وقال ابن الاثير
في الكامل ((287)) (3/70): قد تركنا كثيرا من
الاسباب التي جعلها الناس ذريعة الى قتله لعللدعت
الى ذلك.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية ((288))
(7/166): وفي هذه
السنة يعني (33) سير عثمان بعض اهل البصرةمنها الى
الشام، والى مصر باسباب مسوغة لما
فعله(رضىا...عنه)، فكان
هؤلاء ممن يؤلب عليه ويمالئالاعداء في الحط
والكلام فيه،
وهم الظالمون في ذلك، وهو البار الراشد
(رضىا...عنه).
وقال ((289))
في (ص177): جرت امور سنورد منها ما تيسر
وباللّه المستعان. ثم ذكر من الامور ما راقه
ويلائمذوقه ولم
يذكر الا سلسلة اكاذيب لم يصح شيء منها.
وقال الدكتور احمد فريد رفاعي في عصر المامون (1/5):
اما
نحن فلا يطلب منا ان نبدي راينا في عثمان، فهوصحابي
عظيم وله اثره الخالد في جمع القرآن وغير القرآن
وله دينه
السمح الذي لا تشوبه شائبة، وما كانالدين ليحتم
على الناس
جميعا ان يكون نظرهم الى الحياة الدنيا نظر التقشف
والزهد،
ولا يطلب منا اننثبت ضعف الحكومة العثمانية،
وانما يطلب
منا ان نسرد الحوادث بايجاز، ولنا في تسلسل هذه
الحوادثودراستها وتقييد آثارها ما قد سمح لنا
بالتعرض له
حين معالجتنا الكلام عن عصرنا فيما بعد. انتهى.
ثم ذكر ما جاء به اليعقوبي من الايعاز الى بعض ما
نقم به على
عثمان، فتخلص عن البحث فيه بما اتى به ابنالاثير
من رواية
الطبري، عن السري الكذاب، عن شعيب المجهول، عن سيف
المتروك الساقط المتهمبالزندقة او عن اناس آخرين
امثال
هؤلاء.
اضف الى هذه كثيرا من كتب التاريخ المؤلفة قديما
وحديثا،
فانها الفت بيد اثيمة على ودائع العلم والدين،ولعل
في المذكور
في كتابنا هذا وهو قليل من كثير مقنعا للحصول على
العلم
بنفسيات الخليفة من شتىنواحيه، ومبلغه من العلم،
ومقداره
من التقوى، ومداه من الراي، ومثره من ناحية ملكاته،
وقد
عرفكلذلك من عاصره وعاشره، فكانت كلمتهم في حق ه
واحدة، ورايهم فيه فذا، واعمالهم معه كل
يشبهالاخر، ونحن
نذكر لك نماذج مما لفظ به من قول وعمل به من فعل في
ذلك الدور القاتم بالفجائع والفظائعفدونكها:
الاحاديث في
حق عثمان بن عفان
(1) حديث امير المؤمنين
علي بن ابي طالب (ع)
1 من كلام له(ع)في
معنى قتل عثمان: «لو امرت به لكنت
قاتلا ، او نهيت عنه لكنت ناصرا، غير ان مننصره لا
يستطيع ان
يقول: خذله من انا خير منه، ومن خذله لا يستطيع ان
يقول:
نصره من هو خير مني،وانا جامع لكم امره: استاثر
فاساء الاثرة،
وجزعتم فاساتم الجزع، وللّه حكم واقع في المستاثر
والجازع»((290)).
قال ابن ابي الحديد في الشرح ((291)) (1/158): قوله: غير ان
من نصره، معناه ان خاذليه كانوا خيرا منناصريه،
لان الذين
نصروه كان اكثرهم فساقا، كمروان بن الحكم واضرابه،
وخذله
المهاجرونوالانصار.
2 من كلام له (ع) قاله لابن عباس وقد جاءه برسالة من
عثمان وهو محصور يساله فيها الخروج الى مالهبينبع
فقال
(ع):
«يا بن عباس ما يريد عثمان الا ان يجعلني جملا ناضحا
بالغرب
((292)) اقبل وادبر، بعث الي ان اخرج، ثم بعثالي
ان اقدم، ثم
هو الان يبعث الي ان اخرج، واللّه لقد دفعت عنه حتى
خشيت
ان اكون آثما» ((293)).
3 اخرج البلاذري في الانساب ((294)) (5/98) من طريق
ابي خلدة انه سمع عليا(رضىا...عنه) يقول وهويخطب
فذكر
عثمان، فقال: «واللّه الذي لا اله الا هو ما
قتلته،ولا مالات على
قتله، ولا ساءني».
4 اخرج ابن سعد ((295)) من طريق عمار بن ياسر قال:
رايت
عليا على منبر رسول اللّه (ص) حين قتل عثمانوهو
يقول: «ما
احببت قتله ولا كرهته، ولا امرت به ولا نهيت عنه».
الانساب للبلاذري ((296)) (5/101).
واوعز شاعر اهل الشام كعب بن جعيل الى قول الامام (ع)
بابيات له، الا وهي:
وما في علي لمستعتب
مقال سوى ضمه المحدثينا
وايثاره اليوم اهل الذنوب
ورفع القصاص عن القاتلينا
اذا سيل عنه حذا ((297)) شبهة ((298))
وعمى الجواب على السائلينا
فليس براض ولا ساخط
ولا في النهاة ولا الامرينا
ولا هو ساء ولا سره
ولا بد من بعض ذا ان يكونا ((299))
قال ابن ابي الحديد بعد ذكر الابيات: ما قال هذا
الشعر الا بعد
ان نقل الى
اهل الشام كلام كثير لامير المؤمنين في عثمان يجري
هذا
المجرى نحو قوله: «ما سرني ولا ساءني»، وقيل
له:ارضيت
بقتله؟ فقال: «لم ارض»، فقيل له: اسخطت قتله؟ فقال:
«لم
اسخط». وقوله تارة: «اللّه قتله وانا معه».وقوله
تارة اخرى: «ما
قتلت
عثمان ولا مالات في قتله». وقوله تارة اخرى: «كنت
رجلا من
المسلمين اوردت اذ اوردوا، واصدرت اذاصدروا». ولكل
شيء
من كلامه اذا صح عنه تاويل يعرفه اولو الالباب.
5 اخرج ابو مخنف من طريق عبدالرحمن بن عبيد: ان
معاوية
بعث الى علي: حبيب بن مسلمة الفهريوشرحبيل بن سمط
ومعن بن يزيد بن الاخنس، فدخلوا عليه وانا عنده. الى
ان قال
بعد كلام حبيبوشرحبيل وذكر جواب مولانا امير
المؤمنين:
فقالا: اتشهد ان عثمان (رضىا...عنه) قتل مظلوما؟
فقال
لهما:«لا اقول ذلك». قالا: فمن لم يشهد ان عثمان
قتل مظلوما
فنحن منه برآء. ثم قاما فانصرفا، فقال علي: (فانك لا
تسمع
الموتى ولا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين # وما
انت بهاد
العمي عن ضلا لتهم ان تسمع الا منيؤمن بياتنا فهم
مسلمون) ((300)).
كتاب صفين لابن مزاحم (ص227) واللفظ له، تاريخ
الطبري
(6/4)، الكامللابن الاثير (3/125) ((301)).
6 ذكر البلاذري في الانساب ((302)) (5/44) في حديث قول
علي (ع) لعثمان: «يا عثمان ان الحق ثقيل مريء،وان
الباطل
خفيف وبيء، وانك متى تصدق تسخط ومتى تكذب ترض».
7 كان علي كلما اشتكى الناس اليه امر عثمان ارسل
ابنه
الحسن اليه، فلما اكثر عليه قال له: ان اباك يرى
اناحدا لا يعلم
ما يعلم، ونحن اعلم بما نفعل، فكف عنا، فلم يبعث علي
ابنه في
شيء بعد ذلك. وذكروا انعثمانصل ى العصر ثم خرج
الى
علييعوده في مرضه ومروان معه، فرآه ثقيلا، فقال:
اما واللّه
لولا ما ارى منكما كنت اتكلم بما اريد ان اتكلم
به، واللّه ما
ادري اي يوميك احب الي او ابغض، ايوم حياتك؟ او
يومموتك؟
اما واللّه لئن بقيت لا اعدم شامتا يعدك كهفا،
ويتخذك عضدا،
ولئن مت لافجعن بك، فحظي منكحظ الوالد المشفق من
الولد العاق، ان عاش عقه، وان مات فجعه، فليتك جعلت
لنا من
امرك لنا علما نقفعليه ونعرفه، اما صديق مسالم،
واما عدو
معاني، ولا تجعلني كالمختنق بين السماء والارض، لا
يرقى بيد
ولايهبط برجل، اما واللّه لئن قتلتك لا اصيب منك
خلفا، ولئن
قتلتني لا تصيب مني خلفا، وما احب ان ابقىبعدك.
قال
مروان: اي واللّه، واخرى انه لا ينال ما وراء ظهورنا
حتى تكسر
رماحنا، وتقطع سيوفنا، فماخير العيش بعد هذا؟ فضرب
عثمان
في صدره وقال: ما يدخلك في كلامنا؟ فقال علي: «اني
واللّه
في شغلعن جوابكما ولكني اقول كما قال ابو يوسف
(فصبر
جميل واللّه المستعان على ما تصفون) ((303)).
العقد الفريد (2/274)، الامامة والسياسة (1/30) ((304)).
8 في كتاب لمولانا امير المؤمنين يجيب به معاوية بن
ابي
سفيان قال: «وذكرت ابطائي عن الخلفاءوحسدي اياهم
والبغي
عليهم، فاما البغي فمعاذ اللّه ان يكون، واما
الكراهة لهم فواللّه ما
اعتذر للناس منذلك، وذكرت بغيي على عثمان وقطعي
رحمه، فقد عمل عثمان بما قد علمت، وعمل به الناس ما
قد
بلغك،فقد علمت اني كنت من امره في عزلة الا ان تجنى
فتجن ما شئت، واما ذكرك قتلة عثمان وماسالت
مندفعهم
اليك، فاني نظرت في هذا الامر وضربت انفه وعينه فلم
يسعني
دفعهم اليك ولا الى غيرك، وان لمتنزع عن غيك
لنعرفنك
((305)) عما قليل يطلبونكولا يكلفونك ان تطلبهم
في سهل
ولا جبل ولا بر ولابحر».
كتاب صفين لابن مزاحم (ص102)، العقد الفريد (2/268)،
نهج
البلاغة (2/10)، شرح ابن ابي الحديد(3/409) ((306)).
9 اخرج الطبري من طريق اسماعيل بن محمد: ان عثمان
صعد يوم الجمعة المنبر، فحمد اللّه واثنى
عليه،فقام رجل
فقال: اقم كتاب اللّه، فقال عثمان: اجلس، فجلس حتى
قام
ثلاثا، فامر به عثمان فجلس، فتحاثوابالحصباء حتى
ما ترى
السماء وسقط عن المنبر وحمل فادخل داره مغشيا عليه،
فخرج رجل من حجابعثمان ومعه مصحف في يده وهو
ينادي: (ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم
في شيء
انما امرهمالى اللّه) ((307)) ودخل علي بن ابي طالب على
عثمان غ وهو مغشي عليه وبنو امية حوله، فقال: مالك
يا
اميرالمؤمنين؟ فاقبلت بنو امية بمنطق واحد،
فقالوا: يا علي
اهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بامير المؤمنين، اما
واللّهلئن بلغت
الذي تريد لتمرن عليك الدنيا. فقام علي مغضبا.
تاريخ الطبري (5/113)، الكامل لابن الاثير(3/67) ((308)).
10 ذكر ابن قتيبة في الامامة والسياسة ((309))
(1/42) في
حديث مساءلة عمرو ابن العاص راكبا: فقال لهعمرو:
ما الخبر؟
قال: قتل عثمان، قال: فما فعل الناس؟ فقال: بايعوا
عليا. قال:
فما فعل علي في قتلة عثمان؟قال: دخل عليه الوليد بن
عقبة
فساله عن قتله، فقال: «ما امرت ولا نهيت، ولا سرني
ولا
ساءني». قال: فمافعل بقتلة عثمان؟ فقال: آوى ولم
يرض، وقد
قال له مروان: ان لا تكن امرت فقد توليتالامر، وان
لا
تكنقتلت فقد آويت القاتلين، فقال عمرو بن العاص:
خلط واللّه
ابو الحسن.
11 روى الاعمش، عن الحكم بن عتيبة، عن قيس بن ابي
حازم، قال: سمعت عليا (ع) على منبرالكوفة وهو يقول:
«يا ابناء
المهاجرين انفروا الى ائمة الكفر، وبقية الاحزاب،
واولياء
الشيطان، انفروا الىمن يقاتل على دم حمال
الخطايا،فواللّه
الذي فلق الحبة، وبرا النسمة، انه ليحمل خطاياهم
الى يوم
القيامة لاينقص من اوزارهم شيئا» ((310)).
قال الاميني : طعن ابن ابي الحديد في هذا الحديث
بمكان
قيس ((311))
بن ابي حازم وقال: هو الذي روى حديث:انكم
لترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر
لا تضامون
في رؤيته، وقد طعن مشايخنا المتكلمونفيه وقالوا:
انه فاسق
ولا تقبل روايته. لانه قال: اني سمعت عليا يخطب على
منبر
الكوفة ويقول: «انفروا الىبقية الاحزاب»
فابغضته ودخل بغضه
في قلبي، ومن يبغض عليا (ع) لا تقبل روايته. ثم حمله
على
فرضالصحة على ارادة معاوية من قوله: حمال الخطايا
فقال:
لانهم يحامون عن دمه، ومن حامى عن دم انسانفقد
قاتل
عليه. انتهى.
الا مسائل الرجل عن ان رواية حديث الرؤية اي منقصة
وحزازة
فيها وقد اخرجها ((312)) البخاري ومسلم
فيصحيحيهما،
واحمد في مسنده؟ فهل طعن احد في اولئك الائمة
لروايتهم
اياها؟.
ثم لو كان من ابغض عليا (ع) فاسقا غير مقبول الرواية
كما هو
الحق فماقيمة الصحاح عندئذ في سوقالاعتبار؟ وما
اكثر ما
فيها من الرواية عن مناوئي امير المؤمنين ومنهم نفس
الرجل
قيس بن ابي حازم آفقد اخرج ائمة الصحاح احاديث من
طريقه وهو من رجالهم.
على ان علماء الفن من القوم مع قولهم بانه كان يحمل
على
علي نصوا على ثقة الرجل، وقالوا: متقن
الرواية،والحديث عنه
من اصح الاسناد، وقال ابن خراش: كوفي جليل، وقال ابن
معين ((313)):
ثقة. وذكره ابن حبان فيالثقات ((314))،
وقال ابن حجر: اجمعوا على الذهبي الاحتجاج به ومن
تكلم
فيه فقد آذى نفسه.
راجع : تهذيب التهذيب ((315)) (8/386).
واما تاويل: «حمال الخطايا» بارادة معاوية منه، فمن
التافه
البعيد عن سياق العربية نظير تاويل معاويةالحديث
الوارد في
عمار من قوله (ص): «تقتلك الفئة الباغية».
12 كان مولانا امير المؤمنين يخطب ويلوم الناس على
تثبيطهم وتقاعدهم ويستنفرهم الى اهل الشام،فقال له
الاشعث بن قيس: هلا فعلت فعل ابن عفان؟ فقال له: «ان
فعل
ابن عفان لمخزاة على من لا دين لهولا وثيقة معه،
ان امرا
امكن عدوه من نفسه يهشم عظمه ويفري جلده لضعيف
رايه،
مافون عقله، انتفكن ذاك ان احببت، فاما انا فدون
ان اعطي
ذاك ضرب بالمشرفية الفصل...» ((316)).
13 من كتاب له (ع) كتبه الى اهل مصر لما ولى عليهم
الاشتر:
«من عبداللّه علي امير المؤمنين الى القوم الذين
غضبوا للّه حين
عصي في ارضهوذهب بحقه، فضرب الجورسرادقه على البر
والفاجر، والمقيم والظاعن، فلا معروف يستراح اليه،
ولا منكر
يتناهى عنه» ((317)).
قال ابن ابي الحديد في شرحه ((318)) (4/58): هذا الفصل
يشكل علي تاويله، لان اهل مصر هم الذين قتلواعثمان،
واذا
شهد امير المؤمنين (ع) انهم غضبوا للّه حين عصي في
الارض،
فهذه شهادة قاطعة على عثمانبالعصيان واتيان
المنكر. ثم
تاوله بما رآه تعسفا، والتعسف لا يغني عن الحق شيئا
ولا تتم به
الحجة.
هب ابن ابي الحديد تعسف هاهنا وتاول، فما يصنع
ببقية
كلمات مولانا امير المؤمنين وكلمات سائر
الصحابةلدة هذه
الكلمة وهي تربو على مئات؟ فهل يسعنا ان نكون
متعسفين
في كل ذلك؟ سل عنه خبيرا.
14 من كلام لامير المؤمنين قاله لعثمان لما اجتمع
الناس
اليه وشكوا اليه ما نقموه على عثمان فدخل (ع)عليه
فقال:
«ان الناس ورائي وقد استفسروني بينك وبينهم،
وواللّه ما ادري
ما اقول لك، ما اعرف شيئا تجهله، ولا ادلكعلى امر
لا تعرفه،
انك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك الى شيء فنخبرك عنه،
ولا
خلونا بشيء فنبلغكه وقدرايت كما راينا، وسمعت كما
سمعنا
وصحبت رسول اللّه كما صحبنا، وما ابن ابي قحافة ولا
ابن
الخطاب باولىبعمل الحق منك، وانت اقرب الى رسول
اللّه
(ص) وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا،
فاللّهاللّه في نفسك، فانك واللّه ما تبصر من عمى،
ولا تعلم من
جهل، وانالطرق لواضحة، واناعلام الدين
لقائمة،فاعلم ان
افضل عباد اللّه عند اللّه امام عادل، هدي وهدى،
فاقام سنة
معلومة، وامات بدعة مجهولة، وانالسنن لنيرة لها
اعلام، وان
البدع لظاهرة لها اعلام، وان شر الناس عند اللّه
امام جائر، ضل
وضل به، فاماتسنة ماخوذة، واحيا بدعة متروكة،
واني سمعت
رسول اللّه(ص) يقول: يؤتى يوم القيامة بالامام
الجائروليس معه
نصير ولا عاذر فيلقى في نار جهنم فيدور فيها كما
تدور الرحى
ثم يرتبط في قعرها، واني انشدكاللّه ان تكون امام
هذه
المقتول فانه كان يقال: يقتل في هذه الامة امام يفتح
الامة
عليها القتل والقتال الى يوم القيامة، ويلبس
امورها عليها،
ويثبت الفتن فيها، فلا يبصرون الحق من الباطل،
يموجون فيها
موجا،ويمرجون فيها مرجا، فلا تكونن لمروان سيقة
يسوقك
حيث شاء بعد جلال ((319)) السن وتقضي العمر».
فقالله
عثمان: كلم الناس في ان يؤجلوني حتى اخرج اليهم من
مظالمهم، فقال (ع): «ما كان بالمدينة فلا اجلفيه،
وما غاب
فاجله وصول امرك اليه» ((320)).
تاريخ الطبري (5/96)، الانساب للبلاذري (5/60)، نهج
البلاغة
(1/303)، الكامل لابن الاثير (3/63)،تاريخ ابن كثير (7/168)
. ((321))
15 اخرج ابن السمان من طريق عطاء: ان عثمان دعا عليا
فقال: يا ابا الحسن انك لو شئت لاستقامتعلي هذه
الامة فلم
يخالفني واحد. فقال علي: «لو كانت لي اموال الدنيا
وزخرفها ما
استطعت ان ادفع عنكاكف الناس، ولكني سادلك على
امر هو
افضل مما سالتني: تعمل بعمل اخويك ابي بكر وعمر،
وانا
لكبالناس لا يخالفك احد».
الرياض النضرة ((322)) (2/129).
16 من الخطبة الشقشقية لمولانا امير الؤمنين (ع)،
قوله:
«الى ان قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين
نثيلهومعتلفه، وقام
معه بنو ابيه يخضمون مال اللّه خضمة الابل نبتة
الربيع، الى ان
انتكث فتله، واجهز عليهعمله، وكبت به بطنته».
مرت مصادر هذه الخطبة في الجزء السابع (ص82 85).
17 قال ابن عبد ربه في العقد الفريد ((323)) (2/267): قال
حسان بن ثابت لعلي:انك تقول: ما قتلت عثمانولكن
خذلته،
ولم آمر به ولكن لم انه عنه، فالخاذل شريك القاتل،
والساكت
شريك القاتل.
18 اخرج البلاذري في الانساب ((324)) (5/13) من طريق
عبداللّه بن عباس قال: ان عثمان شكا عليا
الىالعباس فقال له:
يا خال ان عليا قد قطع رحمي، والب الناس ابنك،
واللّه لئن
كنتم يا بني عبدالمطلب اقررتمهذا الامر في ايدي
بني تيم
وعدي فبنو عبد مناف احق ان لا تنازعوهم فيه ولا
تحسدوهم
عليه. قالعبداللّه بن العباس: فاطرق ابي طويلا ثم
قال: يابن
اخت لئن كنت لا تحمد عليا فما يحمدك له، وان حقك
فيالقرابة والامامة للحق الذي لا يدفع ولا يجحد،
فلو رقيت
فيما تطاطا او تطاطات فيما رقى تقاربتما، وكان
ذلكاوصل
واجمل، قال: قد صيرت الامر في ذلك اليك فقرب الامر
بيننا.
قال: فلما خرجنا من عنده دخل عليهمروان فازاله عن
رايه، فما
لبثنا ان جاء ابي رسول عثمان بالرجوع اليه، فلما
رجع قال: يا
خال احب انتؤخر النظر في الامر الذي القيت الي حتى
ارى
من رايي، فخرج ابي من عنده ثمالتفت الي فقال: يا
بنيليس
الى هذا الرجل من امره شيء، ثم قال: اللهم اسبق بي
الفتن ولا
تبقني الى ما لا خير لي في البقاء اليه.فما كانت
جمعة حتى
هلك.
19 اخرج البلاذري في الانساب ((325)) (5/14) من طريق
صهيب مولى العباس: ان العباس قال لعثمان:
اذكركاللّه في
امر ابن عمك وابن خالك وصهرك وصاحبك مع رسول اللّه
(ص)، فقد بلغني انك تريد ان تقوم بهوباصحابه، فقال:
اول ما
اجيبك به اني قد شفعتك، ان عليا لو شاء لم يكن احد
عندي الا
دونه ولكنه ابىالا رايه، ثم قال لعلي مثل قوله
لعثمان، فقال
علي: «لو امرني عثمان ان اخرج من داري لخرجت».
20 من كتاب لامير المؤمنين (ع) الى معاوية: «اما بعد:
فواللّه
ما قتل ابن عمك غيرك، واني لارجو انالحقك به على
مثل
ذنبه واعظم من خطيئته».
العقد الفريد ((326)) (2/223)، وفي طبعة (ص285).
ولا تنس في الختام قول حسان بن ثابت:
صبرا جميلا بني الاحرار لا تهنوا
قد ينفع الصبر في المكروه احيانا
ياليت شعري وليت الطير تخبرني
ما كان شان علي وابن عفانا
لتسمعن وشيكا في دياركم
اللّه اكبر يا ثارات عثمانا ((327))
قال الاميني : يعطينا الاخذ بمجامع هذه الاحاديث ان
الامام
(ع) ما كان يرىالخليفة امام عدل يسوؤهقتله، او
يهمه امره، او
يسخطه التجمهر عليه، بل كان يعتزل عن امره ويخشى ان
يكون آثما ان داب علىالدفاع عنه، ولا يرى
الثائرين عليه
متحوبين في نهضتهم والا لساءه ذلك فضلا عن ان يسكت
عنهم، اويطريهم كما سمعته من كتابه الى اهل مصر، او
يرى
الخاذلين له خيرا ممن نصره ولو كان يراه امام
عدل،فاقل
المراتب ان يقول: ان ناصره خير من خاذله. بل الشان
هذا في
افراد المسلمين العدول من الرعية فضلاعن امامها.
وحديث شكاية عثمان الى عمه العباس المتوفى سنة (32)
يعلمنا بان الخلاف والتشاجر بينهما كانا
قبلتجمهر الثائرين
عليه في اواسط ايام خلافته قبل وفاته باعوام، وقول
امير
المؤمنين له: «لو امرني عثمان اناخرج من داري
لخرجت». فيه
ايعاز الى ان انكاره (ع) على الرجل لم يكن قط في
الملك، وما
كان يرضىبشق عصا المسلمين بالخلاف عليه في امره،
وانما
كان للامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يك يرى
لنفسهبدا
من ذلك.
ولو امعنت النظر فيما سردناه من الفاظه الدرية
لانفتح عليك
ابواب من راي الامام (ع) في الخليفة لم نوعزاليها،
ويعرب عن
رايه فيه ما مر في (8/287).
من خطبة له (ع) خطبها في اليوم الثاني من بيعته من
قوله:
«الا ان كل قطيعة اقطعها عثمان، وكل مال اعطاهمن
مال اللّه
فهو مردود في بيت المال». فلو كان الرجل امام عدل
عند الامام
(ع) لكان اخذه ورده وقطعهوعطاؤه حجة لا يتطرق
اليها الرد،
ولكن....
(2) حديث عائشة بنت ابي
بكر ام المؤمنين
1 قال ابن سعد ((328)):
لما حصر عثمان كان مروان يقاتل
دونه اشد القتال، وارادت عائشة الحج وعثمان
محصور،فاتاها
مروان وزيد بن ثابت وعبدالرحمن بن عتاب فقالوا: يا
ام
المؤمنين لو اقمت فان امير المؤمنين على ماترين
محصور
ومقامك مما يدفع اللّه به عنه. فقالت: قد حلبت ظهري،
وعريت غرائري، ولست اقدر علىالمقام.
فاعادواعليهاالكلام،
فاعادتعليهممثل ماقالت لهم، فقام مروان وهو
يقول:
وحرق قيس علي البلا
د حتى اذا استعرت اجذما ((329))
فقالت عائشة: ايها المتمثل علي بالاشعار وددت
واللّه انك
وصاحبك هذاالذي يعنيك امره في رجلكلواحد منكما
رحا
وان كما في البحر، وخرجت الى مكة.
وفي لفظ البلاذري ((330)): لما اشتد الامر على عثمان
امر
مروان بن الحكم وعبدالرحمن بن عتاب بن اسيد
فاتياعائشة
وهي تريد الحج، فقالا لها: لو اقمت فلعل اللّه يدفع
بك عن هذا
الرجل: فقالت: قد قرنت ركابيواوجبت الحج على نفسي،
وواللّه
لا افعل. فنهض مروان وصاحبه، ومروان يقول:
وحرق قيس علي البلا
د حتى اذا اضطرمت اجذما
فقالت عائشة: يا مروان وددت واللّه انه في غرارة ((331)) من
غرائري هذه وانيطوقت حمله حتى القيه فيالبحر.
2 مر عبداللّه بن عباس بعائشة وقد ولاه عثمان الموسم
وهي
بمنزل من منازل طريقها، فقالت: يا بنعباس، ان
اللّه قد آتاك
عقلا وفهما وبيانا فاياك ان ترد الناس عن هذا
الطاغية. اخرجه
البلاذري ((332)).
وفي لفظ الطبري ((333)): خرج ابن عباس فمر بعائشة في
الصلصل ((334))
فقالت: يا بن عباس انشدك اللّه فانك
قداعطيت لسانا ازعيلا ((335)) ان تخذ ل عن هذا الرجل
وان تشكك فيه الناس، فقد بانت لهم بصائرهم
وانهجتورفعت
لهم المنار وتحلبوا من البلدان لامر قد جم، وقد
رايت طلحة
بن عبيداللّه قد اتخذ على بيوت الاموالوالخزائن
مفاتيح، فان
يل يسر بسيرة ابن عمه ابي بكر (رضىا...عنه). قال: قلت:
يا امه
لو حدث بالرجلحدث ما فزع الناس الا الى صاحبنا.
فقالت: ايها
عنك اني لست اريد مكابرتك ولا مجادلتك.
وحكاهابنابيالحديد عن تاريخالطبري فيشرح
النهج
((336))غير ان فيه: فقالت: يا بن عباس انشدك اللّه
فانك قد
اعطيتفهما ولسانا وعقلا ان لا تخذل الناس عن طلحة
فقد
بانت لهم بصائرهم في عثمان، وانهجت ورفعت
لهمالمنابر
وتجلبوا من البلدان لامر عظيم قد حم، وان طلحة قد
اتخذ
رجالا على بيوت الاموال، واخذ مفاتيحالخزائن،
واظنه يسير ان
شاء اللّه بسيرة ابن عمه ابي بكر. الحديث.
3 كانت عائشة وام سلمة حجتا ذلك العام عام قتل عثمان
وكانت عائشة تؤلب على عثمان، فلما بلغهاامره وهي
بمكة
امرت بقبتها فضربت في المسجد الحرام، وقالت:
انيارى
عثمانسيشام قومه كما شامابوسفيان
قومهيومبدر. رواه
البلاذري ((337)).
4 اخرج عمر بن شبة من طريق عبيد بن عمرو القرشي قال:
خرجت عائشة غ وعثمان محصور، فقدمعليها مكة رجل
يقال
له اخضر، فقالت: ما صنعالناس؟ فقال: قتل عثمان
المصريين.
قالت: انا للّه وانا اليهراجعون ايقتل قوما جاؤوا
يطلبون الحق
وينكرون الظلم؟ واللّه لا نرضى بهذا. ثم قدم آخر
فقالت: ما
صنعالناس؟ قال: قتل المصريون عثمان، قالت: العجب
لاخضر،
زعم ان المقتول هو القاتل فكان يضرب بهالمثل: اكذب
من
اخضر. واخرجه الطبري ((338)).
5 مر في الجزء الثامن صفحة (123): ان الشهود على الوليد
بن عقبة بشربه الخمر استجاروا بعائشة،واصبح عثمان
فسمع
من حجرتها صوتا وكلاما فيه بعض الغلظة، فقال: اما
تجد مراق
اهل العراق وفساقهمملجا الا بيت عائشة؟ فسمعت
فرفعت نعل
رسول اللّه (ص) وقالت: تركت سنة رسول اللّه صاحب
هذاالنعل.
الحديث فراجع.
6 اسلفنا في هذا الجزء صفحة (16) في مواقف عمار: ان
عائشة
لما بلغها ما صنع عثمان بعمار، غضبتواخرجت شعرا
من
رسول اللّه (ص) وثوبا من ثيابه ونعلا من نعاله، ثم
قالت: ما
اسرع ما تركتم سنةنبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم
يبل بعد!
فغضب عثمان غضبا شديدا حتى ما درى ما يقول. الحديث.
وقال ابو الفداء: كانت عائشة تنكر على عثمان مع من
ينكر
عليه، وكانت تخرج قميص رسول اللّه (ص)وشعره وتقول:
هذا
قميصه وشعره لم يبل وقد بلي دينه.
7 وفي كتاب لامير المؤمنين (ع) كتبه لما قارب البصرة
الى
طلحة والزبير وعائشة: «وانت يا عائشةفانك خرجت من
بيتك
عاصية للّه ولرسوله تطلبين امرا كان عنك موضوعا، ثم
تزعمين
انك تريدينالاصلاح بين المسلمين، فخبريني ما
للنساء وقود
الجيوش والبروز للرجال، والوقوع بين اهل القبلة
وسفكالدماء
المحرمة؟ ثم انك طلبت على زعمك دم عثمان، وما انت
وذاك؟ عثمان رجل من بني امية وانت من تيم،ثم بالامس
تقولين في ملا من اصحاب رسول اللّه (ص): اقتلوا نعثلا
قتله
اللّه فقد كفر، ثم تطلبين اليومبدمه؟ فاتقي اللّه
وارجعي الى
بيتك، واسبلي عليك سترك، والسلام» ((339)).
8 اخرج الطبري ((340)) وابن قتيبة ((341)): ان
غلاما من
جهينة اقبل على محمد بن طلحة يوم الجمل وكانمحمد
رجلا عابدا، فقال: اخبرني عن قتلة عثمان، فقال: نعم،
دم
عثمان ثلاثة اثلاث: ثلث على صاحبةالهودج يعني
عائشة، وثلث
على صاحب الجمل الاحمر يعني طلحة، وثلث على علي بن
ابي طالب. وضحكالغلام وقال: الا اراني على ضلال!
ولحق
بعلي وقال في ذلك شعرا:
سالت ابن طلحة عن هالك
بجوف المدينة لم يقبر
فقال ثلاثة رهط هم
اماتوا ابن عفان واستعبر
فثلث على تلك في خدرها
وثلث على راكب الاحمر
وثلث على ابن ابي طالب
ونحن بدوية قرقر
فقلت صدقت على الاولين
واخطات في الثالث الازهر
9 اخرج الطبري ((342)) من طريقين: ان عائشة غ لما
انتهت
الى سرف ((343))راجعة
في طريقها الى مكة، لقيها عبدبن ام
كلاب وهو عبد بن ابي سلمة ينسب الى امه فقالت له:
مهيم؟
قال: قتلوا عثمان (رضىا...عنه) فمكثواثمانيا. قالت:
ثم صنعوا
ماذا؟ قال: اخذها اهل المدينة بالاجتماع، فجازت بهم
الامور
الى خير مجاز، اجتمعواعلى علي ابن ابي طالب. فقالت:
واللّه
ليت ان هذه انطبقت على هذه ان تم الامر لصاحبك ردوني
ردوني.فانصرفت الى مكة وهي تقول: قتل واللّه عثمان
مظلوما،
واللّه لاطلبن بدمه. فقال لها ابن ام كلاب: ولم؟
فواللّهان اول
من امال حرفه لانت، ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا
فقد كفر
((344)). قالت: انهم استتابوه ثم قتلوه،وقد قلت
وقالوا،وقوليالاخير خير من قولي الاول. فقال لها
ابن ام كلاب
: ((345))
منك البداء ومنك الغير
ومنك الرياح ومنك المطر
وانت امرت بقتل الامام
وقلت لنا: انه قد كفر
فهبنا اطعناك في قتله
وقاتله عندنا من امر
ولم يسقط السقف من فوقنا
ولم ينكسف شمسنا والقمر
وقد بايع الناس ذا تدرا ((346))
يزيل الشبا ويقيم الصعر
ويلبس الحرب اثوابها
وما من وفى مثل من قد غدر
فانصرفت الىمكة، فنزلت على بابالمسجد فقصدت
للحجر
فسترت واجتمع
اليها الناس فقالت: يا ايها الناس ان عثمان
(رضىا...عنه) قتل
مظلوما وواللّه لاطلبن بدمه.
10 قال ابو عمر صاحب الاستيعاب ((347)): ان الاحنف بن
قيس كان عاقلا حليما ذا دين وذكاء وفصاحةودهاء،
لما قدمت
عائشة البصرة ارسلت الى الاحنف ابن قيس، فابى ان
ياتيها
((348))، ثم ارسلت اليه فاتاها،فقالت: ويحك يا
احنف بم
تعتذر الى اللّه من ترك جهاد قتلة امير المؤمنين
عثمان
(رضىا...عنه)؟ امن قلة عدد؟ او انك لا تطاع
فيالعشيرة؟ قال:
يا ام المؤمنين ما كبرت السن ولا طال العهد، وان
عهدي بك
عام اول تقولين فيه وتنالينمنه. قالت: ويحك يا
احنف انهم
ماصوه موص الاناء ثم قتلوه. قال: يا ام المؤمنين اني
آخذ بامرك
وانتراضية، وادعه وانت ساخطة.
11 اخرج ابن عساكر ((349)) من طريق ابي [ ادريس
الخولاني ان ابا ] مسلم [ الخولاني ]، قال
لاهلالشام وهم ينالون
من عائشة في شان عثمان: يا اهل الشام اضرب لكم مثلكم
ومثل امكم هذه: مثلهاومثلكم كمثل العين في الراس
تؤذي
صاحبها ولا يستطيع ان يعاقبها الا بالذي هو خير لها.
12 قال ابن ابي الحديد ((350)): قال كل من صنف في السير
والاخبار: ان عائشة كانت من اشد الناس علىعثمان
حتى انها
اخرجت ثوبا من ثياب رسول اللّه (ص) فنصبته في منزلها
وكانت تقول للداخلين اليها:هذا ثوب رسول اللّه (ص)
لم يبل
وعثمان قد ابلى سنته.
قالوا: اول من سمى عثمان نعثلا عائشة، وكانت تقول:
اقتلوا
نعثلا، قتل اللّه نعثلا.
13 روى المدائني في كتاب الجمل، قال: لما قتل عثمان
كانت عائشة بمكة وبلغ قتله اليها وهي بشراف
فلمتشك في ان
طلحة هو صاحب الامر وقالت: بعدا لنعثل وسحقا، ايه ذا
الاصبع! ايه ابا شبل! ايه يابن عم!لكاني انظر الى
اصبعه وهو
يبايع له، حثوا الابل ودعدعوها ((351)).
قال: وقد كان طلحة حين قتل عثمان اخذ مفاتيح بيت
المال
واخذ نجائبكانت لعثمان في داره ثم فسد
امرهفدفعها الى
علي بن ابي طالب ((352)).
14 قال ابو مخنف لوط بن يحيى الازدي في كتابه: ان
عائشة
لما بلغها قتل عثمان وهي بمكة اقبلت مسرعةوهي
تقول: ايه ذا
الاصبع للّه ابوك، اما انهم وجدوا طلحة لها كفوا،
فلما انتهت
الى شراف ((353)) استقبلها عبيد بنابي سلمة
الليثي، فقالت
له: ما عندك؟ قال: قتل عثمان. قالت: ثم ماذا؟ قال: ثم
حارت
بهم الامور الى خيرمحار، بايعوا عليا. فقالت: لوددت
ان السماء
انطبقت على الارض ان تم هذا، ويحك انظر ماذا تقول.
قال:
هوما قلت لك يا ام المؤمنين، فولولت. فقال لها: ما
شانك يا ام
المؤمنين؟ واللّه ما اعرف بين لابتيها احدا
اولىبها منه ولا احق،
ولا ارى له نظيرا في جميع حالاته، فلماذا تكرهين
ولايته؟
قال: فما ردت عليه جوابا.
وقد روي من طرق مختلفة: ان عائشة لما بلغها قتل
عثمان
وهي بمكة قالت: ابعده اللّه، ذلك بما قدمت يداهوما
اللّه بظلام
للعبيد ((354)).
15 قال: وقد روى قيس بن ابي حازم: انه حج في العام الذي
قتل فيه عثمان وكان مع عائشة لما بلغها قتلهفتحمل
الى
المدينة، قال: فسمعها تقول في بعض الطريق ايه ذا
الاصبع.
واذا ذكرت عثمان قالت: ابعده اللّه.حتى اتاها خبر
بيعة علي،
فقالت: لوددت ان هذه وقعت على هذه. ثم امرت برد
ركائبها
الى مكة فرددتمعها، ورايتها فيسيرها الى
مكةتخاطب نفسها
كانها تخاطب احدا: قتلوا ابن عفان مظلوما. فقلت لها:
يا
امالمؤمنين الم اسمعك آنفا تقولين ابعده اللّه؟
وقد رايتك قبل
اشد الناس عليه واقبحهم فيه قولا، فقالت: لقدكان
ذلك
ولكني نظرت في امره فرايتهم استتابوه حتى اذا تركوه
كالفضة
البيضاء اتوه صائما محرما في شهرحرامفقتلوه ((355)).
16 قال: وروي من طرق اخرى: انها قالت لما بلغها قتله:
ابعده
اللّه قتلهذنبه، واقاده اللّه بعمله، يا
معشرقريش لا يسومنكم قتل
عثمان كما سام احمر ثمود قومه، ان احق الناس بهذا
الامر ذو
الاصبع. فلما جاءتالاخبار ببيعة علي (ع) قالت:
تعسوا لا
يردون الامر في تيم ابدا.
كتب طلحة والزبير الى عائشة وهي بمكة كتبا ان خذلي
الناس
عن بيعة علي، واظهري الطلب بدم عثمان.وحملا الكتب
مع
ابن اختها عبداللّه بن الزبير، فلما قرات الكتب
كاشفت واظهرت
الطلب بدم عثمان، وكانتام سلمة غ بمكة في ذلك
العام، فلما
رات صنع عائشة قابلتها بنقيض ذلك واظهرت موالاة علي
(ع)
ونصرتهعلى مقتضى العداوة المركوزة في طباع
الضرتين
. ((356))
17 قال ابو مخنف: جاءت عائشة الى ام سلمة تخادعها على
الخروج للطلب بدم عثمان، فقالت لها: يا بنتابي
امية انت اول
مهاجرة من ازواج رسول اللّه (ص)، وانت كبيرة امهات
المؤمنين، وكان رسول اللّه(ص) يقسم لنا من بيتك،
وكان
جبريل اكثر ما يكون في منزلك. فقالت ام سلمة: لامر ما
قلت
هذهالمقالة! فقالت عائشة: ان عبداللّه اخبرني ان
القوم استتابوا
عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام، وقدعزمت
على
الخروج الى البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا
لعل اللّه
ان يصلح هذا الامر على ايديناوبنا. فقالت: انا ام
سلمة، انك كنت
بالامس تحرضين على عثمان وتقولين فيه اخبث القول،
وما
كان اسمهعندك الا نعثلا، وانك لتعرفين منزلة علي
بن ابي
طالب عند رسول اللّه (ص) ((357)). الحديث ((358)).
18 روى ابن عبد ربه ((359)) عن العتبي قال: قال رجل من
بني ليث: لقيت الزبير قادما فقلت: يا ابا عبداللّه
مابالك؟ قال:
مطلوب مغلوب يغلبني ابني ويطلبني ذنبي، قال: فقدمت
المدينة فلقيت سعد بن ابي وقاصفقلت: ابا اسحاق من
قتل
عثمان؟ قال: قتله سيف سلته عائشة، وشحذه طلحة، وسمه
علي. قلت: فما حالالزبير؟ قال: اشار بيده وصمت
بلسانه.
وفي الامامة والسياسة ((360)): كتب عمرو بن العاص الى سعد
بن ابي وقاص يساله عن قتل عثمان ومن قتله ومنتولى
كبره،
فكتب اليه سعد: انك سالتني من قتل عثمان، واني اخبرك
انه
قتل بسيف سلته عائشة، وصقلهطلحة، وسمه ابن ابي
طالب،
وسكت الزبير واشار بيده، وامسكنا نحن ولو شئنا
دفعناه عنه،
ولكن عثمانغيروتغير واحسن واساء، فان كنا احسنا
فقد احسنا،
وان كنا اسانا فنستغفر اللّه،واخبرك انالزبير
مغلوببغلبة اهله
وبطلبه بذنبه، وطلحة لو يجد ان يشق بطنه من حب
الامارة
لشقه.
19 وقال ابن عبد ربه: دخل المغيرة بن شعبة على عائشة،
فقالت: يا ابا عبداللّه لو رايتني يوم الجمل
قدانفذت النصل
هودجي حتى وصل بعضها الى جلدي، قال لها المغيرة:
وددت
واللّه ان بعضها كان قتلك،قالت: يرحمك اللّه ولم
تقول هذا؟
قال: لعلها تكون كفارة في سعيك على عثمان، قالت: اما
واللّه
لئن قلت ذلكلما علم اللّه اني اردت قتله، ولكن علم
اللّه اني
اردت ان يقاتل فقوتلت، واردت ان يرمى فرميت، واردت
انيعصى فعصيت، ولو علم مني اني اردت قتله لقتلت
. ((361))
20 وروى ابن عبد ربه عن ابي سعيد الخدري قال: ان اناسا
كانوا عندفسطاط عائشة وانا معهم بمكةفمربنا
عثمان فما بقي
احد من القوم الا لعنه غيري، فكان فيهم رجل من اهل
الكوفة
فكان عثمان على الكوفياجرا منه على غيره، فقال: يا
كوفي
اتشتمني؟ فلم ا قدم المدينة كان يتهدده، قال: فقيل
له: عليك
بطلحة،قال: فانطلق معه حتى دخل على عثمان فقال
عثمان:
واللّه لاجلدنه مائة سوط. قال طلحة: واللّه لا تجلده
مائةالا ان
يكون زانيا. قال: واللّه لاحرمنه عطاءه. قال: اللّه
يرزقه ((362)).
21 قال ابن الاثير والفيروزآبادي وابن منظور
والزبيدي:
النعثل: الشيخ الاحمق، ونعثل: يهودي كانبالمدينة.
قيل شبه
به عثمان (رضىا...عنه) كما في التبصير، ونعثل رجل من
اهل
مصر كان طويل اللحية، قالابو عبيد: كان يشبه
عثمان،
وشاتمو عثمان يسمونه نعثلا، وفي حديث عثمان انه كان
يخطب ذات يوم فقام رجلفنال منه فوذاه ابن سلام
فاتذا
((363))، فقال له رجل: لا يمنعنك مكان ابن سلام ان
تسب
نعثلا فانه من شيعته،وكان اعداء عثمان يسمونه
نعثلا، وفي
حديث عائشة: اقتلوا نعثلا قتل اللّه نعثلا. تعني
عثمان، وكان
هذا منهالما غاضبته وذهبت الى مكة، وفي حياة
الحيوان:
النعثل كجعفر: الذكر من الضباع وكان اعداء عثمان
يسمونه نعثلا ((364)).
22 روى البلاذري في الانساب قال: خرجت عائشة رضي
اللّه
تعالى عنهاباكية تقول: قتل عثمان(ره).فقال لها عمار
بن ياسر:
انت بالامس تحرضين عليه ثم انت اليوم تبكينه.
راجع ((365))
طبقات ابن سعد (5/25) طبع ليدن، انساب
البلاذري (5/70، 75، 91)، الامامة والسياسة (1/43،46، 57)،
تاريخ الطبري (5/140، 166، 172، 176)، العقد الفريد (2/267،
272)، تاريخ ابن عساكر(7/319)، الاستيعاب ترجمة الاحنف
صخر بن قيس، تاريخ ابي الفداء (1/172)، شرح ابن ابي
الحديد(2/77، 506)، تذكرة السبط (ص38، 40)، نهاية ابن
الاثير (4/166)، اسد الغابة (3/15)، الكامل لابنالاثير
(3/87)،
القاموس (4/59)، حياة الحيوان (2/359)، السيرة الحلبية
(3/314)، لسان العرب(14/193)، تاج العروس (8/141).
قال الاميني : هذه الروايات تعطينا درسا ضافيا
بنظرية عائشة
في عثمان، وانها لم تكن ترى له جدارة تسنمذلك
العرش،
وبالغت في ذلك حتى ودت ازالته عن مستوى الوجود.
فاحبت
له ان يلقى في البحر وبرجلهرحى تجره الى اعماقه،
او انه
يجعل في غرارة من غرائرها وتشد عليه الحبال فيقذف
في
عباب اليم فيرسبفيه من غير خروج، او ان يودي به
حراب
المتجمهرين عليه فتكسح عن الملا معرة احدوثاته.
ولذلك كانت تثير الناس عليه باخراج شعر رسول اللّه
(ص)
وثوبه ونعله، ولم تبرح تؤلب الملا الدينيعليه
وتحثهم على
مقته وتخذلهم عن نصرته في حضرها وسفرها، وانها لم
تعدل
عن تلكم النظرية حتى بعدما اجهز على عثمان الا لما
علمت
من انفلات الامر عن طلحة الذي كانت عائشة تتهالك
دون
تاميرهوتضمر تقديمه منذ كانت ترهج النقع على
عثمان،
وتهيج الامة على قتله، فكانت تروم ان تعيد الامرة
تيميةمرة
اخرى، ولعلها حجت لبث هاتيك الدعاية في طريقها وعند
مجتمع الحجيج بمكة، فكان يسمع منها قولهافي طلحة:
ايه ذا
الاصبع! ايه ابا شبل! ايه يابن عم! لكاني انظر الى
اصبعه وهو
يبايع له، وقولها: ايه ذاالاصبع! للّه ابوك، اما
انهم وجدوا طلحة
لها كفوا.
وقولها في عثمان: اقتلوا نعثلا قتله اللّه فقد كفر،
وقولها لابن
عباس: اياك ان ترد الناس عن هذا الطاغية،وقولها
بمكة: بعدا
لنعثل وسحقا، وقولها لما بلغها قتله: ابعده اللّه،
ذلك بما قدمت
يداه وما اللّه بظلام للعبيد.
لكنها لما علمت ان خلافة اللّه الكبرى عادت علوية
واستقرت
في مقرها الجدير بها ولم يكن لها مع اميرالمؤمنين
(ع) هوى
قلبت عليها ظهر المجن، فطفقت تقول: لوددت ان السماء
انطبقت على الارض انتمهذا، واظهرت الاسف على
قتل
عثمان ورجعت الى مكة بعد ما خرجت منها، ونهضت ثائرة
تطلب بدمعثمان لعل ها تجلب الامرة الى طلحة من هذا
الطريق، والا فما هي من اولياء ذلك الدم، وقد وضع
عنها
قودالعساكر ومباشرة الحروب، لانها امراة خلقها
اللّه لخدرها،
وقد نهيت كبقية نساء النبي (ص) خاصة عنالتبرج، وقد
انذرها
رسول اللّه (ص) وحذرها عن خصوص واقعة الجمل، غير
انها
اعرضت عن ذلك كلهلما ترجح في نظرها من لزوم تاييد
امر
طلحة، وتصاممت عن نبح كلاب الحواب، وقد ذكره لها
الصادقالامين عند الانذار والتحذير، ولم تزل
يقودها الامل
حتى قتل طلحة فالمت بها الخيبة، وغلب امر اللّه
وهيكارهة.
(3) حديث عبد الرحمن بن عوف
احد العشرة
المبشرة، شيخ الشورى، بدري
1 اخرج البلاذري عن سعد، قال: لما توفي ابوذر
بالربذة تذاكر
علي وعبدالرحمن بن عوف فعل عثمان،فقال علي: «هذا
عملك». فقال عبدالرحمن: اذا شئت فخذ سيفك وآخذ
سيفي،
انه قد خالف ما اعطاني.
2 قال ابو الفداء: لما احدث عثمان (رضىا...عنه) ما
احدث من
توليته الامصار للاحداث من اقاربه، رويانه قيل
لعبدالرحمن
بن عوف: هذا كله فعلك. فقال: ما كنت اظن هذا به، لكن
للّه
علي ان لا اكلمه ابدا،ومات عبدالرحمن وهو مهاجر
لعثمانغ،
ودخل عليه عثمان عائدا في مرضه فتحول الى الحائط
ولميكلمه.
3 روى البلاذري من طريق عثمان بن الشريد، قال: ذكر
عثمان عند عبد الرحمن بن عوف في مرضه الذيمات فيه،
فقال عبدالرحمن: عاجلوه قبل ان يتمادى في ملكه. فبلغ
ذلك
عثمان، فبعث الى بئر كا2ن يسقىمنها نعم عبدالرحمن
بن
عوف فمنعه اياها، فقال عبدالرحمن: اللهم اجعل ماءها
غورا،
فما وجدت فيهاقطرة.
4 عن عبداللّه بن ثعلبة، قال: ان عبدالرحمن بن عوف
كان
حلف الا يكلم عثمان ابدا.
5 عن سعد، قال: ان عبدالرحمن اوصى ان لا يصلي عليه
عثمان، فصلى عليهالزبير او سعد بن ابي وقاص،وتوفي
سنة
اثنتين وثلاثين.
6 قال ابن عبد ربه: لما احدث عثمان ما احدث من تامير
الاحداث من اهل بيته على الجلة من اصحابمحمد، قيل
لعبد
الرحمن: هذا عملك. قال: ما ظننت هذا. ثم مضى ودخل عليه
وعاتبه وقال: انما قدمتك علىان تسير فينا بسيرة
ابي بكر
وعمر فخالفتهما، وحابيت اهل بيتك واوطاتهم رقاب
المسلمين. فقال: انعمركان يقطع قرابته في اللّه،
وانا اصل
قرابتي في اللّه. قال عبدالرحمن: للّه علي ان لا
اكلمك ابدا. فلم
يكلمه ابداحتى مات وهو مهاجر لعثمان، ودخل عليه
عثمان
عائدا له في مرضه فتحول عنه الى الحائط ولم يكلمه.
راجع ((366))
: انساب البلاذري (5/57)، العقد الفريد
(2/258، 261، 272)، تاريخ ابي الفداء (1/166).
7 اخرج الطبري من طريق المسور بن مخرمة، قال: قدمت
ابل من ابل الصدقة على عثمان، فوهبها لبعضبني
الحكم،
فبلغ ذلك عبدالرحمن بن عوف، فارسل الى المسور بن
مخرمة
والى عبدالرحمن بن الاسود بنعبد يغوث فاخذاها،
فقسمها
عبدالرحمن في الناس وعثمان في الدار.
تاريخ الطبري (5/113)، الكامل لابن الاثير (3/70)، شرح
ابن
ابي الحديد (1/165) ((367)).
8 قال ابو هلال العسكري في كتاب الاوائل: استجيبت
دعوة
علي (ع) في عثمان وعبدالرحمن، فما ماتاالامتهاجرين
متعاديين. ارسل عبدالرحمن الى عثمان يعاتبه. الى ان
قال: لما
بنى عثمان قصره طمار الزوراء،وصنع طعاما كثيرا،
ودعا الناس
اليه، كان فيهم عبدالرحمن فلما نظر الى البناء
والطعام قال:
يابن عفان لقدصدقنا عليك ما كنا نكذب فيك، واني
استعيذ
باللّه من بيعتك، فغضب عثمان وقال: اخرجه عني يا
غلام،فاخرجوه وامر الناس ان لا يجالسوه، فلم يكن
ياتيه احد الا
ابن عباس، كان ياتيه فيتعلم منه القرآنوالفرائض،
ومرض
عبدالرحمن فعاده عثمان وكلمه فلم يكلمه حتى مات.
شرح ابن ابي الحديد ((368)) (1/65، 66).
قول العسكري: استجيبت دعوة علي، اشارة الى ما ورد من
قوله
(ع) يومالشورى لعبدالرحمن بن عوف:«واللّه ما
فعلتها الا لانك
رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه، دق اللّه بينكما
عطر
منشم» ((369)).
ومنشم: امراة عطارة من حمير، وكانت خزاعة وجرهم اذا
ارادوا
القتال تطيبوا من طيبها، وكانوا اذا فعلواذلك كثر
القتلى فيما
بينهم، فكان يقال: اشام من عطر منشم، فصار مثلا ((370)).
وقول عبدالرحمن: لقد صدقنا عليك ما كنا نكذب فيك.
ايعاز
الى قول مولانا امير المؤمنين يوم الشورىايضا:
«اما اني اعلم
انهم سيولون عثمان، وليحدثن البدع والاحداث، ولئن
بقي
لاذكرنك، وان قتل او ماتليتداولنها بنو امية
بينهم، وان كنت
حيا لتجدني حيث تكرهون» ((371)).
قال الشيخ محمد عبده في شرح نهج البلاغة ((372))
(1/35):
لما حدث في عهد عثمان ما حدث من قيام الاحداثمن
اقاربه
على ولاية الامصار، ووجد عليه كبار الصحابة، روي
انه قيل
لعبد الرحمن: هذا عمل يديك.فقال: ما كنت اظن هذا
بهولكن
للّه علي ان لا اكلمه ابدا، ثم مات عبدالرحمن وهو
مهاجر
لعثمان، حتى قيل:ان عثمان دخل عليه في مرضه يعوده
فتحول الى الحائط لا يكلمه، واللّه اعلم والحكم
للّه يفعل ما يشاء.
وقال ابن قتيبة في المعارف ((373)) (ص239): كان عثمان
بن عفان مهاجرا لعبد الرحمن بن عوف حتى ماتا.
قال الاميني : لابد ان يساءل هؤلاء عن اشياء، فيقال
لهم: ان
سيرة الشيخين التي بويع عثمان عليها هل كانتتطابق
سنة
رسول اللّه (ص) او تخالفها؟ وعلى الاول فشرطها
مستدرك،
ولا شرط للخلافة الامطابقةكتاب اللّه وسنة نبيه
(ص) ولا نقمة
على تاركها الا بترك السنة لا السيرة، فذكرها الى
جانب
السنةالشريفة كضم اللاحجة الى الحجة، او كوضع
الحجر الى
جنب الانسان، وعلى الثاني فان من الواجب علىكل
مسلم
مخالفتها بعد فرض ايمانه باللّه وبكتابه ورسوله
واليوم الاخر،
فكان من حق المقام ان ينكروا علىعثمان مخالفة
السنة
فحسب. ولهذا لم يقبل مولانا امير المؤمنين لما القى
اليه
عبدالرحمن امر البيعة على الشرطالمذكور الا
مطابقة امره
للسنة والاجتهاد فيها ((374)).
وليت شعري انه لما شرط ابن عوف على عثمان ذلك هل كان
يعلم بما قلناه من الموافقة او المخالفة او لا؟وعلى
فرض علمه
يتوجه عليه ما سطرناه على كل من الفرضين، وعلى
تقدير عدم
علمه وهو ابعد شيءيفرض فكيف شرط عليه ما لا يعلم
حقيقته،
وكيف يناط امر الدين وزعامته الكبرى بحقيقة
مجهولة؟
وماالفائدة في اشتراطه؟
وللباقلاني في التمهيد (ص210) في بيان هذا الشرط وجه
نجل
عنه ساحة كل متعلم فاهم فضلا عن عالم مثله.
ثم ناتي الى عثمان فنحاسبه على قبوله لاول وهلة، هل
كان
يعلم شيئا مما قدمناه من النسبة بين السنةوالسيرة
او لا؟ فهلا
شرط الامر على تقدير الموافقة، ورفضه على فرض
المخالفة.
وان كان لا يعلم فكيفقبل شرطا لا يدري ما هو؟
|