عظمته والمؤلفون في اخباره

  الغدير

عظمته والمؤلفون في اخباره

لم تفتا الشيعة تبجل كل متهالك في ولاء ائمة اهل البيت، وتقدر له مكانة عظيمة، وتكبر منه ما اكبره اللّه سبحانه ورسوله‏من منصة العظمة. اضف الى ذلك ما كان بمراى منهم ومسمع في حق السيد خاصة من تكريم ائمة الحق صلوات اللّه عليهم مثواه، وتقريبهم لمحله منهم، وازلافهم اياه، وتقديرهم لسعيه المشكور في الاشادة بذكرهم والذب عنهم،والبث‏لفضائلهم، وتظاهره بموالاتهم، واكثاره من مدائحهم، مع رد ه الصلات تجاه هاتيك العقود الذهبية، لان ما كان‏يصدر منه من تلكم المظاهر لم تكن الا تزلفا منه الى المولى سبحانه، واداء لاجر الرسالة، وصلة للصادع بها(ص)، ولقدكاشف في ذلك كله ابويه الناصبيين الخارجيين، فكان معجزة وقته في التلفع بهذه المثر كلها، والتظاهر بهذا المظهر الطاهر،ومنبته ذلك المنبت الخبيث، فما كان الشيعي يومذاك وهلم جرا يجد من واجبه الديني الا اكباره وخفض الجناح عندعظمته.

قال ابن عبد ربه في العقد الفريد ((2-964))(2/289): السيد الحميري وهو راس الشيعة، وكانت الشيعة من تعظيمها له تلقي له‏وسادة بمسجد الكوفة. وفي حديث شيخ الطائفة الاتي: قال جعفر بن عفان الطائي للسيد: يا ابا هاشم انت الراس ونحن الاذناب.

وليس ذلك ببدع من الشيعة بعد ما ازلفه الامام الصادق(ع) واراه من دلائل الامامة ما ابقى له مكرمة خالدة حفظها له‏التاريخ كحديث انقلاب الخمر لبنا، والقبر، واطلاق لسانه في مرضه وغيرها، واستفاض الحديث بترحمه(ع) عليه والدعاءله والشكر لمساعيه، وبلغهم قوله(ع) لعذاله فيه: ((لو زلت له قدم فقد ثبتت الاخرى)). وقد اخبره بالجنة.

وكان يستنشد الامام(ع) شعره ويحتفل به، وقد انشده اياه فضيل الرسان وابو هارون المكفوف، والسيد نفسه. روى ابو الفرج عن علي بن اسماعيل التميمي عن ابيه قال: كنت عند ابي عبداللّه جعفر بن محمد(ع) اذ استاذن آذنه للسيدفامره بايصاله، واقعد حرمه خلف ستر، ودخل فسلم وجلس، فاستنشده فانشد قوله:

امرر على جدث الحسي / ن فقل لاعظمه الزكيه

يا اعظما لازلت من / وطفاء ((2-965)) ساكبة رويه

فاذا مررت بقبره / فاطل به وقف المطيه

وابك المطهر للمطه / ر والمطهرة النقيه

كبكاء معولة اتت / ‏يوما لواحدها المنيه ((2-966))

قال: فرايت دموع جعفر بن محمد تتحدر على خديه، وارتفع الصراخ والبكاء من داره، حتى امره بالامساك، فامسك.قال: فحدثت ابي بذلك لما انصرفت، فقال لي: ويلي على الكيساني الفاعل ابن الفاعل يقول:

فاذا مررت بقبره / فاطل به وقف المطيه

فقلت: يا ابت وماذا يصنع؟ قال: اولا ينحر؟! اولا يقتل نفسه؟! فثكلته امه.

الاغاني ((2-967))(7/240).

وهذه القصيدة انشدها ابو هارون المكفوف الامام الصادق(ع). روى شيخنا ابن قولويه في الكامل (ص‏104 آ106باب‏33) عن ابي هارون، قال: قال ابو عبداللّه(ع): ((يا ابا هارون انشدني في الحسين(ع))). قال: فانشدته فبكى. فقال: ((انشدني كما تنشدون)) يعني بالرقة. قال: فانشدته:

امرر على جدث الحسي / ن فقل لاعظمه الزكيه

«قال: فبكى‏» ((2-968))ثم قال: ((زدني)). قال: فانشدته القصيدة الاخرى. وفي لفظه الاخر: فانشدته: يا مريم قومي اندبي مولاك وعلى الحسين فاسعدي ببكاك قال: فبكى وسمعت البكاء من خلف الستر. الحديث. ورواه شيخنا الصدوق في ثواب الاعمال ((2-969)). وهناك منامات صادقة تنم عن تزلف السيد عند النبي الاعظم(ص) مرت جملة منها (ص‏221 224)، وروى ابو الفرج‏عن ابراهيم بن هاشم العبدي انه قال: رايت النبي(ص) وبين يديه السيد الشاعر وهو ينشد:

اجد بآل فاطمة البكور / فدمع العين منهمر غزير

حتى انشده اياها على آخرها وهو يسمع قال: فحدثت هذا الحديث رجلا جمعتني واياه طوس عند قبر علي بن موسى‏الرضا، فقال لي: واللّه لقد كنت على خلاف، فرايت النبي(ص) في المنام وبين يديه رجل ينشد:

اجد بل فاطمة البكور / فدمع العين منهمر غزير

الى آخر القصيدة.

فاستيقظت من نومي، وقد رسخ في قلبي من حب علي بن ابي طالب(رض) ما كنت اعتقده. الاغاني ((2-970))(7/246)

هذه مكرمة للسيد تشف عن عظمة محله، وحسن عقيدته، وخلوص نيته، وسلامة مذهبه، وطهارة ضميره، وصدق‏موقفه. ومهما عرف اعلام الامة مسيس حاجة المجتمع الى سرد تاريخ مثل السيد من رجالات الفضيلة سلفا وخلفا، افردجمع منهم تليف في اخبار السيد وشعره، فمنهم:

1 ابو احمد عبد العزيز الجلودي الازدي البصري: المتوفى (332).

2 الشيخ صالح بن محمد الصرمي، شيخ ابي الحسن الجندي.

3 ابو بكر محمد بن يحيى الكاتب الصولي: المتوفى (335).

4 ابو بشر احمد بن‏ابراهيم العمي‏البصري، ذكر له شيخ الطائفة في فهرسته (ص‏30) كتاب اخبار السيد وشعره، وفي‏معجم الادباء(2/226): كتاب اخبار السيد، ويظهر من رجال النجاشي(ص‏70) ومعالم العلماء انه الف كتابا في اخباره‏وكتابا في شعره.

5 ابو عبداللّه احمد بن عبد الواحد، المعروف بابن عبدون شيخ النجاشي.

6 ابوعبيداللّه محمد بن عمران المرزباني: المتوفى (378)، له كتاب اخبار السيد، وقفنا على بعض اجزائه، وهو جزء من‏كتابه اخبار الشعراء المشهورين المكثرين في عشرة آلاف ورقة كما في فهرست ابن النديم ((2-971)).

7 ابو عبداللّه احمد بن محمد بن عياش الجوهري: المتوفى(401).

8 اسحاق بن محمد بن احمد بن ابان النخعي.

9 المستشرق الفرنسوي بربيه دي مينار، جمع اخباره في مائة صحيفة، طبعت في پاريس.

فهرست النجاشي (ص‏53، 63، 64، 70، 141، 171)، فهرست ابن النديم (ص‏215)، فهرست شيخ الطائفة (ص‏30)،معالم العلماء (ص‏16)، الاعلام (1/112) ((2-972)).