وليس من‏المستطاع ان يخبت الى اعتناء النبي بهاتيك الهلجة
بعد ان صدع بما صدع عن الوحي الالهي، لكن‏الدوسي يقول:
قال: فخلهم. وانا لا ادري هل كذب الدوسي، او ان هذا مبلغ
علم الخليفة وانموذج‏عمله؟

60 اجتهاد الخليفة في حلي الكعبة((565))
1 ذكر عند عمر بن الخطاب في ايامه حلي الكعبة وكثرته،
فقال قوم: لو اخذته فجهزت به جيوش‏المسلمين كان اعظم
للاجر، وما تصنع الكعبة بالحلي؟ فهم عمر بذلك وسال عنه
امير المؤمنين(ع)، فقال:((ان هذا القران انزل على محمد(ص)
والاموال اربعة: اموال المسلمين فقسمها بين الورثة في
الفرائض،والفي‏ء فقسمه على مستحقيه ، والخمس فوضعه اللّه
حيث وضعه، والصدقات فجعلها اللّه حيث جعلها،وكان حلي
الكعبة فيها يومئذ فتركه اللّه على‏حاله ولم يتركه نسيانا ولم
يخف عنه مكانا، فاقره حيث اقره اللّهورسوله)). فقال له عمر:
لولاك لافتضحنا. وترك الحلي بحاله.
2 عن شقيق، عن شيبة بن عثمان، قال: قعد عمر بن
الخطاب(رضى‏ا...عنه) في مقعدك الذي انت فيه فقال:لا اخرج
حتى اقسم مال الكعبة بين فقراء المسلمين قال:قلت: ما
انت بفاعل. قال: بلى لافعلن. قال:قلت: ما انت بفاعل. قال: لم؟
قلت: لان رسول اللّه(ص) قد راى مكانه وابو بكر(رضى‏ا...عنه)
وهما احوج‏منك الى المال فلم يخرجاه. فقام فخرج.
لفظ اخر :
قال شقيق: جلست الى شيبة بن عثمان في المسجد الحرام،
فقال لي: جلس الي عمر بن‏الخطاب(رضى‏ا...عنه) مجلسك
هذا فقال: لقد هممت ان لا اترك فيها اي في الكعبة صفراء
ولا بيضاء الا قسمتها. قال شيبة، فقلت: انه كان لك صاحبان
فلم يفعلاه: رسول اللّه(ص) وابو بكر(رضى‏ا...عنه). فقال‏عمر:
هما المرآن اقتدي بهما.
3 وعن الحسن: ان عمر بن الخطاب قال: لقد هممت ان لا
ادع في الكعبة‏صفراء ولا بيضاء الا قسمتها،فقال له ابي بن كعب:
واللّه ما ذاك لك. فقال عمر: لم؟ قال: ان اللّه قد بين موضع كل
مال واقره رسول‏اللّه(ص). فقال عمر: صدقت.
نحن لا نناقش الحساب في تعيين الملقن لحكم القضية، غير
ان هذه الروايات تعطينا خبرا بان كل اولئك‏الرجال كانوا افقه
من الخليفة في هذه المسالة، فاين قول صاحب الوشيعة: ان
عمر افقه الصحابة واعلمهم‏في زمنه على الاطلاق؟

61 اجتهاد الخليفة في طلاق الثلاث
1 عن ابن عباس، قال: كان الطلاق على عهد رسول اللّه(ص)
وابي بكر وسنتين وسنين من خلافة‏عمر(رضى‏ا...عنه)
طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر(رضى‏ا...عنه): ان الناس قد
استعجلوا في امر كانت لهم‏فيه اناة فلو امضيناه عليهم، فامضاه
عليهم((565)).
مسند احمد (1/314)، صحيح مسلم (1/574)، سنن البيهقي
(7/336)، مستدرك الحاكم (2/196)، تفسيرالقرطبي (3/130)
وصححه، ارشاد الساري(8/127)، الدر المنثور (1/279).
2 عن طاووس، قال: ان ابا الصهباء قال لابن عباس: اتعلم انما
كانت الثلاث تجعل واحدة على عهدرسول اللّه(ص) وابي
بكر(رضى‏ا...عنه) وثلاث في امارة عمر(رضى‏ا...عنه)؟ قال ابن
عباس: نعم((566)).
صحيح مسلم (1/574)، سنن ابي داود (1/344)، احكام القران
للجصاص(1/459)، سنن النسائي(6/145)، سنن البيهقي
(7/336)، الدر المنثور (1/279).
ان ابا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتك، الم يكن طلاق
الثلاث على عهد رسول اللّه(ص) وابي‏بكر(رضى‏ا...عنه) واحدة؟
قال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر(رضى‏ا...عنه) تتابع
الناس في الطلاق‏فامضاه عليهم فاجازه عليهم.
صحيح مسلم((567)) (1/574)، سنن البيهقي (7/336).
صورة اخرى :
كان ابو الصهباء كثير السؤال لابن عباس، قال: اما علمت ان
الرجل كان اذا طلق امراته ثلاثا قبل ان‏يدخل بها جعلوها واحدة
على عهد رسول اللّه(ص) وابي بكر وصدرا من امارة عمر؟ قال
ابن عباس‏غ:بلى، كان الرجل اذا طلق امراته ثلاثا قبل ان يدخل
بها جعلوها واحدة على عهد النبي(ص) وابي‏بكر(رضى‏ا...عنه)
وصدرا من امارة عمر(رضى‏ا...عنه)، فلما راى الناس قد تتابعوا
فيها قال:اجيزوهن‏عليهم((568)).
سنن ابي داود (1/344)، سنن البيهقي (7/339)، تيسير
الوصول (3/162)،الدر المنثور (1/279).
3 اخرج الطحاوي، من طريق ابن عباس انه قال: لما كان زمن
عمر(رضى‏ا...عنه) قال: يا ايها الناس قدكان لكم في الطلاق
اناة، وانه من تعجل اناة اللّه في الطلاق الزمناه اياه. وذكره
العيني في عمدة‏القاري((569))(9/537) وقال: اسناد صحيح.
4 عن طاووس، قال: قال عمر بن الخطاب: قد كان لكم في
الطلاق اناة فاستعجلتم اناتكم، وقد اجزناعليكم ما استعجلتم
من ذلك.
كنز العمال((570)) (5/162) نقلا عن ابي نعيم.
5 عن الحسن: ان عمر بن الخطاب كتب الى ابي موسى
الاشعري: لقد هممت ان اجعل اذا طلق الرجل‏امراته ثلاثا في
مجلس ان اجعلها واحدة، ولكن‏اقواما جعلوا على انفسهم فاءلزم
كل نفس ما لزم نفسه، من‏قال لامراته: انت علي حرام. فهي
حرام، ومن قال لامراته: انت بائنة. فهي بائنة، ومن طلق ثلاثا
فهي‏ثلاث.
كنز العمال((571)) (5/163) نقلا عن ابي نعيم.
قال الاميني : ان من العجب ان يكون استعجال الناس مسوغا
لان يتخذالانسان كتاب اللّه وراءه‏ظهرياويلزمه بما راوا، هذا
الذكر الحكيم يقول بكل صراحة: (الطلاق مرتان فامساك
بمعروف او تسريح‏باحسان) الى قوله تعالى: (فان طلقها فلا
تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره)((572)). فقد اوجب
سبحانه‏تحقيق المرتين والتحريم بعد الثالث ، وذلك لا يجامع
جمع التطليقات بكلمة ثلاثا ولا بتكرار صيغة‏الطلاق ثلاثا
متعاقبة بلا تخلل عقدة النكاح بينها.
اما الاول فلانه طلاق واحد وقول ثلاثا لا يكرره، الا ترى ان
الوحدة الماخوذة في الفاتحة في ركعات‏الصلاة لا تكرر لو
شفعها المصلي بقوله: خمسا او عشرا، ولا يقال: انه كرر السورة
وقراها غير مرة.
وكذلك كل حكم اعتبر فيه العدد كرمي الجمرات السبع، فلا
يجزي عنه رمي الحصيات مرة واحدة،وكالشهادات الاربع في
اللعان لا تجزي عنها شهادة واحدة مشفوعة بقوله اربعا.
وكفصول الاذان الماخوذة فيها التثنية لا يتاتى التكرار فيها
بقراءة واحدة واردافها بقول مرتين.
وكتكبيرات صلاة العيدين الخمس او السبع المتوالية عند
القوم قبل‏القراءة((573)) لا تتاتى بتكبيرة واحدة‏بعدها قول
المصلي خمسا او سبعا.
وكصلاة التسبيح((574))، وقد اخذ في تسبيحاتها العدد عشرا
وخمسة عشر فلا تجزي عنها تسبيحة واحدة‏مردوفة بقوله
عشرا او خمسة عشر. وهذه كلها مما لاخلاف فيه.
واما الثاني فان الطلاق يحصل باللفظ الاول، وتقع به البينونة،
وتسرح به المعقودة بالنكاح، ولا يبقى ما بعده‏الا لغوا، فان
المطلقة لا تطلق، والمسرحة لاتسرح، فلا يحصل به العدد
الماخوذ في موضوع الحكم، بل تعددالطلاق يستلزم تخلل
عقدة الزواج بين الطلاقين ولو بالرجوع، ومهما لم تتخلل يقع
الطلاق الثاني لغواويبطله‏قوله(ص): ((لا طلاق الا بعد نكاح))،
وقوله(ص): ((لا طلاق قبل نكاح))، وقوله(ص): ((لا طلاق
لمن لايملك))((575)).
قال سماك بن الفضل: انما النكاح عقدة تعقد والطلاق يحلها،
وكيف تحل عقدة قبل ان تعقد؟ انتهى((576)).
وروى ابو يوسف القاضي عن ابي حنيفة، عن حماد، عن
ابراهيم، عن ابن مسعود(رضى‏ا...عنه) انه قال:طلاق السنة ان
يطلق الرجل امراته واحدة حين تطهر من حيضتها من غير ان
يجامعها، وهو يملك الرجعة‏حتى تنقضي العدة، فاذا انقضت فهو
خاطب من الخطاب، فان اراد ان يطلقها ثلاثا طلقها حين
تطهر من‏حيضتها الثانية، ثم يطلقها حين تطهر من حيضتها
الثالثة. كتاب الاثار (ص‏129). ومراده كما ياتي تخلل‏الرجوع بعد
كل طلقة.
وقال الجصاص في احكام القران((577)). (1/447): والدليل
على ان المقصد في قوله: الطلاق مرتان، الامربتفريق الطلاق
وبيان حكم ما يتعلق بايقاع ما دون الثلاث من الرجعة، انه
قال
((578)): الطلاق مرتان. وذلك‏يقتضي التفريق لا محالة،
لانه لو طلق اثنتين معا لما جاز ان يقال طلقها مرتين، وكذلك
لو دفع رجل الى‏اخر درهمين لم يجز ان يقال: اعطاه مرتين
حتى يفرق الدفع فحينئذ يطلق عليه، واذا كان هذا هكذا فلو
كان‏الحكم المقصود باللفظ هو ما تعلق بالتطليقتين من بقاء
الرجعة لادى ذلك الى اسقاط فائدة ذكر المرتين اذاكان هذا
الحكم ثابتا في المرة الواحدة اذا طلق اثنتين، فثبت بذلك ان
ذكر المرتين انما هو امر بايقاعه مرتين،ونهي عن الجمع بينهما
في مرة واحدة، ومن جهة اخرى انه لو كان اللفظ محتملا
للامرين لكان الواجب‏حمله على اثبات الحكم في ايجاب
الفائدتين وهو الامر بتفريق الطلاق متى اراد ان يطلق اثنتين،
وبيان حكم‏الرجعة اذا طلق كذلك، فيكون اللفظ مستوعبا
للمعنيين. انتهى.
هذا ما نطق به القران الكريم، وليس الراي تجاه كتاب اللّه الا
تلاعبا به كما نص عليه رسول‏اللّه(ص)في‏صحيحة‏اخرجها
النسائي‏في‏السنن((579))، عن محمود بن‏لبيد، قال:اخبر
رسول‏اللّه(ص) عن رجل طلق‏امراته‏ثلاث تطليقات جميعا
فقام‏غضبان ثم قال:((ايلعب بكتاب اللّه وانا بين اظهركم؟))
حتى قام رجل وقال: يارسول اللّه الا اقتله؟
وروى ابن اسحاق في لفظ، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
طلق ركانة زوجه ثلاثا في مجلس واحد،فحزن عليها حزنا
شديدا، فساله رسول اللّه(ص): ((كيف طلقتها؟)) قال: طلقتها
ثلاثا في مجلس واحد. قال:((انما تلك طلقة واحدة
فارتجعها)). بداية المجتهد (2/61).
ولبعض اعلام القوم في المسالة كلمات تشدق بها، واعجب ما
رايت فيها كلمة العيني، قال في عمدة‏القاري((580))
(9/537):
ان الطلاق الوارد في الكتاب منسوخ، فان قلت: ما وجه هذا
النسخ وعمر(رضى‏ا...عنه) لا ينسخ؟ وكيف‏يكون النسخ بعد
النبي(ص)؟ قلت: لما خاطب عمر الصحابة بذلك فلم يقع انكار
صار اجماعا، والنسخ‏بالاجماع جوزه بعض مشايخنا بطريق ان
الاجماع موجب علم اليقين كالنص فيجوز ان يثبت النسخ
به،والاجماع في كونه حجة اقوى من الخبر المشهور، فاذا كان
النسخ جائزا بالخبر المشهور في الزيادة على‏النص فجوازه
بالاجماع اولى، فان قلت: هذا اجماع على النسخ من تلقاء
انفسهم فلا يجوز ذلك في حقهم.قلت: يحتمل ان يكون ظهر
لهم نص اوجب النسخ ولم ينقل الينا ذلك. انتهى.
لم تسمع الاذان نبا هذا النسخ في القرون السالفة الى ان جاد
الدهر بالعيني فجاء يدعي ما لم يقل به احد،ويخبط خبط
عشواء، ويلعب بكتاب اللّه، ولا يرى له ولا لسنة اللّه قيمة ولا
كرامة.
انى للرجل اثبات حكمه البات باجماع الصحابة على ما احدثه
الخليفة لما خاطبهم بذلك؟ وكيف يسوغ‏عزو رفض محكم
الكتاب والسنة اليهم براي راه النبي الاقدس لعبا بالكتاب العزيز
كما مر عن صحيح‏النسائي قبيل هذا، وقد كانوا على‏حكمهما
غير انه لا راي لمن لا يطاع. هذا ودرة الخليفة تهتز
على‏رؤوسهم!
ثم ان كان نسخ بالاجماع فكيف ذهب ابو حنيفة ومالك
والاوزاعي والليث الى ان الجمع بين الثلاث طلاق‏بدعة؟ وقال
الشافعي واحمد وابو ثور ليس بحرام لكن‏الاولى التفريق؟ وقال
السندي: ظاهر الحديث‏التحريم((581))؟
وكيف اجمعت الامة على النقيضين في يوميها وهي لن تجتمع
على الخطا؟ هذا اجماع العيني المزعوم يوم بدوراي الخليفة
في الطلاق، وهذا اجماع صاحب عون المعبود قبله قال: وقد
اجمع الصحابة الى السنة الثانية من‏خلافة عمر على ان الثلاث
بلفظ واحد واحدة، ولم ينقض هذا الاجماع بخلافه، بل لا يزال
في الامة من‏يفتي به قرنا بعد قرن الى يومنا هذا. انتهى. تيسير
الوصول((582)) (3/162).
هب ان الامة جمعاء قديما وحديثا اجمعت على خلاف ما نطق
به محكم القران ونقضت ما هتف به المشرع‏الاقدس، فهل لنا
مسوغ لرفع اليد عنهما والاخذ بقول امة غير معصومة؟ والنسخ
بالخبر المشهور بعدالغض عما فيه من الخلاف الثائر انما هو
لعصمة قائله فلا يقاس به قول من لا عصمة له.
واحتمال استناد اجماع الصحابة الى نص لم ينقل الينا خرافة
تكذبه نصوص الخليفة وغيره من الصحابة، على‏ان ما ذهب اليه
الخليفة لم يكن الا مجرد راي وسياسة محضة.
وما احسن كلمة الشيخ صالح بن محمد العمري الفلاني
المتوفى (1298) في كتابه ايقاظ همم اولي الابصار في(ص‏9)
حيث قال: ان المعروف عند الصحابة والتابعين ومن تبعهم
باحسان الى يوم الدين وعند سائرالعلماء المسلمين ان حكم
الحاكم المجتهد اذا خالف نص كتاب اللّه تعالى او سنة رسول
اللّه(ص) وجب نقضه‏ومنع نفوذه، ولا يعارض نص الكتاب
والسنة بالاحتمالات العقلية والخيالات النفسانية والعصبية
الشيطانية‏بان يقال: لعل هذا المجتهد قد اطلع على هذا النص
وتركه لعلة ظهرت له، او انه اطلع على دليل اخر، ونحوهذا مما
لهج به فرق الفقهاء المتعصبين واطبق عليه جهلة المقلدين.

62 اجتهاد الخليفة في الصلاة بعد العصر
1 عن تميم الداري، قال: انه ركع ركعتين بعد نهي عمر بن
الخطاب عن الصلاة بعد العصر فاتاه عمرفضربه بالدرة، فاشار
اليه تميم ان اجلس وهو في صلاته، فجلس عمر ثم فرغ تميم
من صلاته، فقال تميم‏لعمر: لم ضربتني؟ قال: لانك ركعت
هاتين الركعتين وقد نهيت عنهما، قال: اني صليتهما مع من
هو خير منك‏رسول‏اللّه(ص). فقال عمر: انه ليس بي انتم ايها
الرهط، ولكني اخاف ان ياتي بعدكم قوم يصلون ما بين‏العصر
الى المغرب حتى يمروا بالساعة التي نهى رسول‏اللّه(ص) ان
يصلوا فيها كما وصلوا ما بين الظهروالعصر.
وعن وبرة، قال: راى عمر تميما الداري يصلي بعد العصر فضربه
بالدرة، فقال تميم: لم يا عمر تضربني على‏صلاة صليتها مع
رسول اللّه(ص)؟ فقال عمر: يا تميم ليس كل الناس يعلم ما
تعلم.
وعن عروة بن الزبير، قال: خرج عمر على الناس فضربهم على
السجدتين بعد العصر حتى مر بتميم‏الداري فقال: لا ادعهما
صليتهما مع من هو خير منك رسول‏اللّه(ص)، فقال عمر: ان
الناس لو كانوا كهيئتك‏لم ابال. صححه الهيثمي في المجمع
وقال: رجال الطبراني رجال الصحيح.
2 عن السائب بن يزيد: انه راى عمر بن الخطاب يضرب
المنكدر في الصلاة بعد العصر.
وعن الاسود: ان عمر كان يضرب على الركعتين بعد العصر.
3 عن زيد بن خالد الجهني، قال: انه راه عمر بن الخطاب وهو
خليفة يركع‏بعد العصر ركعتين فمشى اليه‏فضربه بالدرة وهو
يصلي كما هو، فلما انصرف قال‏زيد: اضرب يا امير المؤمنين
فواللّه لا ادعهما ابدا بعد ان‏رايت رسول اللّه(ص) يصليهما،
فجلس اليه عمر وقال: يا زيد بن خالد لولا اني اخشى ان
يتخذهاالناس‏سلما الى الصلاة حتى الليل لم اضرب فيهما. قال
الهيثمي في المجمع: اسناده حسن.
4 عن طاووس: ان ابا ايوب الانصاري كان يصلي قبل خلافة
عمر ركعتين بعد العصر، فلما استخلف عمرتركها، فلما توفي
ركعهما فقيل له: ما هذا؟ فقال: ان عمر كان يضرب عليهما.
5 اخرج مسلم، عن المختار بن فلفل، قال: سالت انس بن
مالك عن التطوع‏بعد العصر، فقال: كان عمريضرب الايدي على
صلاة بعد العصر،وكنانصلي على‏عهد النبي(ص) ركعتين بعد
غروب الشمس قبل‏صلاة المغرب، فقلت‏له: اكان رسول
اللّه(ص) صلا هما؟ قال: كان يرانا نصليهما فلم يامرنا ولم ينهنا.
6 اخرج ابو العباس السراج في مسنده، عن المقدام بن شريح،
عن ابيه، قال: سالت عائشة عن صلاة‏رسول اللّه(ص) كيف كان
يصلي الظهر؟
قالت: كان يصلي بالهجير ثم يصلي بعدها ركعتين، ثم يصلي
العصر ثم يصلي بعدها ركعتين. قلت: قد كان‏عمر يضرب
عليهما وينهى‏عنهما. فقالت: قد كان يصليهما وقد اعلم ان
رسول اللّه(ص) كان يصليهما،ولكن‏قومك اهل اليمن قوم طغام
يصلون الظهر ثم يصلون ما بين الظهر والعصر، ويصلون العصر
ثم يصلون‏ما بين العصر والمغرب، وقد احسن((583)).
قال الاميني : عجبا من فقه الخليفة حيث يردع بالدرة عن
صلاة ثبت من السنة ان رسول اللّه(ص) صلا هاوما تركها بعد
العصر قط، كما ورد في الصحاح واخبرت به عائشة((584))
وقالت: والذي ذهب به ما تركهماحتى لقي اللّه، وما لقي اللّه
تعالى حتى ثقل عن الصلاة، وكان يصلي كثيرا من صلاته قاعدا
تعني ركعتين بعدالعصر. وقالت: ما ترك النبي السجدتين
بعد العصر عندي قط. وقالت: لم يكن رسول‏اللّه(ص)
يدعهماسراولا علانية، وقالت: ما كان النبي(ص) ياتيني في يوم
بعد العصر الا صلى‏ركعتين.
وفي لفظ البيهقي، قال ايمن: ان عمر كان ينهى‏عنهما ويضرب
عليهما. فقالت: صدقت ولكن كان النبي(ص)يصليهما.
وفي تعليق الاجابة للزركشي (ص‏91) نقلا عن ابي منصور
البغدادي في استدراكه من طريق ابي سعيدالخدري، قال: كان
عمر يضرب عليهما رؤوس الرجال يعني الصلاة بعد الفجر
حتى مطلع الشمس وبعدالعصر حتى مغرب‏الشمس فراى ابو
سعيد ابن الزبير يصليها. قال: فنهيته فاخذ بيدي فذهبنا الى
عائشة‏غ، فقال لها: يا ام المؤمنين ان هذا ينهاني... فقالت: رايت
رسول‏اللّه(ص) يصليها.
واقتفت اثره(ص) فيها الصحابة والتابعون طيلة حياته وبعدها،
وممن روي عنه الرخصة في التطوع بعدالعصر: الامام امير
المؤمنين علي(ع)، الزبير، ابن الزبير، تميم الداري، النعمان بن
بشير، ابو ايوب الانصاري،عائشة ام المؤمنين، الاسود بن يزيد،
عمرو بن ميمون، عبداللّه بن مسعود واصحابه، بلال، ابو الدرداء،
ابن‏عباس، مسروق، شريح، عبداللّه بن ابي الهذيل، ابو بردة،
عبدالرحمن بن الاسود، عبدالرحمن ابن البيلماني،الاحنف بن
قيس((585)) وكانوا على هذا، حتى تقيض صاحب الدرة
وليس عنده ما يتعلل به على النهي عنهاوالزجر عليها سوى
خيفة ان ياتي قوم فيواصلوا بين العصر والمغرب بالصلاة.
الا من مسائل اياه عن علة كراهته ذلك الوصال وليس له من
الشريعة اي وازع عنه؟ وهب انه ارتاى‏كراهة ذلك الوصال، فما
باله ينهى عن الركعتين وليستا مالئتين للفراغ بين الوقتين
العصر والمغرب؟ وعلى‏فرضه كان الواجب ان ينهى عن الصلاة
في اول وقت المغرب غير الفريضة التي راى كراهتها هو،
ولكن‏اي‏قيمة لرايه وقد صل وها على العهد النبوي بمراى من
صاحب الرسالة ومشهد فلم ينههم عنها((586))؟
ثم الذي خافه عمر من ان ياتي قوم يصلون بين الوقتين بالصلاة
هل عزب علمه عن رسول اللّه(ص)فشرع لهم تينك الركعتين
بعد العصر؟ او انه علم ذلك ولم يكترث له؟ ام كانت بصيرة
الخليفة في الاموراقوى من بصيرة النبي الاعظم؟ لاهااللّه لا
ذلك ولا هذا، لكن رسول اللّه(ص) علم ذلك كله ولم ير باسا
بماخافه عمر.
وبماذا استحق اولئك الاخيار من الصحابة الضرب بالدرة
والفضيحة بملا من الاشهاد نصب عيني‏النبي‏الاقدس قرب
مشهده الطاهر؟ والذين ياتون بما كرهه اقوام من رجال
المستقبل لم يرتكبوه بعد، او ان‏ه لم تنعقد نطفهم حتى تلك
الساعة وهو يعترف بانهم ليسوا من اولئك، ولعل الخليفة كان
يرى جوازالقصاص قبل جناية غير المقتص منه. هلم واعجب!
وكان الخليفة في ارائه هذه الخاصة به كان ذاهلا عن قوله هو:
احذروا هذا الراي‏على الدين فانما كان الراي‏من رسول اللّه
مصيبا لان اللّه كان يريه، وانما هو هنا تكلف وظن، وان الظن لا
يغني من الحق شيئا((587)).

63 راي الخليفة في العجم
روى مالك امام المالكية عن الثقة عنده انه سمع سعيد بن
المسيب يقول: ابى عمر بن الخطاب ان يورث‏احدا من الاعاجم
الا احدا ولد في العرب.
قال مالك: وان جاءت امراة حامل من ارض العدو فوضعته في
ارض العرب فهو ولدها يرثها ان ماتت،وترثه ان مات، ميراثها في
كتاب اللّه. الموطا((588)) (2/12).
قال الاميني : هذا حكم حدت اليه العصبية المحضة، وان
التوارث بين المسلمين عامة عربا كانوا او اعاجم‏اينما ولدوا
وحيثما قطنوا من ضروريات دين الاسلام،وعليه نصوص
الكتاب والسنة، فعمومات الكتاب لم‏تخصص، وليس من شروط
التوارث الولادة في ارض العرب ولا العروبة من شروط الاسلام،
وهذه‏العصبية الى‏امثالها في موارد لا تحصى‏هي التي تفكك
عرى الاجتماع، وتشتت شمل المسلمين، وانما
المسلمون‏كاسنان المشط لا تفاضل بينهم الا بالتقوى، واللّه
سبحانه يقول: (انما المؤمنون اخوة)((589)).
ويقول:(ان‏اكرمكم عند اللّه اتقاكم)((590)). ويقول: (ولو
جعلناه قرانا اعجميا لقالوا لولا فصلت اياته
ااعجمي‏وعربي)((591)).
وهذا هتاف النبي الاعظم(ص) من خطبة له يوم الحج الاكبر
في ذلك المحتشد الرحيب بقوله:
((ايها الناس انما المؤمنون اخوة، ولا يحل لامرى مال اخيه الا
عن طيب نفس منه، الا هل بلغت؟ اللهم‏اشهد. فلا ترجعن
بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، فاني قد تركت فيكم ما
ان اخذتم به لم تضلوابعده: كتاب اللّه((592))، الا هل بلغت؟
اللهم اشهد.
ايها الناس ان ربكم واحد، وان اباكم واحد، كلكم لادم، وادم من
تراب، اكرمكم عند اللّه اتقاكم، وليس‏لعربي على عجمي فضل
الا بالتقوى الا هل بلغت؟اللهم اشهد، قالوا: نعم. قال: فليبلغ
الشاهدالغائب))((593)).
وفي لفظ احمد((594)): ((الا لا فضل لعربي على عجمي، ولا
لعجمي على عربي،ولا اسود على احمر، ولا احمرعلى اسود الا
بالتقوى))((595)). قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
وفي لفظ الطبراني في الكبير((596)):
((يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا
وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند اللّه اتقاكم.فليس لعربي على
عجمي فضل، ولا لعجمي على عربي فضل، ولا لاسود على
احمر فضل، ولا لاحمر على‏اسود فضل الا بالتقوى)). الحديث
مجمع الزوائد (3/272).
وفي لفظ ابن القيم: ((لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي
على عربي، ولا لابيض على اسود، ولا لاسودعلى ابيض الا
بالتقوى، الناس من ادم وادم من تراب)). زاد المعاد((597))
(2/226).
وقال(ص) في صحيحة اخرجها البيهقي((598)): ((ليس لاحد
على احد فضل الا بالدين او عمل صالح)). الجامع‏الصغير
للسيوط‏ي((599)) وصححه.
ولو فرضنا مفاضلة بالعنصريات فتلك في غير الاحكام
والنواميس المطردة، وما احوج المسلمين من اول‏يومهم الى
التاخي والتساند تجاه سيل الالحاد الاتي، لكن كثيرا منهم
يتاثرون بتسويلات اجنبية من حيث‏لا يشعرون، فاهواء مردية
تحدوهم الى التشعب، واراء فاسدة تفت في عضد الجامعة،
ونزعات طائفية،ونعرات قومية، وعوامل داخلية، وعواطف
حزبية تلهينا عن سد الثغور.
اضف الى ذلك كله نزعات شعوبية، وتبجحات بالعروبة فحسب،
فهذه كلها تفضي الى شق العصا، وتفريق‏الكلمة، ونصب عين
الكل تعليمات النبي الاقدس، وتقديره الشخصيات المحلا ة
بالفضائل من مختلف العناصربمثل قوله: ((سلمان منا اهل
البيت))
((600)) وقوله: ((لو كان العلم بالثريا لتناوله ناس من
ابناء فارس))((601)) الى‏الكثيرالطيب من امثاله.
فعلى المسلم ان لا يتخذ تلكم الاراء الشاذة خطة لنفسه، ولا
يصفح عن قول النبي الامين: ((ليس منا من‏دعا الى عصبية،
وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على
عصبية))((602)).
وقوله(ص): ((من قاتل تحت راية عمية يغضب للعصبية او
يدعو الى عصبية او ينصر عصبية فقتل فقتلة‏جاهلية)). سنن
البيهقي (8/156).

64 تجسس الخليفة بالسعاية
اخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن الحسن(رضى‏ا...عنه)،
قال: اتى عمر بن الخطاب رجل فقال:ان‏فلانا لا يصحو. فدخل
عليه عمر(رضى‏ا...عنه) فقال: ان ي لاجد ريح شراب يا فلان
انت بهذا؟ فقال‏الرجل: يابن الخطاب وانت بهذا؟ الم ينهك اللّه
ان تجسس؟ فعرفها عمر فانطلق وتركه.
الدرالمنثور((603))(6/93)
قال الاميني : اترى الخليفة كيف رتب الاثر على التهمة من غير
بينة؟ من دون ان ينهى المخبر المتهم عماارتكبه من الوقيعة
في اخيه المسلم بالبهت واشاعة الفاحشة في الذين امنوا او
اغتياب الرجل، فوقع من‏جراء ذلك كله في محظور اخر من
التجسس المنهي عنه بنص الذكر الحكيم، لكنه سرعان ما
ارتدع بلفت‏الرجل نظره الى الحكم الشرعي.

65 استئذان الخليفة من عائشة
عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر بن الخطاب لابنه عبداللّه:
انطلق الى عائشة ام المؤمنين فقل: يقرا عليك‏عمر السلام، ولا
تقل: امير المؤمنين، فاني لست اليوم للمؤمنين اميرا وقل:
يستاذن عمر بن الخطاب ان‏يدفن مع صاحبيه. فمضى فسلم
واستاذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرا عليك
عمرالسلام ويستاذن ان يدفن مع صاحبيه. قالت: كنت اريده
لنفسي ولاوثرن به اليوم على‏نفسي. فلما اقبل قيل:هذا عبداللّه
بن عمر قد جاء، فقال: ارفعوني. فاسنده رجل اليه فقال: ما
لديك؟ قال: الذي يحب اميرالمؤمنين اذنت، قال: الحمد للّه ما
كان شي‏ء اهم الي من ذلك المضجع، فاذا انا قضيت فاحملوني
وان ردتني‏فردوني الى‏مقابر المسلمين((604)).
قال الاميني : ليت الخليفة عرفنا ما وجه الاستئذان من عائشة؟
فهل ملكت هي حجرة رسول اللّه(ص)بالارث؟ فاين قوله(ص)
المزعوم: نحن معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة؟ وبذلك
زحزحوا عن‏الصديقة الطاهرة فدكا، وبذلك منع‏ابو بكر عائشة
وبقية ازواجه(ص) لما جئن اليه يطلبن ثمنهن((605))،
وان‏كان الخليفة عدل عن ذلك الراي لما انكشف له من عدم
صحة الرواية فان ورثة ابنة رسول اللّه كانوا اولى‏بالاذن فانها هي
المالكة اذن، واما عائشة فلها التسع من الثمن فان
رسول‏اللّه(ص) توفي عن تسع، فكان‏الذي يلحق عائشة من
الحجرة الشريفة التسع من الثمن، وما عسى ان يكون من ذلك
لها الا شبرا او دون‏شبرين وذلك لا يسع دفن جثمان الخليفة،
وهب انه كان يضم الى ذلك نصيب ابنته حفصة فان الجميع
يقصرعن ذلك المضطجع، فالتصرف في تلك الحجرة الشريفة
من دون رخصة من يملكها من العترة النبوية‏الطاهرة وامهات
المؤمنين لا يلائم ميزان الشرع المقدس.
ربما يقرا القارئ في المقام ما جاء به ابن بطال من قوله: انما
استاذنها عمر لان الموضع كان بيتها وكان لها فيه‏حق((606)).
فيحسب هناك حقا لام المؤمنين يستدعي ذلك الاستئذان
ويصححه، وان هو الا حق السكنى‏ومجرد اضافة البيت الى
عائشة وهما لا يوجبان الملك، قال ابن حجر في فتح
الباري((607)) (7/53): استدل به‏وباستئذان عمر لها على
ذلك على انها كانت تملك البيت وفيه نظر، بل الواقع انها كانت
تملك منفعته‏بالسكنى فيه والاسكان ولا يورث عنها، وحكم
ازواج النبي كالمعتدات لانهن لا يتزوجن بعده(ص).انتهى.
وقال
((608)) في (6/160): ويؤيده يعني عدم الملك ان
ورثتهن لم يرثن عنهن‏منازلهن، ولو كانت البيوت‏ملكالهن
لانتقلت الى ورثتهن وفي ترك ورثتهن حقوقهم دلالة على
ذلك، ولهذا زيدت بيوتهن في المسجدالنبوي‏بعد موتهن
لعموم نفعه للمسلمين كما فعل فيما كان يصرف لهن من
النفقات. واللّه اعلم. انتهى.
وقال العيني في عمدة القاري((609)) (7/132) في حديث
عائشة: لما ثقل رسول اللّه استاذن ازواجه ان يمرض‏في بيتي،
اسندت البيت الى نفسها، ووجه ذلك ان سكنى‏ازواج
النبي(ص) في بيوت النبي من الخصائص، فلمااستحققن
النفقة لحبسهن استحققن السكنى‏ما بقين، فنبه البخاري
بسوق احاديث هذا الباب وهي سبعة‏على‏ان بهذه النسبة تحقق
دوام استحقاق سكناهن للبيوت ما بقين. انتهى.
وقال القسطلاني في ارشاد الساري((610)) (5/190): اسندت
عائشة البيت الى‏نفسها، ووجه ذلك ان سكن‏ازواجه عليه
الصلاة والسلام في بيوته من الخصائص، فكما استحققن النفقة
لحبسهن استحققن السكنى‏مابقين، فنبه على ان بهذه النسبة
تحقق دوام استحقاقهن لسكنى البيوت ما بقين. انتهى.
فالقارئ جد عليم عندئذ بان ام المؤمنين لم يكن لها من
حجرة رسول‏اللّه(ص) الا السكنى فيها كالمعتدة،وليس لها قط
ان تتصرف فيها بما يترتب على الملك.
والخطب الفظيع عد الحفاظ هذا الاستئذان وهذا الدفن من
مناقب الخليفة ذاهلين عن قانون الاسلام‏العام‏في التصر ف في
اموال الناس.
ولست ادري باي حق اوصى الامام الحسن السبط الزكي
صلوات اللّه عليه ان يدفن في تلك الحجرة‏الشريفة؟ وهل
منعته عائشة عن ان يدفن بها؟ او اذنت له وما اطيعت؟ ولا
راي لمن لا يطاع فتسلح‏بنو امية وقالوا: لا ندعه يدفن مع
رسول‏اللّه(ص) وكاد ان تقع الفتنة((611)) لم هذه كلها؟ انا لا
ادري.

66 خطبة الخليفة في الجابية
عن علي بن رباح اللخمي، قال: ان عمر بن الخطاب
(رضى‏ا...عنه) خطب الناس فقال: من اراد ان يسال‏عن القران
فليات ابي بن كعب، ومن اراد ان يسال عن الحلال والحرام
فليات معاذ بن جبل، ومن اراد ان‏يسال عن الفرائض‏فليات زيد
بن ثابت، ومن اراد ان يسال عن المال فلياتني فاني له خازن.
وفي لفظ: فان‏اللّه تعالى جعلني خازنا وقاسما.
اخرجه((612)) ابو عبيد المتوفى (224) في كتابه الاموال
(ص‏223) باسناد رجاله كلهم ثقات، والبيهقي في
السنن‏الكبرى (6/210)، والحاكم في المستدرك (3/271،
272)، مجمع الزوائد (1/135)، ويذكر في العقد الفريد(2/132)،
وسيرة عمر لابن الجوزي (ص‏87)، واشير اليه في معجم
البلدان (3/33) فقال: في الجابية خطب‏عمر ابن
الخطاب(رضى‏ا...عنه) خطبته المشهورة. وجاء في ترجمة
كثيرين انهم سمعوا خطبة عمر في‏الجابية.
اسناده من طريق ابي عبيد:
1 الحافظ عبداللّه بن صالح بن مسلم العجلي، ابو صالح
الكوفي المتوفى(221)، وثقه ابن معين، وابن خراش،وابن بكر
الاندلسي، وابن حبان((613))، وهو من مشايخ البخاري في
صحيحه((614)).
2 موسى بن علي بن رباح اللخمي، ابو عبدالرحمن المصري
المتوفى (163)، وثقه((615)) احمد، وابن سعد،وابن معين،
والعجلي، والنسائي، وابو حاتم، وابن شاهين، واحتج به اربعة
من ائمة الصحاح الستة((616)).
3 علي بن رباح اللخمي التابعي، ابو عبداللّه ابو موسى
المولود سنة (10) والمتوفى (114، 117)،وثقه((617)) ابن
سعد، والعجلي، ويعقوب بن سفيان، والنسائي، وابن حبان،
واحتج به اربعة من ائمة‏الصحاح((618)).
في هذه الخطبة الثابتة المروية عن الخليفة بطرق صحيحة
كل رجالها ثقات، وصححها الحاكم والذهبي،اعتراف بان
المنتهى اليه في العلوم الثلاثة اولئك النفر المذكورون
فحسب، وليس للخليفة الا انه خازن مال‏اللّه، وهل ترى من
المعقول ان يكون خليفة رسول اللّه(ص) على امته في شرعه
ودينه وكتابه وسنته وفرائضه فاقدا لهاتيك العلوم؟ ويكون
مرجعه فيها لفيفا من الناس كما تنبئ عنه سيرته، فعلام
هذه‏الخلافة؟وهل تستقر بمجرد الامانة، وليست بعزيزة في امة
محمد(ص)؟ وما وجه الاختصاص به؟ نعم، وقع‏النص‏عليه ممن
سبقه في الخلافة على غير طريقة القوم في الخليفة الاول.
وشتان بين هذا القائل وبين من لم يزل يعرض نفسه لعويصات
المسائل ومشكلات العلوم فيحلها عندالسؤال عنها من فوره،
ويرفع عقيرته على صهوات المنابر بقوله سلام اللّه عليه:
((سلوني قبل ان لاتسالوني، ولن تسالوا بعدي مثلي)). اخرجه
الحاكم في المستدرك((619))، (2/466) وصححه هو والذهبي
في‏تلخيصه.
وقوله(ع): ((لا تسالوني عن اية في كتاب اللّه تعالى ولا سنة عن
رسول‏اللّه(ص) الا انباتكم بذلك)). اخرجه‏ابن كثير في تفسيره
(4/231) من طريقين وقال: ثبت ايضا من غير وجه.
وقوله(ع): ((سلوني، واللّه لا تسالوني عن شي‏ء يكون الى يوم
القيامة الا اخبرتكم، وسلوني عن كتاب اللّه،فواللّه ما من اية الا
وانا اعلم ابليل نزلت ام بنهار في سهل ام في جبل)).
اخرجه((620)) ابو عمر في جامع بيان العلم (1/114)، والمحب
الطبري في الرياض(2/198)، ويوجد في تاريخ‏الخلفاء
للسيوط‏ي (ص‏124)، والاتقان(2/319)، تهذيب التهذيب
(7/338)، فتح الباري (8/485)، عمدة‏القاري (9/167)، مفتاح
السعادة (1/400).
وقوله(ع): ((الا رجل يسال فينتفع وينفع جلساءه)).
اخرجه((621)) ابو عمر في جامع بيان العلم (1/114)، وفي
مختصره (ص‏75).
وقوله(ع): ((واللّه ما نزلت اية الا وقد علمت فيم انزلت، واين
انزلت، ان ربي وهب لي قلبا عقولاولساناسؤولا )).
اخرجه ابو نعيم في حلية الاولياء (1/68)، وذكره صاحب مفتاح
السعادة (1/400).
وقوله(ع): ((سلوني قبل ان تفقدوني، سلوني عن كتاب اللّه،
وما من اية الا وانا اعلم حيث انزلت بحضيض‏جبل او سهل ارض،
وسلوني عن الفتن فما من فتنة الا وقد علمت من كسبها ومن
يقتل فيها)).
اخرجه امام الحنابلة احمد وقال: روي عنه نحو هذا كثيرا.
ينابيع المودة((622)) (ص‏274).
وقوله(ع)، وهو على منبر الكوفة وعليه مدرعة رسول اللّه(ص)
وهو متقلد بسيفه، ومتعمم بعمامته(ص)،فجلس على المنبر
وكشف عن بطنه فقال: ((سلوني قبل ان تفقدوني فانما بين
الجوانح مني علم جم، هذا سفط‏العلم، هذا لعاب
رسول‏اللّه(ص)، هذا ما زقني رسول اللّه(ص) زقا زقا، فواللّه لو
ثنيت لي وسادة فجلست‏عليها لافتيت اهل التوراة بتوراتهم،
واهل الانجيل بانجيلهم، حتى ينطق اللّه التوراة والانجيل
فيقولان:صدق علي قد افتاكم بما انزل في وانتم تتلون الكتاب
افلا تعقلون)).
اخرجه شيخ الاسلام الحموئي في فرائد السمطين((623))،
عن ابي سعيد.
وقال سعيد بن المسيب: لم يكن احد من الصحابة يقول:
سلوني، الا علي بن ابي طالب((624)) وكان اذا سئل‏عن مسالة
يكون فيها كالسكة المحماة ويقول:
اذا المشكلات تصدين لي
كشفت حقائقها بالنظر
فان برقت في مخيل الصوا
ب عمياء لا يجتليها البصر
مقنعة بغيوب الامور
وضعت عليها صحيح الفكر
لسانا كشقشقة الارحبي
او كالحسام اليماني الذكر
وقلبا اذا استنطقته الفنو
ن ابر عليها بواه درر
ولست بامعة في الرجا
ل يسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مذرب الاصغرين((625))
ابين مع ما مضى ما غبر
اخرجها((626)) ابو عمر في العلم (2/113)، وفي مختصره
(ص‏170)، والحافظالعاصمي في زين الفتى شرح‏سورة هل اتى،
والقالي في اماليه، والحصري القيرواني في زهر الاداب (1/38)،
والسيوط‏ي في جمع الجوامع‏كما ترتيبه (5/242)، والزبيدي
الحنفي في تاج العروس (5/268) نقلا عن الامالي، وذكر منها
البيتين الاخيرين الميداني في مجمع الامثال (2/358).

لفت نظر
لم ار في التاريخ قبل مولانا امير المؤمنين من عرض نفسه
لمعضلات المسائل وكراديس الاسئلة، ورفع‏عقيرته بجاش
رابط بين الملا العلمي بقوله: سلوني، الا صنوه النبي الاعظم،
فانه(ص) كان يكثر من قوله:((سلوني عما شئتم)). وقوله:
((سلوني، سلوني)). وقوله: ((سلوني ولا تسالوني عن شي‏ء الا
انباتكم به))((627)).فكما ورث امير المؤمنين علمه(ص) ورث
مكرمته هذه وغيرها، وهما صنوان في المكارم كلها.
وما تفوه بهذا المقال احد بعد امير المؤمنين(ع) الا وقد فضح
ووقع في ربيكة، واماط بيده الستر عن جهله‏المطبق نظراء:
1 ابراهيم بن هشام بن اسماعيل بن هشام بن الوليد بن
المغيرة المخزومي القرشي، والي مكة والمدينة‏والموسم لهشام
بن عبدالملك، حج بالناس سنة (107) وخطب بمنى ثم قال:
سلوني فانا ابن الوحيد، ولاتسالوا احدا اعلم مني. فقام اليه رجل
من اهل العراق فساله عن الاضحية اواجبة هي؟ فما درى اي
شي‏ءيقول له، فنزل عن المنبر. تاريخ ابن عساكر((628))
(2/305)
2 مقاتل بن سليمان، قال ابراهيم الحربي: قعد مقاتل بن
سليمان فقال: سلوني عما دون العرش الى لويانا.فقال له رجل:
ادم حين حج من حلق راسه؟ قال: فقال له: ليس هذا من
عملكم، ولكن اللّه اراد ان يبتليني‏بما اعجبتني نفسي. تاريخ
الخطيب البغدادي (13/163).
3 قال سفيان بن عيينة، قال مقاتل بن سليمان يوما: سلوني
عما دون العرش. فقال له انسان: يا ابا الحسن‏ارايت الذرة او
النملة امعاؤها في مقدمها او مؤخرها؟ قال: فبقي الشيخ لا
يدري ما يقول له. قال سفيان:فظننت انها عقوبة عوقب بها.
تاريخ الخطيب البغدادي (13/166)
4 قال موسى بن هارون الحمال: بلغني ان قتادة قدم الكوفة
فجلس في مجلس له وقال: سلوني عن سنن‏رسول اللّه(ص)
حتى اجيبكم. فقال جماعة لابي حنيفة: قم اليه فسله. فقام
اليه فقال: ما تقول يا ابا الخطاب‏في رجل غاب عن اهله
فتزوجت امراته، ثم قدم زوجها الاول فدخل عليها، وقال: يا
زانية تزوجت واناحي؟ ثم دخل زوجها الثاني فقال لها: تزوجت
يا زانية ولك زوج. كيف اللعان؟ فقال قتادة: قد وقع هذا؟
فقال له ابو حنيفة: وان لم يقع نستعد له. فقال له قتادة: لا
اجيبكم في شي‏ء من هذا سلوني عن القران. فقال‏له ابو حنيفة:
ما تقول في قوله عز وجل: (قال الذي عنده علم من الكتاب انا
اتيك به)((629)) من هو؟ قال قتادة:هذا رجل من ولد عم
سليمان ابن داود كان يعرف اسم اللّه الاعظم . فقال ابو حنيفة:
اكان سليمان يعلم ذلك‏الاسم؟ قال: لا. قال: سبحان اللّه ويكون
بحضرة نبي من الانبياء من هو اعلم منه؟ قال قتادة: لا اجيبكم
في‏شي‏ء من التفسير، سلوني عما اختلف الناس فيه. فقال له ابو
حنيفة: امؤمن انت؟ قال ارجو. قال له ابوحنيفة: فهلا قلت كما
قال ابراهيم فيما حكى اللّه عنه حين قال له: (اولم تؤمن قال
بلى)((630)) قال قتادة: خذوابيدي واللّه لادخلت هذا البلد
ابدا. الانتقاء لابي عمر صاحب الاستيعاب (ص‏156)
5 حكي عن قتادة انه دخل الكوفة فاجتمع عليه الناس فقال:
سلوا عما شئتم وكان ابو حنيفة حاضرا آوهو يومئذ غلام حدث
فقال: سلوه عن نملة سليمان اكانت ذكرا ام انثى؟ فساءلوه
فاءفحم، فقال ابو حنيفة:كانت انثى. فقيل له: كيف عرفت
ذلك؟ فقال: من قوله تعالى: (قالت). ولو كانت ذكرا لقال: قال
نملة، مثل‏الحمامة والشاة في وقوعها على الذكر والانثى. حياة
الحيوان((631)) (2/368)
6 قال عبيد اللّه بن محمد بن هارون: سمعت الشافعي بمكة
يقول: سلوني عما شئتم احدثكم من كتاب اللّهوسنة نبيه،
فقيل: يا ابا عبداللّه ما تقول في محرم قتل زنبورا؟ قال: (وما
اتاكم الرسول فخذوه)((632)). طبقات‏الحفاظ
للذهبي((633)) (2/288)

67 الخليفة وتعلم سورة البقرة
اخرج الخطيب في رواة مالك، والبيهقي في شعب
الايمان((634))، والقرطبي في تفسيره باسناد صحيح عن
عبداللّهبن عمر قال: تعلم عمر سورة البقرة في اثنتي عشرة
سنة، فلما ختمها نحر جزورا((635)).
وقال القرطبي في تفسيره((636)) (1/132): تعلمها
عمر(رضى‏ا...عنه) بفقهها وما تحتوي عليه في اثنتي
عشرة‏سنة.
قال الاميني : هذا ينم اما عن عدم انعطاف الخليفة على القران
واهتمامه به مع انه‏اهم اصول الاسلام، وقدانطوى فيه مهمات
علومه حتى انه تبطا في تعلم سورة منه الى غاية ذلك الامد
المتطاول، ولعله كان قد الهاه‏عن ذلك الصفق بالاسواق كما
ورد في غير واحد من هذه الاثار، واعتذر به هو وغيره من
الصحابة، واماعن قصور في فطنته وذكائه وجمود في القريحة
يابى عن انعكاس ما يلقى اليه فيها، فيحتاج الى تكرارومثابرة
كثيرة وترديدحتى ينتقش ما هم بتعلمه في الذاكرة.
وقد يؤكد الثاني ما مر في صحيفة (116) من قول رسول
اللّه(ص) له: ((اني اظنك تموت قبل ان تعلم ذلك))وما ذكر
في (ص‏128) من قوله(ص) لحفصة: ((ما ارى اباك يعلمها)).
وقوله: ((ما اراه يقيمها)).
ويساعد هذا ما في الكتب من ان عمر كان اعلم وافقه من
عثمان، ولكن كان يعسر عليه حفظ القران((637)).
وايا ما كان فان مدة التعلم هذه لا يمكن ان تكون على العهد
النبوي، فان سورة البقرة نزلت بالمدينة عندجميع المفسرين
غير ايات نزلت في حجة الوداع، وقالت عائشة: ما نزلت سورة
البقرة والنساء الا واناعنده(ص)((638))، وتوفي رسول‏اللّه(ص)
في ربيع الاول على ما ذهب اليه القوم من السنة الحادية
عشرة‏من مهاجرته، ومع ذلك لم يؤثر تعلمه من رسول
اللّه(ص)، فلا بد ان يكون تعلمه عند احد الصحابة او عندلفيف
منهم، وهم الذين يقول القائل: فان الخليفة كان اعلمهم على
الاطلاق!
ويشهد هذا ايضا على خلو الرجل من اكثر علوم القرآن
الموجودة في بقية السور، فان تعلمها على هذاالقياس يستدعي
اكثر من مائة وثلاثين عاما حسب اجزاء القران الكريم، فيفتقر
الخليفة على هذا الحساب‏في تعلم جميع القران الى ما يقرب
من مائة وخمسين عاما، ولا يفي بذلك عمر الخليفة، على ان
الاحكام في‏غير البقرة من السور اكثر مما فيها، فكان خليفة
ومتعلما والخليفة هو معلم الناس لا المتعلم منهم
ولهذاكان لا يهتدي الى جملة من الاحكام الموجودة في
القران، وكان‏يحسب ابسط شي‏ء من معانيه تعمقاوتكلفاويدعي
انه نهي عنه((639))، وكان يقول: من‏اراد ان يسال عن القران
فليات ابي بن كعب. الى اخر مامر عنه (ص‏191).
هذا شان الخليفة قبل طرو النسيان عليه، واما بعده فروى
محمد بن سيرين: ان عمر في اخر ايامه اعتراه‏نسيان حتى كان
ينسى عدد ركعات الصلاة، فجعل امامه رجلا يلقنه، فاذا اوما
اليه ان يقوم او يركع‏فعل((640)).
وان تعجب فعجب انه مع ذلك كله ما كان يتنصل عن الحكم،
ولا يرعوي عن الافتاء، وان كان يظهرخطؤه في كثير منها.
وبابه اقتدى عدي في الكرم!
اخرج مالك في الموطا((641)) (1/162): ان عبداللّه بن عمر
مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها، وذكره‏القرطبي
في تفسيره((642)) (1/34)، وقال العيني في عمدة
القاري((643)) (2/732): حفظ عبداللّه بن عمر سورة‏البقرة
في اثنتي عشرة سنة، وفي طبقات ابن سعد((644)) كما في
تنوير الحالك في شرح الموطالمالك((645))(1/162): ان ابن
عمر تعلم سورة البقرة في اربع سنين. قال الباجي: لانه كان
يتعلم فرائضهاواحكامها وما يتعلق بها.
راي الخليفة في المتعتين

68 متعة الحج
1 عن ابي رجاء قال: قال عمران بن حصين: نزلت اية المتعة
في كتاب اللّه وامرنا بها رسول اللّه(ص)، ثم لم‏تنزل اية تنسخ اية
متعة الحج، ولم ينه عنها رسول‏اللّه(ص) حتى مات، قال رجل
برايه بعد ما شاء((646)).
صورة اخرى لمسلم((647)) :
تمتعنا مع رسول‏اللّه(ص) ولم ينزل فيه القران، قال رجل برايه
ما شاء. وفي لفظ اخر له: تمتع نبي اللّه(ص)وتمتعنا معه. وفي
لفظ رابع له: اعلم ان رسول‏اللّه(ص) جمع بين حج وعمرة ثم
لم ينزل فيها كتاب ولم ينهناعنهما، قال فيها رجل برايه ما شاء.
لفظ البخاري: تمتعنا على عهد رسول اللّه(ص) ونزل القران،
قال رجل برايه ما شاء((648)).
وفي لفظ اخر له :
انزلت اية المتعة في كتاب اللّه ففعلناها مع رسول اللّه(ص) ولم
ينزل قران يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات، قال‏رجل برايه ما
شاء((649)).
وفي بعض نسخ صحيح البخاري، قال محمد اي البخاري
يقال: انه عمر. قال القسطلاني في‏الارشاد((650)): لانه كان
ينهى عنها. وذكره ابن كثير في تفسيره (1/233) نقلا عن
البخاري فقال: هذا الذي‏قاله البخاري قد جاء مصرحا به: ان
عمر كان ينهى الناس عن التمتع.
وقال ابن حجر في فتح الباري((651)) (4/339): ونقله
الاسماعيلي عن البخاري كذلك فهو عمدة الحميدي في‏ذلك،
ولهذا جزم القرطبي والنووي وغيرهما، وكان البخاري اشار
بذلك الى رواية الحريري عن مطرف،فقال في اخره: ارتاى
رجل برايه ما شاء يعني عمر. كذا في الاصل، اخرجه مسلم،
وقال ابن التين:يحتمل ان يريد عمر او عثمان، واغرب‏الكرماني
فقال: ان‏المراد به عثمان، والاولى ان يفسر بعمر، فانه اول
من‏نهى عنها وكان من بعده تابعا له في ذلك. ففي مسلم: ان
ابن الزبير كان ينهى عنها وابن عباس يامر بها،فسالوا جابرا
فاشار الى ان اول من نهى عنها عمر.
وقال القسطلاني في الارشاد((652)) (4/169): قال رجل برايه
ما شاء، هو عمر بن الخطاب لا عثمان بن عفان،لان عمر اول
من نهى عنها، فكان من بعده تابعا له في ذلك. ففي مسلم...
الى اخر كلمة ابن حجرالمذكورة.
وقال النووي في شرح مسلم((653)): هو عمر بن الخطاب،
لانه اول من نهى عن المتعة، فكان من بعده من‏عثمان وغيره
تابعا له في ذلك.
لفظ الشيخين :
تمتعنا مع رسول اللّه(ص) ونزل فيه القران، فليقل رجل برايه ما
شاء. السنن الكبرى (5/20).
لفظ النسائي :
ان رسول اللّه(ص) قد تمتع وتمتعنا معه، قال فيها قائل برايه.
اخرجه في سننه((654)) (5/155)، واحمد في
مسنده((655)) (4/436) قريبا من لفظ مسلم مبتورا.
وفي لفظ الاسماعيلي: تمتعنا مع رسول اللّه(ص) ونزل فيه
القران ولم ينهنا رسول اللّه(ص)((656)).
2 عن ابي موسى: انه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل:
رويدك ببعض فتياك فانك لا تدري ما احدث اميرالمؤمنين
في النسك بعدك، حتى لقيته فسالته، فقال عمر: قد علمت ان
النبي قد فعله واصحابه ولكني كرهت‏ان يظلوا معرسين بهن
في الاراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم.
اخرجه((657)) مسلم في صحيحه (1/472)، وابن ماجة في
سننه (2/229)، واحمد في مسنده (1/50)، والبيهقي‏في سننه
(5/20)، والنسائي في سننه (5/153)، ويوجد في تيسير
الوصول (1/288)، وشرح الموطا للزرقاني(2/179).