قال الاميني : الا تعجب من الحاكم يذكر مثل هذه الاضحوكة
ويعدها مما استدرك به على الصحيحين ويمربمافيها من اللغو
كريما؟ ولعل الذهبي عرف بطلانها، غير انه لما وجدها في
منقبة عثمان سكت عنها نهائياولم‏يلخصها ولم ينبس فيها
ببنت‏شفة، ويدخر ما في علبة علمه او في كنانة جهله الى
تزييف حديث «انا مدينة‏العلم وعلي بابها» وامثاله من الصحيح
الوارد في فضائل مولانا امير المؤمنين فيجابهها بكل جلبة
ولغط، ولاتقصر عن اشواطهما خط‏ى ابن كثير في تاريخه
فيستند اليها مستدلا على ما يرومه من دحض الحق‏وترصيف
الباطل، ونحن اسلفنا في الجزء الخامس (ص‏266) في سلسلة
الكذابين والوضاعين نزرا من اقوال‏الحفاظ في جرح محمد بن
يونس الكديمي وانه كان يضع الحديث على النبي(ص) وقد
وضع اكثر من الف‏حديث، وهاهنا نبسط القول فيها:
قال الاجري: سمعت ابا داود بن الاشعث يتكلم في محمد بن
سنان وفي محمد ابن يونس يطلق فيهما الكذب.وقال ابن
التمار: ما اظهر ابوداود السجستاني تكذيب احد الا في رجلين:
الكديمي وغلام خليل. وقال‏ابوسهل القطان: كان موسى بن
هارون ينهى الناس عن السماع من الكديمي ويقول: قد تقرب
الي‏بان ي‏كتبت عن ابيك في مجلس محمد بن القاسم
الاسدي وما حدث ابي قط عن محمد بن القاسم الاسدي.
وعن‏موسى بن هارون انه كان يقول وهو متعلق باستار الكعبة
: اللهم اني اشهدك ان الكديمي كذاب يضع‏الحديث. وقال
الشاذكوني: الكديمي واخو الكديمي وابن‏الكديمي بيت الكذب.
وقال ابوبكر الهاشمي: كنايوما عند القاسم المطرز وكان يقرا
علينا مسند ابي هريرة فمر في كتابه حديث عن الكديمي
فامتنع عن‏قراءته، فقام اليه محمد بن عبدالجبار وكان قد
اكثر عن الكديمي فقال: ايها الشيخ احب ان تقراه فابى‏وقال:
انا احاسبه ((1120)) بين يدي اللّه يوم القيامة واقول: ان هذا
كان يكذب على‏رسول اللّه (ص) وعلى‏العلماء. وقال الدارقطني
((1121)): الكديمي يتهم بوضع الحديث وقال: ما احسن القول
فيه الا من لم يخبر حاله.وقال ابن حبان ((1122)): كان يضع
الحديث لعله قد وضع على الثقات اكثر من الف حديث. وقال
ابن عدي((1123)): قد اتهم بالوضع وادعى الرواية عمن لم
يرهم، ترك عامة مشايخنا الرواية عنه، ومن حدث عنه نسبه‏الى
جده لئلا يعرف ((1124)) وقال ابن عدي ((1125)) ايضا: روى
الكديمي عن ازهر، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن‏عمر حديثا
باطلا، وكان مع وضعه الحديث وادعائه ما لم يسمع علق
لنفسه شيوخا ((1126)). وكان ابن‏صاعد وعبداللّه بن محمد لا
يمتنعان من الرواية عن كل ضعيف كتبا عنه الا عن الكديمي
فانهما كانا لايرويان عنه لكثرة مناكيره، ولو ذكرت كل ما انكر
عليه وادعاءه ووضعه لطال ذلك. وقال الحاكم ابو
احمد:الكديمي ذاهب الحديث تركه ابن صاعد وابن عقدة
وسمع منه خزيمة ولم يحدث عنه، وقد حفظ فيه سوءالقول
عن غير واحد من ائمة الحديث ((1127)).
وذكر السيوط‏ي في اللالئ المصنوعة ((1128)) عدة احاديث
في شتى الابحاث من طريق الكديمي، فحكى فيها عن‏الحفاظ
الحكم بوضعها وقولهم: ان آفتها الكديمي وانه كذاب وضاع.
وكانه نسي كل ما ذكره هنالك فاوردهذه الاكذوبة في تاريخ
الخلفاء ((1129)) (ص‏110) محذوفة الاسناد وقال: اخرجه
الحاكم وصححه. الم تكن تلك‏الاقوال الجارحة في الكديمي
نصب عينه عند عد فضائل عثمان؟ ام ان فضائل الرجل لها
حساب آخريسوغ الغلو فيها كل كذب واختلاق؟ على ان الحاكم
سكت عن هذه الاكذوبة ولم يصححها، فنسبة‏التصحيح اليه
لمحض اخراجه اياها في مستدرك الصحيحين والا فلا صراحة
فيه بالتصحيح.
وبعد هذه كلها فان المعلوم من نظرية مولانا امير المؤمنين في
عثمان كراء بقية الصحابة فيه يفند نسبة هذه‏الاقاويل المختلقة
اليه، اليس من المضحك ما ينسب اليه صلوات اللّه عليه من
قول: ولقد طاش عقلي يوم‏قتل عثمان. الخ؟ ليته (ع) بدل هذه
الكلمة كان يخطو خطوة في التحفظ على حرمة الرجل
وكرامته، ويامرولده وذويه بتجهيزه وتكفينه والصلاة عليه
ودفنه في مقابر المسلمين، وليته كان يقيم له ماتما ويؤبنه
ويذكره‏بالخير بعدما تسنم منصة الخلافة، او كان يحضر عند
تربته ويقوم على قبره ويقرا له الفاتحة وياتي بسنة اللّهالتي
جاءت في زيارة قبور المسلمين، واي مسلم لم تكن له معاظم
واجبة المراعاة ((1130))؟
وليته كان يسكت عنه يوم قام به وقعد ((1131)) وقال على
رؤوس الاشهاد: «قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين‏نثيله
ومعتلفه، وقام معه بنو ابيه يخضمون مال اللّه خضمة الابل نبتة
الربيع، الى ان انتكث فتله، واجهز عليه‏عمله، وكبت به بطنته‏».
وقال في اليوم الثاني من بيعته في خطبة له: «الا ان كل قطيعة
اقطعها عثمان، وكل مال اعطاه من مال اللّه فهومردود في بيت
المال، فان الحق القديم لا يبطله شي‏ء ولو وجدته قد تزوج به
النساء، وفرق في البلدان،لرددته الى حاله‏». الخ.
وليته كان لم يجابهه بقوله: «ما رضيت من مروان ولا رضي
منك الا بتحرفك عن دينك وعقلك، وان مثلك‏مثل جمل
الظعينة سار حيث يسار به‏».
وليته كان لم يكتب الى المصريين بقوله: «الى القوم الذين
غضبوا للّه حين عصي في ارضه وذهب بحقه،فضرب الجور
سرادقه على البر والفاجر، والمقيم والظاعن، فلا معروف
يستراح اليه، ولا منكر يتناهى‏عنه‏».
وليته كان لم يقل: «ما احببت قتله ولا كرهته، ولا امرت به ولا
نهيت عنه‏». او كان لم يقل: «ما امرت ولانهيت، ولا سرني ولا
ساءني‏».
وليته كان لم يخطب بقوله: «من نصره لا يستطيع ان يقول:
خذله من انا خير منه، ومن خذله لا يستطيع ان‏يقول: نصره
من هو خير مني‏».
وليته كان لم ينفر اصحابه الى قتال طالبي دم عثمان بقوله
على صهوة المنبر: «ياابناء المهاجرين انفروا الى من‏يقاتل على
دم حمال الخطايا».
وليته لما قال له حبيب وشرحبيل: اتشهد ان عثمان قتل
مظلوما؟ كان لم يجب بقوله: «لا اقول بذلك‏» ((1132)).
وليته وليته...
والعجب كل العجب من قول علي صلوات اللّه عليه: فلما قالوا:
امير المؤمنين صدع قلبي. لماذا صدع قلبه‏صلوات اللّه عليه
ولم تكن لهذه التسمية جدة؟ وانما سماه رسول اللّه (ص)
بذلك وحكاه عن اللّه تعالى‏وعن جبرئيل (ع) وما صدع قلبه يوم
ذاك، فعلي من اول يومه هو امير المؤمنين بنص من الصادع
الامين،وما انزل اللّه آية فيها ( يا ايها الذين آمنوا) الا وعلي راسها
واميرها ((1133)).
19 اخرج ابن سعد في الطبقات ((1134)) (3/47) طبع
ليدن، عن محمد بن عمر،عن عمرو بن عبداللّه بن عنبسة‏بن
عمرو بن عثمان، عن محمد بن عبداللّه بن عمرو بن عثمان،
عن ابن لبيبة، قال: ان عثمان بن عفان لما حصراشرف عليهم
من كوة في الطمار فقال: افيكم طلحة؟ قالوا: نعم. قال:
انشدك اللّه هل تعلم انه لما آخى‏رسول‏اللّه (ص) بين
المهاجرين والانصار آخى بينه وبين نفسه؟ فقال طلحة: اللهم
نعم. فقيل لطلحة في‏ذلك، فقال: نشدني، وامر رايته الا اشهد
به؟
رجال الاسناد :
1 محمد بن عمر، هو الواقدي. راجع ترجمته في ميزان
الاعتدال ((1135)) (3/110).
2 عمرو بن عبداللّه الاموي حفيد عثمان، لم اجد له ذكرا في
المعاجم، ولعل فيه تدليسا.
3 محمد بن عبداللّه الاموي حفيد عثمان، قال البخاري
((1136)): عنده عجائب، وقال ابن الجارود: لا يكاد يتابع‏على
حديثه. وقال النسائي مرة: ثقة، واخرى: ليس بالقوي. راجع
تهذيب التهذيب ((1137)) (9/268).
4 ابن لبيبة، ويقال: ابن ابي لبيبة محمد بن عبدالرحمن، قال
ابن معين ((1138)):ليس حديثه بشي‏ء. وقال‏الدارقطني:
ضعيف. وقال آخر: ليس بالقوي ((1139)). على ان‏ابن لبيبة لم
يشهد حصر عثمان ولم يرو عن صحابي،فحديثه عن عثمان
وعلي وسعد مرسل، يروي عن سعيد بن المسيب وعبداللّه بن
عمرو بن عثمان وطبقتهما،فالرواية مرسلة، وابن سعد جد
عليم بان مثل هذه المفتعلة لا يخفى بطلانها على اي احد سواء
ارسلها اواسندها.
وهلا يعلم مفتعل هذه الاضحوكة ان ائمة الحديث وحفاظه
ورجال التاريخ‏اصفقت على ان رسول اللّه(ص) لم يتخذ لنفسه
اخا يوم المؤاخاة بين المهاجرين والانصار الا ابن عمه علي بن
ابي طالب؟ وهذاالذي يقتضيه الاعتبار بعد ما نص الكتاب
العزيز على ان عليا سلام اللّه عليه نفس النبي الاقدس، وانهما
من‏اهل بيت اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وان
ولاية علي مقرونة بولاية اللّه ورسوله ((1140)).
وبعد ما ثبت انه سلام اللّه عليه صنو النبي الاعظم في الفضائل،
وشاكلته في النفسيات، ورديفه في الملكات‏الفاضلة، ونظيره
من امته كما جاء عنه (ص) ((1141))، وهو منه (ص) بمنزلة
راسه من بدنه نصا منه (ص)((1142))، وهو منه (ص) بمنزلته
من ربه كما ورد عن ابي بكر مرفوعا ((1143))، وهما من شجرة
واحدة وسائرالناس من شجر شتى كما روي عنه (ص)
((1144))، وهو الذي ثبت فيه قوله (ص): «انت مني وانا منك‏»
((1145))،وهوالذي انزله (ص) من نفسه بمنزلة هارون من
موسى ولم يستثن له مما اختصه اللّه به الا النبوة ((1146)).
لقد ادينا البحث عن حديث المؤاخاة حقه في الجزء الثالث
(ص‏112 125)وذكرنا هنالك خمسين حديثامماوقفنا عليه
من احاديث الاخاء الثابت بين النبي الاعظم واخيه امير
المؤمنين، وقد صح عنه (ص) قوله:«انت اخي في الدنيا
والاخرة‏» من طريق عمر وانس وابن ابي اوفى وابن عباس
ومحدوج بن زيد الذهلي‏وجابر بن عبداللّه وعامر بن ربيعة وابي
ذر وغيرهم.
انما فدحت هذه الماثرة اهل الاهواء كبقية مثر الامام صلوات اللّه
عليه فوضعوا تجاهها اكذوبة[تارة] ((1147))في ابي بكر وانه هو
اخو رسول(ص) ((1148))، واخرى في عثمان وان رسول اللّه
(ص) آخى بينه وبين نفسه،وثالثة في علي (ع) ان النبي(ص)
آخى بينه وبين عثمان ((1149)). ورواة السوء يعلمون ان
رسول اللّه (ص)آخى بين ابي بكر وبين عمر في المؤاخاة الاولى
بمكة ((1150))، وبينه وبين خارجة ابن زيد الانصاري في
المؤاخاة‏بين المهاجرين والانصار بالمدينة ((1151))، وآخى
بين عثمان وبين عبدالرحمن بن عوف في المؤاخاة بمكة
((1152))،وبينه وبين اوس بن ثابت يوم‏المؤاخاة بالمدينة
. ((1153))
فعثمان قط لا ينشد بالمكذوب، وطلحة لا يدعي رؤية ما لم
يره، ولا يشهد بخلاف ما شاهده وعاينه، ان كانامن عدول
الصحابة صدقا، ومن المبشرين بالجنة حقا، وانت تعرف حكم
هذه الدعاوي من الصحيح‏الثابت عن مولانا امير المؤمنين(ع)
انه كان يقول: «انا عبداللّه واخو رسوله لا يقولها احد
غيري‏الاكذاب‏». قال ابن كثير في تاريخه ((1154)) (7/335):
وقد جاء من غير وجه. وقال ابن حجر: رويناه من‏وجوه
((1155)). وكان قول امير المؤمنين هذا اخذا بما قال
له‏رسول‏اللّه(ص) من قوله: «انت اخي وانا اخوك‏فان ناكرك احد
وفي لفظ: فان حاجك احد فقل: انا عبداللّه واخو رسول اللّه
لا يدعيها بعدك الاكذاب‏»((1156)).
واول من فتح باب التجري بمصراعيه على هذه الفضيلة الرابية
هو عمر بن الخطاب يوم قادوا صاحب‏الفضيلة الى البيعة كما
يقاد الجمل المخشوش، وقال: «ان انا لم افعل فمه؟» قالوا: اذن
واللّه الذي لا اله الا هونضرب عنقك. قال: «اذن تقتلون عبداللّه
واخا رسوله‏». قال: عمر: اما عبداللّه فنعم واما اخو رسوله
فلا((1157)).
انا لست اخدش العواطف بالاعراب عن حكم انكار عمر الاخوة
الثابتة بتلكم النصوص الصريحة الاكيدة‏وقد سمعها هو من
الصادع الكريم في ذلك اليوم المشهود، غير اني جد عليم بان
حجاج مولانا امير المؤمنين‏كان اخذا بما مر قبيل‏هذا عن
رسول اللّه (ص) من قوله: «فان ناكرك احد فقل: انا عبداللّه
واخو رسول‏اللّه». وهل قرع هذا سمع عمر ايضا وجابهه مع ذلك
بالشدة في النكير عليه؟ انا لا ادري (فان‏جاؤوك‏ف احكم‏بينهم
او اعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وان حكمت
فاحكم بينهم بالقسط ان اللّهيحب‏المقسطين) ((1158)).
20 اخرج ابن عدي ((1159))، من طريق مصعب بن سعيد
المصيصي، عن عيسى ابن يونس، عن وائل بن داود،عن البهي،
عن الزبير (رضى‏ا...عنه) مرفوعا: لا يقتل قرشي بعد اليوم صبرا
الا قاتل عثمان فان لم يفعلوافابشروا بذبح مثل ذبح الشاة.
قال الاميني : ذكره الذهبي في الميزان ((1160)) (3/172) مع
حديثين من طريق مصعب ابن سعيد، فقال: ما هذه‏الامناكير
وبلايا.
وقال ابن عدي: يحدث مصعب عن الثقات بالمناكير ويصحف
((1161)) نزل المصيصة ((1162)) وله غير ما وهو حراني
ذكروالضعف على رواياته بين. وقال ابن حبان ((1163)):
كان‏مدلسا. وقال صالح بن جزرة: شيخ ضرير لا يدري مايقول
. ((1164))
وفي الاسناد عيسى بن يونس، قال الدارقطني: مجهول.
والبهي هو عبداللّه ابو محمد مولى مصعب بن الزبيرولا يصح
روايته عن الزبير بل يروي عن عبداللّه بن‏الزبير، وقال ابو حاتم
في العلل: لا يحتج بالبهي وهومضطرب الحديث.
21 اخرج ابو نعيم في حلية الاولياء (1/57)، من طريق حامد
بن آدم المروزي، عن عبداللّه بن المبارك،عن سفيان، عن
عثمان بن غياث البصري، عن ابي عثمان النهدي، عن ابي
موسى الاشعري، قال: كنت مع‏رسول اللّه (ص) في حائط من
تلك الحوائط، اذ جاء رجل فاستفتح الباب، فقال: افتح له وبشره
بالجنة‏على بلوى تصيبه. فاذا هو عثمان، فاخبرته، فقال: اللّه
المستعان.
قال الاميني : هلا يعرف ابو نعيم مفتعل هذه الاكذوبة حامد بن
آدم؟ او يعرفه بعجره وبجره، غير ان الغلوفي الفضائل يسوغ له
ولقومه رواية كل كذب مختلق في فضائل المستخلفين
بالانتخاب الدستوري الذي لم‏تره عين الدنيا صحيحا قط.
انى يخفى‏على مثل‏ابي نعيم ان‏حامد بن‏آدم كذبه‏الجوزجاني
وابن‏عدي ((1165))، وعده احمد بن علي السليماني
فيمن‏اشتهر بوضع الحديث. وقال ابو داود السبخي: قلت لابن
معين: عندنا شيخ يقال له: حامد بن آدم. الخ.فقال: هذا كذاب
لعنه اللّه ((1166)).
على ان عثمان لو كان مبشرا بالجنة ومصدقا بوعد النبي
الاقدس لما كان في نفسه خيفة من ان يكون هوذلك الملحد
بمكة الذي اخبر (ص) بان عليه عذاب نصف اهل الارض كما مر
في صحيحة احمد. واعجب‏من هذا مهزاة‏جاء بها الخطيب الا
وهي:
22 اخرج الخطيب البغدادي في تاريخه (8/157)، من طريق
الحسين بن‏حميد بن موسى العكي، قال:حدثنا حماد بن
المبارك البغدادي[قال: حدثنا عبداللّه ابن ميمون البغدادي]
((1167)) قال: حدثنا اسماعيل بن‏امية، عن ابن جريج، عن
عطاء، عن جابر، قال: ما صعد النبي (ص) المنبر قط الا قال:
عثمان في الجنة.قال: قال الدارقطني: كذا قال حماد بن
المبارك، عن عبداللّه بن ميمون، عن اسماعيل بن امية،عن ابن
جريج،وهذا الحديث انما يعرف من رواية اسماعيل بن يحيى بن
عبيداللّه التيمي عن ابن جريج واللّه اعلم. وقال‏الذهبي في
الميزان 1/281: خبر غير صحيح ((1168)).
راجع لسان الميزان ((1169)) (2/353).
قال الاميني : الا تعجب من الخطيب يذكر مثل هذه السفسطة
بهذا الاسناد الوعر ولم ينبس ببنت شفة؟ ولم‏يعرب عن حال
رجاله عادته في فضائل كل من اعماه حبه واصمه، وانت تجد
نقضه وابرامه، وجرحه‏وتعديله، وتصويبه وتصعيده في مناقب
آل اللّه صلوات اللّه عليهم.
ايخفى على مثل الخطيب قول مسلمة بن قاسم في الحسين
العكي: انه مجهول؟ ام لا يهمه وجود حماد بن‏المبارك في
الاسناد وهو المجهول الذي لا يعرف ((1170))؟ ام عزب عنه
قول البخاري ((1171)) في عبد اللّه بن ميمون: انه‏ذاهب
الحديث، وقول ابي زرعة: انه واهي الحديث، وقول ابي حاتم
((1172)) والترمذي: انه منكر الحديث،وقول‏ابن عدي
((1173)): ان عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقول النسائي
((1174)): انه ضعيف، وقول ابي حاتم ((1175)) ايضا:يروي
عن الاثبات الملزقات ، لا يجوز الاحتجاج به اذا انفرد، وقول
الحاكم: انه يروي احاديث موضوعة،وقول ابي نعيم: انه روى
المناكير ((1176))؟
ام لا يروق الخطيب الجرح في اسماعيل بن امية العبشمي
الاموي وهو ابن عم عثمان، وقد جاء بالرواية‏مختلقة في ابن
عمه الخليفة؟ ام لا ينبهه ما حكاه عن الدارقطني ((1177))
من ان اسماعيل لا يروي عن ابن‏جريج، وانما الراوي اسماعيل
بن يحيى التيمي؟
ام اراد حفظ سمعة الصديق ابي بكر في حفيده اسماعيل بن
يحيى التيمي ((1178)) والستر على قول صالح بن جزرة‏فيه:
انه كان يضع الحديث، وقول الازدي: انه ركن من اركان الكذب
لا تحل الرواية عنه. وقول ابي‏علي‏النيسابوري والدارقطني
والحاكم: ان ه كذاب. وقول الحاكم: روى احاديث موضوعة.
وقول الدارقطني:انه كان يكذب على مالك والثوري وغيرهما.
وقول ابن حبان ((1179)): انه كان يروي الموضوعات عن
الثقات لاتحل الرواية عنه بحال ((1180))؟
نعم، هذه كلها بين يدي الخطيب، غير ان الغلو في الفضائل
ابكمه فبكم ((1181)). وذكر الذهبي هذه الرواية في‏ميزان
الاعتدال ((1182)) في ترجمة حماد بن المبارك، وقال: خبر
غير صحيح.
ولو كان لهذا الخيال مقيل من الصحة لاستدعى ان يكون ما
اختلق فيه من كون عثمان في الجنة اهم ماصدع به رسول اللّه
(ص) من المعارف والاحكام والحكم، فانا لم نجد ولا وجد واجد
شيئا منها يهتم(ص) له هذا الاهتمام ويصدع به على كل منبر
صعده، نعم كان يكرر بعض ما يصدع به في عدة مقامات‏للكشف
عن اهميته غير انها مما تعده الانامل، حتى ان الصلاة التي هي
عماد الدين لم يكررها هذا التكرارالممل.
وليت شعري هل كون عثمان في الجنة من اصول الدين واسس
الاسلام التي‏لا تتم الشريعة الا بها، فطفق(ص) يبالغ في تبليغه
هذه المبالغة في كل حين؟ فهل هو حكم شرعي؟ او حكمة
بالغة؟ او ملكة فاضلة؟او ناموس الهي يستحق هذا التاكيد
والاصرار؟
ثم لو كان عثمان من المؤمنين لكفاه تبشير الايات الكريمة
الكثيرة والاحاديث الشريفة الجمة لهم بالجنة، فماالحاجة الى
هذا التهالك في تخصيصه بالذكر تهالكا لم يشاهد له نظير في
شي‏ء مما بلغه (ص) عن ربه؟
على انه لو كان (ص) مرتكبا ذلك لوجب ان يسمعه منه جميع
الصحابة حتى من حظ‏ي بالاصاخة الى قيله‏ولو مرة واحدة
طيلة حياته، ووجب ان يتواتر الحديث منه (ص) فلا يختص
بعزوه المختلق جابر، ولم يك‏يسنده عنه اناس دجالون، وان
من اهم تلكم المنابر منبر يوم الغدير وقد حضره مائة الف او
يزيدون، فهل‏سمع احد من احدهم من الاعالي والساقة يحدث
انه (ص) هتف عليه بان عثمان في الجنة؟ وهذه خطب‏النبي
الاعظم هل تجد في شي‏ء منها عما تقولوه حسيسا او تسمع منه
ركزا؟ وهل هؤلاء الصحابة البالغون‏مئات الالوف الذين سمعوا
هذا المقال ووعوه تركوه وراء ظهورهم يوم الدار، يوم قالوا له:
واللّه احل اللّهدمك ((1183))، يوم كتبوا اليه يدعونه‏الى التوبة
وحاجوه واقسموا باللّه جهد ايمانهم لا يمسكون عنه ابدا
حتى‏يقتلوه ((1184))، يوم سلم عليهم فما سمع احدا من
الناس يرد عليه، وكان فيهم من عمد الصحابة من فيهم
((1185))،يوم رفعت امهم عقيرتها وهي تقول: اقتلوا نعثلا قتله
اللّه فقد كفر، الى ايام قصصنا عليك حوادثها؟ او انهم‏كلهم
نسوه فنالوا من الرجل ما نالوا؟
وهل حصل لهم مذكر من عند انفسهم فلم يوافقوه على
السماع؟ او لم يعيروا له اذنا مصغية؟ هذا وهم‏عدول، وان ممن
سمع بطبع الحال هاتيك الكلمة نفس عثمان، فلماذا كان
يخاف من القفول الى مكة حذار ان‏يكون هو الذي سمع فيه عن
رسول اللّه(ص) ما مر من انه يلحد بمكة رجل عليه عذاب نصف
اهل‏الارض؟
23 ذكر ابن كثير في تاريخه ((1186)) عند عد مناقب
عثمان، عن اسماعيل بن عبدالملك، عن عبداللّه بن ابي
مليكة،عن عائشة، قالت: ما رايت رسول اللّه (ص) رافعا يديه
حتى يبدو ضبعيه ((1187)) الا لعثمان بن عفان اذا دعاله.
قال الاميني : حذف ابن كثير وغيره ممن ذكر هذه المهزاة
اسنادها وارسلوهاارسال المسلم ذاهلين عن ان في‏ذكر
اسماعيل بن عبدالملك كفاية من عرفان بقية رجاله. قال ابن
عمار وابو داود: ضعيف. وقال ((1188)) ابن‏الجارود وابن معين
والنسائي وابو حاتم: ليس بالقوي. وقال عبدالرحمن بن مهدي:
اضرب على حديثه.وقال الفلاس وابو موسى: كان عبدالرحمن
ويحيى لا يحدثان عنه. وقال ابن حبان ((1189)): كان يقلب ما
يروي((1190)).
وانا لا ادري ان عائشة متى روت هذه الرواية، قبل تكفيرها
الرجل وتاليب الناس عليه، ثم نسيتها؟وسرعان ما تنسى ام
المؤمنين ما حفظته كما نسيت اقوال رسول اللّه (ص) لها في
مناواة امير المؤمنين (ع)وعن كلاب الحواب ونباحها، ام انها
روتها حين كانت تثير العواطف على عثمان وترهج عليه نقع
الحروب‏حتى اوردته‏موارد الهلكة؟ فاعجب اذن بالمناقضة بين
روايتها وعملها دواليك وهي صحابية عادلة ام‏الصحابة العدول
كما يزعمون.
ام انها اسندتها بعد تلكم المعامع؟ بعد ان سول لها الناكثان
النهضة للطلب بثاراته فخرجا يجران حرمة‏رسول اللّه (ص) كما
تجر الامة عند شرائها متوجهين بها الى البصرة، فحبسا نساءهما
في بيوتهما، وابرزاحبيس رسول اللّه (ص) عن خدرها ((1191))
فثارت لتتدارك ذلك الحوب بما هو اكبر منه، فخالفت
القرآن‏الكريم فيما خص زوجات النبي (ص) بقوله: (وقرن في
بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى) ((1192)) فكان‏من
استقرارها في بيتها ان ركبت الجمل وقادت العساكر،
وباشرت‏الحرب بنفسها، وعاشرت الرجال‏الاجانب، ونبذت
الكتاب وراء ظهرها، ولم ترع لبعلها حرمة ولا كرامة.
وخالفت رسول اللّه (ص) في نواهيه المتعاقبة عن خصوص
موقف الجمل كما مرت في‏الجزء الثالث(ص‏188 191)، وعن
مطلق مناواة امير المؤمنين (ع) ومحاربته فيما روي عنه (ص)
مستفيضا كما اسلفنانزرا منه في (1/336، 337 و 2/300 303
و 3/26، 182 188 و 4/322 325).
نعم، خالفت رسول اللّه (ص) في وصاياه المؤكدة لوصيه
الطاهر، حتى جاء في حديث معمر: عائشة كانت‏لا تطيب نفسا
لعلي بخير. وفي حديث آخر: لكنها لا تقدر على ان تذكره بخير
. ((1193))
والحديث صحيح رجاله كلهم ثقات، اخرجه احمد في مسنده
((1194)) (6/228)، من طريق معمر، عن الزهري،عن عبيداللّه
بن عبداللّه بن عتبة، ان عائشة اخبرته، قالت: اول ما اشتكى
رسول اللّه (ص) في بيت‏ميمونة، فاستاذن ازواجه ان يمرض‏في
بيتها، فاذن له، قالت: فخرج ويد له على الفضل بن عباس، ويد
على‏رجل آخر، وهو يخط برجليه في الارض. قال عبيداللّه:
فحدثت به ابن عباس فقال: اتدرون من الرجل‏الاخر الذي لم
تسم عائشة؟ هو علي، ولكن عائشة لا تطيب له نفسا.
واخرجه البخاري ((1195)) في صحيحه في باب حد المريض
ان يشهد الجماعة، غيرانه حذف منه قول ابن عباس:ولكن
عائشة لا تطيب له نفسا. وهذا شان البخاري في كل ما لا يروقه.
نعم، عائشة لا تقدر ان تسمي عليا وتذكره بخير، غير انها كانت
تصيخ الى من نال من علي (ع) وتانس‏بالوقيعة فيه ولا تنهى
عنها، كما في صحيحة رجالها كلهم ثقات اخرجها احمد في
مسنده ((1196)) (6/113) من‏طريق عطاء بن يسار، قال: جاء
رجل فوقع في علي وفي عمار رضي اللّه تعالى عنهما عند
عائشة، فقالت: اماعلي فلست قائلة لك فيه شيئا، واما عمار
فاني سمعت رسول اللّه (ص) يقول: «لا يخير بين امرين
الااختارارشدهما».
لم يا اماه لست قائلة شيئا في علي؟ اما سمعت اذناك من بعلك
حديثا واحدا في فضله مثل ما سمعت في عمار؟اما تجدين في
كتاب اللّه مما نزل في علي ما يعادل حديثك في عمار؟ وفضل
علي (ع) على عمار كما قال‏حذيفة اليماني: فواللّه لعلي افضل
من عمار ابعد ما بين التراب والسحاب، وان عمارا من الاخيار
. ((1197))
لم يا اماه لا تكرهين ان يقذع عندك علي (ع)، وانت التي كنت
كارهة ان يسب عندك حسان بن ثابت؟وقد اخبر بذلك عروة
قال: كانت عائشة تكره ان يسب عندها حسان وتقول: انه الذي
قال:
فان ابي ووالده وعرضي
لعرض محمد منكم وقاء ((1198))
اما كانت عندك لمواقف علي المشكورة في مغازي رسول اللّه
(ص) ولمبيته على فراشه ليلة هجرته من مكة‏وقد باهى اللّه به
ملائكته، قيمة وكرامة مقدار بيت شعر لحسان؟ وحسان انت
ادرى به مني. اي يا اماه؟شنشنة اعرفها من اخزم!
ومن رشحات ما كانت تحمله ام المؤمنين بين جنبيها من
الضغينة على اول‏المسلمين واولاهم بهم من‏انفسهم قولها يوم
سمعت بيعة الناس له: لوددت ان السماء انطبقت على الارض
ان تم هذا.
وخالفت العقيدة الراسخة من حرمة قتال خليفة الوقت، وليتني
علمت ماذا يكون جواب ام المؤمنين لواحفيت السؤال عن
خطيئتها؟ ايهما اعظم: اجهازها على عثمان؟ ام محاربتها
الامام امير المؤمنين عليا(ع)؟غير انها اليوم وقد كشف عنها
الغطاء تجيب بان الخطيئة كانت واحدة مرتكزة على سنام
الجمل وتحت‏استار الهودج، وهل كانت روايتها هذه لتبرير
عملها الاخير وقد جعلتها معذرة لها في ثورتها؟ او انهااختلقت
عليها فاخرجتها رواة السفاسف او حملة الاضغان على البيت
النبوي الطاهر، او سماسرة البيت‏الاموي الذين حاولوا نشر
الفضيلة لهم ولو بالافائك؟
وكانت ام المؤمنين عالمة جدا بان قتل عثمان كان هينا
عنداللّه ورسوله في جنب خروجها من عقر دارها، كماقال لها
جارية بن قدامة السعدي الصحابي: يا ام المؤمنين واللّه لقتل
عثمان بن عفان اهون من خروجك من‏بيتك على هذا الجمل
الملعون عرضة للسلاح، انه قد كان لك من اللّه ستر وحرمة،
فهتكت سترك، وابحت‏حرمتك، انه من راى قتالك فانه يرى
قتلك، ان كنت اتيتنا طائعة فارجعي الى منزلك، وان كنت
اتيتنامستكرهة فاستعيني بالناس ((1199)).
ثم هل كان رسول اللّه (ص) يدعو لعثمان بالثبات على الحق
من اتباع الكتاب والسنة؟ فلماذا لم يستجب‏ذلك الدعاء
فخالفهما؟ وظهر ذلك منه حتى عرفته عامة الصحابة فانكروه
عليه حتى قتلوه.
او انه كان يدعو له بالتوفيق للتوبة؟ فلماذا لم يوفق؟ فكلما تاب
رجع، وكلما عهد حنث، حتى عرف ذلك‏الثائرون عليه فلم
يجدوا بدا من اعدامه.
او انه كان يدعو له بالمغفرة وان لم تكن توبته نصوحا؟ فذلك
اغراء بالجهل، وترخيص في المعصية، وهومحال على النبي
(ص).
او انه كان يدعو له بدفع عادية الناس عنه على ما هو عليه من
طاعة او معصية؟ فهبني قلت: انه جائز لكن‏الدعاء لم يستجب،
وما غناء بقاء رجل هو هكذا سالما؟ وهو لا يقتص اثره في صلاح،
ولا يقتفى في طاعة،ولا يتبع في خير، وانما تورث سلامته
تجريا على المعاصي وولعا بالميول والشهوات.
او انه كان يدعو له باليسار والثروة ليرغد عيشه ويرغد عيش من
لف لفه‏واحتف به ولو كان بالاثرة لنفسه‏وذويه على المسلمين
عامة متعديا حدود اللّه الماثورة في الاموال والصدقات؟ فهل
الدعاء لمثل هذا جائزفي الشريعة؟ وهل يستسيغ العقل السليم
الدعاء للحصول على المثم.
او انه كان يدعو له بنيل الخلافة؟ وهذا ان صح فقد استجيب،
غير ان النبي الاعظم (ص) كان بواسع علم‏النبوة بصيرا بما
يؤول اليه امر الرجل وينوء به مما لا تحمده شريعة او عقيدة، ولا
يستتبع خلافته الا وهنافي‏الدين، وذهابا لابهة الامامة، وقلقا
في مستوى الاسلام وعاصمة النبوة، وتعكيرا لصفو الالفة بين
افرادالمسلمين،وفتا في عضدهم، وهوانا على صلحاءالامة
في‏الحواضر الاسلامية، وتعطيلا للاحكام،وتعدياللحدود، ومن
يتعد حدود اللّه فاولئك هم الظالمون، وكل هذه مما عرفته منه
الصحابة فتالبوا عليه، فماكان حاجة النبي(ص) في خليفة هو
هكذا؟
هذه محتملات الدعاء المزعوم، ولنا هاهنا مساءلة اخرى عن
السبب الموجب لهذا الدعاء اولا وعن ظرفه‏ثانيا، اهل كان
الموجب له اعماله السابقة على الدعاء؟ اوما ارتكبه في اخريات
ايامه، فجر على نفسه ومن‏اكتنفه الويلات من جرائه؟
اما الاخيرة فقد عرفت‏انها لا تنهض موجبا لذلك.
واما سوابقه‏فسل‏عنه يوم بدر وتخلفه عنه وكان يعير بذلك
طيلة حياته، ووقع فيه عبدالرحمن بن عوف‏لذلك في اخريات
خلافته بملا من الناس، فانهى اليه ذلك الوليد بن عقبة السكير
الفاسق بلسان الوحي‏المبين ((1200))، هنالك نحت له عذرا
من تمريض رقية بنت النبي (ص) ((1201)) لكن الصحابة ما
كانوا يعرفون ذلك العذرالمفتعل حتى اولى الناس به اخوه
بالمؤاخاة بمكة عبدالرحمن بن عوف، ولو كان ما يقوله
صحيحالعرفوه‏وهو بين ظهرانيهم غير منتى‏ء عنهم.
وسل عنه يوم احد وفراره من الزحف وقد نزل فيه وفيمن فر
قوله تعالى في سورة آل عمران آية: 155 (ان‏الذين تولوا منكم
يوم التقى الجمعان انما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا)
الاية ((1202)).
وسل عنه ليلة وفاة ام كلثوم واقترافه الذنب فيها، وهتك رسول
اللّه (ص)حرمته في صبيحتها بملا من‏الصحابة بحرمانه من
دفنها وهي زوجته وهو احق الناس بدفنها، راجع ما اسلفناه في
الجزء الثامن(ص‏231).
وسل عنه ايواءه عبداللّه بن ابي سرح وقد ارتد عن الاسلام
ولحق بالمشركين فاهدر رسول اللّه (ص) دمه‏يوم الفتح وامر
بقتله ولو وجد تحت استار الكعبة، لكنه فر الى اخيه من
الرضاعة عثمان فواه وغيبه،وكان من واجبه قتله اينما
وجده، لكنه بدلا من ذلك اتى به الى رسول اللّه فاستامنه له،
فصمت رسول‏اللّه(ص) طويلا رجاء ان يقتله احد من الحضور
لانه ما كان يروقه (ص) اسعافه ولا يرى لحياة ابن ابي‏سرح
قيمة. راجع ما اسلفناه في الجزء الثامن (ص‏280).
وسل عنه ايواءه ابن عمه المشرك معاوية بن المغيرة بن ابي
العاص يوم حمراء الاسد لما ظفر به رسول اللّه(ص) في خروجه
منها فامر بضرب عنقه صبرا، فلجا الى عثمان فاستامن له
رسول اللّه (ص) فامنه على‏انه ان وجد بعد ثلاث قتل، فاقام بعد
ثلاث وتوارى فبعث (ص) عمار بن ياسر وزيد بن حارثة
وقال:«انكما ستجدانه بموضع كذا وكذا» فوجداه فقتلاه
. ((1203))
وما اشبه فعلته هذه بايوائه الحكم وابنه مروان في خلافته وهما
طريدارسول‏اللّه ولعيناه! ((1204)) فامره سواسية في‏المبدا
والمنتهى.
هذا كل ما علمناه من سوابق الرجل ولواحقه، وشي‏ء منها لا
يصلح ان يكون باعثا للحب والدعاء، كماان‏شيئا منها لا يترك
للدعاء المزعوم ظرفا يستساغ له الدعاء فيه، فزبدة المخض ان ه
من مختلق الدورالاموي الذي لم يال العبشميون فيه جهدا في
وضع الفضائل او الرذائل.
نعم، ذكروا له (ص) دعوات عديدة لعثمان عند تجهيزه جيش
العسرة ولعل المتهالك في حب عثمان ينحته‏موجبا لتلكم
الدعوات، والباحث جد خبير بانه لا يعدو شيئا منها وهن في
الاسناد لضعف في رجاله اوارسال فيه، على اضطراب الروايات
في كيفية التجهيز وكمية ما انفقته يده فيه، اضطرابا لا يعدوه
الحكم‏بالبطلان في جميعها:
قال ابن هشام في السيرة ((1205)) (4/172): انفق عثمان بن
عفان في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق احد مثلها. حدثني من‏اثق
به ان عثمان بن عفان انفق في جيش العسرة في غزوة تبوك
الف دينار. الى آخر ما ياتي من حديثه.
واخذ الطبري ((1206)) الجملة الاولى من قول ابن هشام
وترك حديثه.
وعند الكلبي مرسلا كما في اسباب النزول للواحدي ((1207))
(ص‏61): جهز بالف بعير باقتابها واحلاسها.
وعند قتادة مرسلا: حمل على الف بعير وسبعين فرسا.
وعند البلاذري ((1208)) باسناد ضعيف مرسل: جهزهم
بسبعين الفا.
وعند الطبراني باسناد ضعيف: مائتا بعير باقتابها واحلاسها
ومائتا اوقية من الذهب.
وعند ابي يعلى بسند ضعيف: جاء بسبعمائة اوقية ذهب.
وعند ابن عدي ((1209)) بسند واه ضعيف جدا: جاء بعشرة
آلاف دينار.
وعند ابي نعيم ((1210)) باسنادين باطلين: جاء بالف دينار.
وعند احمد وابي نعيم ((1211)) باسناد معلول: ثلاثمائة بعير
باحلاسها واقتابها.
وعند ابن عساكر مرسلا: جهز ثلث ذلك الجيش مؤنتهم.
وعند ابن الاثير ((1212)) ما ذكره الطبري وزاد عليه: قيل
كانت ثلاثمائة بعير والف دينار.
وعند عماد الدين العامري دعوى مجردة: انفق الف دينار،
وحمل على تسعمائة وخمسين بعيرا، وخمسين‏فرسا.
وعند الحلبي صاحب السيرة ((1213)) قولا بلا دليل: جهز
عشرة آلاف دينار غير الابل والخيل وهي تسعمائة بعيرومائة
فرس والزاد وما يتعلق بذلك حتى ما تربط به الاسقية.
وعند بعض كما في السيرة الحلبية: اعط‏ى ثلاثمائة بعير
باحلاسها واقتابها وخمسين فرسا.
وفي رواية عند الحلبي: جاء بعشرة آلاف دينار الى رسول اللّه
فصبت بين يديه، فقال: لعل هذه العشرة‏آلاف غير الذي جهز
بها العشرة آلاف انسان.
فترى كل واحد يكيل ويزن ما انفقه الرجل في جيش العسرة
بكيلة مروءته وميزان كرامته، وماتستدعيه سعة صدره، ورحب
ذات يده.
على ان هناك اناسا آخرين شاركوا من جهز الجيش واربوا، فلا
ادري ما الموجب لاختصاص عثمان بتلكم‏الادعية دونهم؟
فمن اولئك المجهزين العباس بن عبدالمطلب فانه حمل مالا
يقال انه تسعون الفا ((1214)) وقال(ص): «العباس عم نبيكم
اجود قريش كفا واحناه عليها» وفي حديث: «اوصلها اليها».
مستدرك الحاكم ((1215)) (3/328).
واول من حمل ماله كله هو ابوبكر على زعم القوم، فانه جاء
بماله كله، فقال له رسول اللّه (ص): هل‏ابقيت شيئا؟ قال: اللّه
ورسوله ((1216)) [اعلم] ((1217)).
وهب ان ما حمله ابوبكر كان نزرا يسيرا لكنه انفق كل ماله ان
صدق الحديث وكمال الجود بذل الموجود، فماالذي ارجاه من
الحظوة بالدعاء له ورسول اللّه(ص) يراه امن الناس عليه بماله؟
وقد جاء عنه (ص) فيمارواه احمد في مسنده ((1218))
(1/270) قوله: ليس احد امن علي في نفسه وماله من ابي بكر
بن ابي قحافة.
على ان طبع الحال يستدعي ان يكون هناك منفقون آخرون،
لان عدد الجيش كان ثلاثين الفا وعشرة‏آلاف فرس واثنا عشر
الف بعير عند كثير من المؤرخين، وعند ابي زرعة كانوا سبعين
الفا، وفي رواية‏اربعين الفا ((1219)) وما ذكروه من‏النفقات
لعثمان وغيره لا تفي بتجهيز هذا الجيش اللجب، فلماذا حرم
اولئك كلهم‏من الدعاء وحظ‏ي به عثمان فحسب؟ انا انبئك
لماذا، وجد عثمان بعد ما خذل وقتل انصارا ينحتون له‏الفضائل،
وتصرمت ايام اولئك من غير نصير مفتعل!
واليك جملة مما روي في الباب وافية للنهوض باثبات بطلان
ما يهتف به من المبالغة في امر التجهيز المذكور،منها:
24 اخرج ابو نعيم في حلية الاولياء (1/59) من طريق حبيب
بن ابي حبيب‏ابي محمد البصري كاتب‏مالك عن مالك، عن
نافع، عن ابن عمر قال: لما جهز النبي(ص) جيش العسرة جاء
عثمان بالف دينارفصبها في حجر النبي (ص)، فقال
النبي(ص): اللهم لا تنس لعثمان، ما على عثمان ما عمل بعد
هذا.
قال الاميني : اتخفى على مثل الحافظ ابي نعيم اقوال ائمة
الفن من قومه في حبيب كاتب مالك؟ قال عبداللّه بن‏احمد
((1220)) امام الحنابلة عن ابيه، انه قال: حبيب ليس بثقة،
قدم علينا رجل احسبه قال من خراسان كتب‏عنه كتابا، الى ان
قال: قال ابي: كان يكذب، ولم يكن ابي يوثقه ولا يرضاه واثنى
عليه شرا وسوءا.
وقال ابو داود: كان من اكذب الناس كان يضع الحديث. وقال
ابو حاتم ((1221)):متروك الحديث روى عن ابن‏اخي الزهري
احاديث موضوعة. وقال النسائي ((1222)) والازدي: متروك
الحديث، وقال ابن حبان ((1223)): كان يدخل‏على الشيوخ
الثقات ما ليس من حديثهم، وقال: احاديثه كلها موضوعة.
وذكر له عدة احاديث عن هشام‏ابن سعد وغيره وقال: كلها
موضوعة، وعامة حديثه موضوع المتن، مقلوب الاسناد، ولا
يحتشم حبيب في‏وضع الحديث على الثقات، وامره بين في
الكذب. وقال ابو احمد الحاكم: ذاهب الحديث. وقال سهل
بن‏عسكر: كتبنا عنه عشرين حديثا وعرضناها على ابن المديني
فقال: هذا كله كذب، وقال النسائي: متروك،احاديثه كلها
موضوعة عن مالك وغيره ((1224)).
واخرجه احمد ((1225)) من طريق ضمرة بن ربيعة الدمشقي
الرملي، قال الساجي: صدوق يهم عنده مناكير، وجاءضمرة عن
الثوري عن ابن دينار عن ابن عمر بحديث فانكره احمد ورده
ردا شديدا، وقال: لو قال رجل ان‏هذا كذب لما كان مخطئا.
واخرجه الترمذي ((1226)) وقال: لا يتابع ضمرة عليه وهو
خطا عند اهل الحديث. راجع تهذيب
التهذبب((1227))(4/461).
ومنها:
25 اخرج احمد في مسنده ((1228)) (1/74)، من طريق
محمد بن ابي بكر المقدمي البصري، عن محمد بن
عبداللّهالانصاري البصري، عن هلال بن حق البصري، عن
سعيد الجريري ((1229)) البصري، عن ثمامة القشيري،
قال:شهدت الدار يوم اصيب‏عثمان(رضى‏ا...عنه) فطلع عليهم
اطلاعة فقال: ادعوا لي صاحبيكم اللذين ((1230)) الباكم‏علي.
فدعيا له، فقال: نشدتكما اللّه اتعلمان ان رسول اللّه (ص) لما
قدم المدينة ضاق المسجد باهله، فقال:من يشتري هذه البقعة
من خالص ماله فيكون فيها كالمسلمين وله خير منها في
الجنة، فاشتريتها من‏خالص مالي فجعلتها بين المسلمين وانتم
تمنعوني ان اصلي فيه ركعتين؟ ثم قال: انشدكم اللّه
اتعلمون‏ان‏رسول اللّه (ص) لم ا قدم المدينة لم يكن فيها بئر
يستعذب منه الا رومة، فقال رسول اللّه (ص): من‏يشتريها من
خالص ماله فيكون دلوه فيها كدلى المسلمين وله خير منها
في الجنة، فاشتريتها من خالص‏مالي، فانتم تمنعوني ان اشرب
منها؟ ثم قال: هل تعلمون اني صاحب جيش العسرة؟ قالوا:
اللهم نعم.
وذكره البلاذري في الانساب ((1231)) (5/5،6) من طريق
يحيى بن ابي الحجاج البصري عن سعيد الجريري
وزاد:فانشدكما اللّه هل تعلمان اني جهزت جيش العسرة من
مالي؟ قالا: اللهم نعم. قال: انشدكما اللّه هل تعلمان ان‏رسول
اللّه (ص) كان بثبير او قال: بحراء فتحرك الجبل حتى
تساقطت حجارته الى الحضيض فركضه‏برجله فقال: اسكن فما
عليك الا نبي او صديق او شهيد؟ قالا: اللهم نعم.
واخرجه البيهقي في السنن الكبرى (6/168) من طريق يحيى
بن ابي الحجاج عن الجريري عن ثمامة.
رجال الاسناد :
1 محمد بن عبداللّه الانصاري: قال العقيلي ((1232)): منكر
الحديث. وقال ابو احمدالحاكم: روى يحيى بن خذام‏عنه عن
مالك بن دينار احاديث منكرة واللّه اعلم الحمل فيه عليه او
على يحيى. وقال ابن حبان ((1233)): منكرالحديث جدا يروي
عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يجوز الاحتجاج به. وقال
ابن طاهر: كذاب. وقال‏الحاكم النيسابوري: يروي احاديث
موضوعة. وقال ابو الفضل الهروي: ضعيف. وقال الازدي:
منكرالحديث جدا روى عن مالك بن دينار احاديث
معاضيل.تهذيب التهذيب ((1234)) (9/256).
لا يحسب الباحث ان محمد بن عبداللّه الانصاري هذا هو
عبداللّه البصري‏محمد بن عبداللّه بن المثنى، فانه‏يروي عن
سعيد الجريري بلا واسطة كما في تهذيب التهذيب ((1235))
(4/6 و 9/274) والذي يروي عنه بالواسطة‏هو هذا الانصاري
المترجم له.
2 سعيد ابو مسعود الجريري: وهو وان كان ثقة في نفسه لكنه
لا تصح روايته لاختلاطه ثلاث سنين من‏عمره، قال ابو حاتم
((1236)): تغير حفظه قبل موته، فمن كتب عنه قديما فهو
صالح. وقال يزيد بن هارون ربماابتلانا الجريري وكان قد
انكر.وقال ((1237)) ابن معين عن ابن عدي: لا نكذب اللّه
سمعنا من الجريري وهو مختلط.وقال ابن حبان ((1238)):
اختلط قبل ان يموت بثلاث سنين. وقال يحيى بن سعيد
لعيسى بن يونس: اسمعت من‏الجريري؟ قال: نعم. قال: لا ترو
عنه، يعني لانه سمع منه بعداختلاطه. وقال ابن سعد
: كان ثقة ان شاء اللّهالا انه اختلط آخر عمره. ((1239))
تهذيب التهذيب (4/6).
3 يحيى بن ابي الحجاج البصري في طريق البلاذري. قال
النسائي وابن معين: ابن ابي الحجاج ليس‏بشي‏ء. وقال ابو حاتم
: ليس بالقوي. ((1240))
ونحن لو غاضينا العثمانيين على صحة هذه الرواية وامثالها
فانها تعود وبالا على عثمان اكثر منها منقبة، فان‏في‏صريحها ان
الرجلين وهما من العشرة المبشرة ومن الستة اصحاب الشورى
وفي الجبهة والسنام من‏الصحابة العدول عند القوم اعترفا
له بما استنشدهما لكنهما لم يابها بما حاوله عثمان من مفاد
الرواية‏فاستمرا على التاليب عليه والضغط والتشديد، فهل هو
مجابهة منهما لما ثبت عن الرسول (ص)؟ ويرده‏عدلهما
وكونهما من العشرة او انهما علما ان الشي‏ء حدث بعده شي‏ء
ازاح موضوعه. وانما كان قول رسول اللّه(ص) في مرحلة
الاقتضاء من آثار تلكم الاعمال الطبيعية اذا استمر صاحبها على
ما هو عليه في هاتيك‏الاحوال ولم يحدث موانع، فانهما كانا
يرتئيان حدوث موانع هنالك سالبة لاثر الاقتضاء. وبهذا
الاعتقادمضيا مصرين على ما ارتكباه من امر الخليفة، وهما
يريانه حائدا عن الصراط السوي.
ولعل عثمان نفسه ما كان جازما ببقاء تلكم الاثار التي كان نوه
بها النبي الاعظم (ص) نظرا منه لما احدث‏بعد ذلك من
الحوادث، ولذلك كان يحاذر ان يكون‏هو الرجل الذي اخبر عنه
رسول اللّه (ص) من انه‏يلحد بمكة رجل عليه نصف عذاب اهل
الارض. كما مر حديثه الصحيح في (ص‏152) من هذا الجزء.
ويشبه طلحة والزبير بل وعثمان نفسه بقية الصحابة المجهزين
عليه فيما بيناه من‏الاعتقاد في حق الرجل.فراجع ما قدمناه
من اقوالهم واعمالهم المذكورة في الجزء الثامن وفي هذا الجزء
(ص‏69 163)، ولا تنس‏قولهم له في مناشدته المذكورة في
(ص‏204): واما ما ذكرت من قدمك وسبقك مع رسول اللّه
فانك قد كنت‏ذا قدم وسلف وكنت اهلا للولاية، ولكن بدلت
بعد ذلك واحدثت ما قد علمت.
وقولهم له: واما قولك: انه لا يحل الا قتل ثلاثة، فانا نجد في
كتاب اللّه قتل غير الثلاثة الذين سميت: قتل من‏سعى في
الارض فسادا، وقتل من بغى ثم قاتل على بغيه، وقتل من حال
دون شي‏ء من الحق ومنعه ثم‏قاتل‏دونه وكابر عليه، وقد بغيت،
ومنعت الحق ، وحلت دونه، وكابرت عليه. الخ.
ونظير هذه الاقوال الكثير المعرب عن آراء الصحابة فيه وفي
احداثه، وكلها تكذب القول بان يكون رسول‏اللّه (ص) يسمي
الرجل شهيدا. نعوذ باللّه من الاختلاق بلا تدبر.
ومنها:
26 اخرج سيف بن عمر في الفتوح، من طريق صعصعة بن
معاوية التيمي، قال: ارسل عثمان وهو محصورالى علي وطلحة
والزبير وغيرهم: فقال: احضروا غدا. فاشرف عليهم وقال:
انشدكم اللّه ولا انشد الااصحاب النبي (ص) الستم تعلمون ان
رسول اللّه (ص) قال: من حفر رومة فله الجنة. فحفرتها؟
الستم‏تعلمون انه قال: من جهز جيش العسرة فله الجنة.
فجهزته؟ قال: فصدقوه بما قال.
ذكره ابن حجر في فتح الباري ((1241)) (5/314) وقال:
وللنسائي من طريق الاحنف ابن قيس ان الذين صدقوه‏بذلك
هم: علي بن ابي طالب وطلحة والزبير وسعد بن ابي وقاص.
ترى ابن حجر هاهنا ساكتا عن الغمز في هذه الرواية وهو الذي
جمع اقوال الحفاظ في سيف بن عمر من انه‏ضعيف، متروك،
ساقط، وضاع، عامة حديثه منكر، يروي الموضوعات عن
الاثبات، كان يضع الحديث،واتهم بالزندقة. راجع (8/84، 333)
من كتابنا هذا.
وكانه اراد من عد من صدق عثمان في دعواه اثبات فضيلة له
ذاهلا عن ان‏كثرة المصدقين في المقامين على‏تقدير صحة
الخبر وانى هي؟ تزيد عارا وشنارا على الرجل، وتعود وبالا
عليه اكثر منها منقبة كمامربيانه، وان ي لا اشك في ان
الباحث بعد هذا البيان الضافي لا يقيم لهذه المناشدة وزنا وان
خرجه‏البخاري في صحيحه في كتاب الوصايا باب اذا وقف ارضا
او بئرا (4/236) ((1242)) وما اكثر بين دفتي هذاالصحيح من
سقيم يجب ان يضرب به عرض الحائط كما هو الظاهر لدى من
يراجع كتاب (ابو هريرة)لسيدنا الاية شرف الدين وغيره من
تليفه، وسنوقفك على جلية الحال في الاجزاء الاتية ان شاء
اللّهتعالى.
ومنها:
27 اخرج اسد بن موسى في فضائل الصحابة، عن قتادة
البصري، قال: حمل عثمان على الف بعير وسبعين‏فرسا في
العسرة.
ذكره ابن حجر في فتح الباري ((1243)) (5/315) وقال:
مرسل. ولم يسم ابن حجر رجال الاسناد بين اسد بن‏موسى
وبين قتادة، وكذلك من قتادة الى منتهى السند، فالرواية
مرسلة من الطرفين، ولعل في مرحلتي السنداناسا من
الوضاعين‏المفضوحين ستر عليهم اسد بني مروان بذيل امانته،
وراقه الابقاء على كرامة الحديث‏باسقاطهم، واسد بن موسى هو
حفيد الوليد بن عبدالملك بن مروان الاموي، قال النسائي مع
توثيقه: لو لم‏يصنف كان خيرا له. وقال ابن يونس: حدث
باحاديث منكرة واحسب الافة من غيره. وقال ابن حزم:منكر
الحديث ضعيف. وقال عبد الحق: لا يحتج به عندهم
. ((1244))
ومنها:
28 اخرج ابو يعلى من وجه آخر فيه قال: فجاء عثمان
بسبعمائة اوقية ذهب. ذكره ابن حجر في
الفتح((1245))(5/315) وقال: ضعيف. وليته كان يذكره
باسناده حتى كنا نوقف الباحث على ترجمة رجاله الكذابين.
ومنها:
29 اخرج ابن عدي ((1246)) من طريق عمار بن هارون ابي
ياسر المستملي ((1247)) عن اسحاق بن ابراهيم
المستملي‏عن ابي وائل عن حذيفة: ان رسول اللّه (ص) بعث
الى عثمان يستعينه في غزاة غزاها، فبعث اليه عثمان‏بعشرة
آلاف دينار فوضعها بين يديه فجعل يقلبها بين يديه ويدعو له:
غفر اللّه لك يا عثمان ما اسررت ومااعلنت وما اخفيت وما هو
كائن الى يوم القيامة، ما يبالي عثمان ما فعل بعدها.
ذكره ابن كثير في تاريخه ((1248)) (7/212) ساكتا عما في
اسناده من العلل عادته في‏فضائل من غمره حبه، واورده‏ابن
حجر في فتح الباري ((1249)) (5/315) فقال: سند ضعيف
جدا. وقال ((1250)) في (7/43): سنده واه. وذكره‏القسطلاني
في المواهب اللدنية ((1251)) (1/172) ساكتا عن علله، وعقبه
الزرقاني بقول ابن حجر. راجع شرح‏المواهب (3/65)،
وستوافيك ترجمة بعض رجال الاسناد الضعفاء في هذا الجزء.