صحيح مسلم((628))
(2/122)، سنن البيهقي (8/159).
3 سال سلمة بن يزيد الجعفي النبي (ص) فقال: يا رسول
اللّه
ان قامت علينا امراء يسالوننا حقهمويمنعوننا
حقنا فما تامرنا؟
قال: فاعرض عنه رسول اللّه (ص)، ثم ساله فاعرض عنه،
ثم
ساله فقال: اسمعواواطيعوا فانما عليهم ما حملوا
وعليكم ما
حملتم. صحيح مسلم (2/119)((629))، سنن البيهقي:
(8/158).
4 عن المقدام: ان رسول اللّه (ص) قال: اطيعوا امراءكم
ما
كان، فان امروكم بما حدثتكم به فانهم يؤجرونعليه
وتؤجرون
بطاعتكم، وان امروكم مما لم آمركم به فهو عليهم
وانتم
منه برآء، ذلك بانكم اذا لقيتماللّه قلتم: ربنا لا
ظلم. فيقول: لا
ظلم. فتقولون: ربنا ارسلت الينا رسلا فاطعناهم
باذنك.
واستخلفت عليناخلفاء((630)) فاطعناهم باذنك. وامرت
علينا
امراء فاطعناهم. قال: فيقول: صدقتم هو عليهم وانتم
منه
برآء.سنن البيهقي (8/159).
5 عن سويد بن غفلة، قال: قال لي عمر بن الخطاب (رضي
اللّه عنه): يا ابا امية لعلك ان تخلف بعدي،فاطع
الامام وان كان
عبدا حبشيا، ان ضربك فاصبر، وان امرك بامر فاصبر،
وان
حرمك فاصبر، وانظلمك فاصبر، وان امرك بامر ينقص
دينك
فقل: سمع وطاعة، دمي دون ديني((631)).
واخذا بهذه الاحاديث قال الجمهور بعدم عزل الامام
بالفسق،
قال النووي في شرح مسلم((632))هامشارشاد الساري
(8/36) في ذيل هذه الاحاديث المذكورة عن صحيح مسلم:
ومعنى الحديث: لا تنازعواولاة الامور في ولايتهم،
ولا تعترضوا
عليهم الا ان تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من
قواعد
الاسلام، فاذارايتم ذلك فانكروه عليهم، وقولوا
بالحق حيث ما
كنتم، واما الخروج عليهم وقتالهم فحرام
باجماعالمسلمين
وان كانوا فسقة ظالمين، وقد تظاهرت الاحاديث بمعنى
ما
ذكرته، واجمع اهل السنة انه لا ينعزلالسلطان
بالفسق الى ان
قال : فلو طرا على الخليفة فسق قال بعضهم: يجب خلعه
الا
ان تترتب عليهفتنة وحرب، وقال جماهير اهل السنة
من الفقهاء
والمحدثين والمتكلمين: لا ينعزل بالفسق والظلم
وتعطيلالحقوق، ولا يخلع، ولا يجوز الخروج عليه
بذلك، بل
يجب وعظه وتخويفه.
قال الاميني : فما عذر عائشة وطلحة والزبير ومن
تبعهم من
الناكثين والمارقين في الخروج على مولانا
اميرالمؤمنين؟ هبه
صلوات اللّه عليه آوى قتلة عثمان، وعطل الحدود معاذ
اللّه
فاين العمل بهذه الاحاديث التياخذتها الامة
المسكينة سنة
ثابتة مشروعة؟ انا لا ادري.
كلمة التفتازاني
وقال التفتازاني في شرح المقاصد((633)) (2/271): ولا
يشترط ان يكون الامام هاشميا ولا معصوما ولا
افضلمن يولى
عليهم.
وقال في (ص272): اذا مات الامام وتصدى للامامة من
يستجمع شرائطها من غير بيعة واستخلاف وقهرالناس
بشوكته
انعقدت الخلافة له، وكذا اذا كان فاسقا او جاهلا
على الاظهر الا
انه يعصى فيما فعل، ويجبطاعة الامام ما لم يخالف
حكم
الشرع، سواء كان عادلا او جائرا.
كلمة القاضي الايجي((634))
قال في المواقف((635)): الجمهور على ان اهل
الامامة مجتهد
في الاصول والفروعليقوم بامور الدين، ذو
رايليقوم بامور
الملك، شجاع ليقوى على الذب عن الحوزة، وقيل: لا
يشترط
هذه الصفات لانها لا توجدفيكون اشتراطها عبثا او
تكليفا بما لا
يطاق، ومستلزما للمفاسد التي يمكن دفعها بنصب
فاقدها.
نعم، يجب ان يكون عدلا لئلا يجور، عاقلا ليصلح
للتصرفات،
بالغا لقصور عقل الصبي، ذكرا اذ النساءناقصات عقل
ودين، حرا
لئلا يشغله خدمة السيد، ولئلا يحتقر فيعصى، فهذه
الصفات
مشروطةبالاجماع.
وها هنا صفات في اشتراطها خلاف:
الاولى : ان يكون قرشيا.
الثانية : ان يكون هاشميا، شرطه الشيعة.
الثالثة : ان يكون عالما بجميع مسائل الدين، وقد
شرطه
الامامية.
الرابعة : ظهورالمعجزة علىيده اذ به يعلمصدقه في
دعوىالامامة، والعصمةوبه قال الغلاة. ويبطل
الثلاثة اناندل
على خلافة ابي بكر ولا يجب له شيء مما ذكر((636)).
الخامسة : ان يكون معصوما شرطها الامامية
والاسماعيلية،
ويبطلهان ابا بكر لا تجب عصمته اتفاقا((637)).
كلمة ابي الثناء((638))
قال في مطالع الانظار (ص470): صفات الائمة هي تسع:
الاولى : ان يكون الامام مجتهدا في اصول الدين
وفروعه.
الثانية : ان يكون ذا راي وتدبير، يدير الوقائع، امر
الحرب والسلم
وسائر الامور السياسية.
الثالثة : ان يكون شجاعا قوي القلب لا يجبن عن
القيام
بالحرب، ولا يضعف قلبه عن اقامة الحد ولا
يتهوربالقاء النفوس
في التهلكة. وجمع تساهلوا في الصفات الثلاث وقالوا:
اذا لم
يكن الامام متصفابالصفاتالثلاث ينيب من كان
موصوفا بها.
الرابعة : ان يكون الامام عدلا، لانه متصرف في رقاب
الناس
واموالهم وابضاعهم، فلو لم يكن عدلا لايؤمن تعديه.
الخامسة : العقل.
السادسة : البلوغ.
السابعة : الذكورة.
الثامنة : الحرية.
التاسعة : ان يكون قرشيا.
ولا يشترط فيه العصمة خلافا للاسماعيلية والاثني
عشرية.
دليلنا امامة ابي بكر((639)) والامة اجتمعتعلىكونه
غير
واجب العصمة، لا اقول انه غير معصوم!
ما تنعقد به الامامة
قال القاضي عضد الايجي في المواقف((640)): المقصد الثالث
فيما تثبت به الامامة: انها تثبت بالنص من
الرسول،ومن الامام
السابق بالاجماع ، وتثبت ببيعة اهل الحل والعقد
خلافا للشيعة،
دليلنا ثبوت امامة ابي بكر(رضي اللّه عنه) بالبيعة((641)).
وقال: اذا ثبت حصول الامامة بالاختيار والبيعة،
فاعلم ان ذلك
لا يفتقر الى الاجماع((642)) اذ لم يقم عليهدليل من
العقل او
السمع، بل الواحد والاثنان من اهل الحل والعقد كاف
لعلمنا ان
الصحابة مع صلابتهم فيالدين اكتفوا بذلك كعقد عمر
لابي
بكر، وعقد عبدالرحمن بن عوف لعثمان، ولم يشترطوا
اجتماع
من فيالمدينة فضلا عن اجماع الامة. هذا ولم ينكر
عليهم
احد، وعليه انطوت الاعصار الى وقتنا هذا.
وقال بعض الاصحاب: يجب كون ذلك بمشهد بينة عادلة كفا
للخصام في ادعاء من يزعم عقد الامامة لهسرا قبل من
عقد له
جهرا، وهذا من المسائل الاجتهادية.
ثم اذا اتفق التعدد تفحص عن المتقدم فامضي، ولو اصر
الاخر
فهو من البغاة، ولا يجوز العقد لامامين فيصقع
متضايق
الاقطار، اما في متسعها بحيث لا يسع الواحد تدبيره
فهو محل
الاجتهاد.انتهى ما فيالمواقف.وقد اقره شراحه وهم:
السيد
الشريف الجرجاني، والمولى حسن چلبي، والشيخ مسعود
الشيرواني. راجعشرح المواقف((643)) (3/265 267).
كلمة الماوردي
وقال الماوردي في الاحكام السلطانية((644))
(ص4):
اختلفت العلماء في عدد من تنعقد به الامامة
منهمعلىمذاهب
شتى ، فقالت طائفة: لا تنعقد الا بجمهور اهل العقد
والحل من
كل بلد ليكون الرضاء به عاما،والتسليم لامامته
اجماعا، وهذا
مذهب مدفوع ببيعة ابي بكر (رضي اللّه عنه) على
الخلافة
باختيار منحضرها ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب
عنها.
وقالت طائفة اخرى: اقل من تنعقد به منهم الامامة
خمسة
يجتمعون على عقدها او يعقدها احدهم برضىالاربعة
استدلالا
بامرين:
احدهما: ان بيعة ابيبكر(رضي اللّه عنه) انعقدت
بخمسة
اجتمعوا عليها ثم تابعهم الناس فيها، وهم: عمر
بنالخطاب،
وابو عبيدة بن الجراح، واسيد بن حضير، وبشير بن
سعد، وسالم
مولى ابي حذيفةغ.
الثاني: ان عمر (رضي اللّه عنه) جعل الشورى في ستة
ليعقد
لاحدهم برضى الخمسة وهذا قول اكثر
الفقهاءوالمتكلمين من
اهل البصرة.
وقال آخرون من علماء الكوفة: تنعقد بثلاثة يتولاها
احدهم
برضى الاثنين ليكونوا حاكما وشاهدين كمايصح عقد
النكاح
بولي وشاهدين.
وقالت طائفة اخرى: تنعقد بواحد، لان العباس قال
لعلي غ:
امدد يدك ابايعك فيقول الناس: عم رسول اللّه(ص) بايع
ابن
عمه فلا يختلف عليك اثنان، ولانه حكم وحكم الواحد
نافذ.
كلمة الجويني
قال امام الحرمين الجويني المتوفى (478) في
الارشاد((645))
(ص424): باب في الاختيار وصفته وذكر ما
تنعقدالامامة به:
اعلموا انه لا يشترط في عقد الامامة الاجماع، بل
تنعقد الامامة
وان لم تجمع الامة على عقدها، والدليلعليه ان
الامامة لما
عقدت لابي بكر ابتدر لامضاء احكام المسلمين، ولم
يتان
لانتشار الاخبار الى منناىمن الصحابة في
الاقطار، ولم ينكر
عليه منكر، ولم يحمله على التريث حامل، فاذا لم
يشترط
الاجماع فيعقد الامامة، لم يثبت عدد معدود، ولا
حد محدود،
فالوجه الحكم بان الامامة تنعقد بعقد واحد
مناهلالحل
والعقد.
ثم قال بعض اصحابنا: لا بد من جريان العقد بمشهد من
الشهود، فانه لو لم يشترط ذلك لم نامنان يدعيمدع
عقدا سرا
متقدما على الحق المظهر المعلن، وليست الامامة احط
رتبة
من النكاح، وقد شرط فيهالاعلان، ولا يبلغ القطع،
اذ ليس
يشهد له عقل، ولا يدل عليه قاطع سمعي، وسبيله سبيل
سائر
المجتهدات.انتهى .
وقال الامام ابن العربي المالكي في شرح صحيح
الترمذي
(13/229): لا يلزم في عقد البيعة للامام انتكون من
جميع
الانام، بل يكفي لعقد ذلك اثنان او واحد على الخلاف
المعلوم
فيه.
كلمة القرطبي
وقال القرطبي في تفسيره((646)) (1/230): فان عقدها واحد
من اهل الحل والعقدفذلك ثابت ويلزم الغيرفعله،
خلافا لبعض
الناس حيث قال: لا تنعقد الا بجماعة من اهل الحل
والعقد،
ودليلنا ان عمر (رضي اللّهعنه) عقد البيعة لابي بكر
ولم ينكر
احد من الصحابة ذلك((647))، ولانه عقد فوجب الا يفتقر
الى
عدديعقدونه كسائر العقود، قال الامام ابو المعالي:
من انعقدت
له الامامة بعقد واحد فقد لزمت، ولا يجوز خلعهمن
غير حدث
وتغير امر، قال: وهذا مجمع عليه.
قال الاميني : فما المبرر عندئذ لتخلف عبداللّه بن
عمر، واسامة
بن زيد، وسعد ابن ابي وقاص، وابي موسىالاشعري،
وابي
مسعود الانصاري، وحسان ابن ثابت، والمغيرة بن
شعبة،
ومحمد بن مسلمة وبعض آخرمن ولاة عثمان على الصدقات
وغيرها عن بيعة مولانا امير المؤمنين بعد اجماع
الامة عليها؟
وما عذرتاخرهم عن طاعته في حروبه، وقد عرفوا بين
الصحابة
وسموا المعتزلة لاعتزالهم بيعة علي((648))؟
راي الخليفة الثاني في الخلافة
واقواله فيها
عن عبدالرحمن بن ابزي قال: قال عمر: هذا الامر في اهل
بدر
ما بقي منهم احد، ثم في اهل احد ما بقي منهماحد،
وفي كذا
وكذا، وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة
الفتح
شيء. طبقات ابنسعد((649))(3/248). وفي كلمة له ذكرها
ابن حجر في الاصابة (2/305): ان هذا الامر لا يصلح
للطلقاء
ولالابناء الطلقاء.
وقال: لو ادركني احد رجلين فجعلت هذا الامر اليه
لوثقت به:
سالم مولى ابي حذيفة، وابي عبيدة الجراح.ولو كان
سالم حيا ما
جعلتها شورى((650)).
وقال لما طعن: ان ولوها الاجلح سلك بهم الطريق
الاجلح
المستقيم، يعني عليا. فقال له ابن عمر: ما يمنعكان
تقدم
عليا؟ قال: اكره ان احملها حيا وميتا.
الانساب للبلاذري (5/16)، الاستيعاب لابي عمر((651))
(2/419).
وقال: لو وليتها عثمان لحمل آل ابي معيط على رقاب
الناس،
واللّه لو فعلت لفعل، ولو فعل لاوشكوا انيسيروا
اليه حتى يجزوا
راسه. فقالوا: علي؟ قال: رجل قعدد((652))، قالوا: طلحة؟
قال: ذاك رجل فيه باو((653))،قالوا: الزبير؟ قال: ليس
هناك،
قالوا: سعد؟ قال: صاحب فرس وقوس، فقالوا: عبدالرحمن
بن
عوف؟ قال:ذاك فيهامساك شديد، ولا يصلح لهذا الامر
الا معط
في غير سرف، وممسك في غير تقتير.
اخرجه القاضي ابو يوسف الانصاري المتوفى (182) في
كتابه
الاثار((654))
نقلا عن شيخه امام الحنفية ابيحنيفة.
هذه الكلمات وما يتلوها سلسلة بلاء تشذ عن الحق
والمنطق
غير انا نمر بها كراما.
وعن ابن عباس قال: قال عمر: لا ادري ما اصنع بامة
محمد؟
وذلك قبل ان يطعن، فقلت: ولم تهتم وانتتجد من
تستخلفه
عليهم؟ قال: اصاحبكم؟ يعني عليا، قلت: نعم، هو اهل
لها في
قرابته برسول اللّه (ص)وصهره وسابقته وبلائه. فقال
عمر: ان
فيه بطالة وفكاهة. قلت: فاين انت عن طلحة؟ قال: اين
الزهووالنخوة؟ قلت: عبدالرحمن بن عوف؟ قال: هو رجل
صالح
على ضعف. قلت: فسعد؟ قال: ذاك صاحبمقنب وقتال، لا
يقوم بقرية لو حمل امرها. قلت: فالزبير؟ قال: لقيس
مؤمن
الرضى كافر الغضب شحيح.ان هذا الامر لا يصلح الا
لقوي في
غير عنف، رفيق في غير ضعف، جواد في غير سرف. قلت:
فاين
عنعثمان؟ قال: لو وليها لحمل بني ابي معيط على
رقاب
الناس، ولو فعلها لقتلوه.
ذكره البلاذري في الانساب (5/16)، وفي لفظ آخر له
(ص17):
قيل: طلحة؟ قال: انفه في السماء واسته فيالماء.
نظرة في الخلافة التي جاء بها
القوم
قال الاميني : هذا ما جاء به
القوم من الخلافة الاسلامية
والامامة العامة، فهي عندهم ليست الا رئاسةعامة
لتدبير
الجيوش، وسد الثغور، وردع الظالم، والاخذ للمظلوم،
واقامة
الحدود، وقسم الفيء بينالمسلمين، والدفع بهم في
حجهم
وغزوهم، ولا يشترط فيها نبوغ في العلم زائدا على
علم الرعية،
بل هووالامة في علم الشريعة سيان، ويكفي له من
العلم ما
يكون عند القضاة، وهؤلاء القضاة بين يديك وانتجد
عليم
بعلمهم ويسعك امعان النظر فيه من كثب، ولا ينخلع
الامام
بفسقه وظلمه وجوره وفجوره،ويجب على الامة طاعته
على
كل حال برا كان او فاجرا، ولا يسوغ لاحد مخالفته ولا
القيام
عليه والتنازعفي امره.
فعلى هذا الاساس كان يزحزح خلفاء الانتخاب
الدستوري في
القضاء والافتاء عن حكم الكتاب والسنةولم يكن
هناك اي وازع،
ولم يكن يوجد قط احد يامر بالمعروف وينهى عن
المنكر، خوفا
مما افتعلته يدالسياسة، وجعلت به على الافواه
اوكية((655)).
من حديث عرفجة مرفوعا: ستكون هنات وهنات، فمن
ارادانيفرق امر هذه الامة وهي جميع فاضربوه
بالسيف كائنا
من كان((656)).
ورواية عبداللّه مرفوعا: ستكون بعدي اثرة وامور
تنكرونها. قالوا:
يا رسول اللّه كيف تامر من ادرك مناذلك؟ قال: تؤدون
الحق
الذي عليكم، وتسالون اللّه الذي لكم. صحيح مسلم((657))
(2/118) وعلى هذاالاساس تمكن معاوية بن ابي سفيان من ان
يجلس بالكوفة للبيعة ويبايعه الناس على البراءة من
علي
بنابي طالب. البيان والتبيين((658)) (2/85).
وعلى هذا الاساس اقر عبداللّه بن عمر بيعة يزيد
الخمور، قال
نافع: لما خلع اهل المدينة يزيد بن معاويةجمع ابن
عمر حشمه
ومواليه. وفي رواية سليمان: حشمه وولده وقال: اني
سمعت
رسول اللّه (ص) يقول:«ينصب لكل غادر لواء يوم
القيامة». زاد
الزهراني: قال: وانا قد بايعنا هذا الرجل على بيعة
اللّه
ورسوله،واني لا اعلم غدرا اعظم من ان تبايع رجلا
على بيعة
اللّه ورسوله ثم تنصب له القتال، واني لا
اعلماحدامنكم خلع ولا
بايع في هذا الامر الا كانت الفيصل فيما بيني وبينه.
وفي لفظ: ان عبداللّه بن عمر جمع اهل بيته حين انتزى
اهل
المدينة مع عبداللّه ابن الزبير غ، وخلعوا يزيد
بنمعاوية، فقال:
انا بايعنا هذا الرجل على بيعة اللّه ورسوله، واني
سمعت رسول
اللّه (ص) يقول: ان الغادرينصب له لواء يوم القيامة
فيقال: هذه
غدرة فلان، وان من اعظم الغدر بعد الاشراك باللّه
ان يبايع
رجلرجلا على بيع اللّه ورسوله، ثم ينكث بيعته،
ولا يخلعن
احد منكم يزيد، ولا يشرفن احد منكم في هذاالامر
فيكون
صيلما بيني وبينه((659)).
وعلى هذا الاساس جاء عن حميد بن عبدالرحمن انه قال:
دخلت على يسير الانصاري الصحابي حيناستخلف يزيد
بن
معاوية فقال: انهم يقولون: ان يزيد ليس بخير امة
محمد (ص)
وانا اقول ذلك، ولكن لا نيجمع اللّه امر امة محمد
(ص) احب
الي من ان يفترق، قال النبي (ص): لا ياتيك في الجماعة
الا
خير((660)).
وعلى هذا الاساس تكلمت عائشة فيما رواه الاسود بن
يزيد قال:
قلت لعائشة: الا تعجبين من رجل منالطلقاء ينازع
اصحاب
محمد فيالخلافة؟ قالت: وما تعجب من ذلك؟ هو سلطان
اللّه
يؤتيه البر والفاجر،وقد ملك فرعون اهل مصر
اربعمائة
سنة((661)).
وعلى هذا الاساس يوجه قول مروان بن الحكم، قال: ما
كان
احد ادفع عن عثمان من علي، فقيل له: ما لكمتسبونه
على
المنابر؟ قال: انه لا يستقيم لنا الامر الا بذلك((662)).
وعلى هذا الاساس صح قتل معاوية عبدالرحمن بن خالد
لما
اراد البيعة ليزيد، انه خطب اهل الشام وقاللهم: يا
اهل الشام
انه قد كبرت سني، وقرب اجلي، وقد اردت ان اعقد لرجل
يكون نظاما لكم، انما انارجل منكم فروا رايكم،
فاصقعوا
واجتمعوا وقالوا: رضينا عبدالرحمن بن خالد((663))
فشق
ذلك على معاويةواسرها في نفسه، ثم ان عبدالرحمن
مرض
فامر معاوية طبيبا عنده يهوديا وكان عنده مكينا ان
ياتيهفيسقيه سقية يقتله بها، فاتاه فسقاه فانخرق
بطنه فمات،
ثم دخل اخوه المهاجر ابن خالد دمشقمستخفياهو
وغلام له
فرصدا ذلك اليهودي فخرج ليلا من عند معاوية فهجم
عليه
ومعه قوم هربوا عنه،فقتله المهاجر.
ذكره ابو عمر في الاستيعاب((664)) (2/408) فقال: وقصته
هذه مشهورة عند اهل السير والعلم بالاثاروالاخبار
اختصرناها.
ذكرها عمر بن شبه في اخبار المدينة، وذكرها غيره،
وذكرها
ابن الاثير في اسدالغابة((665)) (3/289).
وعلى هذا الاساس يتم اعتذار شمر بن ذي الجوشن قاتل
الامام
السبط في ما رواه ابو اسحاق، قال: كانشمر بن ذي
الجوشن
يصلي معنا ثم يقول: اللهم انك شريف تحب الشرف، وانك
تعلم
اني شريف فاغفر لي.قلت: كيف يغفر اللّه لك وقد اعنت
على
قتل ابن رسول اللّه (ص)؟ قال: ويحك فكيف نصنع؟ ان
امراءناهؤلاء امرونا بامر فلم نخالفهم، ولو
خالفناهم كنا شرا من
هذه الحمر الشقاة((666))((667)).
وفي لفظ: اللهم اغفر لي فاني كريم لم تلدني اللئام.
فقلت له:
انك لسيئ الراي والفكر تسارع الى قتل ابنبنت رسول
اللّه
(ص) وتدعو بهذا الدعاء؟ فقال: اليك عني، فلو كنا كما
تقول
انت واصحابك لكنا شرا منالحمر في الشعاب.
وعلى هذا الاساس جرى ما جرى على ابي بكر الطائي
واصحابه.
قال سليمان ابن ربوة: اجتمعت اناوعشرة من المشايخ
في
جامع دمشق فيهم ابو بكر بن احمد بن سعيد الطائي
فقرانا
فضائل علي بن ابي طالب(رضي اللّه عنه)، فوثب علينا
قريب
من مائة يضربوننا ويسحبوننا الى الوالي، فقال لهم
ابو بكر
الطائي: ياسادة اسمعوا لنا انما قرانا اليوم فضائل
علي وغدا نقرا
فضائل امير المؤمنين معاوية (رضي اللّه عنه)،
وقدحضرتني
ابيات فان رايتم ان تسمعوها، فقالوا له: هات، فانشا
بديها:
حب علي كله ضرب
يرجف من خيفته القلب
ومذهبي حب امام الهدى
يزيد والدين هو النصب
من غير هذا قال فهو امرؤ
ليس له عقل ولا لب
والناس من يغد لاهوائهم
يسلم والا فالقضا نهب
قال: فخلوا عنا. تمام المتون للصفدي((668))(ص188).
وعلى هذا الاساس هتكت حرمات آل اللّه، واضيعت
مقدسات
العترة الهادية، وسفكت دماء الابرياءالازكياء من
شيعة اهل البيت
الطاهر، وشاع وذاع لعن سيد العترة نفس النبي
الاقدس،
والمطهر بلسان اللّهعلى صهوات المنابر، واتخذه
خلفاء بني امية
سنة متبعة في ارجاء العالم الاسلامي، حتى وبخ
معاوية سعد
بنابي وقاص لسكوته عن سب ابي السبطين مولانا امير
المؤمنين((669)) حتى تمكن عبداللّه بن
الوليد بن عثمان
بنعفان من ان قام الى هشام بن عبدالملك عشية عرفة
وهو
على المنبر فقال: يا امير المؤمنين ان هذا يومكانت
الخلفاء
تستحب فيه لعن ابي تراب((670)).
وقال سعيد بن عبداللّه لهشام بن عبدالملك: يا امير
المؤمنين
ان اهل بيتك فيمثل هذه المواطن الصالحة
لميزالوا يلعنون ابا
تراب، فالعنه انت ايضا((671)).
وعلى هذا الاساس من معنى الخلافة لا عسف ولا حزازة
في
راي الخليفة الاول ومن حذا حذوه من صحةاختيار
المفضول
على الفاضل، وتقديم المتاخر على المتقدم باعذار
مفتعلة،
واوهام مختلقة، ومرجحاتواهية، وسياسة وقتية، اذ
الامر الذي
لا يشترط في صاحبه شيء من القداسة الروحية،
والملكات
الفاضلة،والخلائق الكريمة، والنفسيات الشريفة،
ومعالم
ومعارف، ومدارج ومراتب، ولا يؤاخذ هو بما فعل،
ولايخلع
بتعطيل الاحكام، وترك اقامة الحدود، ولا ينابذ ما
دام يقيم في
امته الصلاة، كما سمعت تفصيل ذلككله، لا وازع
عندئذ من
ان يكون امثال ابي عبيدة الجراح حفار القبور حاملا
لهذا العبء
الثقيل،متحليابابراد الخلافة ولا مانع من تقديم
الخليفة الاول
اياه او صاحبه على نفسه في بدء الامر، ولا حاجزمن
اختيار اي
مستاهل لتنفيذ ما ذكر (ص138) مما يقام له الامام ولو
بمعونة
سماسرته وجلاوزته ومنيهمه امره، بل من له الشدة
والفظاظة
والعنف والتهور الى امثالها ربما يكون اولى من غيره
مهما
اقتضتهالسياسة الوقتية.
واتبع الاكثرون الخليفة في تقديم المفضول على
الفاضل، قال
القاضي في المواقف((672)): جوز الاكثرون
امامةالمفضول مع
وجود الفاضل، اذ لعله اصلح للامامة من الفاضل، اذ
المعتبر في
ولاية كل امر معرفة مصالحهومفاسده، وقوة القيام
بلوازمه،
ورب مفضول في علمه وعمله هو بالزعامة اعرف،
وبشرائطها
اقوم، وفصلقوم فقالوا: نصب الافضل ان اثار فتنة لم
يجب والا
وجب. وقال الشريف الجرجاني: كما اذا فرض انالعسكر
والرعاية
لا ينقادون للفاضل بل للمفضول. شرح
المواقف((673))(3/279).
قال الاميني : انا لا نريد بالافضل الا الجامع لجميع
صفات
الكمال التي يمكن اجتماعها في البشر لا
الافضليةفي صفة
دون اخرى، فيكون حينئذ الافقه مثلا هو الابصر بشؤون
السياسة، والاعرف بمصالح الامورومفاسدها، والاثبت
في ادارة
الصالح العام، والابسل في مواقف الحروب، والاقضى
في
المحاكمات، والاخشنفي ذات للّه، والاراف بضعفاء
الامة،
والاسمح على محاويج الملا الديني، الى امثالها من
الشرائط
والاوصاف،اذن فلا تصوير لما حسبوه من ان المفضول قد
يكون
اقدر واعرف واقوم.
وعلى المولى سبحانه ان لا يخلي الوقت عن انسان هو
كما
قلناه، بعد ان اثبتنا ان تقييضه من اللطف
الواجبعليه سبحانه،
وهو عديل القرآن الكريم، ولا يفترقا حتى يردا على
النبي
الحوض.
واما من لا ينقاد له من الجيش وغيره فهو كمن لا
ينقاد
لصاحب الرسالة، لا يزحزح بذلك صاحب الامرعما قيضه
اللّه له
من الولاية الكبرى، بل يجب على بقية الامة اخضاعهم
كما
اخضعوا اهل الردة او منحسبوه منهم، وان يفوقوا
اليه سهم
الجن كما فوقوه الى سعد بن عبادة امير الخزرج.
ولم تكن للخليفة مندوحة عن رايه في تقديم المفضول،
وما
كان الا تصحيحا لخلافة نفسه، ولتقدمه على منقدسه
المولى
سبحانه في كتابه العزيز، ورآه نفس النبي الاقدس
وقرن طاعته
بطاعته، وولايته بولايته،واكمل به الدين، واتم به
النعمة، وامر
نبيه بالبلاغ وضمن له العصمة من الناس، وهتف هاتف
الوحيبولايته واولويته بالمؤمنين من انفسهم في
محتشد
رهيب بين مائة الف او يزيدون قائلا: «يا ايها
الناساناللّه مولاي،
وانا مولى المؤمنين، وانا اولى بهم من انفسهم من
كنت مولاه
فعلي مولاه، اللهم وال من والاه،وعاد من عاداه».
ولم تكن تخفى لاي احد فضائل ابي السبطين وملكاته
وروحياته، وطيب عنصره، وطهارة محتده،
وقداسةمولده،
وعظمة شانه، وبعد شاوه في حزمه وعزمه وسبقه في
الاسلام،
وتفانيه في ذات اللّه، وافضليته فيالعلم
والفضائل كلها.
نعم، على راي الخليفة في تقديم المفضول على الفاضل
وقع
الانتخاب من اول يومه، فبويع ابو بكر بعقدرجلين ليس
الا:
عمر بن الخطاب وابي عبيدة الحفار ابن الجراح، وكان
الامر امر
نهار قضي ليلا، مدبرا بيناولئك الرجال مؤسسي
الانتخاب
الدستوري، وما اتبعهما يوم ذاك الا اسيد بن حضير،
وبشر بن
سعد،ثمدردب الناس لما عضه الثقاف((674))
واتسع الخرق
على الراقع، وما ادركت القويمة حتى اكلتها
الهويمة((675))،واصبح
المصلح الهضيم يقول: دع الرجل
واختياره((676))، وان في الشر خيارا،ولا
يجتنى من الشوك
العنب.
بويع ابو بكر ودب قمله((677))، وقسمت الوظائف الدينية من
اول يومه بين ثلاث: له الامامة، وقال
عمر:واليالقضاء. وقال ابو
عبيدة: والي الفيء. وقال عمر: فلقد كان ياتي علي
الشهر ما
يختصم الي فيه اثنان((678))،ولم يكن هناك من يزعم او
يفوه
بافضلية ابي بكر وعمر من مولانا امير المؤمنين، هذا
ابو بكر
ينادي علىصهوات المنابر: وليت ولست بخيركم، ولي
شيطان
يعتريني. ويطلب من امته العون له على نفسه واقامة
امتهوعوجه((679)).
وهذا عمر بن الخطاب ونصوصه بين يديك. على ان الامر
كان
لعلي غير انهم زحزحوه عنه لحداثة سنهوالدماء التي
عليه((680))،
او لما قاله لما عزم على الاستخلاف: للّه ابوك
لولا دعابة فيك، كما في الغيث المنسجمللصفدي((681))
(1/168)، وكان يدعو اللّه ربه ان لا يبقيه لمعضلة ليس
فيها ابو
الحسن، ويرى ان عليا لولاهلضل هو((682))، ولولاه لهلك هو،
ولولاه لافتضح هو، وعقمت النساء ان يلدن مثل علي.
الى كثير
مما مر عنهفي الجزء السادس في نوادر الاثر، ولم
يكن قط
يختلج في هواجس ضميره ولن يختلج وانى يختلج؟
انهكان
يماثل مولانا عليا في احدى فضائله، او يدانيه في
شيء منها، او
يبعد عنه بقليل.
وبعدما عرفت معنى الخلافة عند القوم، ووقفت على راي
سلفهم فيها وفي مقدمهم الخليفة الاول، هلم معيالى
التهافت
بين تلكم الكلمات وبين مزاعم اخرى جنح اليها لفيف
آخر:
(ولو كان من عند غير اللّه لوجدوافيه اختلافا كثيرا)((683)).
قال احمد بن محمد الوتري البغدادي في روضة الناظرين
(ص2): اعلم ان جماهير اهل السنة والجماعةيعتقدون
ان
افضل الناس بعد النبي (ص) ابو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم
علي
رضي اللّه تعالى عنهم، وان المتقدمفي الخلافة هو
المقدم في
الفضيلة لاستحالة تقديم المفضول على الفاضل لانهم
كانوا
يراعون الافضلفالافضل، والدليل عليه ان ابا بكر
(رضي اللّه
عنه) لما نص على عمر (رضي اللّه عنه) قام اليه طلحة
(رضياللّه عنه) فقال له: ما تقول لربك وقد وليت
علينا
فظاغليظا ؟ قال ابو بكر (رضي اللّه عنه): فركت
ليعينيك،
ودلكت لي عقبيك، وجئتني تكفني عن رايي، وتصدني عن
ديني اقول له اذا سالني: خلفت عليهمخير اهلك. فدل
على
انهم كانوا يراعون الافضل فالافضل. انتهى.
وانت ترى ان هذه المزعمة فيها دجل لاغراء البسطاء
من الامة
المسكينة وهي تصادم راي الجمهورونظريات علماء
الكلام
منهم، وعمل الصحابة ونصوصهم، وقبل كل شيء راي
الخليفة
ابي بكر، وكان ماحسبه من الاستحالة قد خفي على
الخليفة
وعلى من آزره على امره، واعتنق امامته في القرون
والاجيالمن بعده.
وكان افضلية الرجل الفظ الغليظ كانت تخفى على
الصحابة،
ولم يكن يعلمها احد فاعرب عنها ابو بكر،وكان
التاريخ ونوادر
الاثر لم تكن بين يدي الوتري حتى يعرف مقادير
الرجال، ولا
يغلو فيهم، ولا يتحكمولا يجازف في القول ولا يسرف
في
الكلام ويعلم بان عمر لو كان خير الامة وتلك سيرته
ونوادر اثره
فعلىالاسلام السلام.
نعم، انما هي اهواء وشهوات اخذ كل بطرف منها،
وفتاوى
مجردة هملج وراءها كل حسب ميوله، ونحننضع عقلك
السليم مقياسا بين هذين الامامين: من نصفه نحن، ومن
يقول
به هؤلاء. فراجعه الى ايهما يجنح،وايا منهما يتخذه
وسيلة بينه
وبين ربه سبحانه، وايهما يحق له ان يستحوذ على رقاب
المسلمين ونفوسهمونواميسهم واحكامهم في دنياهم
واخراهم؟ ان لم تكن في ميزان نصفته عين. فويل
للمطففين.
(6) راي الخليفة في القدر
اخرج اللالكائي في السنة عن عبد اللّه بن عمر قال:
جاء رجل
الى ابي بكر فقال: ارايت الزنا بقدر؟ قال:نعم. قال:
فان اللّه قدره
علي ثم يعذبني؟ قال: نعم، يابن اللخناء، اما واللّه
لو كان عندي
انسان امرت انيجا((684)) انفك((685)).
قال الاميني : اترى الخليفة عرف معنى القدر الصحيح؟
بمعنى
ثبوت الامر الجاري في العلم الازلي الالهي،
معاعطاء القدرة
على الفعل والترك، مع تعريف الخير والشر وتبيان
عاقبة الاول
ومغبة الاخير.
(انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا)((686))
(وهديناه
النجدين)((687))
(ومن شكر فانما يشكر لنفسهومنكفرفانر
ب ي غني كريم)((688)) (ومن يشكر فانما يشكر لنفسه
ومن
كفر فان اللّه غني حميد)((689)).
كل ذلك مع تكافؤ العقل والشهوة في الانسان، مع خلق
عوامل
النجاح تجاه النفس الامارة بالسوء، فمنعامل
بالطاعة بحسن
اختياره، ومن مقترف للمعصية بسوء الخيرة.
(فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق
بالخيرات)((690)) (من اهتدىفانما يهتدي
لنفسه ومن ضل
فانمايضل عليها)((691)) (فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل
فانما
يضل عليها)((692))( من عمل صالحا فلنفسه ومن
اساءفعليها ثم الى ربكم ترجعون)((693))(فمن ابصر فلنفسه
ومن عمي فعليها)((694)) (قل ان ضللت فانما اضل
على نفسي وان اهتديت فبما يوحي الي ربي)((695)) (ان
احسنتم احسنتم لانفسكم واناساتم فلها)((696))( ان
ربكهو
اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بمن اهتدى)((697))(ربي
اعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلالمبين)((698)).
فالقدر لا يستلزم جبرا وعلم المولى سبحانه بمقادير
ما يختاره
العباد من النجدين وياتون به من العمل منخير او شر
لا ينافي
التكليف. كما لا اثر له في اختيار المكلفين، ولا
يقبح معه
العقاب على المعصية، ولايسقط معه الثواب على
الطاعة.
(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره # ومن يعمل مثقال ذرة
شرا
يره)((699))(ونضع
الموازين القسط يوم القيامةفلاتظلم نفس
شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا
حاسبين)((700))
(اليوم تجزى كل نفس بماكسبت لا ظلم
اليوم)((701))
(فكيف
اذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس بما كسبت
وهم
لا يظلمون)((702)).
فهل الخليفة عرف هذا المعنى من القدر، فاجاب بما
اجاب؟
لكن السائل لم يفهم ما اراده فانتقده بما انتقد؟غير
انه لو كان
يريد ذلك لما جابه المنتقد بالسباب المقذع والتمني
بان يكون
عنده من يجا انفه قبل بيان المرادفيفيء الرجل الى
الحق.
او ان الخليفة لم يكن يعرف من القدر الا ما ارتفعت
به عقيرة
جماهير من اشياعه من القول بخلق الاعمال؟فيتجه اذن
ما
قاله المنتقد سبه الخليفة او لم يسبه.
والذي يؤثر عن ابنته عائشة هو الجنوح الى المعنى
الثاني يوم
اعتذرت عن نهضتها على مولانا اميرالمؤمنين،
وتبرجها عن
خدرها المضروب لها تبرج الجاهلية الاولى بعد ان
ليمت على
ذلك، بانها كانتقدرا مقدورا وللقدر اسباب. اخرجه
الخطيب
البغدادي باسناده في تاريخه (1/160).
وان كان يوقفنا موقف السادر ما يؤثر عنها فيما
اخرجه الخطيب
ايضا في تاريخه (9/185) عن عروة قال: ماذكرت عائشة
مسيرها في وقعة الجمل قط الا بكت حتى تبل خمارها
وتقول:
ياليتني كنت نسيا منسيا((703)).قال سفيان الثوري: النسي
المنسي الحيضة الملقاة.
كانها كانت ترى مسيرها حوبا كبيرا جديرا ان تبكي
عليه مدى
الدهر، وتبل بدمعها خمارها، وتتمنى ماتمنت، وهذا
ينافي ذلك
الاعتذار البارد الماخوذ اصله عن راي ابيها
الخليفة الذي لم
يجد مساغا في دفع مايتجه عليه الا السباب.
(7) ترك الخليفة الضحية مخافة ان تستن
قد مر في الجزء السادس (ص167) من الصحيح الوارد في ان
ابا
بكر وعمر كانا لا يضحيان كراهة انيقتدى بهما،
فيظن فيها
الوجوب. وقد استوفينا حق القول هناك فراجع.
(8) ردة بني سليم
عن هشام بن عروة، عن ابيه، قال: كان في بني سليم ردة،
فبعث اليهم ابو بكر خالد بن الوليد،
فجمعرجالامنهم في
الحظائر ثم احرقها عليهم بالنار، فبلغ ذلك عمر فاتى
ابا بكر
فقال: تدع رجلا يعذب بعذاباللّه عزوجل . فقال ابو
بكر: واللّه لا
اشيم سيفا سله اللّه على عدوه حتى يكون هو الذي
يشيمه، ثم
امرهفمضى من وجهه ذلك الى مسيلمة. الرياض
النضرة((704))
(1/100) ليس في هذا الجواب مخرج عن
اعتراضعمر فقد جاء في الكتاب العزيز قوله تعالى:
(انما جزاء
الذينيحاربون اللّه ورسوله ويسعون في
الارضفسادا ان يقتلوا
او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم منخلاف او
ينفوا من الار
ض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهمفي الاخرة عذاب
عظيم)((705)).
وصح عنه (ص) النهي عن الاحراق وقوله: «لا يعذب بالنار
الا
رب النار».وقوله: «ان النار لا يعذببها الا
اللّه»، وقوله: «لا يعذب
بالنار الا ربها»((706))، وقوله: «من بدل دينه
فاقتلوه»((707))،
وقوله: «لايحلدم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا
اللّه وان محمدا
رسول اللّه الا باحدى ثلاث: زنا بعد احصان
فانهيرجم، ورجل
يخرج محاربا للّه ورسوله فانه يقتل او يصلب او ينفى
من
الارض، او يقتل نفسا فيقتلبها».
سنن ابي داود (2/219)، مصابيح السنة (2/59)، مشكاة
المصابيح (ص300)((708)).
واما فعل امير المؤمنين (ع) بعبد اللّه بن سبا
واصحابه فلم يكن
احراقا ولكن حفر لهم حفائر، وخرقبعضها الى بعض،
ثم دخن
عليهم حتى ماتوا كما قال عمار الدهني، فقال عمرو بن
دينار:
قال الشاعر:
لترم بي المنايا حيث شاءت
اذا لم ترم بي في الحفرتين
اذا ما اججوا حطبا ونارا
هناك الموت نقدا غير دين((709))
واما قول ابي بكر: لا اشيم سيفا. الخ. فهو تحكم تجاه
النص
النبوي، وما كان السيف انطق من القول،ومتىشهر
اللّه سبحانه
هذا السيف صاحب الدواهي الكبرى والطامات في يومه
هذا؟
ويومه الاخر المخزيفي بني حنيفة ومع مالك بن
نويرة واهله؟
ويومه قبلهما مع بني جذيمة الذي تبرا فيه رسول
اللّه (ص)
منعمله؟ الى غيرها من المخاريق والمخازي التي
تغمد بها
هذا السيف.
(9) حرق الخليفة الفجاءة
قدم على ابي بكر رجل من بني سليم يقال له الفجاءة،
وهو
اياس بن عبداللّه ابن عبد ياليل بن عميرة بنخفاف
فقال لابي
بكر: اني مسلم وقد اردت جهاد من ارتد من الكفار
فاحملني
واعني، فحمله ابو بكرعلىظهر واعطاه سلاحا، فخرج
يستعرض
الناس المسلم والمرتد ياخذ اموالهم ويصيب من امتنع
منهمومعه رجل من بني الشريد يقال له نجبة بن ابي
الميثاء.
فلما بلغ ابا بكر خبره كتب الى طريفة بن حاجز:
انعدو اللّه
الفجاءة اتاني يزعم انه مسلم ويسالني ان اقويه على
من ارتد
عن الاسلام فحملته وسلحته ثمانتهىاليمن يقين
الخبر ان
عدو اللّه قد استعرض الناس المسلم والمرتد ياخذ
اموالهم
ويقتل من خالفه منهم،فسر اليه بمن معك من المسلمين
حتى تقتله او تاخذه فتاتيني به فسار اليه طريفة،
فلما التقى
الناس كانتبينهم الرميا بالنبل فقتل نجبة بن ابي
الميثاء
بسهم رمي به، فلما راى الفجاءة من المسلمين الجد
قال
لطريفة:واللّه ما انت باولى بالامر مني انت امير
لابي بكر وانا
اميره، فقال له طريفة: ان كنت صادقا فضع
السلاحوانطلق
الىابي بكر فخرج معه، فلما قدما عليه امر ابو بكر
طريفة بن
حاجز فقال: اخرج به الى هذا البقيعفحرقه فيه
بالنار. فخرج به
طريفة الى المصلى فاوقد له نارا فقذفه فيها.
وفي لفظ الطبري: فاوقد له نارا في مصلى المدينة على
حطب
كثير ثم رمي فيها مقموطا.
وفي لفظ ابن كثير: فجمعت يداه الى قفاه والقي في
النار
فحرقه وهو مقموط((710)).
قال الاميني : القول في هذا كالذي سبقه من عدم جواز
الاحراق بالنار والتعذيب بها، على ان الفجاءة
كانمتظاهرا
بالاسلام وتلقاه الخليفة بالقبول يوم اعطاه ظهرا
وسلحه، وان
كان فاسقا بالجوارح على ماانتهىالى الخليفة من
يقين الخبر،
ولم يكن سيف اللّه مشهورا هاهنا حتى يتورع عن
اغماده، ولا
يدعى مثلهلطريفة حتى يكون معذرا في مخالفة النص
الشريف،
ولعل لذلك كله ندم ابو بكر نفسه يوم مات عن
فعلهذلك كما
في الصحيح الاتي ان شاء اللّه تعالى. فالى الملتقى.
والعجب كل العجب من دفاع القاضي عضد [الدين] الايجي
عن
الخليفة بقوله في المواقف((711)): ان ابا بكرمجتهد، اذ ما من
مسالة في الغالب الا وله فيها قول مشهور عند اهل
العلم،
واحراق الفجاءة لاجتهاده وعدمقبول توبته، لانه
زنديق، ولا
تقبل توبة الزنديق في الاصح.
وجاء بعده القوشجي مدافعا عن الخليفة بقوله في شرح
التجريد
(ص482): احراقه فجاءة بالنار من غلطةفي اجتهاده،
فكم مثله
للمجتهدين!
اقرا واضحك او ابك، زه زه بالاجتهاد تجاه نص الكتاب
والسنة،
ومرحبا بمجتهد يخالف دين اللّه.
(10) راي الخليفة في قصة مالك
سار خالد بن الوليد يريد البطاح حتى قدمها فلم يجد
بها احدا،
وكان مالك بن نويرة قد فرقهم ونهاهم عنالاجتماع
وقال: يا
بني يربوع انا دعينا الى هذا الامر فابطانا عنه فلم
نفلح، وقد
نظرت فيه فرايت الامريتاتى لهم بغير سياسة، واذا
الامر لا
يسوسه الناس، فاياكم ومناواة قوم صنع لهم، فتفرقوا
وادخلوا
في هذاالامر، فتفرقوا على ذلك، ولما قدم خالد
البطاح بث
السرايا وامرهم بداعية الاسلام وان ياتوه بكل من
لميجب، وان
امتنع ان يقتلوه، وكان قد اوصاهم ابو بكر ان يؤذنوا
ويقيموا اذا
نزلوا منزلا فان اذن القومواقاموا فكفوا عنهم،
وان لم يفعلوا فلا
شيء الا الغارة ثم تقتلوا كل قتلة، الحرق فما
سواه، وان
اجابوكمالىداعية الاسلام فسائلوهم فان اقروا
بالزكاة فاقبلوا
منهم وان ابوها فلا شيء الا الغارة، ولا كلمة،
فجاءتهالخيل
بمالك بن نويرة في نفر معه من بني ثعلبة بن يربوع
ومن
عاصم وعبيد وعرين وجعفر فاختلفالسرية فيهم، وكان
فيهم
ابو قتادة فكان فيمن شهد انهم قد اذنوا واقاموا
وصلوا، فلما
اختلفوا فيهم امر بهمفحبسوا في ليلة باردة لا
يقوم لها شيء
وجعلت تزداد بردا، فامر خالد مناديا فنادى : ادفئوا
اسراكم.وكانت في لغة كنانة القتل، فظن القوم انه
اراد القتل
ولم يرد الا الدفء فقتلوهم، فقتل ضرار بن
الازورمالكا
وسمعخالد الواعية فخرجوقد فرغوا منهمفقال:
اذا اراد اللّه امرا
اصابه. وتزوج خالد ام تميم امراةمالك، فقال ابو
قتادة: هذا
عملك، فزبره خالد فغضب ومضى.
وفيتاريخ ابي الفداء: كان عبداللّه بن عمر وابو
قتادة الانصاري
حاضرين، فكلما خالدا في امره، فكرهكلامهما. فقال
مالك: يا
خالد ابعثنا الى ابي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا.
فقال خالد:
لا اقالني اللّه اناقلتك وتقدم الى ضرار بن
الازور بضرب عنقه.
فقال عمر لابي بكر: ان سيف خالد فيه رهق واكثر عليه
في
ذلك، فقال: يا عمر تاول فاخطا فارفع لسانكعن خالد
فاني لا
اشيم سيفا((712)) سله اللّه على الكافرين.
وفي لفظ الطبري((713)) وغيره: ان ابا بكر كان من
عهده الى
جيوشه ان اذا غشيتم دارا من دور الناسفسمعتم فيها
اذانا
للصلاة فامسكوا عن اهلها حتى تسالوهم ما الذي
نقموا، وان لم
تسمعوا اذانا فشنواالغارة فاقتلوا وحرقوا. وكان
ممن شهد
لمالك بالاسلام ابو قتادة الحارث بن ربعي، وقد كان
عاهد اللّه
ان لايشهد مع خالد بن الوليد حربا ابدا بعدها، وكان
يحدث
انهم لما غشوا القوم راعوهم تحت الليل فاخذ
القومالسلاح، قال:
فقلنا: انا المسلمون. فقالوا: ونحن المسلمون، قلنا:
فما بال
السلاح معكم؟ قالوا لنا: فما بالالسلاح معكم؟
قلنا: فان كنتم
كما تقولون فضعوا السلاح. قال: فوضعوها ثم صلينا
وصلوا،
وكان خالديعتذر في قتله انه قال وهو يراجعه: ما اخال
صاحبكم
الا وقد كان يقول كذا وكذا. قال: او ما تعده
لكصاحبا. ثم قدمه
فضرب عنقه وعنق اصحابه.
فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطاب تكلم فيه عند ابي بكر
فاكثر
وقال: عدو اللّه عدا على امرئ مسلم فقتلهثمنزا
على امراته،
واقبل خالد بن الوليد قافلا حتى دخل المسجد وعليه
قباء له
عليه صدا الحديد،معتجرابعمامة له قد غرز في عمامته
اسهما ،
فلم ا ان دخل المسجد قام اليه عمر فانتزع الاسهم من
راسهفحطها ثمقال: ارئاء؟ قتلت امرا مسلما ثم
نزوت على
امراته، واللّه لارجمنك باحجارك. ولا يكلمه خالد
ابنالوليد ولا
يظن الا ان راي ابي بكر على مثل راي عمر فيه حتى دخل
على
ابي بكر، فلما ان دخل عليهاخبره الخبر واعتذر
اليه فعذره ابو
بكر وتجاوز عنه ما كان في حربه تلك. قال: فخرج خالد
حين
رضيعنه ابو بكر، وعمر جالس في المسجد فقال خالد:
هلم الي
يابن ام شملة. قال فعرف عمر ان ابا بكر قدرضي عنه،
فلم
يكلمه ودخل بيته.
وقال سويد: كان مالك بن نويرة من اكثر الناس شعرا،
وان اهل
العسكر اثفوا برؤوسهم القدور، فما منهمراس الا
وصلت النار
الى بشرته ما خلا مالكا فان القدر نضجت وما نضج راسه
من
كثرة شعره، وقىالشعر البشر حرها ان يبلغ منه ذلك.
وقال ابن شهاب: ان مالك بن نويرة كان كثير شعر
الراس، فلما
قتل امر خالد براسه فنصب اثفية((714))لقدرفنضج ما فيها
قبل ان يخلص النار الى شؤون راسه.
وقال عروة: قدم اخو مالك متمم بن نويرة ينشد ابا بكر
دمه
ويطلب اليه في سبيهم فكتب له برد السبي،والح عليه
عمر في
خالد ان يعزله، وقال: ان في سيفه رهقا. فقال: لا يا
عمر لم اكن
لاشيم سيفا سله اللّه علىالكافرين.
وروى ثابت في الدلائل: ان خالدا راى امراة مالك
وكانت فائقة
في الجمال، فقال مالك بعد ذلك لامراته:قتلتني. يعني:
ساقتل
من اجلك((715)).
وقال الزمخشري وابن الاثير وابو الفداء والزبيدي:
ان مالك بن
نويرة (رضي اللّه عنه) قال لامراته يوم قتلهخالد
بن الوليد:
اقتلتني. اي عرضتني بحسن وجهك للقتل لوجوب الدفع
عنك، والمحاماة عليك، وكانتجميلة حسناء تزوجها
خالد بعد
قتله، فانكر ذلك عبداللّه بن عمر. وقيل فيه:
افي الحق انا لم تجف دماؤنا
وهذا عروسا باليمامة خالد((716))
وفي تاريخ ابن شحنة هامش الكامل((717)) (7/165): امر خالد
ضرارا بضرب عنق مالك، فالتفت مالكالىزوجته وقال
لخالد:
هذه التي قتلتني. وكانت في غاية الجمال، فقال خالد:
بل
قتلك رجوعك عنالاسلام. فقال مالك: انا مسلم. فقال
خالد: يا
ضرار اضرب عنقه فضرب عنقه، وفي ذلك يقول ابو
نميرالسعدي:
الا قل لحي اوطئوا بالسنابك
تطاول هذا الليل من بعد مالك
قضى خالد بغيا عليه بعرسه
وكان له فيها هوى قبل ذلك
فامضى هواه خالد غير عاطف
عنان الهوى عنها ولا متمالك
واصبح ذا اهل واصبح مالك
الى غير اهل هالكا في الهوالك
فلما بلغ ذلك ابا بكر وعمر قال عمر لابي بكر: ان
خالدا قد زنى
فاجلده. قال ابو بكر: لا، لانه تاول فاخطا،قال: فانه
قتل مسلما
فاقتله. قال: لا، انه تاول فاخطا. ثم قال: يا عمر ما
كنت لاغمد
سيفا سله اللّه عليهم،ورثى مالكا اخوه متمم بقصائد
عديدة.
وهذا التفصيل ذكره ابو الفداء ايضا في تاريخه (1/158).
وفي تاريخ الخميس((718))(2/233): اشتد في ذلك عمر
وقال لابي بكر: ارجم خالدا فانه قد استحل ذلك.
فقالابو بكر:
واللّه لا افعل، ان كان خالد تاول امرا فاخطا، وفي
شرح
المواقف((719)):
فاشار عمر على ابي بكر بقتلخالد قصاصا،
فقال ابو بكر: لا اغمد سيفا شهره اللّه على الكفار.
وقال عمر
لخالد: لئن وليت الامرلاقيدنك به.
وفي تاريخ ابن عساكر (5/112): قال عمر: اني ما عتبت على
خالد الا في تقدمه وما كان يصنع في المال.وكان خالد
اذا صار
اليه شيء قسمه في اهل الغنى ولم يرفع الى ابي بكر
حسابه،
وكان فيه تقدم على ابي بكريفعل الاشياء التي لا
يراها ابو بكر،
واقدم على قتل مالك بن نويرة ونكح امراته، وصالح
اهل
اليمامة ونكحابنة مجاعة بن مرارة، فكره ذلك ابو
بكر، وعرض
الدية على متمم بن نويرة وامر خالدا بطلاق امراة
مالكولم ير
ان يعزله، وكان عمر ينكر هذا وشبهه على خالد.
نظرة في القضية
قال الاميني : يحق على الباحث ان يمعن النظرة في
القضية
من ناحيتين:
الناحية الاولى
الاولى : ما ارتكبه خالد بن
الوليد من الطامات والجرائم الكبيرة
التي تنزه عنها ساحة كل معتنق للاسلام،وتضاد نداء
القرآن
الكريم والسنة الشريفة، ويتبرا منها وممن اقترفها
من آمن باللّه
ورسوله واليوم الاخر(ايحسب الانسان ان يترك سدى)((720))
( ايحسب ان لن يقدر عليه احد)((721)) (ام حسب الذين
يعملون السيئاتانيس بقونا ساء ما يحكمون)((722)).
باي كتاب ام باية سنة ساغ للرجل سفك تلكم الدماء
الزكية من
الذين آمنوا باللّه ورسوله واتبعوا سبيلالحق
وصدقوا بالحسنى،
واذنوا واقاموا وصلوا وقد علت عقيرتهم بانا
مسلمون، فما بال
السلاح معكم؟ (لاتحسبن الذين يفرحون بما اتوا
ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة
من
العذاب ولهم عذاب اءليم)((723)).
ما عذر الرجل في قتل مثل مالك الذي عاشر النبي
الاعظم،
واحسن صحبته،واستعمله (ص) على صدقاتقومه، وقد عد
من اشراف الجاهلية والاسلام، ومن ارداف الملوك (من
قتل
نفسا بغير نفس او فساد فيالارض فكانما قتل الناس
جميعا)((724))،
(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم
خالدا فيها)((725)).
|