخلعوه وقتلوه؟ وهم اصحاب رسول‏اللّه (ص)
العدول كلهم في نظر القوم، وان كان لا يجب الوفاء به فلماذا
لم يبايعوا مولانا امير المؤمنين (ع)لما جابههم بعدم الالتزام بما
لا يجب الوفاء به؟ وما معنى اعتذار عبدالرحمن بن عوف في
تقديمه عثمان على‏اميرالمؤمنين(ع) بانه قبل متابعة سيرة
الشيخين ولم يقبلها علي (ع)؟ ولماذا الزموا عثمان به؟ ولماذا
التزم به‏عثمان؟ ولماذا تمت البيعة عليه؟ ولماذا تجمهروا عليه
لما شاهدوا منه المخالفة؟
(وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون) ((379))
(فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون)
((380))

(4) حديث طلحة بن عبيد اللّه
احد العشرة المبشرة، واحد الستة اصحاب الشورى
1 من كلام لمولانا امير المؤمنين في طلحة: «واللّه ما استعجل
متجردا للطلب‏بدم عثمان الا خوفا من ان‏يطالب بدمه لانه
مظنته، ولم يكن في القوم احرض عليه منه، فاراد ان يغالط بما
اجلب فيه ليلبس الامرويقع الشك، وواللّه ما صنع في امر
عثمان واحدة من ثلاث: لئن كان ابن عفان ظالما كما كان
يزعم لقد كان‏ينبغي له ان يوازر قاتليه او ينابذ ناصريه. ولئن
كان مظلوما لقد كان ينبغي له ان يكون من المنهنهين
عنه‏والمعذرين فيه. ولئن كان في شك من الخصلتين لقد كان
ينبغي له ان يعتزله ويركد جانبا ويدع الناس معه،فما فعل
واحدة من الثلاث، وجاء بامر لم يعرف بابه، ولم تسلم معاذيره‏»
. ((381))
قال ابن ابي الحديد في الشرح ((382)) (2/506): فان قلت:
يمكن ان يكون طلحة اعتقد اباحة دم عثمان اولا، ثم‏تبدل
ذلك الاعتقاد بعد قتله فاعتقد ان قتله حرام، وانه‏يجب ان
يقتص من قاتليه. قلت: لو اعترف بذلك لم‏يقسم علي (ع) هذا
التقسيم، وانما قسمه لبقائه على اعتقاد واحد، وهذا التقسيم
مع فرض بقائه على اعتقادواحد صحيح لا مطعن فيه، وكذا
كان حال طلحة، فانه لم ينقل عنه انه قال: ندمت على ما فعلت
بعثمان.
فان قلت: كيف قال امير المؤمنين (ع): فما فعل واحدة من
الثلاث، وقد فعل واحدة منها، لانه وازر قاتليه‏حيث كان
محصورا. قلت: مراده (ع): انه ان كان عثمان ظالما وجب ان
يوازر قاتليه بعد قتله، يحامي عنهم،ويمنعهم ممن يروم
دماءهم، ومعلوم انه لم يفعل ذلك، وانما وازرهم وعثمان حي،
وذلك غير داخل في التقسيم.انتهى.
2 اخرج الطبري من طريق حكيم بن جابر، قال: قال علي
لطلحة وعثمان محصور : «انشدك اللّهالارددت الناس عن
عثمان‏». قال: لا واللّه حتى تعط‏ي بنو امية الحق من انفسها
. ((383))
تاريخ الطبري(5/139)، شرح ابن ابي الحديد(1/168) فقال:
فكان علي(ع)يقول: «لحا اللّه ابن الصعبة‏اعطاه عثمان ما اعطاه
وفعل به ما فعل‏».
3 اخرج الطبري من طريق بشر بن سعيد، قال: حدثني
عبداللّه بن عباس ابن ابي ربيعة ((384)) قال: دخلت‏على
عثمان (رضى‏ا...عنه)، فتحدثت عنده ساعة، فقال : يابن عباس
تعال، فاخذ بيدي فاسمعني كلام من‏على باب عثمان، فسمعنا
كلاما، منهم من يقول: ما تنتظرون به؟ ومنهم من يقول:
انظروا عسى ان يراجع،فبينا انا وهو واقفان اذ مر طلحة بن
عبيد اللّه، فوقف فقال: اين ابن عديس؟ فقيل: هاهو ذا. قال:
فجاءه‏ابن عديس، فناجاه بشي‏ء، ثم رجع ابن عديس فقال
لاصحابه: لا تتركوا احدا يدخل على هذا الرجل ولايخرج من
عنده. قال: فقال لي عثمان: هذا ما امر به طلحة بن عبيد اللّه.
ثم قال عثمان: اللهم اكفني طلحة بن‏عبيد اللّه، فانه حمل علي
هؤلاء والبهم، واللّه اني لارجو ان يكون منها صفرا وان يسفك
دمه، انه انتهك مني‏ما لا يحل له، سمعت رسول اللّه (ص)
يقول: «لا يحل دم امرئ مسلم الا في احدى ثلاث: رجل كفر
بعداسلامه فيقتل، او رجل زنى بعد احصانه فيرجم، اورجل قتل
نفسا بغير نفس‏». ففيم اقتل؟ قال: ثم‏رجع‏عثمان. قال ابن عب
اس: فاردت ان اخرج فمنعوني حتى مر بي محمد بن ابي بكر
فقال: خلوه، فخلوني.
تاريخ الطبري(5/122)، الكامل لابن الاثير (3/73) ((385)).
4 اخرج الطبري من طريق الحسن البصري: ان طلحة بن
عبيد اللّه باع ارضا له من عثمان بسبعمائة الف‏فحملها اليه،
فقال طلحة: ان رجلا تتسق هذه عنه ((386)) وفي بيته لا
يدري ما يطرقه من امر اللّه عز وجل‏لغريرباللّه سبحانه، فبات
ورسوله يختلف بها في سكك المدينة يقس مها حتى اصبح،
فاصبح وما عنده منهادرهم. قال الحسن: وجاء هاهنا يطلب
الدينار والدرهم. او قال: الصفراء والبيضاء.
تاريخ الطبري (5/139)، تاريخ ابن عساكر (7/81) ((387)).
5 حكى ابن ابي الحديد ((388)) عن الطبري: ان عثمان كان
له على طلحة خمسون‏الفا، فخرج عثمان يوما الى‏المسجد،
فقال له طلحة: قد تهيا مالك فاقبضه، فقال: هو لك يا ابا محمد
معونة لك على مروءتك. قال: فكان‏عثمان يقول وهو محصور:
جزاء سنمار ((389)).
وقال ابن ابي الحديد: كان طلحة من اشد الناس تحريضا عليه،
وكان الزبيردونه في ذلك. روي ان عثمان‏قال: ويلي على ابن
الحضرمية يعني طلحة اعطيته كذا وكذا بهارا ذهبا، وهو
يروم دمي يحرض على‏نفسي، اللهم لا تمتعه به ولقه عواقب
بغيه.
قال: وروى الناس الذين صنفوا في واقعة الدار: ان طلحة كان
يوم قتل عثمان مقنعا بثوب قد استتر به عن‏اعين الناس يرمي
الدار بالسهام، ورووا ايضا: انه لما امتنع على الذين حصروه
الدخول من باب الدار،حملهم طلحة الى دار لبعض الانصار،
فاصعدهم الى سطحها وتسوروا منها على عثمان داره فقتلوه.
شرح ابن ابي الحديد ((390)) (2/404).
6 روى المدائني في كتاب مقتل عثمان: ان طلحة منع من
دفنه ثلاثة ايام، وان عليا لم يبايع الناس الا بعدقتل عثمان
بخمسة ايام، وان حكيم بن حزام احد بني اسد ابن عبدالعزى
وجبير بن مطعم بن الحرث بن‏نوفل استنجدا بعلي على دفنه
فاقعد طلحة لهم في الطريق ناسا بالحجارة، فخرج به نفر يسير
من اهله وهم‏يريدون به حائطا بالمدينة يعرف بحش كوكب
كانت اليهود تدفن فيه موتاهم، فلما صار هناك رجم
سريره‏وهموا بطرحه، فارسل علي الى الناس يعزم عليهم ليكفوا
عنه، فكفوا فانطلقوا به حتى دفنوه في حش‏كوكب.
واخرج المدائني في الكتاب، قال: دفن عثمان بين المغرب
والعتمة، ولم يشهد جنازته الا مروان بن الحكم‏وابنة عثمان
وثلاثة من مواليه، فرفعت ابنته صوتها تندبه وقد جعل طلحة
ناسا هناك اكمنهم كمينا،فاخذتهم الحجارة وصاحوا: نعثل
نعثل. فقالوا: الحائط الحائط. فدفن في حائط هناك ((391)).
7 اخرج الواقدي قال: لما قتل عثمان تكلموا في دفنه، فقال
طلحة: يدفن بدير سلع. يعني مقابر اليهود.ورواه الطبري في
تاريخه ((392)) (5/143) غير ان فيه مكان طلحة: رجل.
8 اخرج الطبري بالاسناد، قال: حصر عثمان وعلي بخيبر،
فلما قدم ارسل اليه عثمان، يدعوه فانطلق،فقلت: لانطلقن
معه ولاسمعن مقالتهما، فلما دخل عليه كلمه عثمان، فحمد
اللّه واثنى عليه ثم قال: اما بعد، فان‏لي عليك حقوقا، حق
الاسلام وحق الاخاء، وقد علمت ان رسول اللّه (ص) حين آخى
بين الصحابة‏آخى بيني وبينك، وبين حق القرابة والصهر، وما
جعلت لي في عنقك من العهد والميثاق، فواللّه لو لم يكن
من‏هذا شي‏ء ثم كنا انما نحن في جاهلية لكان مبطا على بني
عبد مناف ان يبتزهم اخو بني تيم ملكهم. فتكلم‏علي فحمد
اللّه واثنى عليه، ثم قال:
«اما بعد: فكل ما ذكرت من حقك علي على ما ذكرت، اما
قولك: لو كنا في جاهلية لكان مبطا على بني عبدمناف ان
يبتزهم اخو بني تيم ملكهم، فصدقت وسياتيك الخبر». ثم خرج
فدخل المسجد فراى اسامة‏جالسا، فدعاه فاعتمد على يده،
فخرج يمشي الى طلحة وتبعته، فدخلنا دار طلحة بن عبيد اللّه
وهي‏رجاس ((393)) من الناس، فقام اليه فقال: «يا طلحة ما
هذا الامر الذي وقعت فيه؟» فقال: يا اباحسن بعد مامس الحزام
الطبيين ((394)). فانصرف علي ولم يحر اليه شيئا حتى اتى
بيت المال، فقال: «افتحوا هذا الباب‏». فلم‏يقدر على المفاتيح
فقال: «اكسروه‏»، فكسر باب بيت المال، فقال: «اخرجوا المال‏».
فجعل يعط‏ي الناس فبلغ‏الذين في دارطلحة الذي صنع علي،
فجعلوا يتسللون اليه حتى ترك طلحة وحده، وبلغ الخبر
عثمان فسربذلك، ثم اقبل طلحة يمشي عائدا الى دار عثمان،
فقلت: واللّه لانظرن ما يقول هذا فتتبعته، فاستاذن على‏عثمان،
فلما دخل عليه قال: يا امير المؤمنين استغفر اللّه واتوب اليه،
اردت امرا فحال اللّه بيني وبينه، فقال‏عثمان: انك واللّه ما جئت
تائبا ولكنك جئت مغلوبا، اللّه حسيبك يا طلحة.
تاريخ الطبري (6/154)، كامل ابن الاثير (3/70)، شرح ابن ابي
الحديد (1/165)، تاريخ ابن خلدون(2/397) ((395)).
قال الاميني : هذا لفظ تاريخ الطبري المطبوع وقد لعبت به
ايدي الهوى بالتحريف وزادت فيه حديث‏الاخاء بين عثمان
وعلي المتسالم على بطلانه بين فرق المسلمين، كان القوم آلوا
على انفسهم بان لا يدعواحديثا الا شوهوه بالاختلاق، وقد حكى
ابن ابي الحديد هذا الحديث عن تاريخ الطبري في
شرحه((396))(2/506) ولا توجد فيه مسالة الاخاء واليك
لفظه:
روى الطبري في التاريخ: ان عثمان لما حصر كان علي (ع)
بخيبر في امواله، فلما قدم ارسل اليه يدعوه، فلمادخل عليه
قال له: ان لي عليك حقوقا: حق الاسلام، وحق النسب، وحق
مالي عليك من العهد والميثاق،وواللّه ان لو لم يكن من هذا كله
شي‏ء وكنا في جاهلية، لكان عارا على بني عبد مناف ان يبتزهم
اخو تيم‏ملكهم يعني طلحة ، فقال له (ع): سياتيك الخبر...
الى آخر الحديث باللفظ المذكور.
وقد اسلفنا في الجزء الثالث (ص‏112 124) حديث المواخاة
باوسع ما يسطروفيه: ان رسول اللّه (ص)هو الذي واخى امير
المؤمنين (ع) لا غيره.
9 ذكر البلاذري في حديث: ان طلحة قال لعثمان: انك
احدثت احداثا لم يكن الناس يعهدونها، فقال عثمان:ما احدثت
احداثا ولكنكم اظناء تفسدون علي الناس وتؤلبونهم.
الانساب ((397)) (5/44).
10 حكى البلاذري عن ابي مخنف وغيره: حرس القوم عثمان
ومنعوا من ان يدخل عليه، واشار عليه‏سعيد بن العاص بان
يحرم ويلبي ويخرج فياتي مكة فلا يقدم عليه. فبلغهم قوله،
فقالوا: واللّه لئن خرج لافارقناه حتى يحكم اللّه بيننا وبينه،
واشتد عليه طلحة بن عبيداللّه في الحصار، ومنع من ان يدخل
اليه الماءحتى غضب علي بن ابي طالب من ذلك، فادخلت
عليه روايا الماء.
الانساب ((398)) (5/71).
11 في رواية للبلاذري ((399)) (ص‏90): كان الزبير وطلحة
قد استوليا على الامر، ومنع طلحة عثمان من ان‏يدخل عليه
الماء العذب، فارسل علي الى طلحة وهو في ارض له على ميل
من المدينة: ان دع هذا الرجل‏فليشرب من مائه ومن بئره يعني
بئر رومة، ولا تقتلوه من العطش، فابى، فقال علي: لولا اني قد
آليت يوم‏ذي خشب انه ان لم يطعني لا ارد عنه احدا لادخلت
عليه الماء.
وفي الامامة والسياسة ((400)) (1/34): اقام اهل الكوفة واهل
مصر بباب عثمان‏ليلا ونهارا، وطلحة يحرض‏الفريقين جميعا
على عثمان، ثم ان طلحة قال لهم: ان عثمان لا يبالي ما
حصرتموه وهو يدخل اليه الطعام‏والشراب فامنعوه الماء ان
يدخل عليه.
12 قال البلاذري: قالوا: مر مجمع بن جارية الانصاري بطلحة
بن عبيد اللّه فقال: يا مجمع ما فعل‏صاحبك؟ قال: اظنكم واللّه
قاتليه. فقال طلحة: فان قتل فلا ملك مقرب ولا نبي مرسل.
الانساب ((401)) (5/74).
13 وروى البلاذري في حديث: وسلم عثمان على جماعة
فيهم طلحة فلم يردوا عليه، فقال: يا طلحة ماكنت ارى اني
اعيش الى ان اسلم عليك فلا ترد علي السلام.
الانساب ((402)) (5/76).
كان هذه القضية غير ما وقع في ايام الحصار الثاني مما ذكره
الدياربكري في تاريخ الخميس (2/260) قال:اشرف عثمان
عليهم ذات يوم وقال: السلام عليكم. فما سمع احدا من الناس
يرد عليه الا ان يرد في نفسه.وسيوافيك حديث جبلة بن عمرو
الانصاري ونهيه الناس عن رد السلام على عثمان اذا سلم
عليهم
14 اخرج البلاذري من طريق يحيى بن سعيد قال: كان
طلحة قد استولى على امر الناس في الحصار،فبعث عثمان
عبداللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب الى
علي بهذا البيت:
وان كنت ماكولا فكن انت آكلي
والا فادركني ولما امزق ((403))
وقال ابو مخنف: صلى علي بالناس يوم النحر وعثمان محصور،
فبعث اليه عثمان‏ببيت الممزق ((404))، وكان رسوله
به‏عبداللّه بن الحارث ففرق علي الناس عن طلحة، فلما راى
ذلك طلحة دخل على عثمان فاعتذر، فقال له‏عثمان: يا بن
الحضرمية البت علي الناس ودعوتهم الى قتلي حتى اذا فاتك
ما تريد جئت معتذرا، لاقبل اللّهممن قبل عذرك.
الانساب ((405)) (5/77).
15 روى البلاذري باسناده من طريق ابن سيرين انه قال: لم
يكن من اصحاب النبي (ص) اشد على‏عثمان من طلحة.
الانساب (5/81)، وذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد (2/269)
. ((406))
16 اخرج ابن سعد وابن عساكر، قال: كان طلحة يقول يوم
الجمل: انا داهنا في امر عثمان، فلا نجد[اليوم] ((407)) شيئا
امثل من ان نبذل دماءنا فيه، اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى
ترضى.
طبقات ابن سعد، تاريخ ابن عساكر (7/84)، تذكرة السبط
(ص‏44) ((408)).
17 اخرج ابن عساكر، قال: كان مروان بن الحكم في الجيش
يوم الجمل فقال: لا اطلب بثاري بعداليوم، فهو الذي رمى
طلحة فقتله، ثم قال لابان بن عثمان: قد كفيتك بعض قتلة
ابيك، وكان السهم قد وقع‏في عين ركبته، فكانوا اذا امسكوها
انتفخت واذا ارسلوها انبعثت، فقال: دعوها فانها سهم ارسله
اللّه.
تاريخ ابن عساكر ((409)) (7/84).
قال ابو عمر في الاستيعاب ((410)): لا يختلف العلماء الثقات
في ان مروان قتل طلحة يومئذ وكان في حزبه.
روى‏عبدالرحمن بن مهدي، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن
سعيد، قال: قال طلحة يوم الجمل:
ندمت ندامة الكسعي لما
شريت رضا بني جرم برغمي ((411))
اللهم خذ مني لعثمان حتى يرضى.
بيان : الكسع: حي من قيس عيلان، وقيل: هم حي من اليمن
رماة، ومنهم الكسعي الذي يضرب به المثل في‏الندامة، وهو
رجل رام رمى بعد ما اسدف الليل عيرا فاصابه، وظن انه اخطاه
فكسر قوسه وقيل: قطع‏اصبعه ثم ندم من الغد حين نظر الى
العير مقتولا وسهمه فيه، فصار مثلا لكل نادم على فعل يفعله.
واياه‏عنى الفرزدق بقوله:
ندمت ندامة الكسعي لما
غدت مني مطلقة نوار
وقال آخر:
ندمت ندامة الكسعي لما
رات عيناه ما فعلت يداه
وقيل: كان اسم الكسعي محارب بن قيس.
واخرج ابو عمر ((412)) من طريق ابن ابي سبرة قال: نظر
مروان الى طلحة يوم الجمل فقال: لا اطلب بثاري بعداليوم.
فرماه بسهم فقتله.
واخرج ((413)) من طريق يحيى بن سعيد عن عمه انه قال :
رمى مروان طلحة بسهم، ثم التفت الى ابان بن عثمان، فقال :
قد كفينا بعض قتلة ابيك.
واخرج ((414)) من طريق قيس نقلا عن ابن ابي شيبة ان
مروان قتل طلحة، ومن طريق وكيع واحمد بن
زهير،باسنادهما عن قيس بن ابي حازم حديث: لا اطلب بثاري
بعد اليوم. وزاد في اسد الغابة ((415)) ما مر من قول‏مروان
لابان.
وقال ابن حجر في الاصابة (2/230): روى ابن عساكر ((416))
من طرق ((417)) متعددة: ان مروان بن الحكم هو الذي‏رماه
فقتله، منها: واخرجه ابو القاسم البغوي بسند صحيح عن
الجارود بن ابي سبرة، قال: لما كان يوم‏الجمل نظر مروان الى
طلحة فقال: لا اطلب ثاري بعد اليوم، فنزع له بسهم فقتله.
واخرج يعقوب بن سفيان، بسند صحيح عن قيس بن ابي حازم،
ان مروان‏ابن الحكم راى طلحة في‏الخيل، فقال: هذا اعان على
عثمان، فرماه بسهم في ركبته، فما زال الدم يسيح حتى مات.
واخرجه الحاكم في‏المستدرك ((418)) (3/370).
اخرجه عبد الحميد بن صالح عن قيس، واخرجه الطبراني
((419)) من طريق يحيى ابن سليمان الجعفي عن وكيع‏بهذا
السند، قال: رايت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ
بسهم فوقع في عين ركبته، فما زال الدم‏يسيح الى ان مات.
واخرج الحاكم في المستدرك ((420)) (3/370) من طريق
عكراش قال: كنا نقاتل عليا مع طلحة ومعنا مروان،قال:
فانهزمنا، فقال مروان: لا ادرك بثاري بعد اليوم من طلحة.
فرماه بسهم فقتله.
وقال محب الدين الطبري في الرياض ((421)) (2/259):
المشهور ان مروان بن الحكم هو الذي قتله، رماه بسهم‏وقال: لا
اطلب بثاري بعد اليوم. وذلك ان طلحة زعموا انه كان ممن
حاصر عثمان واشتد عليه.
واخرج البلاذري في الانساب ((422)) (ص‏135)، في حديث
عن روح بن زنباع: انه قال: رمى مروان طلحة‏فاستقاد منه
لعثمان.
يوجد حديث قتل مروان بن الحكم طلحة بن عبيداللّه اخذا بثار
عثمان في ((423)): مروج الذهب (2/11)، العقدالفريد
(2/279)، مستدرك الحاكم (3/370)، الكامل لابن الاثير
(3/104)، صفة الصفوة لابن الجوزي(1/132)، اسد الغابة
(3/61)، دول الاسلام للذهبي (1/18)، تاريخ ابن كثير
(7/247)، تذكرة السبط(ص‏44)، مرآة الجنان لليافعي (1/97)،
تهذيب التهذيب (5/21)، تاريخ ابن شحنة هامش
الكامل(7/189).
18 اخرج ابن سعد ((424)) بالاسناد عن شيخ من كلب، قال:
سمعت عبدالملك‏ابن مروان يقول: لولا ان اميرالمؤمنين
مروان اخبرني انه قتل طلحة ما تركت احدا من ولد طلحة الا
قتلته بعثمان.
19 اخرج الحميدي في النوادر من طريق سفيان بن عيينة،
عن عبدالملك بن مروان، قال: دخل موسى بن‏طلحة على
الوليد، فقال له الوليد: ما دخلت علي قط الا هممت بقتلك لولا
ان ابي اخبرني ان مروان قتل‏طلحة.
تهذيب التهذيب ((425)) (5/22).
20 اخرج الطبري في حديث: فقام طلحة والزبير خطيبين
يعني بالبصرة فقالا: يا اهل البصرة توبة‏بحوبة، انما اردنا ان
يستعتب امير المؤمنين عثمان ولم نرد قتله، فغلب سفهاء
الناس الحلماء حتى قتلوه، فقال‏الناس لطلحة: يا ابا محمد قد
كانت كتبك تاتينا بغير هذا.
تاريخ الطبري ((426)) (5/179).
21 ذكر المسعودي في حديث وقعة الجمل: ثم نادى علي
(رضى‏ا...عنه) طلحة حين رجع الزبير: «يا ابامحمد ما الذي
اخرجك؟» قال: الطلب بدم عثمان. قال علي: «قتل اللّه اولانا
بدم عثمان‏» ((427)).
مروج الذهب ((428)) (2/11).
22 لما نزل طلحة والزبير السبخة ((429))، اتاهما عبداللّه بن
حكيم التميمي بكتب كانا كتباها اليه، فقال لطلحة:يا ابا محمد
اما هذه كتبك الينا؟ قال: بلى. قال: فكتبت امس تدعونا الى
خلع عثمان وقتله حتى اذا قتلته اتيتناثائرا بدمه، فلعمري ما
هذا رايك، لا تريد الا هذه الدنيا، مهلا اذا كان هذا رايك فلم
قبلت من علي ماعرض‏عليك من البيعة؟ فبايعته طائعا راضيا
ثم نكثت بيعتك، ثم جئت لتدخلنا في فتنتك ((430)).
الحديث.
23 قال ابن قتيبة: ذكروا انه لما نزل طلحة والزبير وعائشة
البصرة اصطف‏لها الناس في الطريق يقولون:يا ام المؤمنين ما
الذي اخرجك من بيتك؟ فلما اكثروا عليها تكلمت بلسان طلق
وكانت من ابلغ الناس،فحمدت اللّه واثنت عليه، ثم قالت:
ايها الناس واللّه ما بلغ من ذنب عثمان ان يستحل دمه ((431))
ولقد قتل مظلوما، غضبنا لكم من السوط والعصاولا نغضب
لعثمان من القتل! وان من الراي ان تنظروا الى قتلة عثمان
فيقتلوا به، ثم يرد هذا الامر شورى على‏ما جعله عمر بن
الخطاب. فمن قائل يقول: صدقت، وآخر يقول: كذبت. فلم
يبرح الناس يقولون ذلك حتى‏ضرب‏بعضهم وجوه بعض، فبينما
هم كذلك اتاهم رجل من اشراف البصرة بكتاب كان كتبه
طلحة في‏التاليب على قتل عثمان. فقال لطلحة: هل تعرف
هذا الكتاب؟ قال: نعم. قال: فما ردك على ما كنت عليه،وكنت
امس تكتب الينا تؤلبنا على قتل عثمان، وانت اليوم تدعونا الى
الطلب بدمه؟ وقد زعمتما ان عليادعاكما الى ان تكون البيعة
لكما قبله، اذ كنتما اسن منه فابيتما الا ان تقدماه لقرابته
وسابقته فبايعتماه، فكيف‏تنكثان بيعتكما بعد الذي عرض
عليكما؟ قال طلحة: دعانا الى البيعة بعد ان اغتصبها وبايعه
الناس، فعلمناحين عرض علينا انه غير فاعل، ولو فعل ابى ذلك
المهاجرون والانصار، وخفنا ان نردبيعته فنقتل،
فبايعناه‏كارهين، قال: فما بدا لكما في عثمان؟ قال: ذكرنا ما
كان من طعننا عليه وخذلاننا اى اه، فلم نجد من ذلك‏مخرجا
الا الطلب بدمه. قال: ما تامراني به؟ قال: بايعنا على قتال علي
ونقض بيعته، قال: ارايتما ان اتانابعدكما من يدعونا [الى ما
تدعوان] ((432)) اليه، ما نصنع؟ قالا: لا تبايعه. قال: ما
انصفتما، اتامراني ان اقاتل‏عليا وانقض بيعته وهي في اعناقكما،
وتنهياني عن بيعة من لا بيعة له عليكما؟ اما اننا قد بايعنا عليا،
فان‏شئتما بايعناكما بيسار ايدينا.قال: ثم تفرق الناس، فصارت
فرقة مع عثمان بن حنيف، وفرقة مع طلحة‏والزبير.
ثم جاء جارية بن قدامة، فقال: يا ام المؤمنين لقتل عثمان كان
اهون علينا من خروجك من بيتك على هذاالجمل الملعون، انه
كانت لك من اللّه تعالى حرمة وستر، فهتكت سترك، وابحت
حرمتك، انه من راى قتالك‏فقد راى قتلك، فان كنت يا ام
المؤمنين اتيتنا طائعة فارجعي الى منزلك، وان كنت اتيتنا
مستكرهة‏فاستعتبي [اللّه] ((433)).
24 ذكر ابو مخنف من طريق مسافر بن عفيف من خطبة
((434)) لمولانا امير المؤمنين قوله: «اللهم ان‏طلحة‏نكث
بيعتي والب على عثمان حتى قتله ثم عضهني ((435)) به
ورماني، اللهم فلا تمهله، اللهم ان الزبير قطع رحمي‏ونكث
بيعتي وظاهر على عدوي، فاكفنيه اليوم بما شئت‏» ((436)).
25 اخرج الطبري في تاريخه ((437)) (5/183)، من طريق
علقمة بن وقاص الليثي، قال: لما خرج طلحة والزبيروعائشة غ
رايت طلحة واحب المجالس اليه اخلاها وهو ضارب بلحيته
على زوره ((438))، فقلت: يا ابا محمدارى احب المجالس
اليك اخلاها، وانت ضارب بلحيتك على زورك، ان كرهت شيئا
فاجلس. قال: فقال‏لي: يا علقمة بن وقاص، بينا نحن يد واحدة
على من سوانا، اذ صرنا جبلين من حديد يطلب بعضنا بعضا،انه
كان مني في عثمان شي‏ء ليس توبتي الا ان يسفك دمي في
طلب دمه.
الوجه في هذه التوبة ان صحت وكان الموؤد من النفوس
المحترمة ان يسلم نفسه لاولياء القتيل او لامام‏الوقت فيقيدوا
منه، لا ان يلقح فتنة كبرى تراق فيها دماء بريئة من دم عثمان،
وتزهق انفس لم تكن هنالك‏في حل ولا مرتحل، فيكون قد زاد
ضغثا على ابالة ((439))، وجاء بها حشفا وسوء كيلة ((440)).

(5) حديث الزبير بن العوام
احد العشرة المبشرة، واحد اصحاب الشورى الستة
1 اخرج الطبري في حديث وقعة الجمل: خرج علي على
فرسه فدعا الزبير فتواقفا، فقال علي للزبير:«ما جاء بك؟» قال:
انت، ولا اراك لهذا الامر اهلا ولا اولى به منا. فقال علي: «لست
((441)) له اهلا بعد عثمان(رضى‏ا...عنه)؟ قد كنا نعدك من
بني عبدالمطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء ففرق بيننا وبينك‏».
وعظم عليه‏اشياء، فذكر ان النبي (ص) مر عليهما فقال لعلي:
«ما يقول ابن عمتك؟ ليقاتلنك وهو لك ظالم‏»
((442)).فانصرف عنه الزبير وقال: فاني لا اقاتلك، فرجع الى
ابنه عبداللّه، فقال:مالي في هذه الحرب بصيرة. فقال‏له ابنه:
انك قد خرجت على بصيرة، ولكنك رايت رايات ابن ابي طالب،
وعرفت ان تحتها الموت فجبنت،فاحفظه حتى ارعد وغضب،
وقال: ويحك اني قد حلفت له الا اقاتله. فقال له ابنه: كفر عن
يمينك‏بعتق‏غلامك سرجيس فاعتقه وقام في الصف معهم،
وكان علي قال للزبير: «اتطلب مني دم عثمان، وانت‏قتلته؟
سلط اللّه على اشدنا عليه اليوم ما يكره‏» ((443)).
وقول علي (ع) للزبير: «اتطلب مني دم عثمان وانت قتلته؟...»
الخ. اخرجه ايضا الحافظ العاصمي في زين‏الفتى. وفي لفظ
المسعودي: قال علي: «ويحك يا زبير ما الذي اخرجك؟» قال:
دم عثمان. قال علي: «قتل اللّهاولانا بدم عثمان‏».
قال الاميني : انما حلف الزبير على ترك القتال لانه وجده بعد
تذكير الامام (ع) له الحديث النبوي، وبعداتمام الحجة عليه
بذلك محرما عليه في الدين، وانه من الظلم الفاحش الذي
استقل العقل بتحريمه، فهل‏التكفير بعتق الغلام يبيح ذلك
المحرم بالعقل والشريعة، ويسوغ الخروج على الامام المفترض
طاعته؟ لا،لكن تسويل عبداللّه هو الذي فرق بين الزبير وبين
آل عبدالمطلب، واباح له كل محظور، فقاتل امام الوقت‏ظالما
كما ورد في النص النبوي، وصدق الخبر الخبر.
2 ذكر المسعودي في حديث: ان مروان بن الحكم قال يوم
الجمل : رجع الزبير، ويرجع طلحة، ماابالي رميت هاهنا ام
هاهنا، فرماه في اكحله فقتله. مروج الذهب ((444)) (2/11).
3 قال ابن ابي الحديد في شرح النهج ((445)) (2/404): كان
طلحة من اشد الناس تحريضا عليه، وكان الزبيردونه في ذلك،
رووا ان الزبير كان يقول: اقتلوه فقد بدل دينكم. فقالوا له: ان
ابنك يحامي عنه بالباب. فقال:ما اكره ان يقتل عثمان ولو بدئ
بابني، ان عثمان لجيفة على الصراط غدا.
4 اخرج البلاذري في الانساب ((446)) (5/76) من طريق
ابي مخنف قال: جاء الزبير الى عثمان فقال له: ان في‏مسجد
رسول اللّه (ص) جماعة يمنعون من ظلمك ،وياخذونك
بالحق، فاخرج فخاصم القوم الى ازواج‏النبي (ص)، فخرج فوثب
الناس عليه بالسلاح فقال: يا زبير ما ارى احدا ياخذ بحق، ولا
يمنع من ظلم،ودخل ومضى الزبير الى منزله.
5 قال البلاذري في الانساب ((447))(5/14): وجدت في
كتاب لعبداللّه عن صالح العجلي، ذكروا: ان عثمان نازع‏الزبير،
فقال الزبير: ان شئت تقاذفنا، فقال عثمان: بماذا ابالبعير يا ابا
عبداللّه؟ قال: لا واللّه ولكن بطبع‏خباب، وريش المقعد، وكان
خباب يطبع السيوف، وكان المقعد يريش النبل. وقال ابن
المغيرة بن الاخنس‏متغنيا على قعود له:
حكيم وعمار الشجا ومحمد
واشتر والمكشوح جروا الدواهيا
وقد كان فيها للزبير عجاجة
وصاحبه الادنى اشاب النواصيا ((448))

(6) حديث طلحة والزبير
1 من كلام لمولانا امير المؤمنين في شان الرجلين: «واللّه ما
انكروا علي منكرا ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا،وانهم ليطلبون
حقا هم تركوه، ودما هم سفكوه، فان كنت شريكهم فيه، فان
لهم نصيبهم منه، وان كانواولوه دوني فما الطلبة الا قبلهم،
وان اول عدلهم للحكم على انفسهم، وان معي لبصيرتي ما
لبست ولا لبس‏علي، وانها للفئة الباغية فيها الحما والحمة‏»
. ((449))
نهج البلاغة ((450)) (1/254).
وفي لفظ ابي عمر في الاستيعاب ((451)) في ترجمة طلحة
بن عبيد اللّه: «اني منيت‏باربعة: ادهى الناس واسخاهم‏طلحة،
واشجع الناس الزبير، واطوع الناس في الناس عائشة، واسرع
الناس الى الفتنة يعلى بن منية، واللّهما انكروا علي شيئا منكرا،
ولا استاثرت بمال، ولا ملت بهوى، وانهم ليطلبون حقا تركوه،
ودما سفكوه،ولقد ولوه دوني، وان كنت شريكهم في الانكار لما
انكروه، وما تبعة عثمان الا عندهم، وانهم لهم الفئة‏الباغية‏». الى
قوله (ع): «واللّه ان طلحة والزبير وعائشة ليعلمون اني على
الحق وانهم مبطلون‏».
2 من كتاب له (ع) الى اهل الكوفة عند مسيره من المدينة
الى البصرة : « اما بعد ، فاني اخبركم عن امرعثمان حتى يكون
سمعه كعيانه : ان الناس طعنوا عليه فكنت رجلا من
المهاجرين اكثر استعتابه ، واقل‏عتابه،وكان طلحة والزبير اهون
سيرهما فيه الوجيف، وارفق حدائهما العنيف، وكان من عائشة
فيه فلتة غضب‏فاتيح له قوم فقتلوه، وبايعني الناس غير
مستكرهين ولا مجبرين، بل طائعين مخى رين ».
نهج البلاغة (2/2)، الامامة والسياسة (1/58) ((452)).
قال ابن ابي الحديث في الشرح ((453)) (3/290) : اما طلحة
والزبير فكانا شديدين عليه على عثمان والوجيف: سير
سريع، وهذا مثل يقال للمشمرين في الطعن عليه، حتى ان
السير السريع ابطا ما يسيران في امره،والحداء العنيف ارفق ما
يحرضان به عليه.
3 قال البلاذري ((454)) : حدثني المدائني عن ابن الجعدبة،
قال : مر علي بدار بعض آل ابي سفيان، فسمع بعض‏بناته تضرب
بدف وتقول :
ظلامة عثمان عند الزبير
واوتر منه لنا طلحه
هما سعراها باجذالها
وكانا حقيقين بالفضحه
فقال علي : « قاتلها اللّه، ما اعلمها بموضع ثارها! ».
4 اخرج الطبري من طريق ابن عباس، قال : قدمت المدينة
من مكة بعد قتل عثمان (رضى‏ا...عنه) بخمسة‏ايام، فجئت عليا
ادخل عليه، فقيل لي : عنده المغيرة بن شعبة، فجلست بالباب
ساعة، فخرج المغيرة فسلم‏علي فقال : متى قدمت ؟ فقلت :
الساعة.
فدخلت على علي فسلمت عليه، فقال لي : « لقيت الزبير
وطلحة ؟ » قال : قلت : لقيتهما بالنواصف. قال : «من معهما ؟ »
قلت : ابو سعيد بن الحارث بن هشام في فئة من قريش. فقال
علي : « اما انهم لن يدعوا ان‏يخرجوا يقولون : نطلب بدم
عثمان، واللّه يعلم انهم قتلة عثمان ».
تاريخ الطبري ((455)) (5/160).
5 اخرج الطبري عن عمر بن شبه، من طريق عتبة بن
المغيرة ابن الاخنس، قال: لقي سعيد بن العاص‏مروان بن
الحكم واصحابه بذات عرق، فقال: اين تذهبون وثاركم على
اعجاز الابل؟ اقتلوهم ((456)) ثم‏ارجعواالى منازلكم لا تقتلوا
انفسكم. قالوا: بل نسير فلعل نا نقتل قتلة عثمان جميعا.
فخلاسعيد بطلحة والزبير،فقال: ان ظفرتما لمن تجعلان
الامر؟ اصدقاني. قالا: لاحدنا اينا اختاره الناس. قال: بل اجعلوه
لولد عثمان‏فانكم خرجتم تطلبون بدمه. قالا: ندع شيوخ
المهاجرين ونجعلها لابنائهم؟ قال: افلا اراني اسعى
لاخرجهامن بني عبد مناف؟ فرجع ورجع عبداللّه بن خالد بن
اسيد، فقال المغيرة بن شعبة: الراي ما راى سعيد، من‏كان
هاهنا من ثقيف فليرجع، فرجع. الحديث.
تاريخ الطبري ((457)) (5/168).
6 وفي كتاب كتبه ابن عباس الى معاوية جوابا: واما طلحة
والزبير، فانهما اجلبا عليه وضيقا خناقه،ثم‏خرجا ينقضان
البيعة، ويطلبان الملك، فقاتلناهما على‏النكث، كما قاتلناك
على البغي.
كتاب نصر بن مزاحم (ص‏472)، شرح ابن ابي الحديد (2/289)
. ((458))
7 قدم على حابس بن سعد سيد ط‏ي بالشام ابن عمه فاخبره
انه شهد قتل عثمان بالمدينة المنورة، وسارمع علي الى
الكوفة، وكان له لسان وهيبة، فغدا به حابس الى معاوية فقال:
هذا ابن عمي قدم من الكوفة،وكان مع علي وشهد قتل عثمان
بالمدينة، وهو ثقة. فقال معاوية: حدثنا عن امر عثمان. قال: نعم
وليه محمدبن ابي بكر، وعمار بن ياسر، وتجرد في امره ثلاثة
نفر: عدي بن حاتم، والاشتر النخعي، وعمرو بن الحمق.ودب
((459)) في امره رجلان: طلحة والزبير، وابرا الناس منه علي
بن ابي طالب، ثم تهافت الناس على علي‏بالبيعة تهافت الفراش
حتى ضلت ((460)) النعل، وسقط الرداء ووطئ الشيخ ولم
يذكر عثمان ولم يذكروه. الخ.
الامامة والسياسة (1/74)، كتاب صفين لابن مزاحم (ص‏72)،
شرح ابن ابي الحديد (1/259) ((461)).
8 اخرج الحاكم في المستدرك ((462)) (3/118)، باسناده
عن اسرائيل بن موسى انه قال: سمعت الحسن يقول:«جاء
طلحة والزبير الى البصرة، فقال لهم الناس: ما جاء بكم؟ قالوا:
نطلب دم عثمان. قال الحسن: اياسبحان اللّه افما كان للقوم
عقول فيقولون: واللّه ما قتل عثمان غيركم؟».
9 لما انتهت عائشة وطلحة والزبير الى حفر ابي موسى
((463)) قريبا من‏البصرة، ارسل عثمان بن حنيف وهويومئذ
عامل علي على البصرة الى القوم ابا الاسود الدؤلي، فجاء حتى
دخل على عائشة، فسالها عن‏مسيرها، فقالت: اطلب بدم
عثمان. قال: انه ليس بالبصرة من قتلة عثمان احد، قالت:
صدقت ولكنهم مع‏علي بن ابي طالب بالمدينة وجئت
استنهض اهل البصرة لقتاله، انغضب لكم من سوط عثمان ولا
نغضب‏لعثمان من سيوفكم؟ فقال لها: ما انت من السوط
والسيف؟ انما انت حبيس رسول اللّه (ص) امرك ان‏تقري في
بيتك، وتتلي كتاب ربك، وليس على النساء قتال، ولا لهن
الطلب بالدماء، وان عليا لاولى بعثمان‏منك وامس رحما، فانهما
ابنا عبد مناف. فقالت: لست بمنصرفة حتى امضي لما قدمت
اليه، افتظن يا اباالاسود ان احدا يقدم على قتالي؟ قال: اما واللّه
لتقاتلن قتالا اهونه الشديد.
ثم قام فاتى الزبير، فقال: يا ابا عبداللّه عهد الناس بك وانت يوم
بويع ابو بكرآخذ بقائم سيفك تقول: لااحد اولى بهذا الامر من
ابن ابي طالب واين هذا المقام من ذاك؟ فذكر له دم عثمان،
قال: انت وصاحبك‏وليتماه فيما بلغنا. قال: فانطلق الى طلحة
فاسمع ما يقول. فذهب الى طلحة فوجده سادرا في غيه، مصرا
على‏الحرب والفتنة. الحديث.
الامامة والسياسة (1/57)، العقد الفريد (2/278)، شرح ابن ابي
الحديد (2/81) ((464)).
10 خرج عثمان بن حنيف الى طلحة والزبير في اصحابه،
فناشدهما اللّه والاسلام واذكرهما بيعتهما عليا،فقالا: نطلب
بدم عثمان. فقال لهما: وما انتما وذاك؟ اين بنوه؟ اين بنو عمه
الذين هم احق به منكم؟ كلاواللّه،ولكنكما حسدتماه حيث
اجتمع الناس عليه، وكنتما ترجوان هذا الامر وتعملان له، وهل
كان احد اشد على‏عثمان قولا منكما؟ فشتماه شتما قبيحا
وذكرا امه. الحديث.
شرح ابن ابي‏الحديد ((465)) (2/500).
11 لما نزل طلحة والزبير وعائشة باوطاس من ارض خيبر،
اقبل عليهم سعيد بن العاصي على نجيب له،فاشرف على
الناس، ومعه المغيرة بن شعبة، فنزل وتوكا على قوس له
سوداء، فاتى عائشة، فقال لها: اين‏تريدين يا ام المؤمنين؟قالت:
اريد البصرة. قال: وما تصنعين بالبصرة؟ قالت: اطلب بدم
عثمان. قال: فهؤلاءقتلة عثمان معك، ثم اقبل على مروان فقال
له: وانت اين تريد ايضا؟ قال: البصرة. قال: وما تصنع بها؟
قال:اطلب قتلة عثمان. قال: فهؤلاء قتلة عثمان معك، ان
هذين الرجلين قتلا عثمان: طلحة والزبير، وهما يريدان‏الامر
لانفسهما، فلما غلباعليه قالا: نغسل الدم بالدم، والحوبة بالتوبة.
ثم قال المغيرة بن شعبة: ايها الناس ان كنتم انما خرجتم مع
امكم، فارجعوا بها خيرا لكم، وان كنتم غضبتم‏لعثمان،
فرؤساؤكم قتلوا عثمان، وان كنتم نقمتم على علي شيئا،
فبينوا ما نقمتم عليه، انشدكم اللّه، فتنتين في‏عام واحد. فابوا
الا ان يمضوا بالناس.
الامامة والسياسة ((466)) (1/55).
12 لما نزل طلحة والزبير البصرة، قال عثمان بن حنيف: نعذر
اليهما برجلين. فدعا عمران بن حصين‏صاحب رسول اللّه، وابا
الاسود الدؤلي، فارسلهما الى الرجلين فذهبا اليهما فناديا: يا
طلحة فاجابهما، فتكلم‏ابو الاسود الدؤلي، فقال: يا ابا محمد
انكم قتلتم عثمان غير مؤامرين لنا في قتله، وبايعتم عليا غير
مؤامرين‏لنا في بيعته، فلم نغضب لعثمان اذ قتل، ولم نغضب
لعلي اذ بويع، ثم بدا لكم فاردتم خلع علي، ونحن على‏الامر
الاول، فعليكم المخرج مما دخلتم فيه. ثم تكلم عمران، فقال:
يا طلحة انكم قتلتم عثمان ولم نغضب له‏اذ لم تغضبوا، ثم
بايعتم عليا وبايعنا من بايعتم، فان كان قتل عثمان صوابا،
فمسيركم لماذا؟ وان كان خطافحظكم منه الاوفر، ونصيبكم
منه الاوفى، فقال طلحة: يا هذان ان صاحبكما لا يرى ان معه
في هذا الامرغيره، وليس على هذا بايعناه، وايم اللّه ليسفكن
دمه. فقال ابو الاسود: يا عمران اما هذا فقد صرح انه انماغضب
للملك. ثم اتيا الزبير فقالا: يا ابا عبداللّه انا اتينا طلحة. قال
الزبير: ان طلحة‏واياي كروح في‏جسدين، وانه واللّه يا هذان قد
كانت منا في عثمان فلتات، احتجنا فيها الى المعاذير، ولو
استقبلنا من امرنا مااستدبرنا نصرناه. الحديث.
الامامة والسياسة ((467)) (1/56).
13 من خطبة لعمار بن ياسر خطبها بالكوفة، فقال: يا اهل
الكوفة ان كان غاب عنكم انباؤنا فقد انتهت‏اليكم امورنا، ان
قتلة عثمان لا يعتذرون من قتله الى الناس ولا ينكرون ذلك،
وقد جعلوا كتاب اللّه بينهم‏وبين محاجيهم، فيه احيى اللّه
من‏احيى وامات من امات، وان طلحة والزبير كانا اول من طعن
وآخر من‏امر، وكانا اول من بايع عليا، فلما اخطاهما ما املاه نكثا
بيعتهما من غير حدث. الحديث.
الامامة والسياسة ((468)) (1/59).
14 روى البلاذري عن المدائني، قال: ولى عبدالملك علقمة
بن صفوان بن المحرث مكة فشتم طلحة‏والزبير على المنبر.
فلما نزل قال لابان بن عثمان: ارضيتك في المدهنين في امير
المؤمنين عثمان؟ قال: لا واللّه،ولكن سؤتني بحسبي بلية ان
تكون شركا في دمه.
الانساب للبلاذري ((469)) (5/120).
15 اخرج ابو الحسن علي بن محمد المدائني من طريق
عبداللّه بن جنادة خطبة لمولانا امير المؤمنين منهاقوله:
«بايعني هذان الرجلان في اول من بايع، تعلمون ذلك وقد نكثا
وغدرا، ونهضا الى البصرة بعائشة‏ليفرقا جماعتكم، ويلقيا باسكم
بينكم، اللهم فخذهما بما عملا اخذة واحدة رابية، ولا تنعش
لهما صرعة،ولاتقل لهما عثرة، ولا تمهلهما فواقا، فانهما
يطلبان حقا تركاه، ودما سفكاه، اللهم اني اقتضيك وعدك،
فانك‏قلت وقولك الحق: لمن بغي عليه لينصرنه اللّه، اللهم
فانجز لي‏موعدك، ولا تكلني الى نفسي انك على كل‏شي‏ء
قدير».
شرح ابن ابي الحديد ((470)) (1/102).
16 من خطبة لمولانا امير المؤمنين ذكرها الكلبي كما في
شرح ابن ابي الحديد ((471)) (1/102): «فما بال طلحة‏والزبير
وليسا من هذا الامر بسبيل؟ لم يصبرا علي حولا ولا شهرا حتى
وثبا ومرقا، ونازعاني امرا لم يجعل‏اللّه لهما اليه سبيلا، بعد ان
بايعا طائعين غير مكرهين، يرتضعان اما قد فطمت، ويحييان
بدعة قد اميتت، ادم‏عثمان زعما؟ واللّه ما التبعة الا عندهم
وفيهم، وان اعظم حجتهم لعلى انفسهم، وانا راض بحجة اللّه
عليهم‏وعلمه فيهم‏». الحديث.
17 من كلمة لمالك الاشتر: لعمري يا امير المؤمنين ما امر
طلحة والزبير وعائشة علينا بمخيل، ولقد دخل‏الرجلان فيما
دخلا فيه، وفارقا على غير حدث احدثت، ولا جور صنعت، فان
زعما انهما يطلبان بدم عثمان‏فليقيدا من انفسهما، فانهما اول
من الب عليه واغرى الناس بدمه، واشهد اللّه لئن لم يدخلا فيما
خرجا منه‏لنلحقنهما بعثمان، فان سيوفنا في عواتقنا، وقلوبنا
في صدرونا، ونحن اليوم كما كناامس.
شرح ابن ابي الحديد ((472)) (1/103).
قال الاميني : ان الاخذ بمجامع هذه الاخبار البالغة خمسين
حديثا يعطينا درساضافيا بان الرجلين همااساس النهضة في
قصة عثمان، وهما اللذان اسعرا عليه الفتنة وانهما لم يريا حرجا
في اراقة دمه، وقد استباحاعندئذ ما يحرم ارتكابه في
المسلمين الا ان يكون مهدور الدم بسبب من الاسباب الموجبة
لذلك، فلم يتركاه‏حتى اوديا به، وكان لطلحة هنالك مواقف
مشهودة، فمنع عنه الماء الذي هو شرع سواء بين المسلمين،
وانه‏لم يرد على عثمان لما سلم عليه ومن الواجب شرعا رد
السلام على كل مسلم، وقد منع عن دفنه ثلاثا في‏مقابر
المسلمين، وقد اوجبت الشريعة الاسلامية المبادرة الى دفن
المسلم، وقد امر برمي الجنازة ورمي من‏يتولى تجهيزها
بالحجارة والمسلم حرمته ميتا كحرمته حيا، فلم يرض طلحة
بالاخير الا دفنه في مقبرة‏اليهود حش كوكب. وهل لهذه
الاعمال وجه بعد حفظ كرامة صحبتهما؟ والقول بعدالة
الصحابة كلهم؟وقبول ما ورد في الرجلين انهما من العشرة
المبشرة؟ الا ان يقال: انهما كانا يريان القتيل خارجا عن
حوزة‏المسلمين، والا لردعتهما الصحبة والعدالة والبشارة عن
ارتكاب تلكم الاعمال في اي من ساقة المسلمين‏فضلا عن
خليفتهم.
ونحن في هذا المقام نقف موقف المحايد، ولسنا هاهنا الا في
صدد بيان آراء الصحابة الاولين في عثمان، وماافضناه من
رايهما كان معروفا عنهما في وقتهما، ولم يزل كذلك في
الاجيال المتاخرة عنهما حتى العصرالحاضر، ان كانت الاراء
تؤخذ من المصادر الوثيقة، وكانت حرة غير مشوبة بحكم
العاطفة، نزهة عن‏الميول والشهوات.
واما ما اظهراه من التوبة بعد ان نكثا البيعة الصحيحة
المشروعة فقد قدمنا وجهها في (ص‏101) في طلحة‏ويشاركه
في ذلك الزبير ايضا. فقد قفيا الحوبة بالحوبة لا بالتوبة حسبا
ان كانا يصدقان انها تمحوالسيئة، بل الحوبة الاخيرة اعظم
عنداللّه، فقد اراقا بها من الصفين في واقعة الجمل دماء تعد
بالالاف بريئة‏من دم عثمان.
وهتكا حرمة رسول اللّه باخراج حشية من حشاياه من خدرها،
وقد نهى(ص) نساءه عن ذلك، واوقفاهافي محتشد العساكر
وجبهة القتال الدامي، وقصدا قتل امام الوقت المفترض طاعته
الواجب حفظه، (يقولون‏بافواههم ما ليس في قلوبهم) ((473))
(واللّه من ورائهم محيط) ((474)).

(7) حديث عبداللّه بن مسعود
الصحابي البدري العظيم
مر في هذا الجزء (ص‏3 6) شطر من احاديثه المعربة عن رايه
السديد في عثمان وعما كان حاملا بين جنبيه‏من الموجدة
عليه، وانه كان من الناقمين عليه يعيبه ويقدح فيه، افسد عليه
العراق بذكر محدثاته، واخذه‏عثمان بذلك اخذا شديدا وحبسه
وهجره ومنعه عطاءه سنين وامر به واخرج من مسجد رسول
اللّه اخراجاعنيفا، وضرب به الارض فدق ضلعه وضربه اربعين
سوطا.
وكان ابن مسعود على اعتقاده السيئ في الرجل مغاضبا له
حتى لفظ نفسه الاخير واوصى ان لا يصلي‏عليه، وفي الفتنة
الكبرى ((475)) (ص‏171): روي ان ابن مسعود كان يستحل
دم عثمان ايام كان في الكوفة، وهوكان يخطب الناس، فيقول:
ان شر الامور محدثاتها، وكل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة،
وكل ضلالة في‏النار ((476)). يعرض في ذلك بعثمان وعامله
الوليد. انتهى.
هذا راي ذلك الصحابي العظيم في الرجل، فباي تمحل يتاتى
للباحث تقديس عثمان بعد ما يستحل دمه اويشدد النكير عليه
ويراه صاحب محدثات وبدع مثل ابن مسعود اشبه الناس هديا
ودلا وسمتا بمحمد نبي‏العظمة (ص)؟

(8) حديث عمار بن ياسر
البدري العظيم الممدوح بالكتاب والسنة
1 من خطبة لعمار خطبها يوم صفين قال:
انهضوا معي عباد اللّه الى قوم يزعمون انهم يطلبون بدم ظالم،
انما قتله الصالحون المنكرون للعدوان،الامرون بالاحسان،
فقال هؤلاء الذين لا يبالون اذا سلمت لهم دنياهم ولو درس هذا
الدين: لم قتلتموه؟فقلنا:لاحداثه، فقالوا: انه لم يحدث شيئا،
وذلك لانه مكنهم من الدنيا، فهم ياكلونها ويرعونها، ولا
يبالون‏لو انهدمت الجبال، واللّه ما اظنهم يطلبون بدم، ولكن
القوم ذاقوا الدنيا فاستحلوها واستمرؤوها، وعلمواان صاحب
الحق لو وليهم لحال بينهم وبين ما ياكلون ويرعون منها. ان
القوم لم يكن لهم سابقة في الاسلام‏يستحقون بها الطاعة
والولاية، فخدعوا اتباعهم بان قالوا: قتل امامنا مظلوما ليكونوا
بذلك جبابرة‏وملوكا، تلك مكيدة قد بلغوا بها ما ترون، ولولاها
ما تابعهم من الناس رجل. الخ.
وفي لفظ نصر بن مزاحم في كتاب صفين: امضوا معي عباد اللّه
الى قوم يطلبون فيما يزعمون بدم الظالم‏لنفسه، الحاكم على
عباد اللّه بغير ما في كتاب اللّه، انما قتله الصالحون المنكرون
للعدوان... الى آخره، وله‏لفظ آخر ياتي بعيد هذا.