ولما كان كاتبا عدلا في المخزن كان له من الجراية اي
الجامكية خمسة دنانير في الشهر، فلما ولي‏الصدرية قرر له
عشرة دنانير، وقد ذكر القفط‏ي حكاية وقعت للمترجم ايام
توليه صدرية المخزن، الا ان‏سقم الخط الذي كتبت به احالها،
قال: ساله بعض التجار والغرباء العناية بشخص في ايصال حقه
اليه من‏المخزن فوعده ومطله، فقال التاجر الشافع وكان يدل
عليه : فدفعت اليه في كل يوم بدانق. قال له:وكيف؟ قال:
لانك كنت عدلا اقرب منه حالا اليوم. واشار الى انه لما زيد
رزقه ورفعت مرتبته تجبر دصر آكذا زيادة، وهي سدس درهم
في كل يوم وهو الدانق حتى اخجله اللّه وصرف عن ذلك
وسجن‏مدة ((2424))، وكان عزله عن تلك الولايات كلها يوم
السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الاول‏سنة (611)،
ثم‏اطلق من السجن وجعل وكيلا كاتبا بباب دار الامير عدة
الدين ابي نصر محمد بن الناصرلدين اللّه، ومات وهو على ذلك
في منتصف شعبان من سنة (616)، وكان كهلا، ودفن في
مقابر قريش اي‏ارض المشهد الكاظمي ((2425)).
وكان له من الاولاد ابن اسمه صفي الدين عبداللّه، كان مقدم
شعراء الديوان في ايام المستعصم باللّه، وتوفي‏سنة (669)
. ((2426))
وكان له اخ يلقب بقطب الدين، فقد ذكر ابن واصل الحموي
المؤرخ المشهور: ان جده تاج الدين نصراللّهبن سالم بن واصل
صاحب القاضي ضياء الدين القاسم بن الشهرزوري، انحدر من
الموصل الى بغداد مع‏القاضي المذكور في ثامن عشر شعبان
سنة(595)ولما وصلا الى بغداد امرالخليفة‏الناصر لدين‏اللّه
بانزالهم في‏درب‏الخبازين ((2427)) من سوق‏الثلاثاء، ثم انزل
تاج‏الدين في دار صاحب المخزن، قال والد المؤرخ‏المذكور:
وكان بين والدي يعني تاج الدين والصاحب شمس الدولة
محمد بن جميل الفزاري مودة نسجتهاالصداقة بين والدي
واخيه قطب الدين في سفرات عديدة الى دمشق المحروسة،
فلما طال المزار واقمنا بدارالخلافة، على وجه الايثار، صار
الخبر عيانا واصبح‏المعارف خلا نا، فبقي شمس‏الدولة ووالدي
(ره) يتزاوران‏ليلاطرحا للكلفة ((2428)).

ادب مجد الدين بن جميل
لاريب في ان ضياع ادب الاديب من امارات ضياع ترجمته او
استبهامها، وقد غبرنا دهرا نبحث عن ترجمة‏هذا الاديب الكبير
فلم نعثر الا على ما ذكرنا من الاخبار والسيرة المختصرة، فاين
مجموع نثره وديوان‏شعره والمقامات التي انشاها؟ انها في
ضمير الغيب، ولم يصل الي منها الا ما انا ناشره بعد هذا.
كتب مجد الدين محمد بن جميل الى جده ابن واصل المذكور:
ان اخذ الخادم في شكر الانعام الزيني ((2429)) قصير عن
غايته وقصر دون نهايته، وان تعرض‏لوصف تلك الخلال
الشريفة، والاخلاق اللطيفة، والالفاظ المستعذبة المالوفة
مكنونا من عيه، ولكنه نشرما لعله كان مطويا من حصره، وفيها
هنة لكنه يقول على ثقة من مسامحته:
قصدت ربعي فتعالى به
قدري فدتك النفس من قاصد
فما راى العالم من قبلها
بحرا مشى قط الى وارد
فلله هو من بحر خضم، عذب ماؤه، وسرى نسيما هواؤه، فامن
سالكوه من خطره، وراوا عجائبه وفازوابدرره، وان كنت في هذا
المقام كالمنافس على قول ابن قلاقس ((2430)):
قبل بنان يمينه
وقل السلام عليك بحرا
وغلطت في تشبيهه
بالبحر اللهم غفرا
واللّه تعالى يسبغ الظل الظليل، ويبقي ذلك المجد الاثيل،
ويستخدم الدهر لخدمه ومحبيه، ويمتعهم ببلوغ‏الامال منه
وفيه بمنه وكرمه ((2431)).
هذه هي الرسالة الاخوانية الوحيدة التي عثرت عليها لمجد
الدين بن جميل، وله توقيع كتبه في سنة (604)ايام كان كاتبا
في المخزن، في تولية ضياء الدين احمد بن مسعود التركستاني
الحنفي التدريس بمدرسة الامام‏ابي حنيفة المجاورة لقبره
يومذاك، قال فيه:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمد للّه المعروف بفنون المعروف
والكرم، الموصوف بصنوف الاحسان والنعم،المتفرد بالعظمة
والكبرياء والبقاء والقدم، الذي اختص الدار العزيزة شيد اللّه
بناها، واشاد مجدها وعلاها بالمحل الاعظم والشرف الاقدم،
وجمع لها شرف البيت العتيق ذي الحرم، الى شرف بيت هاشم
الذي‏هشم، جاعل هذه الايام الزاهرة الناضرة، والدولة القاهرة
الناصرة، عقدا فى جيد مناقبها، وحليا يجول على‏ترائبها، ادامها
اللّه تعالى ما انحدر لثام الصباح، وبرح خفاء براح.
احمده حمد معترف بتقصيره عن واجب حمده، مغترف من
بحر عجزه مع بذل وسعه وجهده، واشهد ان لااله الا اللّه وحده
لا شريك له، وهو الغني عن شهادة عبده، واشهد ان محمدا
عبده ورسوله الذي صدع‏بامره، وجاء بالحق من عنده، صلى اللّه
عليه صلاة تتعدى الى ادنى ولده وابعد جده، حتى يصل عقبها
الى‏اقصى قصيه ونزاره ومعده.
وبعد، فلما كان الاجل السيد الاوحد العالم ضياءالدين، شمس
الاسلام، رضي الدولة، عز الشريعة، علم‏الهدى، رئيس الفريقين،
تاج الملك، فخر العلماء، احمد بن مسعود التركستاني ادام اللّه
علوه ممن اعرق في‏الدين منسبه، وتحلى بعلوم الشريعة ادبه،
واستوى في الصحة مغيبه ومشهده، وشهد له بالامانة لسانه
ويده،وكشف الاختبار منه عفة وسدادا، وابت مقاصده الا اناة
واقتصادا، راى الاحسان اليه والتعويل عليه في‏التدريس بمشهد
ابي حنيفة رحمة اللّه عليه ومدرسته، واسند اليه النظر في
وقف ذلك اجمع لاستقبال‏حادي عشري ذي القعدة سنة اربع
وستمائة الهلالية وما بعدها وبعدها، وامر بتقوى اللّه جلت
آلاؤه‏وتقدست اسماؤه التي هي ازكى قربات الاولياء، وانمى
خدمات النصحاء، وابهى ما استشعره ارباب‏الولايات، وادل الادلة
على سبل الصالحات، وفاعلها بثبوت القدم خليق، وبالتقديم
جدير، قال اللّه تعالى:(ان اكرمكم عند اللّه اتقاكم ان اللّه عليم
خبير) ((2432)).
وان يذكر الدرس على اكمل شرائط واجمل ضوابط، مواظبا
على ذلك، سالكا فيه اوضح المسالك،مقدماعليه تلاوة القرآن
المجيد على عادة الختمات في البكر والغدوات، متبعا ذلك
بتمجيد آلاء اللّه وتعظيمها،والصلاة على نبيه صلى اللّه عليه
صلاة يضوع ارج نسيمها، شافعا ذلك بالثناء على الخلفاء
الراشدين‏والائمة المهديين صلوات اللّه عليهم اجمعين
والاعلان بالدعاء للمواقف الشريفة المقدسة النبوية
الامامية‏الطاهرة الزكية المعظمة المكرمة الممجدة الناصرة
لدين اللّه تعالى، لا زالت منصورة الكتب والكتائب،منشورة
المناقب، مسعودة الكواكب والمواكب، مسودة الاهب، مبيضة
المواهب، ما خطب الى جموع‏الاكابر، وعلى فروع المنابر،
خطيب وخاطب، وان يذكر من الاصول فصلا يكون من سهام
الشبه جنة،ولنصر اليقين مظنة، متبعا من المذهب ومفرداته
ونكته ومشكلاته ما ينتفع به المتوسط والمبتدي،
ويتبينه‏ويستضي‏ء به المنتهي، وليذكر من المسائل الخلافية ما
يكون داعيا الى وفاق المعاني والعبارات، هاديالشوارد الافكار
الى موارد المنافسات، ناظما عقود التحقيق في سلوك
المحاققات ((2433))، مصوبااسنة البديهة الى ثغر الاناة،
معتصما في جميع امره بخشية اللّه وطاعته، مستشعرا ذلك في
علنه وسريرته.
والمفروض له عن هذه الخدمة في كل شهر للاستقبال المقدم
ذكره من حاصل الوقف المذكور لسنة تسع‏وتسعين الخراجية،
وما يجري مجراها من هلالية وما بعدها، اسوة بما كان لعبد
اللطيف ابن الكيال، من‏الحنطة كيل البيع ثلاثون قفيزا، ومن
العين الامامية عشرة دنانير، يتناول ذلك شهرا فشهرا، مع
الوجوب‏والاستحقاق للاستقبال المقدم ذكره من حاصل الوقف
المعين للسنة المبينة الخراجية وما بعدها، بموجب مااستؤمر
فيه من المخزن المعمور اجله اللّه تعالى واذن: فليجر على
عادته المذكورة وقاعدته، ولتكن صلاته‏وجماعته في جامع
القصر الشريف ((2434)) في الضفة التي لاصحاب ابي حنيفة
رحمة اللّه عليه آوليصرف حاصل الوقوف المذكورة في سبلها
بمقتضى شرط الواقف المذكور في كتاب الوقفية، من غيرزيادة
فيها ولا عدول عنها ولا حذف شي‏ء منها، عالما انه مسؤول في
غده عن يومه وامسه، وان افعال‏المرء صحيفة له في رمسه.
وليبذل جهده في عمارة الوقوف المذكورة واستنمائها،
واستثمار حاصلها وارتفاعها، مستخيرا من يستخدمه‏فيها من
الاجلاد الامناء ذوي العفة والغناء، متطلعا الى حركاتهم
وسكناتهم، مؤاخذا لهم على ما لعله يتصل‏به من فرطاتهم،
لتكون الاحوال متسقة النظام، والمال محروسا من الانثلام،
وليبتدئ بعمارة المشهدوالمدرسة المذكورين، واصلاح فرشها
ومصابيحها، واخذ القوام على الخدمة بها، والزام المتفقهة
بملازمة‏الدروس وتكرارها، واتقان المحفوظات واحكامها،
وليثبت بخزانة الكتب من المجلدات وغيرها،معارضاذلك
بفهرسته متطلبا ما عساه قد شذ منها، وليامر خازنها بعد
استصلاحه بمراعاتها ونفضهافي‏كل‏وقت ومرمة شعثها، وان لا
يخرج منها الا الى ذي امانة، مستظهرا بالرهن عن ذلك،
وليتلق هذه‏الموهبة بشكر يرتبطها ويدبر اخلافها، واجتهاد
يضبطها ويؤمن اخلافها، وليعمل بالمحدود له في هذا
المثال‏من غير توقف فيه بحال ان شاء اللّه تعالى. وكتب لسبع
بقين من ذي القعدة من سنة اربع وستمائة، وحسبنااللّه ونعم
الوكيل وصلى اللّه على نبينا محمد وآله الطاهرين الاكرمين
وسلم ((2435)).

(58) الشواء الكوفي الحلبي
ولد (562) تقريبا
توفي (653)
ضمنت لمن يخاف من العقاب
اذا والى الوصي ابا تراب
يرى في حشره ربا غفورا
ومولى شافعا يوم الحساب
فتى فاق الورى كرما وباسا
عزيز الجار مخضر الجناب
يرى في السلم منه غيث جود
وفي يوم الكريهة ليث غاب
اذا ما سل صارمه لحرب
اراك البرق في متن السحاب
وصي المصطفى وابو بنيه
وزوج الطهر من بين الصحاب
اخو النص الجلي بيوم خم
وذو الفضل المرتل في الكتاب ((2436))

الشاعر
ابو المحاسن يوسف بن اسماعيل بن علي بن احمد بن الحسين
بن ابراهيم، المعروف بالشواء، الملقب بشهاب‏الدين الكوفي
الحلبي مولدا ومنشا ووفاة.
هو من بواقع الشعر والادب، ولقد اتته الفضيلة من هنا وهناك،
فراي مسدد، وهوى محبوب، ونزعة‏شريفة، وقريض رائق، وادب
فائق، وقواف ذهبية، وعروض متقن، فاي اخي فضل يتسنم
ذروة مجده؟وتلك نزعته وهذه صنعته. ترجمه زميله ابن
خلكان في تاريخه ((2437)) (2/597)، وله ذكره الجميل‏في
شذرات الذهب ((2438))(5/178)، وتاريخ حلب ((2439))
(4/397)، وتتميم امل الامل‏للسيد ابن شبانة، ونسمة السحر
فيمن تشيع وشعر ((2440))، والكنى والالقاب
((2441))(1/146)، والطليعة في‏شعراء الشيعة، ونحن نذكر ما
في تاريخ ابن خلكان ((2442))ملخصا قال:
كان اديبا فاضلا، متقنا لعلم العروض والقوافي، شاعرا يقع له في
النظم معان بديعة في البيتين والثلاثة، وله‏ديوان شعر كبير
يدخل في اربع مجلدات، وكان زيه زي الحلبيين الاوائل في
اللباس والعمامة المشقوقة، وكان‏كثير الملازمة لحلقة الشيخ
تاج الدين ابي القاسم احمد بن هبة اللّه بن سعد بن سعيد بن
المقلد، المعروف بابن‏الجبراني النحوي اللغوي، واكثر ما اخذ
الادب منه وبصحبته انتفع، كان بيني وبين الشهاب الشواء
مودة‏اكيدة ومؤانسة كثيرة، ولنا اجتماعات في مجالس نتذاكر
فيها الادب، وانشدني كثيرا من شعره، وما زال‏صاحبي منذ
اواخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة الى‏حين وفاته، وقبل ذلك
كنت اراه قاعدا عند ابن الجبراني‏المذكور في موضع تصدره
في جامع حلب، وكان يكثر التمشي في الجامع ايضا على جري
عادتهم في ذلك كمايعملون في جامع دمشق، وكان حسن
المحاورة، مليح الايراد مع السكون والتاني، واول شي‏ءانشدني
من‏شعره قوله:
هاتيك يا صاح ربا لعلع
ناشدتك اللّه فعرج معي
وانزل بنا بين بيوت النقا
فقد غدت آهلة المربع
حتى نطيل اليوم وقفا على ال
ساكن او عطفا على الموضع
وكان كثيرا ما يستعمل العربية في شعره، فمن ذلك قوله:
وكنا خمس عشرة في التم
على رغم الحسود بغير آفه
فقد اصبحت تنوينا واضحى
حبيبي لا تفارقه الاضافه
وله في غلام ارسل احد صدغيه وعقد الاخر:
ارسل صدغا ولوى قاتلي
صدغا فاعيا بهما واصفه
فخلت ذا في خده حية
تسعى وهذا عقربا واقفه
ذا الف ليست لوصل وذا
واو ولكن ليست العاطفه
وله في شخص لا يكتم السر:
لي صديق غدا وان كان لا ين
طق الا بغيبة او محال
اشبه الناس بالصدى ان تحدث
ه حديثا اعاده في الحال ((2443))
وله قوله:
قالوا حبيبك قد تضوع نشره
حتى غدا منه الفضاء معطرا
فاجبتهم والخال يعلو خده
او ما ترون النار تحرق عنبرا
وله قوله:
هواك يا من له اختيال
مالي على مثله احتيال
قسمة افعاله لحيني
ثلاثة ما لها انتقال
وعدك مستقبل وصبري
ماض وشوقي اليك حال
وله ايضا:
ان كان قد حجبوه عني غيرة
منهم عليه فقد قنعت بذكره
كالمسك ضاع لنا وضاع مكانه
عنا فاغنى نشره عن نشره
وله ايضا في غلام قد ختن:
هنات من اهواه عند ختانه
فرحا وقلبي قد عراه وجوم
يفديك من الم الم بك امرؤ
يخشى عليك اذا ثناك نسيم
امعذبي كيف استطعت على الاذى
جلدا واجزع ما يكون الريم
لو لم تكن هذي الطهارة سنة
قد سنها من قبل ابراهيم
لفتكت جهدي بالمزين اذ غدا
في كفه موسى وانت كليم
ومعظم شعره على هذا الاسلوب، وكان من المغالين في
التشيع، واكثر اهل حلب ما كانوا يعرفونه الا بمحاسن الشواء،
والصواب فيه هو الذي ذكرته هاهنا وان اسمه يوسف وكنيته ابو
المحاسن، ورايت ترجمته‏في كتاب عقود الجمان الذي وضعه
صاحبنا الكمال بن الشعار الموصلي، وكان صاحبه واخذ عنه
كثيرا من‏شعره، وهو من اخبر الناس بحاله، كان مولده تقريبا
في سنة اثنتين وستين وخمسمائة، فانه كان لا يتحقق‏مولده،
وتوفي يوم الجمعة تاسع عشر المحرم سنة خمس وثلاثين
وستمائة بحلب، ودفن ظاهرها بمقبرة باب‏انطاكية غربي البلد،
ولم احضر الصلاة عليه لعذر عرض لي في ذلك الوقت رحمه
اللّه تعالى فلقد كان نعم‏الصاحب.
واما شيخه ابن الجبراني المذكور فهو طائي بحتري من قرية
جبرين ((2444)) من اعمال عزاز، وكان‏متضلعا من علم الادب
خصوصا اللغة فانها كانت غالبة عليه، وكان متبحرا فيها، وكان
له تصدر في جامع‏حلب في المقصورة الشرقية المشرفة
على‏صحن الجامع، وكان مولده يوم الاربعاء الثاني والعشرين
من‏شوال سنة احدى وستين وخمسمائة، وتوفي يوم الاثنين
سابع رجب من سنة ثمان وعشرين وستمائة بحلب،ودفن في
سفح جبل جوشن رحمه اللّه تعالى. انتهى.
قال الاميني: في معجم البلدان ((2445)) (3/172) نقلا عن
عبداللّه بن محمد بن سعيد ابن سنان‏الخفاجي في ديوانه عند
ابيات له في جوشن، قال: جوشن جبل في غربي حلب ومنه
كان يحمل النحاس‏الاحمر وهو معدنه، ويقال: انه بطل منذ عبر
عليه سبي الحسين بن علي (رضى‏ا...عنه) ونساؤه،
وكانت‏زوجة الحسين حاملافاسقطت هناك فطلبت من الصناع
في ذلك الجبل خبزا او ماء فشتموها ومنعوها،فدعت عليهم،
فمن الان من عمل فيه لا يربح، وفي قبلي الجبل مشهد يعرف
بمشهد السقط، ويسمى مشهدالدكة، والسقط يسمى محسن
بن الحسين (رضى‏ا...عنه). انتهى.

(59) كمال الدين الشافعي
المتوفى (652)
اصخ واستمع آيات وحي تنزلت
بمدح امام بالهدى خصه اللّه
ففي آل عمران المباهلة التي
بانزالها اولاه بعض مزاياه
واحزاب حاميم وتحريم هل اتى
شهود بها اثنى عليه فزكاه
واحسانه لما تصدق راكعا
بخاتمه يكفيه في نيل حسناه
وفي آية النجوى التي لم يفز بها
سواه سنا رشد به تم معناه
وازلفه حتى تبوا منزلا
من الشرف الاعلى وآتاه تقواه
واكنفه لطفا به من رسوله
بوارق اشفاق عليه فرباه
وارضعه اخلاف اخلاقه التي
هداه بها نهج الهدى فتوخاه
وانكحه الطهر البتول وزاده
بانك مني يا علي وآخاه
وشرفه يوم الغدير فخصه
بانك مولى كل من كنت مولاه
ولو لم يكن الا قضية خيبر
كفت شرفا في ماثرات سجاياه ((2446))

الشاعر
ابو سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن
القرشي العدوي النصيبيني الشافعي المفتي الرحال،احد
الصدور والرؤساء المعظمين، كان اماما في الفقه الشافعي، بارعا
في الحديث والاصول والخلاف، مقدمافي القضاء والخطابة،
متضلعا في الادب والكتابة، موصوفا بالزهد.
سمع الحديث بنيسابور عن ابي الحسن المؤيد بن علي
الطوسي، وزينب الشعرية ((2447))، وحدث‏بحلب ودمشق
وبلاد كثيرة، وروى عنه الحافظ الدمياط‏ي ((2448))، ومجد
الدين بن‏العديم ((2449))، وفقيه الحرمين الكنجي ((2450))
في كفاية الطالب ((2451))، قال في‏الكتاب (ص‏108): فمن
ذلك ما اخبرنا شيخنا حجة الاسلام شافعي الزمان ابو سالم
محمد بن طلحة،القاضي بمدينة حلب.
اقام بدمشق في المدرسة الامينية، وترسل عن الملوك وساد
وتقدم، وفي سنة (648) كتب الملك الناصر،المتوفى (655)
صاحب دمشق تقليده بالوزارة فاعتذر وتنصل فلم يقبل منه،
فتولاها بدمشق يومين كما في‏طبقات السبكي ((2452))
(5/26)، وتركها وانسل خفية وترك الاموال والموجود وخرج
عما يملك من‏ملبوس ومملوك وغيره، ولبس ثوبا قطنيا وذهب
فلم يعرف موضعه، وقد نسب الى الاشتغال بعلم
الحروف‏والاوفاق، وانه يستخرج اشياء من المغيبات، وقيل: انه
رجع، ويؤيد ذلك قوله في المنجم:
اذا حكم المنجم في القضايا
بحكم حازم فاردد عليه
فليس بعالم ما اللّه قاض
فقلدني ولا تركن اليه
وقال فيه:
لا تركنن الى مقال منجم
وكل الامور الى الاله وسلم
واعلم بانك ان جعلت لكوكب
تدبير حادثة فلست بمسلم
وتولى في ابتداء امره القضاء بنصيبين، ثم قضاء مدينة حلب، ثم
ولي خطابة دمشق، ثم لما زهد حج، فلمارجع اقام بدمشق
قليلا، ثم سار الى حلب فتوفي بها.

تليفه
1 العقد الفريد للملك السعيد، الفه لنجم الدين غازي بن ارتق
من ملوك ماردين، طبع بمصر.
2 الدر المنظم في اسم اللّه الاعظم، توجد منه نسخة في
مكتبة حسين باشا بستانة رقمها (346)، وذكرشطرا منه الشيخ
سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ((2453))
(ص‏403 471).
3 مفتاح الفلاح في اعتقاد اهل الصلاح.
4 كتاب دائرة الحروف.
5 مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، طبع غير مرة، قال
معاصره الاربلي في كشف‏الغمة ((2454)) (ص‏17): مطالب
السؤول في مناقب آل الرسول تصنيف الشيخ العالم كمال
الدين محمدبن طلحة، وكان شيخامشهورا وفاضلا مذكورا
اظنه مات سنة اربع وخمسين وستمائة، وحاله في
ترفعه‏وزهده وتركه وزارة الشام، وانقطاعه ورفضه الدنيا حال
معلومة قرب العهد بها، وفي انقطاعه عمل هذاالكتاب وكتاب
الدائرة، وكان شافعي المذهب من اعيانهم ورؤسائهم. انتهى.
وينقل عنه السيد هبة الدين ابو محمد الحسن الموسوي،
مصرحا بنسبة الكتاب اليه في كتابه المجموع الرائق‏الذي الفه
سنة (703).
ونسبه اليه ابن الصباغ المالكي، المتوفى (855) وينقل عنه
كثيرا في الفصول المهمة ((2455))، وتوجدمنه نسخة
مخطوطة مورخة بسنة (896) منقولة عن نسخة بخط المؤلف
سنة (650) في نحو (25) كراسة في‏مكتبة المدرسة الاحمدية
بحلب.
وينقل عنه السيد الشبلنجي في نور الابصار في مناقب آل
النبي المختار ((2456)).
ولد المترجم سنة (582) كما في طبقات السبكي ((2457))،
وتوفي بحلب في (17) رجب سنة (652) كمافي الكتابين:
الطبقات والشذرات، وفي الوافي بالوفيات للصفدي ((2458))
والتاريخ له، والبداية‏والنهاية لا بن كثير ((2459))، ومرآة
الجنان لليافعي ((2460))، والاعلام للزركلي((2461))،
وغيرها، وقد سمعت ظن الاربلي بانه توفي سنة (654).
توجد جملة من شعره في اهل البيت(ع) في كتابه مطالب
السؤول ((2462))، منها قوله ختم به‏الكتاب:
رويدك ان احببت نيل المطالب
فلا تعد عن ترتيل آي المناقب
مناقب آل المصطفى المهتدى بهم
الى نعم التقوى ورغبى الرغائب
مناقب آل المصطفى قدوة الورى
بهم يبتغي مطلوبه كل طالب
مناقب تجلى سافرات وجوهها
ويجلو سناها مدلهم الغياهب
عليك بها سرا وجهرا فانها
تحلك عند اللّه اعلى المراتب
وخذ عند ما يتلو لسانك آيها
بدعوة قلب حاضر غير غائب
لمن قام في تاليفها واعتنى بها
ليقضي من مفروضها كل واجب
عسى دعوة يزكو بها حسناته
فيحظ‏ى من الحسنى باسنى المواهب
فمن سال اللّه الكريم اجابه
وجاوره الاقبال من كل جانب
ومنها قوله في (ص‏8):
هم العروة الوثقى لمعتصم بها
مناقبهم جاءت بوحي وانزال
مناقب في الشورى وسورة هل اتى
وفي سورة الاحزاب يعرفها التالي
وهم اهل بيت المصطفى فودادهم
على الناس مفروض بحكم واسجال
فضائلهم تعلو طريقة متنها
رواة علوا فيها بشد وترحال
اشار بهذ الابيات الى عدة من فضائل العترة الطاهرة مما نزل به
القرآن الكريم في سورة الشورى وهل اتى‏والاحزاب، اما الشورى
ففيها قوله تعالى: (قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة‏في القربى
وم ن يقترف حسنة‏نزد له فيها حسنا) ((2463))، وقد اسلفنا
في الجزء الثاني (ص‏306 310)، والجزء الثالث (ص‏171)ما ورد
في الاية الكريمة من انها نزلت في العترة الطاهرة صلوات اللّه
عليهم.
واما هل اتى ففيها قوله النازل فيهم: (يوفون بالنذر ويخافون
يوما كان شره مستطيرا # ويطعمون‏الطعام ع‏لى حبه مسكينا
ويتيما واسيرا) ((2464))، وقد بسطنا القول في انها نزلت
فيهم صلوات اللّه عليهم آفي الجزء الثالث (ص‏107 111).
واما الاحزاب ففيها قوله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما
عاهدوا اللّه عليه فمنهم من قضى نحبه‏ومنه‏م من ينتظر وما
بدلوا تبديلا) ((2465))، وقوله تعالى: (انما يريد اللّه ليذهب
عنكم الرجس اهل‏البيت‏ويطهركم تطهيرا ) ((2466))، وقد مر
في الجزء الثاني (ص‏51) نزول الاية الاولى في علي
اميرالمؤمنين وعمه حمزة وابن عمه عبيدة. وقد تسالمت الامة
الاسلامية على نزول آية التطهير في صاحب‏الرسالة الخاتمة،
ووصيه الطاهر وابنيهما الامامين، وامهما الصديقة الكبرى،
واخرج الحفاظ وائمة الحديث فيهااحاديث صحيحة متواترة في
الصحاح والمسانيد، لعلنا نوقف القارئ عليها في بقية اجزاء
كتابنا، وما توفيقي‏الا باللّه.
ومن شعره في العترة الطاهرة قوله:
يارب بالخمسة اهل العبا
ذوي الهدى والعمل الصالح
ومن هم سفن نجاة ومن
واليهم ذو متجر رابح
ومن لهم مقعد صدق اذا
قام الورى في الموقف الفاضح
لا تخزني واغفر ذنوبي عسى
اسلم من حر لظ‏ى اللافح
فانني ارجو بحبي لهم
تجاوزا عن ذنبي الفادح
فهم لمن والاهم جنة
تنجيه من طائره البارح
وقد توسلت بهم راجيا
نجح سؤال المذنب الطالح
لعله يحظ‏ى بتوفيقه
فيهتدي بالمنهج الواضح
ومن شعره في قتلة الامام السبط (ع) قوله:
الا ايها العادون ان امامكم
مقام سؤال والرسول سؤول
وموقف حكم والخصوم محمد
وفاطمة الزهراء وهي ثكول
وان عليا في الخصام مؤيد
له الحق فيما يدعي ويقول
فماذا تردون الجواب عليهم
وليس الى ترك الجواب سبيل
وقد سؤتموهم في بنيهم بقتلهم
ووزر الذي احدثتموه ثقيل
ولا يرتجى في ذلك اليوم شافع
سوى خصمكم والشرح فيه يطول
ومن كان في الحشر الرسول خصيمه
فان له نار الجحيم مقيل
وكان عليكم واجبا في اعتمادكم
رعايتهم ان تحسنوا وتنيلوا
فانهم آل النبي واهله
ونهج هداهم بالنجاة كفيل
مناقبهم بين الورى مستنيرة
لها غرر مجلوة وحجول
مناقب جلت ان تحاط بحصرها
فمنها فروع قد زكت واصول
مناقب من خلق النبي وخلقه
ظهرن فما يغتالهن افول

(60) ابو محمد المنصور باللّه
ولد (596)
توفي (670)
الحمد للمهيمن الجبار
مكور الليل على النهار
ومنشئ الغمام والامطار
على جميع النعم الغزار
ثم صلاة اللّه خصت احمدا
ابا البتول واخاه السيدا
وفاطما وابنيهما سم العدى
وآلهم سفن النجاة والهدى
يا سائلي عمن له الامامه
بعد رسول اللّه والزعامه
ومن اقام بعده مقامه
ومن له الامر الى القيامه
خذ نفثاتي عن فؤاد منصدع
يكاد من بث وحزن ينقطع
لحادث بعد النبي متسع
شتت شمل المسلمين المجتمع
الامر من بعد النبي المرسل
من غير فصل لابن عمه علي
كان بنص الواحد الفرد العلي
وحكمه على العدو والولي
والامر فيه ظاهر مشهور
في الناس لاملغى ولا مستور
وكيف يخفى من صباح نور
لكن يزل الخطل المحسور
ويقول فيها:
وكان في البيت العتيق مولده
وامه اذ دخلت لا تقصده
وانما الهه مؤيده
فمن قلاه فالجحيم موعده
ثم ابوه كافل الرسول
ومؤمن باللّه والتنزيل
في قول اهل العلم والتحصيل
فهات في آبائهم كقيلي
وامه ربت اخاه احمدا
واتبعته اذ دعا الى الهدى
فكم دعاها امه عند الندا
وقام في جهازها ممجدا
البسها قميصه اكراما
ونام في حفيرها اعظاما
ومد للملائك القياما
حتى قضوا صلاتها تماما
وهو الذي كان اخا للمصطفى
بحكم رب العالمين وكفى
واقتسما نورهما المشرفا
فاعدد لهم كمثل هذا شرفا
وزوجه سيدة النساء
خامسة الخمسة في الكساء
انكحها الصديق في السماء
فهل لهم كهذه العلياء
اللّه في انكاحها هو الولي
وجبرئيل مستناب عن علي
والشهداء حاملو العرش العلي
فهل لهم كمثل ذا فاقصصه لي
حورية انسية سياحه
خلقها اللّه من التفاحه
واكرم الاصل بها لقاحه
فهل ترى انكاحهم انكاحه
وابناه منها سيدا الشباب
وابنا رسول اللّه عن صواب
مرتضعا السنة والكتاب
فهل لهم كهذه الاسباب
هما امامان بنص احمدا
اذ قال قاما هكذا او قعدا
وخص في نسلهما اهل الهدى
ائمة الحق الى يوم الندا
ثم اخوه جعفر الطيار
اخوانه الملائك الابرار
وعمه المرابط الصبار
حمزة سيف الملة البتار
وربنا شق اسمه من اسمه
فمن له سهم كمثل سهمه
وهو اختيار اللّه دون خصمه
وهو اذان ربنا في حكمه
بلغ عن رب السما براءه
واختير للتبليغ والقراءه
وكان للاسلام كالمراءه
فاجعل هديت خصمه وراءه
اختار ذو العرش عليا نفسه
جهرا وخلى جنه وانسه
فرفضوا اختياره لا لبسه
وبدلوه باختيار خمسه
وهو الولي ايهذا السامع
مؤتي الزكاة المرء وهو راكع
والشاهد التالي فاين الجامع
للقوم هل ثم دليل قاطع
وهو ولي الحل والابرام
والامر والنهي على الانام
بحكم ذي الجلال والاكرام
وما قضاه في اولي الارحام
وآية قاضية بالطاعه
للّه والرسول ذي الشفاعه
ثم اولي الامر من الجماعه
فهي له قد فاز من اطاعه
والمصطفى المنذر وهو الهادي
وهو له الفادي ونعم الفادي
في ليلة الغار من الاعادي
تحت ظلال القضب الحداد
يرمونه في الليل بالحجاره
لعلها تبدو لهم اماره
فاتخذ الصبر لها دثاره
والموت اذ ذاك يشب ناره
حتى بدا وجه الصباح طالعا
وقام فيهم ضيغما مسارعا
فانهزموا يمعر ((2467)) كل راجعا
فاستقبل الازواج والودائعا
فانزل الرحمن يشري نفسه
لما ابتغى رضاءه وقدسه
اما يزيل مثل هذا لبسه
وقد اراه جنه وانسه
ويقول فيها:
الم يقل فيه النبي المنتجب
قولا صريحا انت فارس العرب
وكم وكم جلا به اللّه الكرب
فاعجب ومهما عشت عاينت العجب
واسمع احاديث بلفظ الباب
في العلم والحكمة والصواب
ولا تلمني بعد في الاطناب
في حب مولاي ابي تراب
وقال ايضا فيه اقضاكم علي
ومثله اعلمكم عن النبي
ومثله عيبة علمي والملي
انى يكون هكذا غير الوصي
الم يكن فوق الرجال حجه
نيرة واضحة المحجة
وعلمهم في علمه كالمجه
فما تكون مجة في لجه
احاط بالتوراة والانجيل
وبالزبور يا ذوي التفضيل
علما وبالقرآن ذي التنزيل
في قوله المصدق المقبول
بل ايهم قال له الحق معه
وهو مع الحق الذي قد شرعه
هل جمع القوم الذي قد جمعه
من علمه بخ له ما اوسعه
وهل علمت مثله خطيبا
او ناثرا او ناظما غريبا
او باديا في العلم او مجيبا
او واعظا عن خشية منيبا
وهو يقول علم التنزيلا
مني وفيما نزلت نزولا
آياته اذ فصلت تفصيلا
يا حبذا سبيله سبيلا
وعلم المجمل والمفصلا
ومحكم الايات حيث نزلا
وما تشابه وكيف اولا
وناسخا منها ومنسوخا خلا
وهو الذي نامن منه الباطنا
فما يعد في الامور خائنا
وغيره لا نامن البواطنا
منه بحال فانظر التباينا
ويقول فيها:
وفيه اوحى ذو الجلال هل اتى
وزوجه اذ نذرا فاخبتا
فاطعما واوفيا ما اثبتا
يا حبذا هما وعودا اثبتا
وفيه جاءت آية الانفاق
في الليل والنهار عن اطلاق
سرا واعلانا من الخلا ق
حيث ابتغى تجارة في الباقي
وآية القنوت في السجود
في الليل والقيام للمعبود
في حذر العقاب والوقود
وفي رجاء ربه الحميد
وهو المناجي بعد دفع الصدقه
ثم غدت ابوابها مغلقه
فكانت التوبة عنهم ملحقه
فايهم كان على الحق ثقه
وحسبنا اللّه فتلك فيه
وآية الايمان والتنزيه
والفسق للوليد ذي التمويه
فاي ذم بعد ذا ياتيه
وآية الوقوف للسؤال
في المرتضى حقا ابي الاشبال
وهو لسان الصدق شيخ الال
كم فيه من آيات ذي الجلال
وقبل جاءت آية الايذاء
فيه بلا شك ولا امتراء
ولم يعاتب ابدا في الاي
لا بل له التشريف في البداء
وقبل جاءت آية السقايه
وآية الايمان والهدايه
فيه فاكرم ببداه آيه
ليس له في الفضل من نهايه
وآية واردة في الاذن
فانها في السيد المؤتمن
قولا اتى من صادق لم يمن
حكما من اللّه الحميد المحسن
وكم وكم من آية منزله
فيه من اللّه اتت مفصله
شاهدة على الورى بالفضل له
فليعل من قدمه وفضله
كية الود من الرحمن
وهكذا كرائم القرآن
فيه كما قد جاء في البيان
عن احمد عن ربه المنان
وآية التطهير في الجماعه
اهل الكساء المرتدين الطاعة
الامنين من خطوب الساعة
يا حبذا حبهم بضاعه
والامر بالصلاة فيهم نزلا
خير البريات الالى حازوا العلى
سفن النجاة الشهداء في الملا
بورك علما علمهم مفصلا
وقيل هم في الذكر اهل الذكر
نزل فيهم فاسالوا هل تدري
نعم اناسا اهل بيت الطهر
اهل المقامات واهل الفخر
وفيهم الدعاء للمباهله
حيث اتى الكفار للمجادله
اكرم بهم من دعوة مقابله
بالنصر لكن هربوا معاجله
هذا علي هاهنا نفس النبي
وولداه ابنا الرسول اليثربي
يا حبذا من شرف مستعجب
يضي‏ء في المجد ضياء الكوكب
ويقول فيها:
وقال فيه المصطفى انت الولي
ومثله انت الوزير والوصي
وكم وكم قال له انت اخي
فايهم قال له مثل علي
وهل سمعت بحديث مولى
يوم الغدير والصحيح اولى
الم يقل فيه الرسول قولا
لم يبق للمخالفين حولا
وهل سمعت بحديث المنزله
بجعل هارون النبي مثله
وثبت الطهر له ما كان له
من صنوه موسى فصار مدخله
من حيث لو لم يذكر النبوه
كانت له من بعده مرجوه
فاستثنيت ونال ذو الفتوه
عموم ما للمصطفى من قوه
الى ان قال:
ان الكتاب للوصي قد حكم
بانه الامام في خير الامم
فمن يكن مخالفا فقد ظلم
وقد اساء الفعل حقا واجترم
قال فلي دلائل في الاثار
تواترت وانتشرت في الاقطار
على امامة الرجال الاخيار
فاي قول بعد تلك الاخبار
فقلت ان كان حديث المنزله
فيها واخبار الغدير مدخله
فانها معلومة مفصله
او لا فدعها لعلي فهي له
لا تجعلن خبرا عن واحد
او قول كل كاذب معاند
مثل احاديث الامام الماجد
يوم الغدير في ذوي المشاهد
تلك التي تواترت في الخلق
وانتشرت اخبارها عن صدق
ونطقت في الناس اي نطق
ان عليا لا مام الحق
اخذناها من ارجوزه لشاعرنا المنصور في الامامة، وهي قيمة
جدا تشتمل على (708) ابيات.

الشاعر
ابو محمد المنصور باللّه الامام الحسن بن محمد بن احمد بن
يحيى بن يحيى بن يحيى الهادي الى الحق اليمني،احد ائمة
الزيدية في الديار اليمنية، واوحدي من اعلامها الفطاحل، له
في علم الحديث وفنونه اشواط بعيدة،وفي الادب وقرض الشعر
خطوات واسعة، وفي قوة العارضة جانب هام، وفي الحجاج
والمناظرة يد غيرقصيرة، يعرب عن هذه كلها كتابه الضخم
الفخم انوار اليقين في شرح ارجوزته الغراء المذكورة
في‏الامامة، وهي آية محكمة تدل على فضله الكثار وعلمه
المتدفق، كما انها برهنة واضحة عن تضلعه في‏الادب، وتقدمه
في صناعة القريض.
كان في ايام الامام المهدي احمد بن الحسين يعد من جلة
العلماء، وله فيه مدائح، ومن شعره فيه مهنئا له‏السلامة حينما
دس عليه الملك يوسف بن عمر ملك اليمن على ما يقال او
المستعصم العباسي ابو احمدعبداللّه المتوفى (656) رجلين
ووثبا عليه، فطعنه احدهما فجرحه وسلم، فاخذ الرجلان وقتلا
قوله:
راموك واللّه رام دون ما طلبوا
وكيف يفرق شمل انت جامعه
كم قبل ذلك من فتق منيت به
واللّه من حيث يخفى عنك دافعه
عوائد لك تجري في كفالته
لا يجبر اللّه عظما انت صادعه
ضاقت جوانبه وانسد مخرجه
وانت فيه رحيب الصدر واسعه
ردا اليه وتسليما لقدرته
فيما تحاوله او ما تدافعه
ومن شعره قوله:
لم ينج بالكهف سوى عصبة
فرت عن الدار واربابها
ولا نجا في يوم نوح سوى
سفينة اللّه واصحابها
الم يكن في المغرقين ابنه
فغاب عن زمرة ركابها
وهل نجا بالسلم الا الالى
رقوا الى السلم باسبابها
او ادرك الغفران من لم يلج
لداخل الحطة من بابها
اعيذكم باللّه ان تجمحوا
عن عترة الحق واحزابها
ولد الامام المترجم سنة (596)، وبويع له بالامامة بعد قتل
الامام احمد بن الحسين، وكانت دعوته سنة(657)، وتوفي في
مدينة رغافة من مدن صعدة في شهر محرم سنة (670)،
توجد ترجمته في نسمة السحرفيمن تشيع وشعر ((2468)).

(61) ابو الحسين الجزار
ولد (601)
توفي (672)
حكم العيون على القلوب يجوز
ودواؤها من دائهن عزيز
كم نظرة نالت بطرف فاتر
ما لم ينله الذابل المحزوز
فحذار من تلك اللواحظ غرة
فالسحر بين جفونها مركوز
ياليت شعري والاماني ضلة
والدهر يدرك طرفه ويحوز
هل لي الى روض تصرم عمره
سبب فيرجع ما مضى فافوز
وازور من الف البعاد وحبه
بين الجوانح والحشا مرزوز ((2469))
ظبي تناسب في الملاحة شخصه
فالوصف حين يطول فيه وجيز
والبدر والشمس المنيرة دونه
في الوصف حين يحرر التمييز
لولا تثني خصره في ردفه
ما خلت الا انه مغروز
تجفو غلالته عليه لطافة
فبحسنها من جسمه تطريز ((2470))
من لي بدهر كان لي بوصاله
سمحا ووعدي عنده منجوز
والعيش مخضر الجناب انيقه
ولاوجه اللذات فيه بروز
والروض في حلل النبات كانه
فرشت عليه دبائج وخزوز
والماء يبدو في الخليج كانه
ظل لسرعة سيره محفوز
والزهر يوهم ناظريه انما
ظهرت به فوق الرياض كنوز
فاقاحه ورق ومنثور الندى
در ونور بهاره ابريز
والغصن فيه تغازل وتمايل
وتشاغل وتراسل ورموز
وكانما القمري ينشد مصرعا
من كل بيت والحمام يجيز
وكانما الدولاب زمر كلما
غنت واصوات الدوالب شيز
وكانما الماء المصفق ضاحك
مستبشر مما اتى فيروز
يهنيك يا صهر النبي محمد
يوم به للطيبين هزيز
انت المقدم في الخلافة ما لها
عن نحو ما بك في الورى تبريز
صب‏الغدير على‏الالى‏جحدوا لظ‏ى
يوعى لها قبل القيام ازيز
ان يهمزوا في قول احمد انت مو
لى للورى فالهامز المهموز
لم يخش مولاك الجحيم فانها
عنه الى غير الولي تجوز
اترى تمر به وحبك دونه
عوذ ممانعة له وحروز
انت القسيم غدا فهذا يلتظ‏ي
فيها وهذا في الجنان يفوز
توجد هذه القصيدة في غير واحد من المجاميع الشعرية
المخطوطة العتيقة وهي طويلة، وترى ابياتها مبثوثة‏منثورة
في كتب الادب.

الشاعر
يحيى بن عبدالعظيم بن يحيى بن محمد بن علي جمال الدين
ابو الحسين الجزار المصري، احد شعراء الشيعة‏المنسيين، ولقد
شذت عن ذكره معاجم السلف بالرغم من اطراد شعره في كتب
الادب وفي المعاجم‏ايضااستطرادا متحليا بالجزالة والبراعة،
فان غفل عن تاريخه المترجمون فقد عقد هو لنفسه ترجمة
ضافية‏الذيول، خالدة مع الدهر، فلم يترك لمن يقف على شعره
ملتحدا عن الاعتراف له بالعبقرية والنبوغ،والاخبات اليه
بالتقدم في التورية والاستخدام.
قال ابن حجة في الخزانة ((2471)): تعاصر هو والسراج الوراق
والحمامي، وتطارحوا كثيراوساعدتهم صنائعهم والقابهم في
نظم التورية، حتى انه قيل للسراج الوراق: لولا لقبك
وصناعتك لذهب‏نصف شعرك. ودون مقامه ما يوجد من جميل
ذكره في الخزانة ((2472)) لابن حجة، وفوات الوفيات‏للكتبي
(2/319)، والبداية والنهاية لابن كثير (13/293)، وشذرات
الذهب (5/364)، ونسمة السحر لليمني،والطليعة في شعراء
الشيعة للعلا مة السماوي، وقد جمع له شيخنا السماوي من
شعره ديوانا يربو على الف‏ومائتين وخمسين بيتا، وكان له
ديوان وصف بالشهرة في معاجم السلف، وله ارجوزة في ذكر
من تولى مصرمن الملوك والخلفاء وعمالها ذكرها له صاحب
نسمة السحر، فقال: مفيدة، فكانها توجد في مكتبات
اليمن،وقد وقف عليها صاحب النسمة، ومن شعره قوله في رثاء
الامام السبط (ع) في تمام المتون‏للصفدي ((2473))
(ص‏156) وغيره:
ويعود عاشورا يذكرني
رزء الحسين فليت لم يعد
يوم سيبلى حين اذكره
ان لا يدور الصبر في خلدي
يا ليت عينا فيه قد كحلت
في مرود لم تنج من رمد
ويدا به لشماتة خضبت
مقطوعة من زندها بيدي
اما وقد قتل الحسين به
فابو الحسين احق بالكمد
وله في حريق الحرم النبوي قوله:
لاتعباوا ان يحترق في طيبة
حرم النبي بقول كل سفيه
للّه في النار التي وقعت به
سر عن العقلاء لا يخفيه
اذ ليس تبقي في فناه بقية
مما بنته بنو امية فيه
احترق المسجد الشريف النبوي ليلة الجمعة اول ليلة من شهر
رمضان سنة (654) بعد صلاة التراويح، على‏يد الفراش ابي بكر
المراغي بسقوط ذبالة من يده فاتت النار على جميع سقوفه،
ووقعت بعض السواري‏وذاب الرصاص وذلك قبل ان ينام
الناس، واحترق سقف الحجرة الشريفة ووقع بعضه فيها، وقال
فيه‏الشعراء شعرا، ولعل ابن تولو المغربي اجاب عن ابيات
المترجم المذكورة بقوله:
قل للروافض بالمدينة ما لكم
يقتادكم للذم كل سفيه
ما اصبح الحرم الشريف محرقا
الا لذمكم الصحابة فيه
كانت بين شاعرنا الجزار وبين السراج الوراق مداعبة، فحصل
للسراج رمد فاهدى الجزار له‏تفاحاوكمثرى، وكتب مع ذلك:
اكافيك عن بعض الذي قد فعلته
لان لمولانا علي حقوقا
بعثت خدودا مع نهود واعينا
ولا غرو ان يجزي الصديق صديقا
وان حال منك البعض عما عهدته
فما حال يوما عن ولاك وثوقا
بنفسج تلك العين صار شقائقا
ولؤلؤ ذاك الدمع عاد عقيقا
وكم عاشق يشكو انقطاعك عندما
قطعت على اللذات منه طريقا
فلا عدمتك العاشقون فطالما
اقمت لاوقات المسرة سوقا
وذكر له ابن حجة ((2474)) قوله موريا في صناعته:
الا قل للذي يسا
ل عن قومي وعن اهلي
لقد تسال عن قوم
كرام الفرع والاصل
ترجيهم بنو كلب
وتخشاهم بنو عجل
ومثله قوله:
اني لمن معشر سفك الدماء لهم
داب وسل عنهم ان رمت تصديقي
تضي‏ء بالدم اشراقا عراصهم
فكل ايامهم ايام تشريق
ومثله قوله:
اصبحت لحاما وفي البيت لا
اعرف ما رائحة اللحم
واعتضت من فقري ومن فاقتي
عن التذاد الطعم بالشم
جهلته فقرا فكنت الذي
اضله اللّه على علم
وظريف قوله:
كيف لا اشكر الجزارة ماعش
ت حفاظا وارفض الادابا
وبها صارت الكلاب ترجي
ني وبالشعر كنت ارجو الكلابا
ومثله قوله:
معشر ما جاءهم مسترفد
راح الا وهو منهم معسر
انا جزار وهم من بقر
ما راوني قط الا نفروا
كتب اليه الشيخ نصير الدين الحمامي موريا عن صنعته:
ومذ لزمت الحمام صرت بها
خلا يداري من لا يداريه
اعرف حر الاشيا وباردها
وآخذ الماء من مجاريه
فاجابه ابو الحسين الجزار بقوله:
حسن التانى مما يعين على
رزق الفتى والحظوظ تختلف
والعبد مذ صار في جزارته
يعرف من اين تؤكل الكتف
وله في التورية قوله:
انت طوقتني صنيعا واسمع
تك شكرا كلاهما ما يضيع
فاذا ما شجاك سجعي فاني
انا ذاك المطوق المسموع
ومن لطائفه ما كتب به الى بعض الرؤساء وقد منع من الدخول
الى بيته:
امولاي ما من طباعي الخروج
ولكن تعلمته من خمول
اتيت لبابك ارجو الغنى
فاخرجني الضرب عند الدخول
ومن مجونه في التورية قوله في زواج والده:
تزوج الشيخ ابي شيخة
ليس لها عقل ولا ذهن
لو برزت صورتها في الدجى
ما جسرت تبصرها الجن
كانها في فرشها رمة ((2475))
وشعرها من حولها قطن
وقائل لي قال ما سنها
فقلت ما في فمها سن
وله قوله في داره:
ودار خراب بها قد نزل
ت ولكن نزلت الى السابعه
طريق من الطرق مسلوكة
محجتها للورى شاسعه
فلا فرق ما بين انى اكون
بها او اكون على القارعه
تساررها هفوات النسيم
فتصغي بلا اذن سامعه
واخشى بها ان اقيم الصلاة
فتسجد حيطانها الراكعه
اذا ما قرات اذا زلزلت
خشيت بان تقرا الواقعه
وله في بعض ادباء مصر كان شيخا كبيرا ظهر عليه جرب
فالتطخ بالكبريت قوله ذكره له ابن خلكان‏في تاريخه
(1/67). ((2476))
ايها السيد الاديب دعاء
من محب خال من التنكيت
انت شيخ وقد قربت من النا
ر فكيف ادهنت بالكبريت
وله قوله:
من منصفي من معشر
كثروا علي واكثروا
صادقتهم وارى الخرو
ج من الصداقة يعسر
كالخط يسهل في الطرو
س ومحوه يتعذر
واذا اردت كشطته
لكن ذاك يؤثر
ومن قوله في الغزل:
بذاك الفتور وهذا الهيف
يهون على عاشقيك التلف
اطرت القلوب بهذا الجمال
واوقعتها في الاسى والاسف
تكلف بدر الدجى اذ حكى
محياك لو لم يشنه الكلف
وقام بعذري فيك العذار
واجرى دموعي لما وقف
وكم عاذل انكر الوجد فيك
علي فلما رآك اعترف
وقالوا به صلف زائد
فقلت رضيت بذاك الصلف
لئن ضاع عمري في من سواك
غراما فان عليك الخلف
فهاك يدي انني تائب
فقل لي عفا اللّه عما سلف
بجوهر ثغرك ماء الحياة
فماذا يضرك لو يرتشف
ولم ار من قبله جوهرا
من البهرمان ((2477)) عليه صدف
اكاتم وجدي حتى اراك
فيعرف بالحال لا من عرف
وهيهات يخفى غرامي عليك
بطرف همى وبقلب رجف
ومنه قوله:
حمت خدها والثغرعن حائم شج
له امل في مورد ومورد
وكم هام قلبي لارتشاف رضابها
فاعرف عن تفصيل نحو المبرد
ومن بديع غزله قوله:
وما بي سوى عين نظرت لحسنها
وذاك لجهلي بالعيون وغرتي
وقالوا به في الحب عين ونظرة
لقد صدقوا عين الحبيب ونظرتي
وله قوله يرثي حماره:
ماكل حين تنجح الاسفار
نفق ((2478)) الحمار وبادت الاشعار
خرجي على كتفي وها انا دائر
بين البيوت كانني عطار
ماذا علي جرى لاجل فراقه
وجرت دموع العين وهي غزار
لم انس حدة نفسه وكانه
من ان تسابقه الرياح يغار
وتخاله في القفر جنا طائرا
ما كل جن مثله طيار
واذا اتى للحوض لم يخلع له
في الماء من قبل الورود عذار
وتراه يحرس رجله من زلة
برشاشها يتنجس الحضار
ويلين في وقت المضيق فيلتوي
فكانما بيديك منه سوار
ويشير في وقت الزحام براسه
حتى يحيد امامه النظار
لم ادر عيبا فيه الا انه
مع ذا الذكاء يقال عنه حمار
ولقد تحامته الكلاب واحجمت
عنه وفيه كل ما تختار
راعت لصاحبه عهودا قد مضت
لما علمن بانه جزار
وقال في موت حمار صديق له:
مات حمار الاديب قلت لهم
مضى وقد فات منه ما فاتا
من مات في عزه استراح ومن
خلف مثل الاديب ما ماتا
وله قوله:
لا تعبني بصنعة القصاب
فهي اذكى من عنبر الاداب
كان فضلي على الكلاب فمذ صر
ت اديبا رجوت فضل الكلاب
كان كمال الدين عمر بن احمد بن العديم ((2479)) اذا قدم
مصر يلازمه ابو الحسين الجزار، فقال بعض‏اهل عصره حسدا
عليه:
يابن العديم عدمت كل فضيلة
وغدوت تحمل راية الادبار
ما ان رايت ولا سمعت بمثلها
نفس تلذ بصحبة الجزار
قال الصفدي في تمام المتون ((2480)) (ص‏181) بعد ذكره
قول هارون الرشيد: ان الكريم اذا خادعته‏انخدعا : ذكرت هنا
قضية جرت لابي الحسين الجزار، وهي انه توجه الجزار الى ابن
يعمور بالمحلة واقام‏عنده مدة، ثم انه اعطاه ورده وجاء ليودعه،
فاتفق ان حضر في ذلك الوقت وكيل ابن يعمور على
اقطاعه،فقال له: ما احضرت؟ قال كذا وكذا دراهم، فقال: اعطه
الخزندار. فقال: كذا وكذا غلة. فقال: احملها الى‏الشونة، قال:
كذا وكذا خروف. فقال: اعطها الجزار. فقام الجزار وقبل الارض
وقال: يا مولانا: كم وكم‏تتفضل، فتبسم ابن يعمور وانخدع
وقال: خذها.
وذكر له الصفدي في تمام المتون شرح رسالة ابن زيدون
(ص‏35) من ابيات له: ((2481))
وحقك ما لي من قدرة
على كشف ضري اذ مسني
فكم اخذتني عيون الظبا
ء وبعد الانابة من مامني
وفي (ص‏46) من تمام المتون ((2482)) قوله:
اطيل شكاياتي الى غير راحم
واهل الغنى لا يرحمون فقيرا
واشكر عيشي للورى خوف شامت
كذا كل نحس لا يزال شكورا
وله في تمام المتون ((2483)) (ص‏212) قوله:
لست انسى وقد وقفت فانشد
ت قصيدا تفوق نظم الجمان
كل بيت يزري على خلف الاح
مر بالحسن وهو شيخ ابن هاني
ببديع يحار في نظمه الطا
ئي بل مسلم صريع الغواني
ومديح ما نال جودته قد
ما زياد في خدمة النعمان
قمت وسط الايوان بين يدي مل
ك تسامى على انوشروان