للّه يعفو عن كثير((604))
وله في اهل البيت (ع):
عيون منعن الرقاد العيونا
جعلن لكل فؤاد فتونا
فكن المنى لجميع الورى
وكن لمن رامهن المنونا
وقلب تقلبه الحادثات
على ما تشاء شمالا يمينا
يصون هواه عن العالمين
ومدمعه يستذل المصونا
فما لي وكتمان داء الهوى
وقد كان ما خفته ان يكونا
وكان ابتداء الهوى بي مجونا
فلما تمكن امسى جنونا
وكنت اظن الهوى هينا
فلاقيت منه عذابا مهينا
فلو كنت شاهد يوم الوداع
رايت جفونا تناجي جفونا
فهل ترك البين من ارتجيه
من الاولين او الاخرينا
سوى حب آل نبي الهدى
فحبهم امل الاملينا
هم عدتي لوفاتي هم
نجاتي هم الفوز للفائزينا
هم مورد الحوض للواردين
وهم عروة اللّه للواثقينا
هم عون من طلب الصالحات
فكن بمحبتهم مستعينا
هم حجة اللّه في ارضه
وان جحد الحجة الجاحدونا
هم الناطقون هم الصادقون
وانتم بتكذيبهم كاذبونا
هم الوارثون علوم النبي
فما بالكم لهم وارثونا
حقدتم عليهم حقودا مضت
وانتم باسيافهم مسلمونا
جحدتم موالاة مولاكم
ويوم الغدير بها مؤمنونا
وانتم بما قاله المصطفى
وما نص من فضله عارفونا
وقلتم رضينا بما قلته
وقالت نفوسكم ما رضينا
فايكم كان اولى بها
واثبت امرا من الطيبينا
وايكم كان بعد النبي
وصيا ومن كان فيكم امينا
وايكم نام في فرشه
وانتم لمهجته طالبونا
ومن شارك الطهر في طائر
وانتم بذاك له شاهدونا
لحا اللّه قوما راوا رشدكم
مبينا فضلوا ضلالا مبينا((605))
وله في اهل البيت (ع):
ما طول الليل القصيرا
ونهى الكواكب ان تغورا
الا وفي يده عزي
مات يحل بها الامورا
ذو مقلة لا تستقل
ضنى وان اضنت كثيرا
ليست تفتر عن دمي
وترى بها ابدا فتورا
وترى بها ضعفا يري
ك المستجار المستجيرا
فيما ينازعني عذو
لا او يسامحني عذيرا
اترى بوادر فتنتي
فيما ترى الا بدورا
لو شاء لاختصر الغرا
م بها من اختصر الخصورا
ولقد لبست ثياب نف
سك مالكا او مستعيرا
وتمثل الشيطان لي
ليغرني رشا غريرا
فخلعتها ولبست ثو
ب الفتك سحابا جرورا
ما شئت فاقلع عنه واس
تغفر تجد ربا غفورا
ما لم يكن من معشر
غدروا وقد شهدوا الغديرا
وتمروا ما بينهم
ان ينصبوا فيها اميرا
من كل صدر موغر
ملات ضغائنه الصدورا
مترشح للملك قد
نصبت سريرته السريرا
وتوارثوها ليس تخ
رج عنهم شبرا قصيرا
هذا الى ان قام قا
ئم آل احمد مستثيرا
وتسلم الاسلام اق
تم مظلما فكساه نورا((606))
وله في اهل البيت (ع):
نكرت معرفتي لما حكم
حاكم الحب عليها لي بدم
فبدت من ناظريها نظرة
ادخلتها في دمي تحت التهم
وتمكنت فاضنيت ضنى
كان بي منها واسقمت سقم
وصبت بعد اجتناب صبوة
بدلت من قولها لا بنعم
وفقدت الوجد فيها والاسى
فتالمت لفقدان الالم
ما لعيني وفؤادي كلما
كتمت باح وان باحت كتم
طال بي خلفهما فاتفقت
لي هموم في الرزايا وهمم
ورزايا المصطفى في اهله
فاتحات للرزايا وختم
يا بني الزهراء ماذا اكتسبت
فيكم الايام من عتب وذم
يا طوافا طاف طوفان به
وحطيما بقنا الخط حطم
اي عهد يرتجى الحفظ له
بعد عهد اللّه فيكم والذمم
لا تسليت وانوار لكم
غشيتها من بني حرب ظلم
ركبوا بحر ضلال سلموا
فيه والاسلام فيهم ما سلم
ثم صارت سنة جارية
كل من امكنه الظلم ظلم
وعجيب ان حقا بكم
قام في الناس وفيكم لم يقم
والولا فهو لمن كان على
قول عبد المحسن الصوري قسم
وابيكم والذي وصى به
لابيكم جدكم في يوم خم
لقد احتج على امته
بالذي نالكم باقي‏الامم((607))
الشاعر
ابو محمد عبدالمحسن بن محمد بن احمد بن غالب((608))
بن غلبون الصوري، من حسنات‏القرن الرابع ونوابغ رجالاته،
وقد مد له البقاء الى اوليات القرن الخامس، جمع شعره‏بين
جزالة اللفظ وفخامة المعنى، كما انه لا تعدوه رقة الغزل وشدة
الجدل، فهو عندالحجاج يدلي بحجته القويمة،وعند الوصف لا
ياتي الا بصورة كريمة، وديوان شعره‏المحتوي على خمسة آلاف
بيت تقريبا، الحافل بالرقائق والحقائق يتكفل البرهنة‏على‏هذه
الدعاوى، وهو نص في تشيعه كما عده ابن شهرآشوب((609))
من شعراء اهل‏البيت المجاهرين، وما ذكرناه من شعره يمثل
روحه المذهبية، ونزعته الطائفية الحميدة،وتعصبه لال البيت
النبوي، واعترافه بحقهم الثابت، ونبذه ما وراء ذلك نبذا لا
مرتجع‏اليه، وفي ديوانه غير ما ذكرناه‏ شواهد وتلويحات
لطيفة، نحو قوله في صبي اسمه عمر:
نادمني من وجهه روضة
مشرقة يمرح فيه النظر
فانظر معي تنظر الى معجز
سيف علي بين جفني عمر
وقد ترجمه ابن ابي شبانة في تكملة امل الامل، وهو لا يترجم
الا المتمسك‏بحجزة((610))اهل البيت الطاهر، وترجمه
الثعالبي في يتيمة الدهر((611)) (1/257) وذكر من‏شعره
(225) بيتا، واثنى عليه وانتخب من ديوانه ابياتا في تتميم
يتيمته((612)) (1/35)،وعقد ابن خلكان((613)) له ترجمة
ضافية، اطراه ووصف شعره في (1/334)، وقال:توفي يوم
الاحد تاسع شوال سنة تسع عشرة واربعمائة وعمره ثمانون او
اكثر،وذكره ابن كثير في تاريخه((614)) (12/25). ومن شعره
في اهل البيت (ع):
توق اذا ما حرمة العدل جلت
ملامي لتقضي صبوتي ما تمنت
اغرك ان لم تستفزك لوعة
بقلبي ولا استبكاك بين بمقلتي
لك الخير هذا حين شئت تلومني
لجاجا فالا لمت ايام شرتي
غداة اجيب العيس اذ هي حنت
واحدو اذا ورق الحمائم غنت
وانتهب الايام حتى كانني
ادافع من بعد الحلول منيتي
واستصغر البلوى لمن عرف الهوى
واستكثر الشكوى وان هي قلت
اطيل وقوفي في الطلول كانني
احاول منها ان ترد تحيتي
ليالي القى كل مهضومة الحشا
اذا عدلت في ما جناه تجنت
اصد فيدعوني الى الوصل طرفها
وان انا سارعت الاجابة صدت
وان قلت سقمي وكلت سقم طرفها
بابطال قولي او بادحاض حجتي
وان سمعت وانار قلبي شناعة
عليها اجابتني بوانار وجنتي
واصرف همي عن هواها بهمتي
عزوفا فتثنيني اذا ما تثنت
وانشد بين البين والهجر مهجتي
ولم ادر في اي السبيلين ضلت
وما احسب الايام ايام هجرها
تطاولني الا لتقصر مدتي
دعوا الامة اللاتي استحلت دمي تكن
مع الامة اللاتي بغت فاستحلت
فما يقتدى الا بها في اغتصابها
ولا اقتدي الا بصبر ائمتي
اليس بنو الزهراء ادهى رزية
عليكم اذا فكرتم في رزيتي
حماتي اذا لانت قناتي وعدتي
اذا لم تكن لي عدة عند شدتي
اقامت لحرب اللّه حزب امية
اذا هي ضلت عن سبيل اضلت
قلوب على الدين العتيق تالفت
لهم ومن الحقد القديم استملت
بماذا ترى تحتج يا آل احمد
على احمد فيكم اذا مااستعدت
واشهر ما يروونه عنه قوله
تركت كتاب اللّه فيكم وعترتي
ولكن دنياهم سعت فسعوا لها
فتلك التي فلت ضميرا عن التي((615))
وله في اهل البيت سلام اللّه عليهم:
اصبحوا يفرقون من افراقي
فاستغاثوا في نكستي بالفراق
ما صبرتم لقد بخلتم على المد
نف حقا حتى بطول السياق
راحة ما اعتمدتموها بقتلي
رب خير اتى بغير اتفاق
سوف امضي وتلحقون ولا عل
م لكم ما يكون بعد اللحاق
حيث لا يجمع القضية من يج
مع بين الخصمين ماض وباق
ما لهم لا خلقت فيهم فما اغ
فل قومي عن الدم المهراق
رب ظهر قلبته مثل ما يق
لب ظهر المجن للارشاق
بعد ما قادني فلم ادر حتى
صرت ما بين ملتقى الاحداق
واراني اسير عينيك منهن
فماذا تراه في اطلاقي
مسة من هواك بي لا من الجن
فهل من معزم او راق
غير ان يبرد احتراقي بوصل
او بوعد او ان يبل اشتياقي
او يعيد الكرى كما كان لا يو
حشني من خيالك الطراق
ما لنومي كانه كان في
اول دمعي جرى من الاماق
غير مسترجع فيرجى وهل تر
جع للعين ادمع في سباق
بابي شادن توثقت بالاي
مان منه من قبل شد وثاقي
فهو الا يكن لحرب فحرب
علمته خيانة الميثاق
نفر من امية نفر الاس
لام من بينهم نفور اباق
انفقوا في النفاق ما غصبوه
فاستقام النفاق بالانفاق
وهي دار الغرور قصر باللو
م فيها تطاول العشاق
واراها لا تستقيم لذي الزه
د اذا المال مال بالاعناق
فلهذا ابناء احمد ابنا
ء علي طرائد الافاق
فقراء الحجاز بعد الغنى الا
كبر اسرى الشم قتلى العراق
جانبتهم جوانب الارض حتى
خلت ان السماء ذات انطباق
ان اقصر يا آل احمد او اغ
رق كان التقصير كالاغراق
لست في وصفكم بهذا وهذا
لاحقا غير ان تروا الحاقي
ان اهل السماء فيكم واهل ال
ارض ما دامتا لاهل افتراق
عرفت فضلكم ملائكة الل
ه فدانت وقومكم في شقاق
يستحقون حقكم زعموا ذ
لك سحقا لهم من استحقاق
وارى بعضهم يبايع بعضا
بانتظام من ظلمكم واتساق
واستثاروا السيوف فيكم فقمنا
نستثير الاقلام في الاوراق
اي غبن لولا القيامة والمر
جو فيها من قدرة الخلاق
فكاني بهم يودون لو ان ال
خوالي من الليالي البواقي
ليتوبوا اذا يذادون عن اك
رم حوض عليه اكرم ساق
واذا ما التقوا تقاسمت النا
ر عليا بالعدل يوم التلاق
قيل هذا بما كفرتم فذوقوا
ما كسبتم يا بؤس ذاك المذاق((616))
وقال في يوم عاشوراء يمدح الامام الحاكم بامر اللّه:
خلا طرفه بالسقم دوني يلازمه
الى ان رمى سهما فصرت اساهمه
فاصبح بي ما لست ادري امثله
بجفنيه ام لا يعدل السقم قاسمه
لئن كان اخفى الصدر صدا من الجوى
ففي العين عنواناته وتراجمه
ولم يخفه ان الهوى خف حمله
ولكن لان اللوم ليس يلائمه
ويا رب ليل قصر الذكر طوله
فما طلعت حتى تجلت غمائمه
وما نمت فيه غير ان لو سالتني
من الشغل عنه قلت ما قال نائمه
ولكنه القى على الصبح لونه
فوالاه يوم شاحب الوجه ساحمه
كما جاء يوم في المحرم واحد
خبا نوره لما استحلت محارمه
طغت عبد شمس فاستقل محلقا
الى الشمس من طغيانها متراكمه
فمن مبلغ عني امية انني
هتفت بما قد كنت عنها اكاتمه
مضت اعصر معوجة باعوجاجكم
فلا تنكروا ان قوم الدهر قائمه
وجدد عهد المصطفى بعض اهله
وحكم في الدين الحنيفي حاكمه
فيا ايها الباكون مصرع جده
دعوا جده تبكي عليه صوارمه
الا ايها الثكلى التي من دموعها
اذا هي حنت من قتيل جماجمه
لقد خسر الدارين من صد وجهه
فلا انت مبقيه ولا اللّه راحمه
حريصا على نار الجحيم كانه
يخاف على ابوابها من يزاحمه
الى من تراه فوض الامر غيركم
اذا انتم اركانه ودعائمه
فيا لك منها دولة علوية
تبدت بسعد حاكم الدهر خاتمه((617))
وله قوله:
بالذي الهم تعذي
بي ثناياك العذابا
والذي البس خدي
ك من الورد نقابا
والذي اودع في في
ك من الشهد شرابا
والذي صير حظ‏ي
منك هجرا واجتنابا
ما الذي قالته عينا
ك لقلبي فاجابا
والذي قالته للدم
ع فواراها انصبابا
ياغزالا صاد باللح
ظ فؤادا فاصابا
عمرك اللّه بصب
لا يرى الا مصابا
هذه الابيات توجد في ديوان المترجم((618))، فنسبتها الى
الصنوبري كما في كشكول‏البهائي((619)) (1/23) في غير
محله، واخذ البهائي((620)) منها قوله:
يا بدر دجى فراقه القلب اذاب
مذ ودعني فغاب صبري اذ غاب
باللّه عليك اي شي‏ء قالت
عيناك لقلبي المعنى فاجاب
وللمترجم الصوري:
(سفرن بدورا وانتقبن اهلة
ومسن غصونا والتفتن‏جذرا)((621))
وابدين اطراف الشعور تسترا
فاغدرت الدنيا علينا غدائرا
وربتما اطلعن والليل مقبل
وجوه شموس توقف الليل حائرا
فهن اذا ما شئن امسين او اذا
تعرض ان يصبحن كن قوادرا((622))
وقال يرثي شيخ الامة ابن المعلم ابا عبداللّه محمد بن محمد
بن النعمان المفيدالمتوفى(413):
تبارك من عم الانام بفضله
وبالموت بين الخلق ساوى بعدله
مضى مستقلا بالعلوم‏محمد
وهيهات ياتينا الزمان‏بمثله((623))
جاء في بدائع البدائه((624)) باسناده عن بكار بن علي الرياحي
انه قال:
لما وصل عبدالمحسن الصوري الى دمشق جاءني المجدي
الشاعر فعرفني به، وقال: هل‏لك ان نمضي اليه ونسلم عليه ؟
فاجبت، وقمت معه حتى اتينا الى منزله، وكان ينزل‏دائما اذا
قدم في سوق القمح، وكان بين يديه دكان قطان وفيها رجل
اعمى، فوقفت به‏عجوز كبيرة فكلمها بشي‏ء وهي منصتة له،
فقال المجدي في الحال:
منصتة تسمع ما يقول
فقال عبد المحسن في الحال:
كالخلد((625)) لما قابلته الغول
فقال له المجدي: احسنت واللّه يا ابا محمد اتيت بتشبيهين في
نصف بيت اعيذك باللّه.انتهى.
ومن لطيف قول الصوري ما قاله وقد استعير منه كتاب وحبس
عليه، كما يوجد في‏ديوانه((626)):
ماذا جناه كتابي فاستحق به
سجنا طويلا وتغييبا عن الناس
فاطلقه نساله عما كان حل به
في طول سجنك من ضر ومن باس
كتب الشاعر المفلق احمد بن سلمان الفجري الى عبدالمحسن
الصوري:
اعبد المحسن الصوري لم قد
جثمت جثوم منهاض كسير
فان قلت العبالة اقعدتني
على مضض وعاقت عن مسيري((627))
فهذا البحر يحمل هضب رضوى
ويستثني بركن من ثبير
وان حاولت سير البر يوما
فلست بمثقل ظهر البعير
اذا استحلى اخوك قلاك يوما
فمثل اخيك موجود النظير
تحرك عل ان تلقى كريما
تزول بقربه احن الصدور
فما كل البرية من تراه
ولا كل البلاد بلاد صور
فاجابه عبدالمحسن:
جزاك اللّه عن ذا النصح خيرا
ولكن جاء في الزمن الاخير
وقد حدت لي السبعون حدا
نهى عما امرت من المسير
ومذ صارت نفوس الناس حولي
قصارا عذت بالامل القصير((628))
وقال في صبي اسمه مقاتل وله فيه شعر كثير:
تعلمت وجنته رقية
لعقرب الصدغ فما تلسع
صمت عن العاذل في حبه
اذني فما لي مسمع يسمع
ودعته والدمع في مقلتي
في عبرتي مستعجل مسرع
فظن اذ ابصرتها انها
سائر اعضائي بها تدمع
وقال هذا قبل يوم النوى
فما ترى بعد النوى تصنع
في غير وقت الدمع ضيعته
قلت فقلبي عندكم اضيع((629))
وقال في مقاتل ايضا:
احفظ فؤادي فانت تملكه
واستر ضميري فانت تهتكه
هجرك سهل عليك اصعبه
وهو شديد علي مسلكه
بسيف عينيك يا مقاتل كم
قتلت قبلي من كنت تملكه
اما عزائي فلست آمله
فيك وصبري ما لست‏ادركه((630))
وقال فيه وهو معذر:
وقف الليل والنهار وقد كا
ن اذا ما اتى النهار يفر
لا يرى رجعة فيكسب عارا
لا ولا ثم قوة فيفر
اين سلطان مقلتيك علينا
قل له ما يجوز في الحب سحر
انت فرقت نار خديك حتى
كل قلب صب لها فيه جمر
فبماذا تلقى عذاريك قل لي
سيما ان تدارك الشعر شعر
وعزيز علي انك بالحرب
وبالسلم طول عمرك غر((631))
وخلف المترجم على ادبه الجم وقريضه البديع ولده
عبدالمنعم، ذكره الثعالبي((632)).
(38) مهيار الديلمي
المتوفى (428)
1
هل بعد مفترق الاظعان مجتمع
ام هل زمان بهم قد فات يرتجع
تحملوا تسع البيداء ركبهم
ويحمل القلب فيهم فوق ما يسع
مغربين هم والشمس قد الفوا
الا تغيب مغيبا حيثما طلعوا
شاكين للبين اجفانا وافئدة
مفجعين به امثال ما فجعوا
تخطو بهم فاترات في ازمتها
اعناقها تحت اكراه النوى خضع
تشتاق نعمان لا ترضى بروضته
دارا ولو طاب مصطاف ومرتبع
فداء وافين تمشي الوافيات بهم
دمع دم وحشا في اثرهم قطع
الليل بعدهم كالفجر متصل
ما شاء والنوم مثل الوصل منقطع
ليت الذين اصاخوا يوم صاح بهم
داعي النوى ثوروا صموا كما سمعوا
اوليت ما اخذ التوديع من جسدي
قضى علي فللتعذيب ما يدع
وعاذل لج اعصيه ويامرني
فيه واهرب منه وهو يتبع
يقول: نفسك فاحفظها فان لها
حقا وان علاقات الهوى خدع
روح حشاك ببرد الياس تسل به
ما قيل في الحب الا انه طمع
والدهر لونان والدنيا مقلبة
الان يعلم قلب كيف يرتدع
هذي قضايا رسول اللّه مهملة
غدرا وشمل رسول اللّه منصدع
والناس للعهد ما لاقوا وما قربوا
وللخيانة ما غابوا وما شسعوا((633))
وآله وهم آل الاله وهم
رعاة ذا الدين ضيموا بعده ورعوا
ميثاقه فيهم ملقى وامته
مع من بغاهم وعاداهم له شيع
تضاع بيعته يوم الغدير لهم
بعد الرضا وتحاط الروم والبيع
مقسمين بايمان هم جذبوا
ببوعها وباسياف هم طبعوا
ما بين ناشر حبل امس ابرمه
تعد مسنونة من بعده البدع
وبين مقتنص بالمكر يخدعه
عن آجل عاجل حلو فينخدع
وقائل لي علي كان وارثه
بالنص منه فهل اعطوه ام منعوا
فقلت كانت هنات لست اذكرها
يجزي بها اللّه اقواما بما صنعوا
ابلغ رجالا اذا سميتهم عرفوا
لهم وجوه من الشحناء تمتقع
توافقوا وقناة الدين مائلة
فحين قامت تلاحوا فيه واقترعوا
اطاع اولهم في الغدر ثانيهم
وجاء ثالثهم يقفو ويتبع
قفوا على نظر في الحق نفرضه
والعقل يفصل والمحجوج ينقطع
باي حكم بنوه يتبعونكم
وفخركم انكم صحب له تبع
وكيف ضاقت على الاهلين تربته
وللاجانب من جنبيه مضطجع
وفيم صيرتم الاجماع حجتكم
والناس ما اتفقوا طوعا ولا اجتمعوا
امر علي بعيد من مشورته
مستكره فيه والعباس يمتنع
وتدعيه قريش بالقرابة وال
انصار لا رفع فيه ولا وضع
فاي خلف كخلف كان بينكم
لولا تلفق اخبار وتصطنع
واسالهم يوم خم بعد ما عقدوا
له الولاية لم خانوا ولم خلعوا
قول صحيح ونيات بها نغل
لا ينفع السيف صقل تحته طبع((634))
انكارهم يا امير المؤمنين لها
بعد اعترافهم عار به ادرعوا
ونكثهم بك ميلا عن وصيتهم
شرع لعمرك ثان بعده شرعوا
تركت امرا ولو طالبته لدرت
معاطس راغمته كيف تجتدع
صبرت تحفظ امر اللّه ما اطرحوا
ذبا عن الدين فاستيقظت اذ هجعوا
ليشرقن بحلو اليوم مر غد
اذا حصدت لهم في الحشر ما زرعوا
جاهدت فيك بقولي يوم تختصم الابطال
اذ فات سيفي يوم تمتصع((635))
ان اللسان لوصال الى طرق
في القلب لا تهتديها الذبل الشرع
آباي في فارس والدين دينكم
حقا لقد طاب لي اس ومرتبع
ما زلت مذ يفعت سني الوذ بكم
حتى محا حقكم شكي وانتجع
وقد مضت فرطات ان كفلت بها
فرقت عن صحفي الباس الذي جمعوا
سلمان فيها شفيعي وهو منك اذا ال
آباء عندك في ابنائهم شفعوا
فكن بها منقذا من هول مطلعي
غدا وانت من الاعراف مطلع
سولت نفسي غرورا ان ضمنت لها
انى بذخر سوى حبيك انتفع
ما يتبع الشعر
قال الاستاذ احمد نسيم المصري في التعليق على قول مهيار:
تضاع بيعته يوم الغدير لهم
بعد الرضا وتحاط الروم والبيع
الغدير: هو غدير خم بين مكة والمدينة، قيل: ان النبي (ص)
خطب الناس عنده فقال:((من كنت مولاه فعلي
مولاه))((636)).
قال الاميني: ليت شعري هل خفي على الاستاذ تواتر ذلك
الحديث المروي عن مائة‏صحابي او اكثر ؟ ام حبذته نزعاته
الطائفية ان يسدل عليه اغشية الزور والدجل؟ويموهه على
القارئ، ويستر الحقيقة الراهنة بذيل امانته ؟ ويوعز الى ضعفه
بكلمته:قيل.
( قل هو نبا عظيم # انتم عنه معرضون)((637)) و (الذين
آتيناهم الكتاب يعرفونه كمايعرفون ابناءهم)((638)).
2
وله في ديوانه في (3/15) يرثي بها اهل البيت (ع)، ويذكر
البركة بولائهم فيما صار اليه:
في الظباء الغادين امس غزال
قال عنه ما لا يقول الخيال
طارق يزعم الفراق عتابا
ويرينا ان الملال دلال
لم يزل يخدع البصيرة حتى
سرنا ما يقول وهو محال
لا عدمت الاحلام كم نولتني
من منيع صعب عليه النوال
لم تنغص وعدا بمطل ولم يو
جب له منة علي الوصال
فلليلي الطويل شكري ودين ال
عشق ان تكره الليالي الطوال
لمن الظعن غاصبتنا جمالا
حبذا ما مشت به الاجمال
كانفات بيضاء دل عليها
انها الشمس انها لا تنال
جمح الشوق بالخليع فاهلا
بحليم له السلو عقال
كنت منه ايام مرتع لذا
تي خصيب وماء عيشي زلال
حيث ضلعي مع الشباب وسمعي
غرض لا تصيبه العذال
يا نديمي كنتما فافترقنا
فاسلواني، لكل شي‏ء زوال
لي في الشيب صارف ومن الحز
ن على آل احمد اشغال
معشر الرشد والهدى حكم البغ
ي عليهم سفاهة والضلال
ودعاة اللّه استجابت رجال
لهم ثم بدلوا فاستحالوا
حملوها يوم السقيفة اوزا
را تخف الجبال وهي ثقال
ثم جاؤوا من بعدها يستقيلو
ن وهيهات عثرة لا تقال
يا لها سوءة اذا احمد قا
م غدا بينهم فقال وقالوا
ربع همي عليهم طلل با
ق وتبلى الهموم والاطلال
يالقوم اذ يقتلون عليا
وهو للمحل فيهم قتال((639))
ويسرون بغضه وهو لا تق
بل الا بحبه الاعمال
وتحال الاخبار واللّه يدري
كيف كانت يوم الغدير الحال((640))
ولسبطين تابعيه فمسمو
م عليه ثرى البقيع يهال
درسوا قبره ليخفى عن الزو
ار هيهات كيف يخفى الهلال
وشهيد بالطف ابكى السماوا
ت وكادت له تزول الجبال
يا غليلي له وقد حرم
الماء عليه وهو الشراب الحلال
قطعت وصلة النبي بان تق
طع من آل بيته الاوصال
لم تنج الكهول سن ولا الشب
ان زهد ولا نجا الاطفال
لهف نفسي يا آل طه عليكم
لهفة كسبها جوى وخبال
وقليل لكم ضلوعي تهت
ز مع الوجد او دموعي تذال
كان هذا كذا وودي لكم حس
ب ومالي في الدين بعد اتصال
وطروسي سود فكيف بي الا
ن ومنكم بياضها والصقال
حبكم كان فك اسري من الشر
ك وفي منكبي له اغلال
كم تزملت بالمذلة حتى
قمت في ثوب عزكم اختال
بركات لكم محت من فؤادي
ما امل الضلال عم وخال
ولقد كنت عالما ان اقبا
لي بمدحي عليكم اقبال
3
وله من قصيدة يرثي بها اهل البيت (ع) وهي (63) بيتا، توجد
في ديوانه (4/198)مطلعها:
لو كنت دانيت المودة قاصيا
رد الحبائب يوم بن فؤاديا
الى ان قال:
وبحي آل محمد اطراؤه
مدحا وميتهم رضاه مراثيا
هذا لهم والقوم لا قومي هم
جنسا وعقر ديارهم لا داريا
الا المحبة فالكريم بطبعه
يجد الكرام الابعدين ادانيا
يا طالبيين اشتفى من دائه ال
مجد الذي عدم الدواء الشافيا
بالضاربين قبابهم عرض الفلا
عقل الركائب ذاهبا او جائيا
شرعوا المحجة للرشاد وارخصوا
ما كان من ثمن البصائر غاليا
واما وسيدهم علي قولة
تشجي العدو وتبهج المتواليا
لقد ابتنى شرفا لهم لو رامه
زحل بباع كان عنه عاليا
وافادهم رق الانام بوقفة
في الروع بات بها عليهم واليا
ما استدرك الانكار منهم ساخط
الا وكان بها هنالك راضيا
اضحوا اصادقه فلما سادهم
حسدوا فامسوا نادمين اعاديا
فارحم عدوك ما افادك ظاهرا
نصحا وعالج فيك خلا خافيا
وهب الغدير ابوا عليه قبوله
بغيا((641)) فقل عدوا سواه مساعيا
بدرا واحدا اختها من بعدها
وحنين وقارا بهن فصاليا((642))
والصخرة الصماء اخفى تحتها
ماء وغير يديه لم يك ساقيا
وتدبروا خبر اليهود بخيبر
وارضوا بمرحب وهو خصم قاضيا
هل كان ذاك الحصن يرهب هادما
او كان ذاك الباب يفرق داحيا
وتفكروا في امر عمرو((643)) اولا
وتفكروا في امر عمرو((644)) ثانيا
اسدان كانا من فرائس سيفه
ولقلما هابا سواه مدانيا
ورجال ضبة((645)) عاقدي حجزاتهم
يوم البصيرة من معين((646)) تفانيا
ضغموا((647)) بناب واحد ولطالما از
دردوا اراقم قبلها وافاعيا
ولخطب صفين اجل وعندك ال
خبر اليقين اذا سالت معاويا
ما يتبع الشعر
قال الاستاذ احمد نسيم المصري في شرح قوله:
وهب الغدير ابوا عليه قبوله
نهيا فقل عدوا سواه مساعيا
النهي: الغدير او شبهه. وللامام علي وقعة تسمى بوقعة غدير
خم، والشاعر يشيراليها.
قال الاميني: ليت الاستاذ بعد شرحه (النهي) وجعله بدلا عن
(البغي) الموجود في‏مخطوط ديوانه يعرب عن معناه الحالي او
المفعولي، ويعرف ان مثله لا يصلح من مثل‏مهيار المتضلع
الفحل، وكانه يرى راي شاكلته ملحم ابراهيم اسود في قوله:
يوم الغديرواقعة حرب معروفة((648))!
فليته دلنا على تلك الوقعة المسماة بوقعة الغدير، وذكر شطرا
من تاريخها،(يريدون‏ان‏يبدلواك لام اللّه)((649))، (وارتابت
قلوبهم فهم في ريبهم يترددون)((650)).
الشاعر
ابو الحسن((651)) مهيار بن مرزويه الديلمي البغدادي، نزيل
درب رباح بالكرخ، هوارفع راية للادب العربي منشورة بين
المشرق والمغرب، وانفس كنز من كنوز الفضيلة،وفي الرعيل
الاول من ناشري لغة الضاد، وموطدي اسسها، ورافعي علاليها،
ويده‏الواجبة على اللغة الكريمة، ومن يمت بها وينتمي اليها لا
تزال مذكورة مشكورة،يشكرها الشعر والادب، تشكرها الفضيلة
والحسب، تشكرها العروبة والعرب، واكبربرهنة على هذه كلها
ديوانه الضخم الفخم في اجزائه الاربعة، الطافح بافانين
الشعروفنونه وضروب التصوير وانواعه، فهو يكاد في قريضه
يلمسك حقيقة راهنة مماينضده، ويذر المعنى المنظور كانه
تجاه حاستك الباصرة، ولا ياتي الا بكل‏اسلوب‏رصين، او راي
حصيف، او وصف بديع، او قصد مبتكر، فكان مقدما
على‏اهل‏عصره مع كثرة فحولة الادب فيه، وكان يحضر جامع
المنصور في ايام الجمعات ويقراعلى الناس ديوان
شعره((652)). ولم ار الباخرزي قد بالغ في الثناء عليه بقوله
في دمية‏القصر((653)) (ص‏76): هو شاعر له في مناسك
الفضل مشاعر، وكاتب تحت كل‏كلمة من‏كلماته كاعب، وما في
قصائده بيت يتحكم عليه بلو وليت، وهي مصبوبة في
قوالب‏القلوب، وبمثلها يعتذر الدهر المذنب عن الذنوب.
اما شعره في المذهب فبرهنة وحجاج، فلا تجد فيه الا حجة
دامغة، او ثناءصادقا، اوتظلما مفجعا، ولعل هذه هي التي حدت
اصحاب الاحن الى اخفاء فضله الظاهروالتنويه بحياته الثمينة
كما يحق له، فبخست حقه المعاجم، فلم تات عند
ذكره‏الابطفائف هي دون بعض ما يجب له، غير ان حقيقة فضله
ابرزت نفسها، ونشرت‏ذكره مع مهب الصبا، فاين ما حللت لا
تجد لمهيار الا ذكرا وشكرا وتعظيما وتبجيلا،وعلى ضوء ادبه
وكماله يسير السائرون.
ولعمر الحق ان من المعاجز ان فارسيا في العنصر يحاول قرض
الشعر العربي، فيفوق‏اقرانه ولا يتاتى لهم قرانه، ويقتدى به عند
الورد والصدر، ولا بدع ان يكون من تخرج‏على ائمة العربية من
بيت النبوة وعاصرهم وآثر ولاءهم واقتص اثرهم
كالعلمين‏الشريفين: المرتضى والرضي وشيخهما شيخ الامة
جمعاء المفيد ونظرائهم ان يكون‏هكذا، الا تاهت الظنون،
واكدت المخائل في الحط من كرامة الرجل بتقصير ترجمته،
اوالتقصير في الابانة عنه، او التحامل عليه بمخرقة، والوقيعة
فيه برميه بما يدنس ذيل‏امانته، كما فعل ابن الجوزي في
المنتظم((654))، فجدع ارنبته باختلاق قضية مكذوبة‏عليه،
ورماه بالغلو، وحاشاه عن كل ذلك (ان يقولون
الاكذبا)((655)).
فهذا مهيار بادبه الباذخ، وفضله الشامخ، وعرفه الفائح، ونوره
الواضح،ومذهبه‏العلوي، وقريضه الخسرواني، قد طبق العالم
ثناء واطراء ومكرمة وجلالة، وما يضره‏امسه ان كان مجوسيا
فارسيا فيه، وها هو في يومه مسلم في دينه، علوي في
مذهبه،عربي في ادبه، وها هو يحدث شعره عن ملكاته الفاضلة،
ويتضمن ديوانه آثارنفسياته الكريمة، وخلد له ذكرى مع الابد،
فهل ابقى ابو الحسن مهيار ذروة من‏الشرف لم يتسنمها ؟ او
صهوة من النبوغ لم يمتطها ؟ ولو كان يؤاخذ بشي‏ء من
ماضيه‏لكان من الواجب مؤاخذة الصحابة الاولين كلهم على
ماضيهم التعيس، غيران‏الاسلام يجب ما قبله، فتراه يتبه ج
بسؤدد عائلته المالكة التي هي اشرف عائلات‏فارس، ويفتخر
بشرف اسلامه وحسن ادبه بقوله((656)):
اعجبت بي بين نادي قومها
ام سعد فمضت تسال بي
سرها ما علمت من خلقي
فارادت علمها ما حسبي
لا تخالي نسبا يخفضني
انا من يرضيك عند النسب
قومي استولوا على الدهر فتى
ومشوا فوق رؤوس الحقب
عمموا بالشمس هاماتهم
وبنوا ابياتهم بالشهب
وابي كسرى((657)) على ايوانه
اين في الناس اب مثل ابي
سورة الملك القدامى وعلى
شرف الاسلام لي والادب
قد قبست المجد من خير اب
وقبست الدين من خير نبي
وضممت الفخر من اطرافه
سؤدد الفرس ودين العرب
اسلم المترجم على يد سيدنا الشريف الرضي سنة
(394)((658))، وتخرج عليه في الادب‏والشعر، وتوفي
ليلة‏الاحد لخمس خلون من جمادى الثانية سنة (428)، ولم
اقف على‏خلاف في تاريخ وفاته في الكتب والمعاجم التي توجد
فيها ترجمته، منها((659)): تاريخ‏بغداد (13/276)، المنتظم
(8/94)، تاريخ ابن خلكان (2/277)، مرآة اليافعي (3/47)،دمية
القصر (ص‏76)، تاريخ ابن كثير (12/41)، كامل ابن الاثير
(9/159)، تاريخ ابي‏الفدا (2/168)، امل الامل لشيخنا الحر،
روض المناظر لابن شحنة، اعلام الزركلي(3/1079)، شذرات
الذهب (3/247)، تاريخ آداب اللغة (2/259)، نسمة السحر
فيمن‏تشيع وشعر، دائرة المعارف لفريد وجدي (9/484)،
سفينة البحار (2/563)، مجلة‏المرشد (2/85).
ومن نماذج شعر مهيار في المذهب قوله يمدح اهل البيت (ع):
بكى النار سترا على الموقد
وغار يغالط في المنجد
احب وصان فورى هوى
اضل وخاف فلم ينشد
بعيد الاصاخة عن عاذل
غني التفرد عن مسعد
حمول على القلب وهو الضعيف
صبور على الماء وهو الصدي
وقور وما الخرق من حازم
متى ما يرح شيبه يغتدي
ويا قلب ان قادك الغانيات
فكم رسن فيك لم ينقد
افق فكاني بها قد امر
بافواهها العذب من موردي
وسود ما ابيض من ودها
بما بيض الدهر من اسودي
وما الشيب اول غدر الزمان
بلى من عوائده العود
لحا اللّه حظ‏ي كما لا يجود
بما استحق وكم اجتدي
وكم اتعلل عيش السقيم
اذمم يومي وارجو غدي
لئن نام دهري دون المنى
واصبح عن نيلها مقعدي
ولم اك احمد افعاله
فلي اسوة ببني احمد
بخير الورى وبني خيرهم
اذا ولد الخير لم يولد
واكرم حي على الارض قام
وميت توسد في ملحد
وبيت تقاصر عنه البيوت
وطال عليا((660)) على الفرقد
تحوم الملائك من حوله
ويصبح للوحي دار الندي
الا سل قريشا ولم منهم
من استوجب اللوم او فند
وقل: ما لكم بعد طول الضلا
ل لم تشكروا نعمة المرشد
اتاكم على فترة فاستقام
بكم جائرين عن المقصد
وولى حميدا الى ربه
ومن سن ما سنه يحمد
وقد جعل الامر من بعده
لحيدر بالخبر المسند
وسماه مولى باقرار من
لو اتبع الحق لم يجحد
فملتم بها حسد الفضل عنه
ومن يك خير الورى يحسد
وقلتم بذاك قضى الاجتماع
الا انما الحق للمفرد
يعز على هاشم والنبي
تلاعب تيم بها او عدي
وارث علي لاولاده
اذا آية الارث لم تفسد
فمن قاعد منهم خائف
ومن ثائر قام لم يسعد
تسلط بغيا اكف النفا
ق منهم على سيد سيد
وما صرفوا عن مقام الصلاة
ولا عنفوا في بنى((661)) المسجد
ابوهم وامهم من علم
ت فانقص مفاخرهم او زد
ارى الدين من بعد يوم الحسين
عليلا له الموت بالمرصد
وما الشرك للّه من قبله
اذا انت قست بمستبعد
وما آل حرب جنوا انما
اعادوا الضلال على من بدي
سيعلم من فاطم خصمه
باي نكال غدا يرتدي
ومن ساء احمد يا سبطه
فباء بقتلك ماذا يدي
فداؤك نفسي ومن لي بذا
ك لو ان مولى بعبد فدي
وليت دمي ما سقى الارض منك
يقوت الردى واكون الردي
وليت سبقت فكنت الشهيد
امامك يا صاحب المشهد
عسى الدهر يشفي غدا من عدا
ك قلب مغيظ بهم مكمد
عسى سطوة الحق تعلو المحال
عسى يغلب النقص بالسؤدد
وقد فعل اللّه لكنني
ارى كبدي بعد لم تبرد
بسمعي لقائمكم دعوة
يلبي لها كل مستنجد
انا العبد والاكم عقده
اذا القول بالقلب لم يعقد
وفيكم ودادي وديني معا
وان كان في فارس مولدي
خصمت ضلالي بكم فاهتديت
ولولاكم لم اكن اهتدي
وجردتموني وقد كنت في
يد الشرك كالصارم المغمد
ولازال شعري من نائح
ينقل فيكم الى منشد
وما فاتني نصركم باللسان
اذا فاتني نصركم باليد((662))
وقال يرثي امير المؤمنين عليا وولده الحسين ويذكر مناقبهما،
وكان ذلك من نذائر مامن اللّه تعالى به من نعمة الاسلام في
المحرم سنة (392)((663)):
يزور عن حسناء زورة خائف
تعرض طيف آخر الليل طائف
فاشبهها لم تغد مسكا لناشق
كما عودت ولا رحيقا لراشف
قصية دار قرب النوم شخصها
ومانعة اهدت سلام مساعف
الين وتغري بالاباء كانما
تبر بهجراني الية حالف
وبالغور للناسين عهدي منزل
حنانيك من شات لديه وصائف
اغالط فيه سائلا لا جهالة
فاسال عنه وهو بادي المعارف
ويعذلني في الدار صحبي كانني
على عرصات الحب اول واقف
خليلي ان حالت ولم ارض‏ بينناط
وال الفيافي او عراض التنائف((664))
فلا زر ذاك السجف الا لكاشف
ولا تم ذاك البدر الا لكاسف
فان خفتما شوقي فقد تامنانه
بخاتلة بين القنا والمخاوف
بصفراء لو حلت قديما لشارب
لضنت فما حلت فتاة لقاطف
يطوف بها من آل كسرى مقرطق
يحدث عنها من ملوك الطوائف((665))
سقى الحسن حمراء السلافة خده
فانبع نبتا اخضرا في السوائف((666))
واحلف انى شعشعت لي بكفه
سلوت سوى هم لقلبي محالف
عصيت على الايام ان ينتزعنه
بنهي عذول او خداع ملاطف
جوى كلما استخفى ليخمد هاجه
سنا بارق من ارض كوفان خاطف
يذكرني مثوى علي كانني
سمعت بذاك الرزء صيحة هاتف
ركبت القوافي ردف شوقي مطية
تخب بجاري دمعي المترادف
الى غاية من مدحه ان بلغتها
هزات باذيال الرياح العواصف
وما انا من تلك المفازة مدرك
بنفسي ولو عرضتها للمتالف
ولكن تؤدي الشهد اصبع ذائق
وتعلق ريح المسك راحة‏دائف((667))
بنفسي من كانت مع اللّه نفسه
اذا قل يوم الحق من لم يجازف
اذا ما عزوا دينا فخر عابد
وان قسموا دنيا فاول عائف
كفى يوم بدر شاهدا وهوازن
لمستاخرين عنهما ومزاحف
وخيبر ذات الباب وهي ثقيلة ال
مرام على ايدي الخطوب الخفائف
ابا حسن ان انكروا الحق واضحا
على انه واللّه انكار عارف
فالا سعى للبين اخمص بازل
والا سمت للنعل اصبع خاصف
والا كما كنت ابن عم وواليا
وصهرا وصنوا كان من لم يقارف
اخصك بالتفضيل الا لعلمه
بعجزهم عن بعض تلك المواقف
نوى الغدر اقوام فخانوك بعده
وما آنف في الغدر الا كسالف
وهبهم سفاها صححوا فيك قوله
فهل دفعوا ما عنده في المصاحف
سلام على الاسلام بعدك انهم
يسومونه بالجور خطة خاسف
وجددها بالطف بابنك عصبة
اباحوا لذاك‏القرف حكة قارف((668))
يعز على محمد بابن بنته
صبيب دم من بين جنبيه واكف
اجازوك حقا في الخلافة غادروا
جوامع((669)) منه في رقاب الخلائف
ايا عاطشا في مصرع لو شهدته
سقيتك فيه من دموعي الذوارف
سقى غلتي بحر بقبرك انني
على غير المام به غير آسف
واهدى اليه الزائرون تحيتي
لا شرف ان عيني له لم تشارف
وعادوا فذروا بين جنبي تربة
شفائي مما استحقبوا في المخاوف((670))
اسر لمن والاك حب موافق
وابدي لمن عاداك سب مخالف
دعي سعى سعي الاسود وقد مشى
سواه اليها امس مشي الخوالف((671))
واغرى بك الحساد انك لم تكن
على صنم فيما رووه بعاكف
وكنت حصان الجيب من يد غامر
كذاك حصان العرض من فم قاذف
وما نسب ما بين جنبي تالد
بغالب ود بين جنبي طارف
وكم حاسد لي ود لو لم يعش
ولم‏انابله في تابينكم واسايف((672))
تصرفت في مدحيكم فتركته
يعض علي الكف عض الصوارف((673))
هواكم هو الدنيا واعلم انه
يبيض يوم الحشر سود الصحائف
وانشد قصيدة في مراثي اهل البيت (ع) من مرذول الشعر على
هذا الروي الذي يجي‏ء،وسئل ان يعمل ابياتا في وزنها على
قافيتها، فقال هذه في الوقت((674)):
مشين لنا بين ميل وهيف
فقل في قناة وقل في نزيف((675))
على كل غصن ثمار الشبا
ب من مجتنيه دواني القطوف
ومن عجب الحسن ان الثقي
ل منه يدل بحمل الخفيف
خليلي ما خبر ما تبصران
بين خلاخيلها والشنوف((676))
سلاني به فالجمال اسمه
ومعناه مفسدة للعفيف
امن عربية تحت الظلام
تولج ذاك الخيال المطيف
سرى عينها او شبيها((677)) فكا
د يفضح نومي بين الضيوف
نعم ودعا ذكر عهد الصبا
سيلقاه قلبي بعهد ضعيف
بل علي صروف الزمان
بسطن لساني لذم الصروف
مصابي على بعد داري بهم
مصاب الاليف بفقد الاليف
وليس صديقي غير الحزين
ليوم الحسين وغيرالاسوف((678))
هو الغصن((679)) كان كمينا فهب
لدى كربلاء بريح عصوف
قتيل به ثار غل النفوس
كما نغر الجرح حك القروف((680))
بكل يد امس قد بايعته
وساقت له اليوم ايدي الحتوف
نسوا جده عند عهد قريب
وتالده مع حق طريف
فطاروا له حاملين النفاق
باجنحة غشها في الحفيف((681))
يعز علي ارتقاء المنون
الى جبل منك عال منيف
ووجهك ذاك الاغر التريب
يشهر وهو على الشمس موفي
على العن امره قد سعى
بذاك الذميل وذاك الوجيف((682))
وويل ام مامورهم لو اطاع
لقد باع جنته بالطفيف
وانت وان دافعوك الامام
وكان ابوك برغم الانوف
لمن آية الباب يوم اليهود
ومن صاحب‏الجن يوم الخسيف
ومن جمع الدين في يوم بدر
واحد بتفريق تلك الصفوف
وهدم في اللّه اصنامهم
بمرآى عيون عليها عكوف
اغير ابيك امام الهدى
ضياء الندي هزبر العزيف((683))
تفلل سيف به ضرجوك
لسود خزيا وجوه السيوف
امر بفي عليك الزلال
وآلم جلدي وقع الشفوف((684))
اتحمل فقدك ذاك العظيم
جوارح جسمي هذا الضعيف
ولهفي عليك مقال الخبي
ر: انك تبرد حر اللهيف
انشرك ما حمل الزائرو
ن ام‏المسك خالط ترب الطفوف
كان ضريحك زهر الربي
ع هبت عليه نسيم الخريف
احبكم ما سعى طائف
وحنت مطوقة في الهتوف
وان كنت من فارس فالشري
ف معتلق وده بالشريف
ركبت على من يعاديكم
ويفسد تفضيلكم بالوقوف
سوابق((685)) من مدحكم لم اهب
صعوبة ريضهاوالقطوف((686))
تقطر غيري اصلابها
وتزلق اكفالها بالرديف((687))
وقال يمدح اهل البيت (ع)((688)) وهي من اول قوله:
سلا من سلا من بنا استبدلا
وكيف محا الاخر الاولا
واي هوى حادث العهد امس
انساه ذاك‏الهوى المحولا((689))
واين المواثيق والعاذلات
يضيق عليهن ان تعذلا
اكانت اضاليل وعد الزما
ن ام حلم الليل ثم انجلى
ومما جرى الدمع فيه سؤا
ل من تاه بالحسن ان يسالا
اقول برامة((690)) يا صاحبي
معاجا((691)) وان فعلا اجملا
قفا لعليل فان الوقوف
وان هو لم يشفه عللا
بغربي وجرة((692)) ينشدنه
وان زادنا صلة منزلا((693))
وحسناء لو انصفت حسنها
لكان من القبح ان تبخلا
رات هجرها مرخصا من دمي
على الناي علقا قديما غلا((694))
وربت واش بها منبض((695))
اسابقه الرد ان ينبلا
راى ودها طللا ممحلا
فلفق ما شاء ان يمحلا
والسنة كاعالي الرماح
رددت وقد شرعت ذبلا((696))
ويابى لحسناء ان اقبلت
تعرضها قمرا مقبلا
سقى اللّه ليلاتنا بالغوي
ر فيما اعل وما انهلا((697))
حيا كلما اسبلت مقلة
حنينا له عبرة اسبلا((698))
وخص وان لم تعد ليلة
خلت فالكرى بعدها ماحلا
وفى الطيف فيها بميعاده
وكان تعود ان يمطلا
فما كان اقصر ليلي به
وما كان لو لم يزر اطولا
مساحب قصر عني المشي
ب ما كان منها الصبا ذيلا
ستصرفني نزوات الهمو
م بالارب الجد ان اهزلا
وتنحت من طرفي زفرة
مباردها تاكل المنصلا((699))
واغرى بتابين آل النبي ان نسب الشعر او غزلا
بنفسي نجومهم المخمدات
ويابى الهدى غير ان تشعلا
واجسام نور لهم في الصعي
د تملؤه فيضي‏ء الملا
ببطن الثرى حمل ما لم تطق
على ظهرها الارض ان تحملا
تفيض فكانت ندى ابحرا
وتهوي فكانت علا اجبلا
سل المتحدي بهم في الفخا
ر اين سمت شرفات العلى
بمن باهل اللّه اعداءه
فكان الرسول بهم ابهلا
وهذا الكتاب واعجازه
على من وفي بيت من نزلا
وبدر وبدر به الدين تم
من كان فيه جميل البلا
ومن نام قوم سواه وقام
ومن كان افقه او اعدلا
بمن فصل الحكم يوم الجنين
فطبق في ذلك المفصلا((700))
مساع اطيل بتفصيلها
كفى معجزا ذكرها مجملا
يمينا لقد سلط الملحدون
على الحق او كاد ان يبطلا
فلولا ضمان لنا في الطهور
قضى جدل القول ان نخجلا
االلّه يا قوم يقضي النبي
مطاعا فيعصى وما غسلا
ويوصي فنخرص دعوى علي
ه في تركه دينه مهملا
ويجتمعون على زعمهم
وينبيك سعد((701)) بما اشكلا
فيعقب اجماعهم ان يبي
ت مفضولهم يقدم الافضلا
وان ينزع الامر من اهله
لان عليا له اهلا
وساروا يحطون في آله
بظلمهم كلكلا كلكلا((702))
تدب عقارب من كيدهم
فتفنيهم اولا اولا
اضاليل ساقت مصاب الحسين
وما قبل ذاك وما قد تلا
امية لابسة عارها
وان خفي الثار او حصلا
فيوم السقيفة ياابن النبي
طرق يومك في كربلا
وغصب ابيك على حقه
وامك حسن ان تقتلا
ايا راكبا ظهر مجدولة
تخال اذا انبسطت‏اجدلا((703))
شات اربع الريح في اربع
اذا ما انتشرن طوين الفلا
اذا وكلت طرفها بالسما
ء خيل بادراكها وكلا
فعزت غزالتها غرة
وطالت غزال‏الفلاايطلا((704))
كطيك في منتهى واحد((705))
لندرك يثرب او مرقلا((706))
فصل ناجيا وعلي الامان
لمن كان في حاجة موصلا
تحمل رسالة صب حملت
فناد بها احمد المرسلا
وحي وقل يا نبي الهدى
تاشب نهجك‏واستوغلا((707))
قضيت فارمضنا ما قضيت
وشرعك قد تم واستكملا((708))
فرام ابن عمك فيما سنن
ت ان يتقبل او يمثلا
فخانك فيه من الغادري
ن من غير الحق او بدلا
الى ان تحلت بها تيمها
واضحت بنو هاشم عطلا
ولما سرى امر تيم اطال
بيت عدي لها الاحبلا((709))
ومدت امية اعناقها
وقد هون الخطب واستسهلا
فنال ابن عفان ما لم يكن
يظن وما نال بل نولا
فقر وانعم عيش يكون
من قبله‏خشنا قلقلا((710))
وقلبها اردشيرية
فحرق فيها بما اشعلا
وساروا فساقوه او اوردوه
حياض الردى منهلا منهلا
ولما امتطاها علي اخو
ك رد الى الحق فاستثقلا
وجاؤوا يسومونه القاتلين
وهم قد ولوا ذلك المقتلا
وكانت هناة وانت الخصيم
غدا والمعاجل من امهلا
لكم آل ياسين مدحي صفا
وودي حلا وفؤادي خلا
وعندي لاعدائكم نافذات
قولي ما صاحب المقولا((711))
اذا ضاق بالسير ذرع الرفيق
ملات بهن فروج الملا
فواقر من كل سهم تكون
له كل جارحة مقتلا
وهلا ونهج طريق النجاة
بكم لاح لي بعدما اشكلا
ركبت لكم لقمي فاستننت((712))
وكنت اخابطه مجهلا
وفك من الشرك اسري وكا
ن غلا على منكبي مقفلا
اواليكم ما جرت مزنة
وما اصطخب الرعد او جلجلا
وابرا ممن يعاديكم
فان البراءة اصل الولا
ومولاكم لا يخاف العقاب
فكونوا له في غد موئلا
وقال يذكر مناقب امير المؤمنين صلوات اللّه عليه وما مني
به من اعدائه((713)):
ان كنت ممن يلج الوادي فسل
بين البيوت عن فؤادي ما فعل
وهل رايت والغريب ما ترى
واجد جسم قلبه منه يضل
وقل لغزلان النقا مات الهوى
وطلقت بعدكم بنت الغزل
وعاد عنكن يخيب قانص
مد الحبالات‏لكن‏فاحتبل((714))
يا من يرى قتلى السيوف حظرت
دماؤهم اللّه في قتلى المقل
ما عند سكان منى في رجل
سباه ظبي وهو في الف رجل
دافع عن صفحته شوك القنا
وجرحته اعين السرب النجل
دم حرام للاخ المسلم في