الغلو في فضائل عثمان ابن عفان
بن ابي العاص بن امية الخليفة الاموي

قبل الشروع في سرد الفضائل نوقفك على مواد تعرفك مبلغ
الخليفة من العلم، ومقداره من النفسيات‏الفاضلة، وموقفه من
التقوى، ومبواه من الايمان، حتى يكون نظرك في فضائله نظر
عارف به وبها.

(1) قضاؤه في امراة ولدت لستة اشهر
اخرج الحفاظ عن بعجة بن عبداللّه الجهني قال: تزوج رجل منا
امراة من جهينة فولدت له تماما لستة‏اشهر، فانطلق زوجها الى
عثمان، فامر بها ان ترجم، فبلغ ذلك عليا (رضي اللّه عنه) فاتاه
فقال: «ما تصنع؟ليس ذلك عليها، قال اللّه تبارك وتعالى:
(وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) ((444)). وقال:
(والوالدات‏يرضعن‏اولاد هن حولين كاملين) ((445))
فالرضاعة اربعة وعشرون شهرا. والحمل ستة اشهر». فقال
عثمان:واللّه ما فطنت لهذا. فامر بها عثمان ان ترد فوجدت قد
رجمت، وكان من قولها لاختها: يا اخية لا تحزني‏فواللّه ما كشف
فرجي احد قط غيره، قال: فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به
وكان اشبه الناس به، وقال:فرايت الرجل بعد يتساقط عضوا
عضوا على فراشه.
اخرجه ((446)): مالك ، وابن المنذر ، وابن ابي حاتم ،
والبيهقي ، وابو عمر ، وابن كثير ، وابن الديبع ، والعيني
،والسيوط‏ي كما مر في الجزء السادس صفحة(94).
قال الاميني: ان تعجب فعجب ان امام المسلمين لا يفطن لما
في كتاب اللّه العزيز مما تكثر حاجته اليه في شتى‏الاحوال، ثم
يكون من جراء هذا الجهل ان تودى بريئة مؤمنة، وتتهم
بالفاحشة، ويهتك ناموسها بين الملاالديني وعلى رؤوس
الاشهاد.
وهلا كان حين عزب عنه فقه المسالة قد استشار احدا من
الصحابة يعلم ما جهله فلا يبوء باثم القتل‏والفضيحة؟ وهلا تذكر
لدة هذه القضية وقد وقعت غير مرة على عهد عمر؟ حين اراد
ان يرجم نساء ولدن‏ستة اشهر فحال دونها امير المؤمنين وابن
عباس كما مرت في الجزء السادس (ص‏93 95).
ثم هب انه ذهل عن الايتين الكريمتين، ونسي ما سبق في
العهد العمري، فماذا كان مدرك حكمه برجم تلك‏المسكينة؟
اهو الكتاب؟ فانى هو؟ او السنة؟ فمن ذا الذي رواها؟ او الراي
والقياس؟ فاين مدرك الراي؟وما ترتيب القياس؟ وان كانت
فتوى مجردة؟ فحيا اللّه المفتي، وزه بالفتيا، ومرحبا بالخلافة
والخليفة، نعم،لايربي بيت امية اربى من هذا البشر، ولا يجتنى
من تلك الشجرة اشهى من هذا الثمر.

(2) اتمام عثمان الصلاة في السفر
اخرج الشيخان وغيرهما بالاسناد عن عبداللّه بن عمر قال:
صلى بنا رسول اللّه (ص) بمنى ركعتين وابو بكربعده وعمر بعد
ابي بكر وعثمان صدرا من خلافته‏غ، ثم ان عثمان صلى بعد
اربعا، فكان ابن عمر اذا صلى‏مع الامام صلى اربعا، واذا صلى
وحده صلى ركعتين ((447)).
وفي لفظ ابن حزم في المحلى (4/270): ان ابن عمر كان اذا
صلى مع الامام بمنى اربع ركعات انصرف الى‏منزله فصلى فيه
ركعتين اعادها.
واخرج مالك في الموطا ((448)) (1/282) عن عروة: ان رسول
اللّه (ص) صلى الرباعية بمنى ركعتين، وان ابابكرصلاها بمنى
ركعتين، وان عمر بن الخطاب صلاها بمنى ركعتين، وان
عثمان صلاها بمنى ركعتين شطر امارته‏ثم اتمها بعد.
واخرج النسائي في سننه ((449)) (3/120) عن انس بن مالك
انه قال: صليت مع رسول اللّه (ص) بمنى ومع ابي‏بكر وعمر
ركعتين ومع عثمان ركعتين صدرا من امارته.
وباسناده عن عبدالرحمن بن يزيد قال: صلى عثمان بمنى اربعا
حتى بلغ ذلك عبداللّه فقال: لقد صليت مع‏رسول اللّه (ص)
ركعتين. الحديث.
ورواه امام الحنابلة احمد في المسند ((450)) (1/378)، واخرج
حديث انس المذكور في مسنده (3/145) ولفظه:صلى رسول
اللّه (ص) الصلاة بمنى ركعتين وصلاها ابو بكر بمنى ركعتين،
وصلاها عمر بمنى ركعتين،وصلاها عثمان بن عفان بمنى
ركعتين اربع سنين ثم اتمها بعد.
واخرج الشيخان وغيرهما بالاسناد عن عبدالرحمن بن يزيد
قال: صلى بنا عثمان بن عفان (رضي اللّه عنه)بمنى اربع
ركعات، فقيل ذلك لعبداللّه بن مسعود، فاسترجع ثم قال:
صليت مع رسول اللّه (ص) بمنى ركعتين،وصليت مع ابي بكر
(رضي اللّه عنه) بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب
(رضي اللّه عنه) بمنى‏ركعتين، فليت حظ‏ي من اربع ركعات
ركعتان متقبلتان ((451)).
واخرج ابو داود وغيره عن عبدالرحمن بن يزيد قال: صلى
عثمان (رضي اللّه عنه) بمنى اربعا، فقال عبداللّه:صليت مع
رسول اللّه (ص) ركعتين، ومع ابي بكر ركعتين، ومع عمر
ركعتين، ومع عثمان صدرا من امارته‏ثم‏اتم ها، ثم تفرقت بكم
الطرق فلوددت ان لي من اربع ركعات ركعتين متقبلتين. قال
الاعمش: فحدثني‏معاوية بن قرة عن اشياخه: ان عبداللّه صلى
اربعا فقيل له: عبت على عثمان ثم صليت اربعا؟ قال:
الخلاف‏شر ((452)).
واخرج البيهقي في السنن الكبير (3/144) عن عبد الرحمن بن
يزيد قال: كنا مع عبداللّه بن مسعود بجمع،فلما دخل مسجد
منى فقال: كم صلى امير المؤمنين؟ قالوا: اربعا، فصلى اربعا
قال: فقلنا: الم تحدثنا ان‏النبي(ص) صلى ركعتين، وابا بكر
صلى ركعتين؟ فقال: بلى وانا احدثكموه الان، ولكن عثمان
كان اماما فمااخالفه والخلاف شر.
واخرج البيهقي في السنن (3/144) عن حميد، عن عثمان
بن‏عفان انه اتم الصلاة بمنى، ثم خطب الناس فقال: ياايها
الناس ان السنة سنة رسول اللّه (ص) وسنة صاحبيه، ولكنه
حدث العام من الناس فخفت ان يستنوا.واخرجه ابن عساكر كما
في كنز العمال ((453)) (4/239).
واخرج ابو داود وغيره عن الزهري: ان عثمان بن عفان (رضي
اللّه عنه) اتم الصلاة بمنى‏من اجل الاعراب‏لانهم كثروا عامئذ
فصلى بالناس اربعا ليعلمهم ان الصلاة اربعا ((454)).
وروى ابن حزم في المحلى (4/270) من طريق سفيان بن
عيينه عن جعفر بن محمد عن ابيه قال: اعتل عثمان‏وهو
بمنى، فاتى علي فقيل له: صل بالناس فقال: ان شئتم صليت
بكم صلاة رسول اللّه (ص). يعني ركعتين‏قالوا: لا، الا صلاة امير
المؤمنين يعنون عثمان اربعا. فابى.
وذكره ابن التركماني في ذيل سنن البيهقي (3/144).
واخرج امام الحنابلة احمد في مسنده ((455)) (2/44) عن
عبداللّه بن عمر قال: خرجنا مع رسول اللّه (ص)فكان يصلي
صلاة السفر يعني ركعتين ومع ابي بكر وعمر وعثمان ست
سنين من امرته ثم صلى اربعا.
واخرج البيهقي في السنن الكبرى (3/153) بالاسناد عن ابي
نضرة: ان رجلا سال عمران بن حصين عن‏صلاة رسول اللّه
(ص) في السفر فقال: ائت مجلسنا. فقال: ان هذا قد سالني عن
صلاة رسول اللّه (ص) في‏السفر فاحفظوها عني:
ما سافر رسول اللّه (ص) سفرا الا صلى ركعتين حتى يرجع
ويقول: يا اهل مكة قوموا فصلوا ركعتين فاناسفر، وغزا الطائف
وحنين فصلى ركعتين، واتى الجعرانة فاعتمر منها، وحججت
مع ابي بكر (رضي اللّهعنه) واعتمرت فكان يصلي ركعتين،
ومع عمر بن الخطاب(رضي اللّه عنه) فكان يصلي ركعتين،
ومع عثمان‏فصلى ركعتين صدرا من امارته، ثم صلى عثمان
بمنى اربعا. وفي لفظ الترمذي في الصحيح ((456)) (1/71):
ومع‏عثمان ست سنين من خلافته او ثماني سنين فصلى
ركعتين. فقال: حسن صحيح.
وفي الكنز ((457)) (4/240) من طريق الدارقطني عن ابن
جريج قال: سال حميد الضمري ابن عباس فقال: اني‏اسافر،
فاقصر الصلاة في السفر ام اتمها؟ فقال ابن عباس: لست
تقصرها ولكن تمامها وسنة رسول اللّه(ص)، خرج رسول اللّه
(ص) آمنا لا يخاف الا اللّه فصل ى اثنتين حتى رجع، ثم خرج
ابو بكر لا يخاف‏الااللّه فصلى ركعتين حتى رجع، ثم خرج عمر
آمنا لا يخاف الا اللّه فصلى اثنتين حتى رجع، ثم فعل
ذلك‏عثمان ثلثي امارته او شطرها ثم صلاها اربعا، ثم اخذ بها
بنو امية. قال ابن جريج: فبلغني انه اوفى اربعا بمنى‏فقط من
اجل ان اعرابيا ناداه في مسجد الخيف بمنى: يا امير المؤمنين
ما زلت اصليها ركعتين منذ رايتك عام‏الاول صليتها ركعتين.
فخشي عثمان ان يظن جهال الناس الصلاة ركعتين وانما كان
اوفاها بمنى.
واخرج احمد في المسند ((458)) (4/94) من طريق عباد بن
عبداللّه قال: لما قدم علينا معاوية حاجا صلى بناالظهر ركعتين
بمكة، ثم انصرف الى دار الندوة فدخل عليه مروان وعمرو بن
عثمان فقالا له: لقد عبت امرابن عمك لانه كان قد اتم الصلاة.
قال: وكان عثمان حيث اتم الصلاة اذا قدم مكة صلى بها الظهر
والعصروالعشاء اربعا اربعا، ثم اذا خرج الى منى وعرفة قصر
الصلاة فاذا فرغ الحج واقام بمنى اتم الصلاة. وذكره‏ابن حجر
في فتح الباري ((459)) (2/457)، والشوكاني في نيل الاوطار
(2/260). ((460))
وروى الطبري في تاريخه ((461)) وغيره: حج بالناس في سنة
(29) عثمان فضرب بمنى فسطاطا فكان اول‏فسطاط ضربه
عثمان بمنى، واتم الصلاة بها وبعرفة، فذكر الواقدي بالاسناد
عن ابن عباس قال: ان اول ماتكلم الناس في عثمان ظاهرا انه
صلى بالناس بمنى في ولايته ركعتين حتى اذا كانت السنة
السادسة اتمها،فعاب ذلك غير واحد من اصحاب النبي (ص)،
وتكلم في ذلك من يريد ان يكثر عليه حتى جاءه
علي‏فيمن‏جاءه فقال: واللّه ما حدث امر ولاقدم عهد ولقد
عهدت نبى ك (ص) يصلي ركعتين، ثم ابا بكر، ثم عمر،وانت
صدرا من ولايتك، فما ادري ما يرجع اليه؟ فقال: راي رايته.
وعن عبدالملك بن عمرو بن ابي سفيان الثقفي عن عمه قال:
صلى عثمان بالناس بمنى اربعا فاتى آت‏عبدالرحمن بن عوف
فقال: هل لك في اخيك؟ قد صلى‏بالناس اربعا، فصلى
عبدالرحمن باصحابه ركعتين، ثم‏خرج حتى دخل على عثمان
فقال له: الم تصل في هذا المكان مع رسول اللّه (ص) ركعتين؟
قال: بلى.
قال: الم تصل مع ابي بكر ركعتين؟ قال: بلى. قال: افلم تصل
مع عمر ركعتين؟ قال: بلى. قال؟ الم تصل‏صدرامن خلافتك
ركعتين؟ قال: بلى. قال: فاسمع من ي يا ابا محمد اني اخبرت
ان بعض من حج من اهل اليمن‏وجفاة الناس قد قالوا في عامنا
الماضي: ان الصلاة للمقيم ركعتان هذا امامكم عثمان يصلي
ركعتين. وقداتخذت بمكة اهلا فرايت ان اصلي اربعا لخوف ما
اخاف على الناس، واخرى قد اتخذت بها زوجة، ولي‏بالطائف
مال، فربما اطلعته فاقمت فيه بعد الصدر.
فقال عبدالرحمن بن عوف: ما من هذا شي‏ء لك فيه عذر، اما
قولك: اتخذت اهلا، فزوجتك بالمدينة تخرج‏بها اذا شئت،
وتقدم بها اذا شئت، انما تسكن بسكناك.
واما قولك: ولي مال بالطائف. فان بينك وبين الطائف مسيرة
ثلاث ليال وانت لست من اهل الطائف.
واما قولك: يرجع من حج من اهل اليمن وغيرهم فيقولون: هذا
امامكم عثمان يصلي ركعتين وهو مقيم، فقدكان رسول اللّه
(ص) ينزل عليه الوحي والناس يومئذ الاسلام فيهم قليل، ثم
ابو بكر مثل ذلك، ثم عمر،فضرب الاسلام بجرانه فصلى‏بهم
عمر حتى مات ركعتين. فقال عثمان: هذا راي رايته.
قال: فخرج عبدالرحمن فلقي ابن مسعود فقال: ابا محمد غير
ما يعلم؟ قال: لا. قال: فما اصنع؟ قال: اعمل‏انت بما تعلم. فقال
ابن مسعود: الخلاف شر، قد بلغني انه صلى اربعا فصليت
باصحابي اربعا. فقال‏عبدالرحمن بن عوف: قد بلغني انه صلى
اربعا فصليت باصحابي ركعتين، واما الان فسوف يكون
الذي‏تقول، يعني نصلي معه اربعا.
انساب البلاذري (5/39)، تاريخ الطبري (5/56)، كامل ابن
الاثير (3/42)، تاريخ ابن كثير (7/154)، تاريخ‏ابن خلدون
(2/386) ((462)).

نظرة في راي الخليفة
قال الاميني: انت ترى ان ما ارتكبه الرجل مجرد راي غير
مدعوم ببرهنة ولا معتضد بكتاب او سنة، ولم‏يكن عنده غير ما
تترس به من حججه الثلاث التي دحضها عبدالرحمن بن عوف
باوفى وجه حين ادلى‏بها، بعد ان اربكه النقد، وكان ذلك منه
تشبثا كتشبث الغريق، ومن امعن النظر فيها لا يشك انها مما لا
يفوه‏به ذو مرة في الفقاهة فضلا عن امام المسلمين، ولو كان
مجرد ان زوجته مكية من قواطع السفر فاي مهاجرمن
الصحابة ليس كمثله؟ فكان اذن من واجبهم الاتمام، لكن
الشريعة فرضت التقصير على المسافر مطلقا،والزوجة في قبضة
الرجل تتبعه في ظعنه واقامته، فلا تخرج زوجها عن حكم
المسافر لمحض انه بمقربة من‏بيئتها الاصلية التي هاجر عنها
وهاجرت.
قال ابن حجر في فتح الباري ((463)) (2/456): اخرج احمد
والبيهقي من حديث عثمان وانه لما صلى بمنى اربع‏ركعات
انكر الناس عليه فقال: اني تاهلت بمكة لما قدمت واني سمعت
رسول اللّه (ص) يقول: من تاهل‏ببلدة فانه يصلي صلاة مقيم.
قال: هذا الحديث لا يصح منقطع، وفي رواته من لا يحتج به،
ويرده ان‏النبي(ص) كان يسافر بزوجاته وقص ر.
وقال ابن القيم ((464)) في عد اعذار الخليفة: انه كان قد تاهل
بمنى، والمسافر اذا اقام في موضع وتزوج فيه، اوكان له به
زوجة اتم. ويروى في ذلك حديث مرفوع عن النبي (ص)،
فروى عكرمة‏بن ابراهيم الازدي عن‏ابي ذئاب عن ابيه قال:
صلى‏عثمان باهل منى اربعا وقال: يا ايها الناس لما قدمت
تاهلت بها، واني سمعت‏رسول اللّه (ص) يقول: اذا تاهل الرجل
ببلدة فانه يصلي بها صلاة مقيم. رواه الامام احمد (رحمه اللّه)
في‏مسنده ((465)) (1/62)، وعبداللّه بن الزبير الحميدي في
مسنده ((466)) ايضا، وقد اعله البيهقي با نقطاعه،
وتضعيفه‏عكرمة بن ابراهيم، قال ابو البركات بن تيمية: ويمكن
المطالبة بسبب الضعف، فان البخاري ذكره في
تاريخه((467)) ولم يطعن فيه، وعادته ذكر الجرح
والمجروحين، وقد نص احمد وابن عباس قبله: ان المسافر اذا
تزوج‏لزمه الاتمام، وهذا قول ابي حنيفة،، ومالك واصحابهما،
وهذا احسن ما اعتذر به عن عثمان. انتهى.
قال الاميني: لو كان عثمان لهج بهذه المزعمة في وقته على
رؤوس الاشهاد، وكان من المسلم في الاسلام‏ان‏التزويج من
قواطع السفر وليس كذلك لما بقيت كلمة مطوى ة تحت
استار الخفاء حتى يكتشفها هذاالاثري المتمحل، او يختلقها له
رماة القول على عواهنه.
ثم لاي شي‏ء كانت، والحالة هذه، نقود الصحابة الموجهة الى
الرجل؟ او لم يسمعوه لما رفع عقيرته بعذره‏الموجه؟ او سمعوه
ولم يقيموا له وزنا؟ او ان الخطاب من ولائد ام الفرية بعد
منصرم ايامه؟
على ان النكاح لا يتم عند القوم الا بشاهدين عدلين، وورد عن
ابن عباس: «لا نكاح الا باربعة: ولي،وشاهدين، وخاطب‏»
((468))، فاين كان اركان نكاح الخليفة يوم توجيه النقود اليه؟
حتى يدافعوا عنه تلك‏الجلبة واللغط.
ومتى تاهل الرجل بهذه المراة الموهومة قاطعة السفر له؟ وما
المسوغ له ذلك وقد دخل مكة محرما؟ وكيف‏يشيع المنكر
ويقول: تاهلت بمكة مذ قدمت؟ ولم يكن متمتعا بالعمرة لانه
لم يكن يبيح ذلك اخذا براي‏من حرمها كما ياتي تفصيله
حتى‏يقال: انه تاهل بين الاحرامين بعد قضاء نسك العمرة، فهو
كان لم يزل‏محرما من مسجد الشجرة حتى احل بعد تمام
النسك بمنى، فيجب ان يكون اتمامه الصلاة ان صح
الاتمام‏بالتاهل، وانى؟ من حيث احل وتاهل، وقد صلاها تامة
بمنى ايام منى وبعرفات ايضا محرما مع الحاج، فهذه‏مشكلة
اخرى قط لا تنحل لما صح من طريق عثمان نفسه عن رسول
اللّه (ص) من قوله: «لا ينكح‏المحرم‏ولا ينكح ولا يخطب‏»
. ((469))
وعن مولانا امير المؤمنين قال: «لا يجوز نكاح المحرم، ان نكح
نزعنا منه امراته‏» ((470)).
قال ابن حزم في المحلى (7/197): مسالة: لا يحل لرجل ولا
لامراة ان يتزوج او تتزوج، ولا ان يزوج‏الرجل غيره من وليته،
ولا ان يخطب خطبة نكاح مذ يحرمان الى ان تطلع الشمس
من يوم النحر، ويدخل‏وقت رمي جمرة العقبة، ويفسخ النكاح
قبل الوقت المذكور، كان فيه دخول وطول مدة وولادة او لم
يكن،فاذا دخل الوقت المذكور حل لهما النكاح والانكاح. ثم ذكر
دليل الحكم فقال:
فان نكح المحرم او المحرمة فسخ لقول رسول اللّه (ص): من
عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. وكذلك ان‏انكح من لا نكاح
لها الا بانكاحه فهو نكاح مفسوخ لما ذكرنا، ولفساد الانكاح الذي
لا يصح النكاح الابه،ولا صحة لما لا يصح، الا بما يصح، واما
الخطبة فان خطب فهو عاص ولا يفسد النكاح، لان الخطبة
لامتعلق لها بالنكاح، وقد يخطب ولا يتم النكاح اذا رد الخاطب،
وقد يتم النكاح بلا خطبة اصلا، لكن بان‏يقول لها: انكحيني
نفسك فتقول: نعم قد فعلت. ويقول هو: قد رضيت، وياذن
الولي في ذلك. ثم بسط القول‏في رد من زعم جواز نكاح
المحرم باحسن بيان. فراجع. وللامام الشافعي في كتابه الام
((471)) كلمة حول‏نكاح المحرم ضافية لدة هذه، راجع
(5/160).
وليتني ادري باي كتاب ام باية سنة قال ابو حنيفة ومالك ونص
احمد كما زعمه ابن القيم ((472)) : على‏ان‏المسافر اذا
تزوج ببلدة لزمه الاتمام بها؟ وسنة رسول اللّه الثابتة عنه (ص)
خلافه، وكان المهاجرون كلهم‏يقصرون بمكة، وهي قاعدة
ازواجهم كما سمعت، وليس مستند القوم الا رواية عكرمة بن
ابراهيم التي اعلهاالبيهقي، وقد مر عن ابن حجر انها لا تصح.
وقال يحيى ((473)) وابو داود: عكرمة ليس بشي‏ء. وقال
النسائي((474)): ضعيف ليس بثقة. وقال العقيلي ((475)):
في حديثه اضطراب. وقال ابن حبان ((476)): كان ممن
يقلب‏الاخبار، ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به. وقال
يعقوب: منكر الحديث. وقال ابو احمد الحاكم: ليس‏بالقوي،
وذكره ابن الجارود وابن شاهين في الضعفاء ((477)).
نعم راق اولئك الائمة التحفظ على كرامة الخليفة ولو بالافتاء
بغيرما انزل اللّه، وكم له من نظير! ونوقفك في‏الاجزاء الاتية
على شطر مهم من الفتاوى الشاذة عن الكتاب والسنة عند
البحث عنها، والعجب كل العجب‏عد ابن القيم هذا العذر
المفتعل احسن ما اعتذر به عن عثمان، وهو مكتنف بكل ما
ذكرناه من النقود والعلل،هذا شان احسن ما اعتذر به، فما
ظنك بغيره؟!
واما وجود مال له بالطائف فالرجل مكي قد هاجر عنها لا
طائفي، وبينه وبين الطائف عدة مراحل، هب‏ان له مالا بمكة او
بنفس منى وعرفة اللتين اتم فيهما الصلاة، فان مجرد المال
في مكان ليس يقطع السفر ما لم‏يجمع الرجل مكثا، وقد قصر
اصحاب النبي (ص) معه عام الفتح، وفي حجة ابي بكر ولعدد
منهم بمكة داراو اكثر وقرابات. كما رواه الشافعي، قال في
كتاب الام ((478)) (1/165): قد قصر اصحاب رسول‏اللّه (ص)
معه‏عام الفتح، وفي حجته، وفي حجة ابي بكر، ولعدد منهم
بمكة دار او اكثر وقرابات منهم: ابو بكر له بمكة داروقرابة،
وعمر له بمكة دور كثيرة، وعثمان له بمكة دار وقرابة، فلم
اعلم منهم احدا امره رسول اللّه (ص)بالاتمام، ولا اتم ولا اتموا
بعد رسول اللّه (ص) في قدومهم مكة، بل حفظ عمن حفظ عنه
منهم القصر بها.وذكره البيهقي في السنن (3/153).
واما الخيفة ممن حج من اهل اليمن وجفاة الناس الذين لم
يتمرنوا بالاحكام ان يقولوا: ان الصلاة للمقيم‏ركعتان هذا امام
المسلمين يصليها كذلك. فقد كانت اولى‏بالرعاية على العهد
النبوي والناس حديثو عهدبالاسلام، ولم تطرق جملة من
الاحكام اسماعهم، وكذلك على العهدين قبله، لكن رسول اللّه
(ص) لم يرعهابعد بيان حكمي الحاضر والمسافر، وكذلك من
اقتص اثره من بعده، ولقد صلى (ص) بمكة ركعتين ايام‏اقامته
بها ثم قال: اتموا الصلاة يا اهل مكة فانا سفر. او قال: يا اهل البلد
صلوا اربعا فانا سفر ((479)). فازال(ص) ما حاذره الخليفة في
تعليله المنحوت بعد الوقوع، فهلا كان منه اقتصاص لاثر النبي
(ص) فيما لم يزل‏دائبا عليه في اسفاره؟ فهلا اقتص اثره مع
ذلك البيان الاوفى؟ ولم يكن على الافواه اوكية ((480))، ولا
على‏الاذان صمم، وهل الواجب تعليم الجاهل؟ او تغيير الحكم
الثابت من جراء جهله؟
على ان الخليفة ان اراد ان ينقذ الهمج من الجهل بتشريع
الصلاة اربعا فقد القاهم في الجهل بحكم صلاة‏المسافر، فكان
تعليمه العملي اغراء بالجهل، وواجب التعليم هو الاستمرار على
ما ثبت في الشريعة مع‏البيان، كما فعله رسول اللّه (ص) في
مكة كما مر، وكان عمر اذا قدم مكة صلى لهم ركعتين ثم
يقول: يا اهل‏مكة اتموا صلاتكم فانا قوم سفر، وروى البيهقي
عن ابي بكر مثل ذلك. سنن البيهقي (3/126، 157)،
المحلى‏لابن حزم (5/18)، موطا مالك ((481)) (1/126).
هذه حجج الخليفة التي ادلى بها يوم ضايقه عبدالرحمن بن
عوف لكنها عادت عنده مدحورة، وقد اربكه‏عبدالرحمن بنقد
ما جاء به فلم يبق عنده الا ان يقول: هذا راي رايته، كما ان
مولانا امير المؤمنين (ع) لمادخل عليه وخصمه بحجاجه فقال:
واللّه ما حدث امر ولا قدم عهد. الخ. وعجز الرجل عن جوابه
فقال:راي رايته.
هذا منقطع معاذير عثمان في تبرير احدوثته فلم يبق له بعد
ارتحاضه الا قوله: راي رايته، لكن للرجل من‏بعده انصارا
اصطنعوا له اعذارا اخرى هي اوهن من بيت العنكبوت، ولم
يهتد اليها نفس الخليفة حتى يغبربها في وجه منتقديه، ولكن
كم ترك الاول للاخر، منها:
1 ان منى كانت قد بنيت وصارت قرية، كثر فيها المساكن في
عهده ولم يكن ذلك في عهد رسول اللّه (ص)،بل كانت فضاء
ولهذا قيل له: يا رسول اللّه الا تبني لك بمنى بيتا يظلك من
الحر؟ فقال: لا، منى مناخ من‏سبق، فتاول عثمان ان القصر انما
في حال السفر ((482)).
انا لا ادري ما صلة كثرة المساكن وصيرورة المحل قرية بحكم
القصر والاتمام؟ وهل السفر يتحقق بالمفاوزوالفلوات دون
القرى والمدن حتى اذا لم ينو فيها الاقامة؟ ان هذا لحكم
عجاب، وهذه فتوى من لا يعرف‏مغزى الشريعة، ولا ملاك
تحقق السفر والحضر المستتبعين للقصر والاتمام، على ان
رسول اللّه (ص) صلى‏ايام اقامته بمكة قصرا وكذلك في خيبر،
وكانت مكة ام القرى، وفي خيبر قلاع وحصون مشيدة
وقرى‏ورساتيق، وكذلك كان يفعل في اسفاره، وكان يمر بها
على قرية ويهبط اخرى.
على ان صيرورة المحل قرية لم تكن مفاجاة منها وانما عادت
كذلك بالتدريج، ففي اي حد منها كان يلزم‏الخليفة تغيير
الحكم؟ وعلى اي حد غير؟ انا لا ادري.
2 انه اقام بها ثلاثا وقد قال النبي (ص): «يقيم المهاجر بعد
قضاء نسكه بمكة ثلاثا» فسماه مقيما والمقيم غيرمسافر
((483)). وفي لفظ مسلم ((484)): «يمكث المهاجر بمكة بعد
قضاء نسكه ثلاثا». وفي لفظ البخاري: «للمهاجراقامة ثلاث بعد
الصدر بمكة‏». انتهى ((485)).
ان ملاك قطع السفر ليس صدق لفظ الاقامة، فليست المسالة
لغوية وانما هي شرعية، وقد اناطت السنة‏الشريفة الاتمام في
السفر باقامة محدودة ليس فيما دونها الا التقصير في الصلاة،
وليس لمكة حكم‏خاص‏يعدل به عما سنه رسول اللّه (ص)،
والمراد من الاقامة فيما تشبث به ناحت المعذرة هو
المكث‏للمهاجر بمكة لما لهم بها من سوابق وعلائق وقرابات، لا
الاقامة الشرعية التي هي موضوع حكم الاتمام،وقد اقام رسول
اللّه (ص) بمكة عشرا كما في الصحيحين ((486)) او اكثر منها
كما في غيره ((487)) ولم يزد على‏التقصير في الصلاة، فقصر
المكث بمكة ثلاثا على المهاجر دون غيره من الوافدين الى
مكة، وعلى مكة دون‏غيرها كما هو صريح تلكم الالفاظ
المذكورة يعرب عن ارادة المعنى المذكور، ولا يسع لفقيه ان
يرى الاقامة‏ثلاثا بمكة خاصة من قواطع السفر للمهاجر
فحسب، وقد اعرض عن استيطانها بالهجرة، ولم يتم
رسول‏اللّه(ص) في حجة الوداع بمكة وقد اقام بها اكثر من ثلاثة
ايام بلغ عشرا او لم يبلغ او زاد عليها.
على ان الشافعي ومالكا واصحابهما وآخرين احتجوا بالالفاظ
المذكورة على استثناء مكث المهاجر بمكة‏ثلاثا من الاقامة
المكروهة لهم بها، قالوا: كره رسول اللّه للمهاجرين الاقامة
بمكة التي كانت اوطانهم‏فاخرجوا عنها، ثم اباح لهم المقام بها
ثلاثا بعد تمام النسك. وقال ابن حزم: ان المسافر مباح له ان
يقيم ثلاثاواكثر من ثلاث لا كراهية في شي‏ء من ذلك، واما
المهاجر فمكروه له ان يقيم بمكة بعد انقضاء نسكه اكثر
من‏ثلاث ((488))، فاين هذا الحكم الخاص بمكة للمهاجر
فحسب من الاقامة القاطعة للسفر؟
ثم لو كان هذا عذر الرجل لكان عليه ان يتم بمكة لا بمنى
وعرفة وقد اتم بهما.
3 انه كان قد عزم على الاقامة والاستيطان بمنى واتخاذها
دار الخلافة، فلهذا اتم ثم بدا له ان يرجع الى‏المدينة. انتهى.
كان هذا المتاول استشف عالم الغيب من وراء ستر رقيق ولا
يعلم الغيب الا اللّه، ان مثل هذه العزيمة‏وفسخها مما لا يعلم الا
من قبل صاحبها، او من يخبره بها هو، وقد علمت ان الخليفة
لما ضويق بالنقد لم يعدذلك من معاذيره، والا لكانت له فيه
منتدح، وكان خيرا له من تحشيد التافهات، لكن كشف ذلك
لصاحب‏المزعمة بعد لاي من عمر الدهر فحيا اللّه الكشف
والشهود.
وكان من المستصعب جدا والبعيد غايته تغيير العاصمة
الاسلامية والتعريجة على التعرب بعد الهجرة من‏دون استشارة
احد من اكابر الصحابة، والغاء مقدمات تستوعب برهة طويلة من
الزمن كابسط امر ينعقدبمحض النية ويفسخ بمثلها.
وقال ابن حجر في الفتح ((489)) (2/457)، والشوكاني في
نيل الاوطار ((490)) (3/260): روى عبد الرزاق عن‏معمر، عن
الزهري، عن عثمان: انما اتم الصلاة لانه نوى الاقامة بعد الحج
واجيب بانه مرسل، وفيه ايضا نظرلان‏الاقامة بمكة على
المهاجرين حرام، وقد صح عن عثمان انه كان لا يودع البيت الا
على ظهر راحلته،ويسرع الخروج خشية ان يرجع في هجرته،
وثبت انه قال له المغيرة لما حاصروه: اركب رواحلك الى‏مكة.
فقال: لن افارق دار هجرتي. انتهى.
ولابن القيم في زاد المعاد ((491)) (2/25) وجه آخر في دحض
هذه الشبهة. فراجع.
4 انه‏كان‏اماما للناس والامام حيث‏نزل فهو عمله
ومحل‏ولايته، فكانه وطنه.
قال الاميني: ان ملاك حكم الشريعة هو المقرر من قبل الدين
لا الاعتبارات المنحوتة، والامام والسوقة‏شرع سواء في شمول
الاحكام، بل هو اولى بالاتباع لنواميس الدين حتى يكون قدوة
للناس وتكون به‏اسوتهم، وهو وان سرت ولايته وعمله مع مسير
نفوذه في البلاد او في العالم كله الا ان التكليف‏الشرعي‏غير
منوط بهذا السير، بل هو مرتبط بتحقق الموازين الشرعية، فان
اقام في محل جاءه حكم‏الاقامة، وان لم ينو الاقامة فهو على
حكم السفر، وكان رسول اللّه (ص) امام الخلائق على الاطلاق،
ومع‏ذلك كان يقصر صلاته في اسفاره، ولا يعزى اليه انه ربع
بمكة او في منى او بعرفة او بغيرها، وانما اتبع مااستنه للامة
جمعاء وبهذا رده ابن القيم في زاد المعاد، وابن حجر في فتح
الباري ((492)) (2/456).
اضف اليه هتاف النبي الاعظم وابي بكر وعمر بن الخطاب بما
مر (ص‏107) من قولهم: اتموا صلاتكم يا اهل‏مكة فانا قوم سفر.
فانه يعرب عن ان حكم القصر والاتمام يعم الصادع الكريم ومن
شغل منصة الخلافة‏بعده.
على انه لو كان تربيع الرجل من هذه الناحية لوجب عليه ان
يهتف بين الناس بان ذلك لمقام الامامة‏فحسب، واما من ليس
له ذلك المقام فحكمه التقصير، والا لكان اغراء بالجهل بعمله،
وابطالا لصلاتهم بترك‏البيان، فاذ لم يهتف بذلك ولم يعلل
عمله به جوابا لمنتقديه علمنا انه لم يرد ذلك، وان من تابعه
من الصحابة‏لم يعللوا عمله بهذا التعليل، وانما تابعوه دفعا لشر
الخلاف كما مر في صفحة (99، 102) وهذا ينبئ عن عدم‏صحة
عمله عندهم.
ويشبه هذا التشبث في السقوط ما نحتوه لام المؤمنين عائشة
في تربيعها الصلاة في السفر بانها كانت‏ام‏المؤمنين، فحيث
نزلت فكان وطنها كما ذكره ابن القى م في زاد معاده ((493))
(2/26)، فان كان لام المؤمنين‏هذا الحكم الخاص، وجب ان
تكون امومتها منتزعة من ابوة رسول اللّه (ص)، وان ثبوت
الحكم في الاصل‏اولى من الفرع، لكن رسول اللّه كان يصلي في
اسفاره عامة ركعتين، وليس من الهين تغيير حكم اللّه
بامثال‏هذه السفاسف، ولا من السهل نحت العذر لكل من
يخالف حكما من احكام الدين لراي ارته، او غلط وقع‏فيه، او
لسياسة وقتية حدته اليه، ولا ينقضي عجبي من العلماء الذين
راقتهم امثال هذه التافهات فدونوهافي الكتب، وتركوها
اساطير من بعدهم يهزا بها.
5 ان التقصير للمسافر رخصة لا عزيمة، ذكره جمع، وقال
المحب الطبري في الرياض ((494)) (2/151): عذره‏في ذلك
ظاهر، فانه ممن لم يوجب القصر في السفر. وتبعه في ذلك
شراح صحيح البخاري، وهذا مخالف‏لنصوص الشريعة،
والماثورات النبوية، والسنة الشريفة الثابتة عن النبي الاقدس،
وكلمات الصحابة، واليك‏نماذج منها:

النصوص الواردة في صلاة المسافر
1 عن عمر: صلاة السفر ركعتان، والجمعة ركعتان، والعيد
ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد. وفي‏لفظ: على لسان
النبي (ص) ((495)).
مسند احمد (1/37)، سنن ابن ماجة (1/329)، سنن النسائي
(3/118)، سنن البيهقي (3/199)، احكام القرآن‏للجصاص
(2/308، 309)، المحلى لابن حزم (4/265)، زاد المعاد هامش
شرح المواهب (2/21) فقال: ثابت‏عن عمر.
2 عن يعلى بن امية قال: سالت عمر بن الخطاب قلت (فليس
عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة)((496))الاية. وقد امن
الناس؟ فقال: عجبت مما عجبت منه، فسالت رسول اللّه (ص)
عن ذلك، فقال: صدقة‏تصدق اللّه بها عليكم فاقبلوا صدقته
. ((497))
صحيح مسلم (1/191، 192)، سنن ابي داود (1/187)، سنن ابن
ماجة (1/329)، سنن النسائي (3/116)،سنن البيهقي (3/134،
141)، احكام القرآن للجصاص (2/308)، المحلى لابن حزم
(4/267).
3 عن عبداللّه بن عمر قال: كان رسول اللّه (ص) اذا خرج من
هذه المدينة لم يزد على ركعتين حتى يرجع‏اليها. وفي لفظ:
صحبت رسول اللّه فكان لا يزيد في السفر على الركعتين
. الحديث. ((498))
مسند احمد (2/45)، سنن ابن ماجة (1/330)، سنن النسائي
(3/123)، احكام القرآن للجصاص (2/310)،زاد المعاد هامش
شرح المواهب للزرقاني (2/29) وصححه.
4 عن ابن عباس قال: فرض اللّه الصلاة على لسان نبيكم
(ص) في الحضر اربعا وفي السفر ركعتين، وفي‏الخوف ركعة.
وفي لفظ لمسلم: ان اللّه عز وجل فرض الصلاة على لسان
نبيكم (ص) على المسافر ركعتين وعلى المقيم‏اربعا ((499)).
صحيح مسلم (1/258)، مسند احمد (1/355)، سنن ابن ماجة
(1/330)، سنن النسائي (3/119)، سنن‏البيهقي (3/135)،
احكام القرآن للجصاص (2/307، 310)، المحلى لابن حزم
(4/271) فقال: ورويناه‏ايضامن طريق حذيفة، وجابر، وزيد بن
ثابت، وابي هريرة، وابن عمر كلهم عن رسول اللّه (ص)
باسانيدفي غاية الصحة.
تفسير القرطبي (5/352)، تفسير ابن جزي (1/155)، زاد
المعاد لابن القيم هامش شرح الزرقاني(2/221)، مجمع الزوائد
(2/154) من طريق ابي هريرة.
5 عن عائشة قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في
الحضر والسفر فاقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة‏الحضر.
وفي لفظ ابن حزم من طريق البخاري: فرضت الصلاة ركعتين،
ثم هاجر رسول اللّه (ص) ففرضت اربعا ،وتركت صلاة السفر
على الاولى.
وفي لفظ احمد: كان اول ما افترض على رسول اللّه (ص)
الصلاة ركعتان ركعتان الا المغرب فانها كانت‏ثلاثة، ثم اتم اللّه
الظهر والعصر والعشاء الاخرة اربعا في الحضر، واقر الصلاة على
فرضها الاول في‏السفر.
راجع ((500)): صحيح البخاري (1/159 و 2/105 و 5/172)،
صحيح مسلم (1/257)، موطا مالك (1/124)،سنن ابي داود
(1/187)، كتاب الام للشافعي (1/159) احكام القرآن للجصاص
(2/310)، سنن البيهقي(3/135)، المحلى(4/265)، زاد المعاد
(2/21)، تفسير القرطبي (5/352، 358).
6 عن موسى بن مسلمة قال: قلت لابن عباس: كيف اصلي
بمكة اذا لم اصل في جماعة؟ قال: ركعتين، سنة‏ابي القاسم
(ص) ((501)).
مسند احمد (1/290، 337)، صحيح مسلم (1/258)، سنن
النسائي (3/119).
7 عن ابي حنظلة قال: سالت ابن عمر عن الصلاة في السفر
فقال: ركعتان سنة النبي (ص)، وفي لفظ‏البيهقي: قصر الصلاة
في السفر سنة سنها رسول اللّه (ص).
مسند احمد ((502)) (2/57)، سنن البيهقي (3/136).
8 عن عبداللّه بن عمر قال: الصلاة في السفر ركعتان من
خالف السنة فقد كفر.
سنن البيهقي (3/140)، المحلى لابن حزم (4/270)، احكام
القرآن للجصاص ((503)) (2/310)، المعجم الكبيرللطبراني
كما في مجمع الزوائد (2/154) وقال: رجاله رجال الصحيح.
9 عن ابن عباس قال: من صلى في السفر اربعا كمن صلى في
الحضر ركعتين.
مسند احمد ((504)) (1/349)، المحلى (4/270).
10 عن ابن عباس قال: كان رسول اللّه (ص) اذا خرج مسافرا
صلى ركعتين حتى يرجع. وفي لفظ: كان‏النبي (ص) اذا خرج
لم يزد على ركعتين حتى يرجع ((505)).
مسند احمد (1/285، 356)، احكام القرآن للجصاص (2/309).
11 عن عمران بن حصين قال: ما سافرت مع رسول اللّه (ص)
سفرا قط الا صلى ركعتين حتى يرجع،وحججت مع النبي
(ص) فكان يصلي ركعتين حتى يرجع الى المدينة، واقام بمكة
ثماني عشرة لا يصلي‏الاركعتين وقال لاهل مكة: صلوا اربعا فانا
قوم سفر ((506)).
راجع سنن البيهقي (3/135)، احكام القرآن للجصاص (3/310).
وعن عمران في لفظ آخر: ما سافر رسول اللّه (ص) الا صلى
ركعتين الا المغرب. اخرجه ابو داود واحمد كمافي مجمع
الزوائد (2/155).
12 عن عمر بن الخطاب عن النبي (ص) قال: صلاة المسافر
ركعتان حتى يؤوب الى اهله او يموت.احكام القرآن للجصاص
(3/310). ((507))
13 عن ابراهيم: ان عمر بن الخطاب (رضي اللّه عنه) صلى
الظهر بمكة ركعتين، فلما انصرف قال: يا اهل‏مكة انا قوم سفر،
فمن كان منكم من اهل البلد فليكمل. فاكمل اهل البلد.
الاثار للقاضي ابي يوسف (ص‏30، 75)، وراجع ما مر صفحة
(107) من هذا الجزء.
14 عن انس بن مالك قال: خرجنا مع رسول اللّه (ص) من
المدينة الى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين‏حتى رجعنا الى
المدينة ((508)).
صحيح البخاري (2/153)، صحيح مسلم (1/360)، مسند احمد
(3/190)، سنن البيهقي (3/136، 145).
15 عن عبداللّه بن عمر قال: ان رسول اللّه (ص) اتانا ونحن في
ضلال فعلمنا، فكان فيما علمنا: ان اللّهعزوجل امرنا ان نصلي
ركعتين في السفر ((509)).
اخرجه النسائي كما مر في تفسير الخازن (1/412)، ونيل
الاوطار (3/250).
16 عن ابي الكنود عبداللّه الازدي قال: سالت ابن عمر عن
صلاة السفر فقال: ركعتان نزلتا من السماء،فان شئتم فردوهما.
اخرجه الطبراني في الصغير ((510)) كما في مجمع الزوائد
للحافظ الهيثمي (2/154) فقال: رجاله موثقون.
17 عن السائب بن يزيد الكندي قال: فرضت الصلاة ركعتين
ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر واقرت‏صلاة السفر.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/155): رواه الطبراني في
الكبير ((511)) ورجاله رجال الصحيح.
18 عن ابن مسعود قال: من صلى في السفر اربعا اعاد الصلاة.
اخرجه الطبراني ((512)) كما في مجمع الزوائد (2/155).
19 عن حفص بن عمر قال: انطلق بنا انس بن مالك الى الشام
الى عبدالملك ونحن اربعون رجلا من‏الانصار ليفرض لنا، فلما
رجع وكنا بفج الناقة صلى بنا الظهر ((513)) ركعتين ثم دخل
فسطاطه، وقام القوم‏يضيفون الى ركعتيهم ركعتين اخريين
فقال: قبح اللّه الوجوه، فواللّه ما اصابت السنة ولا قبلت
الرخصة،فاشهد لسمعت رسول اللّه(ص) يقول: «ان قوما
((514)) يتعمقون في الدين يمرقون كما يمرق السهم من
الرمية‏».
اخرجه احمد في المسند ((515)) (3/159)، وذكره الهيثمي
في المجمع (2/155).
20 عن سلمان قال: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فصلاها
رسول اللّه (ص) بمكة حتى قدم المدينة‏وصلاها بالمدينة ماشاء
اللّه، وزيد في صلاة الحضر ركعتين وتركت الصلاة في السفر
على حالها.
رواه الطبراني في الاوسط كما في مجمع الزوائد (2/156).
21 عن ثمامة بن شراحيل قال: خرجت الى ابن عمر فقلت: ما
صلاة المسافر؟ قال: ركعتين ركعتين‏الاصلاة المغرب ثلاثا.
قلت: ارايت ان كنا بذي المجاز؟ قال: ما ذو المجاز؟ قلت: مكان
نجتمع فيه ونبيع فيه‏ونمكث عشرين ليلة او خمس عشرة ليلة.
فقال: يا ايها الرجل كنت بذربيجان لا ادري قال: اربعة اشهراو
شهرين، فرايتهم يصلونها ركعتين ركعتين، ورايت نبي اللّه
(ص) بصرعيني يصليها ركعتين، تم نزع‏الي‏بهذه الاية: (لقد
كان لكم في رسول اللّه اسوة حسنة) ((516)).
اخرجه احمد في المسند ((517)) (2/154).
22 اخرج احمد في المسند ((518)) (2/400) من طريق ابي
هريرة قال: ايها الناس ان اللّه عز وجل فرض لكم‏على لسان
نبيكم (ص) الصلاة في الحضر اربعا وفي السفر ركعتين.
23 عن عمر بن عبدالعزيز قال: الصلاة في السفر ركعتان
حتمان لا يصح غيرهما. ذكره ابن حزم في المحلى(4/271).
وذهب عمر وابنه، وابن عباس، وجابر، وجبير بن مطعم،
والحسن، والقاضي اسماعيل، وحماد بن ابي‏سليمان، وعمر بن
عبدالعزيز، وقتادة والكوفيون الى ان القصر واجب في‏السفر.
كما في‏تفسيرالقرطبي ((519))(5/351)، وتفسيرالخازن
(1/413). ((520))
اترى مع هذه الاحاديث مجالا للقول بان القصر في السفر
رخصة لا عزيمة؟ ولو كان يسوغ الاتمام في السفرلكان رسول
اللّه (ص) يعرب عنه بقول او بفعل، ولو باتيانه في العمر مرة
لبيان جوازه كما كان يفعل في غيرهذا المورد، اخرج مسلم في
صحيحه ((521)) من حديث بريدة قال: كان النبي (ص) يتوضا
عند كل صلاة، فلماكان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد،
فقال له عمر: انك صنعت شيئا لم تكن تصنعه.
فقال:«عمداصنعته يا عمر» قال الشوكاني في نيل الاوطار
(1/258) بعد ذكر الحديث: اي لبيان الجواز. ((522))
واخرج احمد ((523)) وابو يعلى ((524)) عن عائشة قالت: ان
رسول اللّه (ص) بال فقام عمر خلفه بكوز فقال: ماهذا يا عمر؟
فقال: ماء تتوضا به يا رسول اللّه. قال: «ما امرت كلما بلت ان
اتوضا ولو فعلت كانت سنة‏».مجمع الزوائد (1/241). وكم
للحديثين من نظير في ابواب الفقه!
ولو كان هناك ترخيص لما خفي على اكابر الصحابة حتى نقدوا
عثمان نقدا مرا وفندوا معاذيره وفيهم مولاناامير المؤمنين
(ص) الذي هو باب مدينة علم النبي، ومستقى احكام الدين من
بعده، يعرف رخصها من‏عزائمها قبل كل الصحابة، فهل يعزب
عنه حكم الصلاة وهو اول من صلى من ذكر مع رسول اللّه
(ص)؟حتى ان الخليفة نفسه لم يفه بهذا العذر البارد، ولو كان
يعرف شيئا مما قالوه لما ارجا بيانه الى هؤلاء
المدافعين عنه، ولما كان في منصرم معاذيره بعد ان اعوزته انه
راي رآه، ولما كان تابعه على ذلك من تابعه‏محتجا بدفع شر
الخلاف فحسب من دون اي تنويه بمسالة الرخصة.
وانت تعرف بعد هذه الاحاديث قيمة قول المحب الطبري في
رياضه النضرة ((525))
(2/151): انها مسالة اجتهادية ولذلك اختلف فيها العلماء، فقوله
يعني عثمان فيها لا يوجب تكفيرا ولاتفسيقا. انتهى.
خفي على المغفل ان الاجتهاد في تجاه النص لا مساغ له، وان
المسالة لم يكن فيها خلاف الى يوم احدوثة‏عثمان بل كانت
السنة الثابتة عند جميع الصحابة بقول واحد وجوب القصر
للمسافر، وما كان عمل الخليفة‏الا مجرد راي رآه خلاف سنة
ابي القاسم (ص) ويعرب عن جلية الحال صحيح احمد الاتي
في ترجمة مروان‏وفيه: ان معاوية لما قدم مكة صلى الظهر
قصرا فنهض اليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا له: ما عاب
احدابن عمك ما عبته به، فقال لهما: وما ذاك؟ فقالا له: الم
تعلم انه اتم الصلاة بمكة؟ قال لهما: ويحكما وهل كان‏غير ما
صنعت؟ قد صليتهما مع رسول اللّه(ص) ومع ابي بكر وعمر.
قالا: فان ابن عمك قد اتمها وان‏خلافك‏اياه له عيب، فخرج
معاوية الى العصر فصلاها اربعا. واختلاف العلماء بعد لا قيمة له
قطويضرب به‏عرض الجدار بعد ثبوت السنة، وليس الا لتبرير
ساحة الرجل، وان ى؟ بل عمله يدنس ذيل كل مبرر،واما عدم
ايجاب القول بالاتمام للمسافر الكفر او الفسق وايجابه ذلك،
فالمرجع فيه الحديث الثامن المذكور(ص‏112) من صحيحة
عبداللّه بن عمر قال: الصلاة في السفر ركعتان من خالف السنة
فقد كفر.

الدين عند السلف سياسة وقتية
تعطينا هذه الروايات الواردة في صلاة الخليفة درسا ضافيا
صافقه الاستقراء لكثير من الموارد، ان كثيرين‏من الصحابة ما
كان يحجزهم الدين عن مخالفة التعاليم المقررة وكانوا
يقدمون عليها سياسة الوقت، والا فلاوجه لتربيعهم الصلاة وهم
يرون ان المشروع خلافه لمحض ان الخلاف شر، وهم او من
ناضل عنهم وحكم‏بعدالتهم اجمع لا يرون جواز التقية،
فعبداللّه بن عمر يتبع الخليفة في احدوثته، وكان يتم اذا صلى
مع الامام،واذا صلى وحده صلى ركعتين، وفي لسانه قوله:
الصلاة في السفر ركعتان من خالف السنة فقد كفر
((526))،وبمسمع منه قوله (ص): «ان اللّه لا يقبل عمل امرى
حتى يتقنه‏». قيل: وما اتقانه؟ قال: «يخلصه من الرياءوالبدعة‏»
. ((527))
وقوله(ص): «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» ((528)).
وهذا عبداللّه بن مسعود يرى السنة في السفر ركعتين، ويحدث
بها ثم يتم معتذرا بان عثمان كان اماما فمااخالفه والخلاف شر.
كما مر في (ص‏99).
وهذا عبدالرحمن بن عوف لم يكن يرى للخليفة عذرا فيما اتى
به من اتمام الصلاة في السفر، ويقول له‏مجيباعن اعذاره: ما من
هذا شي‏ء لك فيه عذر. ويسمع منه قوله: انه راي رايته. خلافا
للسنة الثابتة، ومع‏ذلك كله يصلي اربعا بعدما سمع من بن
مسعود بان الخلاف شر ((529)). لماذا كانت مخالفة عثمان
شرا، ولم تكن‏مخالفته ومخالفتهم على ناموس الشريعة ونبيها
شرا؟ دعني واسال الصحابة الاولين.
وهذا علي امير المؤمنين المقتص الوحيد اثر النبي الاعظم
يؤتى به للصلاة كما مر في (ص‏100) فيقول:«ان شئتم
صليت بكم صلاة رسول اللّه (ص) ركعتين‏». فيقال له: لا الا
صلاة امير المؤمنين عثمان اربعا. فيابى‏ولا يبالون.
نعم، لم تكن الاحكام عند اولئك الخلفاء الذين ادخلوا آراءهم
الشاذة في دين اللّه والذين اتبعوهم الاسياسة‏وقتية يدور بها
الامر والنهي، ويتغير بتغيرها الاراء حينا بعد حين، فترى الاول
منهم يقول على رؤوس‏الاشهاد: لئن اخذتموني بسنة نبيكم لا
اطيقها. وقد جاء النبي الاعظم بسنة سهلة سمحة. ويقول: اني
اقول‏برايي ان يك صوابا فمن اللّه، وان يك خطا فمني ومن
الشيطان. راجع الجزء السابع (ص‏104، 118،119).
وياتي بعده من يفتي بترك الصلاة للجنب الفاقد للماء ولا
يبالي، وقد علمه النبي الاعظم التيمم فضلا عما في‏الكتاب
والسنة. راجع (6/83).
وكان لم يقرا بفاتحة الكتاب في الركعة الاولى، ويكررها في
الثانية تارة، واخرى لم يقراها في ركعاتها،ويقتصر على حسن
الركوع والسجود، وطورا يتركها ولم يقرا شيئا ثم يعيد. راجع
(6/108).
وكان ينهى عن التطوع بالصلاة بعد العصر، ويضرب بالدرة من
تنفل بها، والناس تخبره بانه سنة محمد(ص)، وهو لا يصيخ الى
ذلك، كما مر في الجزء (6/184).
وتراه يحكم في الجد بمائة قضية كلها ينقض بعضها بعضا، كما
مر حديثه في الجزء (6/116).
وثبت عنه قوله: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه (ص) وانا
انهى عنهما، واعاقب عليهما. كما فصلناه في(6/210).
وجاء عنه قوله: ايها الناس ثلاث كن على عهد رسول اللّه وانا
انهى عنهن واحرمهن واعاقب عليهن: متعة‏النساء، ومتعة الحج،
وحي على خير العمل. راجع الجزء (6/213).
الى قضايا اخرى لدة هذه اسلفناها في الجزء السادس في نوادر
الاثر في علم عمر.
وهذا عثمان يخالف السنة الثابتة في مثل الصلاة عماد الدين،
ويعتذر بقوله: انه راي رايته.
ويحدث اذانا بعد الاذان والاقامة، ويتخذه الملا الاسلامي سنة
في الحواضر الاسلامية.
وينهى عليا امير المؤمنين عن متعة الحج، وهو يسمع منه
قوله: «لم اكن لادع سنة رسول اللّه لقول احد من‏الناس‏».
وياخذ الزكاة من الخيل، وقد عفى اللّه عنها بلسان نبيه
الاقدس.
ويقدم الخطبة على الصلاة في العيدين خلاف السنة المسلمة.
ويترك القراءة في الاوليين، ويقضيها في الاخريين.
ويرى في عدة المختلعة ما يخالف السنة المتسالم عليها، واتخذ
في الاموال والصدقات سيرة دون ما قرره‏الكتاب والسنة، الى
كثير من الاراء الشاذة عن مقررات الاسلام المقدس،
وسيوافيك تفصيلها.
وهذا معاوية، وما ادراك ما معاوية؟! يتبع اثر النبي الاعظم في
صلاة ظهره فياتيه مروان وابن عثمان‏فيزحزحانه عن هديه،
فيخالف السنة الثابتة باعتراف منه في صلاة عصره، اتباعا
لسياسة الوقت،واحياء لبدعة ابن عمه، واماتة لشرعة المصطفى،
تزلفا الى مثل مروان وابن عثمان.
وتراه يحكم بجواز الجمع بين الاختين المملوكتين، ويعترض
عليه الناس فلا يبالي ((530)).
ويحلل الربا، وفي كتاب اللّه العزيز: (واحل اللّه البيع وحرم الربا)
((531)) فاخبره ابو الدرداء ان النبي (ص) نهى‏عن بيع باعه،
فقال معاوية: ما ارى بهذا باسا، فقال ابو الدرداء: من يعذرني من
معاوية، اخبره عن رسول‏اللّه، ويخبرني عن رايه. لا اساكنك
بارض، فخرج من ولاية معاوية. اختلاف الحديث للشافعي
هامش‏كتابه الام (7/23). ((532))
واخذ الف دينار دية الذمي، وجعل خمسمائة في بيت المال،
وخمسمائة لاهل القتيل. بدعة مسلمة خلاف سنة‏اللّه ((533)).
وامر بالاذان في العيدين، ولا اذان فيهما، ولا اذان الا في
المكتوبة. ذكره الشافعي في كتاب الام((534))(1/208).