التتويج يوم الغدير

التتويج يوم الغدير

ولما عرفت من تعيين صاحب الخلافة الكبرى للملوكية الاسلامية ونيله ولاية 2العهد النبوي، كان من الحري تتويجه‏بما هو شارة الملوك، وسمة الامراء، ولما كانت‏التيجان المكللة بالذهب المرصعة بالجواهر من شناشن ملوك الفرس،ولم يكن للعرب منها بدل الا العمائم، فكان لا يلبسها الا العظماء والاشراف منهم، ولذلك جاء عن رسول اللّه(ص) قوله:«العمائم تيجان العرب‏». رواه القضاعي والديلمي، وصححه‏السيوط‏ي في‏الجامع الصغير ((1-1920)) (2/155)، واورده ابن‏الاثير في النهاية ((1-1921)) .

وقال المرتضى الحنفي الزبيدي في تاج العروس (2/12): التاج: الاكليل، والفضة والعمامة، والاخير على التشبيه : آجمع تيجان واتواج والعرب تسمي العمائم: التاج. وفي الحديث: «العمائم تيجان العرب‏». جمع تاج، وهو ما يصاغ‏للملوك من الذهب والجوهر، اراد ان العمائم [للعرب] بمنزلة التيجان للملوك، لانهم اكثر ما يكونون في البوادي‏مكشوفي الرؤوس او بالقلانس، والعمائم فيهم قليلة، والاكاليل تيجان ملوك العجم، وتوجه: اي سوده وعممه.

وفي (8/410): ومن المجاز: عمم بالضم اي سود، لان تيجان العرب العمائم، فكلما قيل في العجم: توج من التاج،قيل في العرب: عمم. قال: وفيهم اذ عمم المعمم. وكانوا اذا سودوا رجلا عمموه عمامة حمراء، وكانت الفرس تتوج ملوكها، فيقال له: المتوج.

وعد الشبلنجي في نورالابصار ((1-1922)) (ص‏25) من‏القاب رسول‏اللّه(ص): صاحب التاج، فقال: المراد العمامة، لان‏العمائم تيجان العرب كما جاء في الحديث.

فعلى هذا الاساس عممه رسول اللّه(ص) هذا اليوم بهيئة خاصة تعرب عن العظمة والجلال، وتوجه بيده الكريمة بعمامته‏السحاب في ذلك المحتشد العظيم،وفيه تلويح ان المتوج بها مقيض بالفتح لامرة كامرته(ص) غير انه مبلغ عنه‏وقائم‏مقامه من بعده. روى الحافظ عبداللّه بن ابي‏شيبة، وابوداود الطيالسي ((1-1923)) ، وابن منيع البغوي، وابو بكر البيهقي، كما في كنز العمال ((1-1924))(8/60) عن علي، قال: «عممني رسول اللّه(ص) يوم غدير خم بعمامة، فسدلها خلفي‏». وفي لفظ: «فسدل طرفها على منكبي‏». ثم قال:«ان اللّه امدني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمون هذه العمة‏». وقال: «ان العمامة حاجزة بين الكفر والايمان‏». ورواه من طريق السيوط‏ي عن الاعلام الاربعة السيد احمد القشاشي ((1-1925)) في السمط المجيد ((1-1926)).

وفي كنز العمال ((1-1927)) (8/60) عن مسند عبداللّه بن الشخير، عن عبدالرحمن بن عدي البحراني، عن اخيه‏عبدالاعلى بن عدي: ان رسول اللّه(ص) دعا علي بن ابي طالب، فعممه وارخى عذبة العمامة‏من‏خلفه. الديلمي. ((1-1928)) وعن الحافظ الديلمي ((1-1929)) عن ابن عباس قال: لما عمم رسول اللّه(ص) عليا بالسحاب ((1-1930)) ، قال له: «يا علي‏العمائم تيجان العرب‏».

وعن ابن شاذان في مشيخته عن علي: ان النبي(ص) عممه بيده، فذنب العمامة من ورائه ومن بين يديه، ثم قال له‏النبي(ص): «ادبر»، فادبر، ثم قال له: «اقبل‏»، فاقبل، واقبل على اصحابه، فقال النبي(ص): «هكذا تكون تيجان‏ الملائكة‏».

واخرج الحافظ ابو نعيم في معرفة الصحابة ((1-1931)) ، ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة ((1-1932)) (2/217) عن‏عبدالاعلى بن عدي النهرواني: ان رسول اللّه(ص) دعا عليا يوم غدير خم، فعممه وارخى عذبة العمامة من خلفه. وذكره العلا مة الزرقاني في شرح المواهب (5/10).

واخرج شيخ الاسلام الحموئي في الباب الثاني عشر من فرائد السمطين ((1-1933)) من طريق احمد بن منيع باسناد فيه‏عدة من الحفاظ الاثبات، عن ابي راشد، عن علي قال: «قال رسول اللّه(ص): ان اللّه عز وجل ايدني يوم بدر وحنين‏بملائكة معتمين هذه العمة، والعمة الحاجز بين المسلمين والمشركين‏». قاله لعلي لما عممه يوم غدير خم‏بعمامة سدل‏طرفها على منكبه.

واخرج باسناداخر من طريق‏الحافظ ابي سعيد الشاشي المترجم (ص‏103): ان رسول اللّه(ص)عمم علي بن ((1-1934)) ابي‏طالب (رضى ا… عنه) عمامته السحاب، فارخاها من بين يديه ومن خلفه ثم قال: «اقبل‏». فاقبل، ثم قال: «ادبر»،فادبر، قال: «هكذا جاءتني الملائكة‏». وبهذا اللفظ رواه جمال الدين الزرندي الحنفي في نظم درر السمطين ((1-1935)) ، وجمال الدين الشيرازي في اربعينه،وشهاب الدين احمد في توضيح الدلائل، وزادوا: ثم قال(ص): «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعادمن عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله‏».

واخرج الحموئي باسناد اخر من طريق الحافظ ابي عبدالرحمن بن عائشة ((1-1936)) عن علي قال: «عممني رسول‏اللّه(ص) يوم غدير خم بعمامة، فسدل نمرقها على منكبي، وقال: ان اللّه ايدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمين بهذه‏ العمامة‏». وبهذا اللفظ رواه ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة (ص‏27)، والحافظ الزرندي في نظم درر ((1-1937)) السمطين،والسيد محمود القادري المدني في الصراط السوي.

فائدة : قال ابو الحسين الملط‏ي ((1-1938)) في التنبيه والرد (ص‏26): ((1-1939)) قولهم يعني الروافض : علي في السحاب، فانما ذلك قول النبي(ص) لعلي: اقبل، وهو معتم بعمامة للنبي(ص) كانت‏تدعى السحاب، فقال(ص): «قد اقبل علي في السحاب‏»، يعني في تلك العمامة التي تسمى السحاب، فتاولوه هؤلاءعلى غير تاويله.

وقال الغزالي ((1-1940)) كما في البحر الزخار (1/215): كانت له عمامة تسمى السحاب، فوهبها من علي، فربما طلع علي‏فيها، فيقول(ص): «اتاكم علي في السحاب‏». وقال الحلبي في السيرة ((1-1941)) (3/369): كان له(ص) عمامة تسمى السحاب كساها علي بن ابي طالب كرم اللّهوجهه فكان ربما طلع عليه علي كرم اللّه وجهه فيقول(ص): «اتاكم علي في السحاب‏»، يعني عمامته التي وهبها له(ص).

قال الاميني: هذا معنى ما يعزى الى الشيعة من قولهم: ان عليا في السحاب،ولم يؤوله اي احد منهم قط من اول يومهم‏على غير تاويله، كما حسبه الملط‏ي، وانما 2 اوله الناس افتراء علينا، واللّه من ورائهم حسيب.

فيوم‏ التتويج هذا اسعد يوم في‏الاسلام، واعظم عيد لموالي اميرالمؤمنين(ع) كما انه مثار حنق واحقاد لمن ناواه من‏النواصب.

( وجوه يومئذ مسفرة # ضاحكة مستبشرة # ووجوه يومئذ عليها غبرة # ترهقها قترة ) ((1-1942))