الصفحة التالية

الصفحة السابقة

واخرجه((820)) بسند صحيح رجاله كلهم ثقات الحافظ
النسائي في الخصائص(ص‏7)، والحاكم في المستدرك
(3/132)وصححه هو والذهبي، والطبراني كما في المجمع
للحافظ الهيثمي وصححه، وابو يعلى كما في البداية والنهاية،
وابن عساكر في‏الاربعين الطوال، وذكره ابن حجر في الاصابة
(2/509)، وجمع آخرون اسلفناهم في الجزء الاول (ص‏51).
فما عذر الرجل في نسبة الارسال الى مثل هذا الحديث وانكار
سنده المتصل الصحيح الثابت؟ اهكذا يفعل بودائع
النبوة؟اهكذا تلعب يد الامانة بالسنة والعلم والدين؟
والاعجب انه عطف بعد ذلك على فقرات من الحديث وهو
يحاول تفنيدها ويحسبها من الاكاذيب، منها : قوله (ص):
«لاينبغي ان اذهب الا وانت خليفتي‏». فارته كذبا، مستدلا بان
النبي (ص) ذهب غير مرة وخليفته على المدينة غير علي.
ومن استشف الحقيقة من هذا الموقف علم انها قضية شخصية
لا تعدو قصة تبوك، لما كان (ص) يعلمه من عدم وقوع‏الحرب
فيها، وكانت حاجة المدينة الى خلافة مثل امير المؤمنين عليها
مسيسة، لما تداخل القوم من عظمة ملك الروم آهرقل وتقدم
جحفله الجرار، وكانوا يحسبون ان رسول اللّه (ص) وحشده
الملتف به لا قبل لهم به، ومن هنا تخلف‏المتخلفون من
المنافقين، فكان اقرب الحالات في المدينة بعد غيبة النبي
(ص) ان يرجف بها المنافقون للفت في عضدصاحب الرسالة،
والتزلف الى عامل بلاد الروم الزاحف، فكان من واجب الحالة
عندئذ ان يخلف عليها امير المؤمنين (ع)المهيب في اعين
القوم، والعظيم في النفوس الجامحة، وقد عرفوه بالباس
الشديد، والبطش الصارم، اتقاء بادرة ذلك الشرالمترقب. والا
فامير المؤمنين (ع) لم يتخلف عن مشهد حضره رسول اللّه
(ص) الا تبوك((821))، وعلى هذا اتفق علماء السيركما قال
سبط ابن الجوزي في التذكرة((822)) (ص‏12).
وفي وسع الباحث ان يستنتج ما بيناه من قوله (ص) لعلي:
«كذبوا ولكن خلفتك لما ورائي‏». فيما اخرجه ابن
اسحاق،باسناده عن سعد بن ابي وقاص قال:
لما نزل رسول اللّه الجرف طعن رجال من المنافقين في امرة
علي، وقالوا: انما خلفه استثقالا، فخرج علي فحمل سلاحه‏حتى
اتى النبي (ص) بالجرف، فقال: «يا رسول اللّه ما تخلفت عنك
في غزاة قط قبل هذه، قد زعم المنافقون انك
خلفتني‏استثقالا. فقال: كذبوا ولكن خلفتك لما ورائي‏».
الحديث((823)). ومما صح عنه (ص) حين اراد ان يغزو انه
قال: «ولا بد من‏ان اقيم او تقيم‏». فخلفه((824)).
اذا عرفت ذلك كله فلا يذهب عليك ان قوله (ص): «لا ينبغي
ان اذهب الا وانت خليفتي‏». ليس له مغزى الا خصوص هذه
الواقعة، وليس في لفظه عموم يستوعب كل ما غاب (ص) عن
المدينة، فمن الباطل نقض الرجل‏باستخلاف غيره على
المدينة في غير هذه الواقعة، حيث لم تكن فيه ما اوعزنا اليه
من الارجاف، وكانت حاجة الحرب‏امس الى وجود امير
المؤمنين (ع) حيث لم يكن غيره كمثله يكسر صولة الابطال،
ويغير في وجوه الكتائب. فكان (ص)في اخذ امير المؤمنين معه
الى الحروب واستخلافه في مغيبه يتبع اقوى المصلحتين.
الكلام حول حديث المنزلة
ثم ان الرجل حاول تصغيرا لصورة هذه الخلافة، فقال: وعام
تبوك ما كان الاستخلاف... الخ. غير ان نظارة التنقيب لاتزال
مكبرة لها من شتى النواحي:
الاولى: قوله: «اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من
موسى؟». وهو يعط‏ي اثبات كل ما للنبي (ص) من رتبة،وعمل،
ومقام، ونهضة، وحكم، وامارة، وسيادة لامير المؤمنين عدا ما
اخرجه الاستثناء من النبوة، كما كان هارون من‏موسى كذلك.
فهو خلافة عنه (ص)، وانزال لعلي (ع) منزلة نفسه لا محض
استعمال كما يظنه الظانون، فقد استعمل (ص)قبل هذه على
البلاد اناسا، وعلى المدينة آخرين، وامر على السرايا رجالا لم
يقل في احد منهم ما قاله في هذا الموقف، فهي‏منقبة تخص
امير المؤمنين فحسب.
الثانية: قوله (ص) فيما مر عن سعد بن ابي وقاص: «كذبوا ولكن
خلفتك لما ورائي‏». لما طعن رجال من المنافقين في امرة‏علي
(ع)، ولا يوعز (ص) به الا الى ما اشرنا اليه من خشية الارجاف
بالمدينة عند مغيبه، وان ابقاءه كان لابقاء بيضة‏الدين عن ان
تنتهك، وحذار ان يتسع خرقها بهملجة المنافقين، لولا هناك
من يطا فورتهم باخمص باسه وحجاه، فكان قدخلفه لمهمة لا
ينوء بها غيره.
الثالثة: قوله (ص) لعلي (ع) في حديث البراء بن عازب وزيد بن
ارقم، قالا: قال حين اراد (ص) ان يغزو: «انه لا بد من‏ان اقيم او
تقيم‏» فخلفه((825)). وهو يدل على ان بقاء امير المؤمنين (ع)
على حد بقاء رسول اللّه (ص) في كلاءة بيضة الدين‏وارحاض
معرة المفسدين، فهو امر واحد يقام بكل منهما على حد سواء،
وناهيك به من منزلة ومقام.
الرابعة: ما صح عن سعد بن ابي وقاص من‏قوله:واللّه لا ن
يكون‏لي واحدة من خلاله الثلاث احب الي من ان يكون لي
ماطلعت عليه الشمس، لا ن يكون قال لي ما قال له حين رده
من تبوك: «اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من‏موسى؟
الا انه لا نبي بعدي‏». احب الي من ان يكون لي ما طلعت عليه
الشمس((826)).
وقال المسعودي في المروج (2/61) بعد ذكر الحديث: ووجدت
في وجه آخر من الروايات، وذلك في كتاب علي بن محمدبن
سليمان النوفلي في الاخبار عن ابن عائشة وغيره: ان سعدا لما
قال هذه المقالة لمعاوية ونهض ليقوم ضرط له معاوية!!وقال
له: اقعد حتى تسمع جواب ما قلت، ما كنت عندي قط الام
منك الان، فهلا نصرته؟ ولم قعدت عن بيعته؟ فاني لوسمعت
من النبي (ص) مثل الذي سمعت فيه، لكنت خادما لعلي ما
عشت! فقال سعد: واللّه اني لاحق بموضعك منك. فقال‏معاوية:
يابى عليك [ذلك]((827)) بنو عذرة، وكان سعد فيما يقال
لرجل من بني عذرة.
وصح عند الحفاظ الاثبات ان معاوية امر سعدا فقال: ما منعك
ان تسب ابا تراب؟ قال: اما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول‏اللّه (ص)
فلن اسبه، لا ن تكون لي واحدة منهن احب الي من حمر النعم،
سمعت رسول اللّه (ص) يقول لعلي وخلفه في‏تبوك، فقال له
علي: «يا رسول اللّه تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول
اللّه (ص): اما ترضى ان تكون مني بمنزلة‏هارون من موسى؟ الا
انه لا نبي بعدي‏»((828)).
وورد في حديث ان سعدا دخل على معاوية فقال له: مالك لم
تقاتل معنا؟ فقال: اني مرت بي ريح مظلمة فقلت: اخ
اخ.فانخت راحلتي حتى انجلت عني، ثم عرفت الطريق فسرت.
فقال معاوية: ليس في كتاب اللّه اخ اخ، ولكن قال اللّه
تعالى:(وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان
بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي‏ء
الى‏امراللّه)((829)). فواللّه ما كنت مع الباغية على العادلة، ولا
مع العادلة على الباغية. فقال سعد: ما كنت لاقاتل رجلا قال
له‏رسول اللّه (ص): «انت مني بمنزلة هارون من موسى غير انه
لا نبي بعدي‏».
فقال معاوية: من سمع هذا معك؟ فقال: فلان وفلان وام سلمة.
فقال معاوية: اما اني لو سمعته منه (ص) لما قاتلت عليا.تاريخ
ابن كثير((830)) (8/77).
فان هذا الذي كان يستعظمه سعد في عداد حديث الراية
والتزويج بالصديقة الطاهرة بوحي من اللّه العزيز اللذين هما
من‏اربى الفضائل، ويراه معاوية: لو كان سمعه فيه لما قاتل عليا،
ولكان يخدم عليا ما عاش، لابد وان يكون على حد ماوصفناه
حتى يتسنى لسعد تفضيله على ما طلعت عليه الشمس، او
حمر النعم، ولمعاوية ايجاب الخدمة له، دون‏الاستخلاف على
العائلة لينهض بشؤون حياتها كما هو شان الخدم، او ينصب عينا
على المنافقين فحسب ليتجسس‏اخبارهم، كما هو وظيفة
الطبقة الواطئة من مستخدمي الحكومات.
الخامسة: قول سعيد بن المسيب، بعد ما سمع الحديث عن
ابراهيم او عامر ابني سعد بن ابي وقاص: فلم ارض فاحببت
ان‏اشافه بذلك سعدا، فاتيته فقلت: ما حديث حدثني به ابنك
عامر؟ فادخل اصبعيه في اذنيه وقال: سمعت من رسول اللّهوالا
فاستكتا((831)). فماذا كان سعيد يستعظمه من الحديث حتى
طفق يستحفي خبره من نفس سعد بعدما سمعه من ابنه،
فاكدله سعد ذلك التاكيد، غير انه فهم من مؤداه ما ذكرناه من
العظمة؟
السادسة: قول الامام ابي بسطام شعبة بن الحجاج في الحديث:
كان هارون افضل امة موسى (ع) فوجب ان يكون‏علي(ع) افضل
من كل امة محمد (ص) صيانة لهذا النص الصحيح الصريح،
كما قال موسى لاخيه هارون: (اخلفني في‏قومي واصلح
)((832))((833)).
السابعة: قال الطيبي: (مني) خبر المبتدا، و(من) اتصالية،
ومتعلق الخبر خاص والباء زائدة، كما في قوله تعالى: (فان
آمنوابمثل ما آمنتم به)((834))، اي فان آمنوا ايمانا مثل
ايمانكم، يعني انت متصل ونازل مني بمنزلة هارون من موسى،
وفيه تشبيه،ووجه الشبه مبهم بينه بقوله: «الا انه لا نبي
بعدي‏». فعرف ان الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة
بل من جهة‏ما دونها وهي الخلافة((835)).
تكذيب حديث سد الابواب الا باب علي (ع).
وجوابه
ومما كذبه الرجل من الحديث قول: وسد الابواب الا باب علي،
وقال: فان هذا مما وضعته الشيعة على طريق المقابلة....
الجواب: لا اجد لنسبة وضع هذا الحديث الى الشيعة دافعا الا
القحة والصلف، ودفع الحقائق الثابتة بالجلبة والسخب،
فان‏نصب عيني الرجل كتب الائمة من قومه وفيها مسند امام
مذهبه احمد قد اخرجوه فيها باسانيد جمة صحاح وحسان،
عن‏جمع من الصحابة تربو عدتهم على عدد ما يحصل به التواتر
عندهم، منهم:
تواتر حديث سد الابواب وطرقه
1 زيد بن ارقم، قال: كان لنفر من اصحاب رسول اللّه (ص)
ابواب شارعة في المسجد، قال: فقال يوما: « سدوا هذه‏الابواب
الا باب علي‏». قال: فتكلم في ذلك الناس! قال: فقام رسول اللّه
(ص) فحمد اللّه واثنى عليه، ثم قال:
«اما بعد: فاني امرت بسد هذه الابواب غير باب علي، فقال فيه
قائلكم! واني ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكني امرت‏بشي‏ء
فاتبعته‏».
سند الحديث في مسند الامام احمد((836)) (4/369):
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف، عن ميمون ابي عبداللّه،
عن زيد بن ارقم. رجاله رجال الصحيح، غير ابي عبداللّهميمون
وهو ثقة، فالحديث بنص الحفاظ صحيح رجاله ثقات.
واخرجه النسائي في السنن الكبرى والخصائص((837))
(ص‏13) عن الحافظ محمد ابن بشار بندار الذي انعقد الاجماع
على‏الاحتجاج به.
قاله الذهبي بالاسناد المذكور، والحاكم في المستدرك
(3/125) وصححه، والضياء المقدسي في المختارة مما ليس
في‏الصحيحين، والكلاباذي في معاني الاخبار كما في القول
المسدد (ص‏17)، وسعيد بن منصور في سننه، ومحب الدين
الطبري‏في الرياض (2/192)، والخطيب البغدادي من طريق
الحافظ محمد بن بشار، والكنجي في الكفاية (ص‏88)، وسبط
ابن‏الجوزي في التذكرة (ص‏24)، وابن ابي الحديد في
شرحه(2/451)، وابن كثير في تاريخه (7/342)، وابن حجر
في‏القول‏المسدد(ص‏17) وقال: اورده ابن الجوزي في
الموضوعات من طريق النسائي واعله بميمون، واخطا في
ذلك‏خطاظاهرا ، وميمون وثقه غير واحد وتكلم بعضهم في
حفظه، وقد صحح له الترمذي حديثا غير هذا.
ورواه في فتح الباري (7/12) وقال: رجاله ثقات، والسيوط‏ي
في جمع الجوامع كما في الكنز (6/152، 157)، والهيثمي
في‏مجمع الزوائد (9/114)، والعيني في عمدة القاري (7/592)،
والبدخشي في نزل الابرار، وقال: اخرجه احمد
والنسائي‏والحاكم والضياء باسناد رجاله ثقات((838)).
2 عبداللّه بن عمر بن الخطاب، قال: لقد اوتي ابن ابي طالب
ثلاث خصال، لا ن تكون لي واحدة منهن احب الي من
حمرالنعم: زوجه رسول اللّه (ص) ابنته فولدت له، وسد الابواب
الا بابه في المسجد، واعطاه الراية يوم خيبر.
سند الحديث في مسند احمد((839)) (2/26):
حدثنا وكيع، عن هشام بن سعد، عن عمر بن اسيد، عن ابن
عمر.
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (9/120): رواه احمد
وابو يعلى((840))، ورجالهما رجال الصحيح.
واخرجه((841)) ابن ابي شيبة، وابو نعيم، ومحب الدين في
الرياض (2/192)، وشيخ الاسلام الحموئي في الفرائد في الباب
ال(41)، وابن حجر في فتح الباري (7/12)، والصواعق (ص‏76)،
وصححه في القول المسدد (ص‏20) وقال: حديث ابن‏عمر اعله
ابن الجوزي بهشام بن سعد من رجال مسلم، صدوق تكلموا في
حفظه، وحديثه يقوى بالشواهد.
ورواه النسائي بسند صحيح، والسيوط‏ي في جمع الجوامع كما
في الكنز((842))(6/391). والبدخشي في نزل
الابرار((843))(ص‏35)وقال: اسناد جيد.
3 عبداللّه بن عمر بن الخطاب، قال له العلاء بن عرار: اخبرني
عن علي وعثمان. قال: اما علي فلا تسال عنه احدا، وانظرالى
منزله من رسول اللّه (ص) فانه سد ابوابنا في المسجد واقر بابه.
اخرجه الحافظ النسائي((844))، من طريق ابي اسحاق
السبيعي، قال ابن حجر في القول المسدد((845)) (ص‏18)
وفتح الباري(7/12): سند صحيح، ورجاله رجال الصحيح، الا
العلاء وهو ثقة، وثقه يحيى بن معين وغيره.
واخرجه الكلاباذي في‏معاني‏الاخبار كما في‏القول‏المسدد
(ص‏18)، والهيثمي في مجمع الزوائد (9/115)، والسيوط‏ي
في‏اللالئ((846)) (1/181) عن ابن حجر، مع تصحيحه وكلامه
المذكور، والبدخشي في نزل الابرار((847)) (ص‏35) وصححه
مثل مامر عن ابن حجر.
4 البراء بن عازب، رواه بلفظ زيد بن ارقم المذكور، قال
احمد((848)): رواه ابو الاشهب جعفر بن حيان البصري عن
عوف،عن ميمون ابي عبداللّه، عن البراء. راجع تاريخ ابن
كثير((849)) (7/342)، والاسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
5 عمر بن الخطاب، قال ابو هريرة: قال عمر: لقد اعط‏ي علي
بن ابي طالب ثلاث خصال، لا ن تكون لي خصلة منهااحب الي
من ان اعط‏ى حمر النعم.
قيل: وما هن يا امير المؤمنين؟
قال: تزوجه فاطمة بنت رسول اللّه، وسكناه المسجد مع رسول
اللّه يحل له فيه ما يحل له، والراية يوم خيبر.
اخرجه((850)) الحاكم في المستدرك (3/125) وصححه، وابو
يعلى في الكبير، وابن السمان في الموافقة، والجزري في
اسنى‏المطالب (ص‏12) من طريق الحاكم، وذكر تصحيحه له،
ومحب الدين في الرياض (2/192)، والخوارزمي في
المناقب(ص‏261)، والهيثمي في مجمع الزوائد (9/120)،
والسيوط‏ي في تاريخ الخلفاء (ص‏116)، والخصائص الكبرى
(2/243)،وابن حجر في الصواعق (ص‏76).
6 عبداللّه بن عباس، قال: ان النبي (ص) امر بسد الابواب
فسدت الا باب علي. وفي لفظ له: امر رسول اللّه (ص)
بابواب‏المسجد فسدت الا باب علي.
اخرجه الترمذي في جامعه((851)) (2/214) عن محمد بن
حميد وابراهيم بن المختار، كلاهما عن شعبة، عن ابي بلج
يحيى بن‏سليم، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس. والاسناد
صحيح، رجاله كلهم ثقات.
واخرجه((852)) النسائي في الخصائص (ص‏13)، ابو نعيم في
الحلية (4/153) بطريقين، محب الدين في الرياض
(2/192)،الكنجي في الكفاية (ص‏87) وقال: حديث حسن عال،
سبط ابن الجوزي في تذكرته (ص‏25)، ابن حجر في القول
المسدد(ص‏17)، وفي فتح الباري (7/12) وقال: رجاله ثقات،
الحلبي في السيرة (3/373)، البدخشي في نزل الابرار
(ص‏35)وقال: اخرجه احمد والنسائي باسناد رجاله ثقات.
7 عبداللّه بن عباس، قال: امر رسول اللّه (ص) بسد ابواب
المسجد غير باب علي، فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس‏له
طريق غيره.
اخرجه النسائي في الخصائص((853)) (ص‏14) قال: اخبرنا
محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا
ابووضاح((854))، قال: اخبرنا يحيى، حدثنا عمرو ابن ميمون،
قال: قال ابن عباس: امر رسول اللّه (ص). الخ. والاسناد
صحيح،رجاله كلهم ثقات.
ورواه ابن حجر في فتح الباري((855)) (7/12) وقال: رجاله
ثقات، والقسطلاني في ارشاد الساري((856)) (6/81) عن
احمدوالنسائي ووثق رجاله. ويوجد في نزل الابرار((857))
(ص‏35).
وفي لفظ لابن عباس: قال: قال رسول اللّه (ص): «سدوا ابواب
المسجد كلها الا باب علي‏». اخرجه الكلاباذي في معاني‏الاخبار،
وابو نعيم وغيرهما.
8 عبداللّه بن عباس، قال: قال رسول اللّه (ص) لعلي: «ان
موسى سال ربه ان يطهر مسجده لهارون وذريته، واني
سالت‏اللّه ان يطهر لك ولذريتك من بعدك‏»، ثم ارسل الى ابي
بكر: ان سد بابك، فاسترجع وقال: سمعا وطاعة، فسد بابه.
ثم‏الى‏عمر كذلك. ثم صعد المنبر فقال: «ما انا سددت ابوابكم
ولا فتحت باب علي ولكن اللّه سد ابوابكم وفتح باب
علي‏».اخرجه النسائي كما ذكره السيوط‏ي((858)).
9 عبداللّه بن عباس، قال: لما اخرج اهل المسجد وترك عليا،
قال الناس في ذلك! فبلغ النبي (ص) فقال: «ما انااخرجتكم
من قبل نفسي ولا انا تركته، ولكن اللّه اخرجكم وتركه، انما انا
عبد مامور، ما امرت به فعلت، ان اتبع الا مايوحى الي‏».
اخرجه الطبراني((859))، والهيثمي في المجمع (9/115)،
والحلبي في السيرة((860)) (3/374).
10 ابو سعيد الخدري سعد بن مالك، قال عبداللّه بن الرقيم
الكناني: خرجنا الى المدينة زمن الجمل، فلقينا سعد بن
مالك‏بها، فقال: امر رسول اللّه (ص) بسد الابواب الشارعة في
المسجد وترك باب علي.
اخرجه الامام احمد((861))، عن حجاج، عن فطر، عن عبداللّه
بن الرقيم.
قال الهيثمي في المجمع (9/114): اسناد احمد حسن، ورواه
ابو يعلى والبزار والطبراني في الاوسط وزاد: قالوا: يا رسول
اللّهسددت ابوابنا كلها الا باب علي. قال: «ما انا سددت ابوابكم
ولكن اللّه سدها».
11 سعد بن مالك ابو سعيد الخدري، قال: ان علي بن ابي
طالب اعط‏ي ثلاثا لا ن اكون اعطيت احداهن احب الي
من‏الدنيا وما فيها، لقد قال له رسول اللّه (ص) يوم غدير خم بعد
حمداللّه والثناء عليه الى ان قال : جي‏ء به يوم خيبر وهوارمد
ما يبصر، الى ان قال : واخرج رسول اللّه عمه العباس وغيره
من المسجد، فقال له العباس: تخرجنا ونحن
عصبتك‏وعمومتك وتسكن عليا؟! فقال: «ما انا اخرجتكم
واسكنته، ولكن اللّه اخرجكم واسكنه‏».
اخرجه الحاكم في المستدرك((862)) (3/117).
12 ابو حازم الاشجعي، قال: قال رسول اللّه (ص): «ان اللّه امر
موسى ان يبني مسجدا طاهرا لا يسكنه الا هووهارون، وان اللّه
امرني ان ابني مسجدا طاهرا لا يسكنه الا انا وعلي وابنا علي‏».
رواه السيوط‏ي في الخصائص((863)) (2/243).
13 جابر بن عبداللّه، قال: سمعت رسول اللّه (ص) يقول:
«سدوا الابواب كلها الا باب علي‏»، واوما بيده الى باب‏علي.
اخرجه((864)) الخطيب البغدادي في تاريخه (7/205)، ابن
عساكر في تاريخه، الكنجي في الكفاية (ص‏87)، السيوط‏ي
في‏الجمع كما في ترتيبه (6/398).
14 جابر بن سمرة، قال: امر رسول اللّه (ص) بسد الابواب كلها
غير باب علي. فقال العباس: يارسول اللّه قدر ما ادخل‏انا وحدي
واخرج. قال: «ما امرت بشي‏ء من ذلك‏». فسدها غير باب علي.
قال: وربما مر وهو جنب.
اخرجه((865)) الحافظ الطبراني في الكبير، عن ابراهيم بن
نائلة الاصبهاني، عن اسماعيل بن عمرو البجلي، عن ناصح،
عن‏سماك بن حرب، عن جابر. والاسناد حسن ان لم يكن
صحيحا لمكان ناصح. والهيثمي في مجمع الزوائد (9/115)،
وابن‏حجر في القول المسدد (ص‏18)، وفتح الباري (7/12)،
والقسطلاني في ارشاد الساري (6/81)، والحلبي في
السيرة(3/374)، والبدخشي في نزل الابرار (ص‏35).
15 سعد بن ابي وقاص، قال: امرنا رسول اللّه (ص) بسد
الابواب الشارعة في المسجد، وترك باب علي.
اخرجه احمد في المسند((866)) (1/175)، وقال ابن حجر في
فتح الباري((867))(7/11): اخرجه احمد والنسائي واسناده
قوي.وذكره العيني في عمدة القاري((868))(7/592) وقوى
اسناده.
16 سعد بن ابي وقاص، قال: ان رسول اللّه (ص) سد ابواب
المسجد وفتح باب علي، فقال الناس في ذلك! فقال: «ما
انافتحته ولكن اللّه فتحه‏».
اخرجه ابو يعلى((869))، قال: حدثنا موسى بن محمد بن
حسان، حدثنا محمد بن اسماعيل بن جعفر بن الطحان،
حدثناغسان بن بسر الكاهلي، عن مسلم، عن خيثمة، عن سعد.
حكاه عنه ابن كثير في تاريخه((870)) (7/342) من دون غمز
في‏الاسناد.
17 سعد بن ابي وقاص، قال الحارث بن مالك: اتيت مكة
فلقيت سعد بن ابي وقاص، فقلت: هل سمعت لعلي بن
ابي‏طالب منقبة؟ قال: كنا مع رسول اللّه (ص) فنودي فينا ليلا:
ليخرج من في المسجد الا آل رسول اللّه. فلما اصبح اتاه
عمه،فقال: يا رسول اللّه، اخرجت اصحابك واعمامك واسكنت
هذا الغلام! فقال: «ما انا الذي امرت باخراجكم ولا باسكان‏هذا
الغلام، ان اللّه هو امر به‏».
اخرجه النسائي في الخصائص((871)) (ص‏13)، واخرج باسناد
آخر عنه وفيه: ان العباس اتى النبي (ص) فقال:سددت‏ابوابنا الا
باب علي! فقال: «ما انا فتحتها ولا انا سددتها».
18 سعد بن ابي وقاص، قال: امر رسول اللّه (ص) بسد الابواب
الا باب علي، فقالوا: يا رسول اللّه سددت ابوابنا كلهاالا باب علي.
فقال: «ما انا سددت ابوابكم ولكن اللّه تعالى سدها».
اخرجه احمد، والنسائي، والطبراني في الاوسط((872))، عن
معاوية بن الميسر بن شريج، عن الحكم بن عتيبة، عن مصعب
بن‏سعد، عن ابيه. والاسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.
راجع((873)) : القول المسدد (ص‏18)، فتح الباري (7/11)
وقال: رجال الرواية ثقات، ارشاد الساري (6/81) وقال: وقع‏عند
احمد والنسائي اسناد قوي، وفي رواية الطبراني برجال ثقات،
نزل الابرار (ص‏34) وقال: اخرجه احمد والنسائي‏والطبراني
باسانيد قوية، عمدة القاري (7/592).
19 انس بن مالك، قال: لما سد النبي (ص)ابواب‏المسجداتته
قريش فعاتبوه، فقالوا: سددت ابوابنا وتركت باب علي.فقال: «ما
بامري سددتها ولا بامري فتحتها».
اخرجه الحافظ العقيلي((874))، عن محمد بن عبدوس، عن
محمد بن حميد، عن تميم ابن عبدالمؤمن، عن هلال بن
سويد، عن‏انس.
20 بريدة الاسلمي، قال: امر رسول اللّه (ص) بسد الابواب،
فشق ذلك على اصحابه، فلما بلغ ذلك رسول اللّه (ص)
دعاالصلاة جامعة، حتى اذا اجتمعوا صعد المنبر ولم نسمع
لرسول اللّه (ص) تحميدا وتعظيما في خطبة مثل يومئذ، فقال:
«ياايها الناس ما انا سددتها ولا انا فتحتها بل اللّه فتحها وسدها»
ثم قرا: (والنجم اذا هوى‏# ما ضل صاحبكم وما غوى # وماينطق
عن الهوى # ان هو الا وحي يوحى)((875)).
فقال رجل: دع لي كوة في المسجد. فابى وترك باب علي
مفتوحا، فكان يدخل ويخرج منه وهو جنب. اخرجه ابو نعيم‏في
فضائل الصحابة.
21 امير المؤمنين (ع)، قال: «لما امر رسول اللّه (ص) بسد
الابواب التي في المسجد، خرج حمزة يجر قطيفة حمراءوعيناه
تذرفان يبكي، فقال: ما انا اخرجتك وما انا اسكنته ولكن اللّه
اسكنه‏». اخرجه الحافظ ابو نعيم في فضائل‏الصحابة.
22 امير المؤمنين (ع)، قال: «اخذ رسول اللّه (ص) بيدي،
فقال: ان موسى سال ربه ان يطهر مسجده بهارون، واني‏سالت
ربي ان يطهر مسجدي بك وبذريتك، ثم ارسل الى ابي بكر : ان
سد بابك. فاسترجع، ثم قال: سمعا وطاعة.فسدبابه، ثم ارسل
الى عمر، ثم ارسل الى العباس بمثل ذلك، ثم قال رسول اللّه
(ص): ما انا سددت ابوابكم وفتحت باب‏علي، ولكن اللّه فتح
باب علي وسد ابوابكم‏».
اخرجه الحافظ البزار((876)). راجع : مجمع الزوائد (9/115)،
كنز العمال((877))(6/408)، السيرة الحلبية((878))
(3/374).
23 امير المؤمنين (ع)، قال: «قال رسول اللّه (ص): انطلق
فمرهم فليسدوا ابوابهم. فانطلقت، فقلت لهم ففعلوا الا حمزة،
فقلت: يا رسول اللّه، فعلوا الا حمزة. فقال رسول اللّه: قل لحمزة:
فليحول بابه. فقلت: ان رسول اللّه يامرك ان تحول‏بابك. فحوله،
فرجعت اليه وهو قائم يصلي، فقال: ارجع الى بيتك‏».
اخرجه البزار((879)) باسناد رجاله ثقات. ورواه الهيثمي في
مجمع الزوائد (9/115)، والسيوط‏ي في جمع الجوامع كما
في‏الكنز((880)) (6/408) وضعفه لمكان حبة العرني، وقد مر
(1/24): انه ثقة، والحلبي في السيرة (3/374).
وانت اذا احطت خبرا بهذه الاحاديث واخراج الائمة لها بتلك
الطرق الصحيحة، وشفعتها بقول ابن حجر في
فتح‏الباري((881))، والقسطلاني في ارشاد الساري((882))
(6/81) من: ان كل طريق منها صالح للاحتجاج فضلا عن
مجموعها. فهل‏تجد مساغا لما يحسبه ابن تيمية من ان الحديث
من موضوعات الشيعة؟ فهل في هؤلاء احد من الشيعة؟ او ان
من المحتمل‏الجائز الذي يرتضيه اصحاب الرجل ان يكون في
هذه الكتب شي‏ء من موضوعات الشيعة؟ وهل ينقم على
الشيعة‏موافقتهم للقوم في اخراجهم الحديث بطرقهم
المختصة بهم؟
وانا لا احتمل ان الرجل لم يقف على هذه كلها، غير ان الحنق
قد اخذ بخناقه فلم يدع له سبيلا الا قذف الحديث بما قذف‏غير
مكترث لما سيلحقه من جراء ذلك الافك من نقد ومناقشة،
والمساءلة غدا عند اللّه اشد واخزى. وتبعه تلميذه المغفل‏ابن
كثير في تفسيره (1/501) فقال بعد ذكر سدوا كل خوخة في
المسجد الا خوخة ابي بكر : ومن روى الا باب علي آكما في
بعض السنن فهو خطا، والصواب ما ثبت في الصحيح.
وقد بلغ من اخبات العلماء الى حديث سد الابواب انهم
تحروا((883)) وجه الجمع وان لم يكن مرضيا عندنا بينه
وبين‏الحديث الذي اورده في ابي بكر، ولم يقذفه احد غير ابن
الجوزي شقيق ابن تيمية في المخاريق بمثل ما قذفه
ابن‏تيمية.
وهناك لائمة القوم وحفاظهم كلمات ضافية حول الحديث
وصحته والبخوع له، لا يسعنا ذكر الجميع، غير انا نقتصر
منهاعلى كلمات الحافظ ابن حجر. قال في فتح‏الباري((884))
(7/12) بعد ذكر ستة من الاحاديث المذكورة : هذه
الاحاديث‏يقوي بعضها بعضا، وكل طريق منها صالحة للاحتجاج
فضلا عن مجموعها، وقد اورد ابن الجوزي هذا الحديث
في‏الموضوعات، اخرجه من حديث سعد بن ابي وقاص، وزيد
ابن ارقم، وابن عمر، مقتصرا على بعض طرقه عنهم،
واعله‏ببعض من تكلم فيه من رواته وليس ذلك بقادح لما
ذكرت من كثرة الطرق، واعله ايضا بانه مخالف للاحاديث
الصحيحة‏الثابتة في باب ابي بكر، وزعم انه من وضع الرافضة
قابلوا به الحديث الصحيح في باب ابي بكر. انتهى. واخطا في
ذلك‏خطا شنيعا، فانه سلك في ذلك رد الاحاديث الصحيحة
بتوهمه المعارضة بينها وبين ما ورد في ابي بكر ، مع ان
الجمع‏بين القصتين ممكن، وقد اشار الى ذلك البزار في
مسنده، فقال: ورد من روايات اهل الكوفة باسانيد حسان في
قصة علي،وورد من روايات اهل المدينة في قصة ابي بكر، فان
ثبتت روايات اهل الكوفة فالجمع بينهما بما دل عليه حديث
ابي سعيدالخدري((885))، يعني الذي اخرجه
الترمذي((886)): ان النبي (ص) قال: «لا يحل لاحد ان يطرق
هذا المسجد جنبا غيري‏وغيرك‏». والمعنى: ان باب علي كان
الى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره، فلذلك لم يؤمر
بسده، ويؤيد ذلك مااخرجه اسماعيل القاضي في احكام القرآن،
من طريق المطلب بن عبداللّه بن حنطب: ان النبي (ص) لم
ياذن لاحد ان يمرفي‏المسجد وهو جنب الا لعلي بن ابي طالب،
لان بيته كان في المسجد.
ومحصل الجمع: ان الامر بسد الابواب وقع مرتين: ففي الاولى
استثني علي لما ذكر، وفي الاخرى استثني ابو بكر، ولكن لايتم
ذلك الا بان يحمل ما في قصة علي على الباب الحقيقي، وما
في قصة ابي بكر على الباب المجازي، والمراد به الخوخة
كماصرح به في بعض طرقه، وكانهم لما امروا بسد الابواب
سدوها واحدثوا خوخا يستقربون الدخول الى المسجد
منها،فامروا بعد ذلك بسدها، فهذه طريقة لا باس بها في
الجمع بين الحديثين ، وبها جمع بين الحديثين المذكورين:
ابو جعفرالطحاوي في مشكل الاثار، وهو في اوائل الثلث الثالث
منه، وابو بكر الكلاباذي في معاني الاخبار، وصرح بان بيت
ابي‏بكر كان له باب من خارج المسجد وخوخة الى داخل
المسجد، وبيت علي لم يكن له باب الا من داخل المسجد.
واللّهاعلم.
وقال في القول المسدد((887)) (ص‏16): قول ابن الجوزي في
هذا الحديث: انه باطل وانه موضوع دعوى لم يستدل عليها الا
بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين، وهذا اقدام على رد
الاحاديث الصحيحة بمجرد التوهم، ولا ينبغي الاقدام
على‏الحكم بالوضع الا عند عدم امكان‏الجمع، ولايلزم
من‏تعذرالجمع في‏الحال انه لايمكن بعد ذلك، اذ فوق كل ذي
علم عليم،وطريق الورع مثل هذا ان لا يحكم على الحديث
بالبطلان، بل يتوقف فيه الى ان يظهر لغيره ما لم يظهر له.
وهذا الحديث من هذا الباب هو حديث مشهور، له طرق
متعددة، كل طريق منها على انفراده لا تقصر عن رتبة
الحسن،ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة كثير من
اهل الحديث، واما كونه معارضا لما في الصحيحين فغير مسلم،
ليس‏بينهما معارضة.
وقال في (ص‏19): هذه الطرق المتظافرة بروايات الثقات تدل
على ان الحديث صحيح دلالة قوية، وهذه غاية نظرالمحدث.
وقال في (ص‏19) بعد الجمع بين القصتين: وظهر بهذا الجمع
ان لا تعارض، فكيف يدعى الوضع على الاحاديث‏الصحيحة
بمجرد هذا التوهم؟ ولو فتح الباب لرد الاحاديث لادعي في
كثير من الاحاديث الصحيحة البطلان، لكن‏يابى‏اللّه ذلك
والمؤمنون. انتهى .
بطلان حديث الخلة والخوخة
واما ما استصحه من حديث الخلة والخوخة فهو موضوع تجاه
هذا الحديث كما قال ابن ابي الحديد في شرحه((888))
(3/17):ان سد الابواب كان لعلي (ع) فقلبته البكرية الى ابي
بكر، وآثار الوضع فيه لائحة لا تخفى على المنقب.
منها: ان الاخذ بمجامع هذه الاحاديث يعط‏ي خبرا بان سد
الابواب الشارعة في المسجد كان لتطهيره عن
الادناس‏الظاهرية والمعنوية، فلا يمر به احد جنبا ولا يجنب فيه
احد.
واما ترك بابه (ص) وباب امير المؤمنين (ع) فلطهارتهما عن
كل رجس ودنس بنص آية التطهير، حتى ان الجنابة لاتحدث
فيهما من الخبث المعنوي ما تحدث في غيرهما، كما يعط‏ي
ذلك التنظير بمسجد موسى الذي سال ربه ان يطهره‏لهارون
وذريته، او ان ربه امره ان يبني مسجدا طاهرا لا يسكنه الا هو
وهارون، وليس المراد تطهيره من الاخباث‏فحسب، فانه حكم
كل مسجد.
ويعطيك خبرا بما ذكرناه ما مر في الاحاديث من: ان امير
المؤمنين (ع) كان يدخل المسجد وهو جنب((889))، وربما
مر وهوجنب((890))، وكان يدخل ويخرج منه وهو
جنب((891))، وماورد عن ابي سعيدالخدري من‏قوله(ص): «لا
يحل لاحد ان يجنب‏في هذا المسجد غيري وغيرك‏»((892)).
وقوله (ص): «الا ان مسجدي حرام على كل حائض من النساء،
وكل جنب من الرجال، الا على محمد واهل بيته:
علي،وفاطمة، والحسن، والحسين‏»((893)).
وقوله (ص): «الا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض الا
لرسول اللّه، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، الا قد
بينت‏لكم الاسماء ان لا تضلوا». سنن البيهقي (7/65).
وقوله (ص) لعلي: «اما انت فانه يحل لك في مسجدي ما يحل
لي، ويحرم عليك ما يحرم علي‏». فقال له حمزة
بن‏عبدالمطلب: يا رسول اللّه انا عمك وانا اقرب اليك من علي.
قال: «صدقت يا عم، انه واللّه ما هو عني، انما هو عن
اللّهتعالى‏»((894)).
وقول المطلب بن عبداللّه بن حنطب: ان النبي (ص) لم يكن
اذن لاحد ان يمر في المسجد ولا يجلس فيه وهو جنب، الا
علي‏بن ابي طالب لان بيته كان في المسجد((895)).
اخرجه الجصاص بالاسناد، فقال: فاخبر في هذا الحديث بحظر
النبي (ص) الاجتياز كما حظر عليهم القعود، وما ذكر
من‏خصوصية علي (رضى‏ا... عنه) فهو صحيح، وقول الراوي:
لانه كان بيته في المسجد ظن منه، لان النبي (ص) قد امر
في‏الحديث الاول بتوجيه البيوت الشارعة الى غيره، ولم يبح
لهم المرور لاجل كون بيوتهم في المسجد، وانما
كانت‏الخصوصية فيه لعلي (رضى‏ا... عنه) دون غيره، كما خص
جعفر بان له جناحين في الجنة دون سائر الشهداء، وكما
خص‏حنظلة بغسل الملائكة له حين قتل جنبا، وخص دحية
الكلبي بان جبريل كان ينزل على صورته، وخص الزبير
باباحة‏ملبس الحرير لما شكا من اذى القمل، فثبت بذلك ان
سائر الناس ممنوعون من دخول المسجد مجتازين وغير
مجتازين.انتهى.
فزبدة المخض من هذه كلها: ان ابقاء ذلك الباب والاذن لاهله
بما اذن اللّه لرسوله مما خص به مبتن على نزول آية‏التطهير
النافية عنهم كل نوع من الرجاسة.
ويشهد لذلك حديث مناشدة يوم الشورى، وفيه قال امير
المؤمنين (ع): «افيكم احد يطهره كتاب اللّه
غيري‏حتى‏سدالنبي (ص) ابواب المهاجرين جميعا وفتح بابي
اليه حتى قام اليه عماه حمزة والعباس، وقالا: يا رسول اللّه
سددت‏ابوابنا وفتحت باب علي، فقال النبي (ص): ما انا فتحت
بابه ولا سددت ابوابكم، بل اللّه فتح بابه وسد ابوابكم؟».
فقالوا:لا.
ولم يكن ابو بكر من اهل هذه الاية حتى يفتح له باب او خوخة،
فالفضل مخصوص بمن طهره الكتاب الكريم.
ومنها: ان مقتضى هذه الاحاديث انه لم يبق بعد قصة سد
الابواب باب يفتح الى المسجد سوى باب الرسول العظيم
وابن‏عمه، وحديث خوخة ابي بكر يصرح بانه كانت هناك ابواب
شارعة، وسيوافيك البعد الشاسع((896)) بين القصتين.
وما ذكروه من الجمع بحمل الباب في قصة امير المؤمنين (ع)
على الحقيقة وفي قصة ابي بكر على التجوز باطلاقه
على‏الخوخة، وقولهم: كانهم((897)) لما امروا بسد الابواب
سدوها، واحدثوا خوخا يستقربون الدخول الى المسجد منها،
فامروابعد ذلك بسدها، تبرعي((898)) لاشاهد له، بل يكذبه ان
ذلك ما كان يتسنى لهم نصب عين النبي، وقد امرهم بسد
الابواب‏لئلا يدخلوا المسجد منها، ولا يكون لهم ممر به، فكيف
يمكنهم احداث ما هو بمنزلة الباب في الغاية المبغوضة
للشارع؟ولذلك لم يترك لعميه حمزة‏والعباس‏ممرا يدخلان
منه وحدهما ويخرجان منه، ولم‏يترك لمن‏اراد كوة يشرف بها
على‏المسجد، فالحكم الواحد لا يختلف باختلاف اسماء
الموضوع مع وحدة الغاية، وارادة الخوخة من الباب لا تبيح
المحظورولا تغير الموضوع.
ومنها: ما مر (ص‏204) من قول عمر بن الخطاب في ايام
خلافته: لقد اعط‏ي علي بن ابي طالب ثلاث خصال لا ن
تكون‏لي خصلة منها احب الي من ان اعط‏ى حمر النعم.
الحديث.
ومثله قول عبداللّه بن عمر في صحيحته التي اسلفناها بلفظه
(ص‏203). فتراهما يعدان هذه الفضائل الثلاث خاصة
لاميرالمؤمنين لم يحظ بهن غيره، لا سيما ان ابن عمر يرى في
اول حديثه ان خير الناس بعد رسول اللّه: ابو بكر ثم ابوه، لكنه
مع‏ذلك لا يشرك ابا بكر مع امير المومنين (ع) في حديث
الباب ولا الخوخة.
فلو كان لحديث ابي بكر مقيل من الصحة في عصر الصحابة
المشافهين لصاحب الرسالة (ص) والسامعين حديثه
لماتاتى‏منهما هذا السياق.
على ان هذه الكلمة على فرض صدورها منه (ص) صدرت ايام
مرضه، فما الفرق بينها وبين حديث الكتف والدواة‏المروي في
الصحاح والمسانيد؟ فلماذا يؤمن ابن تيمية ببعض ويكفر
ببعض؟
وشتان بين حديث الكتف والدواة وبين فتح الخوخة لابي بكر،
فان الاول كما هو المتسالم عليه وقع يوم الخميس،وحديث ابن
عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس؟! لا يخفى على اي احد.
فاجازوا حوله ما قيل فيه والنبي يخاطبهم‏ويقول: «لا ينبغي
عندي تنازع، دعوني فالذي انا فيه خير مما تدعونني اليه‏».
واوصى في يومه ذلك باخراج المشركين‏من جزيرة العرب،
واجازة الوفد بنحو ما كان يجيزهم((899))، فلم يقولوا في
ذلك كله ما قيل في حديث الكتف والدواة.
واما حديث سد الخوخات ففي اللمعات: لا معارضة بينه وبين
حديث ابي بكر، لان الامر بسد الابواب وفتح باب‏علي‏كان في
اول الامر عند بناء المسجد، والامر بسد الخوخات الا خوخة ابي
بكر كان في آخر الامر في مرضه حين بقي‏من عمره ثلاثة او
اقل((900)).
وقال العيني في عمدة القاري((901)) (7/592): ان حديث سد
الابواب كان في آخر حياة النبي، في الوقت الذي امرهم ان
لايؤمهم الا ابو بكر. والمتفق عليه من يوم وفاة رسول اللّه (ص)
يوم الاثنين، فعلى هذا يقع حديث الخوخة يوم الجمعة
اوالسبت، وبطبع الحال ان مرضه (ص) كان يشتد كلما توغل
فيه، فما بال حديث الخوخة لم يحظ بقسط مما حظ‏ي به
حديث‏الكتف والدواة عند المقدسين لمن قال قوله فيه؟ انا
ادري لم ذلك، والمنجم يدري، والمغفل ايضا يدري، وابن
عباس ادرى‏به‏حيث يقول: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول
اللّه (ص) وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب، من اختلافهم
ولغطهم.
تكذيب حديث: «انت ولى كل مؤمن‏». وجوابه
ومما كذبه ابن تيمية((902)) من الحديث، قوله (ص): «انت
ولي كل مؤمن بعدي‏». قال: فان هذا موضوع باتفاق اهل‏المعرفة
بالحديث.
الجواب: كان حق المقام ان يقول الرجل: ان هذا صحيح باتفاق
اهل المعرفة، غير انه راقه ان يموه على صحته ويشوهه‏ببهرجته
كما هو دابه، افهل يحسب الرجل ان من اخرج هذا الحديث من
ائمة فنه ليسوا من اهل المعرفة بالحديث؟ وفيهم‏امام مذهبه
احمد بن حنبل((903))، اخرجه باسناد صحيح، رجاله كلهم
ثقات، قال: حدثنا عبدالرزاق، حدثنا جعفر بن‏سليمان، حدثني
يزيد الرشك، عن مطرف بن عبداللّه، عن عمران بن حصين،
قال: بعث رسول اللّه سرية وامر عليهاعلي‏بن ابي طالب، فاحدث
شيئافي سفره،فتعاقد اربعة‏من‏اصحاب‏محمد ان‏يذكروا امره‏الى
رسول‏اللّه(ص).
قال عمران: وكنا اذا قدمنا من سفر بدانا برسول اللّه فسلمنا
عليه، قال: فدخلوا عليه فقام رجل منهم، فقال: يا رسول اللّهان
عليا فعل كذا وكذا فاعرض عنه. ثم قام الثاني فقال: يا رسول
اللّه ان عليا فعل كذا وكذا فاعرض عنه. ثم قام الثالث‏فقال: يا
رسول اللّه ان عليا فعل كذا وكذا. ثم قام الرابع فقال: يا رسول
اللّه ان عليا فعل كذا وكذا.
قال: فاقبل رسول اللّه على الرابع وقد تغير وجهه وقال: «دعوا
عليا، دعوا عليا، دعو عليا، ان عليا مني وانا منه، وهوولي كل
مؤمن بعدي‏».
واخرجه الحافظ ابو يعلى الموصلي((904))، عن عبيداللّه بن
عمر القواريري، والحسن بن عمر الجرمي، والمعلى بن
مهدي،كلهم عن جعفر بن سليمان.
واخرجه((905)) ابن ابي شيبة، وابن جرير الطبري وصححه،
وابو نعيم الاصبهاني في حلية الاولياء (6/294)، ومحب
الدين‏الطبري في الرياض النضرة (2/171)، والبغوي في
المصابيح (2/275) ولم يذكر صدره، وابن كثير في تاريخه
(7/344)،والسيوط‏ي، والمتقي في الكنز (6/154، 300)
وصححه، والبدخشي في نزل الابرار (ص‏22).
صورة اخرى:
«ما تريدون من علي؟! ما تريدون من علي؟! ما تريدون من
علي؟! ان عليا مني وانا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي‏».
اخرجه بهذا اللفظ((906)): الترمذي في جامعه (2/222) باسناد
صحيح رجاله كلهم ثقات، وكذلك النسائي في
الخصائص(ص‏23)، الحاكم النيسابوري في المستدرك
(3/111)((907)) وصححه واقره الذهبي، ابو حاتم السجستاني،
محب الدين في‏الرياض (2/71)، ابن حجر في الاصابة (2/509)
وقال: اسناد قوي، السيوط‏ي في الجمع كما في ترتيبه
(6/152)، البدخشي‏في نزل الابرار (ص‏22).
اسناد آخر:
اخرج((908)) ابو داود الطيالسي، عن شعبة، عن ابي بلج، عن
عمرو بن ميمون، عن ابن عباس: ان رسول اللّه (ص) قال‏لعلي:
«انت ولي كل مؤمن بعدي‏». تاريخ ابن كثير (7/345)، والاسناد
كما مر غير مرة صحيح، رجاله كلهم ثقات.
فان كان هؤلاء الحفاظ والاعلام خارجين عن اهل المعرفة
بالحديث فعلى اسلام ابن تيمية السلام، وان كانوا غير
داخلين‏في الاتفاق فعلى معرفته العفاء. وان كان لم يحط خبرا
باخراجهم الحديث حين قال ما قال، فزه بطول باعه في
الحديث.وان لم يكن لا ذاك ولا هذا فمرحبا بصدقه وامانته
على ودائع النبوة.
كلمة ابن حجر في ابن تيمية
هذه نبذة يسيرة من مخاريق ابن تيمية، ولو ذهبنا الى استيفاء
ما في منهاج بدعته من الضلالات، والاكاذيب،
والتحكمات،والتقولات، فعلينا ان نعيد استنساخ مجلداته
الاربع ونردفها بمجلدات في ردها، ولم اجد بيانا يعرب عن
حقيقة الرجل‏ويمثلها للملا العلمي، غير اني اقتصر على كلمة
الحافظ ابن حجر في كتابه الفتاوى الحديثية((909)) (ص‏86)
قال: ابن تيمية‏عبد خذله اللّه واضله واعماه واصمه واذله،
وبذلك صرح الائمة الذين بينوا فساد احواله وكذب اقواله، ومن
اراد ذلك‏فعليه بمطالعة كلام الامام المجتهد المتفق على
امامته وجلالته وبلوغه مرتبة الاجتهاد ابي الحسن السبكي
وولده التاج‏والشيخ الامام العز بن جماعة، واهل عصرهم
وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية، ولم يقصر اعتراضه
على متاخري‏الصوفية، بل اعترض على مثل عمر بن الخطاب
وعلي بن ابي طالب غ.
والحاصل: ان لا يقام لكلامه وزن بل يرمى في كل وعر وحزن،
ويعتقد فيه انه مبتدع ضال مضل غال، عامله اللّه بعدله،واجارنا
من مثل طريقته وعقيدته وفعله، آمين. الى ان قال: انه قائل
بالجهة، وله في اثباتها جزء، ويلزم اهل هذا المذهب‏الجسمية
والمحاذاة والاستقرار، اي فلعله في بعض الاحيان كان يصرح
بتلك اللوازم فنسبت اليه، سيما ومن نسب اليه ذلك‏من ائمة
الاسلام المتفق على جلالته وامامته وديانته، وانه الثقة العدل
المرتضى المحقق المدقق، فلا يقول شيئا الا عن تثبت‏وتحقق
ومزيد احتياط وتحر، سيما ان نسب الى مسلم ما يقتضي كفره
وردته وضلاله واهدار دمه.
(ويل لكل افاك اثيم # يسمع آيات اللّه تتلى عليه ثم يصر
مستكبرا كان لم يسمعها فبشره بعذاب اليم)((910))
(7) البداية والنهاية((911))
لا تنس ما لهذا الكتاب من التولع في الفرية والتهالك دون
القذائف والشتائم والطعن من غير مبرر، وان رمية((912))
كل‏هاتيك الطامات الشيعة لا غيرهم ، وبذلك اخرج كتابه من
بساطة التاريخ الى هملجة التحامل، والنعرات
القومية((913))،والنزول على حكم العاطفة، الى غيرها مما
يوجب تعكير الصفو واقلاق السلام وتفريق الكلمة.
زد على‏ذلك محادته‏لاهل‏البيت: ونصبه‏العداء لهم، حتى اذا
وقف على‏فضيلة صحيحة لاحدهم، او جرى ذكر
اوحدي‏منهم،قذف الاولى بالطعن والتكذيب وعدم الصح ة،
وشن على الثاني غارة شعواء، كل ذلك بعد نزعته الاموية
الممقوتة. واليك‏نماذج مما ذكر:
تزييف حديث الاخاء. وجوابه
1 قال: ذكر ابن اسحاق وغيره من اهل السير والمغازي: ان
رسول اللّه (ص) آخى بينه يعني عليا وبين نفسه، وقدورد
في ذلك احاديث كثيرة لا يصح شي‏ء منها لضعف اسانيدها
وركة بعض متونها، قاله في((914)) (7/223)، وقال
في(ص‏335) بعد روايته من طريق الحاكم : قلت: وفي
صحة هذا الحديث نظر.
الجواب: ان القارئ اذا ما راجع ما مر في (ص‏112 125 و 174)،
ووقف هناك على طرق الحديث الكثيرة الصحيحة،وثقة
رجالها، واطباق الائمة والحفاظ وارباب السير على اخراجه
وتصحيحه، يعرف قيمة كلمة الرجل ومحله من الصدق،ويعلم
ان لا وجه للنظر فيه الا بواعث ابن كثير، واندفاعه الى مناواة
اهل البيت، الناشئ عن نزعته الاموية، والمتربي في‏عاصمة
الامويين، المتاثر بنزعاتهم الاهوائية، لا ينقطع عن الوقيعة في
مناقب سيد هذه الامة بعد نبيها المتسالم عليها،فدعه وتركاضه
مع الهوى.
تزييف حديث الطير. وجوابه
2 ذكر حديث الطير المتواتر الصحيح، الذي خضع لتواتره
وصحته ائمة الحديث، ثم تخلص منه بقوله((915))
(ص‏353):وبالجملة ففي القلب من صحة هذا الحديث نظر
وان كثرت طرقه، واللّه اعلم.
الجواب: هذا قلب طبع اللّه عليه، والا فما وجه ذلك النظر بعد
تمام شرائط الصحة فيه؟! وليس من البدع ان يكون اي‏احدمن
الناس احب الخلق الى رسول اللّه (ص) وليس لاحد حق النقد
ولا الاعتراض عليه، فكيف بمثل امير المؤمنين(ع) الذي لا
تنكر سابقته وفضائله، وهو نفسه، وابن عمه، واخوه من دون
الناس، وزلفته اليه، وقربه منه، ومكانته‏واختصاصه به، وتهالكه
دون دينه الحنيف، كلها من الواضح الذي لا يجلله اي ستار.
وسنوقفك على الحديث وطرقه‏المتكثرة الصحيحة، ونعرفك
هناك ان النظر في صحته شارة الاموية، وسمة رين((916))
القلب، واتباع الهوى.
تزييف السقاية على الحوض. وجوابه
3 قال: وما يتوهمه بعض العوام بل هو مشهور بين كثير منهم:
ان عليا هو الساقي على الحوض فليس له اصل، ولم يجئ‏من
طريق مرضي يعتمد عليه، والذي ثبت: ان رسول اللّه (ص) هو
الذي يسقي الناس((917)) (7/355).
الجواب: لا يحسب القارئ ان هذا وهم من راي العوام فحسب،
وقد افك الرجل في حكمه البات، وقد جاء الحديث
بطريق‏مرضي يعتمد عليه، واخرجه الحفاظ الاثبات مخبتين
اليه، راجع الجزء الثاني من كتابنا (ص‏321).
تزييف حديث: «على اول من اسلم‏». وجوابه
4 ذكر في((918)) (7/334) حديثا صحيحا باسناد الامام
احمد والترمذي في اسلام امير المؤمنين، وانه اول من اسلم
وصلى،ثم اردفه بقوله: وهذا لا يصح من اي وجه كان روي عنه.
وقد ورد في انه اول من اسلم من هذه الامة، احاديث
كثيرة‏لايصح منها شي‏ء.. الخ.
الجواب: الا مسائل هذا الرجل لم لا يصح شي‏ء منها من اي وجه
كان، والطرق صحيحة، والرجال ثقات، والحفاظ‏حكموا بصحته،
وارباب السير اطبقوا عليه، وكان من المتسالم عليه بين
الصحابة الاولين والتابعين لهم باحسان؟
ونحن لو نقتصر على كلمتنا هذه يحسبها القارئ دعوى مجردة
لدة دعوى ابن كثير اعاذنا اللّه من مثلها وتخفى عليه‏جلية
الحال، فيهمنا ذكر نزر مما يدل على المدعى، وان لم يسعنا
ايراد كثير منه روما للاختصار.
مائة حديث في: «ان عليا اول من اسلم‏»
النصوص النبوية: