ذكرهما له ابن حجر في الصواعق((701)) (ص‏87)، الزرقاني
في شرح المواهب (7/7)، الحمزاوي المالكي في
مشارق‏الانوار((702)) (ص‏88)، الشبراوي في الاتحاف((703))
(ص‏29)، الصبان في الاسعاف (ص‏119).
وقال العجلوني((704)) في كشف الخفاء (1/19): وفي هذا مع
زيادة قلت:
لقد حاز آل المصطفى اشرف الفخر
بنسبتهم للطاهر الطيب الذكر
فحبهم فرض على كل مؤمن
اشار اليه اللّه في محكم الذكر
ومن يدعي من غيرهم نسبة له
فذلك ملعون اتى اقبح الوزر
وقد خص منهم نسل زهراء الاشرف
باطراف تيجان من السندس الخضر
ويغنيهم عن لبس ما خصهم به
وجوه لهم ابهى من الشمس والبدر
ولم يمتنع من غيرهم لبس اخضر
على راي من‏يعزى‏لاسيوطذي‏الخبر
وقد صححوا عن غيره حرمة الذي
رآه مباحا فاعلم الحكم بالسبر
واما ان تزويج علي بفاطمة (ع) كان من حوادث العهد المدني،
وقد ماشينا الرجل على نزول الاية في مكة، فانه لا ملازمة‏بين
اطباق الاية بهما وباولادهما وبين تقدم تزويجهما على نزولها،
كما لا منافاة بينه وبين تاخر وجود اولادهما على‏فرضه،فان
مما لا شبهة فيه كون كل منهما من قربى رسول اللّه (ص)
بالعمومة والبنوة. واما اولادهما فكان من المقدر في
العلم‏الازلي ان يخلقوا منهما، كما انه كان قد قضى بعلقة
التزويج بينهما، وليس من شرط ثبوت الحكم بملاك عام
يشمل الحاضروالغابر وجود موضوعه الفعلي، بل انما يتسرب
اليه الحكم مهما وجد، ومتى وجد، وانى وجد.
على ان من الممكن ان تكون قد نزلت بمكة في حجة الوداع،
وعلي قد تزوج بفاطمة وولد الحسنان، ولا ملازمة بين
نزولهابمكة وبين كونه قبل الهجرة.
(ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو
الحق)((705)).
دعوى البطلان حديث المؤاخاة. وجوابها
17 قال: اما حديث المؤاخاة ان عليا آخاه رسول اللّه فباطل
موضوع، فان النبي لم يؤاخ احدا، ولا آخى بين‏المهاجرين
بعضهم من بعض، ولا بين الانصار بعضهم من بعض، ولكن آخى
بين المهاجرين والانصار، كما آخى بين سعدبن الربيع
وعبدالرحمن بن عوف، وآخى بين سلمان الفارسي وابي
الدرداء، كما ثبت ذلك في الصحيح (2/119).
الجواب: ان حكم الرجل ببطلان حديث المؤاخاة الثابت بين
المسلمين على بكرة ابيهم يكشف عن جهله المطبق
بالحديث‏والسيرة، او عن حنقه المحتدم على امير المؤمنين
(ع) فلا يسعه ان ينال منه الا بانكار فضائله، فكانه آلى على
نفسه ان لايمر بفضيلة الا وانكرها وفندها ولو بالدعوى
المجردة. فقد اوضحنا في (ص‏112 125) ان قصة المؤاخاة
وقعت بين افرادالصحابة قبل الهجرة مرة وبين المهاجرين
والانصار بعدها مرة اخرى، وفي كل منهما آخى هو (ص) امير
المؤمنين (ع)،وحسب الرجل ما في فتح الباري((706))
(7/217) للحافظ ابن حجر العسقلاني، قال بعد بيان كون
المؤاخاة مرتين وذكرجملة من احاديثهما: وانكر ابن تيمية في
كتاب الرد((707)) على ابن المطهر الرافضي في المؤاخاة بين
المهاجرين وخصوصامؤاخاة النبي لعلي، قال: لان المؤاخاة
شرعت لارفاق بعضهم بعضا، ولتاليف قلوب بعضهم على بعض،
فلا معنى لمؤاخاة‏النبي لاحد منهم، ولا لمؤاخاة مهاجري
لمهاجري. وهذا رد للنص بالقياس واغفال عن حكمة‏المؤاخاة،
لان بعض‏المهاجرين كان اقوى من بعض بالمال والعشيرة
والقوى، فخى بين الاعلى والادنى ليرتفقن‏الادنى بالاعلى،
ويستعين‏الاعلى بالادنى، وبهذا نظر في مؤاخاته لعلي لانه هو
الذي كان يقوم به من عهد الصبا من قبل البعثة واستمر، وكذا
مؤاخاة‏حمزة وزيد بن حارثة، لان زيدا مولاهم، فقد ثبت
اخوتهما وهما من المهاجرين، وسياتي في عمرة القضاء قول
زيد بن‏حارثة: ان بنت حمزة بنت اخي.
واخرج الحاكم((708))، وابن عبد البر((709)) بسند حسن عن
ابي الشعثاء، عن ابن عباس: آخى النبي (ص) بين الزبير
وابن‏مسعود وهما من المهاجرين.
قلت: واخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير
للطبراني((710))، وابن تيمية يصرح بان احاديث المختارة
اصح واقوى من‏احاديث المستدرك وقصة المؤاخاة الاولى، ثم
ذكر حديثها الصحيح من طريق الحاكم الذي اسلفناه.
وذكر العلا مة الزرقاني في شرح المواهب (1/373) جملة من
الاحاديث والكلمات الواردة في كلتا المرتين من
المؤاخاة،وقال: وجاءت احاديث كثيرة في مؤاخاة النبي (ص)
لعلي. ثم اوعز الى مزعمة ابن تيمية ورد عليه بكلام الحافظ
ابن‏حجر المذكور. (اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من
دونه اءولياء)((711)).
تكذيب حديث: «فاطمة احصنت فرجها. و
جوابه
18 قال: الحديث الذي ذكر العلا مة عن النبي (ص) «ان
فاطمة احصنت فرجها فحرمها اللّه وذريتها على النار»كذب
باتفاق اهل المعرفة بالحديث. ويظهر كذبه لغير اهل الحديث
ايضا، فان قوله: ان فاطمة احصنت فرجها... باطل‏قطعا، فان
سارة احصنت فرجها ولم يحرم اللّه جميع ذريتها على النار،
وايضا فصفية عمة رسول اللّه(ص) احصنت فرجهاومن ذريتها
محسن وظالم، وفي الجملة: اللواتي احصن فروجهن لا يحصي
عددهن الا اللّه، ومن ذريتهن البر والفاجروالمؤمن والكافر.
وايضا ففضيلة فاطمة ومزيتها ليست بمجرد احصان الفرج، فان
هذا تشارك فيه فاطمة وجمهور نساءالمؤمنين (2/126).
الجواب: عجبا لهذا الرجل وهو يحسب ان الاجماعات
والاتفاقات طوع ارادته، فاذا لم يرقه تاويل آية او حديث او
مسالة‏او اعتقاد يقول في كل منها للملا العلمي: اتفقوا ! فتلبيه
الاحياء والاموات، ثم يحتج باتفاقهم. ولعمر الحق لو لم
يكن‏الانسان منهيا عن الكذب ولغو الحديث لما ياتي منهما فوق
ما اتى به الرجل.
ليت شعري كيف يكون هذا الحديث متفقا على بطلانه وكذبه
وقد اخرجته جماعة من الحفاظ وصححه غير واحد من‏اهل
المعرفة بالحديث؟ وليته اوعز الى من شذ منهم بالحكم بكذبه،
ودلنا على تليفهم وكلماتهم، غير انه لم يجد احدامنهم،فكون
الاتفاق بالارادة كما قلناه. وقد خرجه:
الحاكم، الخطيب البغدادي، البزار، ابو يعلى، العقيلي،
الطبراني، ابن شاهين، ابو نعيم، المحب الطبري، ابن حجر،
السيوط‏ي،المتقي الهندي، الهيثمي، الزرقاني، الصبان،
البدخشي.((712))
اذا ثبتت صحة‏الحديث، فاي وزن يقام للمناقشة فيه باوهام
وتشكيكات، واستحسانات واهية، واستبعادات خيالية ؟ كماهو
داب الرجل في كل ما لا يرتضيه من فضائل اهل البيت:، واي
ملازمة بين احصان الفرج وتحريم الذرية على النار؟حتى يرد
بالنقض بمثل سارة وصفية والمؤمنات، غير ان هذه فضيلة
اختصت بها سيدة النساء فاطمة، وكم لها من فضائل‏تخص بها
ولم تحظ بمثلها فضليات النساء من سارة الى مريم الى حواء
وغيرهن، فلا غضاضة اذا تفرد ذريتها بفضيلة لم‏يحوها غيرهم،
وكم لهم من امثالها.
وقال العلا مة الزرقاني المالكي في شرح المواهب (3/203) في
نفي هذه الملازمة الموهومة : الحديث اخرجه ابو
يعلى،والطبراني، والحاكم، وصححه عن ابن‏مسعود وله شواهد،
وترتيب التحريم على الاحصان من باب اظهار مزية شانها
في‏ذلك الوصف، مع الالماح ببنت عمران ولمدح وصف
الاحصان، والا فهي محرمة على النار بنص روايات اخر((713)).
ويؤيد هذا الحديث باحاديث اخرى، منها حديث ابن مسعود: انما
سميت فاطمة لان اللّه قد فطمها وذريتها من النار
يوم‏القيامة((714)).
وقوله (ص) لفاطمة: «ان اللّه غير معذبك ولا احدا من
ولدك‏»((715)).
وقوله (ص) لعلي: «ان اللّه قد غفر لك ولذريتك‏». راجع
(ص‏78).
وقوله (ص): «وعدني ربي في اهل بيتي من اقر منهم بالتوحيد
ولي بالبلاغ انه لا يعذبهم‏»((716)).
تكذيب حديث: «علي مع الحق والحق معه
يدور».وجوابها
19 قال: حديث ان رسول اللّه (ص) قال: «علي مع الحق،
والحق معه يدور حيث دار، ولن يفترقا حتى يرداعلي‏الحوض‏»
من اعظم الكلام كذبا وجهلا، فان هذا الحديث لم يروه احد عن
النبي (ص) لا باسناد صحيح ولا ضعيف،وهل يكون اكذب ممن
يروي يعني العلا مة الحلي عن الصحابة والعلماء انهم رووا
حديثا، والحديث لا يعرف عن احدمنهم اصلا ؟ بل هذا من
اظهر الكذب، ولو قيل: رواه بعضهم وكان يمكن صحته لكان
ممكنا، وهو كذب قطعا على‏النبي(ص) فانه كلام ينزه عنه
رسول اللّه (ص‏167 و 168).
الجواب: اما الحديث فاخرجه جمع من الحفاظ والاعلام منهم:
الخطيب في التاريخ (14/321) من طريق يوسف بن محمد
المؤدب، قال: حدثنا الحسن بن احمد بن سليمان السراج،
حدثناعبد السلام بن صالح، حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن
ابيه، عن ابي سعيد التميمي، عن ابي ثابت مولى ابي ذر،
قال:دخلت على ام سلمة فرايتها تبكي وتذكر عليا، وقالت:
سمعت رسول اللّه (ص) يقول: «علي مع الحق والحق مع
علي،ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة‏».
هذه ام المؤمنين ام سلمة سيدة صحابية، وقد نفى الرجل ان
يكون احد الصحابة قد رواه، كما نفى ان يكون احد من
العلماءيرويه، الا ان يقول: ان الخطيب وهو هو ليس من
العلماء، او لم يعتبر ام المؤمنين صحابية، وهذا اقرب الى مبدا
ابن‏تيمية لانها علوية النزعة، علوية الروح، علوية المذهب.
وحديث ام سلمة سمعه سعد بن ابي وقاص في دارها، قال:
سمعت رسول اللّه (ص) يقول: «علي مع الحق او الحق مع‏علي
حيث كان‏». قاله في بيت ام سلمة، فارسل احد الى ام سلمة
فسالها، فقالت: قد قاله رسول اللّه في بيتي.
فقال الرجل لسعد: ما كنت عندي قط الوم منك الان. فقال:
ولم ؟ قال: لو سمعت من النبي (ص) لم ازل
خادمالعلي‏حتى‏اموت.
اخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (7/236) وقال: رواه
البزار، وفيه سعد بن شعيب ولم اعرفه، وبقية رجاله
رجال‏الصحيح.
قال الاميني: الرجل الذي لم يعرفه الهيثمي هو سعيد بن
شعيب الحضرمي، قد خفي عليه لمكان التصحيف، ترجمه
غيرواحد بما قال شمس الدين ابراهيم الجوزجاني: انه كان
شيخا صالحا صدوقا. كما في خلاصة الكمال((717))
(ص‏118)،وتهذيب التهذيب((718)) (4/48).
وكيف يحكم الرجل بان الحديث لم يروه احد من الصحابة
والعلماء اصلا؟ وهذا الحافظ ابن مردويه في المناقب
والسمعاني‏في فضائل الصحابة اخرجا بالاسناد عن محمد بن
ابي بكر عن عائشة انها قالت: سمعت رسول اللّه (ص) يقول:
«علي مع‏الحق والحق مع علي، لن يفترقا حتى يردا علي
الحوض ».
واخرج ابن مردويه في المناقب والديلمي في الفردوس: انه لما
عقر جمل عائشة ودخلت دارا بالبصرة، اتى اليها محمد بن‏ابي
بكر فسلم عليها، فلم تكلمه، فقال لها: انشدك اللّه اتذكرين يوم
حدثتني عن النبي (ص) انه قال: «الحق لن يزال مع‏علي وعلي
مع الحق، لن يختلفا ولن يفترقا» ؟ فقالت: نعم.
وروى ابن قتيبة في الامامة والسياسة((719)) (1/68) عن
محمد بن ابي بكر: انه دخل على اخته عائشة غ قال لها: اما
سمعت‏رسول اللّه (ص) يقول: «علي مع الحق، والحق مع علي‏»
ثم خرجت تقاتلينه ؟
وروى الزمخشري في ربيع الابرار((720))، قال: استاذن ابو
ثابت مولى علي على ام سلمة غ فقالت: مرحبا بك يا ابا ثابت،اين
طار قلبك حين طارت القلوب مطائرها؟ قال: تبع علي بن ابي
طالب. قالت: وفقت، والذي نفسي بيده لقد سمعت‏رسول اللّه
(ص) يقول: «علي مع الحق والقرآن، والحق والقرآن مع علي،
ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض‏».
وبهذا اللفظ اخرجه اخطب الخطباء الخوارزمي في
المناقب((721))، من طريق الحافظ ابن مردويه. وكذا شيخ
الاسلام‏الحموئي في فرائد السمطين((722)) في الباب (37)
من طريق الحافظين ابي بكر البيهقي والحاكم ابي عبداللّه
النيسابوري.
واخرج ابن مردويه في المناقب عن ابي ذر انه سئل عن
اختلاف الناس فقال : عليك بكتاب اللّه والشيخ علي بن
ابي‏طالب (ع) فاني سمعت النبي (ص) يقول: «علي مع الحق
والحق معه وعلى لسانه، والحق يدور حيثما دار علي‏».
ويوقف القارئ على شهرة الحديث عند الصحابة احتجاج امير
المؤمنين به يوم الشورى بقوله: «انشدكم باللّه اتعلمون‏ان‏رسول
اللّه (ص) قال: الحق مع علي وعلي مع الحق يزول الحق مع
علي كيفما زال؟» قالوا: اللهم نعم((723)).
وهنا نسائل الرجل عن ان هذا الكلام لماذا لا يمكن صحته؟ افيه
شي‏ء من المستحيلات العقلية كاجتماع النقيضين
اوارتفاعهما؟ او اجتماع الضدين او المثلين؟ وكان الرجل يزعم
ان الحقيقة العلوية غير قابلة لان تدور مع الحق، وان يدورالحق
معها! (كبرت كلمة تخرج من افواههم)((724)).
وقد مر (1/305، 308) من طريق الطبراني وغيره باسناد
صحيح قول رسول اللّه (ص)يوم غدير خم: «اللهم وال من‏والاه،
وعاد من عاداه الى قوله : وادر الحق معه حيث دار»((725)).
وصح عنه (ص) قوله: «رحم اللّه عليا، اللهم ادر الحق معه حيث
دار»((726)).
وقال الرازي في تفسيره((727)) (1/111): واما ان علي بن ابي
طالب (رضى‏ا... عنه) كان يجهر بالتسمية فقد ثبت
بالتواتر.ومن اقتدى في دينه بعلي بن ابي طالب فقد اهتدى،
والدليل عليه قوله (ع): «اللهم ادر الحق مع علي حيث دار».
وحكى الحافظ الكنجي في الكفاية((728)) (ص‏135) واخطب
خوارزم في المناقب((729)) (ص‏77) عن مسند زيد قوله
(ص)لعلي: «ان الحق معك، والحق على لسانك وفي قلبك
وبين عينيك، والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط
لحمي‏ودمي‏».
واخرج غير واحد، عن ابي سعيد الخدري، عنه (ص) انه قال
مشيرا الى علي: «الحق مع ذا، الحق مع ذا»((730)). وفي
لفظ‏ابن مردويه عن عائشة عنه (ص): «الحق مع ذا يزول معه
حيثما زال‏».
واخرج ابن مردويه، والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد
(9/134) عن ام سلمة انها كانت تقول: كان علي على الحق،
من‏اتبعه اتبع الحق، ومن تركه ترك الحق، عهدا معهودا قبل
يومه هذا((731)).
ومر في (1/166) من طريق شيخ الاسلام الحموئي قوله (ص)
في اوصيائه: «فانهم مع الحق، والحق معهم لا يزايلونه
ولايزايلهم‏».
وليت شعري هذا الكلام لماذا ينزه عنه رسول اللّه (ص) ؟!
الاشتماله على كلمة الحادية ؟ او اشراك باللّه العظيم؟ او
امرخارج عن نواميس الدين المبين؟
انا اقول عنه لماذا: لانه في فضل مولانا امير المؤمنين، والرجل
لا يروقه شي‏ء من ذلك. ونعم الحكم اللّه، والخصيم محمد.
ولا يذهب على القارئ ان هذا الحديث عبارة اخرى لما ثبتت
صحته عن ام‏سلمة، من قوله (ص): «علي مع القرآن‏والقرآن
معه، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض‏»((732)).
وكلا الحديثين يرميان الى مغزى الصحيح المتواتر الثابت عنه
(ص) من قوله: «اني تارك او مخلف فيكم الثقلين
اوالخليفتين : كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي، لن يفترقا حتى
يردا علي الحوض‏».
فاذا كان ما يراه ابن تيمية غير ممكن الصدور عن مبدا الرسالة،
فهذه الاحاديث كلها مما يغزو مغزاه يجب ان ينزه (ص)عنها،
ولا احسب ان احدا يقتحم ذلك الثغر المخوف الا من هو كمثل
ابن تيمية لا يبالي بما يتهور فيه، فدعه وتركاضه.(ولا تتبع
اءهواء الذين لا يعلمون)((733)).
تكذيب قوله (ص) لفاطمة «ان اللّه يغضب
لغضبك‏».وجوابه
20 قال: حديث ان النبي (ص) قال: «يا فاطمة ان اللّه يغضب
لغضبك ويرضى لرضاك‏» فهذا كذب منه، ما رووا هذاعن النبي
(ص) ولا يعرف هذا في شي‏ء من كتب الحديث المعروفة، ولا
الاسناد معروف عن النبي (ص) لا صحيح ولاحسن. (2/170).
الجواب : ليتني عرفت هل المقحم للرجل في امثال هذه
الورطة جهله المطبق وضيق حيطته عن الوقوف على كتب
الحديث؟ ثم ان الرعونة تحدوه الى تكذيب ما لم يجده تكذيبا
باتا ! او ان حقده‏المحتدم لال بيت الوحي‏يتدهور به‏الى هوة
المناواة‏لهم بتفنيد فضائلهم ومناقبهم. احسب ان كلا الداءين لا
يعدوانه.
اما الحديث فله اسناد معروف عند الحفاظ والاعلام، صححه
بعضهم وحسنه آخر، وانهوه الى النبي الاقدس صلوات‏اللّه
عليه وآله وممن اخرجه:
1 الامام ابو الحسن الرضا سلام اللّه عليه في‏مسنده كما
في‏الذخائر(ص‏39).
2 الحافظ ابو موسى بن المثنى البصري: المتوفى (252). كما
في معجمه.
3 الحافظ ابو بكر بن ابي عاصم: المتوفى (287). كما في
الاصابة((734)) وغيره.
4 الحافظ ابو يعلى الموصلي: المتوفى (307). في سننه.
5 الحافظ ابو القاسم الطبراني: المتوفى (360). في
معجمه((735)).
6 الحافظ ابو عبداللّه الحاكم النيسابوري: المتوفى(405).في
المستدرك((736)) (3/154) وصححه.
7 الحافظ ابو سعيد الخركوشي: المتوفى (406). في
مؤلفه((737)).
8 الحافظ ابو نعيم الاصبهاني: المتوفى (430). في فضائل
الصحابة.
9 الحافظ ابو القاسم بن عساكر: المتوفى (571). في تاريخ
الشام((738)).
10 الحافظ ابو المظفر سبط ابن الجوزي: المتوفى (654). في
تذكرته((739))(ص‏175).
11 الحافظ ابو العباس محب الدين الطبري: المتوفى (694).
في الذخائر(ص‏39).
12 الحافظ ابو الفضل بن حجر العسقلاني: المتوفى (852).
في الاصابة(4/378).
13 الحافظ شهاب الدين بن حجر الهيتمي: المتوفى(954).
في‏الصواعق((740))(ص‏105).
14 ابو عبداللّه الزرقاني المالكي: المتوفى (1122). في شرح
المواهب(3/202).
15 ابو العرفان الصبان: المتوفى (1206). في اسعاف الراغبين
(ص‏171) وقال: رواه الطبراني وغيره باسناد حسن.
16 البدخشي صاحب مفتاح النجا. في نزل الابرار((741))
(ص‏47).
تكذيب حديثي:«علي فاروق امتي‏». و«ماكنا
نعرف‏المنافقين على عهد النبي الا ببغضهم
عليا». وجوابه

21 قال: حديث رسول اللّه (ص) في علي: «هذا فاروق امتي،
يفرق بين اهل الحق والباطل‏»، وقول ابن عمر: ما كنانعرف
المنافقين على عهد النبي (ص) الا ببغضهم عليا. فلا يستريب
اهل المعرفة بالحديث انهما حديثان موضوعان‏مكذوبان على
النبي (ص) ولم يرو واحد منهما في كتب العلم المعتمدة، ولا
لواحد منهما اسناد معروف (2/179).
الجواب: ان اجمع كلمة تنطبق على هذا المغفل هو ما قيل في
غيره قبل زمانه: اعط‏ي مقولا ولم يعط معقولا. فتراه في
ابحاث‏كتابه يقول ولا يعقل ما يقول، ويرد غير القول الذي قد
قيل له، فهذا آية اللّه العلا مة الحلي يروي عن ابن عمر قوله: ما
كنانعرف المنافقين... وهذا يقول: انه حديث مكذوب على النبي
(ص) ولم يعقل ان راويه لم يعزه الى النبي (ص)،
فكان‏حق‏المقام ان يفند نسبته الى ابن عمر، على ان ابن عمر
لم يتفرد بهذا القول وانما اصفق معه على ذلك لفيف من
الصحابة‏منهم:
1 ابو ذر الغفاري، فانه قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد
رسول اللّه (ص) الا بثلاث: بتكذيبهم اللّه ورسوله، والتخلف‏عن
الصلاة، وبغضهم علي بن ابي طالب.
اخرجه الخطيب في المتفق، محب الدين الطبري في
الرياض((742)) (2/215)، الجزري في اسنى المطالب((743))
(ص‏8) وقال:وحكي عن الحاكم تصحيحه، السيوط‏ي في
الجامع الكبير كما في ترتيبه((744)) (6/390).
2 ابو سعيد الخدري قال: كنا نعرف المنافقين نحن معشر
الانصار ببغضهم عليا.
وفي لفظ الزرندي: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه
(ص) الا ببغضهم عليا.
جامع الترمذي (2/299)، حلية الاولياء (6/295)، الفصول
المهمة(ص‏126)، اسنى المطالب للجزري (ص‏8)،
مطالب‏السؤول (ص‏17)، نظم الدرر للزرندي، الصواعق
(ص‏73)((745)).
3 جابر بن عبداللّه الانصاري قال: ما كنا نعرف المنافقين الا
ببغض او ببغضهم علي بن ابي طالب.
اخرجه احمد في المناقب((746))، ابن عبدالبر في
الاستيعاب((747)) (3/46) هامش الاصابة، الحافظ محب
الدين في‏الرياض((748))(2/214)، الحافظ الهيثمي في مجمع
الزوائد (9/132).
4 ابو سعيد محمد بن الهيثم قال: ان كنا لنعرف المنافقين
نحن معشر الانصار الا ببغضهم علي بن ابي طالب.
اخرجه الحافظ الجزري في اسنى المطالب((749)) (ص‏8).
5 ابو الدرداء قال: ان كنا نعرف المنافقين معشر الانصار الا
ببغضهم علي‏بن‏ابي طالب.
اخرجه الترمذي كما في تذكرة سبط ابن الجوزي((750))
(ص‏17).
ولم تكن هذه الكلمات دعاوى مجردة من القوم، وانما هي
مدعومة بما وعوه عن رسول اللّه (ص) في علي (ع)
واليك‏نصوصه:
1 عن امير المؤمنين انه قال: «والذي فلق الحبة وبرا النسمة،
انه لعهد النبي الامي الي: انه لا يحبني الا مؤمن، ولايبغضني الا
منافق‏».
مصادره:
اخرجه((751)) مسلم في صحيحه كما في الكفاية، الترمذي
في جامعه (2/299) من غير قسم، وقال: حسن صحيح، احمد
في‏مسنده (1/84)، ابن ماجة في سننه (1/55) النسائي في
سننه (8/117)، وفي خصائصه (ص‏27)، ابو حاتم في
مسنده،الخطيب في تاريخه (2/255)، البغوي في المصابيح
(2/199)، محب الدين الطبري في رياضه(2/214)، ابن عبدالبر
في‏الاستيعاب (3/37)، ابن الاثير في جامع الاصول كما في
تلخيصه تيسير الوصول (3/272) عن مسلم والترمذي
والنسائي،سبط ابن الجوزي في تذكرته (ص‏17)، ابن طلحة في
مطالب السؤول (ص‏17)، ابن كثير في تاريخه (7/354) عن
الحافظ‏عبدالرزاق واحمد ومسلم وعن سبعة اخرى وقال: هذا
هو الصحيح، شيخ الاسلام الحموئي في فرائده في الباب ال
(22)بطرق اربعة، الجزري في اسنى المطالب (ص‏7) وصححه،
ابن الصباغ المالكي في الفصول (ص‏124)، ابن حجر الهيتمي
في‏الصواعق (ص‏73)، ابن حجر العسقلاني في فتح الباري
(7/57)، السيوط‏ي في جمع الجوامع كما في ترتيبه (6/394)
عن‏الحميدي وابن ابي شيبة واحمد والعدني والترمذي
والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وابي نعيم في
الحلية وابن‏ابي عاصم في سننه، القرماني في تاريخه هامش
الكامل (1/216)، الشنقيط‏ي في الكفاية (ص‏35) وصححه،
والعجلوني في‏كشف الخفاء (2/382) عن مسلم والترمذي
والنسائي وابن ماجة، وقد صدقه بدر الدين بن جماعة حين قال
له ابن حيان‏ابو حيان الاندلسي: قد روى علي قال: «عهد الي
النبي...». هل صدق في هذه الرواية؟! فقال له ابن جماعة: نعم.
فقال:فالذين قاتلوه وسلوا السيوف في وجهه كانوا يحبونه او
يبغضونه؟! الدرر الكامنة (4/208).
صورة اخرى
عن امير المؤمنين: «لعهد النبي (ص) الي: لا يحبك الا مؤمن،
ولا يبغضك الا منافق‏».
مصادرها:
اخرجه((752)) احمد في مسنده (1/95، 138)، الخطيب في
تاريخه (14/426)، النسائي في سننه (8/117) وفي
خصائصه(ص‏27)، ابو نعيم في الحلية (4/185) بعدة طرق،
وفي احدى طرقه: «والذي فلق الحبة وبرا النسمة وتردى
بالعظمة، انه‏لعهد النبي الامي (ص) الي...». وقال: هذا حديث
صحيح متفق عليه، ابن عبدالبر في الاستيعاب (3/37) وقال:
روته‏طائفة من الصحابة، ابن ابي الحديد في شرحه (4/246)
وقال: هذا الخبر مروي في الصحاح.
وقال في (1/364): قد اتفقت الاخبار الصحيحة التي لا ريب
فيها عند المحدثين على ان النبي قال له: «لا يبغضك الا منافق
ولا يحبك الا مؤمن‏»، شيخ الاسلام الحموئي في الباب ال (22)،
الهيثمي في مجمع الزوائد (9/133)، السيوط‏ي في‏جامعه
الكبير كما في ترتيبه (6/152، 408) من عدة طرق، ابن حجر
في الاصابة (2/509).
صورة ثالثة
قال امير المؤمنين (ع): «لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا
على ان يبغضني ما ابغضني، ولو صببت
الدنيابجماتها((753))على المنافق على ان يحبني ما احبني،
وذلك انه قضي فانقضى على لسان النبي الامي (ص) انه قال:
يا علي لايبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق‏».
تجدها في نهج البلاغة((754))، وقال ابن ابي الحديد في
شرحه (4/264): مراده (ع) من هذا الفصل اذكار الناس ما قاله
فيه‏رسول اللّه (ص).
صورة رابعة
في خطبة لامير المؤمنين (ع): «قضاء قضاه اللّه عز وجل على
لسان نبيكم النبي الامي ان لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني‏الا
منافق‏».
اخرجه الحافظ ابن فارس، وحكاه عنه الحافظ محب الدين في
الرياض((755)) (2/214)، وذكره الزرندي في نظم
دررالسمطين((756)) وفي آخره: وقد خاب من افترى.
صدر الحديث: عن ابي الطفيل قال: سمعت عليا (ع) وهو يقول:

«لو ضربت خياشيم المؤمن بالسيف ما ابغضني، ولو نثرت على
المنافق ذهبا وفضة ما احبني، ان اللّه اخذ ميثاق
المؤمنين‏بحبي وميثاق المنافقين ببغضي، فلا يبغضني مؤمن،
ولا يحبني منافق ابدا».
صورة اخرى
عن حبة العرني، عن علي (ع) انه قال: «ان اللّه عز وجل اخذ
ميثاق كل مؤمن على حبي، وميثاق كل منافق على بغضي،فلو
ضربت وجه المؤمن بالسيف ما ابغضني، ولو صببت الدنيا على
المنافق ما احبني‏».
شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد((757)) (1/364).
2 عن ام سلمة قالت: كان رسول اللّه (ص) يقول: «لا يحب عليا
منافق ولا يبغضه مؤمن‏»((758)).
الترمذي في جامعه (2/213) وصححه، ابن ابي شيبة،
الطبراني، البيهقي في المحاسن والمساوئ (1/29)، محب
الدين في‏رياضه (2/214)، سبط ابن الجوزي في تذكرته
(ص‏15)، ابن طلحة في مطالب السؤول (ص‏17)، الجزري في
اسنى‏المطالب(ص‏7)، السيوط‏ي في الجامع الكبير كما في
ترتيبه (6/152، 158).
صورة اخرى
عن‏ام سلمة‏قالت: ان‏رسول‏اللّه(ص)قال‏لعلي: «لايبغضك مؤمن
ولايحبك‏منافق‏».
الامام احمد في المناقب، محب الدين في الرياض (2/214)، ابن
كثير في تاريخه(7/355)((759)).
صورة ثالثة
اخرج ابن عدي في كامله((760))، عن البغوي باسناد عن ام
سلمة قالت: سمعت رسول اللّه (ص) يقول في بيتي لعلي:
«لايحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق‏».
3 في خطبة للنبي (ص): «يا ايها الناس اوصيكم بحب ذي
قرنيها، اخي وابن عمي علي بن ابي طالب، فانه لا يحبه الا
مؤمن ولا يبغضه الا منافق‏»((761)).
مناقب احمد، الرياض النضرة (2/214)، شرح ابن ابي الحديد
(2/451)، تذكرة السبط (ص‏17) .
4 عن ابن عباس قال: نظر رسول اللّه (ص) الى علي فقال: «لا
يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق‏».
اخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (9/133).
وهذا الحديث مما احتج به امير المؤمنين (ع) يوم الشورى
فقال: «انشدكم باللّه هل فيكم احد قال له (ص): لا يحبك الا
مؤمن ولا يبغضك الا منافق غيري ؟». قالوا: اللهم لا((762)).
هذا ما عثرنا عليه من طرق هذا الحديث ولعل ما فاتنا منها
اكثر، ولعلك بعد هذه كلها لا تستريب في انه لو كان
هناك‏حديث متواتر يقطع بصدوره عن مصدر الرسالة فهو هذا
الحديث، او انه من اظهر مصاديقه، كما انك لا تستريب بعد
ذلك‏كله ان امير المؤمنين (ع) بحكم هذا الحديث الصادر
ميزان الايمان ومقياس الهدى بعد رسول اللّه (ص)، وهذه
صفة‏مخصوصة به (ع) وهي لا تبارحها الامامة المطلقة، فان
من المقطوع به ان احدا من المؤمنين لم يتحل بهذه المكرمة،
فليس‏حب اي احد منهم شارة ايمان ولا بغضه سمة نفاق، وانما
هو نقص في الاخلاق واعواز في الكمال ما لم تكن
البغضاءلايمانه، واما اطلاق القول بذلك مشفوعا بتخصيصه
بامير المؤمنين فليس الا ميزة الامامة، ولذلك قال رسول اللّه
(ص):«لولاك يا علي ما عرف المؤمنون بعدي‏»((763)). وقال:
«واللّه لا يبغضه احد من اهل بيتي، ولا من غيرهم من الناس، الا
وهو خارج من الايمان‏»((764)).
الا ترى كيف حكم عمر بن الخطاب بنفاق رجل رآه يسب عليا
؟! وقال: اني اظنك منافقا. اخرجه الحافظ الخطيب‏البغدادي
في تاريخه (7/453).
وحينئذ يحق لابن تيمية ان ينفجر بركان حقده على هذا
الحديث، فيرميه باثقل القذائف، ويصعد في تحوير
القول‏ويصوب.
واما الحديث الاول فينتهي اسناده الى: ابن عباس، وسلمان،
وابي ذر، وحذيفة بن اليمان، وابي ليلى الغفاري.
اخرج عن هؤلاء جمع كثير من الحفاظ والاعلام منهم:
الحاكم، ابو نعيم، الطبراني، البيهقي، العدني، البزار، العقيلي،
المحاملي، الحاكمي، ابن عساكر، الكنجي، محب الدين،
الحموئي،القرشي، الايجي، ابن ابي الحديد، الهيثمي،
السيوط‏ي، المتقي الهندي، الصفوري.
ولفظ الحديث عندهم((765)):
«ستكون بعدي فتنة فاذا كان ذلك فالزموا علي بن ابي طالب،
فانه اول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الاكبر،وهو
فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب
المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين‏»((766)).
وبعد هذا كله تعرف قيمة ما يقوله او يتقوله ابن تيمية: من ان
الحديثين لم يرو واحد منهما في كتب‏العلم المعتمدة،
ولالواحد منهما اسناد معروف. فاذا كان لايرى الصحاح
والمسانيد من كتب العلم المعتمدة، وما اسنده الحفاظ
والائمة‏وصححوه اسنادا معروفا، فحسبه ذلك جهلا شائنا،
وعلى قومه عارا وشنارا، وليت شعري على اي شي‏ء يعتمد
هووقومه في المذهب بعد هاتيك العقيدة السخيفة ؟
(يا قوم اتبعون اهدكم سبيل الرشاد)((767))
دعوى ان حروب علي (ع) لم تكن بامر من
رسول‏اللّه. وجوابها
22 قال: علي (رضى‏ا... عنه) لم يكن قتاله يوم الجمل وصفين
بامر من رسول اللّه (ص) وانما كان رايا رآه (2/231).
الجواب: اني لا اعجب من جهل هذا الانسان الذي خلق جهولا
بشؤون الامامة، وان حامل اعبائها كيف يجب ان يكون‏في ورده
وصدره، فانه في منتاى عن معنى الامامة التي نرتئيها، ولا
اعجب من جهله بموقف مولانا امير المؤمنين (ع) وانه‏كيف
كان قيد الامر ورهن الاشارة من مخلفه النبي الاعظم، فانه لم
تتح له الحيطة بمكانته وفواضله ومجاري علمه وعمله،فان
النصب المردي قد اعشى بصره، ورماه عن الحق في مرمى
سحيق، وانما كل عجبي من جهله بما اخرجه الحفاظ‏والائمة
في ذلك، ولكنه من قوم لهم اعين لا يبصرون بها.
ونحن نعلم ما يوسوس به صدره. غاية الرجل من هذا الحكم
البات تغرير الامة والتمويه على الحقيقة، وجعل تلك‏الحروب
الدامية نتيجة راي واجتهاد من الطرفين، حتى يسع له القول
بالتساوي بين امير المؤمنين ومقاتليه في الراي‏والاجتهاد، وان
كلا منهما مجتهد وله رايه مصيبا كان او مخطئا، غير ان
للمصيب اجرين وللمخطئ اجرا واحدا.
ذاهلا عن ان المنقب لا يخفى عليه هذا التدجيل، ويد التحقيق
توقظ نائمة الاثكل، وقلم الحق لا يترك الامة سدى،
وينبئهم‏عن ان اجتهاد القوم ان صحت الاحلام اجتهاد في
مقابلة النص النبوي الاغر.
وليت شعري كيف يخفى الامر على اي احد ؟ او كيف يسع ان
يتجاهل اي احد وبين يدي الملا العلمي قول رسول اللّه(ص)
لزوجاته: «ايتكن صاحبة الجمل الادبب وهو كثير الشعر
تخرج فينبحها كلاب الحواب، يقتل حولها قتلى كثير،وتنجو
بعد ما كادت تقتل؟»((768)).
وقوله (ص) لهن: «كيف باحداكن اذا نبح عليها كلاب الحواب
؟»((769)).
وقوله (ص) لهن: «ايتكن التي تنبح عليها تنبحها كلاب
الحواب ؟»((770)).
وقوله (ص) لهن: «ليت شعري ايتكن تنبحها كلاب الحواب،
سائرة الى الشرق في كتيبة...» معجم‏البلدان((771))(3/356).
وفي لفظ الخفاجي في شرح الشفا (3/166): «ليت شعري ايتكن
صاحبة الجمل الازب((772)) تنبحها كلاب الحواب؟».
وقوله (ص) لعائشة: «وكاني باحداكن قد نبحها كلاب الحواب،
واياك ان تكوني انت يا حميراء!»((773)).
وقوله (ص) لها: «يا حميراء كاني بك تنبحك كلاب الحواب،
تقاتلين عليا وانت له ظالمة !»((774)).
وقوله (ص) لها: «انظري يا حميراء ان لا تكوني انت !»((775)).
وقوله (ص) لعلي: «ان وليت من امرها شيئا فارفق
بها»((776)).
وقوله (ص): «سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا، على اللّه جهادهم
فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع‏بلسانه
فبقلبه، ليس وراء ذلك شي‏ء».
اخرجه الطبراني((777)) كما في مجمع الزوائد (9/134)،
وكنز العمال((778)) (6/155)، وفي (7/305) نقلا عن
الطبراني، وابن‏مردويه، وابي نعيم.
وقيل لحذيفة بن اليمان: حدثنا ما سمعت من رسول اللّه (ص)،
قال: لو فعلت لرجمتموني! قلنا: سبحان اللّه. قال: لوحدثتكم‏ان
بعض امهاتكم تغزوكم في كتيبة تضربكم بالسيف ما
صدقتموني. قالوا: سبحان اللّه، ومن يصدقك بهذا ؟ قال:
اتتكم‏الحميراء في كتيبة تسوق بها اعلاجها((779)).
واخرج الطبري وغيره((780)): لما سمعت عائشة غ نباح
الكلاب، فقالت: اي ماء هذا ؟ فقالوا: الحواب: فقالت: انا للّه
وانااليه راجعون، اني لهيه ! قد سمعت رسول اللّه (ص) يقول
وعنده نساؤه: «ليت شعري ايتكن تنبحها كلاب
الحواب؟».فارادت الرجوع فاتاها عبداللّه بن الزبير، فزعم انه
قال: كذب من قال: ان هذا الحواب. ولم يزل حتى مضت.
وقال العرني صاحب جمل عائشة : لما طرقنا ماء الحواب
فنبحتنا كلابها، قالوا: اي ماء هذا ؟ قلت: ماء الحواب.
قال:فصرخت عائشة باعلى صوتها، ثم ضربت عضد بعيرها
فاناخته، ثم قالت: انا واللّه صاحبة كلاب الحواب طروقا، ردوني‏
تقول ذلك ثلاثا فاناخت واناخوا حولها، وهم على ذلك وهي
تابى، حتى كانت الساعة التي اناخوا فيها من الغد، قال:فجاءها
ابن الزبير فقال: النجاء النجاء فقد ادرككم واللّه علي بن ابي
طالب. قال: فارتحلوا وشتموني((781)).
وفي حديث قيس بن ابي حازم، قال: لما بلغت عائشة رضي
اللّه عنها بعض ديار بني عامر، نبحت عليها الكلاب،فقالت: اي
ماء هذا ؟ قالوا: الحواب، قالت: ما اظنني الا راجعة، فقال الزبير:
لابعد تقدمي‏ويراك الناس ويصلح‏اللّه ذات‏بينهم. قالت: ما
اظنني الا راجعة، سمعت رسول اللّه (ص) يقول: «كيف
باحداكن اذا نبحتها كلاب الحواب؟»((782)).
وفي معجم البلدان((783)) (3/356): في الحديث: ان عائشة
لما ارادت المضي الى البصرة في وقعة الجمل مرت بهذا
الموضع آيعني الحواب فسمعت نباح الكلاب فقالت: ما هذا
الموضع ؟ فقيل لها: هذا موضع يقال له الحواب، فقالت: انا للّه،
مااراني الا صاحبة القصة ! فقيل لها: واي قصة ؟ قالت: سمعت
رسول اللّه (ص) يقول وعنده نساؤه: «ليت شعري‏ايتكن‏تنبحها
كلاب الحواب، سائرة الى الشرق في كتيبة‏». وهمت بالرجوع
فغالطوها وحلفوا لها انه ليس بالحواب.
قال الاميني: (وما كان اللّه ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين
لهم ما يتقون)((784))، (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى
من‏حي‏عن بينة وان اللّه لسميع عليم)((785))، (وكان الانسان
اكثر شي‏ء جدلا)((786))، (بل الانسان على نفسه بصيرة #
ولوالقى‏معاذيره)((787)).
وقد صح عن رسول اللّه (ص) قوله للزبير: «انك تقاتل عليا وانت
ظالم له‏». وبهذا الحديث احتج امير المؤمنين (ع) على‏الزبير
يوم الجمل، وقال: «اتذكر لما قال لك رسول اللّه (ص): انك
تقاتلني وانت ظالم لي ؟» فقال: اللهم نعم. الحديث.
اخرجه((788)) الحاكم في المستدرك (3/366) وصححه هو
والذهبي، والبيهقي في الدلائل، وابو يعلى، وابو نعيم، والطبري
في‏تاريخه (5/200، 204)، وابو الفرج في الاغاني (16/131،
132)، وابن عبد ربه في العقد الفريد (2/279)، والمسعودي
في‏مروج الذهب (2/10)، والقاضي في الشفا، وذكره ابن الاثير
في الكامل (3/102)، ابن‏طلحة في المطالب
(ص‏41)،محب‏الدين في الرياض (2/273)، الهيثمي في
المجمع (7/235)، ابن حجر في فتح الباري (13/46)،
القسطلاني في المواهب(2/195)، الزرقاني في شرح المواهب
(3/318 و 7/217)، السيوط‏ي في الخصائص (2/137) نقلا عن
جمع من الحف اظ‏بطرقهم عن: ابي الاسود وابي جروة وقيس
وعبدالسلام، الحلبي في سيرته (3/315)، الخفاجي في شرح
الشفا (3/165)،والشيخ علي القاري في شرحه هامش شرح
الخفاجي (3/165).
وهذه كلمات الصحابة مبثوثة في طيات الكتب والمعاجم، وهي
تعرب عن ان رسول اللّه (ص) كان يحث اصحابه الى‏نصرة امير
المؤمنين في تلك الحروب، ويدعوهم الى القتال معه، ويامر
عيون اصحابه بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.منهم:
1 ابو ايوب الانصاري، ذلك الصحابي العظيم. قال ابو صادق:
قدم ابو ايوب العراق، فاهدت له الازد جزرا، فبعثوا بهامعي،
فدخلت اليه فسلمت عليه، وقلت له: قد اكرمك اللّه بصحبة
نبيه ونزوله عليك، فما لي اراك تستقبل الناس تقاتلهم؟!
تستقبل هؤلاء مرة، وهؤلاء مرة فقال: ان رسول اللّه (ص) عهد
الينا ان نقاتل مع علي الناكثين، فقد قاتلناهم، وعهدالينا ان
نقاتل معه القاسطين، فهذا وجهنا اليهم يعني معاوية
واصحابه وعهد الينا ان نقاتل مع علي المارقين، فلم
ارهم‏بعد((789)).
وروى علقمة والاسود، عن ابي ايوب انه قال: ان الرائد لا يكذب
اهله، وان رسول اللّه (ص) امرنا بقتال ثلاثة مع علي:بقتال
الناكثين، والقاسطين، والمارقين. الحديث((790)).
وقال عتاب بن ثعلبة: قال ابو ايوب الانصاري في خلافة عمر بن
الخطاب:
امرني رسول اللّه (ص) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين
مع علي.
ورواه عنه اصبغ بن نباتة غير ان فيه: امرنا((791)). 2 ابو
سعيد الخدري، قال: امرنا رسول اللّه (ص) بقتال
الناكثين‏والقاسطين والمارقين قلنا: يا رسول اللّه امرتنا بقتال
هؤلاء فمع من؟ قال: «مع علي بن ابي طالب‏»((792)).
3 ابو اليقظان عمار بن ياسر، قال: امرني رسول اللّه (ص)
بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. اخرجه الطبراني،
وفي‏لفظه الاخر من طريق آخر: امرنا.
اخرجه الطبراني وابو يعلى((793))، وعنهما الهيثمي في
مجمع الزوائد (7/238).
واما كون قتال امير المؤمنين نفسه بامر من رسول اللّه، وانه لم
يكن رايا يخص به، فتوقفك على حق القول فيه عدة‏احاديث:
1 خليد العصري، قال: سمعت امير المؤمنين عليا يقول يوم
النهروان: «امرني رسول اللّه (ص) بقتال الناكثين
والقاسطين‏والمارقين‏»((794)).
2 ابو اليقظان عمار بن ياسر، قال: قال رسول اللّه (ص): «يا
علي ستقاتلك الفئة الباغية وانت على الحق، فمن لم
ينصرك‏يومئذ فليس مني‏»((795)).
3 ومن كلام لعمار بن ياسر خاطب به ابا موسى: اما اني اشهد
ان رسول اللّه (ص) امر عليا بقتال الناكثين، وسمى لي‏فيهم
من سمى، وامره بقتال القاسطين، وان شئت لاقيمن لك
شهودا يشهدون ان رسول اللّه (ص) انما نهاك وحدك‏وحذرك
من الدخول في الفتنة. شرح ابن ابي الحديد((796)) (3/293).
4 ابو ايوب الانصاري، قال في خلافة عمر بن الخطاب: امر
رسول اللّه (ص) عليا بقتال الناكثين
والقاسطين‏والمارقين((797)).
5 عبداللّه بن مسعود، قال: امر رسول اللّه (ص) عليا.
الحديث((798)).
6 علي بن ربيعة الوالبي، قال: سمعت عليا يقول: «عهد الي
النبي (ص) ان اقاتل بعده القاسطين
والناكثين‏والمارقين‏»((799)).
7 ابو سعيد مولى رباب، قال: سمعت عليا يقول: «امرت بقتال
الناكثين والقاسطين والمارقين‏»((800)).
8 سعد بن عبادة، قال: قال علي (ع): «امرت بقتال الناكثين
والقاسطين والمارقين‏»((801)).
9 اخرج ابن عساكر من طريق زيد الشهيد، عن علي انه قال:
«امرني رسول اللّه(ص) بقتال الناكثين والقاسطين‏والمارقين‏».
تاريخ ابن كثير((802)) (7/305)، كنز العمال((803))
(6/392).
10 انس بن عمرو، عن ابيه، عن علي، قال: «امرت بقتال ثلاثة:
المارقين والقاسطين والناكثين‏». اخرجه ابن‏عساكر((804))
كما في تاريخ ابن كثير((805)) (7/305).
11 عبداللّه بن مسعود، قال: خرج رسول اللّه (ص) فاتى منزل
ام سلمة، فجاء علي، فقال رسول اللّه (ص): «يا ام سلمة‏هذا واللّه
قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي‏»((806)).
12 ابن عباس، قال: قال رسول اللّه (ص) لام سلمة في حديث
مر (1/338) يصف عليا بانه يقتل القاسطين
والناكثين‏والمارقين.
13 امير المؤمنين (ع)، قال: «قال رسول اللّه (ص): يا علي انت
فارس العرب، وقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين،وانت
اخي، ومولى كل مؤمن ومؤمنة‏». شمس‏الاخبار((807))
(ص‏38).
14 ابو ايوب الانصاري، قال: سمعت النبي (ص) يقول لعلي بن
ابي طالب: «تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين‏».مستدرك
الحاكم((808)) (3/140).
15 قال ابن ابي الحديد في‏شرحه((809)) (3/245): قد ثبت
عن النبي (ص) انه قال لعلي (ع): «تقاتل بعدي
الناكثين‏والقاسطين والمارقين‏».
16 وبهذا الحديث احتج امير المؤمنين (ع) يوم الشورى،
وقال: «انشدكم اللّه هل فيكم احد يقاتل الناكثين
والقاسطين‏والمارقين على لسان النبي غيري؟» قالوا: اللهم لا.
17 ابو رافع، قال: ان رسول اللّه (ص) قال لعلي: «سيكون
بينك وبين عائشة امر. قال: انا يا رسول اللّه؟ قال: نعم. قال:انا؟
قال: نعم. قال: فانا اشقاهم يا رسول اللّه، قال: لا، ولكن اذا كان
ذلك فارددها الى مامنها».
اخرجه احمد في مسنده((810)) (6/393)، والهيثمي في
مجمع الزوائد (7/234)، وقال: رواه احمد والبزار
والطبراني((811))،ورجاله ثقات. ويوجد في كنز
العمال((812))(6/37)، والخصائص الكبرى((813)) (2/137).
18 اخرج ابو نعيم، عن الحارث، قال: كنت مع علي بصفين،
فرايت بعيرا من ابل الشام جاء وعليه راكبه وثقل، فالقى ماعليه،
وجعل يتخلل الصفوف الى علي، فجعل مشفره فيما بين راس
علي ومنكبه وجعل يحركها بجرانه، فقال علي: «واللّهانها
للعلامة التي بيني وبين رسول اللّه (ص)».الخصائص
الكبرى((814)) (2/138).
تكذيب حديث المناقب العشر
23 قال: قال الرافضي يعني العلا مة الحلي : وعن عمرو بن
ميمون، قال: لعلي بن ابي طالب عشر فضائل ليست لغيره:قال
النبي (ص): «لابعثن رجلا لا يخزيه اللّه ابدا، يحب اللّه ورسوله،
ويحبه اللّه ورسوله‏».
فاستشرف اليها من استشرف، فقال: «اين علي بن ابي طالب؟»
قالوا: هو ارمد في الرحى يطحن وما كان احدهم‏يطحن!
قال: فجاء وهو ارمد لا يكاد ان يبصر. قال: فنفث في عينيه. ثم
هز الراية ثلاثا واعطاها اياه، فجاء بصفية بنت‏حيي. قال: ثم بعث
ابا بكر بسورة براءة، فبعث عليا خلفه فاخذها منه، وقال: «لا
يذهب بها الا رجل هو مني وانامنه‏».
وقال لبني عمه: «ايكم يواليني في الدنيا والاخرة؟». قال: وعلي
جالس معهم فابوا، فقال علي: «انا اواليك في الدنياوالاخرة‏».
قال: فتركه ثم اقبل على رجل رجل منهم، فقال: «ايكم يواليني
في الدنيا والاخرة؟» فابوا، فقال علي: «انااواليك في الدنيا
والاخرة‏». فقال: «انت وليي في الدنيا والاخرة‏».
قال: وكان علي اول من اسلم من‏الناس بعد خديجة. قال: واخذ
رسول‏اللّه (ص) ثوبه فوضعه على علي وفاطمة
والحسن‏والحسين، فقال: (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس
اهل البيت ويطهركم تطهيرا).
قال: وشرى علي نفسه ولبس ثوب رسول اللّه (ص) ثم نام
مكانه، وكان المشركون يرمونه بالحجارة.
وخرج رسول اللّه (ص) بالناس في غزاة تبوك، فقال له علي:
«اخرج معك؟ فقال: لا». فبكى علي. فقال له: «اماترضى‏ان تكون
مني بمنزلة هارون من موسى الا انك لست بنبي؟ لا ينبغي ان
اذهب الا وانت خليفتي‏». وقال رسول اللّه(ص): «انت وليي
في((815)) كل مؤمن بعدي‏».
قال: وسد ابواب المسجد الا باب علي. قال: وكان يدخل
المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره. وقال له:
«من‏كنت مولاه فعلي مولاه‏» (3/8).
ثم قال ما ملخصه:
الجواب: ان هذا ليس مسندا بل هو مرسل لو ثبت عن عمرو بن
ميمون. وفيه الفاظ هي كذب على رسول اللّه (ص)كقوله: «لا
ينبغي ان اذهب الا وانت خليفتي‏». فان النبي (ص) ذهب غير
مرة وخليفته على المدينة غير علي ثم ذكرعدة من ولاته
على المدينة فقال: وعام تبوك ما كان الاستخلاف الا على
النساء والصبيان، ومن عذر اللّه، وعلى الثلاثة‏الذين خلفوا، او
متهم بالنفاق، وكانت المدينة آمنة لا يخاف على اهلها، ولا
يحتاج المستخلف الى جهاد.
وكذلك قوله: وسد الابواب كلها الا باب علي. فان هذا مما
وضعته الشيعة على طريق المقابلة، فان الذي في الصحيح
عن‏ابي سعيد، عن النبي (ص) انه قال في مرضه الذي مات
فيه: ان امن الناس علي في ماله وصحبته ابو بكر، ولو
كنت‏متخذاخليلا غير ربي لاتخذت ابا بكر خليلا، ولكن اخوة
الاسلام ومودته، لا يبقين في المسجد خوخة الا سدت الا
خوخة ابي بكر. ورواه ابن عباس ايضا في الصحيحين.
ومثل قوله: «انت وليي في كل مؤمن بعدي‏»: فان هذا موضوع
باتفاق اهل المعرفة بالحديث.
ثم اردفه بخرافات وتافهات في بيان عدم اختصاص علي بهذه
المناقب.
الجواب: كان الاحرى بالرجل‏ان يحرج على العلماءالنظر في
كتابه، فيختص خطابه بالرعرة الدهماء ممن لا يعقل اي
طرفيه‏اطول، لان نظر العلماء فيه يكشف عن سواته، ويوضح
للملا اعوازه في العلم وانحيازه عن الصدق والامانة،
ويظهرتدجيله وتزويره وتمويهه على الحقائق، ومن المحتمل
جدا انه قد غالى في عظمة نفسه يوم خوطب بشيخ الاسلام،
فحسب‏ان الامة تاخذ ما يقوله كاصول مسلمة لا تناقشه فيه
الحساب، واذ اخفق ظنه واكدى((816)) امله، فهلم معي نمعن
النظرة في‏هملجته حول هذا الحديث، وما له فيه من جلبة
وسخب((817)).
فاول ما يتقول فيه: انه مرسل وليس بمسند.
فكان عينيه في غشاوة عن مراجعة المسند لامام مذهبه احمد
بن حنبل، فانه اخرجه((818)) في (1/331) عن يحيى بن
حماد،عن ابي عوانة، عن ابي بلج، عن عمرو ابن ميمون، عن
ابن عباس((819)). ورجال هذا السند رجال الصحيح غير ابي
بلج،وهو ثقة عند الحفاظ، كما مرت في ترجمته (1/71).