صورة اخرى :
كنا عند عمر فاءتاه رجل فقال: يا امير المؤمنين انما نمكث
الشهر والشهرين ولا نجد الماء، فقال عمر: اما انافلم اكن لاصلي
حتى اجد الماء. فقال عمار: يا اميرالمؤمنين تذكر حيث كنا
بمكان كذا ونحن نرعى الابل‏فتعلم انا اجنبنا؟ قال: نعم، قال:
فاني تمرغت في التراب فاءتيت النبي (ص) فحدثته فضحك
وقال: «كان‏الطيب كافيك‏» وضرب بكفيه الارض ثم نفخ
فيهما ثم مسح بهما وجهه وبعض ذراعه؟ قال: اتق اللّه ياعمار،
قال يا اميرالمؤمنين ان شئت لم اذكره ما عشت او ما حييت.
قال: كلا واللّه ولكن نوليك من ذلك ماتوليت.
مسند احمد (4/319)، سنن ابي داود (1/53)، سنن النسائي
(1/60)((235)).

تحريف وتدجيل
هذا الحديث اخرجه البخاري في صحيحه((236)) (1/45) في
باب: المتيمم هل ينفخ فيهما، وفي ابواب بعده، غيرانه راقه ان
يحرفه صونا لمقام الخليفة فحذف منه جواب عمر (لا تصل) او:
(اما انا فلم اكن لاصلي)ذاهلاعن ان كلام عمار عندئذ لا يرتبط
بشي‏ء، ولعل هذا عند البخاري اخف وطاءة من اخراج
الحديث‏على ما هو عليه.
وذكره البيهقي محرفا في سننه الكبرى (1/209) نقلا عن
الصحيحين، واخرجه النسائي في سننه((237)) (1/60)وفيه
مكان جواب عمر: فلم يدر ما يقول. واخرجه‏البغوي في
المصابيح((238)) (1/36) وعده من الصحاح،غير انه حذف
صدر الحديث وذكر مجي‏ء عمار الى رسول اللّه (ص) فحسب.
وذكره الذهبي في تذكرته((239)) (3/152) محرفا واردفه
بقوله: قال بعضهم: كيف ساغ لعمار ان يقول مثل هذافيحل له
كتمان العلم؟ والجواب: ان هذا ليس من كتمان العلم فانه
حدث به واتصل وللّه الحمد بنا، وحدث‏في مجلس
اميرالمؤمنين، وانما لاطف عمر بهذا لعلمه باءنه كان ينهى عن
الاكثار من الحديث خوف الخطاء،ولئلا يتشاغل الناس به عن
القرآن.
قال الاميني : هناك شي‏ء هام امثال هذه الكلمات المزخرفة
والابحاث الفارغة المعدة لتعمية البسطاء من‏القراء عما في
التاريخ الصحيح، ليت شعري ما اغفلهم عن قول عمر: لا تصل
او: اما انا فلم اكن لاصلي؟يقوله وهو اميرالمؤمنين والمساءلة
سهلة جدا عامة البلوى شائعة. وما اغفلهم عن قوله لعمار: اتق
اللّه يا عماروعن تركه الصلاة يوم اجنب في السرية بعد ما جاء
الاسلام بالطهورين! وعن جهله بية التيمم وحكم‏القرآن الكريم
وعن غضه البصر عن تعليم النبي(ص) عمارا بكيفية التيمم! ما
اذهلهم عن هذه الطامات‏الكبرى واشغلهم بعمار وكلمته! نعم،
الحب يعمي ويصم، ومن كان في هذه اعمى، فهو في الاخرة
اعمى‏واضل سبيلا.
ويظهر من العيني في عمدة القاري((240)) (2/172)، وابن
حجر في فتح الباري((241)) (1/352) ثبوت
تينك‏الفقرتين((242)) من لفظ عمر في الحديث ولذلك
جعلاه مذهبا له، قال العيني:
فيه يعني في الحديث ان عمر رضي اللّه عنه لم يكن يرى
للجنب التيمم لقول عمار له: فاءما انت فلم‏تصل، وقال: انه
جعل آية التيمم مختصة بالحدث الاصغر، وادى اجتهاده الى ان
الجنب لا يتيمم.
وقال ابن حجر: هذا مذهب مشهور عن عمر.
يعرب الحديث عن ان هذا الاجتهاد من الخليفة كان في حياة
رسول‏اللّه(ص)، وهو اعجب شي‏ء طرق اذن‏الدهر، كيف اكمل
اللّه دينه ومثل مساءلة التيمم العامة البلوى كانت غير معلومة
في حياة النبي (ص) وبقي‏فيها مجال لمثل الخليفة ان يجهل
بها او يجتهد فيها؟ وكيف فتح باب الاجتهاد بمصراعيه على
الامة مع‏وجوده(ص) بين ظهرانيها؟
فهلا ساءل الرجل رسول اللّه بعد ما خالفه عمار، ورآه يتمعك
بالتراب فيصلي.وهلا اخبره عمار يوم اجنبا بماعلمه رسول اللّه
من هديه وسنته في التيمم.
وهلا علم رسول اللّه ترك عمر الصلاة وهي اهم الفرائض
واكملها مهما اجنب ولم يجد الماء واخبره بماجاء به الاسلام
وقرر في شرعه المقدس.
وهلا ساءل عمر بعده (ص) رجالا خالفوه في رايه هذا مثل علي
اميرالمؤمنين وابن عباس وابي موسى‏الاشعري والصحابة كلهم
غير عبداللّه بن مسعود.
وهل كان عمل اولئك القائلين بالتيمم على الجنب الفاقد للماء
اتباعا للسنة الثابة المسموعة من رسول اللّه؟او كان مجرد راي
واجتهاد ايضا لدة اجتهاد الخليفة؟
وهلا كان الخليفة يثق بعمار يوم اخبره عن سنة رسول اللّه
(ص) فلم يعدل عن رايه. ولم ير ابن مسعود ان‏عمر قنع بقول
عمار((243)).
وهل خفي على الخليفة ما اخرجه البخاري في صحيحه عن
عمران بن الحصين، قال: ان رسول اللّه (ص)راى رجلا معتزلا
لم يصل في القوم فقال: ((يا فلان ما منعك ان تصلي في
القوم؟)) فقال: يا رسول اللّهاصابتني جنابة ولا ماء، فقال:
((عليك بالصعيد فانه يكفيك))((244)).
وهل عزب عنه ما رواه سعيد بن المسيب عن ابي هريرة؟ قال:
جاء الى‏رسول اللّه (ص) فقال: انا نكون في‏الرمل وفينا الحائض
والجنب والنفساء فياءتي علينا اربعة اشهر لا نجد الماء. قال:
((عليك بالتراب)) يعني‏التيمم.
وفي لفظ آخر: ان اعرابا اتوا النبي (ص) فقالوا: يا رسول اللّه انا
نكون في هذه الرمال لا نقدر على الماء ولانرى الماء ثلاثة اشهر
او اربعة اشهر وفينا النفساء والحائض والجنب. قال: ((عليكم
بالارض)).
وفي لفظ الاعمش: جاء الاعراب الى النبي (ص) فقالوا: انا نكون
بالرمل ونعزب عن الماء الشهرين‏والثلاثة وفينا الجنب
والحائض. فقال: ((عليكم بالتراب))((245)).
وهل ذهب عليه ما اخبر به ابوذر من السنة؟ قال: كنت اعزب
عن الماء ومعي اهلي فتصيبني الجنابة‏فاءصلي بغير طهور،
فاءتيت النبي (ص) بنصف النهار وهو في رهط من اصحابه وهو
في ظل المسجد فقال:((ابوذر؟)) فقلت: نعم، هلكت يا رسول
اللّه، فقال: ((وما اهلكك؟)) قال: اني كنت اعزب عن الماء
ومعي‏اهلي فتصيبني الجنابة فاءصلي بغير طهور، فاءمر لي
رسول اللّه (ص) بماء فجاءت به جارية‏سوداءبعس‏يتخضخض ما
هو بملان فتسترت الى بعيري فاغتسلت، ثم جئت فقال رسول
اللّه(ص) : ((يا اباذران‏الصعيد الطيب طهور وان لم تجد الماء
الى عشر سنين، فاذا وجدت الماء فاءمسسه جلدك))((246)).
وهلا قرع سمعه حديث الاسقع، قال: كنت ارحل للنبي (ص)
فاءصابتني جنابة فقال النبي (ص) : ((رحل لنايا اسقع)). فقلت:
باءبي انت وامي اصابتني جنابة وليس في المنزل ماء. فقال:
((تعال يا اسقع اعلمك التيمم‏مثل ما علمني جبرئيل)) فاءتيته
فنحاني عن الطريق قليلا فعلمني التيمم((247)).
وقبل كل شي‏ء آيتا التيمم، احداهما في سورة النساء آية (43)،
وهي قوله:
(يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما
تقولون ولاجنبا الا عابري سبيل حتى‏تغتسلوا وان كنتم مرضى
او على سفر او جاء احد منكم من الغائط او لامستم النساء فلم
تجدوا ماء فتيممواصعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم ان
اللّه كان عفوا غفورا).
وقال امير المؤمنين (ع) : ((انزلت هذه الاية «في المسافر» اذا
اجنب فلم يجد الماء تيمم وصلى حتى يدرك‏الماء، فاذا ادرك
الماء اغتسل))((248)).
والاية الثانية في سورة المائدة آية (6)، وهي قوله:
(يا ايها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم
وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم‏وارجلكم الى الكعبين
وان كنتم جنبا فاطهروا وان كنتم مرضى او على سفر او جاء
احد منكم من الغائط اولامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا
صعيداطيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم منه).
فان المراد من الملامسة في آية النساء هو الجماع لا محالة، كما
عن اميرالمؤمنين وابن عباس وابي موسى‏الاشعري، وتبعهم
في ذلك الحسن وعبيدة والشعبي وآخرون، وهذا مذهب كل
من نفى الوضوء بمس المراة‏كاءبي حنيفة وابي يوسف ومحمد
وزفر والثوري والاوزاعي وغيرهم. وذلك ان المولى سبحانه
اسلف بيان‏حكم الجنب عند وجدان الماء بقوله: (حتى
تغتسلوا)، وقوله: ( فاطهروا)،ثم شرع في صور حكم
عدم‏التمكن من استعمال الماء لمرض او سفر او فقدانه
واستطرد هنا ذكر الحدث الاصغر بقوله: (او جاء احدمنكم‏من
الغائط)، فنوه بذكر الجنابة بقوله: (او لامستم النساء) ولو اريد
به غير الجماع لكان مختزلا عماقبله. وعبر عن الجماع باللمس
المرادف للمس((249)) الذي اريد به الجماع فحسب في قوله
تعالى: (لا جناح‏عليكم ان طلقتم النساء ما لم
تمسوهن)((250)) وقوله تعالى: ( وان طلقتموهن من قبل ان
تمسوهن)((251)) وقوله‏تعالى: (ثم طلقتموهن من قبل ان
تمسوهن)((252)).
ولغير واحد من فقهاء القوم وائم تهم كلمات ضافية في المقام
تكشف عن جلية الحال نقتصر منها بكلمة‏الامام ابي‏بكر
الجصاص الحنفي المتوفى (370)، قال في احكام
القرآن((253)) (2/ 450 456):
اما قوله تعالى: (او لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا
صعيدا)، فان‏السلف قد تنازعوا في معنى الملامسة‏المذكورة
في هذه الاية، فقال علي وابن عباس وابو موسى والحسن
وعبيدة والشعبي: هي كناية عن الجماع‏وكانوا لا يوجبون
الوضوء لمن مس امراته. وقال عمر وعبداللّه بن مسعود: المراد
اللمس باليد، وكانايوجبان الوضوء بمس المراة ولا يريان للجنب
ان يتيمم، فمن تاءوله من الصحابة على الجماع لم
يوجب‏الوضوء من مس المراة، ومن حمله على اللمس باليد
اوجب الوضوء من مس المراة ولم يجز التيمم‏للجنب.
ثم اثبت عدم نقض الوضوء بمس المراة على كل حال لشهوة او
لغير شهوة بالسنة النبوية، فقال: اللمس‏يحتمل الجماع على ما
تاءوله علي وابن عباس وابو موسى، ويحتمل اللمس باليد على
ماروي عن عمروعبداللّه بن مسعود، فلما روي عن النبي(ص)
انه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضاء، ابان ذلك عن مراداللّه
تعالى.
ووجه آخر يدل على ان المراد منه الجماع وهو ان اللمس وان
كان حقيقة للمس باليد فانه لما كان مضافاالى‏النساء وجب ان
يكون المراد منه الوط‏ء كما ان الوط‏ء حقيقته المشي بالاقدام
فاذا اضيف الى النساء لم يعقل‏منه غير الجماع، كذلك هذا
ونظيره قوله تعالى: (وان طلقتموهن من قبل ان
تمسوهن)،يعني من قبل ان‏تجامعوهن.
وايضا فان النبي (ص) امر الجنب بالتيمم في اخبار مستفيضة،
ومتى ورد عن النبي (ص) حكم ينتظمه لفظ‏الاية وجب ان
يكون فعله انما صدر عن الكتاب، كما انه قطع السارق وكان في
الكتاب لفظ يقتضيه كان‏قطعه معقولا بالاية، وكسائر الشرائع
التي فعلها النبي (ص) مما ينطوي عليه ظاهر الكتاب.
ويدل على ان المراد الجماع دون لمس اليد ان اللّه تعالى قال:
(اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم)،الى‏قوله: (وان كنتم
جنبا فاطهروا)، ابان به عن حكم الحديث في حال وجود الماء
ثم عطف عليه قوله: (وان‏كن‏تم مرضى او على سفر)،الى قوله:
(فتيمموا صعيدا طيبا)، فاءعاد ذكر حكم الحدث في حال عدم
الماءفوجب ان يكون قوله: (او لا مستم النساء) على الجنابة
لتكون الاية منتظمة لها مبينة لحكمهما في حال‏وجود الماء
وعدمه، ولو كان المراد اللمس باليد لكان ذكر التيمم مقصورا
على حال الحدث دون الجنابة‏غير مفيد لحكم الجنابة في حال
عدم الماء، وحمل الاية على فائدتين اولى من الاقتصار بها على
فائدة‏واحدة، واذا ثبت ان المراد الجماع انتفى اللمس باليد لما
بينا من امتناع ارادتهما بلفظ واحد.
فان قيل: اذا حمل على اللمس باليد كان مفيدا لكون اللمس
حدثا واذا جعل مقصورا على الجماع لم يفدذلك، فالواجب على
قضيتك في اعتبار الفائدتين حمله عليهما جميعا فيفيد كون
اللمس حدثا، ويفيدايضاجواز التيمم للجنب، فان لم يجز حمله
على الامرين لما ذكرت من اتفاق السلف على انهما لم
يراداولامتناع كون اللفظ مجازا وحقيقة او كناية وصريحا، فقد
ساويناك في اثبات فائدة مجددة بحمله على‏اللمس باليد مع
استعمالنا حقيقة اللفظ فيه، فما جعلك اثبات فائدة من جهة
اباحة التيمم للجنب اولى ممن‏اثبت فائدته من جهة كون
اللمس باليد حدثا؟
قيل له: لان قوله تعالى: (اذا قمتم الى الصلاة)مفيد لحكم
الاحداث في حال وجود الماء ونص مع ذلك على‏حكم الجنابة،
فالاولى ان يكون ما في نسق الاية من قوله: ( او جاء احد منكم
من الغائط)، الى قوله:(اولا مس تم النساء)، بيانا لحكم الحدث
والجنابة في حال عدم الماء، كما كان في اول الاية بيانا
لحكمهما في‏حال وجوده، وليس موضع الاية في بيان تفصيل
الاحداث وانما هي في بيان حكمها، وانت متى حملت‏اللمس
على بيان الحدث فقد ازلتها عن مقتضاها وظاهرها فلذلك كان
ما ذكرناه اولى.
ودليل آخر على ما ذكرناه من معنى الاية وهو انها قد قرئت
على وجهين: (او لا مستم النساء)، ولمستم، فمن‏قرا: (او لا
مستم) فظاهره الجماع لاغير، لان‏المفاعلة لا تكون الا من
اثنين الا في اشياء نادرة كقولهم: قاتله‏اللّه وجازاه وعافاه اللّه
ونحو ذلك،وهي احرف معدودة لا يقاس عليها اغيارها، والاصل
في المفاعلة انهابين اثنين كقولهم: قاتله، وضاربه، وسالمه،
وصالحه، ونحو ذلك، واذا كان ذلك حقيقة اللفظ فالواجب
حمله‏على الجماع الذي يكون منهما جميعا، ويدل على ذلك
انك لا تقول لامست الرجل ولامست الثوب اذامسسته بيدك
لانفرادك بالفعل، فدل على ان قوله: (او لا مستم) بمعنى او
جامعتم النساء فيكون حقيقته‏الجماع، واذا صح ذلك وكانت
قراءة من قرا: ( او لمستم ) يحتمل اللمس باليد ويحتمل
الجماع وجب ان يكون‏ذلك محمولا على ما لا يحتمل الا معنى
واحدا، لان ما لا يحتمل الا معنى واحدا فهو المحكم، وما
يحتمل‏معنيين فهو المتشابه، وقد امرنا اللّه تعالى بحمل
المتشابه على المحكم ورده اليه بقوله: (هو الذي
انزل‏عليك‏الكت اب منه آيات محكمات هن ام الكتاب)((254))
الاية، فلما جعل المحكم اما للمتشابه فقد امرنا بحمله‏عليه،
وذم‏متبع المتشابه باقتصاره على حكمه بنفسه دون رده الى
غيره بقوله : (فاءما الذين في قلوبهم زيغ‏فيتبعون ما تشابه منه)
فثبت بذلك ان قوله: ( او لمستم ) لما كان محتملا للمعنيين
كان متشابها وقوله:(اولا مس تم) لما كان مقصورا في مفهوم
اللسان على معنى واحد كان محكما، فوجب ان يكون معنى
المتشابه‏مبينا عليه.
ويدل على ان اللمس ليس بحدث: ان ما كان حدثا لا يختلف
فيه الرجال والنساء، ولو مست امراة امراة لم‏يكن حدثا، كذلك
مس الرجل اياها((255)) وكذلك مس الرجل الرجل ليس
بحدث. فكذلك مس المراة،ودلالة ذلك على ما وصفنا من
وجهين، احدهما: انا وجدنا الاحداث لا تختلف فيها الرجال
والنساء،فكل‏ما كان حدثا من الرجل فهو من المراة حدث،
وكذلك ما كان حدثا من المراة فهو حدث من‏الرجل،فمن فر ق
بين الرجل والمراة فقوله خارج عن الاصول. ومن جهة اخرى:
ان العلة في مس المراة المراة‏والرجل الرجل انه مباشرة من غير
جماع فلم يكن حدثا، كذلك الرجل والمراة. انتهى.
فترى بعد هذه كلها ان راي الخليفة شاذ عن الكتاب والسنة
الثابتة واجماع الامة، واجتهاد محض تجاه‏النصوص المسلمة،
ولذلك خالفته الامة الاسلامية جمعاء من يومها الاول حتى
اليوم، واصفقت على‏وجوب التيمم على الجنب الفاقد للماء،
ولم يتبعه فيما رآه احد الا عبداللّه بن مسعود ان صحت النسبة
اليه.
ويظهر من صحيحة الشيخين البخاري ومسلم عن شقيق
ان الاجتهاد المذكور في آيتي التيمم والتاءويل‏في قوله: (او لا
مستم) كما ذكر من مختلقات التابعين ومن بعدهم، وكان
مفاد الايتين متفقا عليه عند الصحابة‏ولم يكن قط اختلاف
بينهم‏فيه وانما كره عمر وتابعه الوحيد التيمم للجنب الفاقد
للماء لغاية اخرى.
قال شقيق: كنت بين عبداللّه بن مسعود وابي موسى رضي اللّه
عنهما، فقال ابوموسى: ارايت يا اباعبدالرحمن لو ان رجلا اجنب
فلم يجد الماء شهرا كيف يصنع بالصلاة؟ فقال: لا يتيمم وان لم
يجد الماءشهرا. فقال ابو موسى: كيف بهذه الاية في سورة
المائدة: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا)؟ قال‏عبداللّه: لو
رخص لهم في هذه الاية لاوشك اذا برد عليهم الماء ان يتيمموا
بالصعيد. فقال له ابو موسى: وانماكرهتم هذا لذا؟ قال: نعم.
فقال ابو موسى لعبداللّه: الم تسمع قول عمار لعمر رضي اللّه
عنهما: بعثني رسول اللّه(ص) فاءجنبت فلم اجد الماء فتمرغت
في الصعيد كما تتمرغ الدابة ثم اتيت رسول اللّه (ص) فذكرت
له‏ذلك، فقال: ((انما كان يكفيك ان تصنع هكذا))، وضرب
بكفيه ضربة على الارض ثم نفضها ثم‏مسح بهاظهر كفه بشماله
وظهر شماله بكفه ثم مسح بهما وجهه؟ فقال عبداللّه: افلم تر
عمر لم يقنع بقول عمار؟
صورة اخرى للبخاري :
قال شقيق: كنت عند عبداللّه وابي موسى، فقال له ابوموسى:
ارايت يا اباعبدالرحمن اذا اجنب فلم يجد ماءكيف يصنع؟ فقال
عبداللّه: لا يصلي حتى يجد الماء.
قال ابو موسى : فكيف تصنع بقول عمار حين قال له النبي
(ص) : ((كان يكفيك))؟ قال: اولم تر ان عمر لم‏يقنع منه
بذلك؟ فقال له ابو موسى: فدعنا من قول عمار، كيف تصنع
بهذه الاية؟ فما درى عبداللّه ما يقول،فقال: انا لو رخصنا لهم
في هذا لاوشك اذا برد على احدهم الماء ان يدعه ويتيمم،
فقلت لشقيق: فانما كره‏عبداللّه لهذا؟ قال: نعم((256)).
ما اراف هذا القائل بالجنب الفاقد للماء واشفقه عليه اذ راى له
ترك الصلاة‏ولو لم يجد الماء شهرا! وما اقساه‏على من برد عليه
الماء واوشك ان يتيمم!فنهى عن التيمم شدة على هذا ورافة
بذاك، فكاءن ترك الجنب‏الفاقد للماءالصلاة واعراضه عما في
الكتاب والسنة اخف وطاءة عنده من تيمم من اتخذ
البردعذراوترك‏الغسل، وكاءنه اعرف بصالح المجتمع الديني
من مشرع الدين لهم،وكاءنه يرى ان الشارع الاقدس فاتته
رعاية‏ماتنبه له من المفسدة من التيمم عند برد الماء فتداركه
هذا الفقيه الضليع في الفقاهة برايه الفطير وحجته‏الداحضة،
وكانه وكانه... .

2 الخليفة لا يعرف حكم الشكوك
اخرج امام الحنابلة احمد في مسنده((257)) (1/193) باسناده
عن مكحول ان رسول اللّه (ص) قال: ((اذا صلى‏احدكم فشك
في صلاته فان شك في الواحدة والثنتين فليجعلها واحدة، وان
شك في الثنتين والثلاث‏فليجعلها ثنتين، وان شك في الثلاث
والاربع فليجعلها ثلاثا، حتى يكون الوهم في الزيادة ثم
يسجدسجدتين قبل ان يسلم ثم يسلم)) قال محمد بن اسحاق:
وقال لي حسين بن عبداللّه: هل اسنده لك؟ فقلت:لا. فقال:
لكنه حدثني ان كريبا مولى ابن عباس حدثه عن ابن عباس،
قال: جلست الى عمر بن الخطاب‏فقال: يابن عباس اذا اشتبه
على الرجل في صلاته فلم يدر ازاد ام نقص؟ قلت: يا
اميرالمؤمنين ماادري ماسمعت في ذلك شيئا، فقال عمر: واللّه
ما ادري وفي لفظالبيهقي : لا واللّه ما سمعت منه(ص)فيه
شيئا ولاساءلت عنه.
فبينا نحن على ذلك اذ جاء عبدالرحمن بن عوف فقال: ما هذا
الذي تذكران؟فقال له عمر: ذكرنا الرجل‏يشك في صلاته كيف
يصنع؟ فقال: سمعت رسول اللّه(ص) يقول هذا. الحديث.
وفي لفظ آخر في مسند احمد :
عن كريب عن‏ابن عباس‏انه قال له عمر: ياغلام هل‏سمعت من
رسول‏اللّه(ص) او من احد من اصحابه اذاشك الرجل في صلاته
ماذا يصنع؟ قال: فبينا هو كذلك اذ اقبل عبد الرحمن بن عوف
فقال: فيم انتما؟ فقال‏عمر: ساءلت هذا الغلام هل سمعت من
رسول اللّه (ص) او احد من اصحابه اذا شك الرجل في صلاته
ماذايصنع؟ فقال‏عبدالرحمن: سمعت رسول اللّه (ص) يقول:
((اذا شك احدكم)) الحديث((258)).
الا تعجب من خليفة لا يعرف حكم شكوك الصلاة، وهو مبتلى
بها في اليوم والليلة خمسا؟ ولم يهتم باءمرهاحتى يساءل رسول
اللّه (ص) عنها الى ان يؤول امره‏الى السؤال من غلام لا يعرفها
ايضا فينبئه بهاعبدالرحمن بن عوف! انا لا ادري كيف كان
يفعل وهو بتلك الحال لو شك في صلاة يؤم فيها
المؤمنين؟وطبع الحال يقضي بوقوع ذلك لكل احد في عمره
ولو دفعات يسيرة، وانا في بهيتة من الحكم‏البات‏باءعلمى ة
رجل هذا مبلغ علمه، وهذه سعة اطلاعه على الاحكام، زه باءمة
هذا شاءن اعلمها(كبرت‏كلمة تخ رج من افواههم ان يقولون الا
كذبا)((259)).

3 جهل الخليفة بكتاب اللّه
اخرج الحافظان ابن ابي حاتم والبيهقي عن الدؤلي: ان عمر بن
الخطاب رفعت اليه امراة ولدت لستة‏فهم‏برجمها، فبلغ ذلك
على ا فقال: ((ليس عليها رجم )) فبلغ ذلك عمر
(رضى‏ا...عنه) فاءرسل اليه فساءله‏فقال: ((قال اللّه تعالى:
(والوالدات يرضعن اولادهن حو لين كاملين)((260)) وقال:
(وحمله وفصاله ثلاثون‏ش‏هرا)((261)) فستة اشهر حمله
وحولان فذلك ثلاثون شهرا)). فخلى عنها.
وفي‏لفظالنيسابوري‏والحافظالكنجي: فصدقه‏عمر
وقال:لولاعلي‏لهلك‏عمر.وفي لفظ سبطابن‏الجوزي: فخلى‏عنها
وقال: اللهم لا تبقني‏لمعضلة ليس لها ابن‏ابي طالب.
صورة اخرى :
اخرج الحافظ عبدالرزاق((262)) وعبد بن حميد وابن المنذر
باسنادهم عن الدؤلي قال: رفع الى عمر امراة‏ولدت لستة اشهر
فاءراد عمر ان يرجمها، فجاءت اختها الى‏علي بن ابي طالب
فقالت: ان عمر يرجم اختي،فاءنشدك اللّه ان كنت تعلم ان لها
عذرا لما اخبرتني به، فقال علي : ((ان لها عذرا)). فكبرت
تكبيرة‏سمعها عمرومن عنده، فانطلقت الى‏عمر فقالت: ان عليا
زعم ان لاختي عذرا، فاءرسل عمر الى علي ما عذرها؟ قال:((ان
اللّه يقول: (والوالدات يرضعن اولا دهن حولين كاملين) وقال:
(وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال:(وفصاله في
عامين)((263)) وكان الحمل هنا ستة اشهر)). فتركها عمر،
قال: ثم بلغنا انها ولدت آخر لستة‏اشهر.
صورة ثالثة :
اخرج الحافظان العقيلي وابن السمان عن ابي حزم بن الاسود:
ان عمر اراد رجم المراة التي ولدت لستة‏اشهر، فقال له علي:
((ان اللّه تعالى يقول: ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال
تعالى: (وفصاله في عامين)فالحمل ستة اشهر والفصال في
عامين)). فترك عمر رجمها وقال: لولا علي لهلك عمر.
السنن الكبرى (7/442)، مختصر جامع العلم (ص‏150)، الرياض
النضرة(2/194)، ذخائر العقبى(ص‏82)، تفسير الرازي
(7/484)، اربعين الرازي(ص‏466)، تفسير النيسابوري (ج 3)
في سورة الاحقاف،كفاية الكنجي(ص‏105)، مناقب الخوارزمي
(ص‏57)، تذكرة السبط (ص‏87)، الدرالمنثور (1/288،
6/40)نقلا عن جمع من الحفاظ، كنز العمال (3/96) نقلا عن
خمس من الحفاظ و(3/228) نقلاعن غير واحد من‏ائمة
الحديث((264)).

العجب العجاب
اخرج الحفاظ عن بعجة((265)) بن عبداللّه الجهني قال: تزوج
رجل منا امراة من جهينة فولدت له تماما لستة‏اشهر، فانطلق
زوجها الى عثمان فاءمر بها ان ترجم، فبلغ ذلك
عليا(رضى‏ا...عنه)فاءتاه فقال: ((ماتصنع؟ليس ذلك عليها
قال‏اللّه تبارك وتعالى : (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال:
(والوالدات يرضعن اولا دهن حولين كاملين) فالرضاعة اربعة

وعشرون شهرا والحمل ستة اشهر)). فقال عثمان: واللّه
مافطنت لهذا، فامر بها عثمان ان ترد فوجدت قد رجمت،
وكان من قولها لاختها: يا اخية لا تحزني فواللّه ماكشف فرجي
احد قط غيره، قال: فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به وكان
اشبه الناس به قال: فرايت‏الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على
فراشه((266)).
اليس عارا ان يشغل فراغ النبي الاعظم اناس هذا شاءنهم في
القضاء؟ امن العدل ان يسلط على الانفس‏والاعراض والدماء
رجال هذا مبلغهم من العلم؟ امن الانصاف ان تفوض النواميس
الاسلامية وطقوس‏الامة وربقة المسلمين الى يد خلائف هذه
سيرتهم؟ لا ها اللّه (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما
كان‏لهم‏الخيرة سبحان اللّه وتعالى عما يشركون)((267))، (وما
كنت لديهم اذ اجمعوا امرهم وهم‏يمكرون)((268))،(فذاقوا
وبال امرهم ولهم عذاب اليم)((269)).

4 امراة اخرى وضعت لستة اشهر
اخرج عبدالرزاق((270)) وابن المنذر عن نافع بن جبير: ان ابن
عباس اخبره قال: اني لصاحب المراة التي اتي‏بها عمر، وضعت
لستة اشهر، فاءنكر الناس ذلك فقلت لعمر: لا تظلم، قال:
كيف؟ قلت: اقرا(وحمله‏وفصال ه ثلاثون شهرا)، (والوالدات
يرضعن اولا دهن حولين كاملين)، كم الحول؟ قال: سنة،
قلت:كم السنة؟ قال: اثنا عشر شهرا، قلت: فاءربعة وعشرون
شهرا حولان كاملان، ويؤخر اللّه من الحمل‏ماشاء ويقدم، قال:
فاستراح عمر الى قولي.
الدر المنثور((271)) سورة الاحقاف (6/40)، واوعز اليه ابن
عبدالبر في كتاب العلم((272)) (ص‏150).

5 كل الناس افقه من عمر
عن مسروق بن الاجدع قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول
اللّه (ص) ثم قال: ايها الناس ما اكثاركم‏في صداق النساء؟ وقد
كان رسول اللّه (ص) واصحابه والصدقات فيما بينهم اربعمائة
درهم فما دون ذلك،ولو كان الاكثار في ذلك تقوى عنداللّه او
كرامة لم تسبقوهم اليها، فلاعرفن مازاد رجل في صداق امراة
على‏اربعمائة درهم. قال: ثم نزل فاعترضته امراة من قريش
فقالت: يا اميرالمؤمنين نهيت الناس ان يزيدوا في‏مهر النساء
على اربعمائة درهم؟ قال: نعم. فقالت: اما سمعت ما انزل اللّه
في القرآن؟ قال: واي ذلك؟ فقالت:اما سمعت اللّه يقول:
(وآتيتم احداهن قنطارا)((273))؟ قال: فقال: اللهم غفرا، كل
الناس افقه من عمر، ثم رجع‏فركب المنبر فقال: ايها الناس اني
كنت نهيتكم ان تزيدوا النساء في صدقاتهن على اربعمائة
درهم فمن شاءان يعط‏ي من ماله او: فمن طابت نفسه
فليفعل.
اخرجه
((274)) ابو يعلى في‏مسنده الكبير، وسعيد بن منصور
في سننه، والمحاملي في‏اماليه، وابن الجوزي في‏سيرة عمر
(ص‏129)، وابن كثير في تفسيره (1/467) عن ابي يعلى وقال:
اسناده جيد قوي، والهيثمي في‏مجمع الزوائد (4/284)،
والسيوط‏ي في الدر المنثور (2/133)، وفي جمع الجوامع كما
في ترتيبه (8/298)، وفي‏الدرر المنتثرة (ص‏243) نقلا عن
سبعة من الحفاظ ومنهم احمد وابن حبان والطبراني، وذكره
الشوكاني في‏فتح القدير (1/407)، والعجلوني في كشف الخفاء
(1/269) نقلا عن ابي يعلى وقال: سنده جيد، وابن‏درويش
الحوت في اسنى المطالب (ص‏166) وقال: حديث: كل احد
اعلم او افقه من عمر، قاله عمر لما نهى‏عن المغالاة في الصداق
وقالت امراة: قال اللّه (وآتيتم احداهن قنطارا)، رواه ابو يعلى
وسنده جيد، وعندالبيهقي منقطع.
صورة اخرى :
عن عبداللّه بن مصعب قال: قال عمر بن الخطاب
(رضى‏ا...عنه): لا تزيدوا في مهور النساء على اربعين‏اوقية وان
كانت بنت ذي الفضة يعني يزيد بن الحصين الحارثي فمن
زاد القيت الزيادة في بيت المال،فقامت امراة من صف النساء
طويلة في انفها فطس. فقالت: ما ذاك لك. قال: ولم؟ قالت: ان
اللّه تعالى يقول:(وآتيتم احداهن قنطارا). الاية. فقال عمر: امراة
اصابت ورجل اخطاء.
اخرجه((275)) الزبير بن بكار في الموفقيات، وابن عبدالبر في
جامع العلم كما في مختصره (ص‏66)، وابن‏الجوزي في سيرة
عمر (ص‏129)، وفي كتابه الاذكياء (ص‏162)، والقرطبي في
تفسيره (5/99)، وابن كثيرفي تفسيره (1/467)، والسيوط‏ي
في الدر المنثور (2/133)، وفي جمع الجوامع كما في ترتيبه
الكنز (8/298)،عن ابن بكار وابن عبدالبر، والسندي في حاشية
سنن ابن ماجة (1/584)، والعجلوني في كشف الخفاء(1/270 و
2/118).
صورة ثالثة :
اخرج البيهقي في سننه الكبرى (7/233)، عن الشعبي قال:
خطب عمر بن الخطاب (رضى‏ا...عنه) الناس‏فحمد اللّه واثنى
عليه وقال: الا لا تغالوا في صداق النساء فانه لايبلغني عن احد
ساق اكثر من شي‏ء ساقه‏رسول اللّه (ص) او سيق اليه الا جعلت
فضل ذلك في بيت المال ثم نزل، فعرضت له امراة من
قريش‏فقالت: يا اميرالمؤمنين‏اكتاب اللّه تعالى احق ان يتبع او
قولك؟ قال: بل كتاب اللّه تعالى، فما ذاك؟قالت:نهيت الناس
آنفا ان يغالوا في صداق النساء واللّه تعالى يقول في كتابه: (
وآتيتم احداهن قنطارا فلاتاءخذوا منه شيئا) فقال عمر
(رضى‏ا...عنه): كل احد افقه من عمر مرتين او ثلاثا الحديث.
وذكره السيوط‏ي في جمع الجوامع كما في الكنز((276))
(8/298) نقلا عن سنن سعيد ابن منصور((277))
والبيهقي،ورواه السندي في حاشية السنن لابن ماجة
(1/583)، والعجلوني في كشف الخفاء (1/269 و 2/118).
صورة رابعة :
قام عمر خطيبا فقال: ايها الناس لا تغالوا بصداق النساء فلو
كانت مكرمة في الدنيا او تقوى عند اللّه لكان‏اولاكم بها رسول
اللّه (ص)، ما اصدق امراة من نسائه اكثر من اثنتي عشرة اوقية،
فقامت اليه امراة فقالت‏له: يا اميرالمؤمنين لم تمنعنا حقا جعله
اللّه لنا؟ واللّه يقول: (وآتيتم احداهن قنطارا). فقال عمر:
كل‏احد اعلم‏من عمر، ثم قال لاصحابه: تسمعونني اقول مثل
هذا القول فلا تنكرونه علي حتى ترد علي امراة ليست من‏اعلم
النساء.
تفسير الكشاف (1/357)، شرح صحيح البخاري للقسطلاني
(8/57)((278)).
صورة خامسة :
اخرج الحافظان عبدالرزاق((279)) وابن المنذر، بالاسناد عن
عبدالرحمن السلمي قال: قال عمر بن الخطاب:لا تغالوا في
مهور النساء، فقالت امراة: ليس ذلك لك يا عمر، ان اللّه يقول:
وآتيتم احداهن قنطارا من ذهب‏ قال: وكذلك هي في قراءة
عبداللّه بن مسعود فلا يحل لكم ان تاءخذوا منه شيئا، فقال
عمر: ان امراة‏خاصمت عمر فخصمته.
تفسير ابن كثير (1/467)، ارشاد الساري للقسطلاني((280))
(8/57)، حاشية السندي على سنن ابن ماجة(1/583)، كنز
العمال((281)) (8/298)، كشف الخفاء (1/269 و2/118).
صورة سادسة :
قال عمر (رضى‏ا...عنه) على المنبر: لا تغالوا بصدقات النساء،
فقالت امراة: انتبع قولك ام قول اللّه: ( وآتيتم‏احداهن قنطارا)،
فقال عمر: كل احد اعلم من عمر، تزوجوا على ما شئتم.
تفسير النسفي((282)) هامش تفسير الخازن (1/353)، كشف
الخفاء (1/388).
صورة سابعة :
ان عمر قال على المنبر: الا لا تغالوا في مهور نسائكم، فقامت
امراة فقالت :يابن الخطاب اللّه يعطينا وانت‏تمنعنا؟ وتلت الاية
فقال: كل الناس افقه منك يا عمر.
تفسير القرطبي (5/99)، تفسير النيسابوري (ج 1)سورة النساء،
تفسير الخازن (1/353)، الفتوحات‏الاسلامية (2/477) وزاد
فيه: حتى النساء((283)).
صورة ثامنة :
قال عمر مرة: لا يبلغني ان امراة تجاوز صداقها صداق نساء
النبي الا ارتجعت ذلك منها، فقالت له امراة: ماجعل اللّه لك
ذلك، انه تعالى قال: (وآتيتم احداهن قنطارا) الاية. فقال: كل
الناس افقه من عمر حتى ربات‏الحجال، الا تعجبون من امام
اخطاء وامراة اصابت؟ فاضلت امامكم ففضلته((284))
فنضلته((285)).
وفي لفظ الخازن: امراة اصابت وامير اخطاء((286)) وفي لفظ
القرطبي((287)): اصابت امراة واخطاء عمر. وفي لفظ‏الرازي
في اربعينه (ص‏467): كل الناس افقه من عمر حتى
المخدرات في البيوت.
وفي لفظ الباقلا ني في التمهيد (ص‏199): امراة اصابت ورجل
اخطاء، وامير ناضل فنضل، كل الناس افقه‏منك يا عمر.
صورة تاسعة :
صعد عمر (رضى‏ا...عنه) المنبر فقال: ايها الناس لا تزيدوا في
مهور النساء على اربعمائة درهم فمن زادالقيت زيادته في بيت
مال المسلمين، فهاب الناس ان يكلموه، فقامت امراة في يدها
طول فقالت له: كيف‏يحل لك هذا؟ واللّه يقول: ( وآتيتم
احداهن‏قنطارا فلا تاءخذوا منه شيئا)، فقال عمر (رضى‏ا...عنه):
امراة‏اصابت ورجل اخطاء.
المستطرف((288)) (1/70) نقلا عن المنتظم لابن الجوزي.
جمع الحاكم النيسابوري طرق هذه الخطبة لعمر بن الخطاب
في جزء كبير كما قاله في المستدرك((289))(2/177)وقال:
تواترت الاسانيد الصحيحة بصحة خطبة اميرالمؤمنين عمر بن
الخطاب (رضى‏ا...عنه) بذلك. واقره‏الذهبي في تلخيص
المستدرك((290))،واخرجها الخطيب البغدادي في تاريخه
(3/257) بعدة طرق وصححها،غير انه لم‏يذكر تمام الحديث بل
يذكر الخطبة فحسب ثم يقول الحديث بطوله.
ولعل الخليفة اخذ براي امراة اصابت وتزوج باءم كلثوم وجعل
مهرها اربعين الفا كما في تاريخ ابن‏كثير((291))(7/81، 139)،
الاصابة (4/492)، الفتوحات الاسلامية((292)) (2/472).

6 جهل الخليفة بمعنى الاب
عن انس بن مالك قال: ان عمر قرا على المنبر: (فانبتنا فيها
حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة
وابا)((293))، قال : كل هذا عرفناه، فما الاب؟ ثم رفض عصا
كانت في يده فقال: هذالعمر اللّه هو التكلف، فما عليك ان لا
تدري ما الاب؟ اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به
وما لم‏تعرفوه فكلوه الى ربه.
وفي لفظ :
قال انس: بينا عمر جالس في اصحابه اذ تلا هذه الاية: (فاءنبتنا
فيها حبا - وعنبا وقضبا - وزيتوناونخلا- وحدائق غلبا - وفاكهة وابا)،
ثم قال: هذا كله عرفناه، فما الاب؟ قال: وفي يده عصية يضرب
بهاالارض فقال: هذا لعمر اللّه التكلف، فخذوا ايها الناس بما بين
لكم فاعملوا به، وما لم تعرفوه فكلوه الى‏ربه.
وفي لفظ :
قرا عمر (وفاكهة وابا)، فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها، فما
الاب؟ ثم قال: مه نهينا عن التكلف، وفي‏النهاية: ما كلفنا وما
امرنا بهذا.
وفي لفظ :
ان عمر (رضى‏ا...عنه) قرا هذه الاية فقال: كل هذا قد عرفناه،
فما الاب؟ ثم رفض عصا كانت بيده وقال:هذا لعمر اللّه التكلف،
وما عليك يابن ام عمر ان لا تدري ما الاب؟ ثم قال: اتبعوا ما
تبين لكم من هذاالكتاب وما لا فدعوه.
وفي لفظ المحب الطبري: ثم قال: مه قد نهينا عن التكلف، يا
عمر ان هذا من التكلف، وما عليك الا تدري‏ما الاب؟
وعن ثابت: ان رجلا ساءل عمر بن الخطاب عن قوله (وفاكهة
وابا)،ماالاب؟ فقال عمر: نهينا عن التعمق‏والتكلف.
هذه الاحاديث‏اخرجها((294)) سعيد بن منصور في سننه، وابو
نعيم في المستخرج، وابن سعد، وعبد بن حميد،وابن الانباري،
وابن المنذر، وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الايمان، وابن
جرير في تفسيره (30/38)،والحاكم في المستدرك (2/514)،
وصححه هو واقره الذهبي في تلخيصه، والخطيب في تاريخه
(11/468) ،والزمخشري في الكشاف (3/253)، ومحب الدين
الطبري في الرياض النضرة (2/49) نقلا عن البخاري‏والبغوي
والمخلص الذهبي، والشاطبي في الموافقات (1/ 21،25)، وابن
الجوزي في سيرة عمر (ص‏120)،وابن الاثير في النهاية (1/10)،
وابن تيمية في مقدمة اصول التفسير (ص‏30)، وابن كثير في
تفسيره(4/473) وصححه، والخازن في تفسيره (4/374)،
والسيوط‏ي في الدر المنثور (6/317) عن جمع من
الحفاظ‏المذكورين، وفي كنز العمال (1/227) نقلا عن سعيد
بن منصور، وابن ابي شيبة، وابي عبيد في فضائله، وابن‏سعد
في طبقاته، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والانباري في
المصاحف، والحاكم، والبيهقي في شعب الايمان،وابن مردويه،
وابو السعود في تفسيره هامش تفسير الرازي (8/389)
وقال: وروي مثل هذا لابي‏بكربن ابي قحافة ايضا، والقسطلاني
في ارشاد الساري (10/298) نقلا عن ابي نعيم، وعبد بن حميد،
والعيني في‏عمدة القاري (11/468)، وابن حجر في فتح الباري
(13/230) وقال: قيل: ان الاب ليس بعربي‏ويؤى ده‏خفاؤه على
مثل ابي‏بكر وعمر.
قال الاميني : كيف خفي هذا القيل الذي جاء به ابن حجر على
ائمة اللغة العربية جمعاء فاءدخلت الاب في‏معاجمها من دون
اي ايعاز الى كونه دخيلا، هب ان الاب غير عربي فهل قوله
تعالى في تفسيره وما قبله(متاعا لكم ولانعامكم)، ليس بعربي
ايضا؟ فما عذر الشيخين عندئذ في خفائه عليهما؟ وكيف يؤيد
به قول‏القائل؟ نعم، يروق ابن حجر ان يدافع عنهما ولو بالتهكم
على لغة العرب ونفي كلمتها عنها.
لفت نظر :
هذا الحديث اخرجه البخاري في صحيحه((295))، غير انه
سترا على جهل الخليفة‏بالاب حذف صدر الحديث‏واخرج ذيله،
وتكلف بعد النهي عن التكلف، ولا يهمه جهل الامة عندئذ
بمغزى قول عمر، قال: عن انس‏قال: كنا عند عمر فقال : نهينا
عن التكلف.
وكم وكم في صحيح البخاري من احاديث لعبت بها يد
تحريفه؟ وسيوافيك غير واحد منها.

7 قضاء الخليفة على مجنونة قد زنت
عن ابن عباس قال: اتي عمر بمجنونة قد زنت، فاستشار فيها
اناسا فاءمر بها ان ترجم، فمر بهاعلي(رضى‏ا...عنه) فقال: ((ما
شاءن هذه؟)) فقالوا: مجنونة بني فلان زنت فاءمر بها عمر ان
ترجم. فقال:((ارجعوا بها)) .
ثم اتاه فقال: ((يا اميرالمؤمنين اما علمت؟ اماتذكر ان رسول
اللّه (ص)قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي‏حتى يبلغ، وعن
النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى يبرا؟ وان هذه معتوهة
بني فلان لعل الذي اتاهااتاها وهي في بلائها)) فخلى سبيلها،
وجعل عمر يكبر.
صورة اخرى :
عن ابي ظبيان((296)) قال: شهدت عمر بن الخطاب اتي
بامراة قد زنت فاءمر برجمها، فذهبوا بها ليرجموها فلقيهم‏علي
فقال لهم: ((ما بال هذه؟))، قالوا : زنت فاءمر برجمها، فانتزعها
علي من ايديهم فردهم، فرجعوا الى‏عمر فقالوا : ردنا علي، قال:
ما فعل هذا الا لشي‏ء، فاءرسل اليه فجاءه فقال: ما لك رددت
هذه؟ قال: ((اماسمعت النبي(ص) يقول: رفع القلم عن ثلاثة:
عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن
المبتلى‏حتى يعقل؟)) قال: بلى، قال: ((فهذه مبتلاة بني فلان
فلعله اتاها وهو بها)) قال له عمر: لا ادري، قال: ((وانالا
ادري))، فترك رجمها.
صورة ثالثة :
امر سيدنا عمر (رضى‏ا...عنه) برجم زانية فمر عليها سيدنا علي
(رضى‏ا...عنه) في اثناء الرجم فخلصها، فلمااخبر سيدنا عمر
بذلك قال: انه لا يفعل ذلك الا عن شي‏ء، فلما ساءله قال: ((انها
مبتلاة بني فلان فلعله اتاهاوهو بها)). فقال عمر: لولا علي
لهلك عمر.
صورة رابعة :
بلفظ الحاكم والبيهقي: اتي عمر (رضى‏ا...عنه) بمبتلاة قد
فجرت فاءمر برجمها، فمر بها علي‏ابن ابي‏طالب(رضى‏ا...عنه)
ومعها الصبيان يتبعونها فقال: ((ما هذه؟)) قالوا: امر بها عمر ان
ترجم، قال: فردهاوذهب معها الى عمر (رضى‏ا...عنه) وقال:
((الم تعلم ان القلم رفع عن المجنون حتى يعقل، وعن
المبتلى حتى‏يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي
حتى يحتلم؟)).
قال الحاكم: حديث صحيح، ورواه شعبة عن الاعمش بزيادة
الفاظ.
صورة خامسة :
بلفظ البيهقي: مر علي بمجنونة بني فلان قد زنت وهي ترجم،
فقال علي لعمر(رضى‏ا...عنه): ((يااميرالمؤمنين امرت برجم
فلانة؟)) قال: نعم، قال: (( اما تذكر قول رسول اللّه(ص): رفع
القلم عن ثلاثة:عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى
يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق؟)) قال: نعم. فاءمر بها
فخلي‏عنها.
اخرجه((297)) ابو داود في سننه بعدة طرق (2/227)، وابن
ماجة في سننه(2/227)، والحاكم في المستدرك (2/59و
4/389) وصححه، والبيهقي في السنن الكبرى (8/264) بعدة
طرق، وابن الاثير في جامع الاصول كما في‏تيسير الوصول
(2/5)، ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة (2/196)
باللفظ الثاني نقلا عن احمد، وفي‏ذخائر العقبى (ص‏81)،
وذكره القسطلاني في ارشاد الساري (10/9) نقلا عن البغوي
وابي داود والنسائي‏وابن حبان، والمناوي في فيض القدير
(4/357) بالصورة الثانية فقال: واتفق له لعلي (ع) مع
ابي‏بكرنحوه، والحفني في حاشية شرح العزيزي على الجامع
الصغير (2/417) باللفظ الثالث، والدمياط‏ي في‏مصباح الظلام
(2/56) باللفظ الثالث، وسبط ابن الجوزي في تذكرته (ص‏57)
بلفظ فيه قول عمر: لولا علي‏لهلك عمر، وابن حجر في فتح
الباري (12/101)، والعيني في عمدة القاري (11/151).

لفت نظر
اخرج البخاري هذا الحديث في صحيحه((298)) غير انه مهما
وجد فيه مسة‏بكرامة‏الخليفة حذف صدره‏تحفظاعليها، ولم
يرقه ايقاف الامة على قضية تعرب عن جهله بالسنة الشائعة او
ذهوله عنها عند القضاءفقال: قال علي لعمر: ((اما علمت ان
القلم رفع عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يدرك،
وعن النائم‏حتى يستيقظ؟)).

8 جهل الخليفة بتاءويل كتاب اللّه
عن ابي سعيد الخدري قال: حججنا مع عمر بن الخطاب
(رضى‏ا...عنه) فلما دخل الطواف استقبل الحجرفقال: اني اعلم
انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا اني رايت رسول اللّه(ص)
يقبلك ما قبلتك فقبله، فقال‏علي بن ابي طالب (رضى‏ا...عنه):
((بل يااميرالمؤمنين يضر وينفع ولو علمت ذلك من تاءويل
كتاب اللّهلعلمت انه كما اقول، قال اللّه تعالى: (واذ اخذ ربك من
بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم
على‏انفسهم)((299))، فلما اقروا انه الرب عز وجل وانهم
العبيد، كتب ميثاقهم في رق والقمه في هذا الحجر، وانه
يبعث‏يوم القيامة وله عينان ولسان وشفتان يشهد لمن وافى
بالموافاة، فهو امين اللّه في هذا الكتاب))، فقال له عمر:لا ابقاني
اللّه باءرض لست فيها يا ابا الحسن.
وفي لفظ: اعوذ باللّه ان اعيش في قوم لست فيهم يا ابا الحسن.
اخرجه((300)) الحاكم في المستدرك (1/457)، وابن الجوزي
في سيرة عمر(ص‏106)، والازرقي في تاريخ مكة كمافي
العمدة، والقسطلاني في ارشاد الساري(3/195)، والعيني في
عمدة القاري (4/606) بلفظيه، والسيوط‏ي‏في الجامع الكبير
كما في ترتيبه (3/35) نقلا عن الجندي في فضائل مكة، وابي
الحسن القطان في الطوالات،والحاكم، وابن حبان، وابن ابي
الحديد في شرح النهج (3/122) ،واحمد زيني دحلان في
الفتوحات‏الاسلامية (2/486).

9 جهل الخليفة بكفارة بيض نعام
عن محمد بن الزبير قال: دخلت مسجد دمشق فاذا انا بشيخ قد
التوت‏ترقوتاه من الكبر فقلت: يا شيخ من‏ادركت؟ قال: عمر،
قلت: فما غزوت؟ قال : اليرموك، قلت: فحدثني بشي‏ء سمعته،
قال: خرجنا مع قتيبة‏حجاجا فاءصبنا بيض نعام وقد احرمنا،
فلما قضينا نسكنا ذكرنا ذلك لاميرالمؤمنين عمر فاءدبر
وقال:اتبعوني، حتى انتهى الى حجر رسول اللّه (ص) فضرب
حجرة منها فاءجابته امراة فقال: اثم ابو الحسن؟قالت: لا، فمر
في المقتاة((301)). فاءدبر وقال: اتبعوني حتى انتهى اليه وهو
يسوي التراب بيده، فقال: مرحبا يا اميرالمؤمنين، فقال: ان
هؤلاء اصابوا بيض نعام وهم محرمون، قال: ((الا ارسلت الي؟))
قال: انا احق‏باتيانك،قال: ((يضربون الفحل قلائص ابكارا بعدد
البيض فما نتج منها اهدوه)). قال عمر: فان‏نهايه الفايل الاول
من‏المجلد السادس
بدايه الفايل الثانى من المجلد السادس
الابل تخدج، قال علي: ((والبيض يمرض))، فلما ادبر قال عمر:
اللهم لا تنزل بي شديدة الا وابو حسن الى‏جنبي((302)).

10 كل الناس افقه من عمر
مر عمر يوما بشاب من فتيان الانصار وهو ظمان فاستقاه
فجدح
((303)) له ماء بعسل فلم يشربه وقال: ان اللّهتعالى
يقول: (اذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) فقال له الفتى: يا
اميرالمؤمنين انها ليست لك ولا لاحد من‏اهل القبلة، اقرا ما
قبلها: (ويوم يعرض الذين كفروا على النار اذهبتم طيباتكم في
حياتكم الدنياواستمتعتم بها)((304)) فقال عمر: كل الناس
افقه من عمر((305)).

11 امر الخليفة بضرب غلام خاصم امه
عن محمد بن عبداللّه بن ابي رافع عن ابيه قال: خاصم غلام
من الانصار امه‏الى عمر بن الخطاب(رضى‏ا...عنه) فجحدته،
فساءله البينة فلم تكن عنده، وجاءت المراة بنفر فشهدوا انها لم
تزوج وان الغلام‏كاذب عليها وقد قذفها، فاءمر عمر بضربه،
فلقيه علي (رضى‏ا...عنه) فساءل عن امرهم فدعاهم ثم قعد
في‏مسجد النبي (ص) وساءل المراة فجحدت، فقال‏للغلام:
((اجحدها كما جحدتك)) فقال: يابن عم رسول‏اللّه انها

امي،قال: ((اجحدها وانا ابوك والحسن والحسين اخواك)).
قال: قد جحدتها وانكرتها، فقال علي‏لاولياءالمراة: ((امري في
هذه المراة جائز؟))، قالوا: نعم، وفينا ايضا، فقال علي : ((اشهد
من حضر اني قد زوجت‏هذا الغلام من هذه المراة الغريبة منه،
يا قنبر ائتني بطينة فيها دراهم)) فاءتاه بها فعد اربعمائة
وثمانين درهمافقذفها مهرا لها، وقال للغلام: ((خذ بيد امراتك
ولا تاءتينا الا وعليك اثر العرس)). فلما ولى قالت المراة: يا
اباالحسن اللّه اللّه هو النار، هو واللّه ابني. قال: ((كيف ذلك؟))
قالت: ان اباه كان زنجياوان‏اخوتي زو جوني منه‏فحملت بهذا
الغلام، وخرج الرجل غازيا فقتل وبعثت بهذا الى حي بني فلان
فنشاء فيهم وانفت ان يكون‏ابني، فقال علي: ((انا ابو الحسن))
والحقه وثبت نسبه.
ذكره ابن القيم الجوزية في الطرق الحكمية (ص‏45).

12 جهل الخليفة بمعاريض الكلم
1 ان عمر بن الخطاب ساءل رجلا: كيف انت؟ فقال: ممن
يحب الفتنة، ويكره الحق، ويشهد على ما لم يره.فاءمر به الى
السجن، فاءمر علي برده فقال: ((صدق))، فقال: كيف صدقته؟
قال: ((يحب المال والولد وقد قال‏اللّه تعالى: (انما اموالكم
واولادكم فتنة)((306))ويكره الموت وهو الحق، ويشهد ان
محمدا رسول اللّه ولم يره)). فاءمرعمر (رضى‏ا...عنه) باطلاقه
وقال: اللّه يعلم حيث يجعل رسالته.
الطرق الحكمية لابن القيم الجوزية (ص‏46).