وعلا يفوح بها اريج نجار
حشوالدروع اخو حجى من دونه
هضب الرواسي الشم في المقدار
ان يحكه فالليث في حملاته
والغيث في تسكابه المدرار
او يحوه فقلوب آل محمد
المصطفين السادة الابرار
ما ان يخض عند اللقا في غمرة
الا وارسب من سطا بغمار
او يمم الجلى بعزم ثاقب
الا ورد شواظها باوار
المرتدي حلل المديح مطارفا
والممتط‏ي ذللا لكل فخار
وعليه كل الفضل قصر مثلما
كل الثنا قصر على المختار
عن مجده ارج الكبا((1450)) وحديثه
زهت الروابي عنه بالازهار
ومثر مثل النجوم عدادها
قد شفعت بمحاسن الاثار
وكفاه آل محمد ومديحهم
عما ينضد فيه من اشعار
اسفي على ان لم اكن من حزبه
وكمثلهم عند الكفاح شعاري
فهناك اما موتة ارجو بها
اجر الشهادة في ثناء جاري
او انني احظ‏ى بنيل المبتغى
من آل حرب مدركا اوتاري
واخوض في‏الاوساط منهم ضاربا
ثبج العدى بالمقضب البتار
ولاثكلن اراملا في فتية
نشاوا على الالحاد في استهتار
ومشيخة قد اورثوا كل الخنا
والعار اجرية من الكفار
لكن على ما في‏من مضض‏الجوى
اذ لم اكن احمي هناك ذماري
لم تعدني تلك المواقف كلها
اذ ان ما فعلوا بها مختاري
فلقد رضيت بما اراقوا من دم
فيها لكل مذمم كفار
ولاشفين النفس منهم في غد
عند اشتباك الجحفل الموار
يوم ابن طه عاقد لبنوده
وجنوده تلتاح((1451)) في اعصار
تشوي الوجوه لظ‏ى به نزاعة
لشوى الكماة بانصل وشفار
فهنالك‏الظفر المريح جوى‏الحشا
من رازح في كربه باسار
ويتم فيه القصد من عصب الولا
لبني الهدى كالسيد المختار
يا ايها الندب المؤجج عزمه
وامين آل المصطفى الاطهار
يا نجعة الخطب الملم وآفة ال
كرب المهم وندحة((1452)) الاوزار
لا غرو ان جهلت علاك عصابة
فالقوم في شغل عن الابصار
فلقد بزغت ذكا وهل يزري بها
ان تعش عنها نظرة الابصار
لك حيث مرتبع الفخار مباءة
ولمن قلاك مزلة الاغرار
ومبوء لك في جوار محمد
وملاذ عترته حماة الجار
فلئن رموك بمحفظ من افكهم
فالطود لا يلوى بعصف الذاري
او يجحدوك مناقبا ماثورة
مشكورة في الورد والاصدار
فلك الحقيقة والوقيعة لم تزل
عن قدس مجدك في شفير هار
فتهن محتبيا بسؤددك الذي
تزور عنه جلبة المهذار
خذها اليك قصيدة منضودة
من جوهر او من سبيك نضار
لم يحكها نجم السماء لانها
بزغت بشارقة من الاقمار
كلا ولا ضاهى محاسن نظمها
ما عن حطيئة جاء او بشار
هي غادة زفت اليك ولم يشن
اقبالها بدعارة ونفار
هبت عليك نسائم قدسية
حيت ثراك برحمة ويسار
وسقى لابراهيم مضطجع الهدى
ودق الغمام المرزم المكثار
ما نافح الروض النسيم مشفعا
سجع البلابل فيه شدو هزار
يتلو كما يتلى بكل صحيفة
مر العشي وكرة الابكار
10
دعبل الخزاعي
الشهيد (246)
تجاوبن بالارنان والزفرات
نوائح عجم اللفظ والنطقات
يخبرن بالانفاس عن سر انفس
اسارى هوى ماض وآخر آت
فاسعدن او اسعفن حتى تقوضت((1453))
صفوف الدجى بالفجر منهزمات
على العرصات الخاليات من المها
سلام شج صب على العرصات((1454))
فعهدي بها خضر المعاهد مالفا
من العطرات البيض والخفرات((1455))
ليالي يعدين الوصال على القلى
ويعدي تدانينا على الغربات
واذ هن يلحظن العيون سوافرا
ويسترن بالايدي على الوجنات
واذ كل يوم لي بلحظ‏ي نشوة
يبيت بها قلبي على نشوات
فكم حسرات هاجها بمحسر((1456))
وقوفي يوم الجمع من عرفات
الم تر للايام ما جر جورها
على الناس من نقص وطول شتات
ومن دول المستهزئين ومن غدا
بهم طالبا للنور في الظلمات
فكيف ومن انى بطالب زلفة
الى اللّه بعد الصوم والصلوات
سوى حب ابناء النبي ورهطه
وبغض بني الزرقاء والعبلات
وهند وما ادت سمية وابنها
اولو الكفر في الاسلام والفجرات
هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه
ومحكمه بالزور والشبهات
ولم تك الا محنة كشفتهم
بدعوى ضلال من هن وهنات
تراث بلا قربى وملك بلا هدى
وحكم بلا شورى بغير هداة
رزايا ارتنا خضرة الافق حمرة
وردت اجاجا طعم كل فرات
وما سهلت تلك المذاهب فيهم
على الناس الا بيعة‏الفلتات((1457))
وما قيل اصحاب‏السقيفة جهرة
بدعوى تراث في الضلال نتات((1458))
ولو قلدوا الموصى اليه امورها
لزمت بمامون عن العثرات
اخي خاتم‏الرسل المصفى من القذى
ومفترس الابطال في الغمرات
فان جحدوا كان الغدير شهيده
وبدر واحد شامخ الهضبات
وآي من القرآن تتلى بفضله
وايثاره بالقوت في اللزبات
وغر خلال ادركته بسبقها
مناقب كانت فيه‏مؤتنفات((1459))
القصيدة (121) بيتا((1460))
ما يتبع الشعر
من كلمات اعلام العامة
1 قال ابو الفرج في الاغاني((1461)) (18/29): قصيدة دعبل:
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات((1462))
من احسن الشعر وفاخر المدائح المقولة في اهل البيت(ع)،
قصد بها علي بن موسى الرضا(ع) بخراسان، قال: دخلت
على‏علي بن موسى الرضا(ع)، فقال لي: ((انشدني شيئا مما
احدثت))، فانشدته:
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
حتى انتهيت الى قولي:
اذا وتروا مدوا الى واتريهم
اكفا عن الاوتار منقبضات
قال: فبكى حتى اغمي عليه، واوما الي خادم كان على راسه: ان
اسكت فسكت، فمكث ساعة ثم قال لي: ((اعد))فاعدت‏حتى
انتهيت الى هذا البيت ايضا، فاصابه مثل الذي اصابه في المرة
الاولى، واوما الخادم الي: ان اسكت فسكت،فمكث ساعة اخرى
ثم قال لي: ((اعد))، فاعدت حتى انتهيت الى آخرها، فقال لي:
((احسنت)) ثلاث مرات ثم امر لي‏بعشرة آلاف درهم مما
ضرب باسمه، ولم تكن دفعت الى احد بعد، وامر لي من في
منزله بحلي كثير اخرجه الي الخادم،فقدمت العراق، فبعت كل
درهم منها بعشرة دراهم، اشتراها مني الشيعة، فحصل لي مائة
الف درهم، فكان اول مال‏اعتقدته((1463)).
قال ابن مهرويه: وحدثني حذيفة بن محمد: ان دعبلا قال له:
انه استوهب من الرضا(ع) ثوبا قد لبسه ليجعله في اكفانه،فخلع
جبة كانت عليه فاعطاه اياها، وبلغ اهل قم خبرها، فسالوه ان
يبيعهم اياها بثلاثين الف درهم، فلم يفعل، فخرجواعليه في
طريقه فاخذوها منه غصبا، وقالوا له: ان شئت ان تاخذ المال
فافعل، والا فانت اعلم، فقال لهم: اني واللّه لااعطيكم اياها
طوعا ولا تنفعكم غصبا واشكوكم الى الرضا(ع) فصالحوه على
ان اعطوه الثلاثين الف درهم وفرد كم من‏بطانتها، فرضي
بذلك، فاعطوه فرد كم فكان في اكفانه، وكتب قصيدته:
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
فيما يقال على ثوب واحرم فيه وامر بان يكون في
اكفانه((1464)).
وروى في (ص‏39)((1465)) عن دعبل قال: لما هربت من
الخليفة بت ليلة بنيسابور وحدي، وعزمت على ان
اعمل‏قصيدة في عبداللّه بن طاهر في تلك الليلة، فاني لفي
ذلك اذ سمعت والباب مردود علي: السلام عليكم ورحمة اللّه،
انج‏يرحمك‏اللّه، فاقشعر بدني من ذلك ونالني امر عظيم، فقال
لي: لا ت رع عافاك اللّه، فاني رجل من اخوانك من الجن من
ساكني‏اليمن، طرا الينا طارى‏ء من اهل العراق فانشدنا
قصيدتك:
مدراس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
فاحببت ان اسمعها منك، قال فانشدته اياها فبكى حتى خر، ثم
قال: رحمك اللّه الا احدثك حديثا يزيد في نيتك ويعينك‏على
التمسك بمذهبك؟ قلت: بلى.
قال: مكثت حينا اسمع بذكر جعفر بن محمد(ع) فصرت الى
المدينة فسمعته يقول: حدثني ابي عن ابيه عن جده ان
رسول‏اللّه(ص) قال: ((علي وشيعته هم الفائزون)). ثم ودعني
لينصرف فقلت له: يرحمك اللّه ان رايت، ان تخبرني باسمك
فافعل.قال: انا ظبيان بن عامر((1466)).
2 قال ابو اسحاق القيرواني الحصري المتوفى سنة(413) في
زهر الاداب((1467)) (1/86): كان دعبل مداحا لاهل‏البيت(ع)
كثير التعصب لهم والغلو فيهم، وله المرثية المشهورة، وهي
من جيد شعره، واولها:
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
لال رسول اللّه بالخيف من منى
وبالبيت والتعريف والجمرات
ديار علي والحسين وجعفر
وحمزة والسجاد ذي الثفنات
قفا نسال الدار التي خف اهلها
متى عهدها بالصوم والصلوات
واين‏الالى شطت بهم غربة النوى
افانين في الافاق مفترقات
احب قصي الدار من اجل حبهم
واهجر فيهم اسرتي وثقاتي
3 قال الحافظ ابن عساكر في تاريخه((1468)) (5/234): ثم
ان المامون لما ثبتت قدمه في الخلافة، وضرب الدنانير
باسمه،اقبل يجمع الاثار في فضائل آل الرسول، فتناهى اليه
فيما تناهى من فضائلهم قول دعبل:
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
لال رسول اللّه بالخيف من منى
وبالبيت والتعريف والجمرات
فما زالت تردد في صدر المامون حتى قدم عليه
دعبل((1469))، فقال له: انشدني قصيدتك التائية ولا باس
عليك ولك‏الامان من كل شي‏ء فيها، فاني اعرفها وقد رويتها،
الا اني احب ان اسمعها من فيك.
قال: فانشده حتى صار الى هذا الموضع:
الم تر اني مذ ثلاثين حجة
اروح واغدو دائم الحسرات
ارى فيئهم في غيرهم متقسما
وايديهم من فيئهم صفرات
فل رسول اللّه نحف جسومهم
وآل زياد غلظ القصرات
بنات زياد في الخدور مصونة
وبنت رسول اللّه في الفلوات
اذا وتروا مدوا الى واتريهم
اكفا عن الاوتار منقبضات
فلولا الذي ارجوه في‏اليوم او غد
تقطع نفسي اثرهم حسراتي
فبكى المامون حتى اخضلت لحيته وجرت دموعه على نحره،
وكان دعبل اول داخل عليه وآخر خارج من عنده.
4 قال ياقوت الحموي في معجم الادباء((1470)) (4/196):
قصيدته التائية في اهل البيت من احسن الشعر واسنى‏المدائح،
قصد بها علي بن موسى الرضا(ع) بخراسان (وذكر حديث
البردة وقصتها المذكورة ثم قال): ويقال: انه كتب‏القصيدة في
ثوب واحرم فيه، واوصى بان يكون في اكفانه. ونسخ هذه
القصيدة مختلفة، في بعضها زيادات يظن((1471))انها
مصنوعة الحقها بها اناس من الشيعة، وانا موردون ما صح منها:
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
لال رسول اللّه بالخيف من منى
وبالركن والتعريف والجمرات
ديار علي والحسين وجعفر
وحمزة والسجاد ذي الثفنات
ديار عفاها كل جون مبادر
ولم تعف للايام والسنوات
قفا نسال الدار التي خف اهلها
متى عهدها بالصوم والصلوات
واين الالى شطت بهم غربة النوى
افانين في الافاق مفترقات
هم اهل ميراث النبي اذا اعتزوا
وهم خير قادات وخير حماة
وما الناس الا حاسد ومكذب
ومضطغن ذو احنة وترات
اذا ذكروا قتلى ببدر وخيبر
ويوم حنين اسبلوا العبرات
قبور بكوفان واخرى بطيبة
واخرى بفخ نالها صلواتي
وقبر ببغداد لنفس زكية
تضمنها الرحمن في الغرفات
فاما المصمات((1472)) التي لست بالغا
مبالغها مني بكنه صفات
الى الحشر حتى يبعث اللّه قائما
يفرج منها الهم والكربات
نفوس لدى‏النهرين من ارض كربلا
معرسهم فيها بشط فرات
تقسمهم ريب الزمان كما ترى
لهم عقرة((1473)) مغشية الحجرات
سوى ان منهم بالمدينة عصبة
مدى الدهر انضاء من الازمات
قليلة زوار سوى بعض زور
من الضبع والعقبان والرخمات
لهم كل حين نومة بمضاجع
لهم في نواحي الارض مختلفات
وقد كان منهم بالحجاز واهلها
مغاوير يختارون في السروات
تنكب لا واء((1474)) السنين جوارهم
فلا تصطليهم جمرة الجمرات
اذا وردوا خيلا تشمس((1475)) بالقنا
مساعر جمر الموت والغمرات
وان فخروا يوما اتوا بمحمد
وجبريل والفرقان ذي السورات
ملامك في اهل النبي فانهم
احباي ما عاشوا واهل ثقاتي
تخيرتهم رشدا لامري فانهم
على كل حال خيرة الخيرات
فيارب زدني من يقيني بصيرة
وزد حبهم يا رب في حسناتي
بنفسي انتم من كهول وفتية
لفك عناة او لحمل ديات
احب قصي‏الرحم من اجل حبكم
واهجر فيكم اسرتي وبناتي
واكتم حبيكم مخافة كاشح
عنيد لاهل الحق غير موات
لقد حفت الايام حولي بشرها
واني لارجو الامن بعد وفاتي
الم تر اني مذ ثلاثين حجة
اروح واغدوا دائم الحسرات
ارى فيئهم في غيرهم متقسما
وايديهم من فيئهم صفرات
فل رسول‏اللّه نحف جسومهم
وآل زياد حفل‏القصرات((1476))
بنات زياد في القصور مصونة
وآل رسول اللّه في الفلوات
اذا وتروا مدوا الى اهل وترهم
اكفا من الاوتار منقبضات
فلولا الذي ارجوه في اليوم او غد
لقطع قلبي اثرهم حسراتي
خروج امام لا محالة خارج((1477))
يقوم على اسم اللّه والبركات
يميز فينا كل حق وباطل
ويجزي على النعماء والنقمات
ساقصر نفسي جاهدا عن جدالهم
كفاني ما القى من العبرات
فيانفس طيبي ثم يا نفس ابشري
فغير بعيد كل ما هو آت
فان قرب الرحمن من تلك مدتي
واخر من عمري لطول حياتي
شفيت ولم اترك لنفسي رزية
ورويت منهم منصلي وقناتي
احاول نقل الشمس من مستقرها
واسمع احجارا من الصلدات
فمن عارف لم ينتفع ومعاند
يميل مع الاهواء والشبهات
قصاراي منهم ان اموت بغصة
تردد بين الصدر واللهوات
كانك بالاضلاع قد ضاق رحبها
لما ضمنت من شدة الزفرات
5 اخرج شيخ الاسلام ابو اسحاق الحموئي المترجم له
(1/123) عن احمد بن زياد عن دعبل الخزاعي، قال:
انشدت‏قصيدة لمولاي علي الرضا(رض):
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
قال لي الرضا: ((افلا الحق البيتين بقصيدتك؟)). قلت: بلى يا
ابن رسول اللّه، فقال:
وقبر بطوس يا لها من مصيبة
الحت بها الاحشاء بالزفرات
الى الحشر حتى يبعث اللّه قائما
يفرج عنا الهم والكربات((1478))
قال دعبل: ثم قرات باقي القصيدة فلما انتهيت الى قولي:
خروج امام لا محالة واقع
يقوم على اسم اللّه والبركات
بكى الرضا بكاء شديدا ثم قال: ((يا دعبل نطق روح القدس
بلسانك، اتعرف من هذا الامام؟)) قلت: لا، الا اني سمعت‏خروج
امام منكم يملا الارض قسطا وعدلا.
فقال: ((ان الامام بعدي ابني محمد، وبعد محمد ابنه علي،
وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم، وهو
المنتظرفي غيبته، المطاع في ظهوره، فيملا الارض قسطا
وعدلا كما ملئت جورا وظلما، واما متى يقوم فاخبار عن الوقت.
لقدحدثني ابي عن آبائه عن رسول اللّه(ص) قال: مثله كمثل
الساعة لا تاتيكم الا بغتة)). وياتي هذا الحديث عن
الشبراوي‏ايضا.
6 قال ابو سالم بن طلحة الشافعي المتوفى (652) في مطالب
السؤول (ص‏85):
قال دعبل: لما قلت مدارس آيات قصدت بها ابا الحسن علي بن
موسى الرضا وهو بخراسان ولي عهد المامون،فاحضرني
المامون وسالني عن خبري ثم قال لي: يا دعبل انشدني
مدارس آيات خلت من تلاوة، فقلت: ما اعرفها ياامير المؤمنين،
فقال: يا غلام احضر ابا الحسن علي بن موسى الرضا(ع). فلم
يكن الا ساعة حتى حضر، فقال له: يا اباالحسن، سالت دعبلا
عن مدارس آيات خلت من تلاوة فذكر انه لا يعرفها. فقال لي
ابو الحسن: ((يا دعبل انشد اميرالمؤمنين)). فاخذت فيها
فانشدتها، فاستحسنها فامر لي بخمسين الف درهم. وامر لي ابو
الحسن الرضا بقريب من ذلك .
فقلت: يا سيدي ان رايت ان تهبني شيئا من ثيابك ليكون
كفني. فقال: ((نعم)). ثم دفع لي قيمصا قد ابتذله ومنشفة
لطيفة،وقال لي: ((احفظ هذا تحرس به)) ثم دفع لي ذو
الرياستين ابو العباس الفضل بن سهل وزير المامون صلة،
وحملني على‏برذون اصفر خراساني، وكنت اسايره في يوم
مطير وعليه ممطر خز وبرنس، فامر لي به ودعا بغيره جديد
ولبسه، وقال:انما آثرتك باللبيس لانه خير الممطرين، قال:
فاعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه، ثم كررت
راجعا الى العراق،فلما صرت في بعض الطريق خرج علينا
الاكراد فاخذونا، فكان ذلك اليوم يوما مطيرا، فبقيت في
قميص خلق‏وضرشديد،متاسفا، من جميع ما كان معي، على
القميص والمنشفة ومفكرا في قول سيدي الرضا، اذ مر بي
واحد من الاكراد الحرامية‏تحته الفرس الاصفر الذي حملني
عليه ذو الرياستين وعليه الممطر، ووقف بالقرب مني ليجتمع
اليه اصحابه وهو ينشد آمدارس آيات خلت من تلاوة ويبكي،
فلما رايت ذلك عجبت من لص من الاكراد يتشيع، ثم طمعت
في القميص‏والمنشفة فقلت: يا سيدي، لمن هذه القصيدة؟
فقال: وما انت وذاك؟ ويلك!. فقلت: لي فيه سبب اخبرك به،
فقال: هي‏اشهر بصاحبها من ان تجهل. فقلت: من؟ قال: دعبل
بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه اللّه خيرا. قلت له: يا
سيدي‏فانا واللّه دعبل وهذه قصيدتي، الحديث.
وقال (ص‏86) بعد ذكر الحديث ما لفظه: فانظر الى هذه
المنقبة وما اعلاها وما اشرفها، وقد يقف على هذه القصة
بعض‏الناس ممن يطالع هذا الكتاب ويقروه فتدعوه نفسه الى
معرفة هذه الابيات المعروفة ب مدارس آيات
ويشتهي‏الوقوف عليها، وينسبني في اعراضي عن ذكرها اما
انني لم اعرفها، او: انني جهلت ميل النفوس حينئذ الى الوقوف
عليها،فاحببت ان ادخل راحة على بعض النفوس، وان ادفع
عني هذا النقص المتطرق الى بعض الظنون، فاوردت منها
مايناسب ذلك، وهي:
ذكرت محل الربع من عرفات
وارسلت دمع العين بالعبرات
وفل عرى صبري وهاج صبابتي
رسوم ديار اقفرت وعرات
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومهبط وحي مقفر العرصات
لال رسول اللّه بالخيف من منى
وبالبيت والتعريف والجمرات
ديار علي والحسين وجعفر
وحمزة والسجاد ذي الثفنات((1479))
ديار عفاها جور كل منابذ
ولم تعف بالايام والسنوات
ودار لعبداللّه والفضل صنوه
سليل((1480)) رسول اللّه ذي الدعوات
منازل كانت للصلاة وللتقى
وللصوم والتطهير والحسنات
منازل جبريل الامين يحلها
من اللّه بالتسليم والزكوات
منازل وحي اللّه معدن علمه
سبيل رشاد واضح الطرقات
منازل وحي اللّه ينزل حولها
على احمد الروحات والغدوات
فاين‏الالى شطت بهم غربة‏النوى
افانين في الاقطار مفترقات
هم آل ميراث النبي اذا انتموا
وهم خير سادات وخير حماة
مطاعيم في‏الاعسار في كل مشهد
لقد شرفوا بالفضل والبركات
اذا لم نناج اللّه في صلواتنا
بذكرهم لم يقبل الصلوات
ائمة عدل يقتدى بفعالهم
وتؤمن منهم زلة العثرات
فيارب زد قلبي هدى وبصيرة
وزد حبهم يا رب في حسناتي
ديار رسول اللّه اصبحن بلقعا
ودار زياد اصبحت عمرات
وآل رسول اللّه غلت رقابهم
وآل زياد غلظ القصرات
وآل رسول اللّه تدمى نحورهم
وآل زياد زينوا الحجلات((1481))
وآل رسول اللّه تسبى حريمهم
وآل زياد آمنوا السربات
وآل زياد في القصور مصونة
وآل رسول اللّه في الفلوات
فيا وارثي علم النبي وآله
عليكم سلام دائم النفحات
لقد آمنت نفسي بكم في حياتها
واني لارجو الامن بعد مماتي
7 ذكر شمس الدين سبط ابن الجوزي الحنفي : المتوفى
(654) في تذكرته((1482))(ص‏130) من القصيدة (29) بيتا،
وفيهاما لم يذكره الحموي في معجم الادباء. وذكرت في هامش
التذكرة القصيدة من اولها الى مدارس آيات .
8 ذكر صلاح الدين الصفدي: المتوفى (764) في الوافي
بالوفيات((1483)) (1/156) طريق رواية القصيدة
عن‏عبيداللّه((1484)) بن جخجخ النحوي عن محمد بن جعفر
بن لنكك ابي الحسن البصري النحوي عن ابي الحسين
العباداني‏عن اخيه عن دعبل. وهذا الطريق ذكره جلال الدين
السيوط‏ي في بغية الوعاة((1485)) (ص‏94).
9 روى الشبراوي الشافعي: المتوفى (1172) في الاتحاف
(ص‏165) عن الهروي، قال: سمعت دعبلا يقول: لما
انشدت‏مولاي الرضا قصيدتي التي اولها:
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومهبط وحي مقفر العرصات
فلما انتهيت الى قولي:
خروج امام لا محالة خارج
يقوم على اسم اللّه والبركات
يميز فينا كل حق وباطل
ويجزي على‏النعماء والنقمات
بكى الرضا(ع) بكاء شديدا ثم رفع راسه الي فقال لي: ((يا
خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين،
فهل‏تدري من هذا الامام؟ ومتى يقوم؟)). فقلت: لا يا سيدي؟
الا اني سمعت بخروج امام منكم، الى آخر ما مر
عن‏الحموئي((1486)).
وفي الاتحاف (ص‏161): نقل الطبري في كتابه عن ابي الصلت
الهروي قال: دخل الخزاعي على علي بن موسى الرضابمرو،
فقال: يا ابن رسول اللّه، اني قلت فيكم اهل البيت قصيدة،
وآليت على نفسي ان لا انشدها احدا قبلك، واحب ان‏تسمعها
مني، فقال له علي الرضا: ((هات قل))، فانشا يقول:
ذكرت محل الربع من عرفات
فاجريت دمع العين بالعبرات
وفل عرى‏صبري وهاجت صبابتي
رسوم ديار اقفرت وعرات
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومهبط وحي مقفر العرصات
لال رسول اللّه بالخيف من منى
وبالبيت والتعريف والجمرات
ديار علي والحسين وجعفر
وحمزة والسجاد ذي الثفنات
ديار لعبداللّه والفضل صنوه
نجي رسول اللّه في الخلوات
منازل كانت للصلاة وللتقى
وللصوم والتطهير والحسنات
منازل جبريل الامين يحلها
من اللّه بالتعليم والرحمات
منازل وحي اللّه معدن علمه
سبيل رشاد واضح الطرقات
قفا نسال الدار التي خف اهلها
متى عهدها بالصوم والصلوات
واين الالى شطت بهم غربة النوى
فامسين في الاقطار مفترقات
احب قضاء اللّه من اجل حبهم
واهجر فيهم اسرتي وثقاتي
هم اهل ميراث النبي اذا انتموا
وهم خير سادات وخير حماة
مطاعيم في الاعسار في كل مشهد
لقد شرفوا بالفضل والبركات
ائمة عدل يقتدى بفعالهم
وتؤمن منهم زلة العثرات
فيا رب زد قلبي هدى وبصيرة
وزد حبهم يا رب في حسناتي
لقد آمنت نفسي بهم في حياتها
واني لارجو الامن بعد وفاتي
الم تر اني مذ ثلاثين حجة
اروح واغدو دائم الحسرات
ارى فيئهم في غيرهم متقسما
وايديهم من فيئهم صفرات
اذا وتروا مدوا الى اهل وترهم
اكفا عن الاوتار منقبضات
وآل رسول اللّه نحف جسومهم
وآل زياد غلظ القصرات
سابكيهم ما ذر في الافق شارق
ونادى منادي الخير بالصلوات
وما طلعت شمس وحان غروبها
وبالليل ابكيهم وبالغدوات
ديار رسول اللّه اصبحن بلقعا
وآل زياد تسكن الحجرات
وآل زياد في القصور مصونة
وآل رسول اللّه في الفلوات
فلولا الذي ارجوه في اليوم او غد
تقطع نفسي اثرهم حسراتي
خروج امام لا محالة خارج
يقوم على اسم اللّه بالبركات
يميز فينا كل حسن وباطل
ويجزي عن النعماء والنقمات
فيانفس طيبي ثم يا نفس فاصبري
فغير بعيد كل ما هو آت
وهي قصيدة طويلة عدة ابياتها مائة وعشرون بيتا. ولما فرغ
دعبل من انشادها نهض ابو الحسن الرضا وقال: ((لاتبرح))
فانفذ اليه صرة فيها مائة دينار واعتذر اليه. فردها دعبل وقال:
واللّه ما لهذا جئت وانما جئت للسلام عليه والتبرك‏بالنظر الى
وجهه الميمون، واني لفي غنى، فان راى ان يعطيني شيئا من
ثيابه للتبرك فهو احب الي، فاعطاه الرضا جبة‏خزورد عليه
الصرة وقال للغلام: ((قل له: خذها ولا ترد ها، فانك ستصرفها
احوج ما تكون اليها)). فاخذها واخذ الجبة.الى آخر حديث
اللصوص المذكور.
10 ذكر الشبلنجي في نور الابصار((1487)) (ص‏153) ما مر
عن الشبراوي برمته حرفيا.
اعلام الطائفة
فقد ذكر القصيدة وقصة الجبة واللصوص جمع كثير « منهم »
لا نطيل المقال بذكر كلماتهم، بل نقتصر منها على ما لم
يذكرفي الكلمات المذكورة.
روى شيخنا الصدوق في العيون((1488)) (ص‏368)
والاكمال((1489)) عن الهروي قال: دخل دعبل على ابي
الحسن‏الرضا(ع) بمرو فقال له: يا ابن رسول اللّه، اني قد قلت
فيكم قصيدة وآليت على نفسي ان لا انشدها احدا قبلك،
فقال(ع):((هاتها))، فانشده، فلما بلغ الى قوله:
ارى فيئهم في غيرهم متقسما
وايديهم من فيئهم صفرات
بكى ابو الحسن(ع) وقال له: ((صدقت يا خزاعي))، فلما بلغ الى
قوله:
اذا وتروا مدوا الى واتريهم
اكفا عن الاوتار منقبضات
جعل ابو الحسن(ع) يقلب كفيه ويقول: ((اجل واللّه
منقبضات))، فلما بلغ الى قوله:
لقد خفت في‏الدنيا وايام سعيها
واني لارجو الامن بعد وفاتي
قال الرضا: ((آمنك اللّه يوم الفزع الاكبر)). فلما انتهى الى قوله:
وقبر ببغداد لنفس زكية
تضمنها الرحمن في الغرفات
قال له الرضا: ((افلا الحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام
قصيدتك؟)).
فقال: بلى يا ابن رسول اللّه، فقال(ع):
وقبر بطوس يا لها من مصيبة
توقد في الاحشاء بالحرقات
الى الحشر حتى يبعث اللّه قائما
يفرج عنا الهم والكربات
فقال دعبل: يا ابن رسول اللّه هذا القبر الذي بطوس قبر من
هو؟
فقال الرضا: ((قبري، ولا تنقضي الايام والليالي حتى تصير
طوس مختلف شيعتي وزواري، الا فمن زارني في
غربتي‏بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له)). ثم
نهض الرضا(ع) وامر دعبل ان لا يبرح من موضعه، فذكر
قصة‏الجبة واللصوص ثم قال:
كانت لدعبل جارية لها من قبله محل، فرمدت عينها رمدا
عظيما، فادخل اهل الطب عليها فنظروا اليها فقالوا: اما
العين‏اليمنى فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت، واما اليسرى
فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو ان تسلم. فاغتم لذلك دعبل
غماشديداوجزع عليها جزعا عظيما، ثم انه ذكر ما كان معه من
وصلة الجبة، فمسحها على عيني الجارية وعصبها بعصابة
منهامن اول الليل، فاصبحت وعيناها اصح مما كانتا قبل ببركة
ابي الحسن الرضا(ع)((1490)).
في مشكاة الانوار((1491)) ومؤجج الاحزان((1492)): روي انه
لما قرا دعبل قصيدته على الرضا(ع) وذكر الحجة آعجل‏اللّه
فرجه بقوله:
فلولا الذي ارجوه في اليوم او غد
تقطع نفسي اثرهم حسراتي
خروج امام لا محالة خارج
يقوم على اسم اللّه والبركات
وضع الرضا(ع) يده على راسه، وتواضع قائما ودعا له بالفرج.
وحكاه عن المشكاة صاحب الدمعة الساكبة((1493))وغيره.
ولهذه التائية عدة شروح لاعلام الطائفة منها:
شرح العلا مة الحجة السيد نعمة اللّه الجزائري: المتوفى
(1112).
شرح العلا مة الحجة كمال الدين محمد بن محمد الفسوي
الشيرازي.
شرح العلا مة الحاج ميرزا علي العلياري التبريزي: المتوفى
(1327).
لفت نظر
ان مستهل هذه القصيدة ليس كل ما ذكروه، فانها مبدوءة
بالنسيب ومطلعها:
تجاوبن بالارنان والزفرات
نوائح عجم اللفظ والنطقات
قال ابن الفتال في روضته((1494)) (ص‏194)، وابن
شهرآشوب في المناقب((1495)) (2/394): روي ان دعبل
انشدهاالامام(ع) من قوله: مدارس آيات، وليس هذا البيت راس
القصيدة، ولكن انشدها من هذا البيت فقيل له: لم
بدات‏بمدارس آيات؟ قال: استحييت من الامام(ع) ان انشده
التشبيب، فانشدته المناقب وراس القصيدة:
تجاوبن بالارنان والزفرات
نوائح عجم اللفظ والنطقات
ذكرها((1496)) برمتها وهي مائة وعشرون بيتا الاربلي في
كشف الغمة، والقاضي في المجالس (ص‏451)، والعلا مة
المجلسي‏في البحار (12/75)، والزنوزي في الروضة الاولى من
رياض الجنة، ونص على عددها المذكور الشبراوي والشبلنجي
كمامر. فما قدمناه عن الحموي من ان نسخ هذه القصيدة
مختلفة، في بعضها زيادات يظن انها مصنوعة الحقها بها اناس
من‏الشيعة، وانا موردون هنا ما صح منها من بعض الظن الذي
هو اثم، وقد ذكر هو في معجم البلدان ما هو خارج عما اثبته‏في
معجم الادباء من الصحيح عنده فحسب، راجع (2/28)، وذكر
المسعودي في‏مروج الذهب (2/239) وغيره بعض ماذكره في
معجم البلدان. واثبت سبط ابن الجوزي في التذكرة، وابن
طلحة في المطالب، والشبراوي في الاتحاف، والشبلنجي‏في
نور الابصار زيادات لا توجد فيما استصحه الحموي، وليس من
الممكن قذف هؤلاء الاعلام باثبات المفتعل.
وبما ان العلم تدريجي الحصول، فمن المحتمل ان الحموي يوم
تاليفه معجم الادباء لم يقف به البحث على اكثر مما ذكر، ثم
لماتوسع في العلوم ثبت عنده غيره ايضا فادرجه في معجم
البلدان الذي هو متاخر في التاليف ، ولذلك يحيل فيه على
معجم‏الادباء في اكثر مجلداته. راجع (2/45، 117، 135، 186
و3/117، 184 و4/228، 400 و5/187، 289 و6/177)
وغيرها،لكن سوء ظنه بالشيعة حداه الى نسبة الافتعال اليهم
عند تدوين الترجمة، ونحن لا نناقشه الحساب في هذا التظني،
فان‏اللّهلهم بالمرصاد وهو نعم الرقيب والحسيب.
الشاعر
ابو علي ابو جعفر دعبل بن علي بن رزين((1497)) بن
عثمان بن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء بن عمرو
بن‏ربيعة بن عبدالعزى بن ربيعة بن جزي بن عامر بن مازن بن
عدي بن عمرو بن ربيعة الخزاعي.
اخذناه من((1498)) فهرست النجاشي (ص‏116)، وتاريخ
الخطيب (8/382)، وامالي الشيخ (ص‏239)، وتاريخ ابن
عساكر(5/227)، ومعجم الادباء للحموي (11/100) وقال: وعلى
هذا الاكثر، والاصابة لابن حجر (1/141).
بيت رزين:
بيت علم وفضل وادب. وان خصه ابن رشيق في
عمدته((1499)) (2/290) بالشعر، فان فيهم محدثين وشعراء،
وفيهم‏السؤدد والشرف، وكل الفضل والفضيلة ببركة دعاء النبي
الاطهر لجدهم الاعلى بديل بن ورقاء، لما اوقفه العباس
بن‏عبدالمطلب يوم الفتح بين يدي رسول اللّه(ص) وقال: يا
رسول اللّه، هذا يوم قد شرفت فيه قوما فمابال خالك بديل
بن‏ورقاء وهو قعيد حبه((1500))؟ قال النبي(ص): ((احسر عن
حاجبيك يا بديل))، فحسر عنهما وحدر لثامه،
فراى‏سوادابعارضه فقال: ((كم سنوك يا بديل؟)) فقال: سبع
وتسعون يا رسول اللّه، فتبسم النبي(ص) وقال: ((زادك اللّه
جمالاوسوادا وامتعك وولدك))((1501)).
ومؤسس شرفهم الباذخ البطل العظيم عبداللّه بن بديل بن
ورقاء الذي كان هو واخواه عبدالرحمن ومحمد رسل
رسول‏اللّه(ص) الى اليمن كما في رجال الشيخ. وكانوا هم
واخوهم عثمان من فرسان مولانا امير المؤمنين الشهداء
في‏صفين((1502))، واخوهم الخامس نافع بن بديل استشهد
على عهد النبي(ص) ورثاه ابن رواحة بقوله:
رحم اللّه نافع بن بديل
رحمة المبتغي ثواب الجهاد
صابرا صادق الحديث اذا مااكثر القوم قال قول
السداد((1503))
فحسب هذا البيت شرفا ان فيه خمسة شهداء، وهم بعين اللّه
ومع ابن عم رسول اللّه(ص)، وكان عبداللّه من
متقدمي‏الشجعان، والمتبرز في الفروسية، والمتحلي باعلى
مراتب الايمان، وعده الزهري من دهاة العرب الخمسة كما في
الاصابة(2/281). قال له امير المؤمنين يوم صفين: ((احمل
على القوم)). فحمل عليهم بمن معه من اهل الميمنة وعليه
يومئذ سيفان‏ودرعان، فجعل يضرب بسيفه قدما ويقول:
لم يبق غير الصبر والتوكل
والترس والرمح وسيف مصقل
ثم التمشي في الرعيل الاول
مشي‏الجمال في حياض المنهل
فلم يزل يحمل حتى انتهى الى معاوية والذين بايعوه على
الموت، فامرهم ان يصمدوا لعبداللّه بن بديل، وبعث الى
حبيب‏بن مسلمة الفهري وهو في الميسرة، ان يحمل عليه
بجميع من معه، واختلط الناس واضطرم الفيلقان، ميمنة اهل
العراق‏وميسرة اهل الشام، واقبل عبداللّه بن بديل يضرب الناس
بسيفه قدما، حتى ازال معاوية عن موقفه وجعل ينادي: ياثارات
عثمان! وانما يعني اخا له قتل، وظن معاوية واصحابه انه يعني:
عثمان بن عفان، وتراجع معاوية عن مكانه القهقرى‏كثيرا،
وارسل الى حبيب بن مسلمة مرة ثانية وثالثة يستنجده
ويستصرخه، ويحمل حبيب حملة شديدة بميسرة معاوية‏على
ميمنة العراق، فكشفها حتى لم يبق مع ابن بديل الا نحو مائة
انسان من القراء، فاستند بعضهم الى بعض يحمون‏انفسهم، ولج
ابن بديل في الناس، وصمم على قتل معاوية، وجعل يطلب
موقفه، ويصمد نحوه حتى انتهى اليه، ومع معاوية‏عبداللّه بن
عامر واقفا، فنادى معاوية بالناس: ويلكم، الصخر والحجارة اذا
عجزتم عن السلاح. فرضخه الناس بالصخروالحجارة، حتى
اثخنوه فسقط، فاقبلوا عليه بسيوفهم فقتلوه.
وجاء معاوية وعبداللّه بن عامر حتى وقفا عليه، فاما عبداللّه بن
عامر فالقى عمامته على وجهه وترحم عليه وكان له من‏قبل
اخا وصديقا، فقال معاوية: اكشف عن وجهه. فقال: لا واللّه لا
يمثل به وفي روح، فقال معاوية: اكشف عن وجهه فانالا نمثل
به، قد وهبناه لك. فكشف ابن عامر عن وجهه فقال معاوية: هذا
كبش القوم ورب الكعبة، اللهم اظفرني بالاشترالنخعي
والاشعث الكندي! واللّه ما مثل هذا الا كما قال
الشاعر((1504)):
اخو الحرب ان عضت به‏الحرب عضها
وان شمرت عن ساقها الحرب شمرا
ويحمي اذا ما الموت كان لقاوه
قدى الشبر((1505)) يحمي الانف ان يتاخرا
كليث هزبر كان يحمي ذماره
رمته المنايا قصدها فتقطرا((1506))
ثم قال: ان نساء خزاعة لو قدرت على ان تقاتلني فضلا عن
رجالها لفعلت((1507)).
ومر بعبداللّه بن بديل وهو بخر رمق من حياته الاسود بن
طهمان الخزاعي، فقال له: عز علي واللّه مصرعك! اما واللّه
لوشهدتك لاسيتك ولدافعت عنك، ولو رايت الذي اشعرك
لاحببت ان لا ازايله ولا يزايلني حتى اقتله او يلحقني
بك.ثم‏نزل اليه فقال: رحمك اللّه يا عبداللّه، ان كان جارك
ليامن بوائقك، وان كنت لمن الذاكرين اللّه كثيرا. اوصني
رحمك اللّه.قال: اوصيك بتقوى اللّه، وان تناصح امير المؤمنين،
وتقاتل معه حتى يظهر الحق او تلحق باللّه، وابلغ امير المؤمنين
عني‏السلام، وقل له: قاتل على المعركة حتى تجعلها خلف
ظهرك، فانه من اصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب. ثم
لم يلبث‏ان مات، فاقبل الاسود الى علي(ع) فاخبره فقال:
((رحمه اللّه جاهد معنا عدونا في الحياة ونصح لنا في
الممات))((1508)).
وينم عن عظمة عبداللّه بن بديل بين الصحابة العلوية قول ابن
عدي بن حاتم((1509)) رضوان اللّه عليه يوم صفين:
ابعد عمار وبعد هاشم
وابن بديل فارس الملاحم
نرجو البقاء مثل حلم الحالم
وقد عضضنا امس بالاباهم
وقول سليمان بن صرد الخزاعي((1510)) يوم صفين:
يالك يوما كاسفا عصبصبا((1511))
يالك يوما لا يواري كوكبا
يا ايها الحي الذي تذبذبا
لسنا نخاف‏ذا ظليم حوشبا
لان فينا بطلا مجربا
ابن بديل كالهزبر مغضبا
امسى علي عندنا محببا
نفديه بالام ولا نبقي ابا
وقول الشني((1512)) في ابيات له:
فان يك اهل‏الشام اودوا بهاشم
واودوا بعمار وابقوا لنا ثكلا
وبابني بديل فارسي كل بهمة‏وغيث خزاعي به
ندفع‏المحلا((1513))
واما ابو المترجم علي بن رزين فكان من شعراء عصره، ترجمه
المرزباني في معجم الشعراء((1514)) (1/283)، وجده‏رزين
كان مولى عبداللّه بن خلف الخزاعي ابي طلحة الطلحات، كما
ذكره ابن قتيبة في الشعر والشعراء((1515)).
وعم المترجم عبداللّه بن رزين، احد الشعراء كما ذكره ابن
رشيق في العمدة((1516)).
وابن عمه ابو جعفر محمد ابو الشيص بن عبداللّه المذكور،
شاعر له ديوان عمله الصولي في مائة وخمسين ورقة،
توجدترجمته في البيان والتبيين (3/83)، الشعر
والشعراء((1517)) (ص‏346)، الاغاني((1518)) (15/108)،
فوات‏الوفيات((1519)) (2/25)، وغيرها.
وترجمه ابن المعتز في طبقاته((1520)) (ص‏26 33) وذكر له
قصائد طويلة، غير انه عكس في اسمه واسم ابيه وذكره‏بعنوان:
عبداللّه بن محمد، والصحيح: محمد بن عبداللّه، وعبداللّه بن
ابي الشيص المذكور، شاعر له ديوان في نحو سبعين‏ورقة،
وذكره ابو الفرج في الاغاني((1521)) (15/108) وقال: انه شاعر
صالح الشعر وكان منقطعا الى محمد بن طالب،فاخذ منه جامع
شعر ابيه، ومن جهته خرج الى الناس، وترجمه ابن المعتز في
طبقاته((1522)) (ص‏173).
ابو الحسن علي اخو دعبل :
كان شاعرا له ديوان شعر في نحو خمسين ورقة كما في
فهرست ابن النديم((1523))، سافر مع اخيه المترجم الى ابي
الحسن‏الرضا سلام اللّه عليه سنة (198) وحظيا بحضرته
الشريفة مدة طويلة.
قال ابو الحسن علي هذا: رحلنا انا ودعبل سنة (198) الى
سيدي ابي الحسن علي بن موسى الرضا، فاقمنا عنده الى
آخرسنة مئتين وخرجنا الى قم بعد ان خلع سيدي ابو الحسن
الرضا على اخي دعبل قميصا خزا اخضر وخاتما فصه
عقيق،ودفع اليه دراهم رضوية، وقال له: ((يا دعبل صر الى قم،
فانك تفيد بها)). وقال له: ((احتفظ بهذا القميص، فقد صليت
فيه‏الف ليلة الف ركعة، وختمت فيه القرآن الف
ختمة))((1524)). ولد سنة (172) وتوفي (283).
وخلف ابا القاسم اسماعيل بن علي الشهير بالدعبلي المولود
(257)، يروي كثيرا عن والده ابي الحسن، كان مقامه
بواسط‏وولي الحسبة((1525)) بها، له كتاب تاريخ الائمة
وكتاب النكاح.
ابو الحسن رزين اخو دعبل
واخوه هذا احد شعراء هذا البيت، ولدعبل فيه ابيات في تاريخ
ابن عساكر((1526)) (5/139).
وقال الازدي: وخرج ابراهيم بن العباس، ودعبل ورزين ابنا
علي رجالة الى بعض البساتين او: الى زيارة ابي
الحسن‏الرضا(ع) كما في رواية العيون((1527)) فلقوا جماعة
من اهل السواد من حمال الشوك، فاعطوهم شيئا وركبوا
حميرهم،فقال ابراهيم:
اعيدت بعد حمل الشو
ك احمالا من الخزف
نشاوى لا من الخمرة
بل من شدة الضعف
ثم قال لرزين: اجزها، فقال:
فلو كنتم على ذاك
تصيرون الى القصف
تساوت حالكم فيه
ولا تبقوا على الخسف
ثم قالا لدعبل: اجز يا ابا علي فقال:
فاذ فات الذي فات
فكونوا من ذوي الظرف
وخفوا نقصف اليوم
فاني بائع خفي
بدائع البداءة (2/210)
المترجم له
فهو دعبل((1528)) يكنى ابا علي عند الجميع، وعن ابن
ايوب((1529)): ابو جعفر. وفي الاغاني عن ابن ايوب: ان
اسمه‏محمد، وفي تاريخ الخطيب (8/383): زعم احمد بن
القاسم ان اسمه الحسن، وقال ابن اخيه اسماعيل: اسمه
عبدالرحمن. وقال‏غيرهما: محمد، وعن اسماعيل: انما لقبته
دايته بدعبل لدعابة كانت فيه، فارادت ذعبلا فقلبت الذال دالا.
يقال: اصله كوفي كما في كثير من المعاجم، وقيل: من
قرقيسيا. وكان اكثر مقامه ببغداد، وخرج منها هاربا من
المعتصم لماهجاه وعاد اليها بعد ذلك، وجول في الافاق،
فدخل البصرة ودمشق ومصر على عهد المطلب بن عبداللّه بن
مالك‏المصري وولا ه اسوان، فلما بلغ هجاوه اياه عزله، فانفذ
اليه كتاب العزل مع مولى له، وقال: انتظره حتى يصعد المنبر
يوم‏الجمعة، فاذا علاه فاوصل الكتاب اليه، وامنعه من الخطبة،
وانزله عن المنبر واصعد مكانه. فلما ان علا المنبر
وتنحنح‏ليخطب ناوله الكتاب، فقال له دعبل: دعني اخطب
فاذا نزلت قراته. قال: لا، قد امرني ان امنعك الخطبة حتى
تقراه، فقراه‏وانزله عن المنبر معزولا وخرج منها الى المغرب
الى بني الاغلب. الاغاني((1530)) (18/48)
سافر الى الحجاز مع اخيه رزين، والى الري وخراسان مع اخيه
علي، وقال ابو الفرج((1531)): كان دعبل يخرج فيغيب‏سنين
يدور الدنيا كلها، ويرجع وقد افاد واثرى، وكانت الشراة
والصعاليك يلقونه ولا يؤذونه، ويواكلونه ويشاربونه‏ويبرونه،
وكان اذا لقيهم وضع طعامه وشرابه ودعاهم اليه، ودعا
بغلاميه: ثقيف وشعف، وكانا مغنيين فاقعدهما يغنيان،وسقاهم
وشرب معهم، وانشدهم، فكانوا قد عرفوه والفوه لكثرة اسفاره
وكانوا يواصلونه ويصلونه، وانشد دعبل لنفسه‏في بعض اسفاره:
حللت محلا يقصر البرق دونه
ويعجز عنه الطيف ان يتجشما
وقال ابن المعتز في طبقاته((1532)) (ص‏125): وكان يجتاز
بقم، فيقيم عند شيعتها فيقسطون له في كل سنة خمسة
آلاف‏درهم.
يقع البحث في ترجمته من نواح اربع:
1 تهالكه في ولاء اهل بيت العصمة صلوات اللّه عليهم.
2 نبوغه في الشعر والادب والتاريخ، وتليفه.
3 روايته للحديث والرواة عنه، ومن يروي هو عنه.
4 سيره مع الخلفاء، ثم ملحه ونوادره ثم ولادته ووفاته.
اما الاولى:
فجلية الحال فيها غنية عن البرهنة عليها، فما ظنك برجل
كان يسمع منه وهو يقول: انا احمل خشبتي على كتفي
منذخمسين سنة لست اجد احدا يصلبني عليها. وقيل للوزير
محمد بن عبدالملك الزيات: لم لا تجيب دعبلا عن قصيدته
التي‏هجاك فيها؟ قال: ان دعبلا جعل خشبته على عنقه يدور
بها، يطلب من يصلبه بها منذ ثلاثين سنة وهو
لايبالي((1533)).
كل ذلك من جراء ما كان ينافح ويناطح ويناضل وينازل في
الذب عن البيت النبوي الطاهر، والتجاهر بموالاتهم،والوقيعة
في مناوئيهم، لا يقر به قرار، فلا يقله مامن ولا يظله سقف
منتجع((1534))، وما زالت تتقاذف به اجواز الفلافرقا من
خلفاء الوقت، واعداء العترة الطاهرة، ومع ذلك كله فقصائده
السائرة تلهج بها الركبان، وتزدان بها الاندية، وهي‏مسرات
للموالين، ومحفظات للاعداء، ومثيرات
للعهن((1535))والضغائن حتى قتل على ذلك شهيدا.
وما ينقم من المترجم له من التوغل في الهجاء في غير واحد
من المعاجم، فان نوع ذلك الهجو والسباب المقذغ
فيمن‏حسبهم اعداء للعترة الطاهرة وغاصبي مناصبهم، فكان
يتقرب به الى اللّه وهو من المقربات اليه سبحانه زلفى، وان
الولاية‏لا تكون خالصة الا بالبراءة ممن يضادها ويعاندها كما تبرا
اللّه ورسوله من المشركين، وما جعل اللّه لرجل من قلبين
في‏جوفه، غير ان اكثر ارباب المعاجم من الفئة المتحيزة الى
اعداء هذا البيت الطاهر، حسبوا ذلك منه ذنبا لا يغفر كما
هوعادتهم في جل رجالات الشيعة.
نبوغه في الادب
فاي برهنة له اوضح من شعره السائر؟ الذي تلهج به الالسن،
وتتضمنه طيات الكتب، ويستشهد به في اثبات معاني‏الالفاظ
ومواد اللغة، ويهتف به في مجتمعات الشيعة آناء الليل واطراف
النهار، ذلك الشعر السهل الممتنع الذي يحسب‏السامع لاول
وهلة انه ياتي بمثيله، ثم لما خاض غماره، وطفق يرسب ويطف
بين اواذيه، علم انه قصير الباع، قصير الخط‏ى،قصير المقدرة
عن ان ياتي بما يدانيه فضلا عما يساويه.
كان محمد بن القاسم بن مهرويه يقول: سمعت ابي يقول: ختم
الشعر بدعبل. وقال البحتري: دعبل بن علي اشعر عندي‏من
مسلم بن الوليد، فقيل له: كيف ذلك؟ قال: لان كلام دعبل
ادخل في كلام العرب من كلام مسلم، ومذهبه اشبه‏بمذاهبهم،
وكان يتعصب له((1536)).
وعن عمرو بن مسعدة قال: حضرت ابا دلف عند المامون وقد
قال له المامون: اي شي‏ء تروي لاخي خزاعة يا قاسم؟فقال: واي
اخي خزاعة يا امير المؤمنين؟ قال: ومن تعرف فيهم شاعرا؟
فقال: اما من انفسهم فابوالشيص ودعبل وابن‏ابي الشيص
وداود بن ابي رزين، واما من مواليهم فطاهر وابنه عبداللّه.
فقال: ومن عسى في هؤلاء ان يسال عن شعره سوى دعبل؟
هات اي شي‏ء عندك فيه.
وقال الجاحظ: سمعت دعبل بن علي يقول: مكثت نحو ستين
سنة ليس من يوم ذر شارقه الا وانا اقول فيه
شعرا((1537))،ولما انشد دعبل ابا نواس شعره:
اين الشباب؟ واية سلكا؟
لا اين يطلب؟ ضل بل هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل
ضحك المشيب براسه فبكى
فقال: احسنت مل‏ء فيك واسماعنا. قال محمد بن يزيد: كان
دعبل واللّه فصيحا((1538)). وهناك كلمات ضافية حول
ادبه‏والثناء عليه لا يهمنا ذكرها.
اخذ الادب عن صريع الغواني مسلم بن الوليد((1539))،
واستقى من بحره، وقال: مازلت اقول الشعر واعرضه على
مسلم‏فيقول لي: اكتم هذا حتى قلت:
اين الشباب؟ واية سلكا؟
لا اين يطلب؟ ضل بل هلكا
فلما انشدته هذه القصيدة قال: اذهب الان فاظهر شعرك كيف
شئت لمن شئت.
وقال ابو تمام: ما زال دعبل مائلا الى مسلم بن الوليد مقرا
باستاذيته، حتى ورد عليه جرجان، فجفاه مسلم وكان فيه‏بخل،
فهجره دعبل وكتب اليه:
ابا مخلد كنا عقيدي مودة
هوانا وقلبانا جميعا معا معا
احوطك بالغيب الذي انت حائط‏ي
وايجع اشفاقا لان تتوجعا
فصيرتني بعد انتحائك متهما
لنفسي، عليها ارهب الخلق اجمعا
غششت‏الهوى حتى‏تداعت اصوله
بنا وابتذلت الوصل حتى تقطعا
وانزلت من بين الجوانح والحشا
ذخيرة ود طالما قد تمنعا
فلا تعذلني ليس لي فيك مطمع
تخرقت حتى لم اجد لك مرقعا
فهبك يميني استاكلت فقطعتها
وجشمت قلبي صبره فتشجعا((1540))
ويروي عنه في الادب محمد بن يزيد، والحمدوي الشاعر،
ومحمد بن القاسم ابن مهرويه، وآخرون.
آيات نبوغه