قال الاميني : هل في هذه
الرواية غير ان ابابكر كان مؤمنا بنبوة
رسول اللّه، وبطبع الحال ان كل من اعتنقهذا
المبدا يرى انه
(ص) لا يعصي ربه وهو ناصره، وان كل ميعاد جاء به لابد
وان
يقع في الاجل المضروبله ان كان موقتا والا فهو
يقعلا محالة
في ظرفه الخاص به، فلا يخالجه شك اذا لم يعجل.
هذه غاية ما يوصف به ابو بكر بهذا الحديث، وهو معنى
يشترك
فيه جميع المسلمين، وليس من خاصته،فاي دلالة فيه
على
كون ابي بكر اعلم الصحابة على الاطلاق؟ ولو كان عمر
يسال
اي صحابي بسؤاله هذالما سمع الا لدة ما اجاب به ابو
بكر ومثل
ما اجاب به رسول اللّه (ص)، وكذلك المسلمون كلهم الى
منصرمالدنيا، فانك لا تجد عند احدهم ضميرا غير
هذا، واذا
فاتحته بالكلام عن مثله فلا تسمع جوابا غيره،
فهلفاتح عمر به
غير ابي بكر احدا من الصحابة وسمع جوابا غير ما اجاب
به حتى
يستدل به على اعلميته علىالاطلاق او على التقييد؟
وهل كان رسول اللّه (ص) في صدد بيان غامض من علومه
لما
اجاب عمر، حتى يكون اذا وافقه ابو بكر فيالجواب
يصبح به
اعلم الصحابة على الاطلاق؟
وابن حجر يعلم ذلك كله، ولذلك تعمد اسقاط لفظ
الرواية،
وقال في الصواعق((813)) (ص19): هو ابو بكر من اكابر
المجتهدين بل هو اعلم الصحابة على الاطلاق للادلة
الواضحة
على ذلك، منها: ما اخرجهالبخاري وغيره ان عمر في
صلح
الحديبية سال رسول اللّه (ص) عن ذلك الصلح وقال: علام
نعطي الدنيةفي ديننا. فاجابه النبي (ص)، ثم ذهب
الى ابي بكر
فساله عما سال عنه رسول اللّه (ص) من غير ان
يعلمبجواب
النبي (ص) فاجابه بمثل ذلك الجواب سواء بسواء.
يوهم ابن حجر ان هناك معضلة كشفها ابو بكر، او عويصة
من
العلوم حلها مما يعد الخوض فيه من الادلةالواضحة
على
اعلمية صاحبه من الصحابة على الاطلاق، فليفعل ابن
حجر ما
شاء، فان نظارة التنقيبرقيبة عليه، واللّه من
ورائه حسيب.
المظهر الثالث
ومن الادلة الواضحة عند ابن حجر على ان الخليفة
اعلم
الصحابة على الاطلاق ما روى في الصواعق(ص19) عن
عائشة
مرسلا انها قالت: لما توفي رسول اللّه (ص)، اشراب
النفاق اي
رفع راسه وارتدتالعرب، وانحازت الانصار، فلو نزل
بالجبال
الراسيات ما نزل بابي لهاضها اي فتتها فما اختلفوا
في
لفظةالا طار ابي بعبئها وفصلها، قالوا: اين ندفن
رسول اللّه
(ص)؟ فما وجدنا عند احد في ذلك علما، فقال ابوبكر:
سمعت
رسول اللّه (ص) يقول: ما من نبي يقبض الا دفن تحت
مضجعه
الذي مات فيه. واختلفوا فيميراثه، فما وجدنا
عنداحد في ذلك
علما، فقال ابو بكر: سمعت رسول اللّه (ص) يقول: انا
معشر
الانبياء لانورث ما تركنا صدقة.
ثم قال((814)):
قال بعضهم: وهذا اول اختلاف وقع بين
الصحابة فقال بعضهم: ندفنه بمكة مولده
ومنشئه،وبعضهم
بمسجده، وبعضهم بالبقيع، وبعضهم ببيت المقدس مدفن
الانبياء، حتى اخبرهم ابو بكر بما عندهمن العلم،
قال ابن
زنجويه: وهذه سنة تفرد بها الصديق من بين المهاجرين
والانصار ورجعوا اليه فيها.
قال الاميني : غاية ما في هذه المرسلة عن عائشة ان
ابا بكر
روى حديثين عن رسولاللّه(ص)شذت
روايتهماعنالحضور
فيذينكالموقفين، فانيكن بهما ابوبكر اعلم
الصحابة على
الاطلاق حتى من لم يحضرهما ولوبنحو من التهجم
والرجم
بالغيب، فكيف بمن روى آلافا مؤلفة منالاحاديث شذت
عن
ابي بكر روايتهاجمعاء او رواية اكثرها؟ ومع ذلك لا
يعد احد
منهم اعلم الصحابة او اعلم من ابي بكر على الاقل.
اليس هو صاحب نادرة الاب والكلالة والجد والجدتين
الى نوادر
اخرى؟ اليس هو الاخذ بالسنة الشريفةمن نظراء
المغيرة بن
شعبة ومحمد بن مسلمة وعبدالرحمن بن سهيل الى اناس
آخرين عاديين؟
كان ابن حجر يقيس الناس الى نفسه ويحسبهم ولائد حجر
لا
يعقلون شيئا وهم يسمعون، الا يقول الرجلما الذي
فهمه
الصحابة من هتاف رسول اللّه (ص) يوم هتف بقوله:
1 «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة».
2 وقوله (ص): «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض
الجنة».
3 وقوله (ص): «ما بين حجرتي الى منبري روضة من رياض
الجنة».
4 وقوله (ص): «ما بين المنبر وبيت عائشة روضة من رياض
الجنة».
5 وقوله (ص): «من سره ان يصلي في روضة من رياض الجنة
فليصل بين قبري ومنبري».
وهذه الاحاديث اخرجها باللفظ الاول((815)):
البخاري((816))،
واحمد، وعبدالرزاق، وسعيد بن منصور،
والبيهقيفي شعب الايمان، والخطيب، والبزار،
والطبراني،والدارقطني، وابو نعيم، وسمويه، وابن
عساكر من
طريقجابر، وسعد بن ابي وقاص، وعبداللّه بن عمر،
وابو سعيد
الخدري.
راجع((817))
تاريخ الخطيب (11/228، 290)، ارشاد الساري
للقسطلاني (4/413) وصحح اسناد البزار وقال:عند البزار
بسند رجاله ثقات، كنز العمال (6/254)، شرح النووي
لمسلم
هامش الارشاد (6/103)، تحفةالباري في ذيل الارشاد
(4/412)، وحكاه السمهودي في وفاء الوفا (1/303) عن
الصحيحين، وصححه منطريق البزار.
واخرجها((818))
باللفظ الثاني: البخاري، ومسلم، والترمذي،
واحمد، والدارقطني، وابو يعلى، والبزار،والنسائي،
وعبدالرزاق،
والطبراني، وابن النجار، من طريق جابر وعبداللّه
بن عمر،
وعبداللّه المازني، وابيبكر.
راجع((819)):
صحيح البخاري كتاب الصلاة: باب فضل ما بين
القبر والمنبر، وكتاب الحج، وصحيح مسلمكتاب
الحج، باب:
فضل ما بين قبره (ص) ومنبره، تيسير الوصول (3/323)،
تمييز الطيب (ص139)، فقال:متفق عليه، كنوز الدقائق
(ص129)، كنز العمال (6/254)، الجامع الصغير وصححه وقال:
حديث متواتركما في الفيض القدير (5/433)، تحفة الباري
في
ذيل الارشاد (4/412)، وفاء الوفا (1/302، 303)
وصححهباسناد
احمد والبزار.
واخرجه((820))
باللفظ الثالث: احمد، والشاشي، وسعيد بن
منصور، والخطيب من طريق جابر وعبداللّه
المازنيكما في
تاريخ الخطيب (3/360)، وكنز العمال (6/254)، وشرح النووي
لمسلم هامش الارشاد (6/103).
واللفظ الرابع((821)): تجده في الاوسط للطبراني
من طريق
ابي سعيد الخدري كما في ارشاد الساري (4/413)،ووفاء
الوفا
(1/303).
والخامس منها اخرجه((822)): الديلمي من طريق عبيد
اللّه
بن لبيد كما في كنز العمال (6/254).
وقال ابن ابي الحديد في شرحه((823)) (3/193): قلت: كيف
اختلفوا في موضع دفنه وقد قال لهم: «فضعونيعلى
سريري
في بيتي هذا على شفير قبري»؟ وهذا تصريح بانه دفن
في
البيت الذي جمعهم فيه وهو بيتعائشة.
وهذا الحديث اخرجه((824)): ابن سعد، وابن منيع،
والحاكم،
والبيهقي، والطبراني في الاوسط من طريق ابنمسعود
كما في
الخصائص الكبرى للحافظ السيوطي (2/276).
ايرى ابن حجر ان الصحابة بعد تلكم الاحاديث كانوا
غير عارفين
تلك الروضة المقدسة التي انباهم بهانبيهم الاقدس،
وامرهم
بالصلاة عليها؟ او يراهم انهم عرفوا القبر والمنبر
وما بينهما من
الروضة، ووقفواعلى حدودها من كثب اخذا منه (ص) ثم
اختلفوا في المدفن الشريف، فباح به ابو بكر فاصبح
بذلكاعلمهم على الاطلاق؟
على انه لو صحت رواية الدفن لوجب ان يبوح بها رسول
اللّه
(ص) لمن اوصاه بغسله ودفنه((825))، لمن وليغسله وكفنه
واجنانه((826))،
لمن يعلم انه يباشر دفنه ويلي
اجنانه((827))
في منتصف الليل من دون حضور غيراهله كما
مر في (ص75)، لا الذي يغيب عن ذلك المشهد، وغلبت على
اجفانه عند ذاك سنة الكرى، وتعيينالمدفن من اهم
ما يوصى
به عند كل احد فضلا عن سيد البشر، وهذا الاعتبار
يعاضد ما
اخرجه ابويعلى((828)) من حديث عائشة ايضا، وان
يعارض
حديثها عن ابيها. قالت: اختلفوا في دفنه (ص). فقال
علي:«ان
احب البقاع الى اللّه مكان قبض فيه نبيه». الخصائص
الكبرى((829))(ص2/278).
ولعل تجاه هذا الحديث اختلقت رواية الدفن.
ولو كان عند دفن جثمان القداسة حوار كما يصفه ابن
حجر
لتناقلته الالسن وتداولته السير
والمدوناتنقلاعن الصحابة
الحضور يوم ذاك الواقفين على الجلبة، والمستمعين
للغط،
ولما اختصت بوصفه صفحاتالصواعق او ما يشاكله من
كتب
المتاخرين، ولا تفردت برواية شيء منها عائشة،
وكيف تفردت
بها! وهيالتي تقول: ما علمنا بدفن رسول اللّه (ص)
حتى
سمعنا صوت المساحي من جوف الليل((830)).
ثم ان اول مفند لهذه السنة المزعوم اطرادها هو مدفن
اول
الانبياء آدم (ع)،فانه توفي بمكة ودفن عند
الجبلالذي اهبط
منه في الهند، وقيل بجبل ابي قبيس بمكة((831)).
وقد اشترى ابراهيم الخليل على نبينا وآله وعليه
السلام مغارة
في حبرون((832))من
عفرون بن صخر، فدفنفيها سارة ثم
دفن فيها هو وابنه اسحاق.
وتوفي يعقوب (ع) في مصر، واستاذن يوسف سلام اللّه
عليه
ملك مصر في الخروج مع ابيه ليدفنه عند اهله،فاذن
له، وخرج
معه اكابر مصر، فدفنه في المغارة بحبرون((833)).
المظهر الرابع
اما رواية الارث، فسرعان ما ناقض ابن حجر((834))
فيها نفسه،
فتراه يحسب هاهنا في (ص19): انها مختصةبابي بكر،
وهي من
الادلة الواضحة على اعلميته، وهو يعتقد في صفحة (21):
انه
رواها علي والعباسوعثمان وعبدالرحمن بن عوف
والزبير
وسعد وامهات المؤمنين وقال: كلهم كانوا يعلمون ان
النبي
(ص) قالذلك، وان ابا بكر انما انفرد باستحضاره
اولا ثم
استحضره الباقون.
ما هذا التهافت بين كلامي الرجل؟ وما اذهله اخيرا
عما جاء به
اولا؟ وهل الاعلمية مترشحة من محضالاستحضار
اولا؟ او
السبق الى الهتاف به؟ وكل منهما كما ترى لا يفيد
مزية الا في
الحفظ دون العلم.
ثم لو كان رسول اللّه (ص) قال ذلك لوجب ان يفشيه الى
آله
وذويه الذين يدعون الوراثة منه ليقطعمعاذيرهم في
ذلك
بالتمسك بعمومات الارث من آي القرآن الكريم والسنة
الشريفة، فلا يكون هناكصخب وحوار تتعقبهما محن
واحن،
ولا تموت بضعته الطاهرة وهي واجدة على اصحاب
ابيها((825))، ويكونذلك كله مثارا للبغضاء
والعداء في
الاجيال المتعاقبة بين اشياع كل من الفريقين، وقد
بعث هو
(ص) لكسحتلكم المعرات وعقد الاخاء بين الامم
والافراد.
الم يكن (ص) على بصيرة مما يحدث بعده من الفتن
الناشئة
من عدم ايقاف اهله وذويه على هذا الحكمالمختص به
(ص)
المخصص لشرعة الارث؟ حاشاه.
وعنده علم المنايا والبلايا والقضايا والفتن
والملاحم.
وهل ترى ان دعوى الصديق الاكبر امير المؤمنين
وحليلته
الصديقة الكبرى صلوات اللّه عليهما وآلهماعلىابي
بكر ما
استولت عليه يده مما تركه النبي (ص) من ماله كانت بعد
علم
وتصديق منهما بتلك السنةالمزعومة صفحا منهما
عنها لاقتناء
حطام الدنيا؟ او كانت عن جهل منهما بما جاء به ابو
بكر؟ نحن
نقدسساحتهما اخذا بالكتاب والسنة عن علم بسنة
ثابتة
والصفح عنها، وعن جهل يربكهما في الميزان.
ولماذا يصدق ابو بكر في دعواه الشاذة عن الكتاب
والسنة، فيما
لا يعلم الا من قبل ورثته (ص) ووصيهالذي هتف (ص) به
وبوصايته من بدء دعوته في الاندية والمجتمعات((836))،
ولم
تكن اذن واعية لدعوىالصديقة وزوجها الطاهر بكون
فدك
نحلة لها من رسول اللّه (ص) وهي لا تعلم الا من
قبلهما؟
قال مالك بن جعونة عن ابيه انه قال: قالت فاطمة لابي
بكر:
«ان رسولاللّه(ص) جعل لي فدك فاعطنياياها»، وشهد
لها
علي بن ابي طالب، فسالها شاهدا آخر فشهدت لها ام
ايمن:
فقال: قد علمت يا بنترسول اللّه انه لا تجوز الا
شهادة رجلين
او رجل وامراتين، فانصرفت.
وفي رواية خالد بن طهمان، ان فاطمة غ قالت لابي بكر
(رضي
اللّه عنه): «اعطني فدك فقد جعلها رسولاللّه(ص)
لي»، فسالها
البينة، فجاءت بام ايمن ورباح مولى النبي(ص) فشهدا
لها
بذلك، فقال: ان هذا الامرلا تجوز فيه الا شهادة رجل
وامراتين((837)).
ثم مم كان غضب الصديقة الطاهرة سلام اللّه عليها؟
وهي التي
جاء فيها عن ابيها الاقدس: «ان اللّهيرضىلرضاها
ويغضب
لغضبها»((838))
امن حكم صدع به والدها؟ (وما ينطق عن
الهوى # ان هو الا وحييوحى)((839))وحاشاها. ام لان ذلك
الحكم البات رواه عنه صديق امين يريد بث حكم
الشريعة
وتنفيذهوهي غير مصدقة له؟ نحاشي ساحة البضعة
الطاهرة
بنص آية التطهير عن هذه الخزاية، فلم يبق الا
شقثالث وهو
انها كانت تتهم الراوي، او تعتقد خللا في الرواية،
وتراه حكما
خلاف الكتاب والسنة، وهذاالذي دعاها الى ان لاثت
خمارها
على راسها، واشتملت بجلبابها، واقبلت في لمة من
حفدتها((840)) ونساءقومها
تطا ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية
رسول اللّه، حتى دخلت على ابي بكر وهو في حشد من
المهاجرينوالانصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة،
ثم انت انة
اجهش لها القوم بالبكاء، وارتج المجلس، ثمامهلت
هنيهةحتى
اذا سكن نشيجالقوم، وهدات فورتهم، افتتحت كلامها
بالحمدللّهعزوجلوالثناءعليهوالصلاةعلىرسولاللّه(ص).
ثمقالت ما قالتوفيما قالت: «انتم الان تزعمون ان
لا ارث لنا،
(افحكمالجاهلية يبغون ومن احسن من اللّهحكما ل
قوم
يوقنون)((841))؟
يابن ابي قحافة اترث اباك ولا ارث ابي؟
لقدجئت شيئا فريا، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك
يوم
حشرك، فنعم الحكم اللّه، والزعيم محمد،
والوعدالقيامة، وعند
الساعة يخسر المبطلون». ثم انكفات الى قبر ابيها
(ص) فقالت:
قد كان بعدك انباء وهنبثة
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
انا فقدناك فقد الارض وابلها
واختل قومكفاشهدهم ولا تغب
فليت بعدك كان الموت صادفنا
لما قضيت وحالت دونك الكثب((842))
وهذا الذي تركها غضبى على من خالفها وتدعو عليه بعد
كل
صلاة حتى لفظت نفسها الاخير صلى اللّهعليها كما
سيوافيك
تفصيله.
وهل هذا الحكم مطرد بين الانبياء جميعا؟ او انه من
خاصة
نبينا (ص)؟ والاول ينقضه الكتاب العزيز
بقولهتعالى (وورث
سليمان داود)((843)).
وقوله سبحانه عن زكريا:( فهب لي من لدنك وليا # يرثني
ويرث
من آل يعقوب)((844)).
ومن المعلوم ان حقيقة الميراث انتقال ملك الموروث
الى
ورثته بعد موته بحكم المولى سبحانه، فحمل
الايةالكريمة على
العلم والنبوة كما فعله القوم خلاف الظاهر لان
النبوة والعلم لا
يورثان، والنبوة تابعة للمصلحةالعامة، مقدرة
لاهلها من اول
يومها عند بارئها، واللّه اعلم حيث يجعل رسالته،
ولا مدخل
للنسب فيها كمالا اثر للدعاء والمسالة فياختيار
اللّه تعالى احدا
من عباده نبيا، والعلم موقوف على من يتعرض
لهويتعلمه.
على ان زكريا سلام اللّه عليه انما سال وليا من ولده
يحجب
مواليه كما هو صريح الاية من بني عمهوعصبته من
الميراث، وذلك لا يليق الا بالمال، ولا معنى لحجب
الموالي
عن النبوة والعلم.
ثم ان اشتراطه (ع) في وليه الوارث كونه رضيا بقوله:
(واجعله
رب رضيا) لا يليق بالنبوة، اذ العصمةوالقداسة في
النفسيات
والملكات لا تفارق الانبياء، فلا محصل عندئذ
لمسالته ذلك.
نعم، يتم هذا في المالومن يرثه فان وارثه قد يكون
رضيا وقد
لا يكون.
واما كون الحكم من خاصة رسول اللّه (ص) فالقول به
يستلزم
تخصيص عموم آي الارث مثل قوله تعالى:(يوصيكم اللّه
في
اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين)((845)).
وقوله سبحانه: (واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في
كتاب
اللّه)((846)).
وقوله العزيز: (ان ترك خيرا الوصية للوالدين
والاقربين
بالمعروف)((847)).
ولا يسوغ تخصيص الكتاب الا بدليل ثابت مقطوع عليه،
لا
بالخبر الواحد الذي لم يصح الاخذ بعمومظاهره
لمخالفته ما
ثبت من سيرة الانبياء الماضين صلوات اللّه على
نبينا وآله
وعليهم.
لا بالخبر الواحد الذي لم يخبت اليه صديقة الامة
وصديقها
الذي ورث علم نبيها الاقدس، وعدهالمولىسبحانه
في الكتاب
نفسا لنبيه صلى اللّه عليهما وآلهما.
لا بالخبر الواحد الذي لم ينبا عنه قط خبير من الامة
وفي
مقدمها العترة الطاهرة وقد اختص الحكم بهموهم
الذين
زحزحوا به عن حكم الكتاب والسنة الشريفة، وحرموا من
وراثة
ابيهم الطاهر، وكان حقاعليه(ص) ان يخبرهم بذلك، ولا
يؤخر
بيانه عن وقت حاجتهم، ولا يكتمه في نفسه عن كل اهله
وذويهوصاحبته وامته الى آخر نفس لفظه.
لا بالخبر الواحد الذي جر على الامة كل هذه المحن
والاحن،
وفتح عليها بابالعداء المحتدم بمصراعيه،واجج
فيها نيران
البغضاء والشحناء فيقرونها الخالية، وشق عصا
المسلمين من
اول يومهم، واقلق من بينهمالسلام والوئام وتوحيد
الكلمة.
جزى اللّه محدثه عن الامة خيرا .
ثم ان كان ابو بكر على ثقة من حديثه فلم ناقضه بكتاب
كتبه
لفاطمة الصديقة سلام اللّه عليها، بفدك؟ غيران عمر
بن
الخطاب دخل عليه فقال: ما هذا؟ فقال: كتاب كتبته
لفاطمة
بميراثها من ابيها. فقال: مماذا تنفقعلى
المسلمين، وقد
حاربتك العرب كما ترى؟ ثم اخذ عمر الكتاب فشقه. ذكره
سبط ابن الجوزي كما فيالسيرة الحلبية((848))(3/391).
وان كان صح الخبر وكان الخليفة مصدقا فيما جاء به
فما تلكم
الاراء المتضاربة بعد الخليفة؟ واليكشطرامنها:
1 لما ولي عمر بن الخطاب الخلافة رد فدكا الى ورثة
رسول
اللّه (ص) فكان علي بن ابي طالب والعباسبن
عبدالمطلب
يتنازعان فيها. فكان علي يقول: «ان رسول اللّه (ص)
جعلها في
حياته لفاطمة». وكانالعباس يابى ذلك ويقول: هي
ملك
رسول اللّه وانا وارثه. فكانا يتخاصمان الى عمر،
فيابى ان يحكم
بينهماويقول: انتما اعرف بشانكما اما انا فقد
سلمتها اليكما.
راجع((849))
صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب فرض
الخمس (5/3 10)، صحيح مسلم كتابالجهاد والسير باب
حكم الفيء، الاموال لابي عبيد (ص11) ذكر حديث
البخاري
وبتره، سنن البيهقي(6/299)، معجم البلدان (6/343)، تفسير
ابن كثير (4/335)، تاريخ ابن كثير (5/288)، تاج
العروس(7/166).
لفت نظر
نحن لانناقش فيما نجده من المخازي في احاديث الباب
كاصل التنازع المزعوم بين علي والعباس، وما جاء
فيلفظ
مسلم في صحيحه من قول العباس لعمر: يا امير المؤمنين
اقض بيني وبين هذا الكاذب الاثم الغادرالخائن.
اهكذا كان العباس يقذف سيد العترة الطاهر المطهر
بهذا
السباب المقذع وبين يديه آية التطهير وغيرها
ممانزل في علي
امير المؤمنين في آي الكتاب العزيز؟ فما العباس وما
خطره
عندئذ؟ وبماذا يحكم عليه اخذابقول النبي الطاهر:
«من سب
عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب اللّه، ومن سب اللّه
كبه اللّه
على منخريهفي النار»((850))؟
لاها اللّه، نحن نحاشي العباس عن هذه النسب
المخزية، ونرى
القوم راقهم سب مولانا امير المؤمنين فنحتواهذه
الاحاديث
وجعلوها للنيل منه قنطرة ومعذرة واللّه يعلم ما تكن
صدورهم
وما يعلنون. والى اللّهالمشتكى.
2 اقطع مروان بن الحكم فدكا في ايام عثمان بن عفان
كما
في سنن البيهقي (6/301) وما كان الا بامر منالخليفة.
3 لما ولي معاوية بن ابي سفيان الامر اقطع مروان بن
الحكم
ثلث فدك، واقطع عمرو بن عثمان بن عفانثلثها،
واقطع يزيد
بن معاوية ثلثها، وذلك بعد موت الحسن بن علي، فلم
يزالوا
يتداولونها حتى خلصتلمروان بن الحكم ايام خلافته
فوهبها
لعبد العزيز ابنه فوهبها عبد العزيز لابنه عمر بن
عبدالعزيز.
4 ولما ولي عمر بن عبدالعزيز الخلافة خطب فقال: ان
فدك
كانت مما افاء اللّه على رسوله ولم يوجفالمسلمون
عليه بخيل
ولا ركاب فسالته اياها فاطمة فقال: ما كان لك ان
تساليني وما
كان لي ان اعطيكفكان يضع ما ياتيه منها في ابناء
السبيل، ثم
ولي ابو بكر وعمر وعثمان وعلي فوضعوا ذلك بحيث
وضعهرسول اللّه(ص) ثم ولي معاوية فاقطعها مروان بن
الحكم
فوهبها مروان لابي ولعبد الملك فصارت ليوللوليد
وسليمان،
فلما ولي الوليد سالته حصته منها فوهبها لي، وسالت
سليمان
حصته منها فوهبها ليفاستجمعتها، وما كان لي من
مال احب
الي منها، فاشهدوا اني قد رددتها الى ما كانت عليه.
5 فكانت فدك بيد اولاد فاطمة مدة ولاية عمر بن
عبدالعزيز،
فلما ولي يزيدابن عبدالملك قبضها منهمفصارت في
ايدي بني
مروان كما كانت يتداولونها حتى انتقلت الخلافة
عنهم.
6 ولما ولي ابو العباس السفاح ردها على عبداللّه بن
الحسن
بن الحسن بن علي اميرالمؤمنين.
7 ثم لما ولي ابوجعفر المنصور قبضها من بني حسن.
8 ثم ردها المهدي بن المنصور على ولد فاطمة سلام
اللّه
عليها.
9 ثم قبضها موسى بن المهدي واخوه من ايدي بني فاطمة
فلم تزل في ايديهم حتى ولي المامون.
10 ردها المامون على الفاطميين سنة (210) وكتب بذلك
الى قثم بن جعفر عامله على المدينة:
اما بعد: فان اميرالمؤمنين بمكانه من دين اللّه
وخلافة رسوله
(ص) والقرابة به، اولى من استن بسنته، ونفذامره،
وسلم لمن
منحه منحة، وتصدق عليه بصدقة منحته وصدقته وباللّه
توفيق
امير المؤمنين وعصمته،واليه في العمل بما يقربه
اليه
رغبته، وقد كان رسول اللّه (ص) اعطى فاطمة بنت رسول
اللّه
(ص) فدك،وتصدق بها عليها، وكان ذلك امرا ظاهرا
معروفا لا
اختلاف فيه بين آل رسول اللّه (ص)، ولم تزل تدعيمنه
ما هو
اولى به من صدق عليه، فراى اميرالمؤمنين ان يردها
الى
ورثتها، ويسلمها اليهم تقربا الى اللّهتعالى
باقامة حقه وعدله،
والى رسول اللّه (ص) بتنفيذ امره وصدقته، فامر
باثبات ذلك
في دواوينه،والكتاب الى عماله، فلئن كان ينادى في
كل موسم
بعد ان قبض اللّه نبيه (ص) ان يذكر كل من كانت
لهصدقة او
هبة اوعدة ذلك، فيقبل قوله، وتنفذ عدته، ان فاطمة غ
لاولى
بان يصدق قولها فيما جعل رسولاللّه(ص) لها.
وقد كتب اميرالمؤمنين الى المبارك الطبري مولى
اميرالمؤمنين يامره برد فدك على ورثة فاطمة بنت
رسولاللّه
(ص) بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة اليها، وما فيها
من
الرقيق والغلات وغير ذلك، وتسليمهاالىمحمد بن
يحيى بن
الحسين بن زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي
طالب،
ومحمد بن عبداللّه بنالحسن بن علي بن الحسين بن
علي بن
ابي طالب، لتولية اميرالمؤمنين اياهما القيام بها
لاهلها.
فاعلم ذلك من راي امير المؤمنين، وما الهمه اللّه
من طاعته،
ووفقه له من التقرب اليه والى رسول اللّه (ص)،واعلمه
من
قبلك، وعامل محمد بن يحيى ومحمد ابن عبداللّه بما
كنت
تعامل به المبارك الطبري، واعنهما علىما فيه
عمارتها
ومصلحتها ووفور غلاتها ان شاء اللّه، والسلام.
وكتب يوم الاربعاء لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة
(210ه).
11 ولما استخلف المتوكل على اللّه امر بردها الى ما
كانت
عليه قبل المامون .
راجع((851)):
فتوح البلدان للبلاذري (ص39 41)، تاريخ
اليعقوبي (3/48)، العقد الفريد (2/323)، معجمالبلدان
(6/344)، تاريخ ابن كثير (9/200) وله هناك تحريف دعته اليه
شنشنة اعرفها من اخزم، شرح ابنابي الحديد (4/103)،
تاريخ
الخلفاء للسيوطي(ص154)، جمهرة رسائلالعرب(3/510)،
اعلامالنساء(3/1211).
كل هذه تضاد ما جاء به الخليفة من خبره الشاذ عن
الكتاب
والسنة، فانى لابن حجر ومن لف لفه ان يعدهمن
الادلة
الواضحة على علمه وهذا شانه (فما لهؤلاء القوم لا
يكادون
يفقهون حديثا)((852)).
التمسك بالافائك
والعجب العجاب قول ابن حجر في الصواعق((853))
(ص20):
لا يقال بل علي اعلم من ابي بكر للخبر الاتيفي
فضائله: «انا
مدينة العلم وعلي بابها». لانا نقول: سياتي ان ذلك
الحديث
مطعون فيه، وعلى تسليمصحته او حسنه فابو بكر
محرابها.
ورواية فمن اراد العلم فليات الباب لا تقتضي
الاعلمية، فقد
يكون غيرالاعلم يقصد لما عنده من زيادة الايضاح
والبيان
والتفرغ للناس بخلاف الاعلم. على ان تلك
الروايةمعارضة
بخبر الفردوس: انا مدينة العلم، وابو بكر اساسها،
وعمر
حيطانها، وعثمان سقفها، وعلي بابها. فهذهصريحة في
ان
ابابكر اعلمهم، وحينئذ فالامر بقصد الباب انما هو
لنحو ما قلناه
لا لزيادة شرفه علىما قبلهلما هو معلوم ضرورة ان
كلا من
الاساس والحيطان والسقف اعلى من الباب. انتهى.
قال الاميني : ان الطعن في حديث «انا مدينة العلم»
لم يصدر
الا من ابن الجوزي ومن يشاكله من رماةالقول على
عواهنه،
وقد عرفت في الجزء السادس (ص61 81) نصوص العلماء على
صحة الحديث،واعتبار قوم حسنه، وتقرير آخرين ما صدر
ممن
تقدمهم الى ذينك الوجهين وتزييف ما ارته
ابنالجوزي.
واما ما ذكره من رواية الفردوس فلا يختلف اثنان في
ضعفها
وضعفما يقاربها في اللفظ مما تدرج نحته
فيالازمنة المتاخرة
تجاه ما يثبته هتاف النبي الاعظم من فضيلة العلم
الرابية
لمولانا امير المؤمنين (ع)، وابنحجر نفسه من اولئك
الذين
زيفوه وحكموا عليه بالضعف كما في كتابه الفتاوى
الحديثية((854)) (ص197)فقال: حديث ضعيف،
ومعاوية
حلقتها فهو ضعيف ايضا. فاذهله لجاجه في حجاجه عن
حكمه
ذاك، وراىما حكم عليه بالضعف نصا في اعلمية ابي
بكر.
وقال العجلوني في كشف الخفاء (1/204): روى الديلمي
فيالفردوس((855)) بلا اسناد عن ابن مسعود
رفعه:انا مدينة
العلم، وابو بكر اساسها، وعمر حيطانها، وعثمان
سقفها، وعلي
بابها. وروى ايضا عن انسمرفوعا: انا مدينة العلم،
وعلي بابها،
ومعاوية حلقتها. قال في المقاصد((856)): وبالجملة فكلها
ضعيفة والفاظاكثرها ركيكة.
وقال السيد محمد درويش الحوت في اسنى المطالب((857))
(ص73): انا مدينة العلم، وابو بكر اساسها،
وعمرحيطانها.
وذلك لا ينبغي ذكره في كتب العلم لا سيما مثل ابن
حجر
الهيتمي ذكر ذلك فيالصواعق((858))والزواجر وهو غير
جيد
من مثله. انتهى.
فلم يبق اذن مجال للمناقشة بالتعبير بالباب
لمولانا صلوات
اللّه عليه وبالاساس والحيطان والسقف
والحلقةلغيره، حسب
المسكين ناحت هذه المهزاة مدينة خارجية يرمق
اليها،
ويتجول بين جدرانها، ويتفيا تحتسقفها، ويدق
بابها بالحلقة،
وقد عزب عنه انه (ص) يريد ان السبب الوحيد للاستفادة
من
علوم النبوة هوخليفته مولانا اميرالمؤمنين (ع)، كما
ان
المدخل الوحيد للمدينة بابها، فهو معنى كنائي جيء
به لافادة
ماذكرناه، والاساس لا فضيلة له غير انه يقوم عليه
سياج
المدينة المشاد للوقاية عن الغارات والسرقات،واما
معنويات
المدينة فلا صلة لها بشيء من ذلك، والاستفادة
بالسقف على
فرض تصويره في المدن ليسالا الاستظلال ودفع عائدة
الحر
والقر ولذلك لا يسقف الا المحال التي يتصور فيها
ذلك
كالبيوت والحماماتوالحوانيت والربط وامثالها.
فقاصد المدينة
للاستفادة مما فيها من علم او ثروة او اي من اقسام
النفع
معنويةومادية لا يتوصل بها الا بالدخول من الباب،
فهو اهم مما
جاء به ابن حجر من الاساس والجدار والسقف.واما
الحلقة
فيحتاج اليه لفتح الباب وسده والدق اذا كان مرتجا
غير ان باب
علم النبوة غير موصود، ولايزال مفتوحا على البشر
بمصراعيه
ابد الدهر.
ثم ان من الواضح ان المراد من التعبير بالباب ليس
الولوج
والخروج فحسب وانما هو الاستفادة والاخذ،ولا يتم
هذا الا ان
يكون عنده كل علم النبوة الذي اراد(ص) سوق الامة
اليه،
وحصر الطريق الى ذلك بمنعبر عنه بالباب تاكيدا
للحصر ثم
زاد في التاكيد بقوله: فمن اراد المدينة فليات
الباب.
فعلي اميرالمؤمنين هو الباب المبتلى به الناس، ومن
عنده كل
علم النبوة وكل ما يحتاج اليه البشر من فقه اوعظة او
خلق او
حكم او حكم او سياسة او حزم او عزم، فهو اعلم الناس
لا
محالة، واما زيادة الايضاحوالبيان والتفرغ
للناس، فلا يجوز ان
تنفك عمن سيق اليه البشر لغاية التفهم، وازاحة
الجهل، لا
لمحضالبيان وجودة السرد، لان وضوح البيان بمجرده
غير
واف بالغرض، لارتباك صاحبه عند الجهل بما
يقدماليه من
المعضلات، كارتباك الاعلم عند التفهيم اذا اعوزه
البيان عن
الافهام، فمن الواجب ان يجتمعا فيانسان واحد هو
مرجع الامة
جمعاء، وهو قضية اللطف الواجب عليه سبحانه، فذلك
الانسان
هو عدلالكتاب العزيز وهما الثقلان خليفتا النبي
الاقدس لا
يتفرقان حتى يردا عليه الحوض، (فمن شاء فليؤمنومن
شاء فليكفر)((859)).
(3) شجاعة الخليفة
لم يؤثر عن الخليفة قبل الاسلام مشهد يدل على
فروسيته،
كما انه لم نجد له في مغازي النبي (ص) مع
كثرتهاوشهوده
فيها موقفا يشهد له بالبسالة، او وقفة تخلد له
الذكر في التاريخ،
او خطوة قصيرة في ميادين تلكالحروب الدامية تعرب
عن
شيء من هذا الجانب الهام غير ما كان في واقعة خيبر
من فراره
عن مناضلةمرحب اليهودي كصاحبه عمر بن الخطاب.
قال علي وابن عباس: بعث رسول اللّه (ص) ابابكر الى
خيبر
فرجع منهزما ومن معه، فلما كان من الغد بعثعمر
فرجع
منهزما يجبن اصحابه ويجبنه اصحابه.
اخرجه الطبراني والبزار كما في مجمع الزوائد (9/124)
ورجال
اسناد البزار رجال الصحيح غير محمد بنعبدالرحمن
ومحله
الصدق((860))، وذكر انهزام
الرجلين يوم خيبر القاضي عضد [
الدين ] الايجي فيالمواقف((861))واقره شراحه كما في
شرحه((862))(3/276)،
وذكره القاضي البيضاوي في طوالع
الانوار كما فيالمطالع (ص48).
ويعرب عن فرارهما يوم ذاك قول رسول اللّه (ص) بعد ما
فرا:
«لاعطين الراية غدا رجلا يحب اللّهورسوله، ويحبه
اللّه ورسوله،
يفتح اللّه على يديه ليس بفرار». وفي لفظ: «كرار غير
فرار». وفي
لفظ:«والذي كرم وجه محمد لاعطينها رجلا لا يفر»،
وفي لفظ:
«لادفعن الى رجل لن يرجع حتى يفتح اللّهله». وفي
لفظ: «لا
يولي الدبر»((863)).
وقال ابن ابي الحديد المعتزلي فيما يعزى اليه من
القصيدة
العلوية:
وما انس لا انس اللذين تقدما
وفرهما والفر قد علما حوب((864))
وللراية العظمى وقد ذهبا بها
ملابس ذل فوقها وجلابيب
يشلهما من آل موسى شمردل
طويل نجاد السيف اجيد يعبوب((865))
يمج منونا سيفه وسنانه
ويلهب نارا غمده والانابيب
احضرهما ام حضر اخرج خاضب
وذان هما ام ناعم الخد مخضوب((866))
عذرتكما ان الحمام لمبغض
وان بقاء النفس للنفس محبوب
ليكره طعم الموت والموت طالب
فكيف يلذ الموت والموت مطلوب
ومما ينبئنا عن هذا الجانب حديث كع الخليفة عن ذي
الثدية
لما امره رسولاللّه(ص) بقتله وهو في صلاتهغير
شاك السلاح،
فراى مخالفة الامر النبوي اهون من قتل الرجل، فب
اليه (ص)
معتذرا بما سيوافيكتفصيله ان شاء اللّه.
نعم، يراه ابن حزم في كتاب المفاضلة بين الصحابة((867))
ومن لف لفه اشجع الصحابة على الاطلاق ونحتوا
لهحديثا على
اميرالمؤمنين انه قال: اخبروني من اشجع الناس؟
فقالوا: انت،
قال: اما اني ما بارزت احداالاانتصفت منه ولكن
اخبروني
باشجع الناس؟ قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: ابو بكر،
انه لما كان
يوم بدر فجعلنالرسول اللّه (ص) عريشا فقلنا: من يكون
مع
رسول اللّه (ص) لئلا يهوي اليه احد من المشركين؟
فواللّه مادنا
منا احد الا ابابكر شاهرا بالسيف على راس رسول
اللّه لا يهوي
اليه احد الا هوى اليه، فهو اشجعالناس. الحديث((868)).
ليت القوم لم يحذفوا سند هذه الاثارة المفتعلة
وكانوا يروونها
بالاسناد حتى نعرف الملا العلمي بالذياختلقها،
وحسبنا ان
الحافظ الهيثمي ذكرها بلا اسناد في مجمع الزوائد
(9/46)
وضعفه وقال: فيه من لماعرفه.
وتكذبها صحيحة ابن اسحاق قال: كان رسول اللّه (ص) يوم
بدر
في العريش وسعد بن معاذ قائم على بابالعريش الذي
فيه
رسول اللّه (ص) متوشح السيف في نفر من الانصار
يحرسون
رسول اللّه (ص) يخافونعليه كرة العدو((869)).
ثم ان حراسة النبي (ص) لم تكن تنحصر بيوم بدر ولا
بابي بكر
بل في كل موقف من مواقفه (ص) كانيتعهد احد من
الصحابة
بحراسته، فكانت الحراسة لسعد ابن معاذ ليلة بدر وفي
يومه
لابي بكر على ما ذكرهالحلبي في السيرة((870))(3/353)،
ولمحمد بن مسلمة يوم احد، وللزبير بن العوام يوم
الخندق،
وللمغيرة بنشعبة يوم الحديبية، ولابي ايوب
الانصاري ليلة
بنىبصفية ببعض طرق خيبر، ولبلال وسعد ابن ابي
وقاصوذكوان بن عبد قيس بوادي القرى، ولابن ابي
مرثد
الغنوي ليلة وقعة حنين((871)).
وكانت هذه السيرة في الحراسة مستمرة الى ان نزل
قوله تعالى
في حجة الوداع (واللّه يعصمك من الناس)((872))فترك
الحرس((873))
فابو بكر رديف اولئك الحرسة بعد تسليم ما
جاء في حراسته.
ولو صدق النبا وكانت يوم بدر لابي بكر تلك الاهمية
الكبرى
لكان هو اولى واحق بنزول القرآن فيه يومذاك دون
علي
وحمزة وعبيدة لما نزل فيهم ذلك اليوم: (هذان خصمان
اختصموا في ربهم)((874))((875)).
ولو صحت المزعمة لما خص علي وحمزة وعبيدة بقوله
تعالى
(من المؤمنين
رجال صدقوا ما عاهدو اللّه عليه)((876))((877)).
ولما نزل في علي اميرالمؤمنين قوله تعالى: (هو الذي
ايدك
بنصره وبالمؤمنين)((878))، ولما ورد فيها ما ورد
عنالنبي
الاعظم مما اسلفناه في الجزء الثاني (ص46 51).
ولما خص بمولانا علي قوله تعالى: (ومن الناس من يشري
نفسه ابتغاء مرضاة اللّه)((879))، كما ذكره القرطبي
فيتفسيره((880)) (3/21) وفصلنا القول فيه في
الجزء الثاني
(ص47 49).
وكان حقا على رضوان منادي اللّه يوم بدر بقوله:
لا سيف الا ذو الفقا
ر ولا فتى الا علي((881))
ان ينوه باسم ابي بكر وبسيفه المشهور على راس رسول
اللّه
(ص) ثم هل تنحصر مغازي النبي الاعظموحروبه الدامية
ببدر؟ وهل العريش كان في بدر فحسب دون سائر
الغزوات؟
وهل سيد العريش النبيالاعظم كان يلازم عريشه ولم
يحضر
قط في ميادين القتال؟ او كان ينزل بالمعارك ويستخلف
صاحبه علىالعريش؟
ما اعوز النبي الاعظم يوم خيبر مجاهدا كرارا غير
فرار لا يولي
الدبر، وكان معه الخليفة الاشجع؟ اكانفرارا غير
كرار؟ ومن
المعني في قول المؤرخين من ان النبي (ص) دفع لواءه
لرجل
من المهاجرين فرجع ولميصنع شيئا، فدفعه الى آخر
من
المهاجرين فرجع ولم يصنع شيئا؟ اهذا الرجل وصاحبه
نكرتان
لا يعرفان؟لاها اللّه.
واين كان الاشجع يوم خرجت كتائب اليهود يقدمهم
ياسر،
فكشف الانصار حتى انتهى الى رسول اللّه(ص) في موقفه،
فاشتد ذلك على رسول اللّه (ص) وامسى مهموما((882))؟
ولماذا بعث (ص) يوم ذاك وكان الاشجع معه سلمة بن
الاكوع الى علي وكان قد تخلف بالمدينة لرمدعينيه،
وكان لا
يبصر موضع قدمه، فذهب اليه سلمة واخذ بيده
يقوده((883))؟ وملء المسامع قوله (ص):«لاعطين
الراية الى
رجل كرار غير فرار».
اكان الاشجع في العريش يوم خيبر لما قاتل المصطفى
بنفسه
يومه ذلك اشد القتال وعليه درعان وبيضةومغفر، وهو
على
فرس يقال له: الظرب((884)) وفي يده قناة وترس؟ كما في
السيرة الحلبية((885)) (3/39).
اكان الاشجع في العريش يوم احد يوم بلاء وتمحيص؟
حتى
خلص العدو الى رسول اللّه فدث((886))بالحجارةحتى وقع
لشقه فاصيبت رباعيته، وشج في وجهه، وكلمت شفته،
فجعل
الدم يسيل على وجهه، وجعليمسح الدم ويقول: «كيف
يفلح
قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم الىربهم»((887)).
اكان الاشجع في العريش يوم قال فيه علي: «لما تخلى
الناس
عن رسولاللّه(ص) يوم احد نظرت فيالقتلىفلم ار
رسول اللّه
(ص) فقلت: واللّه ما كان ليفر وما اراه في القتلى ،
ولكن اللّه
غضب علينا بما صنعنا،فرفع نبيه، فما في خير من ان
اقاتل
حتى اقتل، فكسرت جفن سيفي ثم حملت على القوم
فافرجوا
لي فاذابرسول اللّه بينهم». وقد اصابت عليا يوم
ذاك ست عشرة
ضربة، كل ضربة تلزمه الارض فما كان يرفعهالا
جبريل؟ اسد
الغابة((888))
(4/20).
اكان الاشجع في العريش يوم وقع رسول اللّه في حفرة
من
الحفر التي عمل ابو عامر ليقع فيها المسلمونوهم
لا يعلمون،
فاخذ علي بن ابي طالب بيده (ص) واحتضنه ورفعه طلحة
حتى استوى قائما((889))؟
اكان الاشجع في العريش يوم راى رسول اللّه في ميدان
النزال
وهو لابس درعين: درعه ذات الفضولودرعه فضة، او يوم
حنين وله درعان: درعه ذات الفضول والسعدية؟ شرح
المواهب للزرقاني (2/24).
اكان الاشجع في العريش يوم ضرب وجه النبي بالسيف
سبعين
ضربة وقاه اللّه شرها كلها؟ المواهباللدنية((890))
(1/124)
اكان الاشجع في العريش يوم بايع رسول اللّه على
الموت
ثمانية، هم: علي، والزبير،وطلحة، وابو دجانة،
والحارث بن
الصمة، وحباب بن المنذر، وعاصم بن ثابت،
وسهلبنحنيف،ورسولاللّه
يدعوهمفياخراهم؟الامتاعللمقريزي(ص132).
اكان الاشجع في العريش يوم كان علي يذب عن رسول
اللّه من
ناحية، وابو دجانة مالك بن خرشة منناحية، وسعد بن
ابي
وقاص يذب طائفة، والحباب بن المنذر يحوش المشركين
كما
تحاش الغنم؟ الامتاعللمقريزي (ص143) اكان الاشجع
في
العريش يوم حميالوطيس، وجلس رسول اللّه (ص) تحت
رايةالانصار، وارسل الىعليان قد م [الراية]
فقدم علي وهو
يقول: انا ابو القصم((891))؟
اكان الاشجع في العريش يوم انتهى رسول اللّه الى
اهله ناول
سيفه ابنته فاطمة فقال: «اغسلي عن هذادمه يابنية
فواللّه
صدقني اليوم»؟ يوم ملا علي درقته ماء من المهراس
فجاء به
الى رسول اللّه (ص) ليشربمنه، وغسل عن وجهه الدم
وصب
على راسه، واخذت فاطمة سلام اللّه عليها قطعة حصير
فاحرقتهفالصقته عليه فاستمسك الدم((892))؟
اكان الاشجع في العريش لما ملا الفضاء نداء جبرئيل:
لا سيف الا ذو الفقا
ر ولا فتى الا علي
اكان الاشجع في العريش يوم نظم حسان بن ثابت:
جبريل نادى معلنا
والنقع ليس بمنجلي
والمسلمون احدقوا
حول النبي المرسل
لا سيف الا ذو الفقا
ر ولا فتى الا علي((893))
اكان الاشجع في العريش يوم حمراء الاسد، وقد خرج (ص)
وهو
مجروح في وجهه، مشجوج في جبهته،ورباعيته قد شظيت،
وشفته السفلى قد كلمت في باطنها، وهو متوهن منكبه
الايمن
من ضربة ابن قميئة،وركبتاه مجحوشتان؟
طبقات ابن سعد، رقم التسلسل((894)) (553).
اكان الاشجع في العريش يوم حنين؟ لما حمي الوطيس
وفر
الناس عن النبي(ص) ولم يبق معه الا اربعة:ثلاثة من
بني
هاشم ورجل من غيرهم: علي بن ابي طالب والعباس وهما
بين
يديه، وابو سفيان بن الحارثآخذ بالعنان، وابن
مسعود من
جانبه الايسر، ولا يقبل احد من المشركين جهته (ص)
الا قتل؟
السيرةالحلبية((895)) (3/123).
اكان الاشجع في العريش يوم الاحزاب؟ وكان رسول
اللّه (ص)
ينقل مع صحبه من تراب الخندق وقدوارى التراب بياض
بطنه
ويقول:
لاهم لولا انت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فانزلن سكينة علينا
وثبت الاقدام ان لاقينا
ان الالى لقد بغوا علينا
اذا ارادوا فتنة ابينا
طبقات ابن سعد رقم التسلسل((896)) (575)، تاريخ ابن
كثير((897))
(4/96).
اكان الاشجع في العريش يوم قال (ص): «لضربة علي خير
من
عبادة الثقلين»، وفي لفظ: «قتلعليلعمرو افضل
من عبادة
الثقلين» وفي لفظ: «لمبارزة علي لعمرو بن ود افضل
من
اعمال امتي الى يومالقيامة»((898))؟
نعم، للرجل موقف يوم احد لما طلع يومئذ عبدالرحمن
بن ابي
بكر وكان من المشركين فقال: من يبارزوارتجز يقول:
لم يبق الا شكة ويعبوب
وصارم يقتل ضلال الشيب
فنهض اليه ابو بكر (رضي اللّه عنه) وهو يقول: انا ذلك
الاشيب
ثم ارتجز فقال :
لم يبق الا حسبي وديني
وصارم تقضي به يميني
فقال له عبدالرحمن: لولا انك ابي لم انصرف. الامتاع
(ص144).
حجاج بالعريش
قال المحاملي: كنت عند ابي
الحسن بن عبدون وهو يكتب
لبدر، وعنده جمع فيهم ابو بكر الداودي واحمد
بنخالد
المادرائي، فذكر قصة مناظرته مع الداودي في
التفضيل. الى
ان قال: فقال الداودي: واللّه ما نقدر نذكرمقامات
علي مع هذه
العامة. قلت: انا واللّه اعرفها: مقامه ببدر، واحد،
والخندق، ويوم
حنين، ويوم خيبر.قال:
فان عرفتها ينفعني ان تقدمه على ابي بكر وعمر؟ قلت:
قد
عرفتها ومنه قدمت ابابكر وعمر عليه. قال: مناين؟
قلت: ابوبكر
كان مع النبي (ص) على العريش يوم بدر مقامه مقام
الرئيس
والرئيس ينهزم به الجيش،وعلي مقامه مقام مبارز،
والمبارز لا
ينهزم به الجيش.
ذكره الخطيب في تاريخه (8/21)، وابن الجوزي في
المنتظم((899))
(6/327)، واحسب ان مبتدع هذه
الباكورة،ومؤسس فكرة العريش والاستدلال بها في
التفضيل
هو الجاحظ، قال في خلاصة كتاب العثمانية
(ص10):والحجة
العظمى للقائلين بتفضيل علي (ع) قتله الاقران،
وخوضه
الحروب، وليس له في ذلك كبير فضيلة،لان كثرة القتل
والمشي بالسيف الى الاقران لو كان من اشد المحن
واعظم
الفضائل وكان دليلا على الرئاسةوالتقدم، لوجب ان
يكون للزبير
وابي دجانة ومحمد ابن مسلمة وابن عفراء والبراء بن
مالك من
الفضل ماليس لرسول اللّه (ص) ! لانه لم يقتل الا رجلا
واحدا
ولم يحضر الحرب يوم بدر ولا خالط الصفوف، وانماكان
معتزلا
عنهم في العريش ومعه ابو بكر.
وانت ترى الرجل الشجاع قد يقتل الاقران، ويجندل
الابطال،
وفوقه من العسكر من لا يقتل ولا يبارزوهو الرئيس،
او ذو الراي
والمستشار في الحرب، لان للرؤساء من الاكتراث
والاهتمام
وشغل البال والعنايةوالتفقد ما ليس لغيرهم، ولان
الرئيس هو
المخصوص بالمطالبة وعليه مدار الامور، وبه يستبصر
المقاتلويستنصر، وباسمه ينهزم العدو، ولو لم يكن
له الا ان
الجيش لو ثبت وفر هو لم يغنثبوت وكانت الدولة
له،ولهذا
لايضاف النصر والهزيمة الا اليه. ففضل ابي بكر
بمقامه في
العريش مع رسول اللّه يوم بدر اعظم منجهاد علي ذلك
اليوم
وقتله ابطال قريش. انتهى.
قال الاميني: نحن لا ننبس في الجواب عن هذه الاساطير
المشمرجة((900))ببنت شفة، وانما نقتصر فيه
بمااجاب به
عنها ابوجعفر الاسكافي المعتزلي البغدادي المتوفى
(240)،
قال في الرد عليها((901)):
لقد اعطي ابوعثمان مقولا وحرم معقولا، ان كان
يقول هذا
على اعتقاد وجد، ولم يذهب به مذهب اللعبواللهو،
او على
طريق التفاصح والتشادق واظهار القوة والسلاطة
وذلاقة
اللسان وحدة الخاطر والقوةعلىجدال الخصوم. الم
يعلم ابو
عثمان ان رسول اللّه (ص) كان اشجع البشر وانه خاض
الحروب
وثبت فيالمواقف التي طاشت فيها الالباب، وبلغت
القلوب
الحناجر؟ فمنها يوم احد ووقوفه بعد ان فر
المسلمونباجمعهم
ولم يبق معه الا اربعة: علي، والزبير، وطلحة، وابو
دجانة، فقاتل
ورمى بالنبل حتى فنيت نبلهوانكسرت سية((902))قوسه،
وانقطع وتره، فامر عكاشة ابن محصن ان يوترها، فقال:
يا رسول
اللّه لا يبلغالوتر، فقال: اوتر ما بلغ. قال عكاشة:
فوالذي بعثه
بالحق لقد اوترت حتى بلغ وطويت منه شبرا على
سيةالقوس،
ثم اخذها فما زال يرميهم حتى نظرت الى قوسه قد
تحطمت،
وبارز ابي بن خلف، فقال له اصحابه:ان شئت عطف عليه
بعضنا
فابى، وتناول الحربة من الحارث بن الصمة ثم انتفض
باصحابه
كما ينتفضالبعير، قالوا: فتطايرنا عنه تطاير
الشعارير((903))
فطعنه بالحربة فجعل يخور كما يخور الثور، ولو لم
يدلعلىثباته حين انهزم اصحابه وتركوه الا قوله
تعالى: (اذ
تصعدون ولا تلوون على احد والرسول يدعوكم
فياخراكم)((904))فكونه(ص) في اخراهم وهم
يصعدون ولا
يلوون هاربين،
|