وقال ((607)) في (ص‏494) بعد بيان مندوبية زيارة قبره
الشريف (ص) وذكر جملة‏من ادلتها: ليس المراداختصاص
طلب الزيارة بالحج، فانها مندوبة مطلقا كما مر بعد حج او
عمرة او قبلهما او لا مع نسك، بل‏المراد يعني‏من قول
المصنف بعد فراغ الحج تاكد الزيارة فيها لامرين احدهما: ان
الغالب على الحجيج‏الورود من آفاق بعيدة، فاذا قربوا من
المدينة يقبح تركهم الزيارة. والثاني: لحديث «من حج ولم
يزرني فقدجفاني‏».
رواه ابن عدي في الكامل ((608))، وغيره. وهذا يدل على انه
يتاكد للحاج اكثر من غيره، وحكم المعتمرحكم الحاج في تاكد
ذلك.
26 قال الشيخ زين الدين عبد الرؤوف المناوي المتوفى
(1031) في شرح الجامع الصغير (6/140): وزيارة‏قبره (ص)
الشريف من كمالات الحج، بل زيارته عند الصوفية فرض
وعندهم الهجرة الى قبره كهي اليه‏حيا. قال الحكيم: زيارة قبر
المصطفى (ص) هجرة المضطرين هاجروا اليه فوجدوه
مقبوضافانصرفوا،فحقيق ان لا يخيبهم، بل يوجب لهم شفاعة
تقيم حرمة زيارتهم.
وقال في شرح الحديث الاول المذكور (ص‏93): ان اثر الزيارة
اما الموت على الاسلام مطلقا لكل زائر، واماشفاعة تخص الزائر
اخص من العامة، وقوله: «شفاعتي‏» في الاضافة اليه تشريف لها،
اذ الملائكة وخواص‏البشر يشفعون، فللزائر نسبة خاصة، فيشفع
هو فيه بنفسه، والشفاعة تعظم بعظم الزائر.
27 جعل الشيخ حسن بن عمار الشرنبلالي في مراقي الفلاح
بامداد الفتاح ((609))، فصلا في زيارة النبي(ص) وقال: زيارة
النبي (ص) من افضل القربات واحسن المستحبات، تقرب من
درجة ما لزم من‏الواجبات، فانه (ص) حرض عليها وبالغ في
الندب اليها، فقال: «من وجد سعة فلم يزرني فقد جفاني‏».وقال
(ص): «من‏زار قبري وجبت له شفاعتي‏». وقال (ص): «من
زارني بعد مماتي فكانما زارني في حياتي‏»الى غير ذلك من
الاحاديث، ومما هو مقرر عند المحققين انه (ص) حي يرزق
ممتع بجميع الملاذ والعبادات،غير انه حجب عن ابصار
القاصرين عن شرف المقامات، وراينا اكثر الناس غافلين عن
اداء حق زيارته‏وما يسن للزائر من الجزئيات والكليات، احببنا ان
نذكر بعد المناسك وآدابها ما فيه نبذة من الاداب تتميمالفائدة
الكتاب. ثم‏ذكر شيئا كثيرا من آداب الزائر والزيارة كما ياتي.
28 وقال قاضي القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي
المصري المتوف ى(1069) في شرح‏الشفا ((610))(3/566):
واعلم ان هذا الحديث ((611)) هو الذي دعا ابن تيمية ومن
معه كابن القيم الى مقالته‏الشنيعة التي كفروه بها، وصنف فيها
السبكي مصنفا مستقلا ، وهي منعه من زيارة قبر النبي (ص)
وشدالرحال اليه، وهو كما قيل:
لمهبط الوحي حقا ترحل النجب
وعند ذاك المرجى ينتهي الطلب
فتوهم انه حمى جانب التوحيد بخرافات لا ينبغي ذكرها، فانها
لا تصدر عن عاقل فضلا عن فاضل سامحه‏اللّه تعالى.
واما قوله (ص): «لاتتخذوا قبري عيدا». فقيل: كره الاجتماع
عنده في يوم معين على هيئة مخصوصة. وقيل:المراد لا تزوره
في العام مرة فقط بل اكثروا الزيارة له ((612))، واما احتماله
للنهي عنها فهو بفرض انه المراد محمول على حالة
مخصوصة، اي لا تتخذوه كالعيد في العكوف عليه واظهار
الزينة عنده وغيره، مما يجتمع‏له في الاعياد، بل لا يؤتى الا
للزيارة والسلام والدعاء ثم ينصرف.
وقال ((613)) في صحيفة(577)في شرح حديث: «لا تجعلوا
قبري عيدا»: اي كالعيد باجتماع الناس، وقد تقدم‏تاويل
الحديث، وانه لا حجة فيه لما قاله ابن تيمية وغيره، فان اجماع
الامة على خلافه يقتضي تفسيره بغيرما فهموه، فانه نزعة
شيطانية.
29 قال‏الشيخ عبدالرحمن شيخ زاده المتوفى (1078) في
مجمع الانهر في شرح ملتقى الابحر (1/157): من‏احسن
المندوبات، بل يقرب من درجة الواجبات، زيارة قبر نبينا
وسيدنا محمد (ص)، وقد حرض (ع)على زيارته، وبالغ في
الندب اليها بمثل قوله (ع): «من زار قبري‏». فذكر ستة من
احاديث الباب، ثم قال: فان‏كان الحج فرضا فالاحسن ان يبدا به
اذا لم يقع فيه طريق الحاج المدينة المنورة ثم يثني بالزيارة،
فاذا نواهافلينو معها زيارة مسجد الرسول (ع). ثم ذكر جملة
كبيرة من آداب الزائر.
30 قال الشيخ محمد بن علي بن محمد الحصني المعروف
بعلاء الدين الحصكفي الحنفي، المفتي بدمشق‏المتوفى
(1088) في الدر المختار في شرح تنوير الابصار ((614)) في
آخر كتاب الحج : وزيارة قبره (ص)مندوبة بل قيل واجبة لمن
له سعة، ويبدا بالحج لو فرضا ويخير لو نفلا ما لم يمر به، فيبدا
بزيارته لا محالة،ولينومعه زيارة مسجده (ص).
31 قال ابو عبداللّه محمد بن عبدالباقي الزرقاني المالكي
المصري المتوفى (1122) في شرح المواهب(8/299): قد كانت
زيارته مشهورة في زمن كبار الصحابة معروفة بينهم، لما صالح
عمر بن الخطاب اهل‏بيت المقدس جاءه كعب الاحبار فاسلم،
ففرح به وقال: هل لك ان تسير معي الى المدينة وتزور
قبره(ص) وتتمتع بزيارته ؟ قال: نعم.
32 قال ابو الحسن السندي محمد بن عبدالهادي الحنفي
المتوفى (1138) في شرح سنن ابن ماجة (2/268):قال
الدميري: فائدة: زيارة النبي (ص) من افضل الطاعات واعظم
القربات، لقوله (ص): «من زار قبري‏وجبت له شفاعتي‏». رواه
الدارقطني ((615)) وغيره ((616))، وصححه عبدالحق.
ولقوله (ص): «من جاءني زائرا لا تحمله حاجة الا زيارتي كان
حقا علي ان اكون له شفيعا يوم القيامة‏».
رواه جماعة منهم الحافظ ابو علي بن‏السكن في‏كتابه المسمى
بالسنن الصحاح، فهذان امامان صححا هذين‏الحديثين،
وقولهما اولى من قول من طعن في ذلك.
33 قال الشيخ محمد بن علي الشوكاني المتوفى (1250) في
نيل الاوطار ((617)) (4/324): قد اختلفت فيها آفي زيارة
النبي اقوال اهل العلم، فذهب الجمهور الى‏انها مندوبة،
وذهب بعض المالكية وبعض الظاهرية‏الى انها واجبة، وقالت
الحنفية: انها قريبة من الواجبات، وذهب ابن تيمية الحنبلي
حفيد المصنف المعروف‏بشيخ الاسلام الى انها غير مشروعة.
ثم فصل الكلام في الاقوال، الى ان قال في آخر كلامه: واحتج
ايضا من قال بالمشروعية، بانه لم يزل داب‏المسلمين
القاصدين للحج في جميع الازمان، على تباين الديار واختلاف
المذاهب، الوصول الى المدينة‏المشرفة لقصد زيارته، ويعدون
ذلك من افضل الاعمال، ولم ينقل ان احدا انكر ذلك عليهم،
فكان اجماعا.
34 قال الشيخ محمد امين بن عابدين المتوفى (1253) في
رد المحتار على الدر المختار ((618)) عند العبارة‏المذكورة
(2/263): مندوبة باجماع المسلمين كما في اللباب الى‏ان
قال : وهل تستحب زيارة قبره (ص)للنساء ؟
الصحيح: نعم، بلا كراهة بشروطها على ما صرح به بعض
العلماء، اما على الاصح من مذهبنا وهو قول‏الكرخي وغيره
من ان الرخصة في زيارة القبور ثابتة للرجال والنساء جميعا فلا
اشكال، واما على غيره‏فذلك نقول بالاستحباب لاطلاق
الاصحاب، بل قيل: واجبة. ذكره في شرح اللباب، وقال: كما
بينته في‏الدرة المضية في الزيارة المصطفوية، وذكره ايضا
الخير الرملي في حاشية المنح عن ابن حجر وقال: وانتصرله.
نعم عبارة اللباب والفتح وشرح المختار انها قريبة من الوجوب
لمن له سعة الى ان قال :
قال ابن الهمام: والاولى فيما يقع عند العبد الضعيف، تجريد
النية لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام آثم‏يحصل له اذا قدم
زيارة المسجد، او يستمنح فضل اللّه تعالى في مر ة اخرى
ينويها، لان في ذلك زيادة‏تعظيمه (ص) واجلاله، ويوافقه
ظاهر ما ذكرناه من قوله (ص): «من جاءني زائرا لا تعمله حاجة
الا زيارتي كان حقا علي ان اكون شفيعا له يوم القيامة‏». انتهى.
ونقل الرحمتي عن العارف الملا جامي: انه افرز الزيارة عن
الحج حتى لا يكون له مقصد غيرها في سفره، ثم‏ذكر حديث: لا
تشد الرحال الا لثلاثة مساجد. فقال: والمعنى كما افاده في
الاحياء ((619)): انه لا تشدالرحال لمسجد من المساجد الا
لهذه الثلاثة، لما فيها من المضاعفة، بخلاف بقية المساجد،
فانها متساوية في‏ذلك، فلا يرد انه قد تشد الرحال لغير ذلك
كصلة رحم وتعلم علم، وزيارة المشاهد كقبر النبي(ص)
وقبرالخليل (ص) وسائر الائمة.
35 قال الشيخ محمد ابن السيد درويش الحوت البيروتي
المتوفى (1276) في تعليق حسن الاثر (ص‏246):زيارة النبي
(ص) مطلوبة، لانه واسطة الخلق، وزيارته بعد وفاته كالهجرة
اليه في حياته، ومن انكرها فان‏كان ذلك انكارا لها من اصلها
فخطؤه عظيم، وان كان لما يعرض من الجهلة مما لا ينبغي
فليبين ذلك.
36 قال الشيخ ابراهيم الباجوري الشافعي المتوفى (1277)
في حاشيته على‏شرح ابن الغزي على متن‏الشيخ ابي شجاع في
الفقه الشافعي (1/347):
ويسن زيارة قبره(ص)، ولو لغير حاج ومعتمر كالذي قبله،
ويسن لمن قصد المدينة الشريفة لزيارته(ص)،ان يكثر من
الصلاة والسلام عليه في طريقه، ويزيد في ذلك اذا راى حرم
المدينة واشجارها، ويسال اللّه ان‏ينفعه بهذه الزيارة ويتقبلها
منه.
ثم ذكر جملة كثيرة من آداب الزيارة والفاظها.
37 جعل الشيخ حسن العدوي الحمزاوي الشافعي المتوفى
(1303) خاتمة في‏كتابه كنز المطالب (ص‏179 آ239) لزيارة
النبي (ص) وفصل فيها القول، وذكر مطلوبيتها كتابا وسنة
واجماعا وقياسا، وبسط الكلام في‏شد الرحال الى ذلك القبر
الشريف، وذكر جملة من آداب الزائر ووظائف الزيارة، وقال في
(ص‏195) بعدنقل جملة من الاحاديث الواردة في ان النبي
(ص) يسمع سلام زائريه ويرد عليهم :
اذا علمت ذلك علمت ان رده (ص) سلام الزائر عليه بنفسه
الكريمة (ص) امر واقع لا شك فيه، وانماالخلاف في رده على
المسلم عليه من غير الزائرين، فهذه فضيلة اخرى عظيمة
ينالها الزائرون لقبره (ص)،فيجمع اللّه لهم بين سماع
رسول‏اللّه(ص) لاصواتهم من غير واسطة وبين رده عليهم
سلامهم بنفسه، فانى لمن‏سمع لهذين بل باحدهما ان يتاخر
عن زيارته (ص)؟ او يتوانى عن المبادرة الى المثول في
حضرته(ص)؟تاللّه ما يتاخر عن ذلك مع القدرة عليه الا من
حق عليه البعد من الخيرات، والطرد عن مواسم اعظم‏القربات،
اعاذنا اللّه تعالى من ذلك بمنه وكرمه آمين.
وعلم من تلك الاحاديث ايضا انه (ص) حي على الدوام، اذ من
المحال العادي ان يخلو الوجود كله عن‏واحد يسلم عليه في
ليل او نهار، فنحن نؤمن ونصدق بانه(ص) حي يرزق، وان
جسده الشريف لا تاكله‏الارض، وكذا سائر الانبياء عليهم الصلاة
والسلام، والاجماع على هذا.
38 قال السيد محمد بن عبداللّه الجرداني الدمياط‏ي
الشافعي المتوفى (1307) في مصباح الظلام ((620))(2/145):
قال بعضهم: ولزائر قبر النبي (ص) عشر كرامات:
احداهن: يعط‏ى ارفع المراتب، الثانية: يبلغ اسنى المطالب،
الثالثة: قضاء المرب، الرابعة: بذل المواهب،الخامسة: الامن من
المعاطب، السادسة: التطهير من المعائب، السابعة: تسهيل
المصائب، الثامنة: كفاية‏النوائب، التاسعة: حسن العواقب،
العاشرة: رحمة رب المشارق والمغارب. وما احسن ما قيل:
هنيئا لمن زار خير الورى
وحط عن النفس اوزارها
فان السعادة مضمونة
لمن حل طيبة او زارها
وبالجملة، فزيارة قبره (ص) من اعظم الطاعات وافضل
القربات، حتى ان بعضهم جرى على انها واجبة،فينبغي ان
يحرص عليها، وليحذر كل الحذر من التخلف عنها مع القدرة،
وخصوصا بعد حجة الاسلام، لان‏حقه (ص) على امته عظيم،
ولو ان احدهم يجي‏ء على راسه او على بصره من ابعد موضع
من الارض‏لزيارته (ص) لم يقم بالحق الذي عليه لنبيه، جزاه
اللّه عن المسلمين اتم‏الجزاء.
زر من تحب وان شط ت بك الدار
وحال من دونه ترب واحجار
لا يمنعنك بعد عن زيارته
ان المحب لمن يهواه زوار
ويسن لمن قصد المدينة الشريفة....
ثم فصل القول في آداب الزيارة، وذكر التسليم على الشيخين،
وزيارة السيدة فاطمة، واهل البقيع والمزارات‏المشهورة، وهي
نحو ثلاثين موضعا كما قال.
39 قال الشيخ عبدالباسط ابن الشيخ علي الفاخوري مفتي
بيروت في الكفاية لذوي العناية(ص‏125): الفصل الثاني عشر
في زيارة النبي (ص) وهي متاكدة مطلوبة ومستحبة محبوبة،
وتسن زيارته‏في المدينة كزيارته حيا، وهو في حجرته حي يرد
على من سلم عليه السلام، وهي من انجح
المساعي‏واهم‏القربات وافضل الاعمال وازكى العبادات، وقد
قال (ص): «من زار قبري وجبت له شفاعتي‏». ومعنى‏وجبت:
ثبتت بالوعد الصادق الذي لا بد من وقوعه وحصوله، وتحصل
الزيارة في اي وقت، وكونها بعدتمام الحج احب، ويجب على
من اراد الزيارة التوبة من كل شي‏ء يخالف طريقته وسننه (ص).
ثم ذكر شطرا وافرا من آداب الزيارة، والزيارة الاولى الاتية في
الاداب، فقال:
ومن عجز عن حفظ هذا فليقتصر على بعضه واقله. السلام
عليك يارسول اللّه. ثم ذكر زيارة الشيخين الى‏ان قال:
ويستحب التبرك بالاسطوانات التي لها فضل وشرف، وهي
ثمان: اسطوانة محل صلاته (ص)،واسطوانة عائشة رضي اللّه
عنها وتسمى اسطوانة القرعة، واسطوانة التوبة محل اعتكافه
(ص)،واسطوانة السرير، واسطوانة علي (رضى‏ا...عنه)،
واسطوانة الوفود، واسطوانة جبريل (ع)، واسطوانة‏التهجد.
40 قال الشيخ عبد المعط‏ي السقا في الارشادات السنية
(ص‏260):
زيارة النبي (ص): اذا اراد الحاج او المعتمر الانصراف من مكة
ادام اللّه تشريفها وتعظيمها طلب منه ان‏يتوجه الى المدينة
المنورة للفوز بزيارته عليه الصلاة والسلام فانها من اعظم
القربات وافضل الطاعات‏وانجح المساعي المشكورة، ولا يختص
طلب الزيارة بالحاج غير انها في حقه آكد، والاولى تقديم
الزيارة‏على الحج اذا اتسع الوقت فانه ربما يعوقه عنها عائق،
وقد ورد في فضل زيارته (ص) احاديث، منهاقوله (ص): «من
زار قبري وجبت له شفاعتي‏»، وينبغي الحرص عليها وعدم
التخلف عنها عند القدرة على‏ادائها خصوصا بعد حجة الاسلام،
لان حقه (ص) على امته عظيم، وينبغي لمريد الزيارة ان يكثر
من‏الصلاة والسلام عليه(ص) في طريق ذهابه اليها، واذا وصلها
استحب له ان يغتسل ثم يتوضا او يتيمم آعند فقد الماء ثم
ذكر جملة من آداب الزيارة ولفظا مختصرا من زيارة
النبي(ص) والشيخين.
41 قال الشيخ محمد زاهد الكوثري في تكملة السيف الصقيل
(ص‏156):
والاحاديث في زيارته (ص) في الغاية من الكثرة، وقد جمع
طرقها الحافظ صلاح الدين العلائي في جزء كماسبق، وعلى
العمل بموجبها استمرت الامة، الى ان شذ ابن تيمية عن
جماعة المسلمين في ذلك. قال‏علي‏القاري في شرح الشفا
((621)): وقد فرط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرم السفر
لزيارة النبي (ص) كماافرط غيره، حيث قال: كون الزيارة قربة
معلوم من الدين بالضرورة، وجاحده محكوم عليه
بالكفر،ولعل‏الثاني اقرب الى الصواب، لان تحريم ما اجمع
العلماء فيه بالاستحباب يكون كفرا، لان ه فوق تحريم‏المباح
المتفق عليه.
فسعيه في منع الناس من زيارته (ص)، يدل على ضغينة كامنة
فيه نحو الرسول(ص)، وكيف يتصورالاشراك بسبب الزيارة
والتوسل في المسلمين الذين يعتقدون في حقه (ع) انه عبده
ورسوله، وينطقون في‏صلاتهم نحو عشرين مرة في كل يوم
على اقل‏تقدير ادامة لذكرى ذلك ؟
ولم يزل اهل العلم ينهون العوام عن البدع في كل شؤونهم،
ويرشدونهم الى السنة في الزيارة وغيرها اذاصدرت منهم بدعة
في شي‏ء، ولم يعدهم في يوم من الايام مشركين بسبب الزيارة
او التوسل، كيف وقدانقذهم اللّه من الشرك وادخل في قلوبهم
الايمان، واول من رماهم بالاشراك بتلك الوسيلة هو ابن
تيمية‏وجرى خلفه من اراد استباحة اموال المسلمين ودمائهم
لحاجة في النفس، ولم يخف ابن تيمية من اللّه في‏رواية عد
السفر لزيارة النبي (ص) سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة، عن
الامام ابن الوفاء بن عقيل الحنبلي‏ وحاشاه عن ذلك ، راجع
كتاب التذكرة له تجد فيه مبلغ عنايته بزيارة المصطفى (ص)
والتوسل به كما هومذهب الحنابلة.
ثم ذكر كلامه وفيه القول باستحباب قدوم المدينة وزيارة
النبي (ص)، وكيفية زيارته، وزيارة الشيخين،وكيفية زيارتهما،
واتيان مسجد قبا والصلاة فيه، واتيان قبور الشهداء وزيارتهم،
واكثار الدعاء في تلك‏المشاهد. ثم قال: وانت رايت نص عبارته
في المسالة على خلاف ما يعزو اليه ابن تيمية.
42 قال فقهاء المذاهب الاربعة المصريون في الفقه على
المذاهب الاربعة ((622)) (1/590): زيارة قبرالنبي(ص) افضل
المندوبات، وقد ورد فيها احاديث.
ثم ذكروا ستة من الاحاديث وجملة من ادب الزائر، وزيارة
للنبي (ص) واخرى للشيخين.
(وهدوا الى الطيب من القول وهدوا الى صراط الحميد)
. ((623))

فروع ثلاثة على رجحان زيارة النبي (ص)
هذه الفروع تعطينا درس التسالم من ائمة المذاهب على
رجحان زيارة النبي(ص) واستحبابها، ومحبوبية‏شدالرحال
اليها من ارجاء الدنيا، الا وهي:
1 اختلفت الاراء من فقهاء المذاهب الاربعة في تقديم اي من
الحج والزيارة على الاخر، فقال تقي الدين‏السبكي في شفاء
السقام ((624)):
اختلف السلف 4 في ان الافضل البداءة بالمدينة قبل مكة، او
بمكة قبل‏المدينة، وممن نص على هذه‏المسالة وذكر الخلاف
فيها الامام احمد في كتاب المناسك الكبير من تاليفه، وهذه
المناسك رواها الحافظ ابوالفضل باسناده ((625))، عن عبداللّه
بن احمد، عن ابيه، وفي هذه المناسك سئل عمن يبدا بالمدينة
قبل مكة،فذكر باسناده عن عبدالرحمن بن يزيد وعطاء
ومجاهد انهم قالوا: اذا اردت مكة فلا تبدا بالمدينة وابدابمكة،
واذا قضيت حجك فامرر بالمدينة ان شئت.
وذكر باسناده عن الاسود قال: احب ان يكون نفقتي وجهازي
وسفري ان ابدا بمكة، وعن ابراهيم النخعي:اذا اردت مكة
فاجعل كل شي‏ء لها تبعا، وعن مجاهد: اذا اردت الحج او العمرة
فابدا بمكة واجعل كل شي‏ءلها تبعا، وعن ابراهيم، قال: اذا
حججت فابدا بمكة ثم مر بالمدينة بعد.
وذكر الامام احمد ايضا باسناده عن عدي بن ثابت: ان نفرا من
اصحاب رسول اللّه (ص) كانوا يبدؤون‏بالمدينة اذا حجوا،
يقولون: نهل من حيث احرم رسول‏اللّه (ص). وذكر ابن ابي
شيبة في فضيلة هذا الامرايضا، وذكر باسناده عن علقمة
والاسود وعمرو بن ميمون: انهم بداوا بالمدينة قبل مكة. الى
ان قال:
وممن نص على هذه المسالة من الائمة ابو حنيفة رحمه اللّه
وقال: الاحسن ان يبدا بمكة.
وقال الشيخ علي القاري في شرح المشكاة ((626)) (3/284):
الانسب ان تكون الزيارة بعد الحج كما هومقتضى القواعد
الشرعية من تقديم الفرض على السنة ((627))، وقد روى
الحسن، عن ابي حنيفة تفصيلاحسنا، وهو انه ان كان الحج
فرضا، فالاحسن للحاج ان يبدا بالحج ثم يثنى بالزيارة، وان بدا
بالزيارة جاز،وان كان الحج نفلا، فهو بالخيار، فيبدا بايهما شاء.
انتهى.
ثم قال: والاظهر ان الابتداء بالحج اولى لاطلاق الحديث
((628))، ولتقديم حق اللّهعلى حقه (ص)، ولذا تقدم‏تحية
المسجد النبوي على زيارة المشهد المصطفوي.
2 من المتسالم عليه بين فرق المسلمين سلفا وخلفا جواز
استنابة النائب واستئجار الاجير لزيارة‏النبي(ص) لمن عاقه
عنها عذر، وقد استفاض عن عمر بن عبدالعزيز انه كان يبرد
اليه (ص) البريد من‏الشام ليقرا السلام على النبي (ص) ثم
يرجع. وفي لفظ: كان يبعث بالرسول قاصدا من الشام الى
المدينة.
ذكره البيهقي في شعب الايمان ((629))، وابو بكر احمد بن
عمرو النيلي المتوفى(287) في مناسكه، والقاضي‏عياض في
((630))، والحافظ ابن الجوزي في مثير الغرام الساكن، الشفاء
وتقي الدين السبكي في شفاءالسقام ((631)) (ص‏41)، وغيرهم.
وقال يزيد بن ابي سعيد مولى المهري: قدمت على عمر بن
عبدالعزيز، فلما ودعته قال: لي اليك حاجة اذااتيت المدينة
سترى قبر النبي (ص)، فاقراه منى السلام. الشفا للقاضي،
والشفاء للسبكي ((632)) (ص‏41).
وقال ابو الليث السمرقندي الحنفي في الفتاوى في باب الحج:
قال ابو القاسم: لما اردت الخروج الى مكة قال‏القاسم بن غسان:
ان لي اليك حاجة، اذا اتيت قبر النبي (ص) فاقراه منى السلام.
فلما وضعت رجلي في‏مسجد المدينة ذكرت. شفاء السقام
(ص‏41). ((633))
قال عبد الحق بن محمد الصقلي المالكي المتوفى (466) في
تهذيب الطالب: رايت في بعض المسائل التي سئل‏عنها الشيخ
ابو محمد بن ابي زيد، قيل له في رجل استؤجر بمال ليحج به
وشرطوا عليه الزيارة، فلم يستطع‏تلك السنة ان يزور لعذر
منعه من تلك ؟ قال: يرد من الاجرة بقدر مسافة الزيارة.
قال عبد الحق: وقال غيره من شيوخنا: عليه ان يرجع نائبه
حتى يزور، ثم قال: ان استؤجر للحج لسنة‏بعينها فهاهنا يسقط
من الاجرة ما يخص الزيارة، وان استؤجر على حجة مضمونة في
ذمته فهاهنا يرجع‏ويزور، وقد اتفق النقلان.
وقالت الشافعية: ان الاستئجار والجعالة ان وقعا على الدعاء عند
قبر النبي(ص) او على ابلاغ السلام، فلاشك في جواز الاجارة
والجعالة كما كان عمر ابن عبدالعزيز يفعل وان كانا على
الزيارة لا يصح لانهاعمل غير مضبوط. شفاءالسقام ((634))
(ص‏50).
وقال ابو عبداللّه عبيداللّه بن محمد العكبري الحنبلي، الشهير
بابن بطة المتوفى(387) في كتاب الابانة: بحسبك‏دلالة
على‏اجماع‏المسلمين واتفاقهم على دفن ابي بكر وعمر مع
النبي (ص) ان كل عالم من علماء المسلمين‏وفقيه من
فقهائهم الف كتابا في المناسك، ففصله فصولا وجعله ابوابا،
يذكر في كل باب فقهه ولكل فصل‏علمه وما يحتاج الحاج الى
علمه الى ان قال : حتى يذكر زيارة قبر النبي (ص) فيصف
ذلك فيقول: ثم‏تاتي القبر فتستقبله وتجعل القبلة وراء ظهرك
الى ان قال : وبعد ادركنا الناس ورايناهم وبلغنا عمن لم‏نره
ان الرجل اذا اراد الحج فسلم عليه اهله وصحابته، قالوا له: وتقرا
على النبي (ص)، وابي بكر وعمر مناالسلام، فلا ينكر ذلك احد
ولا يخالفه. شفاء السقام ((635)) (45).
قال الاميني: وذكر ابو منصور الكرماني الحنفي، والغزالي في
((636))، والفاخوري في الكفاية،والشرنبلالي في مراقي الاحياء
الفلاح ((637))، والسبكي ((638))، والسمهودي ((639))،
والقسطلاني ((640))، والحمزاوي‏العدوي ((641)) وغيرهم،
ان النائب يقول: السلام عليك يا رسول اللّه من فلان بن فلان،
يستشفع بك الى‏ربك بالرحمة والمغفرة فاشفع له.
3 قال العبدري المالكي في شرح رسالة ابن ابي زيد: واما
النذر للمشي الى المسجد الحرام او المشي الى‏مكة، فله اصل
في الشرع وهو الحج والعمرة، والى المدينة لزيارة قبر النبي
(ص) افضل من الكعبة ومن بيت‏المقدس، وليس عندهم حج
ولا عمرة، فاذا نذر المشي الى هذه الثلاثة لزمه، فالكعبة متفق
عليها، واختلف‏اصحابنا وغيرهم في المسجدين الاخرين.
قال ابن الحاج في المدخل (1/256) بعد نقل هذه العبارة: وهذا
الذي قاله مسلم صحيح لا يرتاب فيه الا مشرك او معاند للّه
ولرسوله (ص).
وقال تقي الدين السبكي في شفاء السقام ((642)) (ص‏53) بعد
ذكر كلام العبدري المذكور: قلت: الخلاف‏الذي اشار اليه في
نذر اتيان المسجدين لا في الزيارة، وقال (ص‏71) بعد كلام
طويل حول نذر العبادات‏وجعلها اقساما : اذا عرفت هذا، فزيارة
قبر النبي (ص) قربة لحث الشرع عليها وترغيبه فيها، وقد
قدمناان فيها جهتين: جهة عموم وجهة خصوص، فاما من جهة
الخصوص، وكون الادلة الخاصة‏وردت فيهابعينها، فيظهر
القطع بلزومها بالنذر الحاقا لها بالعبادات المقصودة التي لا
يؤتى بها الا على وجه العبادة:كالصلاة والصدقة والصوم
والاعتكاف، ولهذا المعنى‏واللّه اعلم قال القاضي ابن كج(ره):
اذا نذر ان يزور قبرالنبي(ص) فعندي انه يلزمه الوفاء وجها
واحدا، الى ان قال : واذا نظرنا الى زيارة قبر النبي (ص)
من‏جهة العموم خاصة واجتماع المعاني التي يقصد بالزيارة
فيه، فيظهر ان يقال: انه يلزم بالنذر قولا واحدا،ويحتمل على
بعد ان يقال: انه كما لو نذر زيارة القادمين وافشاء السلام
فيجري في لزومها بالنذر ذلك‏الخلاف، مع كونها قربة في
نفسها قبل النذر وبعده، وقد بان لك بهذا انها تلزم بالنذر.
وقبل هذه كلها تنبئك عما نرتئيه الاداب المسنونة الاتية
للزائر، فانها تتفرع على استحباب الزيارة ومندوبية‏شد الرحال
الى روضة النبي الاقدس (ص).

ادب الزائر عند الجمهور
((643)): نذكر نص ما وقفنا عليه في المصادر
1 اخلاص النية وخلوص الطوية، فانما الاعمال بالنيات،
فينوي التقرب الى اللّه تعالى بزيارة رسول اللّه(ص)، ويستحب
ان ينوي مع ذلك التقرب بالمسافرة الى‏مسجده (ص) وشد
الرحال اليه والصلاة فيه. قاله‏ابن الصلاح والنووي ((644)) من
الشافعية، ونقله شيخ الحنفية الكمال بن الهمام عن مشايخهم.
2 ان يكون دائم الاشواق الى زيارة الحبيب الشفيع.
3 ان يقول اذا خرج من بيته: باسم اللّه وتوكلت على اللّه ولا
حول ولا قوة الا باللّه، اللهم‏اليك‏خرجت‏وانت‏اخرجتني، اللهم
سلمني‏وسلم منى ور دني‏سالما في ديني كما اخرجتني، اللهم
انى اعوذ بك ان‏اضل او اضل، او اذل او اذل، او اظلم او اظلم، او
اجهل‏او يجهل‏علي، عز جارك، وجل ثناؤك،وتبارك‏اسمك، ولا
اله غيرك.
4 الاكثار في المسير من الصلاة والتسليم على النبي (ص)،
بل يستغرق اوقات فراغه في ذلك وغيره من‏القربات.
5 يتتبع ما في طريقه من المساجد والاثار المنسوبة الى النبي
(ص)، فيحييها بالزيارة ويتبرك بالصلاة‏فيها.6 اذا دنا من حرم
المدينة وشاهد اعلامها ورباها وآكامها، فليستحضر وظائف
الخضوع والخشوع‏مستبشرا بالهنا وبلوغ المنى، وان كان على
دابة حركها تباشرا بالمدينة، ولا باس بالترجل والمشي عندرؤية
ذلك المحل الشريف كما يفعله بعضهم، لان وفد عبدالقيس
لما راوا النبي (ص) نزلوا عن الرواحل ولم‏ينكر عليهم،
وتعظيمه بعد الوفاة كتعظيمه في الحياة. وقال ابو سليمان
داود المالكي في الانتصار: ان ذلك‏يتاكد فعله لمن امكنه من
الرجال، وانه يستحب تواضعا للّه تعالى واجلالالنبيه(ص).
وحكى القاضي عياض في الشفا ((645)): ان ابا الفضل
الجوهري ((646)) لما ورد المدينة زائرا وقرب من‏بيوتها ترجل
باكيا منشدا:
ولما راينا رسم من لم يدع لنا
فؤادا لعرفان الرسوم ولا لبا
نزلنا عن الاكوار نمشي كرامة
لمن بان عنه ان نلم به ركبا
وقد ضمنها القاضي عياض في قصيدة نبوية له يقول بعدهما:
وتهنا باكناف الخيام تواجدا
نقبلها طورا ونرشفها حبا
ونبدي سرورا والفؤاد بحبها
تقطع والاكباد اورى بها لهبا
اقدم رجلا بعد رجل مهابة
واسحب خدي في مواطنها سحبا
واسكب دمعي في مناهل حبها
وارسل حبا في اماكنها النجبا
وادعو دعاء البائس الواله الذي
براه الهوى حتى بدا شخصه شجبا
7 اذا بلغ حرم المدينة الشريفة، فليقل بعد الصلاة والتسليم:
اللهم هذا حرم رسول اللّه (ص) الذي حرمته‏على لسانه، ودعاك
ان تجعل فيه من الخير والبركة مثلي ما في حرم البيت الحرام،
فحرمني على النار، وآمني‏من عذابك يوم تبعث عبادك،
وارزقني من بركاته ما رزقته اولياءك واهل طاعتك، ووفقني
لحسن الادب‏وفعل الخيرات وترك المنكرات. ثم تشتغل
بالصلاة والتسليم.
وقال الغزالي في الاحياء ((647)) (1/246): اذا وقع بصره على
حيطان المدينة واشجارها قال: اللهم هذا حرم‏رسولك، فاجعله
لي وقاية من النار، وامانا من العذاب وسوء الحساب.
وفي مراقي الفلاح للفقيه الشرنبلالي ((648)): فاذا عاين
حيطان المدينة المنورة يصلى على النبي (ص) ثم‏يقول: اللهم
هذا حرم نبيك ومهبط وحيك، فامنن علي بالدخول فيه،
واجعله وقاية لي من النار وامانا من‏العذاب، واجعلني من
الفائزين بشفاعة المصطفى يوم المب.
8 ان كانت طريقه على ذي الحليفة فلا يجاوز المعرس حتى
ينيخ به، وهو مستحب، كماقاله ابو بكر الخفاف‏في‏كتاب الاقسام
والخصال، والنووي وغيرهما.
9 الغسل لدخول المدينة المنورة من بئر الحرة او غيرها،
والتطيب ولبس الزائر احسن ثيابه.
وقال‏الكرماني من‏الحنفية: فان لم يغتسل خارج المدينة،
فليغتسل بعد دخولها.
قال ابن حجر: ويسن له، كمالا في الادب، ان يلبس انظف ثيابه،
والاكمل الابيض، اذ هو اليق بالتواضع‏المطلوب متطيبا، وقد
يقع لبعض الجهلة عند الرؤية للمدينة نزولهم عن رواحلهم مع
ثياب المهنة والتجردعن الملبوس فينبغي زجره، نعم، النزول
عن الرواحل عند رؤية المدينة من كمال الادب، لكن بعد
التطيب‏ولبس النظيف.
وقال الفقيه الشرنبلالي في مراقي الفلاح ((649)): ويغتسل
قبل الدخول او بعده قبل التوجه للزيارة ان امكنه،ويتطيب
ويلبس احسن ثيابه تعظيما للقدوم على النبي(ص)، ثم يدخل
المدينة ماشيا ان امكنه بلا ضرورة.
10 ان يقول عند دخوله من باب البلد: بسم اللّه ماشاء اللّه لا
قوة الا باللّه، رب ادخلني مدخل صدق،واخرجني مخرج صدق،
واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا، حسبي اللّه آمنت باللّه
توكلت على اللّه لا حول‏ولا قوة الا باللّه، اللهم انى اسالك بحق
السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا اليك، فانى لم اخرج بطرا
ولا اشراولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء
مرضاتك، اسالك ان تنقذني من النار، وان تغفر لي‏ذنوبي، انه لا
يغفر الذنوب الا انت.
وقال شيخ زاده في مجمع الانهر ((650)) (1/157): اذا دخل
المدينة قال: (رب ادخلني مدخل صدق) ((651))الاية. اللهم
افتح لي ابواب فضلك ورحمتك، فارزقني زيارة قبر رسولك
المجتبى عليه الصلاة والسلام مارزقت اولياءك واهل طاعتك،
واغفر لي وارحمني يا خير مسؤول.
11 لزوم الخشوع والخضوع لما شاهد القبة مستحضرا
عظمتها، يمثل في نفسه مواقع اقدام رسول اللّه، فلايضع قدمه
عليه الا مع الهيبة والسكينة والوقار.
12 عدم الاخلال بشي‏ء مما امكنه من الامر بالمعروف والنهي
عن المنكر،والغضب عند انتهاك حرمة من‏حرمه، او تضييع
شي‏ء من حقوقه (ص).
13 اذا شاهد المسجد والحرم الشريف فليزدد خضوعا وخشوعا
يليق بهذا المقام، ويقتضيه هذا المحل‏الذي‏ترتعد دونه الاقدام،
ويجتهد في ان يوفي للمقام حقه من التعظيم والقيام.
14 الافضل ان يدخل الزائر الى الحضرة الشريفة من باب
جبرئيل، وجرت عادة القادمين من ناحية‏باب السلام بالدخول.
15 يقف بالباب لحظة لطيفة كما يقف المستاذن في الدخول
على العظماء، قاله الفاكهي في‏حسن الادب(ص‏56)، والشيخ
عبدالمعط‏ي السقا في الارشادات السنية (ص‏261).
16 اذا اراد الدخول فليفرغ قلبه وليصف ضميره، ويقدم رجله
اليمنى‏ويقول: اعوذ باللّه العظيم وبوجهه‏الكريم وبنوره القديم
من الشيطان الرجيم، بسم اللّه والحمد للّه ولا حول ولا قوة الا
باللّه، ماشاء اللّه لا قوة‏الا باللّه، اللهم صل على سيدنا محمد
عبدك ورسولك وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، اللهم
اغفر لي‏ذنوبي، وافتح لي ابواب رحمتك، رب وفقني وسددني
واصلحني واعنى على ما يرضيك عنى، ومن علي‏بحسن‏الادب
في هذه الحضرة الشريفة، السلام عليك ايها النبي ورحمة اللّه
تعالى وبركاته، السلام علينا وعلى عباداللّه الصالحين.
ولا يترك ذلك كلما دخل المسجد او خرج منه، الا انه يقول
عند خروجه: وافتح لي ابواب فضلك. بدل‏قوله: ابواب رحمتك.
وقال القاضي عياض ((652)): قال ابن حبيب: يقول اذا دخل
مسجد الرسول: بسم اللّه وسلام على رسول‏اللّه، السلام علينا
من ربنا، وصلى اللّه وملائكته على محمد، اللهم اغفر لي ذنوبي،
وافتح لي ابواب رحمتك‏وجنتك، واحفظني من الشيطان
الرجيم.
17 قال القاضي في‏الشفاء ((653)): ثم اقصد الى‏الروضة
وهي ما بين‏القبر والمنبر واركع فيهما ركعتين قبل‏وقوفك
بالقبر، تحمد اللّه تعالى فيهما وتساله تمام ما خرجت اليه
والعون عليه، وان كانت ركعتاك في غيرالروضة اجزاتاك، وفي
الروضة افضل.
وقال القسطلاني في المواهب ((654)): يستحب ان يصلى
ركعتين قبل الزيارة، قيل: وهذا ما لم يكن مروره من‏جهة
وجهه الشريف والا استحب الزيارة اولا . قال في تحقيق النصرة
((655)): وهو استدراك حسن، ورخص‏بعضهم تقديم الزيارة
مطلقا. وقال‏ابن الحاج: كل ذلك واسع.
وقال الشرنبلالي في مراقي الفلاح ((656)): فتسجد شكرا للّه
تعالى باداء ركعتين غير تحية المسجد، شكرا لماوفقك اللّه
تعالى ومن عليك بالوصول اليه.
وقال الحمزاوي في كنز المطالب (ص‏211): يبدا بتحية
المسجد ركعتين خفيفتين ب: (قل يا ايها الكافرون) و(قل هو اللّه
احد)، وان يكون بمصلا ه (ص) فان لم يتيسر له، فما قرب منه
مما يلي المنبر من جهة الروضة.
18 ينبغي للزائر ان يكون واقفا وقت الزيارة كما هو الاليق
بالادب، فاذا طال فلا باس ان يجلس‏متادباجاثيا على ركبتيه،
غاضا لطرفه في مقام الهيبة والاجلال، فارغ القلب مستحضرا
بقلبه جلالة موقفه،وانه (ص) حي ناظر اليه ومطلع عليه.
وقال الخفاجي في شرح الشفا ((657)) (3/571): ويستحب
القيام في حال الزيارة كما نبه عليه المصنف يعني‏القاضي
عياض بقوله: يقف، وهو افضل من الجلوس عند القبر الشريف
عند الجمهور، ومن خير بينهمااراد الجواز دون المساواة، فان
جلس فالافضل ان يجثو على ركبتيه، ولا يفترش ولا يتربع لانه
اليق‏بالادب.
19 يقف كما يقف في الصلاة واضعا يمينه على شماله. قاله
الكرماني‏الحنفي وشيخ زاده في مجمع الانهروغيرهما ورآه ابن
حجر اليق.
20 يتوجه الى القبر الكريم مستعينا باللّه تعالى في رعاية
الادب في هذا الموقف العظيم، فيقف ممثلاصورته‏الكريمة في
خياله بخشوع وخضوع تامين‏بين يديه(ص) محاذاة الوجه
الشريف مستدبر القبلة، ناظرا في حال‏وقوفه الى اسفل ما
يستقبل من جدار الحجرة الشريفة، ملتزما للحياء والادب التام
في ظاهره وباطنه، عالمابانه (ص) عالم بحضوره وقيامه
وزيارته، وانه يبلغه سلامه وصلاته، وقال ابن حجر: استدبار
القبلة‏واستقبال الوجه الشريف هو مذهبنا ومذهب جمهور
العلماء.
وقال الخفاجي في شرح الشفا ((658)) (3/571): استقبال
وجهه (ص) واستدبار القبلة مذهب الشافعي‏والجمهور، ونقل
عن ابي حنيفة. وقال ابن الهمام: ما نقل عن ابي حنيفة انه
يستقبل القبلة مردود بما روي‏عن ابن عمر: ان من السنة ان
يستقبل القبر المكرم ويجعل ظهره للقبلة، وهو الصحيح من
مذهب ابي‏حنيفة.
وقول الكرماني: ان مذهبه بخلافه ليس بشي‏ء، لانه (ص) حي
في ضريحه، يعلم بزائره، ومن ياتيه في حياته‏انما يتوجه اليه.
وقال في شرح قول ابن ابي مليكة ((659)): من احب ان يكون
وجاه النبي (ص)فيجعل القنديل الذي في‏القبلة عند القبر على
راسه، هو ارشاد لكيفية الزيارة، وان يكون بينه وبين القبر
فاصل. فقيل: انه يبعد عنه‏بمقدار اربعة اذرع، وقيل: ثلاثة، وهذا
على ان البعد اولى واليق بالادب كما كان في حياته (ص)،
وعليه‏الاكثر. وذهب بعض المالكية الى ان القرب اولى، وقيل:
يعامل معاملته في حياته، فيختلف ذلك باختلاف‏الناس، وهذا
باعتبار ما كان في العصر الاول، واما اليوم فعليه مقصورة تمنع
من دنو الزائر فيقف عندالشباك.
21 لا يرفع في الزيارة صوته ولا يخفيه بل يقتصد، وخفض
الصوت عنده صلى اللّه عليه ادب للجميع.اخرج القاضي عياض
((660)) باسناده عن ابن حميد قال: ناظر ابو جعفر امير
المؤمنين مالكا في مسجدرسول اللّه (ص)، فقال له مالك: يا
امير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فان اللّه تعالى
ادب‏قومافقال (لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي) ((661))
الاية، ومدح قوما فقال: (ان الذين يغضون‏اصواتهم عند رسول
اللّه) ((662)) الاية، وذم قوما فقال: (ان الذين ينادونك من وراء
الحجرات) ((663)) الاية،وان حرمته ميتا كحرمته حيا،
فاستكان لها ابو جعفر وقال: يا ابا عبداللّه، استقبل القبلة وادعو
ام استقبل‏رسول اللّه (ص) ؟
فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة ابيك آدم
(ع) الى اللّه تعالى يوم القيامة ؟ بل استقبله‏واستشفع به
فيشفعك اللّه تعالى، قال اللّه تعالى: (ولو انهم اذ ظلموا انفسهم
جاؤوك فاستغفروااللّه) ((664))الاية.

زيارة النبي الاقدس
22 يقول: السلام عليك يا رسول اللّه، السلام عليك يا نبي اللّه،
السلام عليك يا خيرة اللّه، السلام عليك ياحبيب اللّه، السلام
عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين، السلام عليك يا خيرة
الخلائق اجمعين، السلام‏عليك يا قائد الغر المحجلين، السلام
عليك وعلى آلك واهل بيتك وازواجك واصحابك اجمعين،
السلام عليك‏وعلى سائر الانبياء والمرسلين وجميع عباد اللّه
الصالحين، جزاك اللّه عنا يا رسول اللّه افضل ما جزى
به‏نبياورسولا عن امته وصلى عليك كلما ذكرك الذاكرون،
وغفل عن ذكرك الغافلون، افضل واكمل ما صلى‏على احد من
الخلق اجمعين، اشهد ان لا اله الا اللّه وحده لا شريك له،
واشهد انك عبده ورسوله وخيرته‏من خلقه، واشهد انك بلغت
الرسالة، واديت الامانة ونصحت الامة، وكشفت الغمة، وجاهدت
في اللّه حق‏جهاده، اللهم آته الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما
محمودا الذي وعدته، وآته نهاية ما ينبغي ان يساله‏السائلون،
اللهم صل على سيدنا محمد نبيك ورسولك النبي الامي،
وعلى آل سيدنا محمد وازواجه وذريته‏كما صليت على ابراهيم
وعلى آل ابراهيم، وبارك على سيدنا محمد النبي الامي وعلى
آل محمد كما باركت‏على ابراهيم وعلى آل ابراهيم في
العالمين، انك حميد مجيد.

زيارة اخرى
حكاها ابن فرحون عن ابن حبيب ((665)):
السلام عليك ايها النبي ورحمة اللّه وبركاته، صلى اللّه عليك
وسلم يا رسول اللّه افضل وازكى واعلى وانمى‏صلاة صلا ها على
احد من انبيائه واصفيائه، اشهد يا رسول اللّه انك قد بلغت ما
ارسلت به،ونصحت‏الامة، وعبدت ربك حتى اتاك اليقين،
وكنت كما نعتك اللّه في كتابه حيث قال: (ل قد جاءكم
رسول‏من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين
رؤوف رحيم) ((666)) فصلوات اللّه وملائكته وجميع‏خلقه في
سماواته وارضه عليك يا رسول اللّه.

زيارة ثالثة
((667)): اتفق عليها اعلام المذاهب الاربعة
السلام عليك يا نبي اللّه ورحمة اللّه وبركاته، اشهد انك رسول
اللّه، فقد بلغت الرسالة واديت الامانة،ونصحت الامة، وجاهدت
في امر اللّه حتى قبض اللّه روحك حميدا محمودا، فجزاك اللّه
عن صغيرنا وكبيرناخير الجزاء، وصلى عليك افضل الصلاة
وازكاها، واتم التحية وانماها، اللهم اجعل نبينا يوم القيامة
اقرب‏النبيين‏اليك، واسقنا من كاسه، وارزقنا من شفاعته،
واجعلنا من رفقائه يوم القيامة، اللهم لا تجعل هذا آخرالعهد
بقبر نبينا (ع)، وارزقنا العود اليه، ياذا الجلال والاكرام.

الزيارة الرابعة
((668)): رواية الغزالي
السلام عليك يا رسول اللّه، السلام عليك يا نبي اللّه، السلام
عليك يا امين اللّه، السلام عليك يا حبيب اللّه،السلام عليك يا
صفوة اللّه، السلام عليك ياخيرة اللّه، السلام عليك يا احمد،
السلام عليك يا محمد، السلام‏عليك يا ابا القاسم، السلام عليك
يا ماحي، السلام عليك يا عاقب، السلام عليك يا حاشر، السلام
عليك‏يا بشير، السلام عليك يا نذير، السلام عليك يا طهر،
السلام عليك يا طاهر، السلام عليك يا اكرم ولدآدم، السلام
عليك يا سيد المرسلين، السلام عليك يا خاتم النبيين، السلام
عليك يا رسول رب العالمين،السلام عليك يا قائد الخير،
السلام عليك يا فاتح البر، السلام عليك يا نبي اللّه، السلام
عليك يا هادي‏الامة، السلام عليك يا قائد الغر المحجلين،
السلام عليك وعلى اهل بيتك الذين اذهب اللّه عنهم
الرجس‏وطهرهم تطهيرا، السلام عليك وعلى اصحابك
الطيبين وعلى ازواجك الطاهرات امهات المؤمنين، جزاك‏اللّه
عنا افضل ما جزى نبيا عن قومه ورسولا عن امته، وصلى عليك
كلما ذكرك الذاكرون، وكلما غفل عنك‏الغافلون، وصلى عليك
في الاولين والاخرين افضل واكمل واعلى واجل واطيب واطهر
ما صلى على‏احدمن خلقه كما استنقذنا بك من الضلالة،
وبصرنا بك من العماية، وهدانا بك من الجهالة، اشهد ان لا
اله‏الا اللّه وحده لا شريك له، واشهد انك عبداللّه ورسوله وامينه
وصفيه وخيرته من خلقه، واشهد انك قدبلغت الرسالة، واديت
الامانة، ونصحت الامة، وجاهدت عدوك، وهديت امتك،
وعبدت ربك حتى اتاك‏اليقين، فصلى اللّه عليك وعلى اهل
بيتك الطيبين، وسلم وشرف وكرم وعظم.

زيارة خامسة
((669)): رواية القسطلاني
السلام عليك يا رسول اللّه، السلام عليك يا نبي اللّه، السلام
عليك يا حبيب اللّه، السلام عليك يا خيرة اللّه،السلام عليك يا
صفوة اللّه، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين،
السلام عليك يا قائد الغرالمحجلين، السلام عليك وعلى اهل
بيتك الطيبين الطاهرين، السلام عليك وعلى ازواجك
الطاهرات امهات‏المؤمنين، السلام عليك وعلى اصحابك
اجمعين، السلام عليك وعلى سائر الانبياء وسائر عباد اللّه
الصالحين،جزاك اللّه افضل ما جزى نبيا ورسولا عن امته،
وصلى اللّه عليك كلما ذكرك الذاكرون، وغفل عن
ذكرك‏الغافلون، واشهد ان لا اله الا اللّه، واشهد انك عبده
ورسوله وامينه وخيرته من خلقه، واشهد انك قدبلغت الرسالة،
واديت الامانة، ونصحت الامة، وجاهدت في اللّه حق جهاده.
قال: ومن ضاق وقته عن ذلك فليقل ما تيسر منه.

زيارة سادسة
رواية الباجوري:
قال: يسلم عليه (ص) بلا رفع صوت قائلا: السلام عليك يا
رسول اللّه، السلام عليك يا نبي اللّه، السلام‏عليك يا حبيب اللّه،
اشهد انك رسول اللّه حقا بلغت الرسالة، واديت الامانة، ونصحت
الامة، وكشفت‏الغمة، وجلوت الظلمة، ونطقت بالحكمة،
وجاهدت في سبيل اللّه حق جهاده، جزاك اللّه عنا افضل الجزاء.

زيارة سابعة
((670)): ذكرها الشرنبلالي الحنفي في المراقي
السلام عليك يا سيدي يا رسول اللّه، السلام عليك يا نبي اللّه،
السلام عليك يا حبيب اللّه، السلام عليك يانبي الرحمة، السلام
عليك يا شفيع الامة، السلام عليك يا سيد المرسلين، السلام
عليك يا خاتم النبيين،السلام عليك يا مزمل، السلام عليك يا
مدثر، السلام عليك وعلى اصولك الطيبين واهل بيتك
الطاهرين‏الذين اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا،
جزاك اللّه عنا افضل ما جزى نبيا عن قومه ورسولا عن‏امته،
اشهد انك رسول اللّه بلغت الرسالة، واديت الامانة، ونصحت
الامة، واوضحت الحجة، وجاهدت في‏سبيل اللّه حق جهاده،
واقمت الدين حتى اتاك اليقين، صلى اللّه عليك وسلم وعلى
اشرف مكان شرف‏بحلول جسمك الكريم فيه‏صلاة وسلاما
دائمين من رب العالمين، عدد ما كان وعدد ما يكون بعلم اللّه،
صلاة‏لا انقضاء لامرها، يا رسول اللّه نحن وفدك وزوار حرمك،
تشرفنا بالحلول بين يديك، وجئنا من بلادشاسعة وامكنة بعيدة
نقطع السهل والوعر بقصد زيارتك، لنفوز بشفاعتك، والنظر
الى مثرك ومعاهدك،والقيام بقضاء بعض حقك والاستشفاع
بك الى ربنا، فان الخطايا قد قصمت ظهورنا، والاوزار قد
اثقلت‏كواهلنا، وانت الشافع المشفع الموعود بالشفاعة العظمى،
والمقام المحمود والوسيلة، وقد قال اللّه تعالى: (ولوانهم اذ
ظلموا انفسهم جاؤوك‏ف استغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول
لوجدوا اللّه توابا رحيما) ((671)). وقدجئناك ظالمين لانفسنا،
مستغفرين لذنوبنا، فاشفع لنا الى‏ربك، واساله ان يميتنا
على‏سنتك، وان يحشرنا في‏زمرتك، وان يوردنا حوضك، وان
يسقينا بكاسك غير خزايا ولا نادمين، الشفاعة الشفاعة يا رسول
اللّه آتقولها ثلاثا ، ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان،
ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا انك‏رؤوف رحيم.

زيارة ثامنة
((672)): رواية شيخ زاده في مجمع الانهر
السلام عليك ايها النبي ورحمة اللّه وبركاته، السلام عليك يا
رسول اللّه، السلام عليك يا خير خلق اللّه،السلام عليك يا سيد
ولد آدم، اني اشهد ان لا اله الا اللّه وحده لاشريك له، واشهد
انك عبده ورسوله‏وامينه، اشهد انك قد بلغت الرسالة، واديت
الامانة، ونصحت الامة، وكشفت الغمة، فجزاك اللّه عنا
خيرا،جزاك اللّه عنا افضل ما جزى نبيا عن امته، اللهم اعط
سيدنا عبدك ورسولك محمدا الوسيلة والفضيلة‏والدرجة
العالية الرفيعة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، وانزله
المنزل المبارك عندك، سبحانك انت ذوالفضل العظيم.
ثم يسال اللّه تعالى حاجته واعظم الحاجات سؤال حسن
الخاتمة وطلب المغفرة ويقول:
السلام عليك يا رسول اللّه، اسالك الشفاعة الكبرى، واتوسل بك
الى اللّه تعالى في ان اموت مسلما على‏ملتك وسنتك، وان
احشر في زمرة عباد اللّه الصالحين. ثم ذكر السلام على
الشيخين.