له كتاب
الواحدة في مناقب العرب ومثالبها، وكتاب طبقات
الشعراء، وهو من التليف القيمة والاصول المعول
عليها
فيالادب والتراجم، ينقل عنه كثيرا المرزباني في
معجم
الشعراء (ص227، 240، 245، 267، 361، 434، 478)،
والخطيبالبغدادي في تاريخه (2/342 و4/143)، وابن عساكر
في تاريخه (7/46، 47)، وابن خلكان في تاريخه (2/166)،
واليافعيفي المرآة (2/123)، واكثر النقل عنه ابن حجر
في
الاصابة (1/69، 132، 172، 370، 411، 525، 527 و2/99، 103،
108و3/91 و119، 123، 270، 565، 4/74، 565) وغيرها.
واحسب انه كتاب ضخم مبوب على البلدان كيتيمة الدهر
للثعالبي ففيه:
اخبار شعراء البصرة، وبهذا العنوان ينقل عنه
الامدي في
المؤتلف والمختلف (ص67)، وابن حجر في الاصابة (3/270).
اخبار شعراء الحجاز، وبهذا الاسم ينقل عنه ابن حجر
في
الاصابة (4/74، 163) ويقول: ذكر دعبل في طبقات الشعراء
فياهل الحجاز.
اخبار شعراء بغداد، ينقل عنه باسم كتاب شعراء بغداد
الامدي
في المؤتلف (ص67).
وله ديوان شعر مجموع كما في تاريخ ابن عساكر. وقال
ابن
النديم((1541)): عمله الصولي نحو ثلاثمائة
ورقة، وعد
فيفهرسته((1542)) (ص210) من تليف ابي الفضل
احمد ابن
ابي طاهر: كتاب اختيار شعر دعبل.
ومن آيات نبوغه قصيدته في ذكر مناقب اليمن وفضائلها
من
ملوكها وغيرهم على نحو ستمائة بيت، كما في نشوار
المحاضرةللتنوخي((1543)) (ص176)، مطلعها:
افيقي من ملامك يا ظعينا
كفاك اللوم مر الاربعينا
يرد بها على الكميت في قصيدته التي يمتدح بها
نزارا، وهي
ثلاثمائة بيت اولها :
الا حييت عنا يا مدينا
وهل ناس تقول مسلمينا
قالها الكميت ردا على الاعور الكلبي في قصيدته التي
اولها:
اسودينا واحمرينا
. . .
فراى دعبل النبي(ص) في النوم، فنهاه عن ذكر الكميت
بسوء.
ولم يزل دعبل عند الناس جليل القدر حتى رد على
الكميتفكان مما وضعه((1544))، ورد عليه ابوسعد
المخزومي بقصيدة. وعلى اثر هذه المناجزة والمشاجرة
افتخرت نزار على اليمنوافتخرت اليمن على نزار،
وادلى كل
فريق بما له من المفاخر، وتحزبت الناس، وثارت
العصبية في
البدو والحضر، فنتجبذلك امر مروان بن محمد الجعدي
وتعصبه لقومه من نزار على اليمن، وانحرف اليمن عنه
الى
الدعوة العباسية، وتغلغل الامرالى انتقال الدولة
عن بني امية
الى بني هاشم، ثم ما تلا ذلك من قصة معن بن زائدة
باليمن،
وقتله اهلها تعصبا لقومه منربيعة وغيرها من نزار،
وقطعه
الحلف الذي كان بين اليمن وربيعة في القدم، الى آخر
ما في
مروج الذهب((1545))(2/197).
روايته في الحديث
فعده ابن شهرآشوب في
المعالم((1546)) (ص139) من
اصحاب الكاظم والرضا(ع)، وحكى النجاشي في
فهرسته((1547))(ص198)
عن ابن اخيه انه راى موسى بن
جعفر ولقي ابا الحسن الرضا، وقد ادرك الامام محمد
بن علي
الجواد(ع) ولقيه،
وروى الحميري في الدلائل وثقة الاسلام الكليني في
اصول
الكافي((1548)):
انه دخل على الرضا(ع) فاعطاه شيئا
فلميحمد اللّه تعالى، فقال: ((لم لم تحمد اللّه
تعالى؟)) ثم دخل
على الجواد فاعطاه فقال: الحمد للّه. فقال(ع):
((تادبت)).
ويروي شاعرنا عن جماعة منهم:
1 الحافظ شعبة بن الحجاج: المتوفى (160)((1549))،
وبهذا
الطريق يروى عنه الحديث في كتب الفريقين كما في
اماليالشيخ((1550)) (ص240) وتاريخ ابن
عساكر((1551))(5/228).
2 الحافظ سفيان الثوري: المتوفى (161). تاريخ ابن عساكر
(5/228).
3 امام المالكية مالك بن انس: المتوفى (179). تاريخ ابن
عساكر (5/228).
4 ابو سعيد سالم بن نوح البصري: المتوفى بعد المئتين.
تاريخ ابن عساكر (5/228).
5 ابو عبداللّه محمد بن عمرو الواقدي: المتوفى (207).
تاريخ
ابن عساكر (5/228).
6 الخليفة المامون العباسي: المتوفى (218). تاريخ
الخلفاء((1552))
(ص204).
7 ابو الفضل عبداللّه بن سعد الزهري البغدادي:
المتوفى
(260)، يروي عنه، عن ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر،
عنابن حوشب، عن ابي هريرة حديث صوم الغدير
المذكور
(1/401)((1553)).
8 محمد بن سلامة. يروي عنه بطريقه شيخ الطائفة في
اماليه((1554))
(ص237) عن امير المؤمنين(ع) خطبته
الشهيرةبالشقشقية التي اولها: ((واللّه لقد
تقمصها ابن ابي
قحافة، وانه ليعلم ان محلي منها محل القطب من
الرحى،
ينحدر عنيالسيلولا يرقى الي الطير، ولكني سدلت
عنها ثوبا،
وطويت عنها كشحا)).
9 سعيد بن سفيان الاسلمي المدني. امالي الشيخ (ص237).
10 محمد بن اسماعيل مشترك . امالي الشيخ (ص237).
11 مجاشع بن عمر. يروي عنه عن ميسرة عن الجزري عن
ابن جبير عن ابنعباس انه سئل عن قول اللّه عز
وجل:(وعد اللّه
الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا
عظيما)((1555))الحديث،
امالي الشيخ((1556)) (ص240).
12 موسى بن سهل الراسبي. ذكره ابن حجر في تهذيب
التهذيب((1557))
(10/348) شيخا للمترجم له ولم يعرفه.
وعد ابن عساكر في تاريخه((1558)) (5/228) ممن يقال
برواية المترجم عنه: يحيى بن سعيد الانصاري، وخفي
عليهانيحيى الانصاري توف ي (143) قبل ولادة
المترجم
بسنين.
والرواة عن المترجم هم:
1 ابو الحسن علي اخوه، كما في كثير من كتب الحديث
والمعاجم.
2 موسى بن حماد اليزيدي. فهرست النجاشي((1559))
(ص117).
3 ابو الصلت الهروي: المتوفى (236). في مصادر كثيرة.
4 هارون بن عبداللّه المهلبي. في الامالي والعيون((1560)).
5 علي بن الحكيم. في اصول الكافي.
6 عبداللّه بن سعيد الاشقري. الاغاني((1561))
وغيره.
7 موسى بن عيسى المروزي. الاغاني((1562)) وغيره.
8 ابن المنادي احمد بن ابي داود: المتوفى (272). تاريخ
ابن
عساكر((1563)).
9 محمد بن موسى البريري. تاريخ ابن عساكر.
سيره مع الخلفاء والوزراء
فهذه ناحية واسعة النطاق،
طويلة الذيل، يجد الباحث في
طيات كتب التاريخ ومعاجم الادب المفصلة حولها
كراريسمسطرة، فيها لغو الحديث، نضرب عنها صفحا
ونقتطف منها النزر اليسير.
1 عن يحيى بن اكثم قال: ان المامون اقدم دعبلا(ره)
وآمنه
على نفسه، فلما مثل بين يديه وكنت جالسا بين يدي
المامون،قال له: انشدني قصيدتك الرائية، فجحدها
دعبل وانكر
معرفتها، فقال له: لك الامان عليها كما امنتك على
نفسك.فانشده:
تاسفت جارتي لما رات زوري
وعدت الحلم ذنبا غير مغتفر
ترجو الصبا بعد ما شابت ذوائبها
وقد جرت طلقا في حلبة الكبر
اجارتي ان شيب الراس يعلمني
ذكر المعاد وارضاني عن القدر
لو كنت اركن للدنيا وزينتها
اذا بكيت على الماضين من نفر
اخنى الزمان على اهلي فصدعهم
تصدع الشعب لاقى صدمة الحجر
بعض اقام وبعض قد اصات به
داعي المنية والباقي على الاثر
اما المقيم فاخشى ان يفارقني
ولست اوبة من ولى بمنتظر
اصبحت اخبر عناهلي وعن ولدي
كحالم قص رويا بعد مدكر
لولا تشاغل عيني بالالى سلفوا
من اهل بيت رسول اللّه لم اقر
وفي مواليك للمحزون مشغلة
من ان تبيت لمشغول على اثر
كم من ذراع لهم بالطف بائنة
وعارض بصعيد الترب منعفر
امسى الحسين ومسراهم لمقتله
وهم يقولون: هذا سيد البشر
يا امة السوء ما جازيت احمد في
حسن البلاء على التنزيل والسور
خلفتموه على الابناء حين مضى
خلافة الذئب في ابقار ذي بقر
قال يحيى: وانفذني المامون في حاجة، فقمت فعدت اليه
وقد
انتهى الى قوله:
لم يبق حي من الاحياء نعلمه
من ذي يمان ولا بكر ولا مضر
الا وهم شركاء في دمائهم
كما تشارك ايسار((1564)) على جزر
قتلا واسرا وتخويفا ومنهبة
فعل الغزاة بارض الروم والخزر
ارى امية معذورين ان قتلوا
ولا ارى لبني العباس من عذر
قوم قتلتم على الاسلام اولهم
حتى اذا استمكنوا جازوا على الكفر
ابناء حرب ومروان واسرتهم
بنو معيط ولاة الحقد والزعر((1565))
اربع((1566))
بطوس على قبر الزكي بها
ان كنت تربع من دين على وطر
قبران في طوس: خير الناس كلهم
وقبر شرهم هذا من العبر
ما ينفع الرجس من قبر الزكي ولا
على الزكي بقرب الرجس من ضرر
هيهات كل امرىء رهن بما كسبت
له يداه، فخذ ما شئت او فذر
قال: فضرب المامون عمامته الارض، وقال: صدقت واللّه
يا
دعبل((1567)).
روى شيخنا الصدوق في اماليه((1568)) (ص390) باسناده
عن دعبل انه قال: جاءني خبر موت الرضا(ع) وانا مقيم
بقمفقلت القصيدة الرائية، ثم ذكر ابياتا منها.
2 دخل ابراهيم بن المهدي على المامون فشكا اليه
حاله،
وقال: يا امير المؤمنين ان اللّه سبحانه وتعالى
فضلك في
نفسكعلي، والهمك الرافة والعفو عني، والنسب
واحد، وقد
هجاني دعبل فانتقم لي منه، فقال: وما قال؟ لعل قوله:
نعر ابن شكلة بالعراق واهله
فهفا اليه كل اطلس مائق
وانشده الابيات فقال: هذا من بعض هجائه، وقد هجاني
بما هو
اقبح من هذا، فقال المامون: لك اسوة بي فقد
هجانيواحتملته، وقال في((1569)):
ايسومني المامون خطة جاهل
او ماراى بالامس راس محمد
اني من القوم الذين سيوفهم
قتلت اخاك وشرفتك بمقعد((1570))
شادوا بذكرك بعد طول خموله
واستنقذوك منالحضيض الاوهد
فقال ابراهيم: زادك اللّه حلما يا امير المؤمنين
وعلما، فما
ينطق احدنا الا عن فضل علمك، ولا يحلم الا
اتباعالحلمك((1571)).
3 حدث ميمون بن هارون((1572))، قال: قال ابراهيم بن
المهدي للمامون قولا في دعبل يحرضه عليه، فضحك
المامون،وقال: انما تحرضني عليه لقوله فيك:
يا معشر الاجناد لا تقنطوا
وارضوا بما كان ولا تسخطوا
فسوف تعطون حنينية
يلتذها الامرد والاشمط
والمعبديات((1573)) لقوادكم
لا تدخل الكيس ولا تربط
وهكذا يرزق قواده
خليفة مصحفه البربط((1574))
فقال له ابراهيم: فقد واللّه هجاك انت يا امير
المؤمنين، فقال:
دع هذا عنك، فقد عفوت عنه في هجائه اياي لقوله
هذاوضحك. ثم دخل ابو عباد، فلما رآه المامون من بعد
قال
لابراهيم: دعبل يجسر على ابيعباد بالهجاء ولا
يحجم عن
احد.فقال له: وكان ابا عباد ابسط يدا منك؟ قال: لا،
ولكنه
حديد جاهل لا يؤمن، وانا احلم واصفح، واللّه ما
رايت ابا
عبادمقبلا الا اضحكني قول دعبل فيه:
اولىالامور بضيعة وفساد
امر يدبره ابو عباد((1575))
4 حدث ابو ناجية((1576)) قال: كان المعتصم يبغض
دعبلا
لطول لسانه، وبلغ دعبلا انه يريد اغتياله وقتله،
فهرب
الىالجبل، وقال يهجوه:
بكى لشتات الدين مكتئب صب
وفاض بفرط الدمع من عينه غرب((1577))
وقام امام لم يكن ذا هداية
فليس له دين وليس له لب
وما كانت الانباء تاتي بمثله
يملك يوما او تدين له العرب
ولكن كما قال الذين تتابعوا
من السلفالماضين اذ عظم الخطب
ملوك بني العباس في الكتب سبعة
ولم تاتنا عن ثامن لهم كتب
كذلك اهل الكهف في الكهف سبعة
خيار اذا عدوا وثامنهم كلب
واني لاعلي كلبهم عنك رفعة
لانك ذو ذنب وليس له ذنب
لقد ضاع ملكالناس اذ ساسملكهموصيف واشناس وقد
عظم
الكرب((1578))
وفضل بن مروان يثلم ثلمةيظل لها الاسلام ليس
له شعب((1579))
5 حدث ميمون بن هارون قال: لما مات المعتصم قال محمد
بن عبدالملك الزيات يرثيه:
قد قلت اذ غيبوه وانصرفوا
في خير قبر لخير مدفون
لن يجبر اللّه امة فقدت
مثلك الا بمثل هارون
فقال دعبل يعارضه:
قد قلت اذ غيبوه وانصرفوا
في شر قبر لشر مدفون
اذهب الىالنار والعذاب فما
خلتك الا من الشياطين
مازلت حتى عقدت بيعة من
اضر بالمسلمين والدين((1580))
6 حدث محمد بن قاسم بن مهرويه قال: كنت مع دعبل
بالصيمرة وقد جاء نعي المعتصم وقيام الواثق، فقال
لي
دعبل:امعك شيء تكتب فيه؟ فقلت: نعم، واخرجت
قرطاسا،
فاملى علي بديها:
الحمد للّه لا صبر ولا جلد
ولا عزاء اذا اهل البلا رقدوا
خليفة مات لم يحزن لهاحدوآخر قام لم يفرح به
احد((1581))
7 حدث محمد بن جرير قال: انشدني عبيداللّه بن يعقوب
هذا
البيت وحده لدعبل يهجو به المتوكل، وما سمعت له
غيرهفيه:
ولست بقائل قذعا ولكن
لامر ما تعبدك العبيد
قال: يرميه في هذا البيت بالابنة.
8 دخل عبداللّه بن طاهر على المامون فقال له
المامون: اي
شيء تحفظ يا عبداللّه لدعبل؟ فقال: احفظ ابياتا له
في اهلبيت
امير المؤمنين. قال: هاتها ويحك، فانشده عبداللّه
قول دعبل:
سقيا ورعيا لايام الصبابات
ايام ارفل في اثواب لذاتي
ايام غصني رطيب من ليانته
اصبو الى غير جارات وكنات
دع عنك ذكر زمان فات مطلبه
واقذف برجلك عن متنالجهالات
واقصد بكل مديح انت قائله
نحو الهداة بني بيت الكرامات
فقال المامون: انه قد وجد واللّه مقالا، ونال ببعيد
ذكرهم ما
لايناله في وصف غيرهم. ثم قال المامون: لقد احسن في
وصفسفر سافره ، فطال ذلك السفر عليه ، فقال فيه :
الم يان للسفر الذين تحملوا
الى وطن قبل الممات رجوع
فقلت ولم املك سوابق عبرة
نطقن بما ضمت عليه ضلوع
تبين فكم دار تفرق شملها
وشمل شتيت عاد وهو جميع
كذاك اللياليصرفهن كما ترى
لكل اناس جدبة وربيع
ثم قال: ما سافرت قط الا كانت هذه الابيات نصب عيني
في
سفري، وهجيري((1582)) ومسليتي حتى اعود((1583)).
9 حدث ميمون بن هارون قال: كان دعبل قد مدح دينار بن
عبداللّه واخاه يحيى فلم يرض ما فعلاه، فقال
يهجوهما:
ما زال عصياننا للّه يرذلنا
حتى دفعنا الى يحيى ودينار
وغدين علجين لمتقطع ثمارهما
قد طال ما سجدا للشمس والنار
قال: وفيهما وفي الحسن بن سهل والحسن بن رجاء وابيه
يقول
دعبل:
الا فاشتروا مني ملوك المخزم
ابع حسنا وابني رجاء بدرهم
واعط رجاء فوق ذاك زيادة
واسمح بدينار بغير تندم
فان رد منعيب علي جميعهمفليس يرد العيب يحيى بن
اكثم((1584))
ملح ونوادر
1 حدث احمد بن خالد قال: كنا
يوما بدار صالح بن علي من
عبدالقيس ببغداد ومعنا جماعة من اصحابنا، فسقط
علىكنينة
في سطحه ديك طار من دار دعبل، فلما رايناه قلنا: هذا
صيدنا، فاخذناه. فقال صالح: ما نصنع به؟ قلنا:
نذبحه،فذبحناه
وشويناه. فخرج دعبل وسال عن الديك فعرف انه سقط في
دار
صالح، فطلبه منا فجحدناه، وشربنا يومنا. فلماكان من
الغد
خرج دعبل فصلى الغداة، ثم جلس على المسجد، وكان ذلك
المسجد مجمع الناس، يجتمع فيه جماعة منالعلماء
وينتابهم
الناس، فجلس دعبل على المسجد وقال:
اسر المؤذن صالح وضيوفهاسر الكمي هفا خلال
الماقط((1585))
بعثوا عليه بنيهم وبناتهم
من بين ناتفة وآخر سامط
يتنازعون كانهم قد اوثقواخاقان او هزموا كتائب
ناعط((1586))
نهشوه فانتزعت له اسنانهم
وتهشمت اقفاوهم بالحائط
فكتبها الناس عنه ومضوا. فقال لي ابي وقد رجع الى
البيت:
ويحكم، ضاقت عليكم المكل، فلم تجدوا شيئا تاكلونه
سوىديك دعبل؟ ثم انشدنا الشعر، وقال لي: لا تدع
ديكا ولا
دجاجة تقدر عليه الا اشتريته، وبعثت به الى دعبل،
والا
وقعنافي لسانه، ففعلت ذلك((1587)).
2 عن اسحاق النخعي قال: كنت جالسا مع دعبل بالبصرة
وعلى راسه غلامه ثقيف، فمر به اعرابي يرفل في ثياب
خز،فقال
لغلامه: ادع لي هذا الاعرابي، فاوما الغلام اليه،
فجاء، فقال له
دعبل: ممن الرجل؟ قال: من بني كلاب، قال: منايولد
كلاب
انت؟ قال: من ولد ابي بكر، فقال دعبل: اتعرف القائل؟:
ونب ئت كلبا من كلاب يسبني
ومحض كلاب يقطعالصلوات
فان انا لم اعلم كلابا بانها
كلاب واني باسل النقمات
فكان اذا من قيس عيلان والدي
وكانت اذا امي من الحبطات((1588))
قال: وهذا الشعر لدعبل يقوله في عمرو بن عاصم
الكلابي.
فقال له الاعرابي: ممن انت؟ فكره ان يقول من
خزاعةفيهجوهم، فقال: انا انتمي الى القوم الذين
يقول فيهم
الشاعر:
اناس علي الخير منهم وجعفر
وحمزة والسجاد ذو الثفنات
اذا فخروا يوما اتوا بمحمد
وجبريل والفرقان والسورات
فوثب الاعرابي وهو يقول: ما لي الى محمد وجبريل
والفرقان
والسورات مرتقى((1589)).
3 حدث الحسين بن ابي السرى قال: غضب دعبل على ابي
نصر بن جعفر ابن محمد بن الاشعث وكان دعبل
مؤدبهقديما
لشيء بلغه عنه، فقال يهجو اباه:
ما جعفر بنمحمد بن الاشعث
عندي بخير ابوة من عثعث
عبثا تمارس بي تمارس حية
سوارة ان هجتها لم تلبث
لو يعلم المغرور ماذا حاز من
خزي لوالده اذا لم يعبث
قال: فلقيه عثعث، فقال له: اي شيء كان بيني وبينك
حتى
ضربت بي المثل في خسة الاباء؟، فضحك دعبل، وقال:
لاشيء
واللّه الا اتفاق اسمك واسم ابن الاشعث في القافية،
اولا ترضى
ان اجعل اباك وهو اسود خيرا من آباء الاشعث
بنقيس((1590))؟
4 عن الحسين بن دعبل قال: قال ابي في الفضل بن مروان:
نصحت فاخلصت النصيحة للفضل
وقلت فسيرت المقالة في الفضل
الا ان في الفضل بن سهل لعبرة
ان اعتبر الفضل بن مروان بالفضل
وللفضل في الفضل بن يحيى مواعظ
اذا فكر الفضل بن مروان في الفضل
فابق حميدا من حديث تفز به
ولا تدع الاحسان والاخذ بالفضل
فانك قد اصبحت للملك قيما
وصرت مكانالفضلوالفضل والفضل
ولم ار ابياتا من الشعر قبلها
جميع قوافيها على الفضل والفضل
وليس لها عيب اذا هي انشدت
سوىان نصحيالفضل كان منالفضل
فبعث اليه الفضل بن مروان بدنانير، وقال له: قد قبلت
نصحك،
فاكفني خيرك وشرك((1591)).
نماذج من شعر دعبل في المذهب
قال في رثاء الامام السبط
الشهيد(ع):
اتسكب دمع العين بالعبرات
وبت تقاسي شدة الزفرات؟
وتبكي لاثار لال محمد
فقد ضاق منك الصدر بالحسرات
الا فابكهم حقا وبل عليهم
عيونا لريب الدهر منسكبات
ولا تنس في يوم الطفوف مصابهم
وداهية من اعظم النكبات
سقى اللّه اجداثا على ارض كربلا
مرابيع امطار من المزنات
وصلى على روح الحسين حبيبه
قتيلا لدى النهرين بالفلوات
قتيلا بلا جرم فجعنا بفقده
فريدا ينادي: اين اين حماتي
انا الظامئ العطشان فيارض غربة
قتيلا ومظلوما بغير ترات
وقد رفعوا راس الحسين على القنا
وساقوا نساء ولها خفرات
فقل لابن سعد عذب اللّه روحه
ستلقى عذاب النار باللعنات
ساقنت طول الدهر ما هبت الصبا
واقنت بالاصال والغدوات
على معشر ضلوا جميعا وضيعوا
مقال رسول اللّه بالشبهات
ويمدح امير المؤمنين(ع) ويذكر تصدقه بخاتمه للسائل
في
الصلاة ونزول قوله تعالى: (انما وليكم اللّه ورسوله
والذين
آمنواالذين يقيمون الصلا ة ويؤتون الزكاة وهم
راكعون)
فيه((1592))
بقوله:
نطق القرآن بفضل آل محمد
وولاية لعليه لم تجحد
بولاية المختار من خير الذي((1593))بعد النبي الصادق
المتودد
اذ جاءه المسكين حال صلاته
فامتد طوعا بالذراع وباليد
فتناول المسكين منه خاتما
هبة الكريم الاجود بن الاجود
فاختصه الرحمن في تنزيله
من حاز مثل فخاره فليعدد
ان الاله وليكم ورسوله
والمؤمنين فمن يشا فليجحد
يكن الاله خصيمه فيها غدا
واللّه ليس بمخلف في الموعد
وله يمدح امير المؤمنين صلوات اللّه عليه :
سقيا لبيعة احمد ووصيه
اعني الامام ولينا المحسودا
اعني الذي نصر النبي محمدا
قبل البرية ناشئا ووليدا
اعنيالذي كشفالكروب ولم يكن
في الحرب عند لقائه رعديدا
اعني الموحد قبل كل موحد
لا عابدا وثنا ولا جلمودا
وله يرثي الامام السبط شهيد الطف سلام اللّه عليه :
ان كنت محزونا فمالك ترقد
هلا بكيت لمن بكاه محمد
هلا بكيت على الحسين واهله
ان البكاء لمثلهم قد يحمد
لتضعضع الاسلام يوم مصابه
فالجود يبكي فقده والسؤدد
فلقد بكته في السماء ملائك
زهر كرام راكعون وسجد
انسيت اذ صارت اليه كتائب
فيها ابن سعد والطغاة الجحد
فسقوه من جرع الحتوف بمشهد
كثر العداة به وقل المسعد
لم يحفظوا حق النبي محمد
اذ جرعوه حرارة ما تبرد
قتلوا الحسين فاثكلوه بسبطه
فالثكل من بعد الحسين مبرد
كيف القرار وفي السبايا زينب
تدعو بفرط حرارة: يا احمد هذا حسين بالسيوف مبضع
متلطخ بدمائه مستشهد
عار بلا ثوب صريع في الثرى
بين الحوافر والسنابك يقصد
والطيبون بنوك قتلى حوله
فوق التراب ذبائح لا تلحد
يا جد قد منعوا الفرات وقتلوا
عطشا فليس لهم هنالك مورد
يا جد من ثكلي وطول مصيبتي
ولما اعانيه اقوم واقعد
وله من قصيدة طويلة في رثاء الشهيد السبط(ع) قوله:
جاووا من الشام المشومة اهلها
للشوم يقدم جندهم ابليس
لعنوا وقد لعنوا بقتل امامهم
تركوه وهو مبضع مخموس
وسبوا فواحزني بنات محمد
عبرى حواسر ما لهن لبوس
تبا لكم يا ويلكم ارضيتم
بالنار ذل هنالك المحبوس
بعتم بدنيا غيركم جهلا بكم
عز الحياة وانه لنفيس
اخزي بها من بيعة اموية
لعنت وحظ البائعين خسيس
بؤسا لمن بايعتم وكانني
بامامكم وسط الجحيم حبيس
يا آل احمد ما لقيتم بعده
من عصبة هم فيالقياس مجوس
كم عبرة فاضت لكم وتقطعت
يومالطفوف علىالحسين نفوس
صبرا موالينا فسوف نديلكم
يوما على آل اللعين عبوس((1594))
ما زلت متبعا لكم ولامركم
وعليه نفسي ما حييت اسوس
وذكر له ياقوت الحموي في معجم الادباء (11/110) في رثاء
الامام السبط(ع) قوله:
راس ابن بنت محمد ووصيه
ياللرجال على قناة يرفع
والمسلمون بمنظر وبمسمع
لا جازع من ذا ولا متخشع
ايقظت اجفانا وكنت لها كرى
وانمت عينا لم تكن بك تهجع
كحلت بمنظرك العيون عماية
واصم نعيك كل اذن تسمع
ما روضة الا تمنت انها
لك مضجع ولخط قبرك موضع
وله في مدح الامام الطاهر علي بن ابي طالب صلوات
اللّه
عليه :
ابو تراب حيدره
ذاك الامام القسوره
مبيد كل الكفره
ليس له مناضل
مبارز ما يهب
وضيغم ما يغلب
وصادق لا يكذب
وفارس محاول
سيفالنبي الصادق
مبيد كل فاسق
بمرهف ذي بارق
اخلصه الصياقل
وله يرثي الامام السبط صلوات اللّه عليه :
منازل بين اكناف الغري
الى وادي المياه الى الطوي
لقد شغلالدموع عنالغواني
مصاب الاكرمين بني علي
اتى اسفي على هفوات دهري
تضاءل فيه اولاد الزكي
الم تقف البكاء على حسين
وذكرك مصرع الحبر التقي
الم يحزنك ان بني زياد
اصابوا بالترات بني النبي
وان بني الحصان يمر فيهم
علانية سيوف بني البغي
ولادته ووفاته :
ولد سنة (148) واستشهد ظلما
وعدوانا وهو شيخ كبير سنة
(246) فعاش سبعا وتسعين سنة وشهورا من السنة
الثامنة.يقال: انه هجا مالك بن طوق بابيات، وبلغت
مالكا،
فطلبه فهرب، فاتى البصرة وعليها اسحاق بن العباس
العباسي،
وكانبلغه هجاء دعبل نزارا، فلما دخل البصرة بعث
من قبض
عليه، ودعا بالنطع والسيف ليضرب عنقه، فحلف
بالطلاق
علىجحدها، وبكل يمين تبرئ من الدم انه لم يقلها،
وان عدوا
له قالها، اما ابو سعيد او غيره ونسبها اليه ليغري
بدمه،
وجعليتضرع اليه ويقبل الارض ويبكي بين يديه، فرق
له فقال:
اما اذا اعفيتك من القتل فلا بد من ان اشهرك، ثم دعا
بالعصافضربه حتى سلح، وامر به والقي على قفاه، وفتح
فمه
فرد سلحه فيه والمقارع تاخذ رجليه، وهو يحلف ان لا
يكف
عنهحتى يستوفيه ويبلعه او يقتله. فما رفعت عنه حتى
بلع
سلحه كله، ثم خلا ه فهرب الى الاهواز، وبعث مالك ابن
طوقرجلا حصيفا((1595)) مقداما وامره ان يغتاله
كيف شاء،
واعطاه على ذلك عشرة آلاف درهم، فلم يزل يطلبه
حتىوجده في قرية من نواحي السوس، فاغتاله في وقت
من
الاوقات بعد صلاة العتمة، فضرب ظهر قدمه بعكاز((1596))
لهازج مسموم، فمات من غد، ودفن بتلك القرية.
وقيل: بل حمل الى السوس ودفن بها((1597)). وفي تاريخ ابن
خلكان((1598)):
قتل بالطيب، وهي بلدة بين واسط
العراقوكور الاهواز. وقال الحموي((1599)):
وبزويلة((1600))قبر
دعبل بن علي الخزاعي، قال بكر بن
حماد:
الموت غادر دعبلا بزويلة
في ارض برقةاحمد بن خصيب
لا يخفى على الباحث ان تردد ابن عساكر في تاريخه((1601))
(5/242) بعد ذكر وفاة المترجم سنة (246) وقوله: قيل:
انههجا المعتصم فقتله. وقيل: انه هجا مالكا فارسل
اليه من
سمه بالسوس تردد بلا تامل، ونقل بلا تدبر، اذ
المعتصم
توفي(227) قبل شهادة المترجم بتسع عشرة سنة. كما ان ما
ذكره الحموي في معجم البلدان (4/418) من ان دعبلا لما
هجاالمعتصم اهدر دمه، فهرب الى طوس واستجار بقبر
الرشيد، فلم يجره المعتصم وقتله صبرا في سنة (220)،
خلاف
ما اتفقعليه المؤرخون وعلماء الرجال من شهادته
سنة (246).
كان البحتري صديقا للمترجم وابي تمام المتوفى
قبله، فرثاهما
بقوله:
قد زاد في كلفي واوقد لوعتي
مثوى حبيب يوم مات ودعبل
اخوي لا تزل السماء مخيلة((1602))
تغشاكما بسماء مزن مسبل
جدث على الاهواز يبعد دونه
مسرىالنعي ورمسه بالموصل
قال ابو نصر محمد بن الحسن الكرخي الكاتب: رايت على
قبر
دعبل مكتوبا:
اعد للّه يوم يلقاه
دعبل: ان لا اله الا هو
يقولها مخلصا عساه بها
يرحمه في القيامة اللّه
اللّه مولاه والرسول ومن
بعدهما فالوصي مولاه
خلف المترجم ولداه: عبداللّه وحسين الشاعر، ذكر ابن
النديم((1603)) للثاني منهما ديوانا في نحو مائتي
ورقة،
وترجمه ابنالمعتز في طبقات الشعراء((1604))
(ص193)
وذكر نماذج من شعره، وقال: الدعبلي مليح الشعر جدا.
آخر دعوانا ان الحمد للّه رب العالمين
هنا ينتهي الجزء الثاني ويتلوه الجزء الثالث ويبدا
ببقية شعراء
القرن الثالث، اولهم ا+بو اسماعيل العلوي
واللّه المستعان وعليه التكلان
|