واخرج((640)) من طريق عبدالرحمن الاخينس((641)) انه
كان في المسجد، فذكر رجل عليا (ع) فقام سعيد بن‏زيد، فقال:
اشهد على رسول اللّه(ص) اني سمعته وهو يقول:عشرة في
الجنة: النبي في الجنة، وابو بكر في‏الجنة، وعمر في الجنة،
وعثمان فى الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير
بن العوام في الجنة، وسعدبن مالك في الجنة، وعبدالرحمن
بن عوف في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر، قال: فقالوا: من
هو: فسكت،قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد. وبهذا
الاسناد اخرجه الترمذي في جامعه((642)) (13/183،186)،
وابن الديبع في تيسير الوصول((643)) (3/260)، وذكره
بالطريقين المحب الطبري في الرياض‏النضرة((644))(1/20).
قال الاميني : نحن لا نرى في هذه الرواية اهمية كبرى تدعم
للعشرة المبشرة منقبة رابية تخص بهم دون‏المؤمنين، بعد ما
جاء من البشائر الصادقة في الكتاب العزيز لكل من آمن باللّه
وعمل صالحا، وانه في‏الجنة.
( وبشر الذين‏آمنوا وعملوا الصالحات‏ان
لهم‏جنات‏تجري‏من‏تحتها الانهار)((645)).
( ان اللّه اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم باءن لهم الجنة
)((646)).
( ان‏الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏واخبتوا الى ربهم اولئك
اصحاب الجنة)((647)).
( ان‏اللّه يدخل‏الذين‏آمنوا وعملوا الصالحات‏جنات تجري من
تحتها الانهار )((648)).
( اما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات الماءوى
)((649)).
( ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاءولئك
يدخلون الجنة)((650)).
( ومن يطع اللّه ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار
)((651)).
( ومن يؤمن باللّه ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها
الانهار)((652)).
( وعد اللّه المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار
)((653)).
وما اكثر من يدخل الجنة من امة محمد(ص)، وقد صح عن
الصادع الكريم: ((ان عليا وشيعته هم في الجنة))،وبشر(ص)
بذلك عليا (ع)((654)) وصح عنه(ص) قوله: ((اتاني جبريل
فقال: بشر امتك انه من مات لا يشرك‏باللّه شيئا دخل الجنة،
قلت: يا جبريل وان سرق وان زنى؟ قال: نعم. قلت: وان سرق
وان زنى؟ قال: نعم.قلت: وان سرق وان زنى؟ قال: نعم وان
شرب الخمر))((655)).
وصح عنه(ص): ((ابشروا وبشروا من وراءكم: انه من شهد ان لا
اله الا اللّه صادقا بها دخل‏الجنة))((656)).
وصح عنه(ص): ((والذي نفسي بيده، لتدخلن الجنة كلكم الا
من ابى او شرد على اللّه شراد البعير)). قيل: يارسول اللّه ومن
ابى ان يدخل الجنة؟ فقال: ((من‏اطاعني دخل الجنة ومن
عصاني دخل النار))((657)).
وصح عن جابر انه سمع النبي(ص) يقول: ((اني لارجو ان يكون
من تبعني من امتي ربع اهل الجنة)) قال:فكبرنا ثم قال:
((ارجو ان يكونوا ثلث الناس)). قال: فكبرنا ثم قال: ارجو ان
يكونوا الشطر))((658)).
وصح عنه(ص): ((ان ربي وعدني ان يدخل الجنة من امتي
سبعين الفا بغير حساب، ثم يشفع كل الف‏لسبعين
الفا))((659)) الى صحاح كثيرة لدة هذه.
فهؤلاء العشرة المبشرة ان كانوا مؤمنين حقا آخذين بحجزة
الكتاب والسنة فهم من آحاد اهل الجنة لامحالة كبقية من
اسلم وجهه للّه وهو محسن.
وهنالك اناس من الصحابة غير هؤلاء العشرة خصوا بالبشارة
بالجنة وبشروا بلسان النبي الاقدس(ص)،منهم عمار بن ياسر،
وقد جاء عن رسول اللّه(ص) عن جبرئيل (ع) قوله: ((بشره
بالجنة حرمت النار على‏عمار)). وقال(ص): ((دم عمار ولحمه
حرام على النار تاءكله او تمسه))((660)).
وصح عنه(ص) قوله: ((ابشروا آل ياسر موعدكم الجنة)) وصح
عنه(ص): ((ان الجنة تشتاق الى اربعة: علي‏بن ابي طالب،
وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي، والمقداد)). وفي رواية:
((اشتاقت الجنة الى ثلاثة الى علي،وعمار،
وبلال)).الغدير(ج‏9)((661)).
وجاء في زيد بن صوحان عدة احاديث في انه من اهل الجنة.
الغدير (9/41) وصح من طريق مسلم في‏عبداللّه بن سلام انه
من اهل الجنة.
صحيح مسلم((662)) (7/160).
وقال(ص) لعلي: ((كاءني بك وانت على حوضي تذود عنه
الناس، وان عليه لاباريق مثل عدد نجوم السماء،واني وانت،
والحسن، والحسين، وفاطمة، وعقيلا، وجعفرا، في الجنة اخوانا
على سرر متقابلين، انت معي‏وشيعتك في الجنة))((663)).
مجمع الزوائد (9/173).
وقال(ص) لعلي: ((انا اول اربعة يدخلون الجنة: انا، وانت،
والحسن، والحسين وذرارينا خلف ظهورناوازواجنا خلف
ذرارينا، وشيعتنا عن ايماننا وعن شمائلنا))((664)).(9/174).
وصح عنه(ص): ((الحسن والحسين سيدا شباب اهل
الجنة))((665)). متفق على صحته.
وجاء عنه(ص): ((الحسن والحسين جدهما في الجنة، وابوهما
في الجنة، وامهما في الجنة، وعمهما في الجنة،وعمتهما في
الجنة، وخالاتهما في الجنة، وهما في الجنة، ومن احبهما في
الجنة)). اخرجه الطبراني في الكبيروالاوسط((666)).
وصح عنه(ص): ((ان جعفر بن ابي طالب في الجنة له جناحان
يطير بهما حيث شاء))((667)).
مجمع الزوائد (9/272).
وصح عنه(ص) في عمرو بن ثابت الاصيرم: ((انه لمن اهل
الجنة)).
المجمع (9/363).
وروي عنه من قوله لعبد اللّه بن مسعود: ((ابشر بالجنة)).
اخرجه الطبراني في الاوسط‏والكبير((668)).
وقال(ص): ((انا سابق العرب الى الجنة، وصهيب سابق الروم
الى الجنة، وبلال سابق الحبشة الى الجنة،وسلمان سابق
الفرس الى الجنة)). اخرجه الطبراني((669))، وحسنه
الهيثمي((670)).
وبشر(ص) عمرو بن الجموح انه يمشي برجليه صحيحة في
الجنة، وكانت رجله عرجاء. اخرجه‏احمد((671))ورجاله ثقات.
وبشر(ص) ثابت بن قيس باءنه يعيش حميدا، ويقتل شهيدا،
ويدخله اللّه الجنة.
المجمع (9/322).
فما هذا المكاء والتصدية، والتصعيد والتصويب حول رواية
العشرة المبشرة،وجعلها عنوان كل كرامة‏لاولئك الرجال،
واختصاصها بالعناية والحاقها باءسماء العشرة عند ذكرهم، وقصر
البشارة بالجنة على ذلك‏الرهط فحسب، والصفح عما ثبت في
غيرهم من ( الذين آمنوا وكانوا يتقون # لهم البشرى في الحياة
الدنياوفي الاخرة لا تبديل لكلمات اللّه ذلك هو الفوز العظيم
)((672))؟! فلماذا حصر التبشير بالعشرة؟ وعد القول‏به من
الاعتقاد اللازم كما ذكره احمد امام الحنابلة في كتاب له الى
مسدد ابن مسرهد، قال: وان نشهدللعشرة انهم في الجنة:
ابوبكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد،
وعبدالرحمن، وابوعبيدة، فمن شهد له النبي(ص) بالجنة
شهدنا له بالجنة، ولا تتاءتى ان تقول: فلان في الجنة وفلان في
النار الا العشرة الذين شهد لهم النبي(ص) بالجنة. جلاء
العينين (ص‏118) لماذا هذه كلها؟ لعلك تدري لماذا، ونحن‏لا
يفوتنا عرفان ذلك.
ولنا حق النظر في الرواية من ناحيتي الاسناد والمتن.
اما الاسناد فانه كما ترى ينتهي الى عبدالرحمن بن عوف
وسعيد بن زيد ولايرويها غيرهما، وطريق‏عبدالرحمن ينحصر
بعبدالرحمن بن حميد بن عبدالرحمن الزهري، عن ابيه، عن
عبدالرحمن بن عوف تارة،وعن رسول اللّه(ص) اخرى، وهذا
اسناد باطل لا يتم نظرا الى «سنة‏» وفاة حميد بن عبدالرحمن،
فانه لم‏يكن صحابيا وانما هو تابعي لم يدرك عبدالرحمن بن
عوف، لانه توفي سنة (105)((673)) عن (73) عاما، فهووليد
سنة (32) عام وفاة عبدالرحمن بن عوف او بعده بسنة، ولذلك
يرى ابن حجر رواية حميد عن عمروعثمان منقطعة
قطعا((674))، وعثمان قد توفي بعد عبدالرحمن بن عوف.
فالاسناد هذا لا يصح.
فيبقى طريق الرواية قصرا على سعيد بن زيد الذي عد نفسه
من العشرة المبشرة، وقد رواها في الكوفة ايام‏معاوية كما مر
النص على ذلك في صدر الحديث، ولم تسمع هي منه الى
ذلك الدور المفعم بالهنابث ولارويت عنه قبل ذلك، فهلا
مسائل هذا الصحابي عن سر ارجاء روايته هذه الى عصر معاوية،
وعدم ذكره‏اياها في تلكم السنين المتطاولة عهد الخلفاء
الراشدين، وكانوا هم وبقية الصحابة في اشد الحاجة الى
مثل‏هذه الرواية لتدعيم الحجة، وحقن الدماء، وحفظ الحرمات
في تلكم الايام الخالية المظلمة بالشقاق‏والخلاف، فكاءنها
اوحيت الى سعيد بن زيد فحسب يوم تسنم معاوية عرش
الملك العضوض.
وفي ظني الاكبر ان سعيد بن زيد لما كان لا يتحمل من
مناوئي علي امير المؤمنين (ع) الوقيعة فيه‏والتحامل عليه،
ويجابه بذلك من كان ولا ه معاوية على الكوفة، وكان قد
تقاعس عن بيعة يزيد عندمااستخلفه ابوه، واجاب مروان في
ذلك بكلمة قارصة((675)) اخذته الخيفة على نفسه من بوادر
معاوية فاتخذباختلاقه هذه الرواية ترسا يقيه عن الاتهام بحب
علي (ع)، وكان المتهم بتلك النزعة يوم ذاك يعاقب
باءلوان‏العذاب، ويسجن وينكل به ويقتل تقتيلا، فاءرضى خليفة
الوقت باتحاف الجنة لمخالفي علي (ع) والمتقاعسين‏عن بيعته
والخارجين عليه، وجعل رؤساءهم في صف واحد لا يشاركهم
غيرهم، كاءن الجنة خلقت لهم‏فحسب، ولم يذكر معهم احدا
من موالي علي وشيعته، وفيهم من فيهم من سادات اهل
الجنة: كسلمان، وابي‏ذر، وعمار، والمقداد، فنال بذلك رضى
الخليفة، وكان يعط‏ي لكل باطل مزيف قناطير مقنطرة من
الذهب‏والفضة.
ولولا الصارم المسلول في البين وكان هو الحاكم الفصل يوم
ذاك، لما كان يخفى‏على اي سعيد وشقي ان متن‏الرواية ياءبى
عن قبولها، وان عليا قط لا يجتمع‏في‏الجنة مع من خالفه وناواه
وآذاه والضدان لا يجتمعان،وسيرة علي(ع) غير سيرة‏اولئك
الرهط، وقد تنازل عن الخلافة يوم الشورى حذرا عن اتباع
سيرة‏الشيخين لما اشترط عليه في البيعة وانكره بمل‏ء فمه،
وبعدهما وقع ما وقع بينه وبين عثمان، وما ساءه قتله ولم‏يشهد
باءنه قتل مظلوما، وصحت عنه خطبته الشقشقية، ونادى في
الملا: ((الا ان كل قطيعة اقطعها عثمان،وكل مال اعطاه من
مال اللّه، فهو مردود في بيت المال))((676)). وبعده حاربه
الناكثان وقاتلاه وقتلا دون‏مناواته، فكيف تجمعهم وعليا
الجنة؟ انا لا ادري ( ايطمع كل امرئ منهم ان يدخل جنة نعيم #
كلا )((677)).
نظرة في المتن :
ولنا في متن الرواية نظرات وتاءملات تزحزحنا عن الاخبات الى
صحتها.
هل عبدالرحمن بن عوف المعزو اليه الرواية وهو احد العشرة
المبشرة، كان يعتقد بها ويصدقها، ومع ذلك‏سل سيفه على
علي يوم الشورى قائلا: بايع والا تقتل.وقال لعلي (ع) بعد ما
تمخضت البلاد على عثمان: اذاشئت فخذ سيفك‏وآخذ سيفي،
انه قد خالف ما اعطاني. وآلى على نفسه ان لا يكلم عثمان في
حياته ابدا.واستعاذ باللّه من بيعته. واوصى ان لا يصلي عليه
عثمان. ومات وهو مهاجر اياه. وكان عثمان يقذفه‏بالنفاق‏ويعده
منافقا((678)). فهل‏تتلاءم هذه كلها مع صحة
تلك‏الرواية‏واذعان‏الرجلين‏بها؟
وهل ابوبكر وعمر المبشران بالجنة هما اللذان ماتت الصديقة
بضعة المصطفى(ص) وهي وجدى عليهما؟وهل هما اللذان
قالت لهما: ((اني اشهد اللّه وملائكته انكما اسخطتماني وما
ارضيتماني، ولئن لقيت‏النبي‏لاشكون كما اليه))؟ وهل‏هما
اللذان تقول ام السبطين فيهما، شاكية نادبة، باكية باءعلى
صوتها: ((يا ابت‏يا رسول اللّه ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب
وابن ابي قحافة))؟ وهل هما اللذان نهبا تراث
العترة،وحق‏فيهما قول امير المؤمنين (ع): ((صبرت وفي
العين قذى وفي الحلق شجى، ارى تراثي نهبا))؟ وهل‏ابوبكر هو
الذي اوصت فاطمة سلام اللّه عليها ان لا يصل ي عليها، وان
لا يحضر جنازتها، فلم يحضرهاهو وصاحبه؟ وهل هو الذي قالت
له كريمة النبي الاقدس، الطاهرة المطهرة: ((لادعون عليك
في كل صلاة‏اصليها))؟ وهل هو الذي كشف عن بيت فاطمة
وآذى رسول اللّه فيها((679)) ( والذين يؤذون‏رس ول‏اللّه ل
هم‏عذاب اليم )((680)) وهل وهل الى ان ينقطع النفس.
وهل كان عمر يصدق هذه الرواية وكان عنده المام بها وهو
يناشد مع ذلك حذيفة اليماني العالم باءسماءالمنافقين ويساءله
عن انه هل هو منهم؟ وهل سماه رسول‏اللّه(ص) في
زمرتهم((681))؟
وهلا كان على يقين من هذه البشارة يوم نهى عن التكني باءبي
عيسى ايام خلافته وقال له المغيرة: ان‏رسول اللّه(ص) كناه بها
فقال: ان النبي غفر له وانا لا ندري ما يفعل بنا وغير كنيته
وكناه ابا عبداللّه((682))؟فكيف كان لم يدر ما يفعل به بعد
تلكم البشارة ان صدقت؟
وهلا كان هو الذي قاد عليا كالجمل المخشوش الى بيعة ابي
بكر، وهو يقول:بايع والا تقتل؟ وهلا كان هوالذي انكر اخوة علي
مع رسول اللّه(ص) يوم ذاك، وهي ثابتة له بالسنة الصحيحة
المتسالم عليها؟ كما انه‏انكر من السنة شيئا كثيرا نبا عن
الحصر.
وهلا كان هو الذي اوصى بقتل من خالف البيعة يوم الشورى؟
وهو جد عليم باءن المخالف الوحيد لذلك‏الانتخاب المزيف هو
علي امير المؤمنين دع هذا او احد غيره من العشرة المبشرة؟
( ومن يقتل‏مؤمنامتعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب اللّه
عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما )((683)).
وهل كان عثمان يخبت الى صحة هذه الرواية ويذعن بها ، وهو
يقول بعد للمغيرة بن شعبة لما كلفه ان يغادرالمدينة الى مكة
حينما حوصر بها: سمعت رسول‏اللّه(ص) يقول: ((يلحد بمكة
رجل من قريش عليه نصف‏عذاب هذه الامة))، فلن اكون ذلك
الرجل((684))؟ وكيف كان لم ير عليا افضل من مروان؟
ومروان ملعون‏بلسان رسول اللّه(ص) وعلي (ع) هو المبشر
بالجنة: ( لا يستوي اءصحاب النار واءصحاب
الجنة‏اءصحاب‏الجنة ه م الفائزون )((685)).
وهل طلحة والزبير هما اللذان قتلا عثمان والبا عليه وكانا كما
قال امير المؤمنين(ع): ((اهون سيرهما فيه‏الوجيف، وارفق
حدائهما العنيف، فاءجلبا عليه وضيقا خناقه، وهما يريدان الامر
لانفسهما، وكانا اول من‏طعن وآخر من امر، حتى اراقا
دمه))((686)).
وهل هما اللذان عرفهما الامام مولانا امير المؤمنين (ع) بقوله:
((كل منهما يرجو الامر له ويعطف عليه دون‏صاحبه، لا يمتان
الى اللّه بحبل، ولا يمدان اليه بسبب، كل واحد منهما حامل
ضب لصاحبه، وعما قليل‏يكشف قناعه به))؟ الى آخر ما مر في
هذا الجزء (ص‏58).
وهل هما اللذان خرجا على امام الوقت المفروضة عليهما
طاعته، ونكثا بيعته، واسعرا عليه نار البغي،وقاتلاه وقتلا وهما
ابين مصداق لقول رسول اللّه(ص): ((من مات ولم يعرف امام
زمانه مات ميتة‏جاهلية))((687)).
وهل هما اللذان قادا جيوش النكث على قتال سيد العترة،
واخرجا حبيسة رسول اللّه(ص) من عقر دارها،وتراسا الناكثين
الذين حث رسول اللّه(ص) عليا والعدول من صحابته على
قتالهم، وحضهم على منابذتهم؟افمن آذن نبي العظمة بحربه
وقتاله ورآه من واجب الاسلام يعده(ص) بعد من اهل الجنة؟ (
انما جزاء الذين‏يحاربون اللّه ورسوله ويسعون في الارض فسادا
ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف اوينفوا
من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب
عظيم )((688)).
وهل الزبير هذا هو الذي صح عن رسول اللّه(ص) قوله له:
((تحارب عليا وانت ظالم))((689))؟ فهل المحارب‏عليا وهو
ظالم اياه مثواه الجنة؟ ورسول اللّه يقول: ((انا حرب لمن
حاربه، وسلم لمن سالمه)) كما جاء في‏الصحيح الثابت: ( فما
جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا ويوم
القيامة يردون الى اشد العذاب‏وما اللّه بغافل عما تعملون
)((690)).
وهل الزبير هو الذي قال فيه عمر: من يعذرني من اصحاب
محمد لولا اني امسك بفم هذا الشغب لاهلك‏امة
محمد(ص)((691)).
وقال له عمر يوم طعن: اما انت يا زبير فوعق لقس((692))
مؤمن الرضا، كافر الغضب، يوما انسان،ويوماشيطان، ولعلها لو
افضت اليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مد من شعير،
افرايت ان افضت‏اليك فليت شعري من يكون للناس يوم تكون
شيطانا ؟ ومن يكون يوم تغضب؟ وما كان اللّه ليجمع لك‏امر
هذه الامة وانت على هذه الصفة((693)).
وقال له ايضا: اما انت يا زبير فواللّه مالان قلبك يوما ولا ليلة، وما
زلت جلفا جافيا((694)).
وهل طلحة هذا هو الذي قتل عثمان، وحال بينه وبين الماء،
ومنعه عن ان يدفن في جبانة المسلمين، وقتله‏مروان اخذا بثار
عثمان، وهما بعد من العشرة المبشرة؟ غفرانك اللهم واليك
المصير.
وهل طلحة هذا هو الذي اقام علي امير المؤمنين (ع) عليه
الحجة يوم الجمل باستنشاده اياه حديث الولاية((من كنت
مولاه فعلي مولاه)) فاعتذر بما اعتذر من نسيانه الحديث، لكنه
لم يرتدع بعد عن غيه بمناصرة‏امير المؤمنين مع بيعته اياه، ولا
فوض الحق الى اهله حتى اتى عليه سهم مروان فجرعه منيته،
وهو الخارج‏على امام وقته! افهل ترى الامام والخارج عليه كلا
منهما في الجنة؟
وهل طلحة هذا هو الذي نزل فيه قوله تعالى: ( وما كان لكم ان
تؤذوا رسول اللّه ولا ان تنكحوا اءزواجه من‏بعده ابدا ان ذلكم
كان عند اللّه عظيما ) الاحزاب: 53.
نزلت الاية الشريفة لما قال طلحة: ايحجبنا محمد عن بنات
عمنا ويتزوج‏نساءنا من بعدنا؟ فان حدث به‏حدث
لنزوجن((695)) نساءه من بعده. وقال: ان مات رسول‏اللّه(ص)
لتزوجت عائشة وهي‏بنت عمي، فبلغ‏ذلك رسول اللّه فتاءذى به
فنزلت.
اقبل عليه عمر يوم طعن وقال له: اقول ام اسكت؟ قال: قل
فانك لا تقول من الخير شيئا. قال: اما اني‏اعرفك منذ اصيبت
اصبعك يوم احد والبا بالذي((696)) حدث لك، ولقد مات
رسول اللّه(ص) ساخطا عليك‏بالكلمة التي قلتها يوم نزلت آية
الحجاب.
قال ابو عثمان الجاحظ: ان طلحة لما انزلت آية الحجاب، قال
بمحضر ممن نقل عنه الى رسول اللّه(ص): ماالذي يغنيه
حجابهن اليوم، فسيموت غدا فننكحهن!! قال ابو عثمان: لو
قال لعمر قائل: انت قلت: ان‏رسول‏اللّه(ص) مات وهو راض عن
الستة، فكيف تقول الان لطلحة: انه مات (ع) ساخطا عليك
للكلمة التي‏قلتها لكان قد رماه بمشاقصه، ولكن من الذي كان
يجسر على عمر ان يقول له ما دون هذا، فكيف‏هذا((697))؟
راجع((698)): تفسير القرطبي (14/228)، فتح القدير
(4/290)، تفسير ابن كثير (3/506)، تفسير البغوي(5/225)،
تفسير الخازن (5/225)، تفسير الالوسي (22/74).
وهل سعد بن ابي وقاص احد العشرة المبشرة كان مذعنا
بالرواية وصدقها،وهو القائل لما سئل عن عثمان،ومن قتله،
ومن تولى كبره: اني اخبرك انه قتل بسيف سلته عائشة،
وصقله طلحة وسمه ابن ابي طالب،وسكت الزبير واشار بيده،
وامسكنا نحن ولو شئنا دفعناه عنه؟ فهل هذه كلها تجتمع مع
التصديق بتلك‏الرواية؟ سبحان الذي جمع في جنته الظالم
والمظلوم، والقاتل والمقتول، والخليفة والخارجين عليه، ان
هي الا اختلاق.
وهل تصدق في سعد هذه الرواية وهو المتخلف عن بيعة امام
وقته، والمتقاعس عن نصرته بعد ما تمت‏بيعته، واجمعت عليها
الامة، واصفق عليها البدريون والمهاجرون والانصار، وحقت
كلمة العذاب على من‏نزعها من ربقته؟ افهل نزل في سعد
كتاب من اللّه اخرجه عن محكمات الاسلام وبشر له بالجنة؟
وهل يتراءى لك من ثنايا التاريخ وراء صحائف اعمال ابي عبيدة
بن الجراح حفار القبور بالمدينة مايؤهله لهذه البشارة؟
ويدعم له ما يستحق به للذكر من الفضيلة غير ما قام به يوم
السقيفة من دحضه‏ولاية اللّه الكبرى، وتركاضه وراء الانتخاب
الدستوري، واقتحامه في تلكم البوائق التي عم شؤمهاالاسلام،
وهدت قوائم الوئام والسلام، وجرت الويلات على امة
محمد(ص) حتى اليوم، وهتكت حرمة‏المصطفى في ظلم ابنته
بضعة لحمه وفلذة كبده، واضطهاد خليفته، واهتضام اخيه علم
الهدى؟ فكاءنها كانت‏كلها قربات فاءوجبت لابن الجراح الجنة (
ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين
آمنواوعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون
)((699)).
نباء يصك المسامع :
وجاء بعد لاي من عمر الدهر من لم ير في الرواية فضيلة رابية
تخص العشرة ،نظرا الى ان البشارة بالجنة كماسمعت تعم
المؤمنين جمعاء ولا تنحصر بقوم منهم دون آخرين، ووجد فيها
مع ذلك نقصا من ناحية خلوهاعن ذكر عائشة ام المؤمنين،
فصبها في قالب يروقه، وصور لها صورة مكبرة تخص باءولئك
العشرة ولايشاركهم فيها احد، واسند الى ابي ذر الغفاري انه
قال: دخل رسول اللّه(ص) منزل عائشة‏فقال: يا عائشة:الا
ابشرك؟ قالت: بلى يا رسول اللّه، قال: ابوك في الجنة ورفيقه
ابراهيم، وعمر في الجنة ورفيقه نوح، وعثمان‏في الجنة ورفيقه
انا، وعلي في الجنة ورفيقه يحيى بن زكريا، وطلحة في الجنة
ورفيقه داود، والزبير في الجنة‏ورفيقه اسماعيل، وسعد بن ابي
وقاص في الجنة ورفيقه سليمان بن داود، وسعيد بن زيد في
الجنة ورفيقه‏موسى بن عمران، وعبد الرحمن بن عوف في
الجنة ورفيقه عيسى بن مريم، وابو عبيدة بن الجراح في
الجنة‏ورفيقه ادريس (ع). ثم قال: يا عائشة انا سيد المرسلين،
وابوك افضل الصديقين، وانت ام‏المؤمنين((700)).
ليت لهذه الرواية اسنادا معنعنا حتى نعرف واضعها ومختلقها
على النبي الاقدس، وليت مفتعلها يدري‏باءن‏الرفاقة بين اثنين
تستدعي مشاكلتهما في الخصال، وتقتضيها الوحدة الجامعة
من النفسى ات والملكات،فهل يسع لاي انسان ان يقارن بين
اولئك الانبياء المعصومين وبين تسعة رهط كانوا في المدينة
في شي‏ء ممايوجب الرفاقة؟ وهل لبشر ان يفهم سر هذا
التقسيم في كل نبي معصوم مع رفيقه الذي لا عصمة له؟
ولعمرالحق ان هذا الانتخاب والاختيار في الرفاقة يضاهي
الانتخاب في اصل الخلافة الذي كان لا عن جدارة‏وتاءمل. ما
عشت اراك الدهر عجبا!
لماذا لم يكن عبداللّه بن مسعود الذي صح عند القوم في الثناء
عليه: انه كان اشبه الناس هديا، ودلا
،وسمتابمحمد(ص)((701)) رفيق رسول اللّه(ص) ويرافقه
عثمان؟
ولماذا لم يرافق عيسى بن مريم ابوذر الثابت فيه: انه اشبه
الناس بعيسى بن مريم هديا، وبرا، وزهدا، ونسكا،وصدقا، وجدا،
وخلقا، وخلقا،((702)) ويرافقه عبدالرحمن بن عوف؟
ولماذا رافق رسول(ص) عثمان بن عفان ولا مشاكلة بينهما
خلقا، وخلقا، واصلا، ومحتدا، وسيرة، وسريرة،ولم يتخذ(ص)
جعفر بن ابي طالب رفيقا له، وقد جاء عنه قوله له: ((يا حبيبي،
اشبه الناس بخلقي وخلقي،وخلقت من الطينة التي خلقت
منها))، وقوله(ص): ((اما انت يا جعفر فاءشبه خلقك خلقي،
واشبه خلقك‏خلقي، وانت مني وشجرتي))((703))؟
ولماذا اختار رسول اللّه(ص) لرفاقته عثمان ولم يرافق ابا بكر،
وقد صح عنه(ص) عند القوم: لو كنت متخذاخليلا لاتخذت
ابابكر. وجاء عنه(ص) في مكذوبة انه كان يدعو ويقول: اللهم
انك جعلت ابابكر رفيقي‏في الغار، فاجعله رفيقي في
الجنة((704)).
ولماذا لم يكن عثمان رفيق ابراهيم، وقد جاء في مناقبه
المكذوبة انه شبيه ابراهيم. كما مر في(9/350).
ولماذا لم يكن عمر رفيق موسى، وعثمان رفيق هارون، وعلي
بن ابي طالب رفيق رسول اللّه(ص) اخذا بمامر من مكذوبة
انس مرفوعا: ما من نبي الا وله نظير في امتي، فاءبوبكر نظير
ابراهيم، وعمر نظير موسى،وعثمان نظير هارون، وعلي بن ابي
طالب نظيري((705))؟
نعم، عزب عن مفتعل الرواية ما جاء عن رسول اللّه(ص) من
قوله: ((يا علي انت اخي، وصاحبي، ورفيقي،في الجنة))، وهذه
الرفاقة والصحبة والاخوة تقتضيها البرهنة الصادقة، وتعاضدها
المجانسة بين نبي العظمة‏وصنوه الطاهر في كل خلة وماءثرة،
وهي التي جمعتهما في آية التطهير، وجعلتهما نفسا واحدة في
الذكرالحكيم، وقارنت بين ولايتيهما في محكم القرآن، وكل
تلكم الموضوعات نعرات الاحن، ونفثات الاضغان،اختلقت تجاه
هذه المرفوعة في فضل مولانا سيد العترة امير المؤمنين (ع).
وهلم معي نسائل اباذر المنتهي اليه اسناد الرواية وعائشة
المخاطبة بها، هل كانا على ثقة وتصديق بها، وانهاصدرت من
مصدر الوحي الالهي الذي لا ينطق عن الهوى ام لا؟ ولئن
ساءلتهما فعلى الخبيرين سقطت،وابوذر هو الذي ما اظلت
الخضراء، ولا اقلت الغبراء اصدق منه، واذا انت قرات حديث ما
جرى بين‏عثمان وابي ذر لوجدت سيد غفار في جانب جنب
عن هذه الرواية، ولما يحكم عقلك باءن يكون هو راويهاونداء
ابي ذر في الملا الديني وقد تنغر((706)) على عثمان بعد يرن
في اذن‏الدنيا، وقوارص لمزه وهمزه اياه بعدتلوكه الاشداق في
اندية الرجال، وكلمه الماءثورة الخالدة في صفحات التاريخ
تضاد ما عزي اليه من الرواية،وكل خطابه وعتابه اياه يعرب عن
ان اباذر قط لم يؤمن بما اختلق عليه، ولم يك يسمعه من
الصادع الكريم،وكان يحدث الناس غير مكترث لبوادر عثمان ما
كان سمعه من رسول اللّه(ص) من قوله: ((اذا كملت بنو
امية‏ثلاثين رجلا اتخذوا بلاد اللّه دولا، وعباد اللّه خولا، ودين
اللّه دغلا)). كان يحدث عثمان بذلك وعثمان‏يكذبه((707))،
ومن كذبه فقد كذب رسول‏اللّه(ص).
ولم يكن ابوذر شاذا عن الصحابة في رايه السيئ ونقمته على
عثمان، بل نباء المتجمهرين عليه من المهاجرين‏والانصار،
والناقمين عليه من الحواضر الاسلامية، والمجتمعين على
وئده، المحتجين عليه بالكتاب العزيز،يعطينا خبرا باءن الرواية
لاتصح عندهم، ولا يصدقها رجل صدق منهم.
وهل نسيتها ام المؤمنين المخاطبة بها، اوتغاضت عنها يوم
كانت تنادي في ملا من الصحابة: اقتلوا نعثلا قتله‏اللّه؟ ويوم
قالت لمروان: وددت واللّه انك وصاحبك هذا الذي يعنيك
امره، في رجل كل واحد منكمارحى‏وانكما في البحر. ويوم
قالت: وددت واللّه انه في غرارة من غرائري هذه واني طوقت
حمله حتى القيه‏في البحر، ويوم قالت لابن عباس: ان اللّه قد
آتاك عقلا، وفهما، وبيانا، فاياك ان ترد الناس عن هذه‏الطاغية.
ويوم اخرجت ثوب رسول اللّه وهي تقول: هذا ثوب رسول
اللّه(ص) لم يبل، وعثمان قد ابلى سنته.ويوم قالت لما بلغها
نعيه: ابعده اللّه ذلك بما قدمت يداه، وما اللّه بظلا م للعبيد.
ويوم قالت: بعدا لنعثل‏وسحقا((708)).
ايخبرك ضميرك الحر باءن صاحبة تلكم المواقف الهائلة كانت
تصدق تلك الرواية، وتؤمن بها وترى‏نعثلارفيق رسول اللّه(ص)
في الجنة؟ فاستعذ باللّه من ان تكون من الجاهلين.
38 قال محمد بن آدم: رايت بمكة اسقفا ((709)) يطوف
بالكعبة، فقلت له: ماالذي نزعك عن دين آبائك؟قال:
تبادلت((710)) خيرا منه. فقلت: وكيف ذلك؟ قال: ركبت
البحر، فلما توسطناه انكسرت المركب، فلم‏تزل الامواج تدفعني
حتى رمتني في جزيرة من جزائر البحر، فيها اشجار كثيرة،
ولها ثمر احلى من الشهدوالين من الزبد، وفيها نهر عذب،
فحمدت اللّه على ذلك، وقلت: آكل من هذا الثمر، واشرب من
هذا النهرحتى يقضي اللّه باءمره.
فلما ذهب النهار، خفت على نفسي من الوحش، فطلعت على
شجرة ونمت على غصن من اغصانها، فلما كان‏في جوف الليل
واذا بدابة على وجه الارض تسبح اللّه وتقول: لا اله الا اللّه العزيز
الجبار، محمد رسول اللّهالنبي المختار، ابو بكر الصديق صاحبه
في الغار، عمر الفاروق فاتح الامصار، عثمان القتيل في الدار،
علي‏سيف‏اللّه على الكف ار، فعلى مبغضهم لعنة اللّه العزيز
الجبار، وماءواه النار وبئس القرار، ولم تزل تكرر هذه‏الكلمات
الى الفجر.
فلما طلع الفجر قالت: لا اله الا اللّه الصادق الوعد والوعيد،
محمد رسول اللّه الهادي الرشيد، ابوبكر ذوالراي السديد، عمر
بن الخطاب سور من حديد، عثمان الفضيل‏الشهيد، علي بن‏ابي
طالب ذو الباءس الشديد،فعلى مبغضهم لعنة الرب المجيد.
ثم اقبلت الى البر، فاذا راسها راس نعامة، ووجهها وجه انسان،
وقوائمها قوائم بعير، وذنبها ذنب سمكة،فخشيت على نفسي
الهلكة فهربت، فنطقت بلسان فصيح فقالت: يا هذا قف والا
تهلك. فوقفت فقالت: مادينك؟ فقلت: دين النصرانية. فقالت:
ويلك ارجع الى دين الحنيفية، فقد حللت بفناء قوم من
مسلمي‏الجن‏لا ينجو منهم الا من كان مسلما، فقلت: وكيف
الاسلام؟ قالت: تشهد ان لا اله الا اللّه، وان محمدارسول‏اللّه،
فقلتها، فقالت: اتم اسلامك بالترحم على ابي بكر، وعمر،
وعثمان وعلي رضي اللّه تعالى عنهم. فقلت:ومن اتاكم بذلك؟
قالت: قوم منا حضروا عند رسول اللّه(ص) سمعوه يقول: اذا
كان يوم القيامة تاءتي الجنة‏فتنادي بلسان طلق فصيح: الهي
قد وعدتني ان تشيد اركاني. فيقول الجليل جل جلاله: قد
شيدت اءي‏رفعت اركانك باءبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي،
وزينتك بالحسن والحسين. ثم قالت الدابة: اتريد ان تقعدهاهنا
ام الرجوع الى اهلك؟ فقلت: الرجوع الى اهلي. فقالت: اصبر
حتى تمر بك مركب.
فبينما نحن كذلك واذا بمركب اقبلت تجري، فاءوماءت اليها،
فرفعوا الي زورقا فركبت فيه، ثم جئت اليهم‏فوجدت المركب
فيها اثنا عشر رجلا كلهم نصارى‏فقالوا: ما الذي جاء بك الى
هاهنا؟ فقصصت عليهم‏قصتي، فعجبوا عن آخرهم، واسلموا
جميعا. مصباح الظلام للسيد محمد الجرداني((711)) (2/30).
قال الاميني : ابن آدم راوي هذه الاغلوطة لا يعرفه الحفاظ
رجال الجرح والتعديل في اولاد آدم، وانماعرفوه بالجهالة، ولا
احسب ان آدم ابا البشر ايضا يعرف ابنه هذا، ولا تدري الامهات
اي ابن بي هو،والاسقف صاحب القصة وابن آدم هما صنوان في
الجهالة، لا يعرفهما آدمي.
ونحن ان صدقنا متن الرواية، وذهبنا الى ماذهب اليه مسلم
الجن واخبر به، ولعنا مبغضي الخلفاء الاربعة،وراينا ماءواهم
النار. فالى من وجهنا القوارص عندئذ، واين تقع من سبابنا امة
كبيرة من الصحابة العدول،او عدول الصحابة الذين كان بينهم
وبين اي من هؤلاء الاربعة عداء محتدم وبغضاء لاهبة؟ انا هنا
في‏مشكلة لاتنحل لي!
وعجبي من رعونة اولئك الرهط من النصارى الذين قبلوا من
الاسقف دعواه المجردة، واذعنوا لها وصدقوه‏فيما جاء به عن
وادي الجن، وما كانوا مصدقين نباء الرسول الامين عن اله
السماوات المحفوفة دعوته باءلف من‏الدلائل والبينات،
والمتلوة باءنباء الكهنة والاساقفة والهتافات الكثيرة التي سجلها
التاريخ، كاءنهم سحرهم‏سجع دابة الجن الموزون في ورد ليله
وسحره، ووجدوه آية الحق، وشاهد الدعوى.
39 قال القرطبي في تفسيره((712)) (20/180): قال ابي بن
كعب: قرات على رسول اللّه(ص) والعصر، ثم‏قلت: ما تفسيرها يا
نبي اللّه؟
قال: (والعصر): قسم من اللّه اقسم ربكم بخر النهار. (ان الانسان
لفي خسر): ابو جهل. (الا الذين‏آمنوا): ابو بكر. (وعملوا
الصالحات): عمر. (وتواصوا بالحق): عثمان. (وتواصوا
بالصبر):علي‏رضي اللّه عنهم اجمعين . وهكذا خطب ابن عب
اس على المنبر، موقوفا عليه.
وذكره المحب الطبري في رياضه النضرة((713)) (1/34)،
والشربيني في تفسيره((714)) (4/561).
قال الاميني : ايسوغ التقول على اللّه وعلى رسوله وتحريف
الكلم عن مواضعه بمثل هذه المهزاة المرسلة؟وهل ينبغي
لمؤلف في التفسير او الحديث ان يسود بها صحيفته او صحيفة
تاءليفه؟ وهل لنا في مثل المقام ان‏نطالبه بالسند ونناقش فيه
بالارسال؟ وهلا ما في متن الرواية ما يغنينا عن البحث عن
رجال الاسناد ان‏كان له اسناد؟ وهل يوجد في صحائف اعمال
اولئك الرجال وسيرتهم الثابتة، وفيما حفظه‏التاريخ
الصحيح‏لهم ما يصدق هذا التلفيق؟ نعم، نحن على يقين من
ان الباحث يجد في غضون اجزاء كتابنا هذا شواهدكثيرة تتاءتى
له بها حصحصة الحق. وهل يصدق ذو مسكة ان يخطب بمثل
هذه الافيكة ابن عباس حبرالامة، ويدنس بها ساحة قدس
صاحب الرسالة الخاتمة؟
على ان الماءثور عن ابن عباس من طريق ابن مردويه، في قوله
تعالى: ( الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات)((715)) انه قال: ذكر
عليا وسلمان((716))، ويؤيده قوله الوارد في قوله تعالى: ( ام
حسب الذين اجترحواالسيئات‏ان نجعلهم كالذ ين آمنوا وعملوا
الصالحات )((717)) قال: نزلت في علي يوم بدر، فالذين
اجترحواالسيئات: عتبة، وشيبة، والوليد، والذين آمنوا وعملوا
الصالحات علي (ع)((718)). ومر في
الجزءالثاني((719))(ص‏52) من طريق ابن عباس قوله: لما
نزلت: ( ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خيرالبرية
)((720)) قال(ص) لعلي: ((هو انت وشيعتك)).
فرواية ابي بن كعب اختلقت تجاه هذه الاخبار التي يساعدها
العقل والمنطق والاعتبار.
ولصراحة الكذب في فصول هذه السفسطة، لم يذكرها احد من
المفسرين غير القرطبي والشربيني وهي بين‏ايديهم، ولعل ابن
حجر يوعز الى بطلانها في فتح الباري((721)) (8/592) بقوله:
تنبيه، لم ار في تفسير هذه‏السورة حديثا مرفوعا صحيحا.
على ان الظاهر من سياق السورة ان الجمل التالية للذين آمنوا
اوصاف لهم، لا انها اعراب عن اناس‏آخرين غير من هو المراد
من الجملة الاولى.
40 اخرج الواحدي في اسباب النزول((722)) (ص‏207) عن
عبد الرحمن بن حمدان العدل، قال: اخبرنا احمدبن جعفر بن
مالك، قال: اخبرنا عبد اللّه بن احمدابن حنبل، قال حدثني
محمد بن سليمان بن خالد الفحام،قال: حدثنا علي بن هاشم،
عن كثير النواء، قال: قلت لابي جعفر: ان فلانا حدثني عن علي
بن الحسين‏غ: ان هذه الاية نزلت في ابي بكر، وعمر، وعلي غ: (
ونزعنا ما في صدورهم من غل‏اخوانا على‏سررمتقابلين
)((723)) قال: واللّه انها لفيهم نزلت، وفيهم((724)) نزلت
الاية، قلت: واي غل هو؟ قال: غل‏الجاهلية، ان‏بني تيم، وبني
عدي، وبني هاشم، كان بينهم في الجاهلى ة، فلما اسلم هؤلاء
القوم واجابوااخذت ابابكر الخاصرة، فجعل علي (رضى‏ا...عنه)
يسخن يده فيضمخ((725)) بها خاصرة ابي بكر، فنزلت‏هذه
الاية.
قال الاميني : لا تدعم اي ماءثرة بمثل هذا الاسناد المركب من
مجهول كعبدالرحمن العدل، ومحمد الفحام،وممن خرف في
آخر عمره((726))، حتى كان لايعرف‏شيئا مما يقرا عليه، كما
قاله ابو الحسن بن الفرات((727)).وحكى الخطيب البغدادي
في تاريخه (4/4) عن ابي عبداللّه احمد بن احمد القصري، قال:
قدمت انا واخي‏من القصر الى بغداد وابوبكر اءحمد بن جعفر
بن مالك القطيعي حي، وكان مقصودنا درس الفقه‏والفرائض،
فاءردنا السماع من ابن مالك، فقال لنا ابن اللبان الفرضي: لا
تذهبوا اليه فانه قد ضعف واختل،ومنعت ابني السماع منه، قال:
فلم نذهب اليه. وذكره ابن حجر في اللسان((728)) (1/145)،
وقال((729)) في(2/237): انه شيخ ليس بمتقن.
ومن شيعي غال((730))، وصفه بذلك الجوزجاني، وابن حبان،
ولعل الدارقطني ضعفه لذلك، وذكره ابن حبان‏في
الضعفاء((731))، وان ذكره في الثقات((732)) ايضا.
وبعد هؤلاء كثير النواء الذي عرفناكه قبيل هذا صحيفة (117)،
وانه ضعيف زائغ منكر الحديث، بابه باب‏سعد بن طريف الذي
كان يضع الحديث، وكان شيعيا مفرطا، ضعيفا جدا عند القوم.
وفي تاءويل قوله تعالى: ( ونزعنا ما في صدورهم من غل ).
الاية، احاديث تافهة عندهم، اعجب من رواية‏الواحدي منها:
قال الصفوري في نزهة المجالس (2/217)، قال ابن عباس غ
في قوله تعالى: ( ونزعنا ما في صدورهم‏من غل ) اي من حقد
وعداوة، اذا كان يوم القيامة تنصب كراسي من ياقوت احمر
فيجلس ابوبكر على‏كرسي، وعمر على كرسي، وعثمان على
كرسي، ثم ياءمر اللّه الكراسي فتطير بهم الى تحت العرش،
فتسبل‏عليهم خيمة من ياقوتة بيضاء، ثم يؤتى باءربع كاسات،
فاءبوبكر يسقي عمر، وعمر يسقي عثمان، وعثمان يسقي‏عليا،
وعلي يسقي ابابكر، ثم ياءمر اللّه جهنم ان تتمخض باءمواجها
فتقذف الروافض على ساحلها، فيكشف‏اللّه عن ابصارهم
فينظرون الى منازل اصحاب رسول اللّه(ص)، فيقولون: هؤلاء
الذين اسعدهم اللّه، وفي‏رواية: فيقولون: هؤلاء الذين سعد
الناس بمتابعتهم، وشقينا نحن بمخالفتهم، ثم يردون الى
جهنم بحسرة‏وندامة.
ومنها : من طريق الكلبي، عن ابي صالح، عن ابن عباس (
ونزعنا ما في صدورهم من غل ) قال: نزلت في‏عشرة: ابوبكر،
وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد،
وعبدالرحمن بن عوف، وعبداللّه بن‏مسعود.
ومن طريق النعمان بن بشير، عن علي ( ونزعنا ما في
صدورهم من غل ) قال: ذاك عثمان، وطلحة، والزبير،وانا.
هكذا يحرفون الكلم عن مواضعه، وهل من مسائل رواة هذه
السفاسف عن الغل الذي نزع من صدوراولئك المذكورين متى
نزع؟ والى اين ذهب؟ وهذا الحديث والتاريخ يعلماننا ان الغل
المنتزع منهم بعداسلامهم لم يزل مستقرا بينهم منذ يوم وفاة
رسول اللّه(ص)، وما وقع هناك من حوار وشجار، الى
الحوادث‏الواقعة حول واقعة الدار، الى المحتشد الدامي يوم
الجمل، او ليست هذه كلها منبعثة عن غل محتدم، ووغرفي
الصدور، وسخيمة في القلوب، وبغضة مستثيرة؟ او ليس منها
ان يستبيح الانسان دم صاحبه وهتك‏حرماته والوقيعة في
عرضه، فهل مع هذه كلها صحيح انه نزع ما في صدورهم من
غل؟
والايات المحرفة من هذا القبيل كثيرة جدا لو تجمع ياءتي منها
كتاب ضخم، غيرانا لايروقنا البحث عنها فانه‏اطالة من غير
جدوى فهي باءنفسها وما فيها من‏تهافت وتفاهة كافية في
ابطالها، وما عساني ان اقول في‏مثل ما رووه في قوله‏تعالى
(وحملناه على ذات الواح ودسر # تجري باءعيننا )((733)): ان
نوحا (ع) لما عمل‏السفينة جاءه جبريل (ع) باءربعة مسامير،
مكتوب على كل مسمار عين: عين عبداللّه وهو ابوبكر،
وعين‏عمر، وعين عثمان، وعين علي غ فجرت السفينة
ببركتهم((734)).
وللقوم في تحريف الكتاب معارك دامية منها وقعة سنة (317)
ببغداد بين‏اصحاب ابي بكر المروزي الحنبلي،وبين طائفة
اخرى من العامة ايضا، اختلفوا في تفسير قوله تعالى: ( عسى ان
يبعثك ربك مقامامحمودا)((735)). فقالت الحنابلة: يجلسه
معه على العرش. وقال الاخرون: المراد بذلك الشفاعة
العظمى. فاقتتلوابذلك، وقتل بينهم قتلى. تاريخ ابن
كثير((736)) (11/162).
فخذ ما ذكرناه مقياسا لمئات الخرافات من امثاله تقولها على
اللّه السنة الغلاة‏في الفضائل، واتخذوا آيات اللّههزوا، وجادلوا
بالباطل ليدحضوا به الحق (وقدكان فريق منهم يسمعون كلام
اللّه ثم يحرفونه من بعد ماعقلوه وهم يعلمون)((737)).
منتهى المقال
هذه نماذج من افائك الوضاعين في الفضائل، حسبتها الاغرار
حقائق فسودوا بها صحائف من التفسيروالحديث والتاريخ،
وموهوا بها على الحقائق الراهنة، وفككوا بها عرى الاسلام،
وشتتوا شمل الامة، وفرقواصفوفها، وكذبوا واتبعوا اهواءهم وكل
امر مستقر، اردنا بسردها ان نعطيك مقياسا لما حاولوه من
المغالاة،نكتفي بها عن غيرها، وهناك مئات من امثالها ضربنا
الصفح عنها تنزها عن نبش المخاريق ونشر المخازي،والباحث
يجد شواهد صادقة على دعوانا في غضون الرياض النضرة علبة
السفاسف والخرافات،والصواعق المحرقة عيبة الافائك
والاكاذيب، والسيرة الحلبية المشحونة بالموضوعات، ونزهة
المجالس‏موسوعة الترهات والصحاصح، ومصباح الظلام ديوان
كل حديث مفترى ورواية مفتعلة، الى تليف‏جمة‏من القديم
والحديث: ( فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون
)((738))، (فعميت عليهم الانباءيومئذفهم لايتساءلون
)((739))، (وليساءلن يوم القيامة عما كانوا يفترون )((740))،
( واللّه يعلم انهم لكاذبون)((741)).
المغالاة في فضائل معاوية بن ابي سفيان
كنا نرتئي ان معاوية في غنى عن افاضة القول في مخاريقه، لما
عرفته الامة من نفسيته الموبوءة، واعماله‏الوبيلة، وجرائمه
الموبقة الجمة، ورذائله الكثيرة، ونسبه الموصوم، واصله اللئيم،
ومحتده الدني، وان من يضع‏فيه المدائح تندى جبهته عن
سردها لمثله، غير انا وجدنا الامل قدا كدى، والظن قد اخفق،
وان القحة‏والصلف لم يدعا لاولئك الوضاعين حدا يقفون عليه،
فحاولنا ان نذكر يسيرا من معرفاته لايقاف الباحث‏على حقيقة
الحال فيما عزوه اليه من الثناء، غير مكترثين لهلجة ابن كثير،
والهتاف‏الذي سمعه بعض السلف‏على جبل‏بالشام ولعل الهاتف
هو الشيطان: من ابغض معاوية سحبته الزبانية الى جهنم
الحامية، يرمى به‏في الحامية الهاوية.
ولا مبالين بطيف خيال ركن اليه ابن كثير ايضا، قال: قال
بعضهم: رايت رسول اللّه(ص) وعنده ابوبكر،وعمر، وعثمان،
وعلي، ومعاوية، اذ جاء رجل، فقال عمر: يا رسول اللّه هذا
يتنقصنا، فكاءنه انتهره رسول‏اللّه(ص)، فقال: يا رسول اللّه اني لا
اتنقص هؤلاء ولكن هذا يعني معاوية فقال: ويلك اوليس هو
من‏اصحابي؟ قالها ثلاثا، ثم اخذ رسول اللّه حربة فناولها معاوية،
فقال: جابهه في لبته. فضربه بها وانتبهت،فبكرت الى منزلي
فاذا ذلك الرجل قد اصابته الذبحة من الليل ومات، وهو راشد
الكندي.
ولا معتدين براي سعيد بن المسيب: من مات محبا لابي بكر،
وعمر، وعثمان، وعلي، وشهد للعشرة بالجنة،وترحم على
معاوية، كان حقا على اللّه ان لا يناقشه الحساب((742)).
ولا باءضغاث احلام جاءت عن عمر بن عبدالعزيز، وفيها قول
معاوية: غفر لي ورب الكعبة. مر حديثها في‏الجزء التاسع
(ص‏350).
ولا عابئين بقول احمد: مالهم ولمعاوية؟ نساءل اللّه العافية.
فلا نقيم اي وزن لامثال هذه السفاسف من آراء مجردة، او
ركون الى خيال، او احتجاج بهاتف مجهول، اوجنوح الى طيف
حالم تجاه ما يؤثر عن رسول اللّه(ص) في الرجل، وما جاء فيه
من الكلم القيمة للسلف‏الصالح الناظرين الى اعماله من كثب،
العارفين بعجره وبجره، الواقفين على اعلانه واسراره، الناقدين
لمخازيه،المتبصرين في امره، الخبيرين بنواياه في جاهليته
واسلامه، واليك نبذة منها:
1 عن علي بن الاقمر، عن عبداللّه بن عمر، قال: خرج رسول
اللّه من فج فنظر الى ابي سفيان وهو راكب،ومعاوية واخوه
احدهما قائد والاخر سائق، فلما نظر اليهم رسول اللّه قال:
((اللهم العن القائد والسائق‏والراكب)). قلنا: انت سمعت رسول
اللّه(ص) قال: نعم، والا فصمتا اذناي كما عميتا
عيناي((743)).
وفي تاريخ الطبري((744)) (11/357): قد راى(ص) ابا سفيان
مقبلا على حمار ومعاوية يقود به، ويزيد ابنه‏يسوق به قال:
((لعن اللّه القائد والراكب والسائق)).
والى هذا الحديث اشار الامام السبط فيما يخاطب به معاوية
بقوله، ((انشدك اللّه يا معاوية، اتذكر يوم جاءابوك على جمل
احمر وانت تسوقه واخوك عتبة هذا يقوده، فرآكم رسول
اللّه(ص) فقال: اللهم العن الراكب‏والقائد والسائق؟))((745)).
واليه اشار محمد بن ابي بكر في كتاب كتبه الى معاوية بقوله:
وانت اللعين ابن اللعين. وسيوافيك الكتاب ان‏شاء اللّه تعالى.
2 عن البراء بن عازب، قال: اقبل ابو سفيان ومعه معاوية، فقال
رسول اللّه(ص): ((اللهم العن التابع‏والمتبوع، اللهم عليك
بالاقيعس))، فقال ابن البراء لابيه: من الاقيعس؟ قال:
معاوية((746)).
ومعاوية فظاظة((747)) من لعن رسول اللّه(ص) حيثما لعن
آكل الربا، والخمر وشاربها وبائعها ومبتاعهاوحاملها والمحمولة
اليه. والرجل اعرف شخصية بهذه المخازي، كما سيوافيك
حديثه.
3 اخرج((748)) احمد في المسند (4/421)، وابو يعلى، ونصر
بن مزاحم في كتاب‏صفين (ص‏246) طبعة مصرمن طريق ابي
برزة الاسلمي، والطبراني في الكبير من طريق ابن عباس: كنا
مع رسول اللّه(ص) في سفر،فسمع رجلين يتغنيان واحدهما
يجيب الاخر، وهو يقول:
يزال((749)) حواري تلوح عظامه
زوى الحرب عنه ان يجن فيقبرا
وفي لفظ ابن عباس:
ولا يزال جوادي تلوح عظامه
. . . . .
فقال النبي(ص): ((انظروا من هما؟)). قال: فقالوا: معاوية
وعمرو بن‏العاصي، فرفع رسول اللّه يديه فقال:((اللهم اركسهما
ركسا، ودعهما الى النار دعا)). وفي لفظ ابن عباس: ((اللهم
اركسهما في الفتنة ركسا)).
وجاء الايعاز الى الحديث في لسان العرب((750)) (7/404 و
9/439).
قال الاميني : لما لم يجد القوم غمزا في اسناد هذا الحديث،
وكان ذلك عزيزا على من يتولى معاوية، فحذف‏احمد الاسمين
وجعل مكانهما فلانا وفلانا، واختلق آخرون تجاهه ما اخرجه ابن
قانع في معجمه، عن محمدبن عبدوس كامل، عن عبداللّه بن
عمر، عن سعيد ابي العباس التيمي، عن سيف بن عمر، عن ابي
عمرمولى ابراهيم ابن طلحة، عن زيد بن اسلم، عن صالح
شقران، قال: بينما نحن ليلة في سفر اذ سمع النبي(ص)صوتا،
فذهبت انظر فاذا معاوية بن رافع، وعمرو بن رفاعة بن التابوت
يقول:
لا يزال جوادي تلوح عظامه
ذوى الحرب عنه ان يموت فيقبرا
فاءتيت النبي(ص) فاءخبرته فقال: ((اللهم اركسهما ودعهما
الى نار جهنم دعا))فمات عمرو بن رفاعة قبل ان‏يقدم
النبي(ص) من السفر.
قال السيوط‏ي في اللالئ المصنوعة (1/427): وهذه الرواية
ازالت الاشكال وبينت ان الوهم وقع في الحديث‏الاول في لفظة
واحدة وهي قوله: ابن العاصي، وانما هو ابن رفاعة احد
المنافقين، وكذلك معاوية بن رافع‏احد المنافقين، واللّه اعلم.
الا من يسائل هذا الضليع في فن الحديث المتعهد لتنقيبه، عن
الاشكال في الحديث الاول من اين اتاه؟ وماالذي ثقل عليه من
لفظه حتى ذهب الى الوهم فيه؟ افي مفاده شذوذ عن نواميس
الشريعة، او فيه ما يخالف‏الكتاب والسنة؟ او حط عن مقام رجل
ينزه ذيله عن كل ما يدنس المسلم الصحيح ويشينه ويزري به؟
اومس بكرامة من قدس الاسلام ساحته عن كل طعن ومسبة؟
هذا ابن هند، وهو ابن النابغة، وهماهما.