(افمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون) ((2335))

ما هذه الدمدمة والهمهمة؟
ليست هذه الروايات الا جلبة وصخبا تجاه الحقيقة الراهنة،
ووجاه الخلافة الحقة الثابتة بالنصوص‏الصريحة الصحيحة لامير
المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)، قد صدع بها النبي‏الامين
وحيا من اللّه العزيز من‏يوم بدء الدعوة الى آخر نفس لفظه.
ان هي الا اللغط والشغب دون امر ليس لخلق اللّه فيه اي خيرة،
وقد نص النبي الاعظم في بدء دعوته على‏ان الامر الى اللّه
يضعه حيث يشاء، وذلك يوم عرض نفسه (ص) على بني عامر
بن صعصعة ودعاهم الى‏اللّه، فقال له قائلهم: ارايت ان نحن
تابعناك على امرك ثم اظهرك اللّه على من خالفك ايكون لنا
الامر من‏بعدك؟ قال: «ان الامر الى اللّه يضعه حيث يشاء»
. ((2336))
ان هي الا سلسة بلاء وحلقة شقاء تجر الامة الى الضلال، وتسف
بها الى‏حضيض التعاسة، وتديمها في‏الجهل المبير، ومهاوي
الدمار.
ان هي الا ولائد النزعات الباطلة، والاهواء المضلة، لا مقيل لها
في مستوى الحق والصدق، ولا قيمة لها في‏سوق الاعتبار.
ان هي الا نسيجة يد الافك والزور، حبكها التزحزح عن قانون
العدل، والتنحي عن شرعة الحق، والبعدعن حكم الامانة.
ان هي الا صبغة الهث ((2337)) والدجل شوهت بها صفحات
التاريخ، لا يرتضيها اي ديني من‏رجالات المذاهب، ولا يعول
عليها المثقف النابه، ولا يتخذها السالك الى اللّه سبيلا، ولا يجد
الباحث عن‏الحق فيها امنيته.
ان هي الا نبرات فيها نترات لفقتها المطامع في لماظة العيش،
ونجفة ((2338)) الحياة، وزخارف الدنياالقاضية على سعادة
البشر.
ان هي الا قبسات الفتن المضلة، وجذوات مقابس العاطفة
والهوى، تفتن الجاهل المسكين، وتحيده عن‏رشده، وتجعله
في بهيتة من امر دينه، فتحترق بها اصول سعادته في الحياة
الدنيا.
ان هي الا مدرسات الامة فاحش التقول، وسيئ الافك
والافتعال، تعلمها الحياد عن مناهج الصدق‏والامانة، وتحثها
على الكذب على اللّه وعلى قدس صاحب الرسالة، وعلى امنائه
وثقات امته.
هل يجد الباحث سبيلا لنجاته عن هذه الورطات المدلهمة؟
وهل يرجى له الفوز من تلكم السلاسل وقدصفدته من حيث لا
يشعر؟ اي مصدر وثيق يحق ان يثق به الرجل؟ وعلى اي كتاب
او على اي سنة‏حري‏بان يحيل امره؟ اليست الكتب مشحونة
بتلكم الاكاذيب المفتعلة المنصوص على وضعها؟ اليست‏تلكم
المئات من الوف الاحاديث المكذوبة مبثوثة في ط‏ى ات
التليف والصحف؟
ما حيلة الرجل وهو يرى المؤلفين بين من يذكرها مرسلا اياها
ارسال المسلم، وبين من يخرجها بالاسنادويردفها بما يموه
على الحق مما يعرب عن قوتها؟ او يرويها غير مشفع بما فيها
من الغميزة متنا او اسنادا؟ كل‏ذلك في مقام سرد الفضائل، او
اثبات الدعاوي الفارغة في المذاهب.
ثم ما حيلته؟ وهو يشاهد وراء اولئك الاوضاح من المؤلفين
افاك القرن الرابع عشر القصيمي آرافعاعقيرته بقوله: ليس
في رجال الحديث من اهل السنة من هو متهم بالوضع والكذابة.
راجع(ص‏208).
فما ذنب الجاهل المسكين والحالة هذه في عدم عرفان
الحق؟ وما الذي يعرفه صحيح السنة من سقيمها؟واي يد
تنجيه من عادية التقول والتزوير؟ وهل من مصلح يحمل بين
جنبيه عاطفة دينية صادقة ينقذه عن‏ورطات القالة وغمرات
الدجل؟
نعم، (وكتبنا له في الالواح من كل شي‏ء موعظة وتفصيلا لكل
شي‏ء) ((2339))، (ليهلك من هلك عن‏بينة ويحيى من حي
عن بينة) ((2340)).
(ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم
يؤمنون) ((2341))، (وآتيناهم بينات من‏الامر فما اختلفوا الا
من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ان ربك يقضي بينهم يوم
القيامة فيما كانوا فيه‏يختلفون - ثم جعلناك على شريعة من
الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون) ((2342)).
(فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى)
، (والسلام على من اتبع‏الهدى) ((2344)). ((2343))

حكم الوضاعين
قال الحافظ جلال الدين السيوط‏ي في تحذير الخواص
(ص‏21): فائدة: ((2345))
لا اعلم شيئا من الكبائر قال احد من اهل السنة بتكفير مرتكبه
الا الكذب على‏رسول اللّه(ص)، فان‏الشيخ ابا محمد الجويني
من اصحابنا وهو والد امام الحرمين ((2347)) قال: ((2346))
ان من‏تعمد الكذب عليه (ص) يكفر كفرا يخرجه عن الملة،
وتبعه على ذلك طائفة، منهم: الامام ناصر الدين بن‏المنير من
ائمة المالكية، وهذا يدل على انه اكبر الكبائر، لانه لا شي‏ء من
الكبائر يقتضي الكفر عند احد من‏اهل السنة. انتهى.

حكم الحفاظ لتلكم الموضوعات المبهرجة
يتبين حكم مخرجي تلكم الروايات المكذوبة على نبي العظمة
في الكتب والمعاجم من ائمة الحديث وحفاظه،ومن رجال
السير والتاريخ خلفا وسلفا مما اخرجه الخطيب وصححه
ابن الجوزي من قول رسول اللّه(ص): «من روى عني حديثا
وهو يرى انه كذب، فهو احد الكذابين‏» ((2348)).
واللّه يقول: (ولو تقول علينا بعض الاقاويل - لاخذنا منه باليمين -
ثم لقطعنا منه الوتين - فما منكم من‏احدعنه حاجزين - وانه
لتذكرة للمتقين - وانا لنعلم ان منكم مكذبين) ((2349)).
افترى اولئك الحفاظ والمؤرخين عالمين بحقيقة تلكم
الاكاذيب المفتعلة؟ قد ضلوا من قبل واضلواكثيراوضلوا عن
سواء السبيل (ومن اظلم ممن افترى على اللّه كذبا اولئك
يعرضون على ربهم ويقول‏الاشهادهؤ لاء الذين كذبوا على ربهم
الا لعنة اللّه على الظالمين) ((2350)).
ام تراهم‏جاهلين بها؟ وما لهم بذلك‏من علم فكذبوا صما
وعميانا، (ويحسبون انهم على‏شي‏ء) ((2351))، (ومنهم اميون
لا يعلمون الكتاب الا اماني وان هم الا يظنون) ((2352))(فمن
اظلم‏ممن افترى على اللّهكذبا ليضل‏الناس بغير علم ان اللّه لا
يهدي القوم الظالمين) ((2353))(فويل لهم مماكتبت ايديهم
وويل لهم مما يكسبون) ((2354)).

(54) قطب الدين الراوندي
المتوفى (573)
بنو الزهراء آباء اليتامى
اذا ما خوطبوا قالوا سلاما
هم حجج الاله على البرايا
فمن ناواهم يلق الاثاما
فكان نهارهم ابدا صياما
وليلهم كما تدري قياما
الم يجعل رسول اللّه يوم ال
غدير عليا الاعلى اماما
الم يك حيدر قرما هماما
الم يك حيدر خيرا مقاما
وله قوله:
لال المصطفى شرف محيط
تضايق عن مراميه البسيط
اذا كثر البلايا في البرايا
فكل منهم جاش ربيط
اذا ما قام قائمهم بوعظ
فان كلامه در لقيط
او امتلات بعدلهم ديار
تقاعس دونه الدهر القسوط
هم العلماء ان جهل البرايا
هم الموفون ان خان الخليط
بنو اعمامهم جاروا عليهم
ومال الدهر اذ مال الغبيط
لهم في كل يوم مستجد
لدى اعدائهم دم عبيط
تناسوا ما مضى بغدير خم
فادركهم لشقوتهم هبوط
الا لعنت امية قد اضاعوا ال
حسين كانه فرخ سميط ((2355))
على آل الرسول صلاة ربى
طوال الدهر ما طلع الشميط ((2356))

الشاعر
قطب الدين ابو الحسين سعد ((2357)) بن هبة اللّه بن الحسن
بن عيسى الراوندي، امام من ائمة‏المذهب، وعين من عيون
الطائفة، واوحدي من اساتذة الفقه والحديث، وعبقري من
رجالات العلم‏والادب، لا يلحق شاوه في مثره الجمة، ولا يشق
له غبار في فضائله ومساعيه المشكورة، وخدماته‏الدينية،
واعماله البارة، وكتبه القيمة.
يوجد ذكره الجميل بالاطراء والثناء عليه في الفهرست للشيخ
منتجب الدين، معالم العلماء، امل الامل، لسان‏الميزان (4/48)،
رياض العلماء، الاجازة الكبيرة للسماهيجي، رياض الجنة في
الروضة الرابعة، لؤلؤة‏البحرين، منتهى المقال (ص‏148)،
مستدرك الوسائل (3/489)، روضات الجنات (ص‏301)، تنقيح
المقال(2/22)، الكنى والالقاب (3/58) ((2358)).

مشايخه والرواة عنه
يروي قدس سره عن زرافات من حملة العلم واساتذة المذهب،
منهم:
1 الشيخ ابو السعادات هبة اللّه بن علي البغدادي: المتوفى
(522).
2 السيد عماد الدين ابو الصمصام ذو الفقار بن محمد
الحسيني المروزي: ادركه الشيخ منتجب الدين حدود(520)
وله يومئذ من العمر (115) عاما.
3 الشيخ ابو المحاسن مسعود بن محمد الصواني: المتوفى
(544) كما ارخ في تاريخ بيهق.
4 الشيخ عماد الدين محمد بن ابي القاسم الطبري: مؤلف
بشارة المصطفى‏لشيعة المرتضى.
5 الشيخ ابو علي الطبرسي: صاحب مجمع البيان، المتوفى
(548) كما ارخ في نقد الرجال ((2359)).
6 الشيخ ركن الدين ابو الحسن علي بن علي بن عبد الصمد
النيسابوري التميمي.
7 الشيخ محمد بن علي بن عبدالصمد: اخو الشيخ ركن
الدين المذكور.
8 السيد ابو تراب‏المرتضى ابن‏الداعي‏الرازي‏الحسني: صاحب
تبصرة العوام.
9 السيد ابو الحرب‏المجتبى ابن الداعي الرازي: اخو السيد ابي
تراب المذكور.
10 السيد ابو البركات محمد بن اسماعيل الحسيني
المشهدي.
11 الشيخ ابو جعفر محمد بن علي بن الحسن الحلبي.
12 ابو نصر الغاري: قال صاحب الرياض ((2360)): لعله نسبة
الى الغار من قرى الاحساء، وهي‏معمورة الى الان.
13 الشيخ ابو القاسم بن كميح.
14 الشيخ ابو جعفر محمد بن المرزبان.
15 الشيخ ابو عبداللّه الحسين المؤدب القمي.
16 الشيخ ابو سعد الحسن بن علي الارابادي.
17 الشيخ ابو القاسم الحسن بن محمد الحديقي.
18 الشيخ ابو الحسين احمد بن محمد بن علي بن محمد
المرشكي.
19 الشيخ هبة اللّه بن دعويدار.
20 السيد علي بن ابي طالب السليقي.
21 الشيخ ابو جعفر بن كميح: اخو الشيخ ابي القاسم المذكور.
22 الشيخ عبدالرحيم البغدادي المعروف بابن الاخوة.
23 الشيخ ابو جعفر محمد بن علي بن الحسن النيسابوري
المقري.
24 الشيخ محمد بن الحسن: والد شيخنا الخواجة نصير الدين
الطوسي. ذكره صاحب‏الروضات ((2361))، ويستبعده الاعتبار،
اذ الشيخ والد الخواجة في طبقة تلامذة المترجم، ويحتمل‏قويا
ان يكون هو الشيخ محمد بن الحسن بن محمد الطوسي،
المكنى‏بابي نصر المتوفى‏ كما في شذرات‏الذهب ((2362))
(540)، واللّه العالم.
ويروي عن شيخنا القطب جمع من اعلام الطائفة منهم:
1 الشيخ احمد بن علي بن عبدالجبار الطبرسي القاضي.
2 الشيخ نصير الدين راشد بن ابراهيم البحراني.
3 الشيخ بابويه سعد بن محمد بن الحسن بن الحسين بن
بابويه.
4 ولد المترجم ابو الفرج عماد الدين علي بن قطب الدين
الراوندي.
5 القاضي جمال الدين علي.
6 الشريف عز الدين ابو الحرث محمد بن الحسن العلوي
البغدادي.
7 الشيخ ابن شهراشوب محمد بن علي السروي المازندراني.

تليفه القيمة
((2363)) 1 سلوة الحزين
7 قصص الانبياء
2 المغني في شرح النهاية عشر مجلدات
8 المعارج في شرح خطبة من نهج البلاغة
3 تفسير القرآن
9 احكام الاحكام
4 نهية النهاية
10 بيان الانفرادات
5 منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ((2364))
11 الشافية رسالة في الغسلة الثانية
6 غريب النهاية
12 التغريب في التعريب
13 آيات الاحكام
32 جنى الجنتين في ذكر ولد العسكريين
14 شرح الكلمات المائة لامير المؤمنين
33 تحفة العليل
15 الاغراب في الاعراب
34 اسباب النزول
16 زهرة المباحثة
35 احوال احاديثنا واثبات صحتها
17 ضياء الشهاب في شرح الشهاب ((2365))
36 ام القرآن
18 تهافت الفلاسفة
37 صلاة الايات
19 كتاب البحر
38 حل المعقود من الجمل والعقود
20 شجار العصابة في غسل الجنابة
39 فقه القرآن ((2366))
21 جواهر الكلام
40 القاب المعصومين
22 النيات في العبادات
41 التلخيص من فصول الشعراني
23 فرض من حضره الاداء وعليه‏القضاء
42 الايات المشكلة
24 الخرائج والجرائح
43 رسالة في العقيقة
25 رسالة الفقهاء
44 شرح الذريعة للشريف المرتضى 3 مجلدات
26 رسالة في الناسخ والمنسوخ من القرآن
45 نفثة المصدور ((2367))
27 شرح العوامل
46 خلاصة التفاسير عشر مجلدات
28 رسالة في الخمس
47 الرائع في الشرائع مجلدان
29 لباب الاخبار في فضل آية الكرسي
48 الانجاز في شرح الايجاز
30 مسالة في الخمس
49 شرح ما يجوز وما لا يجوز من النهاية
31 كتاب المزار
50 الاختلاف الواقع بين شيخنا المفيد
وسيدنا االمرتضى في مسائل كلامية تعد (95) مسالة هذا ما
وقفنا عليه من تليف المترجم، واحسب اتحادبعض منها مع
بعض آخر، كالتلخيص مع لباب الاخبار، وام القرآن مع بعض
تفاسيره.

خلفه الصالح
وخلفه اولاد فقهاء اعلام المذهب، وهم: الشيخ ابو الفرج عماد
الدين علي بن قطب الدين، فقيه ثقة كما في‏فهرست الشيخ
منتجب الدين ((2368))، يروي عن والده القطب السعيد وعن
جماعة من اعاظم‏الطائفة، منهم:
السيد ضياء الدين فضل اللّه بن علي الراوندي الكاشاني.
جمال الدين حسين بن علي ابو الفتوح الرازي، المفسر الكبير.
سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الحمصي الرازي.
امين الدين ابو علي الفضل بن الحسين الطبرسي صاحب
مجمع البيان.
الشيخ عبدالرحيم بن احمد البغدادي الشهير بابن الاخوة.
نص على ذلك كله صاحب المعالم في اجازته الكبيرة، ويروي
عنه الفقيه الكبير الشيخ ابو طالب نصيرالدين عبداللّه بن حمزة
بن الحسن بن علي بن نصير الطوسي، والشيخ محمد بن جعفر
بن ابي البقاء الحلي‏المعروف بابن نما المطلق.
ترجمه شيخنا الحر العاملي في امل الامل ((2369)) مرة تحت
عنوان: علي بن قطب‏الدين ابي الحسين‏الراوندي، واخرى
بعنوان: علي ابن الامام قطب الدين سعيد الراوندي، وقال في
الموضع الاول: يروي عنه‏الشهيد. انتهى. وهذا اشتباه بين، اذ
الشيخ علي هذا من اعلام القرن السادس وشيخنا الشهيد ولد
سنة(734).
وللشيخ علي هذا ولد عالم ذكره الشيخ منتجب الدين في
الفهرست ((2370))، واطراه بالفضل والعلم،الا وهو الشيخ ابو
الفضائل برهان الدين محمد بن علي بن قطب‏الدين.
وولد المترجم الثاني: الشيخ نصير الدين ابو عبداللّه الحسين بن
قطب الدين،احد شهداء اعلام الدين وحملة‏العلم والفضيلة،
ترجمناه في كتابنا شهداء الفضيلة (ص‏40).
وولده الثالث: الفقيه ظهير الدين ابو الفضل محمد بن قطب
الدين، اصفقت المعاجم على الثناء عليه بالامامة‏والثقة والعدل.
توفى المترجم القطب السعيد ضحوة يوم الاربعاء، الرابع
عشر من شوال سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة،كما في اجازات
البحار (ص‏15) نقلا عن خط شيخنا الشهيد الاول قدس سره،
وفي لسان‏الميزان ((2371)) نقلاعن تاريخ الري لابن بابويه:
انه توفي في ثالث عشر شوال، وقبره في الصحن‏الجديد من
الحضرة الفاطمية بقم المشرفة.

(55) سبط ابن التعاويذي
المولود (519)
المتوفى (584)
ياسمي النبي يابن علي
قامع الشرك والبتول الطهور
انت تسمو على البرية طرا
بمحل عال وبيت كبير
عنكم يؤخذ الوفاء ومنكم
يحتذي ((2372)) الناس كل خير وخير
كيف اخلفتني وما الخلف للم
يعاد من عادة الموالي الصدور
انت يابن المختار اكرم من ان
تنظر في امر مستفاد حقير
انت اوليتنيه منك ابتداء
غير ما مكره ولا مجبور
واخو الفضل من يساعد في
الشدة لا في الرخاء والميسور
اي عذر ينوب عنك وما نا
بك وجه الصواب بالمعذور ((2373))
ومتى ما استمر خلفك للوع
د ولم تعتذر عن التاخير
صرت من جملة النواصب لا آ
كل غير الجري والجرجير
وتغسلت واكتحلت ثلاثا
وطبخت الحبوب في عاشور
وطويت الاحزان فيه ولم اب
د سرورا في يوم عيد الغدير
وتبدلت من مبيتي في مش
هد موسى ((2374)) بجامع المنصور
وتطهرت من اناء يه
ودي وفضلته على الخنزير
ورآني اهل التشيع في الكر
خ بتاموسة وذيل قصير
زائرا قبر مصعب بعد ماكن
ت اوالي دفين قبر النذور ((2375))
وتخيرت ان يكون الزبيدي ((2376))
رفيقي في العرض يوم النشور
وتراني في الحشر فاطمة الطه
ر وكفى في كفه المبتور
وتكون المسؤول انت عن مؤمن ال
قيته غدا في سواء السعير
هذه الابيات اخذناها من ديوان المترجم المخطوط ((2377))،
كتبها الى نقيب الكوفة وشريفها المعظم‏السيد محمد بن
مختار العلوي، يعاتبه على عدم الوفاء بوعد كان وعده به، وهي
على وتيرة تترية ابن منير،ولهما اشباه ونظائر مر الايعاز اليها
في (4/329 331).

الشاعر
ابو الفتح محمد بن عبيداللّه ((2378)) البغدادي، يعرف بابن
التعاويذي وبسبط ابن التعاويذي،وكلاهما نسبة الى جده لامه
ابي محمد المبارك بن المبارك الجوهري، المعروف بابن
التعاويذي، المولودبالكرخ سنة (496)، والمتوفى في جمادى
الاولى سنة (553)، ودفن بمقبرة الشونيزية.
كان المترجم في الصدر من شعراء الشيعة، وفي الطليعة من
كتابها الافذاد، يزدهي العراق بشعره المبهج وادبه‏المبتلج، كما
ان الكتب ضاءت بالق من كلمه، وضاعت بعبق من نشر فمه،
وقد اصفقت المعاجم على الثناءعليه، وذكر فضله الظاهر ومثره
الجمة، ففي معجم الادباء ((2379)) (7/31): كان شاعر العراق
في‏وقته، وكان كاتبا بديوان الاقطاع ببغداد، واجتمع به العماد
الكاتب الاصبهاني لما كان بالعراق وصحبه مدة،فلما انتقل
العماد الى الشام واتصل بالسلطان صلاح الدين يوسف بن ايوب
كان ابن التعاويذي يراسله،فكان بينهما مراسلات ذكر بعضها
العماد في الخريدة، وعمي ابو الفتح في آخر عمره سنة (579)،
وله في ذلك‏اشعار كثيرة يندب بها بصره وزمان شبابه، ومدح
السلطان صلاح الدين بثلاث ((2380)) قصائدانفذها اليه من
بغداد، احداها عارض بها قصيدة ابي منصور علي بن الحسن
المعروف‏بصردر ((2381))، التي اولها:
اكذا يجازى ود كل قرين
......
فقال ابن التعاويذي واحسن ما شاء:
ان كان دينك في الصبابة ديني
فقف المط‏ي برملتي يبرين ((2382))
والثم ثرى لو شارفت بي هضبه
ايدي المط‏ي لثمتها بجفوني
وانشد فؤادي في الظباء معرضا
فبغير غزلان الصريم جنوني
ونشيدتي بين الخيام وانما
غالطت عنها بالظباء العين
لولا العدى لم اكن عن الحاظها
وقدودها بجذر وغصون
للّه ما اشتملت عليه قبابهم
يوم النوى من لؤلؤ مكنون
من كل تائهة على اترابها
في الحسن غانية عن التحسين
خود تري قمر السماء اذا بدت
ما بين سالفة لها وجبين
غادين ما لمعت بروق ثغورهم
الا استهلت بالدموع شؤوني ((2383))
ان تنكروا نفس الصبا فلانها
مرت بزفرة قلبي المحزون
واذا الركائب في المسير تلفتت
فحنينها لتلفتي وحنيني
ياسلم ان‏ضاعت‏عهودي‏عندكم
فانا الذي استودعت غير امين
اوعدت مغبونا فما انا في الهوى
لكم باول عاشق مغبون
رفقا فقد عسف‏الفراق‏بمطلق ال
عبرات في اسر الغرام رهين
وذكر من القصيدة (32) بيتا ((2384))، ونقتطف مما ذكره
من قصيدته الثانية ابياتا من‏اولها ((2385)):
حتام ارضى في هواك وتغضب
والى متى تجني علي وتعتب
ما كان لي لولا ملالك زلة
لما مللت زعمت اني مذنب
خذ في افانين الصدود فان لي
قلبا على العلا ت لا يتقلب
اتظنني اضمرت يوما سلوة
هيهات عطفك من سلوي اقرب
لي فيك نار جوانح ما تنطفي
شوقا وماء مدامع لا ينضب
ثم ذكر ابياتا من قصيدته الثالثة اللامية، وذكر من شعره قوله
من قصيدة يندب بصره:
حالان مستني الحوا
دث منهما بفجيعتين
اظلام عين في ضيا
ء من مشيب سرمدين ((2386))
صبح وامساء معا
لا خلفة فاعجب لذين
قد رحت في الدنيا
من السراء صفر الراحتين
اسوان لاحي ولا
ميت كهمزة بين بين
قال الاميني: هذه القصيدة تحتوي (59) بيتا، مطلعها
الموجود:
اترى تعود لنا كما
سلفت ليالي الابرقين
ويقول فيها:
فاناخ في آل الرسول
مجاهرا برزيئتين
بدءا برزء في ابي
حسن وعودا في الحسين
الطيبين الطاهرين
الخيرين الفاضلين
المدليين الى النبي
محمد بقرابتين ((2387))
وذكر الحموي ((2388)) من شعره قوله:
سقاك سار من الوسمي هتان
ولا رقت للغوادي فيك اجفان
يا دار لهوي واطرابي ومعهد
اترابي وللهو اوطار واوطان ((2389))
اعائد لي ماض من جديد هوى
ابليته وشباب فيك فينان ((2390))
اذ الرقيب لنا عين مساعدة
والكاشحون لنا في الحب اعوان
واذ جميلة توليني الجميل وعن
د الغانيات وراءالحسن احسان
ولي الى البان من رمل الحمى طرف
فاليوم لا الرمل يصبيني ولا البان
وما عسى يدرك المشتاق من وطر
اذا بكى الربع والاحباب قد بانوا
ان المغاني معان والمنازل ام
وات اذا لم يكن فيهن سكان
للّه كم قمرت لبي بجوك اق
مار وكم غازلتني فيك غزلان
وليلة بات يجلو الراح من يده
فيها اغن خفيف الروح جذلان
خال من الهم في خلخاله حرج
فقلبه فارغ والقلب ملان
يذكي الجوى بارد من ريقه شبم
ويوقد الظرف طرف منه وسنان ((2391))
ان يمس ريان من ماء الشباب فلي
قلب الى ريقه المعسول ظمن
بين السيوف وعينيه مشاركة
من اجلها قيل للاغماد اجفان
فكيف اصحو غراما او افيق جوى
وقده ثمل بالتيه نشوان
افديه من غادر بالعهد غادرني
صدوده ودموعي فيه غدران
في خده وثناياه ومقلته
وفي عذاريه للعشاق بستان
شقائق واقاح نبته خضل ((2392))
ونرجس انا منه الدهر سكران ((2393))
وكان له راتب في الديوان فلما عمي طلب ان يجعل باسم
اولاده، ثم كتب هذه القصيدة ورفعها الى الخليفة‏الناصر
التمس بها تجديد راتب مدة حياته:
خليفة اللّه انت بالدين والدنيا
وامر الاسلام مضطلع
الى آخر [ الابيات ]
ثم قال: وكل شعر ابي الفتح غرر، وديوانه كبير يدخل في
مجلدين جمعه بنفسه قبل ان يضر، وافتتحه بخطبة‏لطيفة،
ورتبه على اربعة ابواب، وما حدث من شعره بعد العمى سماه
الزيادات، وهي ملحقة ببعض نسخ‏ديوانه المتداولة وبعض
النسخ خلو منها، وله كتاب سماه الحجبة والحجاب، في مجلد
كبير ونسخه قليلة.
ولد ابو الفتح بن التعاويذي في اليوم العاشر من رجب سنة
(519) وتوفى في ثاني شوال سنة (583) ببغداد،ودفن في
مقبرة باب ابرز. انتهى ملخصا.
وفي تاريخ ابن خلكان ((2394)) (2/123): ابو الفتح بن
التعاويذي نسب الى جده لامه ابي محمدالمبارك، لانه كفله
صغيرا ونشا في حجره، وكان ابو الفتح هذا شاعر وقته لم يكن
مثله، جمع شعره بين جزالة‏الالفاظ وعذوبتها، ورقة المعاني
ودقتها، وهو في غاية الحسن والحلاوة، وفيما اعتقده لم يكن
قبله بمائتي سنة‏من يضاهيه، ولا يؤاخذني من يقف على هذا
الفضل فان ذلك يختلف بميل الطباع، وللّه در القائل:
وللناس فيما يعشقون مذاهب وكان كاتبا بديوان المقاطعات،
وعمي في آخر عمره سنة (579) ثم ذكر مايقرب من كلام
نقلناه عن معجم الادباء ((2395))، وروى من شعره ما يربو
على سبعين بيتا، وقال:اوردت هذه المقاطيع من شعره لكونها
مستملحة، واما قصائده المشتملة على النسيب والمدح فانها
في غاية‏الحسن، وصنف كتابا سماه الحجبة والحجاب، وترجمه
العماد الاصبهاني في كتاب الخريدة واثنى عليه بقوله:هو شاب
فيه فضل، وآداب، ورئاسة، وكياسة، ومروة، وابوة، وفتوة،
وجمعني واياه صدق العقيدة في عقدالصداقة، وقد كملت به
اسباب الظرف واللطف واللباقة، وكانت ولادته في العاشر من
رجب يوم الجمعة‏سنة (519) وتوفي في ثاني شوال سنة اربع
وقيل: ثلاث وثمانين وخمسمائة ببغداد، ودفن في باب ابرز.
وقال‏ابن النجار: مولده يوم الجمعة ومات يوم السبت (18)
شوال. انتهى تلخيص ما في تاريخ ابن خلكان.
وذكره ((2396)) ابو الفداء في تاريخه (3/80)، وابن شحنة في
روض المناظر، وابن كثير في تاريخه(12/329)، وصاحب
شذرات الذهب (4/281)، ومؤلف نسمة السحر (ج‏2). ولم اجد
خلافا في تاريخ ولادته‏غير ان عبدالحي ارخه في شذراته بسنة
(510) ولم نقف على مصدره.
وترجمه اليافعي في موضعين من مرآة الجنان (3/304، 429)،
وقال في الموضع الاول: ذكر بعض المؤرخين‏موته في سنة
(553)، وذكر بعضهم في سنة اربع وثمانين. انتهى. قد عرفت
ان سنة (553) هي تاريخ وفاة جدالمترجم له المعروف بابن
التعاويذي، ورثاه سبطه في وقته، واشتبه الامر على بعض
المؤرخين بموت المترجم‏له، ولعله لشهرتهما بابن التعاويذي.
وتوجد ترجمته في تاريخ آداب اللغة العربية ((2397)) وفيه:
انه توفى سنة (538)، واحسبه تصحيف(583)، وقال فريد
وجدي في دائرة المعارف (6/777): انه ولد سنة (516) وتوفي
سنة (583 او 586)، وفي‏كلا التاريخين تصحيف.
والواقف على ديوان المترجم جد عليم بتاريخ وفاته، اذ قصائده
مؤرخة بسني نظمها، واكثرها من سنة‏سبعين الى اربع
وثمانين، وفيه قصيدته في رثاء جده المبارك، المتوفى سنة
(553) وهي مؤرخة بها، وله‏قصيدتان مؤرختان بسنة (583)
احداهما في مدح الناصر لدين اللّه ابي العباس احمد، والاخرى
في مدح‏الوزير جلال الدين ابي المظفر عبيداللّه بن يونس
وتهنئته بالوزارة، نظمها في عيد الاضحى من سنة
(583)،فبعد كون وفاته في شوال من المتسالم عليه لم يبق
اشكال في انه توفى سنة (584)، واللّه العالم.
ومن شعره قوله في رثاء الامام السبط الشهيد صلوات اللّه
عليه:
ارقت للمع برق حاجري ((2398))
تالق كاليماني المشرفي
اضاء لنا الاجارع مستطيرا
سناه وعاد كالنبض الخفي ((2399))
كان وميضه لمع الثنايا
اذا ابتسمت واشراق الحلي
فاذكرني وجوه الغيد بيضا
سوالفها ولم اك بالنسي
وعصر خلاعة احمدت فيه ال
شباب وصحبة العيش الرخي
وليلى بعد ما مطلت ديوني
ولا حالت عن العهد الوفي
منعمة شقيت بها ولولا ال
هوى ما كنت ذا بال شقي
تزيد القلب بلبالا ووجدا
اذا نظرت بطرف بابلي
اتيه صبابة وتتيه حسنا
فويل للشجي من الخلي
اذا استشفيتها وجدي رمتني
بداء من لواحظها دوي
ولولا حبها لم يصب قلبي
سنا برق تالق في دجي ((2400))
اجاب وقد دعاني الشوق دمعي
وقدما كنت ذا دمع عصي
وقفت على الديار فما اصاخت
معالمها لمحتزن بكي
اروي تربها الصادي كاني
نزحت الدمع فيها من ركي
ولو اكرمت دمعك يا شؤوني
بكيت على الامام الفاطمي
على المقتول ظمنا فجودي
على الظمن بالجفن الروي
على نجم الهدى‏الساري وبحر ال
علوم وذروة الشرف العلي
على الحامي باطراف العوالي
حمى الاسلام والبطل الكمي
على الباع الرحيب اذا المت
به الازمات والكف السخي
على اندى الانام يدا ووجها
وارجحهم وقارا في الندي
وخير العالمين ابا واما
واطهرهم ثرى عرق زكي
لئن دفعوه ظلما عن حقوق ال
خلافة بالوشيج السمهري
فما دفعوه عن حسب كريم
ولا ذادوه عن خلق رضي
لقد فصموا عرى الاسلام عودا
وبدءا في الحسين وفي علي
ويوم الطف قام ليوم بدر
باخذ الثار في آل النبي
فثنوا بالامام اما كفاهم
ضلالا ما جنوه على الوصي
رموه عن قلوب قاسيات
باطراف الاسنة والقسي
واسرى مقدما عمر بن سعد
اليه بكل شيطان غوي
سفوك للدماء على انتهاك ال
محارم جد مقدام جري
اتاه بمحنقين تجيش غيظا
صدورهم وجيش كالاتي
اطافوا محدقين به وعاجوا
عليه بكل طرف اعوجي
وكل مثقف لدن وعضب
سريجي ودرع سابري ((2401))
فانحوا بالصوارم مسرعات
على البر النقي ابن النقي
وجوه النار مظلمة اكبت
على الوجه الهلالي الوضي
فيا لك من امام ضرجوه ال
دم القاني بخرصان القني ((2402))
بكته الارض اجلالا وحزنا
لمصرعه واملاك السمي
وغودرت الخيام بغير حام
يناضل دونهن ولا ولي
فما عطف البغاة على الفتاة ال
حصان ولا على الطفل الصبي
ولا بذلوا لخائفة امانا
ولا سمحوا لظمن بري
ولا سفروا لثاما عن حياء
ولا كرم ولا انف حمي
وساقوا ذود اهل الحق ظلما
وعدوانا الى الورد الوبي
تذودهم الرماح كما يذاد ال
ركاب عن الموارد بالعصي
وساروا بالكرائم من قريش
سبايا فوق اكوار المط‏ي
فيا للّه يوم نعوه ماذا
وعى سمع الرسول من النعي
ولو رام الحياة نجا اليها
بعزمته نجاء المضرحي ((2403))
ولكن المنية تحت ظل ال
رقاق البيض اجدر بالابي
فياعصب الضلالة كيف جزتم
عنادا عن صراطكم السوي
وكيف عدلتم مولود حجر ال
نبوة بالغوي ابن الغوي ((2404))
فالقيتم وعهدكم قريب
وراء ظهوركم عهد النبي
واخفيتم نفاقكم الى ان
وثبتم وثبة الذئب الضري
وابديتم حقودكم وعدتم
الى الدين القديم الجاهلي
ولولا الضغن ما ملتم على ذي‏ال
قرابة للبعيد الاجنبي
كفى خزيا ضمانكم لقتل ال
حسين جوائز الرفد السني
وبيعكم لاخراكم سفاها
بمبرور من الدنيا بري ((2405))
وحسبكم غدا بابيه خصما
اذا عرف السقيم من البري
صليتم حزبه بغيا فانتم
لنار اللّه اولى بالصلي
وحرمتم عليه الماء لؤما
واسقينا الى الخلق الدني ((2406))
واوردتم جيادكم واظمي
تموه شربتم غير الهني
وفي صفين عاندتم اباه
واعرضتم عن الحق الجلي
وخادعتم امامكم خداعا
اتيتم فيه بالامر الفري
اماما كان ينصف بالقضايا
وياخذ للضعيف من القوي
وانكرتم حديث الشمس ردت
له وطويتم خبر الطوي ((2407))
فجوزيتم لبغضكم عليا
عذاب الخلد في الدرك القصي
ساهدي للائمة من سلامي
وغر مدائحي ازكى هدي
سلاما اتبع الوسمي منه
على تلك المشاهد بالولي ((2408))
واكسو عاتق الايام منها
حبائر كالرداء العبقري
حسانا لا اريد بهن الا
مساءة كل باغ خارجي
يضوع لها اذا نشرت اريج
كنشر لطائم المسك الذكي ((2409))
كانفاس النسيم سرى بليل
يهز ذوائب الورد الجني
لطيبة والبقيع وكربلاء
وسامراء تغدو والغري
وزوراء العراق وارض طوس
سقاها الغيث من بلد قصي
فحيا اللّه من وارته تلك ال
قباب البيض من حبر تقي
واسبل ثوب رحمته دراكا
عليها بالغدو وبالعشي
فذخري للمعاد ولاء قوم
بهم عرف السعيد من الشقي
كفاني علمهم اني معاد
عدوهم موال للولي ((2410))

شعراء الغدير في القرن السابع

1 ابو الحسن المنصور باللّه
2 مجد الدين بن جميل
3 الشواء الكوفي الحلبي
4 كمال الدين الشافعي
5 ابو محمد المنصور باللّه
6 ابو الحسين الجزار
7 شمس الدين محفوظ
8 بهاء الدين الاربلي

(56) ابو الحسن المنصور باللّه
ولد (561)
توفى (614)
بني عمنا ان يوم الغدير
يشهد للفارس المعلم
ابونا علي وصي الرسول
ومن خصه باللوا الاعظم
لكم حرمة بانتساب اليه
وها نحن من لحمه والدم
لئن كان يجمعنا هاشم
فاين السنام من المنسم
وان كنتم كنجوم السماء
فنحن الاهلة للانجم
ونحن بنو بنته دونكم
ونحن بنو عمه المسلم
حماه ابونا ابو طالب
واسلم والناس لم تسلم
وقد كان يكتم ايمانه
فاما الولاء فلا يكتم
واي الفضائل لم نحوها
ببذل النوال وضرب الكمي
قفونا محمد في فعله
وانتم قفوتم ابا مجرم ((2411))
هدى لكم الملك هدي العروس
فكافيتموه بسفك الدم
ورثنا الكتاب واحكامه
على مفصح الناس والاعجم
فان تفزعوا نحو اوتاركم
فزعنا الى آيه المحكم
اشرب الخمور وفعل الفجور
من شيم النفر الاكرم
قتلتم هداة الورى الطاهرين
كفعل يزيد الشقي العمي
فخرتم بملك لكم زائل
يقصر عن ملكنا الادوم
ولا بد للملك من رجعة
الى مسلك المنهج الاقوم
الى النفر الشم اهل الكسا
ومن طلب الحق لم يظلم
هذه الابيات نظمها المترجم له في جمادى الاولى سنة (602)
يعارض بها قصيدة ابن المعتز الميمية التي‏اولها:
بني عمنا ارجعوا ودنا
وسيروا على السنن الاقوم
لنا مفخر ولكم مفخر
ومن يؤثر الحق لم يندم
فانتم بنو بنته دوننا
ونحن بنو عمه المسلم
وله من قصيدة تشتمل على (55) بيتا:
عجبت فهل عجبت لفيض دمع
لموحشة على طلل ورسم
وما يغنيك من طلل محيل
لهند او لجمل او لنعم
فعدن عن المنازل والتصابي
وهات لنا حديث غدير خم
فيا لك موقفا ما كان اسنى
ولكن مر في آذان صم
لقد مال الانام معا علينا
كان خروجنا من خلف ردم
هدينا الناس كلهم جميعا
وكم بين المبين والمعمي
فكان جزاؤنا منهم قراعا
ببيض الهند في الرهج الاجم
هم قتلوا ابا حسن عليا
وغالوا سبطه حسنا بسم
وهم حظروا الفرات على حسين
وما صابوه من نصل وسهم ((2412))

الشاعر
الامام المنصور باللّه عبداللّه بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن
علي بن حمزة بن هاشم بن الحسن بن‏عبدالرحمن بن يحيى
بن ابي محمد عبداللّه بن الحسين بن ترجمان الدين القاسم بن
ابراهيم طباطبا بن‏اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن
ابن الامام علي بن ابي طالب، احد ائمة الزيدية في ديار اليمن،
قرن‏بين شرف النسب والمجد المكتسب، وضم الى شرفه
الوضاح علما جما، والى نسبه العلوي الشريف فضائل‏كثيرة،
جمع بين السيف والقلم فرف عليه العلم والعلم، وشفع علمه
الرائق بادبه الفائق، فاصبح امام اليمن في‏المذهب، وفي الجبهة
والسنام من فقهائها، كما انه عد من افذاذ مؤلفيها، واشعر
الدعاة من ائمتها، بل اشعر ائمة‏الزيدية على الاطلاق كما قاله
صاحبا الحدائق والنسمة.
كان آية في الحفظ، حكى جمال الدين عمران بن الحسن عن
بعض المعروفين بقوة الحافظة: اني احفظ مائة‏الف بيت شعر،
وفلان ذكر رجلا من اهل الادب يحفظ ايضا مثلي، ونحن لا
نعد حفظنا الى جنب حفظ‏الامام المنصور باللّه شيئا.
وقال عماد الدين ذو الشرفين: رايت مع الامام مجلدا في الشعر
فقال: قراته وحفظته فخذه وسلني عن‏اي‏قصيدة منه شئت،
فجعلت اساله من او له ووسطه وآخره، وانا اذكر له بيتا من
القصيدة فياتي بتمامها.
قرا في الاصولين على حسام الدين ابي محمد الحسن بن
محمد الرصاص، والف كتبا ممتعة في شتى المواضيع‏من الفقه
واصوله والكلام والحديث والمذهب والادب، منها:
1 صفوة الاختيار في اصول الفقه.
2 حديقة الحكم النبوية شرح الاربعين السلفية.
3 الشافي في اصول الدين اربعة اجزاء.
4 الرسالة الهادية بالادلة البادية، في السبي.
5 الاجوبة الكافية بالادلة الوافية.
6 الدرة اليمنية في احكام السبي والغنيمة.
7 الاختيار المنصورية في المسائل الفقهية.
8 الايضاح لعجمة الافصاح، اكثره يتعلق باليسر.
9 كتاب الفتاوى، مرتب على كتب الفقه.
10 الرسالة القاهرة بالادلة الباهرة، في الفقه.
11 الرسالة الحاكمة بالادلة العالمة.
12 الناصحة المشيرة بترك الاعتراض على السيرة.
13 العقيدة النبوية في الاصول الدينية.
14 الرسالة الفارقة‏ين الزيدية والمارقة.
15 الرسالة النافعة بالادلة القاطعة.
16 الرسالة الكافية الى اهل العقول الوافية.
17 الرسالة الناصحة بالادلة الواضحة ((2413)).
18 الجوهرة الشفافة في جواب الرسالة الطوافة ((2414)).
19 الاجوبة الرافعة للاشكال.
20 الزبدة في اصول الدين.
21 العقد الثمين في الامامة.
22 القاطعة للاوراد في الجهاد.
23 كتاب تحفة الاخوان.
24 الرسالة التهامية، ديوانه.
كان المترجم يجاهد ويجادل دون دعايته في الامامة، وله في
ذلك مواقف ومجاهدات، وكانت بدء دعوته سنة(593) في شهر
ذي القعدة، وبايعه الناس في ربيع الاول سنة (594)، وارسل
دعاته الى خوارزم شاه المتوفى(622) وتلقاهم السلطان
بالقبول والاكرام، واشغل ردحا من الزمن منصة الزعامة في
الديار اليمنية الى ان‏توفى سنة (614)، وكانت ولادته سنة
(561)، ومن مختار ما رثي به قصيدة ولده الناصر لدين اللّه ابي
القاسم‏محمد بن عبداللّه، وهي واحد واربعون بيتا مطلعها:
بفي الشامتين الترب ان يك نالني
مصاب ابي او هد من عظمه ازري
على حين اعيا المقربات فراقه
وشنت له انياب ذي لبد حسر
فان يك نسوان بكين فقد بكت
عليه الثريا في كواكبها الزهر
وان تشمت الاعداء يوما فانني
على حدثان الدهر كالكوكب الدري
توجد في الحدائق الوردية ((2415)) للمترجم ترجمة ضافية
في ستين صحيفة، تحتوي جملة من كتاباته‏وخطاباته في
دعاياته وجهاداته، وشيئا كثيرا من مناقبه وكراماته ومقاماته،
وشطرا وافرا من شعره في‏مواضيع متنوعة، ومنه قوله كتبه الى
زوجته المسماة متعة يعزيها عن اخيها:
الحمد للّه الذي لم يزل
احكامه في خلقه ماضيه
وكل من كان بها راضيا
فانه في عيشة راضيه
وكل من كان لها ساخطا
فامه في سقر هاويه
كم قائل قد قال ياليتها
عند الرزايا كانت القاضيه
يا بنت فضل اين فضل وهل
باق على الايام او باقيه
كم من ملوك طال ما عمروا
فهل لهم في الارض من باقيه
اين النبي المصطفى احمد
وصنوه حيدر والزاكيه
فسلمي الامر لمن امره
ينطح غلب العصب العاليه
ومن اذا عاصاه ذو نخوة
صب عليه الاخذة الرابيه
لا يغلب اللّه على امره النافذ
من راق ولا راقيه
الى آخر [الابيات]
ومن قصيدة كبيرة له في الحماسة يذكر اجداده باسمائهم
ويفتخر بهم:
كم بين قولي عن ابي عن جده
وابو ابي فهو النبي الهادي
وفتى يقول حكى لنا اشياخنا
ما ذلك الاسناد من اسنادي
ما احسن النظر البليغ لمنصف
في مقتضى الاصدار والايراد
خذ ما دنا ودع البعيد لشانه
يغنيك دانيه عن الابعاد
ذكر صاحب الحدائق له من الاولاد الذكور:
محمد الناصر لدين اللّه، احمد المتوكل على اللّه، علي، حمزة
درج صغيرا، ابراهيم، سليمان، الحسن، موسى،يحيى، ادريس
درج صغيرا، القاسم، فضل درج، جعفر لا عقب له، عيسى لا
عقب له، داود، حسين درج.
ومن البنات: زينب، سيدة، فاطمة، جمانة، رملة، نفيسة، مريم،
مهدية، آمنة، عاتكة، وللمترجم ترجمة في‏نسمة السحر فيمن
تشيع وشعر ((2416)) (ج‏2).

(57) مجد الدين بن جميل
المتوفى (616)
المت وهي حاسرة لثاما
وقد ملات ذوائبها الظلاما
واجرت ادمعا كالطل هبت
له ريح الصبا فجرى تواما
وقالت اقصدتك يد الليالي
وكنت لخائف منها عصاما
واعوزك اليسير وكنت فينا
ثمالا للارامل واليتامى
فقلت لها كذاك الدهر يجني
فقري وارقبي الشهر الحراما
فاني سوف ادعو اللّه فيه
واجعل مدح حيدرة اماما
وابعثها اليه منقحات
يفوح المسك منها والخزامى
تزور فتى كان ابا قبيس
تسنم منكبيه او شماما ((2417))
اغر له اذا ذكرت اياد
عطاء وابل يشفي‏الاواما
وابلج لو الم به ابن هند
لاوسعه حباء وابتساما
ولو رمق السماء وليس فيها
حيا لاستمطرت غيثا ركاما
وتلثم من تراب ابي تراب
ترابا يبرئ الداء العقاما
فتحظ‏ى عنده وتؤوب عنه
وقد فازت وادركت المراما
بقصد اخي النبي ومن حباه
باوصاف يفوق بها الاناما
ومن اعطاه يوم غدير خم
صريح المجد والشرف القدامى
ومن ردت ذكاء له فصلى
اداء بعد ما ثنت اللثاما ((2418))
وآثر بالطعام وقد توالت
ثلاث لم يذق فيها طعاما
بقرص من شعير ليس يرضى
سوى الملح الجريش له اداما
فرد عليه ذاك القرص قرصا
وزاد عليه ذاك القرص جاما
ابا حسن وانت فتى اذا ما
دعاه المستجير حمى وحاما
ازرتك يقظة غرر القوافي
فزرني يابن فاطمة مناما
وبشرني بانك لي مجير
وانك مانعي من ان اضاما
فكيف يخاف حادثة الليالي
فتى يعطيه حيدرة ذماما
سقتك سحائب الرضوان سحا
كفيض يديك ينسجم انسجاما
وزار ضريحك الاملاك صفا
على مغناك تزدحم ازدحاما
ولازالت روايا المزن تهدي
الى النجف التحية والسلاما

ما يتبع الشعر
وقفت في غير واحد من المجاميع العتيقة المخطوطة على ان
مجد الدين بن جميل كان صاحب المخزن في زمن‏الناصر
فنقم عليه واودعه السجن، فساله رجال الدولة من الاكابر فلم
يقبل فيه شفاعة احد، وتركه في‏الحجرة مدة عشرين سنة،
فخطر على قلبه ان يمدح الامام علي بن ابي طالب (ع)
فمدحه بهذه الابيات، ونام‏فرآه في ما يراه النائم وهو يقول:
الساعة تخرج، فانتبه فرحا وجعل يجمع رحله، فقال له
الحاضرون: ماالخبر؟ فقال لهم: الساعة اخرج، فجعل اهل
السجن يتغامزون ويقولون: تغير عقله.
واما الناصر فانه ايضا راى امير المؤمنين في الطيف، فقال له
(ع): اخرج ابن جميل في هذه الساعة، فانتبه‏مذعورا وتعوذ من
الشيطان ونام، فاتاه (ع) ثانيا وقال له مثل الاول، فقال: ما هذا
الوسواس؟ فاتاه ثالثة‏وامره باخراجه، فانتبه وانفذ في الحال من
يطلقه، فلما طرق الباب قال: واللّه وذا انا متهيئ، فلما مثل
بين‏يدي الناصر عرفوه انهم وجدوه متهيئا للخروج، فقال له:
بلغني انك كنت متهيئا للخروج، فمماذا؟
قال: انه جاء الي من جاءك قبل ان يجي‏ء اليك. قال: فبماذا؟
قال: عملت فيه قصيدة، فقال الناصر: انشدنيها.فانشد القصيدة.

الشاعر
مجد الدين ابو عبداللّه محمد بن منصور بن جميل الجبائي
ويقال: الجبي، المعروف بابن جميل الفزاري، كاتب شاعر،

واديب متضلع، له في النحو واللغة والادب وقرض الشعر
خطوات واسعة، وفي معجم الادباءصحيفة بيضاء، وفي طبقات
النحاة ذكرى خالدة، وقد جمع شوارد تاريخ ذلك الشاعر الفحل
المنسي الدكتورمصطفى جواد البغدادي في ترجمة نشرتها
مجلة الغري النجفية الغراء في عددها ال (16) من السنة
السابعة(ص‏2)، ونحن نذكرها برمتها متنا وتعليقاقال:
ولد بقرية من نواحي هيت تعرف بجبا، وقدم بغداد في اول
عمره وقرا بها الادب ولازم مصدق بن شبيب‏الواسط‏ي النحوي
حتى برع في النحو واللغة والفقه والفرائض والحساب بعد قراءة
القرآن الكريم، وسمع‏الحديث من جماعة من الشيوخ، منهم: ابو
الفرج عبد المنعم بن عبدالوهاب بن كليب، والقاضي ابو
الفتح‏محمد بن احمد المندائي الواسط‏ي سمعه حين قدومه
بغداد، وعالج النثر والنظم فبلغ منهما مرتبة عالية.
قال القفط‏ي: وقد كان انشا مقامات ظهر منها قطعة رايتها في
جملة اجزاءاحضرت من بغداد الى حلب للبيع‏بخطه، وكان خطا
متوسطا صحيح الوضع فيه تلتبس نقط ثابتة لاتكاد تتغير
(كذا)، وشعره جيد مشهورمصنوع لا مطبوع ((2419)).
ووصفه ياقوت‏الحموي بانه نحوي لغوي اديب من افاضل
العصر، قال: وكان كاتبا بليغا مليح الخط، غزيرالفضل، متواضعا
مليح الصورة، طيب الاخلاق ((2420)).
وكان من شعراء الديوان العباسي، ومدح الخليفة الناصر لدين
اللّه بقصائد كثيرة كان يوردها في المواسم‏والهناءات ((2421))،
فعرف واشتهر ورتب كاتبا في ديوان التركات الحشرية وناظرا
فيه، وهي تركات‏من يتوفى وتحشر الى بيت المال لعدم الوارث
المستحق بحسب مذهب الشافعي، وكان ببغداد رجل
تاجريعرف بابن العنيبري، وكان صديقا له، فلما حضرته الوفاة
ساله الحضور اليه، فلما حضر قال له: انا طيب‏النفس بموتي في
زمان ولايتك ليكون جاهك على اطفالي وعيالي. فوعده بهم
جميلا، فلما مات حضر الى‏تركته وباشرها فراى فيها الف دينار
عينا فاخذها وحملها الى الامام الناصر، واصحبها مطالعة منه
يقول‏فيها: مات ابن العنيبري ورث اللّه الشريعة اعمار الخلائق
وقد حمل المملوك من المال الحلال الصالح‏للمخزن الف
دينار وهو في عهدة تبقيها دنيا وآخرة.
قال‏القفط‏ي: كان‏ظالم‏النفس، عسوفافيما يتولا ه،
قال‏لبعض‏العاقلين: خف عذابي فانه اليم شديد. فقال له‏الرجل:
فاذا انت اللّه لا اله الا هو، فخجل ولم يمنعه ذلك، ولم يردعه
عما اراده من ظلمه. قال: وكان يظن‏بنفسه الكثير حتى لا يرى
احدا مثله ((2422)).
ثم توصل مجد الدين الى ان يكون كاتبا في المخزن وهو
كوزارة المالية في عصرنا وكانت توقيعات‏التعيينات مسندة
كتابتها اليه، ثم ترقى حتى صار صدرا في المخزن، اي صاحب
المخزن كوزير المالية في‏عصرنا وكان ذلك في ليلة عاشر
ذي القعدة سنة (605) مضافا الى ولاية دجيل، وطريق خراسان
اي‏لواء ديالى والخالص والخزانة والعقار وغير ذلك من
اعمال الحضرة ببغداد ((2423)).