والعاديات صواهل وجوائل
بالشوس في بحر النجيع سوابح((188))
والبيض والسمر اللدان بوارق
وطوارق ولوامع ولوائح((189))
يلقى الردى بحر الندى بين العدا
حتى غدا ملقى وليس منافح
افديه محزوز الوريد مرملا
ملقى عليه الترب ساف سافح((190))
والماء طام وهو ظام بالعرا
فرد غريب مستضام نازح
والطاهرات حواسر وثواكل
بين العدا ونوادب ونوائح
في الطف يسحبن الذيول بذلة
والدهر سهم الغدر رام رامح((191))
يسترن بالاردان نور محاسن
صونا وللاعداء طرف طامح
لهفي لزينب وهي تندب ندبها
في ندبها والدمع سار سارح((192))
تدعو اخي يا واحدي ومؤملي
من لي اذا ما ناب دهر كالح((193))
من لليتامى راحم من للايامى
كافل من للجفاة مناصح
حزني لفاطم تلطم الخدين من
عظم المصاب لها جوى وتبارح((194))
اجفانها مقروحة ودموعها
مسفوحة والصبر منها جامح
تهوى لتقبيل القتيل تضمه
بفتيل معجرها الدماء نواضح((195))
تحنو على النحر الخضيب وتلثم الثغر التريب لها فؤاد
قادح
اسفي على حرم النبوة جئن مط
روحا هنالك بالعتاب تطارح((196))
يندبن بدرا غاب في فلك الثرى
وهزبر غاب غيبته ضرائح
هذي اخي تدعو وهذي يا ابي
تشكو وليس لها ولي ناصح
والطهر مشغول بكرب الموت من
رد الجواب وللمنية شابح((197))
ولفاطم الصغرى نحيب مقرح
يذكي الجوانح للجوارح جارح
علج يعالجها لسلب حليها
فتظل في جهد العفاف تطارح((198))
بالردن تستر وجهها وتمانع ال
ملعون عن نهب الردا وتكافح
تستصرخ المولى الامام وجدها
وفؤادها بعد المسرة نازح
يا جد قد بلغ العدى ما املوا
فينا وقد شمت العدو الكاشح
يا جد غاب ولينا وحمينا
وكفيلنا ونصيرنا والناصح
ضيعتمونا والوصايا ضيعت
فينا وسهم الحور سار سارح
يا فاطم الزهراء قومي وانظري
وجه الحسين له الصعيد مصافح
اكفانه نسج الغبار وغسله
بدم الوريد ولم تنحه نوائح
وشبوله نهب السيوف تزورها
بين الطفوف فراعل وجوارح((199))
وعلى السنان سنان رافع راسه
ولجسمه خيل العداة روامح((200))
والوحش يندب وحشة لفراقه
والجن ان جن الظلام نوائح
والارض ترجف والسماء لاجله
تبكي معا والطير غاد رائح
والدهر من عظم الشجى شق الردا
اسفا عليه وفاض جفن دالح((201))
يا للرجال لظلم آل محمد
ولاجل ثارهم واين الكادح((202))
يضحى الحسين بكربلاء مرملا
عريان تكسوه التراب صحاصح((203))
وعياله فيها حيارى حسر
للذل في اشخاصهن ملامح((204))
يسرى بهم اسرى الى شر الورى
من فوق اقتاب الجمال مضايح((205))
ويقاد زين العابدين مغللا
بالقيد لم يشفق عليه مسامح
ما يكشف الغماء الا نفحة
يحيي بها الموتى نسيم نافح
نبوية علوية مهدية
يشفى برياها العليل البارح
يضحى مناديها ينادي يا لثا
رات الحسين وذاك يوم فارح
والجن والاملاك حول لوائه
والرعب يقدم والحتوف تناوح((206))
و ...و ...في جذعيهما
خفضا ونصب الصلب رفع فاتح
و... و... والاثم وال
عدوان في ذل الهوان شوائح
لعنوا بما اقترفوا وكل جريمة
شبت لها منهم زناد قادح
يابن النبي صبابتي لا تنقضي
كمدا وحزني في الجوانح جانح((207))
ابكيكم بمدامع تترى اذا
بخل السحاب لها انصباب سافح
فاستجل من مولاك عبد ولاك من
لولاك ما جادت عليه قرائح
برسية كملت عقود نظامها
حلية ولها البديع وشائح((208))
مدت اليك يدا وانت منيلها
يابن النبي وعن خطاها صافح
يرجو بها (رجب) القبول اذا اتى
وهو الذي بك واثق لك مادح
انت المعاذ لدى المعاد وانت لي
ان ضاق بي رحب البلاد الفاسح
صلى عليك اللّه ما سكب الحيا
دمعا وما هب النسيم الفائح
وله في رثاء الامام السبط صلوات اللّه عليه قوله:
ما هاجني ذكر ذات البان والعلم
ولا السلام على سلمى بذي سلم
ولا صبوت لصب صاب مدمعه
من الصبابة صب الوابل الرزم((209))
ولا على طلل يوما اطلت به
مخاطبا لاهيل الحي والخيم
ولا تمسكت بالحادي وقلت له
ان جئت سلعا فسل عن جيرة العلم((210))
لكن تذكرت مولاي الحسين وقد
اضحى بكرب البلا في كربلاء ظمي
ففاض صبري وفاض الدمع وابتعد الرقاد واقترب السهاد
بالسقم
وهام اذ همت العبرات من عدم((211))
قلبي ولم استطع مع ذاك منع دمي
لم انسه وجيوش الكفر جائشة
والجيش في امل والدين في الم
تطوف بالطف فرسان الضلال به
والحق يسمع والاسماع في صمم
وللمنايا بفرسان المنى عجل
والموت يسعى على ساق بلا قدم
مسائلا ودموع العين سائلة
وهو العليم بعلم اللوح والقلم
ما اسم هذا الثرى يا قوم فابتدروا
بقولهم يوصلون الكلم بالكلم
بكربلا هذه تدعى فقال اجل
آجالنا بين تلك الهضب والاكم
حطوا الرحال فحال الموت حل بنا
دون البقاء وغير اللّه لم يدم
ياللرجال لخطب حل مخترم ال
آجال معتديا في الاشهر الحرم
فها هنا تصبح الاكباد من ظما
حرى واجسادها تروى بفيض دم
وها هنا تصبح الاقمار آفلة
والشمس في طفل والبدر في ظلم
وها هنا تملك السادات اعبدها
ظلما ومخدومها في قبضة الخدم
وها هنا تصبح الاجساد ثاوية
على الثرى مطعما للبوم والرخم((212))
وها هنا بعد بعد الدار مدفننا
وموعد الخصم عند الواحد الحكم
وصاح‏بالصحب هذا الموت‏فابتدروا
اسدا فرائسها الاساد في الاجم
من كل ابيض وضاح الجبين فتى
يغشي‏صلى‏الحرب‏لايخشى‏من‏الضرم
من كل منتدب للّه محتسب
في اللّه منتجب باللّه معتصم
وكل مصطلم الابطال مصطلم ال
اجال ملتمس الامال مستلم
وراح ثم جواد السبط يندبه
عالي الصهيل خليا طالب الخيم
فمذ راته النساء الطاهرات بدا
يكادم((213)) الارض في خد له وفم
برزن نادبة حسرى وثاكلة
عبرى ومعلولة بالمدمع السجم
فجئن والسبط ملقى بالنصال ابت
من كف مستلم او ثغر ملتثم
والشمر ينحر منه النحر من حنق
والارض ترجف خوفا من فعالهم
فتستر الوجه في كم عقيلته
وتنحني فوق قلب واله كلم((214))
تدعو اخاها الغريب‏المستضام اخي
ياليت طرف المنايا عن علاك عمي
من اتكلت عليه في النساء ومن
اوصيت فينا ومن يحنو على الحرم
هذي سكينة قد عزت سكينتها
وهذه فاطم تبكي بفيض دم
تهوي لتقبيله والدمع منهمر
والسبط عنها بكرب الموت في غمم((215))
فيمنع الدم والنصل الكسير به
عنها فتنصل لم تبرح ولم ترم
تضمه نحوها شوقا وتلثمه
ويخضب النحر منه صدرها بدم
تقول من عظم شكواها ولوعتها
وحزنها غير منقض ومنفصم
اخي لقد كنت نورا يستضاء به
فما لنور الهدى والدين في ظلم
اخي لقد كنت غوثا للارامل يا
غوث اليتامى وبحر الجود والكرم
يا كافلي هل ترى الايتام بعدك في
اسر المذلة والاوصاب((216)) والالم
يا واحدي يابن امي يا حسين لقد
نال العدى ما تمنوا من طلابهم
وبردوا غلل الاحقاد من ضغن
واظهروا ما تخفى في صدورهم
اين الشفيق وقد بان الشقيق وقد
جار الرفيق ولج الدهر في الازم((217))
مات‏الكفيل وغاب الليث فابتدرت
عرج الضباع على الاشبال في نهم
وتستغيث رسول اللّه صارخة
يا جد اين الوصايا في ذوي الرحم
يا جد لو نظرت عيناك من حزن
للعترة الغر بعد الصون والحشم
مشردين عن الاوطان قد قهروا
ثكلى اسارى حيارى ضرجوا بدم
يسرى بهن سبايا بعد عزهم
فوق المطايا كسبي الروم والخدم
هذا بقية آل اللّه سيد اه
ل الارض زين عباد اللّه كلهم
نجل الحسين الفتى الباقي ووارثه
والسيد العابد السجاد في الظلم
يساق في الاسر نحو الشام مهتضما
بين الاعادي فمن باك ومبتسم
اين النبي وثغر السبط يقرعه
يزيد بغضا لخير الخلق كلهم
اينكت الرجس ثغرا كان قبله
من حبه الطهر خير العرب والعجم
ويدعي بعدها الاسلام من سفه
وكان اكفر من عاد ومن ارم
يا ويله حين تاتي الطهر فاطمة
في الحشر صارخة في موقف الامم
تاتي فيطرق اهل الجمع اجمعهم
منها حياء ووجه الارض في قتم((218))
وتشتكي عن يمين العرش صارخة
وتستغيث الى الجبار ذي النقم
هناك يظهر حكم اللّه في ملا
عصوا وخانوا فيا سحقا لفعلهم
وفي يديها قميص للحسين غدا
مضمخا بدم قرنا الى قدم
ايا بني الوحي والذكر الحكيم ومن
ولاهم املي والبرء من المي
حزني لكم ابدا لا ينقضي كمدا
حتى الممات ورد الروح في رمم
حتى تعود اليكم دولة وعدت
مهدية تملا الاقطار بالنعم
فليس للدين من حام ومنتصر
الا الامام الفتى الكشاف للظلم
القائم الخلف المهدي سيدنا
الطاهر العلم ابن الطاهر العلم
بدر الغياهب تيار المواهب من
صور الكتائب حامي الحل والحرم((219))
يابن الامام الزكي العسكري فتى ال
هادي التقي علي الطاهر الشيم
يابن الجواد ويا نجل الرضاء ويا
سليل كاظم غيظ منبع الكرم
خليفة الصادق المولى الذي ظهرت
علومه فانارت غيهب الظلم
خليفة الباقر المولى خليفة زي
ن العابدين علي طيب الخيم
نجل الحسين شهيد الطف سيدنا
وحبذا مفخر يعلو على الامم
نجل الحسين سليل الطهر فاطمة
وابن الوصي علي كاسر الصنم((220))
يابن النبي ويابن الطهر حيدرة
يابن البتول ويابن الحل والحرم
انت الفخار ومعناه وصورته
ونقطة الحكم لا بل خطة الحكم
ايامك البيض خضر فهي خاتمة الدنيا وختم سعود الدين
والامم
متى نراك فلا ظلم ولا ظلم
والدين في رغد والكفر في رغم
اقبل‏فسبل‏الهدى‏والدين قد طمست
ومسها نصب والحق في عدم
يا آل طه ومن حبي لهم شرف
اعده في الورى من اعظم النعم
اليكم مدحة جاءت منظمة
ميمونة صغتها من جوهر الكلم
بسيطة ان شذت‏او انشدت عطرت
بمدحكم كبساط الزهر منخرم
بكرا عروسا ثكولا زفها حزن
على المنابر غير الدمع لم تسم
يرجو بها (رجب) رحب المقام غدا
بعد العناء غناء غير منهدم
يا سادة الحق ما لي غيركم امل
وحبكم عدتي والمدح معتصمي
ما قدر مدحي والرحمن مادحكم
في هل اتى قد اتى مع نون والقلم
حاشاكم تحرموا الراجي مكارمكم
ويرجع الجار عنكم غير محترم
او يختشي‏الزلة (البرسي) وهو يرى
ولاكم فوق ذي القربى وذي الرحم
اليكم تحف التسليم واصلة
ومنكم وبكم انجو من النقم
صلى الاله عليكم ما بدا نسم((221))
وما اتت نسمات الصبح في الحرم
وله قوله:
اما والذي لدمي حللا
وخص اهيل الولا بالبلا
لئن اسق فيه كؤوس الحمام
لما قال قلبي لساقيه لا
فموتي حياتي وفي حبه
يلذ افتضاحي بين الملا
فمن يسل عنه فان الفؤا
د تسلى وما قط آنا سلا
مضت سنة اللّه في خلقه
بان المحب هو المبتلى
وله قوله:
لقد اظهرت يا حاف
ظ سرا كان مخفيا
وابرزت من الانوا
ر نورا كان مطويا
به قد صرت عند الل
ه والسادات علويا
ومقبولا ومسعودا
ومحسودا ومرضيا
فطب نفسا وعش فردا
وكن طيرا سماويا
غريبا يالف الخلو
ة لا يقرب انسيا
غدا في الناس بالخلو
ة والوحدة منسيا
وان اصبحت مرفوضا
بسهم البغض مرميا
فلم يبغضك الا من
ابوه الزنج بصريا((222))
عمانيا مراديا
مجوسيا يهوديا
لهذا قد غدا يبغ
ض ذاك الطين كوفيا
وفي المولد والمحت
د برسيا وحليا
وله في الغزل قوله:
لقد شاع عني حب ليلى وانني
كلفت بها عشقا وهمت بها وجدا
واصبحت ادعى سيدا بين قومها
كما انني اصبحت فيهم لها عبدا
الاقي الورى في حبها في تنكر
فذا مانح صدا وذا صاعر خدا
وذا عابس وجها يطول انفه
علي كاني قد قتلت له ولدا
ولا ذنب لي في‏هجرهم‏لي وهجرهم
سوى انني اصبحت في حبها فردا
ولو عرفوا ما قد عرفت ويمموا
حماها كما يممته اعذروا حدا
وظنوا وبعض الظن اثم وشنعوا
بان امتداحي جاوز الحد والعدا
فواللّه ما وصفي لها جاز حده
ولكنها في الحسن قد جازت الحدا
هذه جملة ما وقفنا عليه من شعر شيخنا الحافظ البرسي وهي
(540) بيتا، ولا يوجد فيها كما ترى شي‏ء ممايرمى به من
الارتفاع والغلو، فالامر كما قال هو:
وظنوا وبعض الظن اثم وشنعوا
بان امتداحي جاوز الحد والعدا
فواللّه ما وصفي لها جاز حده
ولكنها في الحسن قد جازت الحدا
توجد ترجمته((223)) في امل الامل، ورياض العلماء، ورياض
الجنة في الروضة الرابعة، وروضات الجنات،وتتميم الامل
للسيد ابن ابي شبانة، والكنى والالقاب، واعيان الشيعة،
والطليعة، والبابليات.
ولم نقف على تاريخ ولادة شاعرنا الحافظ ووفاته، غير انه ارخ
بعض تليفه بقوله: ان بين ولادة المهدي (ع)وبين تاليف هذا
الكتاب خمسمائة وثمانية عشر سنة. فيوافق (773)، اخذا
برواية (255) في ولادة الامام‏المنصور صلوات اللّه عليه، ومر
في تاريخ بعض كتبه انه ارخه ب (813)، ولعله توفي حدود هذا
التاريخ واللّهالعالم.
المغالاة في الفضائل
لما وقع غير واحد من شعراء الغدير نظراء المترجم البرسي
في شبك ال والاعتراض، ورموا بالغلو،وجاء غير واحد من
المؤلفين((224)) فشن عليهم الغارات بالقذف والسباب
المقذع فيهمنا ايقاف الباحث على‏هذا المهم حتى لا يستهويه
اللغب والصخب، ولا يصيخ الى النعرات الطائفية الممقوتة،
وقول الزور، فنقول:
الغلو على ما صرح به ائمة اللغة((225)) كالجوهري والفيومي
والراغب وغيرهم هو تجاوز الحد، ومنه غلاالسعر يغلو غلاء، وغلا
الرجل غلوا، وغلا بالجارية لحمها وعظمها اذا اسرعت الشباب
فجاوزت لداتها،قال الحرث بن خالد المخزومي:
خمصانة قلق موشحها
رود الشباب غلا بها عظم
ومنه قوله رسول اللّه (ص): «لا تغالوا في النساء فانما هن سقيا
اللّه»((226)) وقول عمر: لا تغالوا في مهورالنساء((227)). والغلو
ممقوت لا محالة اينما كان وحيثما كان في اي امر كان، ولا
سيما في الدين وعليه ينزل قوله‏تعالى في موضعين((228))
من الذكر الحكيم: (يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم) ويعني
في ذلك كما ذكره‏المفسرون((229)) غلو اليهود في عيسى
حتى قذفوا مريم، وغلو النصارى فيه حتى جعلوه ربا،
فالافراط‏والتقصير كله سيئة. والحسنة بين السيئتين كما قاله
مطرف بن عبداللّه، وقال الشاعر:
واوف ولا تستوف حقك كله
وصافح فلم يستوف قط كريم
ولا تغل في شي‏ء من الامر واقتصد
كلا طرفي قصد الامور ذميم
وقال آخر:
عليك باوساط الامور فانها
نجاة ولا تركب ذلولا ولا صعبا
وقال مولانا امير المؤمنين: «ان دين اللّه بين المقصر والغالي
فعليكم بالنمرقة الوسط‏ى فبها يلحق المقصر،ويرجع اليها
الغالي‏»((230)) غير ان من الواجب تعيين الحد الذي لا يجوز
في الدين ان يتجاوزه الانسان‏لاستلزام الغلو والكذب تارة،
والاغراء بالجهل اخرى، وبخس الحقوق الواجبة آونة، لا ما دابت
عليه امة‏من الرمي بالغلو كل قائل ما لا يروقها، وتحدوها
العصبية العمياء الى التجهم امام القول بما لا يلائم ذوقها،ومن
هذا الباب اكثر ما ترمى به الشيعة الامامية من الغلو لاعتقادهم
او روايتهم فضائل لائمة اهل‏البيت(ع)، وقد طفحت بها الصحاح
والمسانيد، وتدفقت بنقلها الكتب والمؤلفات، حيث لم يقم من
نبزهم به‏لائمة الهدى وزنا تقيمه الحقيقة ويقتضيه مقامهم
الاسمى، ذلك المقام الشامخ المستنبط من الكتاب
والسنة‏والاعتبار الصحيح والقضايا الخارجية الصادقة المتسالم
عليها بين الامة، لولا ان هناك من يتعامى اويتصامم عن رؤية
هذه وسماع هاتيك، او تقصر منته العلمية عن تحليل الفلسفة
الصحيحة، او يقصر باعه‏عن الاحاطة بالكائنات التاريخية، من
الذين استاسرهم الهوى وتدهور بهم الجهل الى هوة التيه
والضلال،فعدوا من الغلو الفاحش القول بعلم الغيب فيهم، او
اخبارهم عما في الضمير، او تكلم الموتى‏معهم، او
علمهم‏بمنطق الطير والحيوانات، او احياء اللّه الموتى بدعائهم،
او استجابة دعواتهم في برء الاكمه والابرص، وبل‏كل ذي عاهة،
او القول بالرجعة لهم، او ظهور كرامة لهم تخرق العادة، او
الشخوص الى زيارة قبورهم‏والتوسل بهم، والتبرك بتربتهم،
والدعاء والصلاة عند مراقدهم، او التلهف والتاسف على‏ما
انتابهم من‏المصائب، الى كثير من امثال هذه من مبادئ تراها
الشيعة في العترة الهادية من فضائلهم المدعومة
بالبرهنة‏الصحيحة والحجج القوية مما انكرته ابناء حزم وجوزي
وتيمية وقيم وكثير ومن حذا حذوهم ولف لفهم.
ولعل لهم العذر في ذلك بان الذي يرتاونه في الخليفة لا يزيد
على انه رجل‏يقطع السارق ويقتص من القاتل،ويحفظ الثغور،
ويدحر الهرج في الاوساط، ويجمع الفي‏ء ويقسم، الى امثال هذه
مما هو شان الملوك والامراءفي الامم والاجيال، وتعرب عنه
خطب ابي بكر وعمر لما استخلفا((231))، واستخلاف عثمان
ومعاوية وابنه‏الطاغي، وهلم جرا، وحديث عبداللّه بن عمر
وحميد بن عبدالرحمن كما ياتي بيانه.
وهم لا يوجبون في الخليفة قوة في النفس منبعثة عن نزاهة
وقداسة وعصمة يتصرف بها صاحبها في‏الكائنات كيفما اقتضته
المصلحة، ويبصر المغيب بعين بصيرته، او بنور بصره الذي لا
يقل عن اشعة(رنتجن) التي يبصر صاحبها الامعاء من وراء
الجلد الغليظ وتري ما في قبضة الماسك بيده من ظهر
اليد،وبلغت بها القوة حتى اخذت بها الصورة الشمسية من وراء
سياج الصندوق الحديدي.
والذي يخبت في القوى النفسية الى مثل التنويم المغناطيسي
الصناعي، اواستحضار الارواح واستخدامهاللجواب عن كل
مسالة يريدها الانسان مما في وراء عالم الشهود بقوة نفسه،
كيف يسعه انكار رد الارواح‏الى الاجسام باذن ربها لدعاء ولي، او
مقدرة صديق موهوبة له من بارئ كيانه؟ وليس على اللّه
بعزيز(هوالذي يحيي و يميت فاذا قضى امرا فانما يقول له كن
فيكون)((232)).
وكذلك من يشهد: ان الطائرات الجوية تطوي مئات من
الفراسخ في آونة‏قصيرة، وكان يستدعي ذلك‏اشغال اشهر من
الزمن يوم كانوا يطوونها على الظهور، انى يسيغ له حجاه ان
ينكر ط‏ي الارض لمن يحمل‏بين جنبيه قوى مفاضة من المبدا
الحق سبحانه: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر
السحاب)((233)).
ومثله: الذي يبصر المذياع وهو ينقل الاصوات من ابعد
المسافات فيسمعها كانه يتلو القرآن الكريم، او يلقي‏خطابته، او
يسرد اخباره، او يغني باهازيجه الى جنبه، فهو لا يسعه انكار ما
يشابه ذلك في امام حق‏مؤيدمن عند اللّه (ان اللّه يسمع من يشاء
وما انت بمسمع من في القبور)((234)).
ونظيره: المتكلم الذي تمثل له بالقوى الممثلة صورة من
يخاطبه ويتكلم معه في‏الهاتف من صقع شاسع كانه‏يراه وينظر
اليه من كثب ( وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات
والارض)((235)).
وامثال هذه في المكتشفات الحديثة من آثار الكهرباء وغيره
كثيرة ذللت فيهم المعضلات التي كانت تقصرعنها العقول
السذج قبل هذا اليوم، ولعل في المستقبل الكشاف يكون ما هو
اعظم واعظم من هذه كلها، فان‏العلم لم يقف على حد، ولا
دلت البرهنة على وصول الكشف الى غايته المحدودة، فمن
الجائز ان يتدرج الى‏الامام كما تدرج في هذه القرون الاخيرة
جلت قدرة بارئها.
انا لا احاول جعل تلكم المعاجز وكرامات الاولياء من قبيل ما
ذكرته من مجاري الناموس الطبيعي، ولوانها لا يعدوها الاعجاز
حتى لو كانت على تلك المجاري، لانها حدثت يوم لم تكن هذه
الاثار مكتشفة، ولاعرفها احد من الناس، حتى انه لو فاه بها احد
لما كانوا يحفلون به الا بالهزء والسخرية معتقدين بانه
يلهج‏بالمحال، فصدورها من انسان هذا ظرفه وتلك احوال
امته، ولم يعهد انه دخل كلية او تخرج على يد استاذ لايعدوه ان
تكون معجزة، لكنا نعتقد ان اولئك الائمة بما انهم مقيضون
لاصلاح الامة ولا يكون‏الابخضوعها لهم. واقوى الحجج
لاستلانة جماحها لذلك الخضوع هو صدور المعجزات
والخوارق لهم‏صلة بالمبدا الاقدس يسددهم بها من فوق عالم
الطبيعة، وهو لازم اللطف الواجب على اللّه سبحانه من‏تقريب
البعيد الى ما ذكرناه من الاكتشافات الحديثة لتقريب الاذهان
وشحذها، وايقاف المنصف على‏الحقائق. وقد فصلنا القول في
بعض الموضوع في الجزء الخامس (ص‏52، 65).
فهلم معي الى اناس يشنعون على الشيعة باثبات تلكم النسب،
ويقذفونهم بالغلو والكفر والشرك وهم‏يثبتونها لغير واحد من
اوليائهم، وذكروا اضعاف ما عند الشيعة من تلكم الفضائل
المرمية بالغلو في تراجم‏العاديين من رجالهم، ونشروها في
الملا واتخذوها تاريخا صحيحا من دون اي غمز وانكار في
السند، ومن‏غير مناقشة ونظرة صحيحة في المتون، كل ذلك
حبا وكرامة لاولئك الرجال، وحب الشي‏ء يعمي ويصم،وهذه
السيرة مطردة‏فيهم منذ القرن الاول حتى اليوم، ولا يسع لاي
باحث رمي اولئك المؤلفين الحفاظ‏بالضلال والشرك والغلو
وخروجهم عما اجمعت عليه الامة الاسلامية كما هم رموا
الشيعة بذلك، على ان‏الباحث يجد فيما لفقته يد الدعاية
والنشر، ونسجته اكف المخرقة والغلو في الفضائل، عجائب
وغرائب او قل:سفاسف وسفسطات، تبعد عن نطاق العقل
السليم، فضلا عن ان تكون مشروعة او غير مشروعة.
واليك‏البيان:
الغلو في ابي بكر
ليس من العسير الشديد عرفان حدود اي فرد شئت من
الصحابة، اذ التاريخ مع ما فيه من الخبط‏والخلط، مع ما
نسجت عليه ايدي المعرة الاثيمة، مع ما طمس صحيحه
بالفتن المظلمة في ادوارها وقرونهاالخالية، مع ما لعبت به
الاهواء المضلة بالتحريف والاختلاق، مع ما دس فيه عباقرة
الافك والافتعال، مع‏ما سودت صفحاته براء تافهة، ونظريات
سخيفة، ومبادئ فاسدة، ونعرات طائفية، ومخاريق
قومية،وجنايات شعوبية فيه رمز من الحقيقة، لا يختلط
للناقد البصير زبده بخاثره، وصحيحه بسقيمه، ويسع له‏ان
يستخرج المحض بالمخض، يتخذ منه دروس الحقائق، ويعرف
به حدود الرجال، ومقاييس السلف،ومقادير الامم الغابرة.
ومن اللازم المحتوم علينا النظرة في تراجم الشخصيات
البارزة من رجال الاسلام سلفا وخلفا بعين الاكباردون عين
رمصة، ولا سيما من عرف منهم بالخلافة الراشدة بين الملا
الديني ولو بالانتخاب الدستوري الذي‏ليس له اي قيمة وكرامة
في سوق الاعتبار وميزان العدل: (وربك يخلق ما يشاء ويختار
ما كان لهم‏الخيرة)((236))(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا
قضى‏اللّه ورسوله‏امرا ان يكون لهم‏الخيرة من امرهم)((237))
(للّه الامر من قبل ومن بعد)((238)) (وهو وليهم بما كانوا
يعملون)((239))(وكذبوا واتبعوا اهواءهم وكل امر
مستقر)((240)).
فصاحب النبي الاعظم في الغار، والمهاجر الوحيد معه في
الرعيل الاول من‏المهاجرين السابقين يهمنا اكباره‏واعظامه،
ويعد من الجنايات الفاحشة بخس حقه، والتقصير في تحديد
نفسياته، والخروج عن قضاء العدل‏فيها، والنزول على حكم
العاطفة.
ونحن لا نحوم حول موضوع الخلافة وانها كيف تمت؟ كيف
صارت؟ كيف قامت؟ كيف دامت؟ وان الاراءفيها هل كانت
حرة؟ ووصايا المشرع الاعظم هل كانت متبعة؟ او كانت للاهواء
والشهوات يوم ذاك‏حكومة جبارة هي تبطش وتقبض، وهي
ترفع وتخفض، وهي ترتق وتفتق، وهي تنقض وتبرم،
وهي‏تحل‏وتعقد.
لا يهمنا البحث عن هذه كلها بعد ما سمعت اذن الدنيا حديث
السقيفة مجتمع الثويلة، وقرطت بنبا تلك‏الصاخة الكبرى،
والتحارش العظيم بين المهاجرين والانصار، (اذا وقعت الواقعة #
ليس لوقعتها كاذبة #خافضة رافعة)((241)).
ما عساني ان اقول؟ والتاريخ بين يدي الباحث يدرسه بان كل
رجل من سواد الناس يوم ذاك كان يرى‏الفوز والسلامة لنفسه
في عدم التحزب باحد من تلكم الاحزاب المتكثرة، وترك
الاقتحام في تلك الثورات‏النائرة، وكانت الخواطر تهدده بالقتل
مهما ابدى الشقاق، او التحيز الى فئة دون فئة، بعد ما رات
عيناه فرندالصارم المسلول، وسمعت اذناه نداء محز((242))
يتوعد بالقتل كل قائل بموت رسول اللّه، ويقول: لا اسمع
رجلايقول: مات رسول اللّه الا ضربته بسيفي. او يقول: من قال:
انه مات علوت راسه بسيفي، وانما ارتفع الى‏السماء((243)).
يصيح من قال نفس المصطفى قبضت
علوت هامته بالسيف ابريها((244))
بعد ما تشازرت الامة وتلاكمت وتكالمت وقام الشيخان يعرض
كل منهما
البيعة لصاحبه قبل اخذ الراي من اي احد، كان الامر دبر بليل،
فيقول هذا
لصاحبه: ابسط يدك فلابايعك. ويقول آخر: بل انت. وكل منهما
يريد ان يفتح يد صاحبه ويبايعه، ومعهماابو عبيدة الجراح حفار
القبور بالمدينة((245)) يدعو الناس اليهما((246))، والوصي
الاقدس والعترة الهادية وبنوهاشم الهاهم النبي الاعظم وهو
مسجى بين يديهم وقد اغلق دونه الباب اهله((247))، وخلى
اصحابه (ص)بينه وبين اهله
فولوا((248))اجنانه((249))ومكث ثلاثة ايام لا
يدفن((250))او من يوم الاثنين الى يوم الاربعاء
اوليلته((251))فدفنه اهله ولم يله الا اقاربه((252))دفنوه في
الليل اوفي آخره((253))، ولم يعلم به القوم الا بعد
سماع‏صريف المساحي وهم في بيوتهم من جوف
الليل((254))ولم يشهد الشيخان دفنه (ص)((255)).
بعد ما راى الرجل عمر بن الخطاب محتجرا يهرول بين يدي
ابي بكر وقد نبر حتى ازبد شدقاه((256)).
بعدما قرعت سمعه عقيرة صحابي بدري عظيم الحباب بن
المنذر وقد انتضى سيفه على ابي بكر ويقول:واللّه لا يرد علي
احد ما اقول الا حطمت انفه بالسيف، انا جذيلها
المحكك((257))وعذيقها المرجب، انا ابو شبل‏في عرينة الاسد
يعزى الى الاسد، فيقال عليه: اذن يقتلك اللّه. فيقول: بل اياك
يقتل. او: بل اراك تقتل((258))،فاخذ ووطئ في بطنه،
ودس‏في فيه التراب((259)).
بعدما شاهد ثالثا يخالف البيعة لابي بكر وينادي: اما واللّه
ارميكم بكل سهم في كنانتي من نبل، واخضب‏منكم سناني
ورمحي، واضربكم بسيفي ما ملكته يدي، واقاتلكم مع من معي
من اهلي وعشيرتي((260)).
بعدما راى رابعا يتذمر على البيعة ويشب نار الحرب بقوله: اني
لارى عجاجة لا يطفئها الا دم((261)).
بعدما نظر الى مثل سعد بن عبادة امير الخزرج وقد وقع في
ورطة الهون ينزى عليه، وينادى عليه بغضب:اقتلوا سعدا قتله
اللّه انه منافق. او: صاحب فتنة. وقد قام الرجل على راسه
ويقول: لقد هممت ان اطاك‏حتى تندر((262)) عضوك. او
تندر عيونك((263)).
بعدما شاهد قيس بن سعد قد اخذ بلحية عمر قائلا: واللّه لو
حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك‏واضحة. او: لو خفضت
منه شعرة ما رجعت وفيك جارحة((264)).
بعدما عاين الزبير وقد اخترط سيفه ويقول: لا اغمده حتى يبايع
علي.فيقول عمر: عليكم بالكلب، فيؤخذسيفه من يده ويضرب
به الحجر ويكسر((265)).
بعدما بصر مقدادا ذلك الرجل العظيم وهو يدافع في صدره، او
نظر الى الحباب ابن المنذر وهو يحطم انفه،وتضرب يده. او الى
اللائذين بدار النبوة، مامن الامة، وبيت شرفها، بيت فاطمة
وعلي سلام اللّه عليهما آوقد لحقهم الارهاب
والترعيد((266))، وبعث اليهم ابو بكر عمر بن الخطاب وقال
له: ان ابوا فقاتلهم. فاقبل‏عمر بقبس من نار على ان يضرم
عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: «يابن الخطاب اجئت
لتحرق‏دارنا؟» قال: نعم، او تدخلوا فيما دخل فيه الامة((267)).
بعدما راى هجوم رجال الحزب السياسي دار اهل الوحي‏وكشف
بيت فاطمة((268))، وقد علت عقيرة قائدهم‏بعد ما دعا
بالحطب: واللّه لتحرقن عليكم او لتخرجن الى البيعة. او
لاحرقنها على من فيها. فيقال للرجل:ان فيها فاطمة. فيقول:
وان((269))!
بعد قول ابن شحنة: ان عمر جاء الى بيت علي ليحرقه على من
فيه فلقيته فاطمة فقال: ادخلوا فيما دخلت‏فيه الامة. تاريخ
ابن شحنة((270)) هامش الكامل (7/164).
بعدما سمع انة وحنة من حزينة كئيبة بضعة المصطفى وقد
خرجت عن خدرها وهي تبكي وتنادي‏باعلى صوتها: «يا ابت يا
رسول اللّه ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن ابي
قحافة؟»((271)).
بعدما رآها وهي تصرخ وتولول ومعها نسوة من الهاشميات
تنادي: «يا ابا بكر ما اسرع ما اغرتم على‏اهل بيت رسول اللّه، واللّه
لا اكلم عمر حتى القى اللّه». شرح ابن ابي
الحديد((272))(1/134، 2/19).
بعدما شاهد هيكل القداسة والعظمة امير المؤمنين يقاد الى
البيعة كما يقاد الجمل المخشوش((273))، ويدفع‏ويساق سوقا
عنيفا واجتمع الناس ينظرون، ويقال له: بايع. فيقول: «ان انا لم
افعل فمه؟» فيقال: اذن واللّهالذي لا اله الا هو نضرب عنقك
فيقول: «اذن تقتلون عبداللّه واخا رسوله‏»((274)).
بعدما راى صنو المصطفى عليا لاذ بقبر رسول اللّه (ص) وهو
يصيح ويبكي ويقول: «يابن ام ان القوم‏استضعفوني وكادوا
يقتلونني‏»((275)).
بعد نداء ابي عبيدة الجراح لعلي (ع) يوم سيق الى البيعة: يابن
عم انك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك‏ليس لك مثل
تجربتهم ومعرفتهم بالامور، ولا ارى ابا بكر الا اقوى على هذا
الامر منك‏واشداحتمالاواضطلاعا به، فسلم لابي بكر هذا الامر،
فانك ان تعش ويطل بك بقاء فانت لهذا الامر خليق‏وبه حقيق
في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك
وصهرك((276)).
بعد رفع الانصار عقيرتهم في ذلك اليوم العصبصب بقولهم: لا
نبايع الا عليا.وبعد صياح بدريهم: منااميرومنكم امير ،
وقول‏عمر له: اذا كان ذلك فمت ان استطعت((277)).
بعد قول ابي بكر للانصار: نحن الامراء وانتم الوزراء، وهذا الامر
بيننا وبينكم‏نصفان كشق الابلمة يعني‏الخوصة((278)).
مدت لها الاوس كفا كي تناولها
فمدت الخزرج الايدي تباريها
وظن كل فريق ان صاحبهم
اولى بها واتى الشحناء آتيها((279))
بعد قول ام مسطح بن اثاثة واقفة عند قبر النبي (ص) وهي
تنادي: يا رسول‏اللّه:
قد كان بعدك انباء وهنبثة((280))
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
انا فقدناك فقد الارض وابلها
واختل قومك فاشهدهم ولا تغب((281))
هذه كلها كانت تهدد السواد، وتروع عامة الناس وما كان لاحد
في اصلاح القوم مطمع، ولا لاي من الامة‏بعد ما شاهد الحال
يوم ذاك حسبان حرمة ولا كرامة لنفسه يقوم بها تجاه ذلك
التيار المتدفق.
وكانت هناك امة تراها سكرى وما هي بسكرى من حراجة
الموقف تسارها هواجسها بالتربص‏الى‏حين، حتى تضع الغائلة
اوزارها، ويتضح مل امر دبر بليل، ويتبين الرشد من الغي،
وهواجس تجعل‏جماعة كالنزيعة((282)) تجهش وتحن وتقرع
سن الاسف، وكم حنون لا يجديه حنينه.
وما عساني ان اقول في تلك الخلافة بعدما رآها ابو بكر وعمر
بن الخطاب فلتة كفلتة الجاهلية وقى اللّهشرها((283))؟
بعد ما حكم عمر بقتل من عاد الى مثل تلك البيعة((284)).
بعد قوله يوم السقيفة: من بايع اميرا عن غير مشورة المسلمين
فلا بيعة له ولا بيعة للذي بايعه تغرة ان‏يقتلا((285)).
بعد قوله لابن عباس: لقد كان علي فيكم‏اولى بهذا الامر مني
ومن ابي بكر((286)).
بعد قوله: انا واللّه ما فعلناه عن عداوة ولكن استصغرناه، وحسبنا
ان لا يجتمع عليه العرب وقريش لما قدوترها.
بعد قول ابن عباس له في جوابه: كان رسول اللّه (ص) يبعثه
فينطح كبشها فلم يستصغره، افتستصغره
انت‏وصاحبك((287))؟
بعد قول عمر لابن عباس: يابن عباس ما اظن صاحبك الا
مظلوما. وقول ابن عباس له: واللّه ما استصغره‏اللّه حين امره ان
ياخذ سورة براءة من ابي بكر. شرح ابن ابي الحديد((288)) (2/
18).
بعد قول ابي السبطين امير المؤمنين: «انا عبداللّه واخو رسول
اللّه، انا احق بهذا الامر منكم، لا ابايعكم‏وانتم اولى بالبيعة لي‏»،
فيقول عمر: لست متروكا حتى تبايع، فيقول علي: «احلب يا
عمر حلبا لك‏شطره‏»((289)).
مقاطع من الخطبة الشقشقية
بعد قوله (ع): «اللّه اللّه يا معشر المهاجرين الا تخرجوا سلطان
محمد في العرب من داره، وقعر بيته‏الى‏دوركم، وتدفعوا اهله
عن مقامه في الناس وحقه، فواللّه يا معشر المهاجرين فنحن
احق الناس به لانااهل البيت ونحن احق بهذا الامر منكم، ما
كان فينا القارئ لكتاب اللّه، العالم بسنن اللّه، المضطلع
بامرالرعية، الدافع عنهم الامور السيئة، القاسم بينهم بالسوية،
واللّه انه لفينا، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل‏اللّه فتزدادوا
من الحق بعدا»((290)).
بعد قوله (ع): «لما مضى المصطفى لسبيله تنازع المسلمون
الامر بعده، فواللّه ما كان يلقى في روعي، ولايخطر على بالي ان
العرب تعدل هذا الامر بعد محمد عن اهل بيته، ولا انهم منحوه
عني من بعده، فما راعني‏الا انثيال الناس على ابي بكر،
واجفالهم اليه ليبايعوه، فامسكت يدي، ورايت اني احق بمقام
محمد في الناس‏ممن تولى الامر من بعده‏»((291)).
بعدما خرج علي كرم اللّه وجهه يحمل فاطمة بنت رسول اللّه
(ص) على دابة ليلا في مجالس الانصار تسالهم‏النصرة، فكانوا
يقولون: يا بنت رسول اللّه قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو ان
زوجك وابن عمك سبق اليناقبل ابي بكر ما عدلنا به، فيقول
علي كرم اللّه وجهه: «افكنت ادع رسول اللّه (ص) في بيته لم
ادفنه، واخرج‏انازع سلطانه؟ فقالت فاطمة: ما صنع ابو الحسن
الا ما كان ينبغي له ولقد صنعوا ما اللّه
حسيبهم‏وطالبهم‏»((292)).
بعد قوله (ع): «اما واللّه لقد تقمصها ابن ابي قحافة، وانه ليعلم
ان محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدرعني السيل، ولا
يرقى الي الطير، فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا،
وطفقت ارتئي بين ان اصول بيدجذاء، او اصبر على طخية
عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها
مؤمن حتى يلقى‏ربه، فرايت ان الصبر على هاتا احجى، فصبرت
وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، ارى تراثي نهبا، حتى‏مضى
الاول لسبيله فادلى بها الى ابن الخطاب بعده.
ثم تمثل بقول الاعشى:
شتان ما يومي على كورها
ويوم حيان اخي جابر
فيا عجبا يستقيلها في حياته اذ عقدها لاخر بعد وفاته، لشدما
تشطرا ضرعيها، فصيرها في حوزة خشناءيغلظ كلمها، ويخشن
مسها، ويكثر العثار فيها والاعتذار منها، فصاحبها كراكب
الصعبة، ان اشنق لها خرم،وان اسلس لها تقحم، فمني الناس
لعمر اللّه بخبط وشماس، وتلون واعتراض، فصبرت على طول
المدة،وشدة المحنة حتى اذا مضى لسبيله جعلها في جماعة
زعم اني احدهم فيا للّه وللشورى، متى اعترض الريب‏في مع
الاول منهم حتى صرت اقرن الى هذه النظائر، لكني اسففت اذا
سفوا، وطرت اذا طاروا، فصغا رجل‏منهم لضغنه، ومال الاخر
لصهره مع هن وهن، الى ان قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين
نثيله ومعتلفه، وقام‏معه بنو ابيه يخضمون مال اللّه خضمة الابل
نبتة الربيع، الى ان انتكث فتله، واجهز عليه عمله، وكبت
به‏بطنته‏». الحديث.
كلمتنا حول هذه الخطبة
هذه الخطبة تسمى بالشقشقية، وقد كثر الكلام حولها فاثبتها
مهرة الفن من الفريقين وراوها من خطب‏مولانا امير المؤمنين
الثابتة التي لا مغمز فيها، فلا يسمع اذن قول الجاهل بانها من
كلام الشريف الرضي،وقد رواها غير واحد في القرون الاولى
قبل ان تنعقد للرضي نطفته، كما جاءت باسناد
معاصريه‏والمتاخرين عنه من غير طريقه، واليك امة من
اولئك:
1 الحافظ يحيى بن عبد الحميد الحماني: المتوفى (228)،
كما في طريق الجلودي في العلل((293))والمعاني((294)).
2 ابو جعفر دعبل الخزاعي: المتوفى (246)، رواها باسناده
عن ابن عباس كما في امالي شيخ‏الطائفة((295))(ص‏237)،
ورواها عنه اخوه ابو الحسن علي.
3 ابو جعفر احمد بن محمد البرقي: المتوفى (274، 280)،
كما في علل الشرائع((296)).
4 ابو علي الجبائي شيخ المعتزلة: المتوفى (303)، كما في
الفرقة الناجية للشيخ ابراهيم القطيفي، والبحارللعلامة
المجلسي((297))(8/161).
5 وجدت بخط قديم عليه كتابة الوزير ابي الحسن علي بن
الفرات: المتوفى (312)، كما في شرح ابن‏ميثم((298)).
6 ابو القاسم البلخي احد مشايخ المعتزلة: المتوفى (317)،
كما في شرح ابن ابي الحديد((299))(1/69).
7 ابو احمد عبدالعزيز الجلودي البصري: المتوفى (332)، كما
في معاني الاخبار((300)).
8 ابو جعفر بن قبة تلميذ ابي القاسم البلخي المذكور، رواها
في كتابه الانصاف كما في شرح ابن ابي‏الحديد((301)) (1/69)،
وشرح ابن ميثم((302)).
9 الحافظ سليمان بن احمد الطبراني: المتوفى (360)، كما
في طريق القطب الراوندي في شرح النهج((303)).
10 ابو جعفر بن بابويه القمي: المتوفى (381)، في كتابيه:
علل الشرائع((304))ومعاني الاخبار((305)).
11 ابو احمد الحسن بن عبداللّه العسكري: المتوفى (382)،
حكى عنه شيخنا الصدوق شرح الخطبة في‏معاني
الاخبار((306)) والعلل((307)).
لفت نظر :
عده السيد العلامة الشهرستاني‏في ما هو نهج البلاغة (ص‏22)
ممن روى الشقشقية فارخ وفاته بسنة(395)، وذكره في
(ص‏23) فقال: من ابناء القرن الثالث. لا يتم هذا ولا يصح ذاك،
وقد خفي عليه ان‏الحسن‏بن عبداللّه العسكري راوي الشقشقية
هو ابو احمد صاحب كتاب الزواجر وقد توفي سنة (382)
وولد(293)، وحسبه ابا هلال الحسن بن عبداللّه العسكري
صاحب كتاب الاوائل تلميذ ابي‏احمد العسكري،والتاريخ الذي
ذكره تاريخ فراغه من كتابه الاوائل لا تاريخ وفاته. توجد ترجمة
كلا الحسنين العسكريين في‏معجم الادباء (8/233 268)،
وبغية الوعاة((308)): (ص‏221).
12 ابو عبداللّه المفيد: المتوفى (412)، استاذ الشريف الرضي
رواها في كتابه الارشاد((309))(ص‏135).
13 القاضي عبد الجبار المعتزلي: المتوفى (415)، ذكر في
كتابه المغني((310))تاويل بعض جمل الخطبة ومنع‏دلالتها
على الطعن في خلافة من تقدم على امير المؤمنين من دون
اي ايعاز الى الغمز في اسنادها.
14 الحافظ ابو بكر بن مردويه: المتوفى (416)، كما في طريق
الراوندي في شرح النهج((311)).
15 الوزير ابو سعيد الابي: المتوفى (422)، في كتابه نثر الدرر
ونزهة الادب((312)).
16 الشريف المرتضى اخو الشريف الرضي الاكبر: توفي سنة
(436)، ذكر جملة منها في‏الشافي((313))(ص‏203) فقال:
مشهور. وذكر صدرها في (ص‏204) فقال: معروف.
17 شيخ الطائفة الطوسي: المتوفى (460)، رواها في
اماليه((314)) (ص‏327) عن السيد ابي الفتح هلال بن‏محمد
بن جعفر الحفار المترجم في مستدرك العلامة النوري
(3/509) من طريق الخزاعيين، وفي تلخيص‏الشافي((315)).
18 ابو الفضل الميداني: المتوفى (518)، في مجمع
الامثال((316)) (ص‏383) قال:ولامير المؤمنين علي (رضي
اللّهعنه) خطبة تعرف بالشقشقية، لان ابن عباس غ قال له
حين قطع كلامه: يا امير المؤمنين لو اطردت‏مقالتك من
حيث افضيت. فقال: هيهات يابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم
قرت.
19 ابو محمد عبداللّه بن احمد البغدادي‏الشهير بابن الخشاب:
المتوفى (567)، قراها عليه ابو الخير مصدق‏الواسط‏ي النحوي،
وسيوافيك بعيد هذا كلامه فيها.
20 ابو الحسن قطب الدين الراوندي: المتوفى (573)، رواها
في شرح نهج البلاغة((317)) من طريق‏الحافظين: ابن مردويه
والطبراني وقال: اقول: وجدتها في موضعين تاريخهما قبل
مولد الرضي بمدة، احدهما:انها مضمنة كتاب الانصاف لابي
جعفر بن قبة تلميذ ابي القاسم الكعبي احد شيوخ المعتزلة
وكانت وفاته‏قبل مولد الرضي. الثاني: وجدتها بنسخة عليها
خط الوزير ابي الحسن علي بن محمد بن الفرات وكان
وزيرالمقتدر باللّه، وذلك قبل مولد الرضي بنيف وستين سنة،
والذي يغلب على ظني ان تلك النسخة كانت كتبت‏قبل وجود
ابن الفرات بمدة.
21 ابو منصور الطبرسي احد مشايخ ابن شهرآشوب: المتوفى
(588) في كتابه الاحتجاج((318))(ص‏95)فقال: روى جماعة
من اهل النقل من طرق مختلفة عن ابن عباس.
22 ابو الخير مصدق بن شبيب الصلحي النحوي: المتوفى
(605)، قراها على ابي محمد بن الخشاب وقال:لما قرات هذه
الخطبة على شيخي ابي محمد بن الخشاب ووصلت الى قول
ابن عباس: ما اسفت على شي‏ءقط كاسفي على هذا الكلام. قال:
لو كنت حاضرا لقلت لابن عباس: وهل ترك ابن عمك في
نفسه شيئا لم‏يقله في هذه الخطبة؟ فانه ما ترك لا الاولين ولا
الاخرين. قال مصدق: وكانت فيه دعابة، فقلت له: ياسيدي
فلعلها منحولة اليه. فقال: لا واللّه اني اعرف انها من كلامه كما
اعرف انك مصدق. قال فقلت:ان‏الناس ينسبونها الى الشريف
الرضي. فقال: لا واللّه، ومن اين للرضي هذا الكلام وهذا
الاسلوب، فقدراينا كلامه في نظمه ونثره لا يقرب من هذا
الكلام ولا ينتظم في سلكه، ثم قال: واللّه لقد وقفت على
هذه‏الخطبة في كتب صنفت قبل ان يخلق الرضي بمائتي
سنة، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط اعرفها واعرف‏خطوط من
هو من العلماء واهل الادب قبل ان يخلق النقيب ابو احمد والد
الرضي. راجع شرح ابن‏ميثم((319)). وشرح ابن ابي
الحديد((320)) (1/69).
23 مجد الدين ابو السعادات ابن الاثير الجزري المتوفى
(606)، اوعز اليها في كلمة شقشق في‏النهاية((321))(2/249)
فقال: ومنه حديث علي في خطبة له: تلك شقشقة هدرت ثم
قرت.
24 ابو المظفر سبط ابن الجوزي: المتوفى (654) في
تذكرته((322)) (ص‏73) من طريق شيخه ابي القاسم‏النفيس
الانباري باسناده عن ابن عباس فقال: تعرف بالشقشقية، ذكر
بعضها صاحب نهج البلاغة‏واخل‏بالبعض وقد اتيت بها مستوفاة.
ثم ذكرها مع اختلاف الفاظها.
25 عز الدين ابن ابي الحديد المعتزلي: المتوفى (655) قال
في شرح النهج((323))(1/69): قلت: وقد وجدت‏انا كثيرا من
هذه الخطبة في تصانيف شيخنا ابي القاسم البلخي امام
البغداديين من المعتزلة وكان في دولة‏المقتدر قبل ان يخلق
الرضي بمدة طويلة. ووجدت ايضا كثيرا منها في كتاب ابي
جعفر بن قبة احد متكلمي‏الامامية وهو الكتاب المشهور بكتاب
الانصاف، وكان ابو جعفر هذا من تلامذة الشيخ ابي القاسم
البلخي‏رحمه اللّه تعالى ومات في ذلك العصر قبل ان يكون
الرضي رحمه اللّه تعالى موجودا.
26 كمال الدين بن ميثم البحراني: المتوفى (679)، حكاها
عن نسخة قديمة عليها خط الوزير علي بن‏الفرات: المتوفى
(312)، وعن كتاب الانصاف لابن قبة، وذكر كلمة ابن الخشاب
المذكورة وقراءة ابي الخيراياها عليه.
27 ابو الفضل جمال الدين بن منظور الافريقي المصري:
المتوفى (711) قال في مادة: شقشق من كتابه‏لسان
العرب((324)) (12/53): وفي حديث علي رضوان اللّه عليه في
خطبة له: تلك شقشقة هدرت ثم قرت.
28 مجد الدين الفيروزآبادي: المتوفى (816، 817) اوعز اليها
في القاموس((325))(3/251) قال: والخطبة‏الشقشقية العلوية
لقوله لابن عباس لما قال له: لو اطردت مقالتك من حيث
افضيت، يابن عباس هيهات‏تلك شقشقة هدرت ثم قرت.
ثم ما عساني ان اقول بعدما يعربد شاعر النيل((326)) اليوم،
ويؤجج النيران‏الخامدة ويجدد تلكم الجنايات‏المنسية لاها اللّه
لا تنسى مع الابد ويعدها ثناء على السلف، ويرفع عقيرته بعد
مضي قرون على تلكم‏المعرات، ويتبهج ويتبجح بقوله في
القصيدة العمرية تحت عنوان: عمر وعلي:
وقولة لعلي قالها عمر
اكرم بسامعها اعظم بملقيها
حرقت دارك لا ابقي عليك بها
ان لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير ابي حفص يفوه بها
امام فارس عدنان وحاميها
ماذا اقول بعد ما تحتفل الامة المصرية في حفلة جامعة في
اوائل سنة (1918)
بانشاد هذه القصيدة العمرية التي تتضمن ما ذكر من الابيات؟
وتنشرها الجرائد في ارجاء العالم، وياتي‏رجال مصر نظراء احمد
امين، واحمد الزين، وابراهيم الابياري((327))، وعلي الجارم،
وعلي امين((328))، وخليل‏مطران((329))، ومصطفى
الدمياط‏ي بك((330)) وغيرهم((331))ويعتنون بنشر ديوان
هذا شعره، وبتقدير شاعر هذاشعوره، ويخدشون العواطف في
هذه الازمة، في هذا اليوم العصبصب، ويعكرون بهذه النعرات
الطائفية صفوالسلام والوئام في جامعة الاسلام، ويشتتون بها
شمل المسلمين، ويحسبون انهم يحسنون صنعا.
وتراهم يجددون طبع ديوان الشاعر وقصيدته العمرية خاصة
مرة بعد اخرى، ويعلق عليها شارحهاالدمياط‏ي قوله في البيت
الثاني: المراد ان عليا لا يعصمه من عمر سكنى بنت المصطفى
في هذه الدار.
وقال في (ص‏39) من الشرح: وفي رواية لابن جرير الطبري
قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد بن‏كليب قال: اتى عمر
بن‏الخطاب منزل علي وبه طلحة والزبير ورجال من
المهاجرين فقال: واللّه لاحرقن‏عليكم او لتخرجن الى البيعة،
فخرج عليه الزبير مصلتابالسيف فسقط السيف من يده فوثبوا
عليه‏فاخذوه. فان كان زياد هذا هو الحنظلي ابو معشر الكوفي
فهو موثق. والظاهر ان حافظا رحمه اللّه عول على‏هذه الرواية.
انتهى.