وبتصديره(ص) الكلام بقوله: «من كنت مولاه‏» نعلم انه على هذا التقدير لا يريد من المحبة او النصرة الا ما هو على‏الحد الذي فيه(ص) منهما، فان حبه ونصرته لامته ليس كمثلهما في افراد المؤمنين، وانما هو(ص) يحب امته فينصرهم،بما انه زعيم دينهم ودنياهم، ومالك امرهم وكالئ حوزتهم، وحافظ كيانهم، واولى بهم من انفسهم، فانه لو لم يفعل بهم‏ذلك لاجفلتهم الذئاب العادية، وانتاشتهم ((2300)) الوحوش الكواسر، ومدت اليهم الايدي من كل صوب وحدب، فمن‏غارات تشن، واموال تباح، ونفوس تزهق، وحرمات تهتك، فينتقض غرض المولى من بث الدعوة، وبسط اديم الدين،ورفع كلمة اللّه العليا، بتفرق هاتيك الجامعة، فمن كان في المحبة والنصرة على هذا الحد فهو خليفة اللّه في ارضه‏وخليفة رسوله، والمعنى على هذا الفرض لا يحتمل غير ما قلناه. المعاني التي يمكن ارادتها من الحديث لم يبق من المعاني الا الولي والاولى بالشي‏ء والسيد غير قسيميه: المالك والمعتق والمتصرف في الامر ومتوليه. اما الولي فيجب ان يراد منه خصوص ما يراد في (الاولى) لعدم صحة بقية المعاني كما عرفناكه، واما السيد ((2301))بالمعنى المذكور فلا يبارح معنى الاولى بالشي‏ء، لانه المتقدم على غيره، لا سيما في كلمة يصف بها النبي(ص) نفسه، ثم‏ابن عمه على حذو ذلك، فمن المستحيل حمله على سيادة حصل عليها السائد بالتغلب والظلم، وانما هي سيادة دينية‏عامة يجب اتباعها على المسودين اجمع. وكذلك المتصرف في الامر، ذكره الرازي في تفسيره ((2302)) (6/210) عن القفال عند قوله تعالى: (واعتصموا باللّه هومولاكم) الحج [78]: فقال: قال القفال: هو مولاكم، سيدكم والمتصرف فيكم. وذكرهما سعيد الچلبي مفتي الروم وشهاب‏الدين احمد الخفاجي في تعليقيهما على البيضاوي، وعده في الصواعق ((2303)) (ص‏25) من معانيه الحقيقية، وحذاحذوه كمال الدين الجهرمي في ترجمة الصواعق، ومحمد بن عبدالرسول البرزنجي في النواقض ((2304)) ، والشيخ‏عبدالحق في لمعاته، فلا يمكن في المقام الا ان يراد به المتصرف الذي قيضه اللّه سبحانه لان يتبع، فيحدو البشر الى‏سنن النجاح فهو اولى من غيره بانحاء التصرف في الجامعة الانسانية، فليس هو الا نبيا مبعوثا، او اماما مفترض الطاعة‏منصوصا به من قبله بامر الهي لا يبارحه في اقواله وافعاله، (وما ينطق عن الهوى # ان هو الا وحي يوحى((2305)) ) . وكذلك متولي الامر الذي عده من معاني المولى ابو العباس المبرد، قال في قوله: (بان اللّه مولى الذين امنوا((2306)) ) :والولي والمولى معناهما سواء ، وهو الحقيق بخلقه المتولي لامورهم ((2307)) ، وابو الحسن الواحدي في‏تفسيره‏الوسيط، والقرطبي‏في تفسيره ((2308)) (4/232) في قوله تعالى في ال عمران [150( ]بل اللّه مولاكم) ، وابن الاثير في‏النهاية (4/246)، والزبيدي في تاج العروس (10/398)، وابن ((2309)) منظور في‏لسان العرب ((2310)) ، وقالوا: ومنه‏الحديث: «ايما امراة نكحت بغير اذن مولاها فنكاحها 3باطل‏»، وفي رواية: (وليها)، اي متولي امرها، والبيضاوي((2311)) في تفسير قوله تعالى: (ما كتب اللّه لنا هو مولانا) التوبة [51] في تفسيره (1/505)، وفي قوله تعالى:(واعتصموا باللّههو مولاكم) الحج[78] (2/114)، وفي قوله تعالى: (واللّه مولاكم) التحريم [2] (2/530)، وابو السعود العمادي ((2312))في‏تفسير قوله تعالى: (واللّه مولاكم) التحريم هامش تفسير الرازي (8/183)، وفي قوله تعالى: (هي مولاكم)، والراغب في‏المفردات ((2313)) ، وعن احمد بن الحسن الزاهد الدرواجكي في تفسيره: المولى في اللغة من يتولى مصالحك، فهومولاك، يلي القيام بامورك، وينصرك على اعدائك، ولهذا سمي ابن العم والمعتق مولى، ثم صار اسما لمن لزم الشي‏ء،والزمخشري في الكشاف ((2314)) ، وابو العباس احمد بن يوسف الشيباني الكواشي المتوفى سنة (680) في‏تلخيصه، والنسفي في تفسير قوله تعالى: (انت مولانا((2316)) ) ، ((2315)) والنيسابوري في غرائب القران ((2317)) في‏قوله تعالى: (انت مولانا) وقوله تعالى: (فاعلموا ان اللّه مولاكم((2318)) ) ، وقوله تعالى: (هي مولاكم)، وقال القسطلاني((2319)) في حديث مر في (ص‏318) عن البخاري ومسلم في قوله(ص): «انا مولاه‏» : اي ولي الميت اتولى عنه‏اموره، والسيوط‏ي في تفسير الجلالين ((2320)) في قوله تعالى: (انت مولانا)، وقوله: (فاعلموا ان اللّه مولاكم)، وقوله: (لن يصيبناالا ما كتب اللّه لنا هو مولانا)، فهذا المعنى لا يبارح ايضا معنى الاولى، لا سيما بمعناه الذي يصف به صاحب الرسالة(ص)نفسه على تقدير ارادته. الحقيقة من معانى المولى ليس الا الاولى بالشى‏ء على ان الذي نرتئيه في خصوص المقام بعد الخوض في غمار اللغة، ومجاميع الادب، وجوامع العربية : ان الحقيقة‏من معاني المولى ليس الا الاولى بالشي‏ء، وهو الجامع لهاتيك المعاني جمعاء، وماخوذ في كل منها بنوع من العناية،ولم يطلق لفظ المولى على شي‏ء منها الا بمناسبة هذا المعنى: 1 فالرب سبحانه هو اولى بخلقه من اي قاهر عليهم، خلق العالمين كما شاءت حكمته، ويتصرف بمشيئته. 2 والعم اولى الناس بكلاءة ابن اخيه والحنان عليه، وهو القائم مقام والده الذي كان اولى به. 3 وابن العم اولى بالاتحاد والمعاضدة مع ابن عمه لانهما غصنا شجرة واحدة.3 4 والابن اولى الناس بالطاعة لابيه والخضوع له ، قال اللّه تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) ((2321)) . 5 وابن الاخت ايضا اولى الناس بالخضوع لخاله الذي هو شقيق امه. 6 والمعتق بالكسر اولى بالتفضل على من اعتقه من غيره. 7 والمعتق بالفتح اولى بان يعرف جميل من اعتقه عليه، ويشكره بالخضوع بالطاعة. 8 والعبد ايضا اولى بالانقياد لمولاه من غيره، وهو واجبه الذي نيطت سعادته به. 9 والمالك اولى بكلاءة مماليكه وامرهم والتصرف فيهم بما دون حد الظلم. 10 والتابع اولى بمناصرة متبوعه ممن لا يتبعه. 11 والمنعم عليه اولى بشكر منعمه من غيره. 12 والشريك اولى برعاية حقوق الشركة وحفظ صاحبه عن الاضرار. 13 والامر في الحليف واضح، فهو اولى بالنهوض بحفظ من حالفه ودفع عادية الجور عنه. 14 وكذلك الصاحب اولى بان يؤدي حقوق الصحبة من غيره. 15 كما ان الجار اولى بالقيام بحفظ حقوق الجوار كلها من البعداء. 16 ومثلها النزيل، فهو اولى بتقدير من اوى اليهم ولجا الى ساحتهم وامن في جوارهم. 17 والصهر اولى بان يرعى حقوق من صاهره، فشد بهم ازره، وقوى امره، وفي الحديث: «الاباء ثلاثة: اب ولدك،واب زوجك، واب علمك‏». 18 واعطف عليها القريب الذي هو اولى بامر القريبين منه والدفاع عنهم والسعي وراء صالحهم. 19 والمنعم اولى بالفضل على من انعم عليه، وان يتبع الحسنة بالحسنة. 20 والعقيد كالحليف في اولوية المناصرة له مع عاقده، ومثلهما. 21 ، 22 المحب والناصر، فان كلا منهما اولى بالدفاع عمن احبه، او التزم‏بنصرته. 23 وقد عرفت الحال في الولي. 24 والسيد. 25 والمتصرف في الامر. 26 والمتولي له. اذن فليس للمولى الا معنى واحد وهو الاولى بالشي‏ء ، وتختلف هذه الاولوية بحسب الاستعمال في كل من موارده،فالاشتراك معنوي، وهو اولى من الاشتراك اللفظ‏ي المستدعي لاوضاع كثيرة غير معلومة بنص ثابت، والمنفية بالاصل‏المحكم. وقد سبقنا الى بعض هذه النظرية شمس الدين بن البطريق في العمدة ((2322)) (ص‏56)، وهو احد اعلام الطائفة في‏القرن السادس، وتطفح بشي‏ء من ذلك كلمات غير واحد من علماء اهل السنة ((2323)) ، حيث ذكروا المناسبات في‏جملة من معاني المولى تشبه ما ذكرنا. ويكشف عن كون المعنى المقصود (الاولى) هو المتبادر من المولى اذا اطلق، كما ياتي بيانه عن بعض في الكلمات‏حول المفاد ما رواه مسلم باسناده في صحيحه ((2324)) (ص‏197) عن رسول اللّه(ص): «لا يقل العبد لسيده مولاي‏»،وزاد في حديث ابي معاوية: «فان مولاكم اللّه»، واخرجه غير واحد من ائمة الحديث في تاليفهم. القرائن المعينة متصلة ومنفصلة الى هنا لم يبق للباحث ملتحد عن البخوغ لمجي‏ء المولى بمعنى الاولى بالشي‏ء وان تنازلنا الى انه احد معانيه، وانه من‏المشترك اللفظ‏ي، فان للحديث قرائن متصلة واخرى منفصلة تنفي ارادة غيره، فاليك البيان: القرينة الاولى : مقدمة الحديث، وهي قوله(ص): «الست اولى بكم من انفسكم‏»، او ما يؤدي مؤداه من الفاظ متقاربة، ثم فرع على‏ذلك قوله: «فمن كنت مولاه فعلي مولاه‏»، وقد رواها الكثيرون من علماء الفريقين، فمن حفاظ اهل السنة وائمتهم: 1 احمد بن حنبل. 2 ابن ماجة. 3 النسائي. 4 الشيباني.5 ابو يعلى.6 الطبري. 7 الترمذي.8 الطحاوي.9 ابن عقدة. 10 العنبري.11 ابو حاتم.12 الطبراني. 13 القطيعي.14 ابن بطة.15 الدارقطني. 16 الذهبي.17 الحاكم.18 الثعلبي. 19 ابو نعيم.20 ابن السمان.21 البيهقي. 22 الخطيب.23 السجستاني.24 ابن المغازلي. 25 الحسكاني.26 العاصمي.27 الخلعي. 28 السمعاني.29 الخوارزمي.30 البيضاوي. 31 الملا .32 ابن عساكر.33 ابو موسى. 34 ابو الفرج.35 ابن الاثير.36 ضياء الدين. 37 قزاوغلي.38 الكنجي.39 التفتازاني. 40 محب الدين.41 الوصابي.42 الحموئي. 43 الايجي.44 ولي الدين.45 الزرندي. 46 ابن كثير.47 الشريف.48 شهاب الدين. 49 الجزري.50 المقريزي.51 ابن الصباغ. 52 الهيثمي.53 الميبذي.54 ابن حجر. 55 اصيل الدين.56 السمهودي.57 كمال الدين. 58 البدخشي.59 الشيخاني.60 السيوط‏ي. 61 الحلبي. 62 ابن باكثير. 63 السهارنپوري. 64 ابن حجر المكي. وقد المعنا الى موارد ذكر المقدمة بتعيين الجزء والصفحات من كتب هؤلاء الاعلام فيما اسلفناه عند بيان طرق الحديث‏عن الصحابة والتابعين، وهناك جمع اخرون من رواتها لا يستهان بعدتهم لا نطيل بذكرهم المقال، اضف الى ذلك من‏رواها من علماء الشيعة الذين لا يحصى عددهم. فهذه المقدمة من الصحيح الثابت الذي لا محيد عن الاعتراف به، كما صرح بذلك غير واحد من الاعلام المذكورين((2325)) فلو كان(ص) يريد في كلامه غير المعنى الذي صرح به في المقدمة لعاد لفظه ونجله عن كل سقطة محلول‏العرى، مختزلا بعضه عن بعض، وكان في معزل عن البلاغة وهو افصح البلغاء، وابلغ من نطق بالضاد، فلا مساغ في‏الاذعان بارتباط اجزاء كلامه، وهو الحق في كل قول يلفظه عن وحي يوحى، الا ان نقول باتحاد المعنى في المقدمة‏وذيها. ويزيدك وضوحا وبيانا ما في التذكرة لسبط ابن الجوزي الحنفي ((2326)) (ص‏20)،فانه بعد عد معان عشرة للمولى‏وجعل عاشرها الاولى، قال:3 والمراد من الحديث: الطاعة المخصوصة، فتعين الوجه العاشر وهو الاولى، ومعناه: من كنت اولى به من نفسه فعلي اولى‏به، وقد صرح بهذا المعنى الحافظ ابو الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الاصبهاني في كتابه المسمى بمرج البحرين، فانه‏روى هذا الحديث باسناده الى مشايخه، وقال فيه: فاخذ رسول اللّه(ص) بيد علي فقال: «من كنت وليه واولى به من‏نفسه فعلي وليه‏»، فعلم ان جميع المعاني راجعة الى الوجه العاشر، ودل عليه ايضا قوله(ع): «الست اولى بالمؤمنين‏من انفسهم‏» وهذا نص صريح في اثبات امامته وقبول طاعته. ونص ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول (ص‏16) على ذهاب طائفة الى حمل اللفظ في الحديث على الاولى،وسيوافيك نظير هذه الجمل في محله ان شاء اللّهتعالى. القرينة الثانية : ذيل الحديث، وهو قوله(ص): «اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه‏» وفي جملة من طرقه بزيادة قوله: «وانصر من‏نصره، واخذل من خذله‏» او ما يؤدي مؤداه، وقد اسلفنا ذكر الجماهير الراوين له، فلا موجب الى التطويل باعادة‏ذكرهم، ومر عليك في ذكر الكلمات الماثورة حول سند الحديث (ص‏266 281) بان تصحيح كثير من العلماء له‏مصبه الحديث مع ذيله، وفي وسع الباحث ان يقرب كونه قرينة للمدعى بوجوه لا تلتئم الا مع معنى الاولوية الملازمة‏للامامة: احدها: انه(ص) لما صدع بما خول اللّه سبحانه وصيه من المقام الشامخ بالرئاسة العامة على الامة جمعاء، والامامة‏المطلقة من بعده، كان يعلم بطبع الحال ان تمام هذا الامر بتوفر الجنود والاعوان وطاعة اصحاب الولايات والعمال مع‏علمه بان‏في الملا من يحسده، كما ورد في الكتاب العزيز ((2327)) ، وفيهم من يحقد عليه ، وفي زمر المنافقين من‏يضمر له العداء لاوتار جاهلية، وستكون من بعده هنات تجلبها النهمة والشره من ارباب المطامع لطلب الولايات‏والتفضيل في العطاء، ولا يدع الحق‏عليا(ع) ان يسعفهم بمبتغاهم، لعدم الحنكة والجدارة فيهم فيقلبون عليه ظهرالمجن،وقد اخبر(ص) مجمل الحال بقوله: «ان تؤمروا عليا ولا اراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا»، وفي لفظ: «ان‏تستخلفوا عليا وما اراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا» راجع (ص‏12 و13) من هذا الكتاب. فطفق(ص) يدعو لمن والاه ونصره، وعلى من عاداه وخذله، ليتم له امر الخلافة، وليعلم الناس ان موالاته مجلبة لموالاة‏اللّه سبحانه، وان عداءه وخذلانه مدعاة لغضب اللّه وسخطه، فيزدلف الى الحق واهله، ومثل هذا الدعاء بلفظ العام لايكون الا في من هذا شانه، ولذلك ان افراد المؤمنين الذين اوجب اللّه محبة بعضهم لبعض لم يؤثر فيهم هذا القول، فان‏منافرة بعضهم لبعض جزئيات لا تبلغ هذا المبلغ، وانما يحصل مثله فيما اذا كان المدعو له دعامة الدين، وعلم الاسلام،وامام الامة، وبالتثبيط عنه يكون فت في عضد الحق وانحلال لعرى الاسلام. ثانيها: ان هذا الدعاء بعمومه الافرادي بالموصول، والازماني والاحوالي بحذف المتعلق يدل على عصمة الامام(ع)لافادته وجوب موالاته ونصرته والانحياز عن العداء له وخذلانه على كل احد في كل حين وعلى كل حال، وذلك‏يوجب ان يكون(ع) في كل تلك الاحوال على صفة لا تصدر منه معصية، ولا يقول الا الحق، ولا يعمل الا به، ولا يكون‏الا معه، لانه لو صدر منه شي‏ء من المعصية لوجب الانكار عليه ونصب العداء له، لعمله المنكر والتخذيل عنه، فحيث‏لم يستثن(ص) من لفظه العام شيئا من اطواره وازمانه علمنا انه لم يكن(ع) في كل تلك المدد والاطوار الا على الصفة‏التي ذكرناها، وصاحب هذه الصفة يجب ان يكون اماما لقبح ان يؤمه من هو دونه على ما هو المقرر في محله، واذاكان اماما فهو اولى بالناس منهم بانفسهم. ثالثها: ان الانسب بهذا الدعاء الذي ذيل(ص) به كلامه، ولا بد انه مرتبط بما قبله ان يكون غرضه(ص) بيان تكليف على‏الحاضرين من فرض الطاعة ووجوب الموالاة، فيكون في الدعاء ترغيب لهم على الطاعة والخضوع له، وتحذير عن‏التمردوالجموح تجاه امره، وذلك لا يكون الا اذا نزلنا المولى بمعنى الاولى، بخلاف ما اذا كان 3 المراد به المحب اوالناصر، فانه حينئذ لم يعلم الا ان عليا(ع) محب من يحبه رسول اللّه(ص) او ينصر من ينصره، فيناسب اذن ان يكون‏الدعاء له ان قام بالمحبة او النصرة، لا للناس عامة ان نهضوا بموالاته، وعليهم ان تظاهروا بنصب العداء له، الا ان يكون‏الغرض بذلك توكيد الصلات الودية بينه وبين الامة اذا علموا انه يحب وينصر كل فرد منهم في كل حال وفي كل زمان،كما ان النبي(ص) كذلك، فهو يخلفه عليهم، وبذلك يكون لهم منجاة من كل هلكة، وماوى من كل خوف، وملجا من كل‏ضعة، شان الملوك ورعاياهم، والامراء والسوقة، فانهما في النبي(ص) على هذه الصفة، فلا بد ان يكونا فيمن يحذوحذوه ايضا كذلك، والا لاختل سياق الكلام، فالمعنى على ما وصفناه بعد المماشاة مع القوم متحد مع معنى الامامة،ومؤد مفاد الاولى. وللحديث الفاظ اثبتها حفاظ الحديث متصلة به في مختلف تخريجاتهم لاتلتئم الا مع المعنى الذي حاولنا من‏المولى. القرينة الثالثة : قوله(ص): «يا ايها الناس بم تشهدون؟ قالوا: نشهد ان لا اله الا اللّه. قال: ثم مه؟ قالوا: وان محمدا عبده ورسوله. قال:فمن وليكم؟ قالوا: اللّه ورسوله مولانا. ثم ضرب بيده الى عضد علي، فاقامه، فقال: من يكن اللّه ورسوله مولاه فان هذا مولاه...». هذا لفظ جرير، وقريب منه لفظ امير المؤمنين(ع) ولفظ زيد بن ارقم وعامر ابن ليلى، وفي لفظ حذيفة بن اسيد بسندصحيح: «الستم تشهدون ان لا اله الا اللّه وان محمدا عبده ورسوله؟... الى ان قال : قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد، ثم قال: يا ايها الناس ان اللّه مولاي وانا مولى المؤمنين، وانا اولى بهم من انفسهم، فمن كنت مولاه فهذامولاه‏». يعني عليا ((2328)) . فان وقوع الولاية في سياق الشهادة بالتوحيد والرسالة وسردها عقيب المولوية المطلقة للّه سبحانه ولرسوله من بعده لايمكن الا ان يراد بها معنى الامامة‏الملازمة للاولوية على الناس منهم بانفسهم. القرينة الرابعة : قوله(ص) عقيب لفظ الحديث: «اللّه اكبر على اكمال الدين، واتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، والولاية لعلي بن ابي‏طالب‏». وفي لفظ شيخ الاسلام الحموئي ((2329)) : «اللّه اكبر، تمام نبوتي وتمام دين اللّه ولاية علي بعدي‏» ((2330)) . فاي معنى تراه يكمل به الدين، ويتم النعمة، ويرضي الرب في عداد الرسالة غير الامامة التي بها تمام امرها وكمال‏نشرها وتوطيد دعائمها؟ اذن فالناهض بذلك العب‏ء المقدس اولى الناس منهم بانفسهم. القرينة الخامسة : قوله(ص) قبل بيان الولاية: «كاني دعيت فاجبت‏»، او: «انه يوشك ان ادعى فاجيب‏»، او: «الا واني اوشك ان‏افارقكم‏»، او: «يوشك ان ياتي رسول ربي فاجيب‏»، وقد تكرر ذكره عند حفاظ الحديث كما مر ((2331)) . وهو يعطينا علما بانه(ص) كان قد بقي من تبليغه مهمة يحاذر ان يدركه الاجل قبل الاشادة بها، ولولا الهتاف بها بقي مابلغه مخدجا، ولم يذكر(ص) بعد هذا الاهتمام الا ولاية امير المؤمنين وولاية عترته الطاهرة الذين يقدمهم هو صلوات‏اللّه عليه كما في نقل مسلم ((2332)) ، فهل من الجائز ان تكون تلك المهمة المنطبقة على هذه الولاية الا معنى الامامة‏المصرح بها في غير واحد من الصحاح؟ وهل صاحبها الا اولى الناس بانفسهم؟ القرينة السادسة : قوله(ص) بعد بيان الولاية لعلي(ع):

«هنئوني هنئوني ان اللّه تعالى خصني بالنبوة، وخص اهل بيتي بالامامة‏» كمامر (ص‏274)، فصريح العبارة هو الامامة‏المخصوصة باهل بيته الذين سيدهم والمقدم فيهم هو امير المؤمنين(ع) ، وكان هو المراد في الوقت الحاضر. ثم نفس التهنئة والبيعة والمصافقة والاحتفال بها واتصالها ثلاثة ايام، كما مرت هذه كلها (ص‏269 283) لا تلائم غيرمعنى الخلافة والاولوية، ولذلك ترى الشيخين ابا بكر وعمر لقيا امير المؤمنين فهناه بالولاية. وفيها بيان لمعنى المولى‏الذي لهج به(ص)، فلا يكون المتحلي به الا اولى الناس منهم بانفسهم. القرينة السابعة : قوله(ص) بعد بيان الولاية: «فليبلغ الشاهد الغائب‏»، كما مر (ص‏33 ، 160 ، 198)، اوتحسب انه(ص) يؤكد هذا التاكيدفي تبليغ الغائبين امرا علمه كل فرد منهم بالكتاب والسنة من الموالاة والمحبة والنصرة بين افراد المسلمين مشفوعابذلك الاهتمام والحرص على بيانه؟ لا احسب ان ضؤولة الراي يسف بك الى هذه الخطة، لكنك ولا شك تقول: انه(ص)لم يرد الا مهمة لم تتح الفرص لتبليغها ولا عرفته الجماهير ممن لم يشهدوا ذلك المجتمع، وما هي الا مهمة الامامة التي‏بها كمال الدين، وتمام النعمة، ورضا الرب، وما فهم الملا الحضور من لفظه(ص) الا تلك، ولم يؤثر له(ص) لفظ اخر في‏ذلك المشهد يليق ان يكون امره بالتبليغ له، وتلك المهمة لا تساوق الا معنى الاولى من معاني المولى. القرينة الثامنة : قوله(ص) بعد بيان الولاية في لفظ ابي سعيد وجابر المذكور (ص‏43 ، 232 ، 233 ، 234 ، 237): «اللّه اكبر على اكمال‏الدين، واتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي‏»، وفي لفظ وهب المذكور (ص‏60): «انه وليكم‏بعدي‏». وفي لفظ علي‏الذي اسلفناه (ص‏165): «ولي كل مؤمن بعدي‏». وكذلك ما اخرجه ((2333)) الترمذي، واحمد، والحاكم، والنسائي، وابن ابي‏شيبة‏والطبري، وكثيرون اخرون من الحفاظ‏بطرق صحيحة من قوله(ص): «ان عليا مني وانا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي‏»، وفي اخر: «هو وليكم بعدي‏». وما اخرجه ابو نعيم في حلية الاولياء (1/86) واخرون ((2334)) باسناد صحيح من قوله(ص): «من سره ان يحيى حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي، وليقتد بالائمة من‏بعدي، فانهم عترتي خلقوا من طينتي‏». الحديث. وما اخرجه ابو نعيم في الحلية (1/86) باسناد صحيح رجاله ثقات عن‏حذيفة وزيد وابن عباس عنه(ص):3 «من سره ان يحيى حياتي ويموت ميتتي، ويتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها اللّه بيده ثم قال لها: كوني، فكانت،فليتول علي بن ابي طالب من بعدي‏». فان هذه التعابير تعطينا خبرا بان الولاية الثابتة لامير المؤمنين(ع) مرتبة تساوق ماثبت لصاحب الرسالة مع حفظ‏التفاوت بين المرتبتين بالاولية والاولوية، سواء اريد من لفظ (بعدي) البعدية الزمانية او البعدية في الرتبة، فلا يمكن ان‏يراد اذن من المولى الا الاولوية على الناس في جميع شؤونهم، اذ في ارادة معنى النصرة والمحبة من المولى بهذا القيدينقلب الحديث ويعد منقصة دون مفخرة كما لايخفى. القرينة التاسعة : قوله(ص) بعد ابلاغ الولاية:

«اللهم انت شهيد عليهم اني قد بلغت ونصحت‏». فالاشهاد على الامة بالبلاغ والنصح يستدعي ان يكون ما بلغه(ص)ذلك اليوم امرا جديدا لم يكن قد بلغه قبل. مضافا الى ان بقية معاني المولى العامة بين افراد المسلمين من الحب‏والنصرة لاتتصور فيها اي حاجة الى الاشهاد على الامة في علي خاصة، الا ان تكون فيه على الحد الذي بيناه. القرينة العاشرة : قوله(ص) قبل بيان الحديث وقد مر (ص‏165 و196):

«ان اللّه ارسلني برسالة ضاق بها صدري، وظننت ان الناس مكذبي فاوعدني لا بلغها او ليعذبني‏». ومر في (ص‏221) بلفظ: «ان اللّه بعثني برسالة، فضقت بها ذرعا، وعرفت ان الناس مكذبي، فوعدني لا بلغن، اوليعذبني‏». و(ص‏166) بلفظ: «اني راجعت ربي خشية طعن اهل النفاق ومكذبيهم فاوعدني لابلغها او ليعذبني‏». ومر (ص‏51): «لما امر النبي ان يقوم بعلي بن ابي طالب المقام الذي قام به فانطلق النبي(ص) الى مكة، فقال: رايت‏الناس حديثي عهد بكفر بجاهلية، ومتى افعل هذا به يقولوا: صنع هذا بابن عمه. ثم مضى حتى قضى حجة الوداع‏».الحديث. ومر (ص‏219): ان اللّه امر محمدا ان ينصب عليا للناس، فيخبرهم بولايته، فتخوف النبي(ص) ان يقولوا: حابى ابن عمه،وان يطعنوا في ذلك عليه. الحديث. ومر (ص‏217): لما امر اللّه رسوله(ص) ان يقوم بعلي، فيقول له ما قال، فقال:«يا رب ان قومي حديثو عهد بجاهلية‏» آكذا في النسخ ثم مضى بحجه، فلما اقبل راجعا نزل بغدير خم. الحديث. ومر (ص‏217): لما جاء جبرئيل بامر الولاية ضاق النبي(ص) بذلك ذرعا، وقال: «قومي حديثو عهد بالجاهلية‏»،فنزلت: (يا ايها الرسول) الاية. هذه كلها تنم عن نبا عظيم كان يخشى في بثه بوادر اهل النفاق وتكذيبهم، فالذي كان يحاذره(ص) ويتحقق به القول بانه‏حابى ابن عمه يستدعي ان يكون امرا يخص امير المؤمنين، لا شيئا يشاركه فيه المسلمون اجمع من النصرة والمحبة،وما هو الا الاولوية بالامر وما جرى مجراها من المعاني. القرينة الحادية عشرة : جاء في اسانيد متكثرة: التعبير عن موقوف يوم الغدير بلفظ النصب، فمر (ص‏57) عن عمر بن الخطاب: نصب رسول‏اللّه عليا علما، و(165) عن علي(ع) «امر اللّه نبيه ان ينصبني للناس...» وفي قوله الاخر في رواية العاصمي كما تاتي:«نصبني علما»، ومر (ص‏199) عن الامام الحسن السبط: «اتعلمون ان رسول اللّه نصبه يوم غدير خم‏» و(ص‏200)عن عبداللّه بن جعفر: ونبينا قد نصب لامته افضل الناس واولاهم وخيرهم بغدير خم، و(ص‏208) عن قيس بن سعد:نصبه رسول اللّه بغدير خم، و(ص‏219) عن ابن عباس وجابر: امر اللّه محمدا ان ينصب عليا للناس، فيخبرهم بولايته،و(ص‏231) عن ابي سعيد الخدري: لما نصب رسول اللّه عليا يوم غدير خم، فنادى له بالولاية. فان هذا اللفظ يعطينا خبرا بايجاد مرتبة للامام(ع) في ذلك اليوم لم تكن تعرف له من قبل غير المحبة والنصرة،المعلومتين لكل احد، والثابتتين لاي فرد من افراد المسلمين، على ما ثبت من اطراد استعماله في جعل الحكومات‏وتقرير الولايات، فيقال: نصب السلطان زيدا واليا على القارة الفلانية، ولا يقال: نصبه رعية له او محبا او ناصرا اومحبوبا او منصورا به على زنة ما يتساوى به افراد المجتمع الذين هم تحت سيطرة ذلك السلطان. مضافا الى مجي‏ء هذا اللفظ في غير واحد من الطرق مقرونا بلفظ الولاية او متلوا بكونه للناس او للامة. وبذلك كله تعرف ان المرتبة المثبتة له هي الحاكمية المطلقة على الامة جمعاء، وهي معنى الامامة الملازمة للاولوية‏المدعاة في معنى المولى، ويستفاد هذا المعنى من لفظ ابن عباس الاخر الذي مر (ص‏51 و217)، قال: لما امر النبي(ص) ان يقوم بعلي المقام الذي قام به.... ويصرح بالمعنى المراد ما مر (ص‏165) من قوله(ص): «ان اللّه امر ان انصب لكم امامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي، والذي فرض اللّه على المؤمنين في كتابه‏طاعته، فقرن بطاعته طاعتي، وامركم بولايته‏». وقوله المذكور (ص‏215): «فان اللّه قد نصبه لكم وليا واماما، وفرض طاعته على كل احد، ماض حكمه، جائزقوله‏». القرينة الثانية عشرة : ما مر (ص‏52 و217) من قول ابن عباس بعد ذكره الحديث:

فوجبت واللّه في رقاب القوم، في لفظ. وفي اعناق القوم،في اخر، فهو يعط‏ي ثبوت معنى جديد مستفاد من الحديث غير ما عرفه المسلمون قبل ذلك وثبت لكل فرد منهم، واكدذلك باليمين وهو معنى عظيم يلزم الرقاب، وياخذ بالاعناق لدة الاقرار بالرسالة، لم يساو الامام(ع) فيه غيره، وليس هوالا الخلافة التي امتاز بها من بين المجتمع الاسلامي، ولا يبارحه معنى الاولوية. القرينة الثالثة عشرة : ما اخرجه شيخ الاسلام الحموئي في فرائد السمطين عن ابي هريرة قال: لما رجع رسول اللّه عن حجة الوداع نزلت اية: (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك) ولما سمع قوله تعالى: (واللّه يعصمك من الناس)اطمان قلبه الى ان قال بعد ذكر الحديث : وهذه اخر فريضة اوجب اللّه على عباده، فلما بلغ رسول اللّه(ص) نزل قوله:(اليوم اكملت لكم دينكم) الاية. يعطينا هذا اللفظ خبرا بان رسول اللّه(ص) صدع في كلمته هذه بفريضة لم يسبقها التبليغ، ولا يجوز ان يكون ذلك معنى‏المحبة والنصرة لسبق التعريف بهما منذ دهر كتابا وسنة، فلم يبق الا ان يكون معنى الامامة الذي اخر امره حتى‏تكتسح عنه العراقيل، وتمرن النفوس بالخضوع لكل وحي يوحى، فلا تتمرد عن مثلها من عظيمة تجفل عنها النفوس‏الجامحة، وهي الملائمة لمعنى الاولى. القرينة الرابعة عشرة : تقدم (ص‏29 و36) في حديث زيد بن ارقم بطرقه الكثيرة:

ان ختنا له ساله عن حديث غدير خم، فقال له: انتم اهل العراق فيكم ما فيكم. فقلت له: ليس عليك مني باس.3 فقال: نعم، كنا بالجحفة فخرج رسول اللّه.... ومر (ص‏24) عن عبداللّه بن العلاء انه قال للزهري لما حدثه بحديث الغدير: لا تحدث بهذا بالشام. واسلفناك(ص‏273) عن سعيد بن المسيب انه قال: قلت لسعد بن ابي وقاص: اني اريد ان اسالك عن شي‏ء واني اتقيك. قال: سل‏عما بدا لك فانما انا عمك.... فان الظاهر من هذه كلها انه كان بين الناس للحديث معنى لا يامن معه راويه من ان يصيبه سوء اولدته العداوة للوصي آصلوات اللّه عليه في العراق وفي الشام، ولذلك ان زيدا اتقى ختنه العراقي، وهو يعلم ما في العراقيين من النفاق‏والشقاق يوم ذاك، فلم يبد بسره حتى امن من بوادره، فحدثه بالحديث، وليس من الجائز ان يكون المعنى حينئذ آهو ذلك المبتذل لكل مسلم، وانما هو معنى ينوء بعبئه الامام(ع) بمفرده، فيفضل بذلك على من سواه، وهو معنى الخلافة‏المتحدة مع الاولوية المرادة. القرينة الخامسة عشرة : احتجاج امير المؤمنين(ع) بالحديث يوم الرحبة بعد ان الت اليه الخلافة ردا على من نازعه فيها كما مر (ص‏344) آوافحام القوم به لما شهدوا، فاي حجة له في المنازعة بالخلافة في المعنى الذي لا يلازم الاولوية على الناس من الحب‏والنصرة؟ القرينة السادسة عشرة : مر في حديث الركبان (ص‏187 191): ان قوما منهم ابو ايوب الانصاري سلموا على امير المؤمنين(ع) بقولهم: السلام‏عليك يا مولانا. فقال(ع) : «كيف اكون مولاكم وانتم رهط من العرب؟» فقالوا: انا سمعنا رسول اللّه(ص) يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه‏». فانت جد عليم بان امير المؤمنين لم يتعجب او لم يرد كشف الحقيقة للملا الحضور لمعنى مبذول هو شرع سواء بين‏افراد المسلمين وهو ان يكون معنى قولهم: السلام عليك يا محبنا او ناصرنا لا سيما بعد تعليل ذلك بقوله: «وانتم‏رهط من العرب‏». فما كانت النفوس العربية تستنكف من معنى المحبة والنصرة بين افراد جامعتها، وانما كانت تستكبران يخص واحد منهم بالمولوية عليهم بالمعنى الذي نحاوله، فلا ترضخ له الا بقوة قاهرة عامتهم، او نص الهي يلزم‏المسلمين منهم، وماذلك الا معنى الاولى المرادف للامامة، والولاية المطلقة التي استحفى(ع) خبرها منهم،فاجابوه‏باستنادهم في ذلك الى حديث الغدير. القرينة السابعة عشرة : قد سلفت في (ص‏191) اصابة دعوة مولانا امير المؤمنين(ع) اناسا كتموا شهادتهم بحديث الغدير في يومي مناشدة‏الرحبة والركبان، فاصابهم العمى والبرص، والتعرب بعد الهجرة، او افة اخرى، وكانوا من الملا الحضور في مشهد يوم‏الغدير. فهل يجد الباحث مساغا لاحتمال وقوع هاتيك النقم على القوم، وتشديد الامام(ع) بالدعاء عليهم لمحض كتمانهم‏معنى النصرة والحب العامين بين افراد المجتمع الديني، فكان من الواجب اذن ان تصيب كثيرا من المسلمين الذين‏تشاحنوا، وتلاكموا، وقاتلوا، فقموا جذوم ((2335)) تينك الصفتين، وقلعوا جذورهما، فضلا عن كتمان ثبوتهما بينهم،لكن المنقب لا يرى الا انهم وسموا بشية العار، واصابتهم الدعوة بكتمانهم نبا عظيما يختص به هذا المولى العظيم آصلوات اللّه عليه وما هو الا ما اصفقت عليه‏النصوص، وتراكمت‏القرائن من‏امامته واولويته على‏الناس‏منهم‏بانفسهم. ثم ان نفس كتمانهم للشهادة لا تكون لامر عادي هو شرع سواء بينه وبين غيره، وانما الواجب ان تكون فيه فضيلة‏يختص بها، فكانهم لم يرقهم ان يتبجح الامام بها، فكتموها، لكن الدعوة الصالحة فضحتهم باظهار الحق، وابقت عليهم‏مثلبة لائحة على جبهاتهم وجنوبهم وعيونهم ما داموا احياء، ثم تضمنتها طيات الكتب فعادت تلوكها الاشداق،وتتناقلها الالسن حتى يرث اللّه الارض ومن عليها. القرينة الثامنة عشرة : مر باسناد صحيح (ص‏174 و175) في حديث مناشدة الرحبة من طريق احمد والنسائي والهيثمي ومحب الدين‏الطبري: ان امير المؤمنين(ع) لما ناشد القوم بحديث الغدير في الرحبة شهد نفر من اصحاب رسول اللّه(ص) بانهم سمعوه منه. قال‏ابو الطفيل: فخرجت وكان في نفسي شيئا ((2336)) ، فلقيت زيد بن ارقم، فقلت‏له: اني سمعت عليا(رضى ا... عنه) يقول: كذا وكذا، قال: فما تنكر؟ قد سمعت رسول اللّه(ص) 3 يقول له ذلك. فما الذي تراه يستكبره او يستنكره ابو الطفيل من ذلك؟ اهو صدور الحديث؟ ولا يكون ذلك، لان الرجل شيعي متفان في حب امير المؤمنين(ع) ومن ثقاته، فلا يشك في حديث رواه مولاه، لا ، بل هو معناه الطافح بالعظمة، فكان عجبه من نكوس القوم عنه وهم عرب اقحاح يعرفون اللفظ وحقيقته، وهم اتباع الرسول(ص) واصحابه، فاحتمل انه لم يسمعه جلهم، او حجزت العراقيل بينهم وبين ذلك، فطمنه زيد بن ارقم بالسماع، فعلم ان الشهوات حالت بينهم وبين البخوع له، وما ذلك المعنى المستعظم الا الخلافة المساوقة للاولوية دون غيرها من الحب والنصرة، وكل منهما منبسط على اي فرد من افراد الجامعة الاسلامية. القرينة التاسعة عشرة : سبق ايضا (ص‏239 246) حديث انكار الحارث الفهري معنى قول النبي(ص) في حديث الغدير، وشرحنا (ص‏343) تاكد عدم التئامه مع غير الاولى من معاني المولى. القرينة العشرون : اخرج الحافظ ابن السمان كما في الرياض النضرة ((2337)) (2/170)، وذخائر العقبى للمحب الطبري (ص‏68)، ووسيلة المال للشيخ احمد بن باكثير المكي ((2338)) ، ومناقب الخوارزمي ((2339)) (ص‏97)، والصواعق((2340)) (ص‏107) عن الحافظ الدارقطني عن عمر وقد جاءه اعرابيان يختصمان، فقال لعلي: اقض بينهما، فقال احدهما: هذا يقضي بيننا؟ فوثب اليه عمر واخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن. وعنه وقد نازعه رجل في مسالة، فقال: بيني وبينك هذا الجالس، واشار الى علي بن ابي طالب، فقال الرجل: هذا الابطن؟ فنهض عمر عن مجلسه، واخذ بتلبيبه‏حتى شاله من الارض، ثم قال: اتدري من صغرت؟ هذا مولاي ومولى كل مسلم. وفي‏الفتوحات‏الاسلامية(3/307): حكم علي مرة على‏اعرابي بحكم، فلم‏يرض بحكمه، فتلببه عمر بن الخطاب، وقال له: ويلك انه مولاك ومولى كل مؤمن ومؤمنة. واخرج الطبراني: انه قيل لعمر: انك تصنع بعلي اي من التعظيم شيئا 3 لاتصنع مع احد من اصحاب النبي(ص) فقال: انه مولاي. وذكره الزرقاني المالكي في شرح المواهب (7/13) عن الدارقطني. فان المولوية الثابتة لامير المؤمنين التي اعترف بها عمر على نفسه وعلى كل مؤمن زنة ما اعترف به يوم غدير خم، وشفع ذلك بنفي الايمان عمن لا يكون الوصي مولاه، اي لم يعترف له بالمولوية، او لم يكن هو مولى له اي محبا او ناصرا، ولكن على حد ينفي عنه الايمان ان انتفى عنه ذلك الحب والنصرة، لا ترتبط ((2341)) الا مع ثبوت الخلافة له، فان الحب والنصرة العاديين المندوب اليهما بين عامة المسلمين لا ينفي بانتفائه الايمان، ولا يمكن القول بذلك نظرا الى ما شجر من الخلاف والتباغض بين الصحابة والتابعين حتى ال في بعض الموارد الى التشاتم، والتلاكم، والى المقاتلة، والمناضلة، وكان بعضها بمشهد من النبي(ص) فلم ينف عنهم الايمان، ولا غمز القائلون بعدالة الصحابة اجمع في احد منهم بذلك، فلم يبق الا ان تكون الولاية التي هذه صفتها معناها الامامة الملازمة للاولوية المقصودة، سواء اوعز عمر بكلمته هذه الى حديث الغدير كما تومي اليه رواية الحافظ محب الدين الطبري لها في ذيل احاديث الغدير، او انه ارسلها حقيقة راهنة ثابتة عنده من شتى النواحي. تذييل : ((2342)) (4/246)، والحلبي في عزا ابن الاثير في النهاية السيرة ((2343)) (3/304)وبعض اخر الى القيل، وذكروا ان السبب في قوله(ص): «من كنت مولاه‏»: ان اسامة بن زيد قال لعلي: لست مولاي، انما مولاي رسول اللّه، فقال(ص): «من كنت مولاه فعلي مولاه‏». ان من روى هذه الرواية المجهولة اراد حطا من عظمة الحديث، وتحطيما لمنعته فصوره بصورة مصغرة لا تعدو عن ان تكون قضية شخصية، وحوارا بين اثنين من افراد الامة، اصلحه رسول اللّه بكلمته هذه، وهو يجهل او يتجاهل عن انه تخصمه على تلك المزعمة الاحاديث المتضافرة في سبب الاشادة بذلك الذكر الحكيم من نزول اية التبليغ الى مقدمات ومقارنات اخرى لا يلتئم شي‏ء منها مع هذه الاكذوبة، ومثلها الاية الكريمة الناصة بكمال الدين، وتمام النعمة، ورضا الرب بذلك الهتاف المبين،وليست هذه العظمة من قيمة الاصلاح بين رجلين تلاحيا، لكن ذهب على الرجل‏انه لم يزد الا تاكيدا في المعنى وحجة على الخصم على تقدير الصحة. فهب ان السبب لذلك البيان الواضح هو ما ذكر، لكنا نقول: ان ما انكره اسامة على امير المؤمنين(ع) من معنى المولى، واثبته لرسول اللّه خاصة دون اي احد، لا بد ان يكون شيئا فيه تفضيل لا معنى ينوء به كل احد حتى اسامة نفسه، ولا تفاضل بين المسلمين من ناحيته في الجملة، وذلك المعنى المستنكر المثبت لا يكون الا الاولوية او ما يجري مجراها من معاني المولى. ونقول: ان النبي(ص) لما علم ان في امته من لا يلاحي ابن عمه ويناوئه بالقول، ويخشى ان يكون له مغبة وخيمة تؤول الى مضادته، ونصب العراقيل امام سيره الاصلاحي من بعده، عقد ذلك المحتشد العظيم فنوه بموقف وصيه من الدين، وزلفته منه، ومكانته من الجلالة، وانه ليس لاحد من افراد الامة ان يقابله بشي‏ء من القول او العمل، وانما عليهم الطاعة له، والخضوع لامره، والرضوخ لمقامه، وانه يجري فيهم مجراه من بعده، فاكتسح بذلك المعاثر عن خطته، والحب السنن الى طاعته، وقطع المعاذير عن محادته بخطبته التي القاها، ونحن لم نال جهدا في افاضة القول في مفاده. ويشبه هذا ما اخرجه احمد بن حنبل في مسنده ((2344)) (5/347) واخرون عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن، فرايت منه جفوة، فلما قدمت على رسول اللّه(ص) ذكرت عليا فتنقصته، فرايت وجه رسول اللّه يتغير، فقال: «يا بريدة الست اولى بالمؤمنين من انفسهم؟ قلت: بلى يا رسول اللّه. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه‏». فكان راوي هذه القصة كراوي سابقتها اراد تصغيرا من صورة الامر، فصبها في قالب قضية شخصية، ونحن لا يهمنا ثبوت ذلك بعدما اثبتنا حديث الغدير بطرقه المربية على التواتر، فان غاية ما هنالك تكريره(ص) اللفظ بصورة نوعية تارة، وفي صورة شخصية اخرى، لتفهيم بريدة ان ما حسبه جفوة من امير المؤمنين لا يسوغ له‏الوقيعة فيه على ما هو شان الحكام المفوض اليهم امر الرعية، فاذا جاء الحاكم بحكم 3 فيه الصالح العام، ولم يرق ذلك لفرد من السوقة، ليس له ان يتنقصه، فان الصالح العام لا يدحضه النظر الفردي، ومرتبة الولاية حاكمة على المبتغيات الشخصية، فاراد(ص) ان يلزم بريدة حده، فلا يتعدى طوره بما اثبته لامير المؤمنين من الولاية العامة نظير ما ثبت له(ص) بقوله(ص): «الست اولى بالمؤمنين من انفسهم؟» (هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين الاحاديث المفسرة((2344)) لمعنى المولى والولاية وقبل هذه القرائن كلها تفسير رسول اللّه(ص) نفسه معنى لفظه وبعده مولانا 3امير المؤمنين(ع) حذو القذة بالقذة. اخرج القرشي علي بن حميد في شمس الاخبار ((2346)) (ص‏38)، نقلا عن سلوة العارفين للموفق باللّه الحسين بن اسماعيل الجرجاني، والد المرشد باللّه آ باسناده عن النبي(ص) انه لما سئل عن معنى قوله: «من كنت مولاه فعلي‏مولاه‏»، قال: «اللّه مولاي، اولى بي من نفسي لا امر لي معه، وانا مولى المؤمنين، اولى بهم من انفسهم لا امر لهم معي، ومن كنت مولاه اولى به من نفسه لا امر له معي، فعلي مولاه اولى به من نفسه لا امر له معه‏». ومر في صفحة (200) في حديث احتجاج عبداللّه بن جعفر على معاوية قوله: يا معاوية اني سمعت رسول اللّه(ص) يقول على المنبر وانا بين يديه، وعمر بن ابي سلمة، واسامة بن زيد، وسعد بن ابي وقاص، وسلمان الفارسي، وابو ذر، والمقداد، والزبير بن العوام، وهو يقول: «الست اولى بالمؤمنين من انفسهم؟ فقلنا: بلى يا رسول اللّه. قال: اليس ازواجي امهاتكم؟ قلنا: بلى يا رسول اللّه. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اولى به من نفسه‏»، وضرب بيده على منكب علي، فقال: «اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ايها الناس انا اولى بالمؤمنين من انفسهم ليس لهم معي امر، وعلي من بعدي اولى بالمؤمنين من انفسهم ليس لهم معه امر ...» الى ان قال عبداللّه : ونبينا(ص) قد نصب لامته افضل الناس واولاهم وخيرهم بغدير خم وفي غير موطن، واحتج عليهم به، وامرهم بطاعته، واخبرهم انه منه بمنزلة هارون من موسى، وانه ولي كل مؤمن من بعده، وانه كل من كان هو وليه فعلي وليه، ومن كان اولى به من نفسه فعلي اولى به، وانه خليفته فيهم ووصيه. الحديث. ومر (ص‏165) فيما اخرجه شيخ الاسلام الحموئي في حديث احتجاج اميرالمؤمنين(ع) ايام عثمان قوله:ثم خطب رسول اللّه(ص) فقال: ايها الناس اتعلمون ان اللّه عز وجل مولاي، وانا مولى المؤمنين، وانا اولى بهم من انفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: قم يا علي، فقمت، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. فقام سلمان، فقال: يا رسول اللّه ولاء كماذا؟ قال: ولاء كولاي، من كنت اولى به من نفسه فعلي اولى به من نفسه‏». وسبق (ص‏196) في حديث مناشدة امير المؤمنين(ع) يوم صفين قوله: ثم قال رسول اللّه(ص): «ايها الناس ان اللّه مولاي وانا مولى المؤمنين واولى بهم من انفسهم، من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقام اليه سلمان الفارسي، فقال: يا رسول اللّه ولاء كماذا؟ فقال: ولاء كولاي، من كنت اولى به من نفسه فعلي اولى به من نفسه‏». وروى الحافظ العاصمي في زين الفتى قال: سئل علي بن ابي طالب عن قول النبي(ص): «من كنت مولاه فعلي مولاه‏». فقال: «نصبني علما اذ انا قمت، فمن خالفني فهو ضال‏». يريد(ع) بالقيام قيامه في ذلك المشهد يوم الغدير لما امره به رسول اللّه(ص) ليرفعه فيعرفه، وينصبه علما للامة، وقد مرذلك (ص‏15 ، 23 ، 165 ، 217)، واشار اليه حس ان في ذلك اليوم بقوله: فقال له قم يا علي فانني رضيتك من بعدي اماما وهاديا وفي حديث رواه السيد الهمداني في مودة القربى ((2347)) : فقال رسول اللّه :«معاشر الناس اليس اللّه اولى بي من نفسي يامرني وينهاني، ما لي على اللّه امر ولا نهي؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: من كان اللّه وانا مولاه فهذا علي مولاه، يامركم وينهاكم ما لكم عليه من امر ولا نهي، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، اللهم انت شهيد عليهم، اني قد بلغت ونصحت‏». وقال الامام الحافظ الواحدي بعد ذكر حديث الغدير: هذه الولاية التي اثبتها النبي(ص) لعلي مسؤول عنها يوم القيامة، روي في قوله تعالى: (وقفوهم انهم 3 مسؤولون) ((2348)) اي عن ولاية علي(ع) والمعنى: انهم يسالون هل والوه حق الموالاة كما اوصاهم النبي(ص) ام اضاعوها واهملوها فتكون عليهم المطالبة والتبعة؟ وذكره واخرج حديثه شيخ الاسلام الحموئي في فرائد السمطين في الباب الرابع عشر ((2349)) ، وجمال الدين الزرندي في نظم درر السمطين ((2350)) ، وابن حجر في الصواعق ((2351)) (ص‏89)، والحضرمي في الرشفة (ص‏24). واخرج الحموئي ((2352)) من طريق الحاكم ابي عبداللّه بن البيع ((2353)) عن محمد بن المظفر قال: حدثنا عبداللّه بن محمد بن غزوان، حدثنا علي بن جابر، حدثنا محمد بن خالد بن عبداللّه، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا محمد بن سوقة عن ابراهيم عن الاسود عن عبداللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه(ص): «اتاني ملك فقال: يا محمد سل من ارسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ [قال: قلت: على ما بعثوا؟ قال] ((2354)) : على ولايتك وولاية علي بن ابي طالب‏». ((2355)) : وروي عن علي(ع) انه قال: «جعلت الموالاة وقال اصلا من اصول الدين‏»، واخرج ((2356)) من طريق الحاكم ابن البيع: حدثنا محمد بن علي، حدثنا احمد بن حازم، حدثنا عاصم بن يوسف اليربوعي، عن سفيان بن ابراهيم الحرنوي، عن ابيه، عن ابي صادق، قال: قال علي: «اصول الاسلام ثلاثة لا ينفع واحد منها دون صاحبه: الصلاة، والزكاة، والموالاة‏». ومر(ص‏382)عن عمر بن‏الخطاب نفي‏الايمان عمن لا يكون‏اميرالمؤمنين‏مولاه. وقال الالوسي في تفسيره ((2357)) (23/74) في قوله تعالى (وقفوهم انهم مسؤولون) بعد عد الاقوال فيها: واولى هذه الاقوال ان السؤال عن العقائد والاعمال، وراس ذلك لا اله الا اللّه، ومن اجله ولاية علي كرم اللّه تعالى وجهه. ومن طريق‏البيهقي عن الحافظالحاكم‏النيسابوري باسناده عن رسول اللّه(ص): «اذا جمع اللّه الاولين والاخرين يوم القيامة، ونصب الصراط على جسر جهنم لم يجزها احد الا من كانت معه براءة بولاية علي بن ابي طالب‏». واخرجه محب الدين الطبري في الرياض (2/172). ((2358)) ولا يسعنا المجال لذكر ما وقفنا عليه من المصادر الكثيرة المذكور فيها ما ورد في قوله تعالى: (وقفوهم انهم مسؤولون)، وقوله: (وسئل من ارسلنا من قبلك من‏رسلنا((2359)) ) ، وما اخرجه الحفاظ عن النبي(ص) من حديث البراءة والجواز، فلا 3احسب ان ضميرك الحر يحكم بملاءمة هذه كلها مع معنى اجنبي عن الخلافة والاولوية على الناس من انفسهم، ويراه مع ذلك اصلا من اصول الدين، وينفى الايمان بانتفائه، ولا يرى صحة عمل عامل الا به.