الثناء على ادبه وشعره

  الغدير

الثناء على ادبه وشعره

كان السيد في مقدمي المكثرين المجيدين واحد الشعراء الثلاثة الذين عدوا اكثر الناس شعرا في الجاهلية والاسلام، وهم:السيد، وبشار، وابو العتاهية. قال ابو الفرج ((2-973)): لا يعلم ان احدا قدر على تحصيل شعر احد منهم اجمع. وقال المرزباني ((2-974)): لم يسمع ان‏احداعمل شعرا جيدا واكثر غير السيد، وروى عن عبداللّه بن اسحاق الهاشمي قال: جمعت للسيد الفي قصيدة وظننت انه‏ما بقي علي شي‏ء، فكنت لا ازال ارى من ينشدني ماليس عندي، فكتبت حتى ضجرت ثم تركت. وقال: سئل ابو عبيدة من اشعر المولدين؟ قال: السيد وبشار. ونقل عن الحسين بن الضحاك انه قال: ذاكرني مروان بن ابي‏حفصة امر السيد بعد موته، وانا احفظ الناس لشعر بشار والسيد، فانشدته قصيدته المذهبة التي اولها ((2-975)):

اين التطرب بالولاء وبالهوى / أإلى الكواذب من بروق الخلب

االى امية ام الى شيع التي / جاءت على الجمل الخدب الشوقب

حتى اتى على آخرها، فقال لي مروان: ما سمعت قط شعرا اكثر معاني والخص منه وعدد ما فيه من الفصاحة. وكان يقول‏لكل بيت منها: سبحان اللّه، ما اعجب هذا الكلام. وروى عن التوزي انه قال: لو ان شعرا يستحق ان لا ينشد الا في‏المساجد لحسنه لكان هذا، ولو خطب به خاطب على المنبر في يوم الجمعة لاتى حسنا ولحاز اجرا.

وقال ابو الفرج ((2-976)): كان شاعرا متقدما مطبوعا، وله طراز من الشعر ومذهب قلما يلحق فيه او يقاربه. وروى عن‏لبطة بن الفرزدق قال: تذاكرنا الشعراء عند ابي فقال: ان هاهنا لرجلين لو اخذا في معنى الناس لما كنا معهما في شي‏ء.فسالناه من هما؟ فقال: السيد الحميري وعمران بن حطان السدوسي، ولكن اللّه قد شغل كل واحد منهما بالقول في مذهبه ((2-977)). الاغاني ((2-978) (7/231)

وعن التوزي: قال: راى الاصمعي جزء فيه من شعر السيد، فقال: لمن هذا؟ فسترته عنه لعلمي بما عنده فيه، فاقسم‏علي‏ان اخبره فاخبرته، فقال: انشدني قصيدة منه، فانشدته قصيدة ثم اخرى وهو يستزيدني، ثم قال: قبحه اللّه ما اسلكه‏لطريق الفحول لولا مذهبه! ولولا ما في شعره ما قدمت عليه احدا من طبقته. وفي لفظه الاخر: لما تقدمه من طبقته احد.وعن ابي عبيدة انه قال: اشعر المحدثين السيد الحميري وبشار. الاغاني ((2-979))(7/232، 236)

وقف السيد على بشار وهو ينشد الشعر فاقبل عليه وقال:

ايها المادح العباد ليعط‏ى / ان للّه ما بايدي العباد

فاسال اللّه ما طلبت اليهم / وارج نفع المنزل العواد

لا تقل في الجواد ما ليس فيه / وتسمي البخيل باسم الجواد

قال بشار: من هذا؟ فعرفه. فقال: لولا ان هذا الرجل قد شغل عنا بمدح بني هاشم لشغلنا، ولو شاركنا في مذهبنا لاتعبنا.الاغاني ((2-980))(7/237)

وعن غانم الوراق قال: خرجت الى بادية البصرة، فصرت الى عمرو بن تميم، فجلسوا الي فانشدتهم للسيد:

اتعرف رسما بالسويين قد دثر / عفته اهاضيب السحائب والمطر

وجرت به الاذيال ريحان خلفة / صبا ودبور بالعشيات والبكر

منازل قد كانت تكون بجوها / هضيم الحشا ريا الشوى سحرها النظر

قطوف الخطا خمصانة بخترية / كان محياها سنا دارة القمر

رمتني ببعد بعد قرب بها النوى / فبانت ولما اقض من عندها الوطر

ولما راتني خشية البين موجعا /اكفكف مني ادمعا فيضها درر

اشارت باطراف الي ودمعها / كنظم جمان خانه السلك فانتثر

وقد كنت مما احدث البين حاذرا / فلم يغن عني منه خوفي والحذر

قال: فجعلوا يمرقون ((2-981)) لانشادي ويطربون وقالوا: لمن هذا؟ فاعلمتهم. فقالوا: هو واللّه احد المطبوعين، لا واللّه ما بقي‏في هذا الزمان مثله. الاغاني ((2-982))(7/238)

عن الزبير بن بكار قال: سمعت عمي يقول: لو ان قصيدة السيد التي يقول فيها:

ان يوم التطهير يوم عظيم / خص بالفضل فيه اهل الكساء

قرئت على منبر ما كان فيها باس، ولو ان شعره كله كان مثله لرويناه وما عبناه. وروي عن الحسين بن ثابت قال: قدم علينا رجل بدوي وكان اروى الناس لجرير، فكان ينشدني الشي‏ء من شعره،فانشد في معناه للسيد حتى اكثرت، فقال لي: ويحك من هذا؟ هو واللّه اشعر من صاحبنا. الاغاني ((2-983))(7/239)

ويروى عن اسحاق بن محمد قال: سمعت العتبي ((2-984)) يقول: ليس في عصرنا هذا احسن مذهبا في شعره ولا انقى‏الفاظامن السيد، ثم قال لبعض من حضر: انشدنا قصيدته اللامية التي انشدتناها اليوم، فانشده قوله:

هل عند من احببت تنويل / ام لا فان اللوم تضليل

ام في الحشا منك جوى باطن / ليس تداويه الاباطيل

علقت يا مغرور خداعة / بالوعد منها لك تخييل

ريا رداح النوم خمصانة / كانها ادماء عطبول

يشفيك منها حين تخلو بها / ضم الى النحر وتقبيل

وذوق ريق طيب طعمه / كانه بالمسك معلول

في نسوة مثل المها خرد / تضيق عنهن الخلاخيل

يقول فيها:

اقسم باللّه وآلائه / والمرء عما قال مسؤول

ان علي بن ابي طالب‏ / على ‏التقى والبر مجبول ((2-985))

فقال العتبي: احسن واللّه ما شاء، هذا واللّه الشعر الذي يهجم على القلب بلا حجاب. الاغاني ((2-986))(7/247)

وقبل هذه كلها حسبه ثناء عليه قول الامام الصادق(ع): ((انت سيد الشعراء)) فينم عن مكانته الرفيعة في الادب،يقصرالوصف عن استكناهها، ولا ى درك البيان مداها. فكان يعد من شعرائه(ع) وولده الطاهر الكاظم، كما في نورالابصار