3 قال ابن قتيبة في الامامة والسياسة ((613)) (1/92): ذكروا
ان ابا هريرة وابا الدرداء ((614)) قدما على معاوية من‏حمص
وهو بصفين، فوعظاه وقالا له: يا معاوية علام تقاتل عليا؟ وهو
احق بهذا الامر منك في الفضل‏والسابقة. لانه رجل من
المهاجرين الاولين السابقين بالاحسان، وانت طليق، وابوك
من الاحزاب. اما واللّهما نقول لك‏ان تكون العراق احب الينا من
الشام، ولكن البقاء احب الينا من الفناء، والصلاح احب‏الينا
من‏الفساد، فقال: لست ازعم ان ي اولى بهذا الامر من علي،
ولكني اقاتله حتى يدفع الي قتلة عثمان. فقالا: اذادفعهم اليك
ماذا يكون؟ قال: اكون رجلا من المسلمين، فاتيا عليا، فان دفع
اليكما قتلة عثمان جعلتهاشورى. فقدما على عسكر علي،
فاتاهما الاشتر، فقال: يا هذان انه لم ينزلكما الشام حب‏معاوية،
وقد زعمتماان ه يطلب قتلة عثمان، فعمن اخذتما ذلك
فقبلتماه، اعمن قتله؟ فصدقتموهم على الذنب كما
صدقتموهم على‏القتل؟ ام عمن نصره؟ فلا شهادة لمن جر الى
نفسه، ام عمن اعتزل اذ علموا ذنب عثمان وقد علموا ماالحكم
في قتله؟ او عن معاوية وقد زعم ان عليا قتله؟ اتقيا اللّه، فانا
شهدنا وغبتما، ونحن الحكام على من‏غاب. فانصرفا ذلك اليوم.
فلما اصبحا اتيا عليا، فقالا له: ان لك فضلا لا يدفع، وقد سرت
مسير فتى الى سفيه من السفهاء، ومعاوية‏يسالك ان تدفع اليه
قتلة عثمان، فان فعلت ثم قاتلك كنا معك. قال علي:
«اتعرفانهم؟» قالا. نعم. قال:«فخذاهم‏»، فاتيا محمد بن ابي بكر
وعمار بن ياسر والاشتر، فقالا: انتم من قتلة عثمان وقد امرنا
باخذكم.فخرج اليهما اكثر من عشرة آلاف رجل، فقالوا: نحن
قتلنا عثمان. فقالا: نرى امرا شديدا البس عليناالرجل.
فانصرف ابو هريرة وابو الدرداء الى منزلهما بحمص. فلما قدما
حمص لقيهما عبدالرحمن بن عثمان ((615))، وسال‏عن
مسيرهما، فقصا عليه القصة، فقال: العجب منكما انكما من
اصحاب رسول اللّه (ص)، اما واللّه لئن‏كففتما ايديكما ما كففتما
السنتكما،اتاتيان عليا وتطلبان اليه قتلة عثمان؟ وقد علمتما
ان المهاجرين والانصار لوحرموا دم عثمان نصروه وبايعوا عليا
على قتلته، فهل فعلوا؟ واعجب من ذلك رغبتكما عما صنعوا
وقولكمالعلي: اجعلها شورى واخلعها من عنقك! وانكما
لتعلمان ان من رضي بعلي خير ممن كرهه، وان‏من بايعه‏خير
مم ن لم يبايعه، ثم صرتما رسولي رجل من‏الطلقاء لا تحل له
الخلافة. ففشا قوله وقولهما، فهم‏معاوية‏بقتله، ثم راقب فيه
عشيرته.
وفي لفظ ابن مزاحم من كتاب صفين ((616)) (ص‏213): خرج
ابو امامة الباهلي وابو الدرداء ((617))، فدخلا على‏معاوية وكانا
معه فقالا: يا معاوية علام تقاتل هذا الرجل؟ فواللّه لهو اقدم
منك سلما، واحق بهذا الامرمنك، واقرب من النبي (ص)،
فعلام تقاتله؟ فقال: اقاتله على دم عثمان، وانه آوى قتلته،
فقولوا له: فليقدنامن قتلته، فانا اول من بايعه من اهل الشام.
فانطلقوا الى علي فاخبروه بقول معاوية، فقال: «هم
الذين‏ترون‏»، فخرج عشرون الفا او اكثر مسربلين في الحديد
لايرى منهم الا الحدق فقالوا: كلنا قتله، فان شاؤوافليروموا
ذلك منا.
4 مر في صفحة (139) من حديث ابي الطفيل قول معاوية له:
اكنت ممن قتل عثمان امير المؤمنين؟ قال: لا،ولكن ممن
شهده فلم ينصره، قال: ولم؟ قال: لم ينصره المهاجرون
والانصار. الحديث، فراجع.
5 قال شعبة: ما رايت رجلا اوقع في رجال اهل المدينة من
القاضي ابي اسحاق سعد بن ابراهيم بن‏عبدالرحمن بن عوف
المدني الزهري المتوفى سنة (125) ما كنت ارفع له رجلا
منهم الا كذبه، فقلت له في‏ذلك، فقال: ان اهل المدينة قتلوا
عثمان.
تاريخ ابن عساكر ((618)) (6/83).
6 ذكر ابن عساكر في تاريخه ((619)) (7/319) قال: كان ابو
مسلم الخولاني التابعي في المدينة، فسمع مكفوفايقول: اللهم
العن عثمان وما ولد، فقال: يا مكفوف العثمان تقول هذا؟ يا اهل
المدينة كنتم بين قاتل وخاذل‏فكلا جزى اللّه شرا، يا
اهل‏المدينة لانتم شر من ثمود، ان ثمود قتلوا ناقة اللّه وانتم
قتلتم خليفة اللّه، وخليفة‏اللّه اكرم عليه من ناقته.
قال الاميني : غايتنا الوحيدة في نقل هذا الحديث ايقاف
الباحث على موقف الصحابة من اهل المدينة وانهم‏كانوا بين
قاتل وخاذل، واما راي ابي مسلم الخولاني فيهم فتعرف جوابه
من قول الاشتر قبيل هذا.
7 قال الواقدي في اسناده: لما كانت سنة اربع وثلاثين كتب
بعض اصحاب رسول اللّه (ص) الى بعض‏يتشاكون سيرة عثمان
وتغييره وتبديله، وما الناس فيه من عماله ويكثرون عليه
ويسال بعضهم ان يقدمواالمدينة ان كانوا يريدون الجهاد، ولم
يكن احد من اصحاب رسول اللّه (ص) يدفع عن عثمان ولا ينكر
مايقال فيه الا زيد ابن ثابت، وابو اسيد الساعدي، وكعب بن
مالك، وحسان بن ثابت الانصاري، فاجتمع‏المهاجرون وغيرهم
الى علي فسالوه ان يكلم عثمان ويعظه، فاتاه فقال له: «ان
الناس ورائي قد كلموني في‏امرك، وواللّه ما ادري ما اقول لك،
ما اعرفك شيئا تجهله، ولا ادلك على امر لا تعرفه، وانك لتعلم
ما نعلم،وما سبقناك الى شي‏ء فنخبرك عنه، لقد صحبت
رسول اللّه (ص) وسمعت ورايت مثل ما سمعنا وراينا، وماابن
ابي قحافة وابن الخطاب باولى بالحق منك، ولانت اقرب الى
رسول اللّه (ص) رحما، ولقد نلت من‏صهره ما لم ينالا، فاللّه اللّه
في نفسك، فانك لا تبصر من عمى، ولا تعلم من جهل‏» فقال له
عثمان: واللّه لوكنت مكاني ما عنفتك ولا اسلمتك ولا عتبت
عليك ان وصلت رحما ((620)) وسددت خلة، وآويت
ضائعا،ووليت من كان‏عمر يوليه، نشدتك اللّه الم يول عمر
المغيرة بن شعبة وليس هناك؟ قال: نعم. قال:فلم تلومني‏ان
وليت ابن عامر في رحمه وقرابته؟ قال علي: «ساخبرك ان عمر
بن الخطاب كان كل من ولى فانما يطاعلى صماخه ان بلغه
عنه حرف جلبه، ثم بلغ به اقصى الغاية، وانت لا تفعل، ضعفت
ورفقت على اقربائك‏»،قال عثمان: هم اقرباؤك ايضا. فقال علي:
«لعمري ان رحمهم مني لقريبة ولكن الفضل في غيرهم‏» قال:
اولم‏يول عمر معاوية ؟ فقال علي: «ان معاوية كان اشد خوفا
وطاعة لعمر من يرفا ((621)) وهو الان يبتز الاموردونك وانت
تعلمها ويقول للناس: هذا امر عثمان. ويبلغك فلا تغير على
معاوية‏».
راجع ((622)) : الانساب للبلاذري (5/60)، تاريخ الطبري
(5/97)، الكامل لابن الاثير (3/63)، تاريخ ابي الفداء(1/168)،
تاريخ ابن خلدون (2/391).
8 اخرج ابن سعد في طبقاته ((623)) (3/47) طبع ليدن عن
مجاهد، قال: اشرف عثمان على الذين حاصروه فقال:يا قوم لا
تقتلوني فاني وال واخ مسلم الى ان قال : فلما ابوا قال:
اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولاتبق منهم احدا. قال
مجاهد: فقتل اللّه منهم من قتل في الفتنة، وبعث يزيد الى
المدينة عشرين الفا فاباحواالمدينة ثلاثا يصنعون ما شاؤوا
لمداهنتهم.
وقال حسان بن ثابت فيمن تخلف عن عثمان وخذله من
الانصار وغيرهم، واعان على قتله من ابيات له:
خذلته الانصار اذ حضر المو
ت وكانت ولاته الانصار ((624))
من عذيري من الزبير ومن طل
حة اذ جا امر له مقدار ((625))
فتولى محمد بن ابي بكر
عيانا وخلفه عمار
وعلي في بيته يسال النا
س ابتداء وعنده الاخبار
باسطا للذي يريد يديه
وعليه سكينة ووقار ((626))
وقال حميد بن ثور ابو المثنى الهلالي في قتل عثمان، كما في
تاريخ ابن عساكر ((627)) (4/458):
ان الخلافة لما اظعنت ظعنت
من اهل يثرب اذ غير الهدى سلكوا
صارت الى اهلها منهم و وارثها
لما راى اللّه في عثمان ما انتهكوا
السافكي دمه ظلما ومعصية
اي دم لاهدوا من غيهم سفكوا
والهاتكي ستر ذي حق ومحرمة
فاي شر على اشياعهم هتكوا
والخيل عابسة نضج الدماء بها
تنعى ابن اروى على ابطالها الشكك
من كل ابيض هندي وسابغة
تغشى البنان لها من نسجها حبك
قد نال جلهم حصر بمحصرة
ونال فتاكهم فتك بما فتكوا
قرت بذاك عيون واشتفين به
وقد تقر بعين الثائر الدرك

(38) كتاب اهل المدينة الى الصحابة في الثغور
اخرج الطبري من طريق عبد الرحمن بن يسار انه قال: لما راى
الناس‏ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من‏اصحاب النبي
(ص) الى من بالافاق منهم وكانوا قد تفرقوا في الثغور:
انكم انما خرجتم ان تجاهدوا في سبيل اللّه عز وجل، تطلبون
دين محمد(ص) فان دين محمد قد افسده من‏خلفكم وترك،
فهلموا فاقيموا دين محمد (ص). وفي لفظ ابن الاثير: فان دين
محمد قد افسده خليفتكم‏فاقيموه. وفي لفظ ابن ابي الحديد.
قد افسده خليفتكم فاخلعوه، فاختلفت عليه القلوب. فاقبلوا
من كل‏افق‏حتى قتلوه ((628)).
واخرج ((629)) من طريق محمد بن مسلمة قال: لما كانت
سنة (34) كتب اصحاب رسول اللّه (ص) بعضهم الى‏بعض
يتشاكون سيرة عثمان وتغييره وتبديله ويسال بعضهم بعضا: ان
اقدموا، فان كنتم تريدون الجهادفعندنا الجهاد. وكثر الناس
على عثمان ونالوا منه اقبح ما نيل من احد، واصحاب رسول اللّه
يرون ويسمعون‏ليس فيهم احد ينهى ولا يذب الا نفير: زيد بن
ثابت، وابو اسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن‏ثابت.
فاجتمع المهاجرون وغيرهم الى علي فسالوه ان يكلم عثمان
ويعظه، فاتاه فقال له: ان‏الناس ورائي.الى آخر ما مر في
(ص‏74).

(39) كتاب المهاجرين الى مصر
من المهاجرين الاولين وبقية الشورى الى من بمصر من
الصحابة والتابعين:
اما بعد، ان تعالوا الينا وتداركوا خلافة رسول اللّه قبل ان يسلبها
اهلها، فان كتاب اللّه قد بدل، وسنة رسول‏اللّه قد غيرت، واحكام
الخليفتين قد بدلت، فننشد اللّه من قرا كتابنا من بقية اصحاب
رسول اللّه والتابعين‏باحسان الا اقبل الينا، واخذ الحق لنا
واعطاناه، فاقبلوا الينا ان كنتم تؤمنون باللّه واليوم الاخر،
واقيمواالحق على المنهاج الواضح الذي فارقتم عليه نبيكم
وفارقكم عليه الخلفاء، غلبنا على حقنا، واستولي على‏فيئنا،
وحيل بيننا وبين امرنا، وكانت الخلافة بعد نبينا خلافة نبوة
ورحمة، وهي اليوم ملك عضوض من‏غلب على شي‏ء اكله
. ((630))

(40) كتاب اهل المدينة الى عثمان
اخرج الطبري في تاريخه ((631)) (5/116)، من طريق عبد اللّه
بن الزبير، عن ابيه، قال: كتب اهل المدينة الى عثمان‏يدعونه
الى التوبة ويحتجون ويقسمون له باللّه لا يمسكون عنه ابدا
حتى يقتلوه، او يعطيهم ما يلزمه من حق‏اللّه، فلما خاف القتل
شاور نصحاءه واهل بيته. الى آخر ما ياتي.

الاجماع والخليفة
تعلمنا هذه الاحاديث المتضافرة الواردة عن آحاد الصحابة من
المهاجرين‏والانصار او عامة الفريقين، اوعن جامعة الصحابة
البالغة مائتين حديثا انه لم يشذ عن النقمة على عثمان منهم
احد ما خلا اربعة وهم: زيدبن ثابت، وحسان بن ثابت، وكعب بن
مالك، واسيد الساعدي. فمن مجهز عليه الى محبذ لعمله، الى
محرض‏على قتله، الى ناشر لاحداثه، الى مؤلب عليه يسعى في
افساد امره، الى متجاسر عليه بالوقيعة فيه، الى‏مناقد في فعاله
يامره بالمعروف وينهاه عن المنكر، الى خاذل له بترك نصرته لا
يرى هنالك في الناقمين‏الثائرين عليه منكرا ينهى عنه، او في
جانب الخليفة حقا يتحيز اليه، وهم كما مر في (ص‏157) عن
مولاناامير المؤمنين (ع): «ما كان اللّه ليجمعهم على ضلال، ولا
ليضربهم بالعمى‏» فكان ذلك اجماعا منهم اثبت‏من اجماعهم
على نصب الخليفة في الصدر الاول، فان كانت فيه حجة فهي
في المقامين ان لم تكن في المقام‏الثاني اولى بالاتباع.
ومن امعن النظر فيما مر وياتي من النصوص الواردة عن:
1 مولانا امير المؤمنين.
2 عائشة ام المؤمنين.
3 عبدالرحمن بن عوف، احد العشرة المبشرة ورجالات
الشورى.
4 طلحة بن عبيداللّه، احد العشرة المبشرة.
5 الزبير بن العوام، احد العشرة المبشرة.
6 عبداللّه بن مسعود صاحب سر رسول اللّه (ص) بدري.
7 عمار جلدة ما بين عيني النبي، النازل فيه القرآن بدري.
8 المقداد بن ابي الاسود، الممدوح بلسان النبي الطاهر
بدري.
9 حجر بن عدي الكوفي الصالح الناسك.
10 هاشم المرقال، الذي كان من الفضلاء الخيار كما في
الاستيعاب ((632)).
11 جهجاه بن سعيد الغفاري، من رجالات بيعة الشجرة.
12 سهل بن حنيف الانصاري بدري.
13 رفاعة بن رافع الانصاري بدري.
14 حجاج بن غزية الانصاري.
15 ابي ايوب الانصاري صاحب منزل رسول اللّه (ص) بدري.
16 قيس بن سعد الانصاري، امير الخزرج الصالح بدري.
17 فروة بن عمرو البياضي الانصاري بدري.
18 محمد بن عمرو بن حزم الانصاري بدري.
19 جابر بن عبداللّه الانصاري.
20 جبلة بن عمرو الساعدي الانصاري بدري.
21 محمد بن مسلمة الانصاري بدري.
22 عبداللّه بن عباس، حبر الامة.
23 عمرو بن العاصي.
24 عامر بن واثلة ابي الطفيل الكناني الليثي.
25 سعد بن ابي وقاص، احد العشرة المبشرة.
26 مالك بن الحارث الاشتر: «وهل موجود كمالك؟». قاله امير
المؤمنين.
27 عبداللّه بن عكيم.
28 محمد بن ابي حذيفة العبشمي.
29 عمرو بن زرارة بن قيس النخعي.
30 صعصعة بن صوحان، سيد عبد القيس.
31 حكيم بن جبلة العبدي، الشهيد يوم الجمل.
32 هشام بن الوليد المخزومي.
33 معاوية بن ابي سفيان.
34 زيد بن صوحان، من الخيار الابرار كما في الحديث.
35 عمرو بن الحمق الخزاعي، المشرف بدعاء النبي (ص).
36 عدي بن حاتم الطائي الصحابي العظيم.
37 عروة بن الجعد الصحابي.
38 عبدالرحمن بن حسان العنزي الكوفي.
39 محمد بن ابي بكر بن ابي قحافة، الممدوح بلسان مولانا
امير المؤمنين.
40 كميل بن زياد النخعي.
41 عائذ بن حملة الطهوي التميمي.
42 جندب بن زهير الازدي.
43 الارقم بن عبداللّه الكندي.
44 شريك بن شداد الحضرمي.
45 قبيصة بن ضبيعة العبسي.
46 كريم بن عفيف الخثعمي العامري.
47 عاصم بن عوف البجلي.
48 ورقاء بن سمي البجلي.
49 كدام بن حيان العنزي.
50 صيفي بن فسيل الشيباني.
51 محرز بن شهاب التميمي المنقري.
52 عبداللّه بن حوية السعدي التميمي.
53 عتبة بن الاخنس السعدي.
54 سعيد بن نمران الهمداني.
55 ثابت بن قيس النخعي.
56 اصعر بن قيس الحارثي.
57 يزيد بن المكفكف النخعي.
58 الحارث بن عبداللّه الاعور الهمداني.
59 الفضل بن العباس الهاشمي.
60 عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي.
61 زياد بن النضر الحارثي.
62 عبداللّه الاصم العامري.
63 عمرو بن الاهتم، نزيل الكوفة.
64 ذريح بن عباد العبدي.
65 بشر بن شريح القيسي.
66 سودان بن حمران السكوني.
67 عبدالرحمن بن عديس ابي محمد البلوي.
68 عروة بن شييم بن البياع الكناني الليثي.
69 كنانة بن بشر السكوني التجيبي.
70 الغافقي بن حرب العكي.
71 كعب بن عبدة، الزاهد الناسك.
72 مثنى بن مخربة العبدي.
73 عامر بن بكير بن عبد ياليل الليثي الكناني بدري.
74 عبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي.
75 عبدالرحمن بن عبداللّه الجمحي.
76 مسلم بن كريب القابضي الهمداني.
77 عمرو بن عبيد الحارثي الهمداني.
78 عمرو بن حزم الانصاري.
79 عمير بن ضابئ التميمي البرجمي.
80 اسلم بن اوس بن بجرة الساعدي.
الى نظرائهم ممن مر حديثه او ياتي في هذا الجزء يزداد بصيرة
في انعقاد هذاالاجماع الذي لا محيد عن‏مؤداه، ولا منتدح عن
الجري معه، ولا محيص عن اخذه حجة قاطعة، وكيف لا؟
وفيهم عمد الصحابة‏ودعائمها، وعظماء الملة واعضادها، وذوو
الراي والتقوى والصلاح من البدريين وغيرهم، وفيهم ام
المؤمنين‏وغير واحد من العشرة المبشرة، ورجال الشورى، فاذا
لم يحتج باجماع مثله لا يحتج باي اجماع قط، ولوجاءت عن
احد من هؤلاء كلمة واحدة في حق اي انسان مدحا او ذما
لاتخذوه حجة دامغة، فكيف بهم،وقد اجتمعوا على كلمة
واحدة.
وبهذه كلها تظهر قيمة الكلم التافهة التى جاء بها القوم لاغراء
الدهماء بالجهل امثال ما في تاريخ ابن كثير((633))(8/12) من
قوله: قال ايوب والدارقطني: من قدم عليا على عثمان فقد
ازرى بالمهاجرين والانصار. وهذاالكلام حق وصدق وصحيح
ومليح. انتهى.
اقرا واضحك او ابك. فمن قدم عثمان على اي موحد اسلم
وجهه للّه وهو مؤمن بعد هذا الاجماع المتسالم عليه‏فضلا عن
مولى المؤمنين علي صلوات اللّه عليه فقد ازرى بالمهاجرين
والانصار، والصحابة الاولين‏والتابعين لهم باحسان.
(لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين) ((634))

(41) قصة الحصار الاول
الاجتماع على عثمان من اهل الامصار: المدينة، الكوفة،
البصرة، مصر
اخرج البلاذري وغيره بالاسناد: التقى اهل الامصار الثلاثة:
الكوفة والبصرة ومصر في المسجد الحرام قبل‏مقتل عثمان
بعام، وكان رئيس اهل الكوفة كعب بن عبدة، ورئيس اهل
البصرة المثنى بن مخربة العبدي،ورئيس اهل مصر كنانة بن
بشر ابن عتاب بن عوف السكوني ثم التجيبي، فتذاكروا سيرة
عثمان وتبديله‏وتركه الوفاء بما اعط‏ى من نفسه وعاهد اللّه
عليه، وقالوا: لا يسعنا الرضا بهذا، فاجتمع رايهم على ان
يرجع‏كل واحد من هؤلاء الثلاثة الى مصره فيكون رسول من
شهد مكة من اهل الخلاف على عثمان الى من كان‏على مثل
رايهم من اهل بلده، وان يوافوا عثمان في العام المقبل في داره
فيستعتبوه، فان اعتب، والا راوا رايهم‏فيه ففعلوا ذلك.
فلما حضر الوقت خرج الاشتر مع اهل الكوفة الى المدينة في
مائتين، وقال ابن قتيبة: اقبل الاشتر من‏الكوفة في الف رجل
في اربع رفاق، وكان امراؤهم هو وزيد بن صوحان العبدي،
وزياد بن النضر الحارثي،وعبداللّه بن الاصم العامري، وعلى
الجميع عمرو بن الاهتم.
وخرج حكيم بن جبلة العبدي في مائة من اهل البصرة ولحق
به بعد ذلك خمسون، فكان في مائة وخمسين‏وفيهم: ذريح بن
عباد العبدي، وبشر بن شريح القيسي، وابن المحرش ابن
المحترش وقال ابن خلدون:وكلهم في مثل عدد اهل مصر
في اربع رايات.
وجاء اهل مصر وهم اربعمائة، ويقال: خمسمائة، ويقال:
سبعمائة، ويقال: ستمائة، ويقال: الف، وفي شرح ابن‏ابي
الحديد: كانوا الفين. وكان فيهم: محمد بن ابي‏بكر، وسودان بن
حمران السكوني، وميسرة ويقال قتيرة‏ السكوني، وعمروابن
الحمق الخزاعي وكان من رؤوسهم، وعليهم امراء اربعة:
1 عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي، على ربع.
2 عبدالرحمن بن عديس ابو محمد البلوي، على ربع.
3 عروة بن شييم بن البياع الكناني الليثي، على ربع.
4 كنانة بن بشر السكوني التجيبي، على ربع.
وعليهم جميعا: الغافقي بن حرب العكي، وكان يصلي بالناس
في ايام الحصار،قال الطبري: كان جماع امرهم‏جميعا الى عمرو
بن بديل الخزاعي، وكان من اصحاب النبي (ص)، والى
عبدالرحمن بن عديس‏التجيبي.
فلما اتوا المدينة اتوا دار عثمان، ووثب معهم رجال من اهل
المدينة من المهاجرين والانصار منهم: عمار بن‏ياسر العبسي
وكان بدريا، ورفاعة بن رافع الانصاري وكان بدريا، والحجاج بن
غزية وكانت له صحبة،وعامر بن بكير وكان بدريا احد بني
كنانة.
وفي كتاب لنائلة امراة عثمان الى معاوية في رواية ابن عبد
ربه: واهل مصر قد اسندوا امرهم الى علي ومحمدبن ابي بكر
وعمار بن ياسر وطلحة والزبير فامروهم بقتله، وكان معهم من
القبائل خزاعة، وسعد بن بكر،وهذيل، وطوائف من جهينة
ومزينة وانباط يثرب، وهؤلاء كانوا اشد الناس عليه.
وفي حديث سعيد بن المسيب في الانساب والعقد والفريد
وغيرهما: وقد كانت من عثمان قبل هنات الى‏عبداللّه بن
مسعود وابي ذر وعمار بن ياسر، فكان في قلوب هذيل وبني
زهرة وبني غفار واحلافها من‏غضب لابي ذر ما فيها، وحنقت
بنو مخزوم لحال عمار بن ياسر.
وفي لفظ المسعودي: وفي الناس بنو زهرة لاجل عبداللّه بن
مسعود، لانه كان من احلافها، وهذيل لانه كان‏منها، وبنو
مخزوم واحلافها لعمار، وغفار واحلافها لاجل ابي ذر، وتيم بن
مرة مع محمد بن ابي بكر، وغيرهؤلاء ممن لا يحمل ذكره
كتابنا. فحصروا عثمان الحصار الاول ((635)).

كتاب المصريين الى عثمان
اخرج الطبري في تاريخه ((636)) (5/116) من طريق عبداللّه
بن الزبير عن ابيه، قال: كتب اهل مصر بالسقيا ((637)) اوبذي
خشب ((638)) الى عثمان بكتاب، فجاء به رجل منهم حتى
دخل به عليه، فلم يرد عليه شيئا، فامر به‏فاخرج من الدار،
وكان فيما كتبوا اليه:
اما بعد، فاعلم ان اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم،
فاللّه اللّه ثم اللّه، فانك على دنيا فاستتم اليهامعها آخرة، ولا
تلبس ((639)) نصيبك من الاخرة، فلا تسوغ لك الدنيا، واعلم
انا واللّه للّه نغضب وفي اللّه نرضى،وانا لن نضع سيوفنا عن
عواتقنا حتى تاتينا منك توبة مصرحة او ضلالة مجلحة مبلجة،
فهذه مقالتنا لك‏وقضيتنا اليك، واللّه عذيرنا منك. والسلام.

عهد الخليفة على نفسه ان يعمل بالكتاب والسنة
وذلك في سنة (35ه): اخرج البلاذري من رواية ابي مخنف
في الانساب ((640)) (5/62): ان المصريين وردواالمدينة
فاحاطوا وغيرهم بدار عثمان في المرة الاولى. الى ان قال: واتى
المغيرة ابن شعبة [ عثمان ] ((641)) فقال‏له: دعني آت القوم
فانظر ما يريدون، فمضى نحوهم، فلما دنا منهم صاحوا به: يا
اعور وراءك، يا فاجروراءك، يا فاسق وراءك. فرجع، ودعا عثمان
عمرو بن العاص فقال له: ائت القوم فادعهم الى كتاب
اللّهوالعتبى مما ساءهم. فلما دنا منهم سلم فقالوا لا سلم اللّه
عليك، ارجع يا عدو اللّه، ارجع يابن النابغة‏فلست‏عندنا بامين
ولا مامون، فقال له ابن عمر وغيره: ليس لهم الا علي بن ابي
طالب. [ فبعث عثمان الى‏علي ] ((642)) فلما اتاه قال: يا ابا
الحسن ائت هؤلاء القوم فادعهم الى كتاب اللّه وسنة نبيه. قال:
«نعم ان‏اعطيتني عهد اللّه وميثاقه على انك تفي لهم بكل ما
اضمنه عنك‏»، قال: نعم. فاخذ علي عليه عهد اللّه وميثاقه‏على
اوكد ما يكون واغلظ، وخرج الى القوم فقالوا: وراءك. قال: «لا،
بل امامي، تعطون كتاب اللّه وتعتبون‏من كل ما سخطتم‏»،
فعرض عليهم ما بذل عثمان، فقالوا: اتضمن ذلك عنه؟ قال:
«نعم‏». قالوا: رضينا. واقبل‏وجوههم واشرافهم مع علي حتى
دخلوا على عثمان وعاتبوه فاعتبهم من كل شي‏ء فقالوا: اكتب
بهذا كتابا.فكتب:
بسم اللّه الرحمن الرحيم
هذا كتاب من عبداللّه عثمان امير المؤمنين لمن نقم عليه من
المؤمنين والمسلمين، ان لكم ان اعمل فيكم‏بكتاب اللّه وسنة
نبيه، يعط‏ى المحروم، ويؤمن الخائف، ويرد المنفي، ولا تجمر
((643)) البعوث، ويوفر الفي‏ء، وعلي‏بن‏ابي طالب ضمين
المؤمنين والمسلمين على عثمان بالوفاء [ بما ] ((644)) في
هذا الكتاب.
شهد : الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيداللّه، وسعد بن مالك بن
((645))، وعبداللّه بن عمرو ((646))، وزيد بن‏ثابت، ابي وقاص
وسهل بن حنيف، وابو ايوب خالد ابن زيد.
وكتب في ذي القعدة سنة خمس وثلاثين.
فاخذ كل قوم كتابا فانصرفوا.
وقال علي بن ابي طالب لعثمان: «اخرج فتكلم كلاما يسمعه
الناس ويحملونه عنك واشهد اللّه ما في قلبك،فان البلاد قد
تمخضت عليك، ولا تامن ان ياتي ركب آخر من الكوفة او من
البصرة او من مصر فتقول: ياعلي اركب اليهم. فان لم افعل
قلت: قطع رحمي، واستخف بحقي‏»، فخرج عثمان فخطب
الناس فاقر بما فعل‏واستغفر اللّه منه، وقال: سمعت رسول اللّه
(ص) يقول: «من زل فلينب‏». فانا اول من اتعظ، فاذا
نزلت‏فلياتني اشرافكم فليردوني برايهم، فواللّه لو ردني الى
الحق عبد لاتبعته وما عن اللّه مذهب الا اليه، فسرالناس
بخطبته واجتمعوا الى بابه مبتهجين بماكان منه. فخرج اليهم
مروان فزبرهم وقال: شاهت وجوهكم‏ما اجتماعكم؟ امير
المؤمنين مشغول عنكم، فان احتاج الى احد منكم فسيدعوه،
فانصرفوا، وبلغ عليا الخبرفاتى عثمان وهو مغضب فقال: «اما
رضيت من مروان ولا رضي منك الا بافساد دينك، وخديعتك
عن‏عقلك؟ واني لاراه سيوردك ثم لا يصدرك، وما انا بعائد بعد
مقامي هذا لمعاتبتك‏».
وقالت له امراته نائلة بنت الفرافصة: قد سمعت قول علي بن
ابي طالب في مروان وقد اخبرك انه غير عائداليك، وقد اطعت
مروان ولا قدرله عند الناس ولا هيبة، فبعث الى علي فلم ياته.
واخرج ابن سعد من طريق ابي عون قال: سمعت عبدالرحمن
بن الاسود بن عبد يغوث ذكر مروان فقال:قبحه اللّه خرج
عثمان على الناس فاعطاهم الرضا وبكى على المنبر حتى
استهلت دموعه، فلم يزل مروان‏يفتله في الذروة والغارب
حتى لفته عن رايه. ((647))
قال: وجئت الى علي فاجده بين القبر والمنبر ومعه عمار بن
ياسر ومحمد بن‏ابي بكر وهما يقولان: صنع‏مروان بالناس. قلت:
نعم ((648)).
صورة اخرى من توبة الخليفة :
اخرج الطبري من طريق علي بن عمر عن ابيه، قال: ان عليا
جاء عثمان بعدانصراف المصريين، فقال له:«تكلم كلاما يسمعه
الناس منك، ويشهدون عليه ويشهد اللّه على ما في قلبك من
النزوع والانابة، فان‏البلادقد تمخ ضت عليك، فلا آمن ركبا
آخرين يقدمون من الكوفة فتقول: يا علي اركب اليهم، ولا اقدر
ان‏اركب اليهم ولا اسمع عذرا، ويقدم ركب آخرون من البصرة
فتقول: يا علي اركب اليهم، فان لم افعل رايتني‏قد قطعت
رحمك واستخففت بحقك‏». قال: فخرج عثمان وخطب
الخطبة التي نزع فيها واعط‏ى الناس من‏نفسه التوبة، فقام
فحمد اللّه واثنى عليه بما هو اهله، ثم قال:
اما بعد، ايها الناس فواللّه ما عاب من عاب منكم شيئا اجهله، وما
جئت شيئا الا وانا اعرفه، ولكني منتني‏نفسي وكذبتني، وضل
عني رشدي، ولقد سمعت رسول اللّه (ص) يقول: «من زل
فليتب ((649)) ومن اخطافليتب ولا يتمادى في الهلكة، ان
من تمادى في الجور كان ابعد من الطريق‏»، فانا اول من اتعظ،
استغفر اللّه ممافعلت، واتوب اليه، فمثلي نزع وتاب، فاذا نزلت
فلياتني اشرافكم فليروني رايهم، فواللّه لئن ردني الى الحق‏عبد
لاستنن بسنة العبد، ولاذلن ذل العبد، ولاكونن كالمرقوق، ان
ملك صبر، وان عتق شكر، وما من اللّهمذهب الا اليه، فلا يعجزن
عنكم خياركم ان يدنوا الي، لئن ابت يميني لتتابعني شمالي.
قال: فرق الناس له يومئذ، وبكى من بكى منهم، وقام اليه سعيد
بن يزيد ((650)) فقال: يا امير المؤمنين ليس‏بواصل لك من
ليس معك، اللّه اللّه في نفسك، فاتمم على ما قلت.
فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان وسعيدا ((651)) ونفرا
من بني امية ولم يكونوا شهدوا الخطبة، فلما جلس قال‏مروان:
يا امير المؤمنين: اتكلم ام اصمت؟ فقالت نائلة ابنة الفرافصة
امراة عثمان الكلبية: لا بل اصمت‏فانهم واللّه قاتلوه ومؤثموه،
انه قد قال مقالة لا ينبغي له ان ينزع عنها. فاقبل عليها مروان
فقال: ماانت‏وذاك؟ فواللّه لقد مات ابوك وما يحسن يتوضا.
فقالت له: مهلا يا مروان عن ذكر الاباء، تخبر عن ابي‏وهو غائب
تكذب عليه، وان اباك لا يستطيع ان يدفع عنه، اما واللّه لولا انه
عمه وانه يناله غمه اخبرتك‏عنه ما لن اكذب عليه. قال:
فاعرض عنها مروان، ثم قال: يا امير المؤمنين اتكلم ام اصمت؟
قال: بل تكلم.فقال مروان: بابي انت وامي واللّه لوددت ان
مقالتك هذه كانت وانت ممنع منيع فكنت اول من رضي
بهاواعان عليها ولكنك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين،
وخلف السيل الزبى، وحين اعط‏ى الخطة الذليلة‏الذليل، واللّه
لاقامة على خطيئة تستغفر اللّه منها اجمل من توبة تخوف
عليها، وانك ان شئت تقربت بالتوبة‏ولم تقرر بالخطيئة، وقد
اجتمع اليك على الباب مثل الجبال من الناس. فقال عثمان:
فاخرج اليهم فكلمهم‏فاني استحي ان اكلمهم. قال: فخرج
مروان الى الباب والناس يركب بعضهم بعضا فقال: ما شانكم
قداجتمعتم؟ كانكم قد جئتم لنهب، شاهت الوجوه، كل انسان
آخذ باذن صاحبه الا من اريد ((652))؟ جئتم‏تريدون ان تنزعوا
ملكنا من ايدينا اخرجوا عنا، اما واللّه لئن‏رمتمونا ليمرن عليكم
منا امر لا يسركم ولاتحمدوا غب رايكم، ارجعوا الى منازلكم،
فانا واللّه ما نحن مغلوبين على ما في ايدينا، قال: فرجع
الناس‏وخرج بعضهم حتى اتى عليا فاخبره الخبر، فجاء علي (ع)
مغضبا حتى دخل على عثمان فقال: «اما رضيت‏من مروان ولا
رضي منك الا بتحرفك ((653)) عن دينك وعن عقلك مثل
جمل الظعينة يقاد حيث يسار به؟واللّه ما مروان بذي راي في
دينه ولا نفسه، وايم اللّه اني لاراه سيوردك ثم لا يصدرك، وما
انا بعائد بعدمقامي هذا لمعاتبتك، اذهبت شرفك، وغلبت على
امرك‏».
فلما خرج علي دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امراته، فقالت:
اتكلم او اسكت؟ فقال: تكلمي. فقال: قدسمعت قول علي لك
وانه ليس يعاودك، وقد اطعت مروان يقودك حيث شاء، قال:
فما اصنع؟ قالت: تتقي اللّهوحده لا شريك له وتتبع سنة
صاحبيك من قبلك، فانك متى اطعت مروان قتلك، ومروان
ليس له عندالناس قدر ولا هيبة ولا محبة، وانما تركك الناس
لمكان مروان، فارسل الى علي فاستصلحه فان له قرابة‏منك
وهو لا يعصى. قال: فارسل عثمان الى علي فابى ان ياتيه، وقال:
«قد اعلمته اني لست بعائد». فبلغ‏مروان مقالة نائلة فيه، فجاء
الى عثمان فجلس بين يديه، فقال: اتكلم او اسكت؟ فقال:
تكلم. فقال: ان‏بنت‏الفرافصة، فقال عثمان: لا تذكرن ها بحرف
فاسوء لك وجهك فهي واللّه انصح لي منك، فكف‏مروان
. ((654))
صورة اخرى من التوبة :
من طريق ابي عون، قال: سمعت عبد الرحمن بن الاسود بن
عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم، قال: قبح اللّهمروان، خرج
عثمان الى الناس فاعطاهم الرضا، وبكى على المنبر وبكى
الناس حتى نظرت الى لحية عثمان‏مخضلة من الدموع وهو
يقول: اللهم اني اتوب اليك، اللهم اني اتوب اليك، اللهم اني
اتوب اليك، واللّهلئن‏ردني الحق الى ان اكون عبدا قنا لارضين
به، اذا دخلت منزلي فادخلوا علي، فواللّهلا احتجب
منكم‏ولاعطينكم [الرضا] ((655)) ولازيدنكم على الرضا،
ولانحين مروان وذويه.
قال: فلما دخل امر بالباب ففتح، ودخل بيته ودخل عليه
مروان، فلم يزل يفتله في الذروة والغارب حتى‏فتله عن رايه،
وازاله عما كان يريد، فلقد مكث عثمان ثلاثة ايام ما خرج
استحياء من الناس، وخرج مروان‏الى الناس، فقال: شاهت
الوجوه الا من اريد، ارجعوا الى منازلكم، فان يكن لامير
المؤمنين حاجة باحدمنكم يرسل اليه والا قر في بيته. قال
عبدالرحمن: فجئت الى علي فاجده بين القبر والمنبر واجد
عنده عماربن ياسر ومحمد بن ابي بكر وهما يقولان: صنع
مروان بالناس وصنع. قال: فاقبل علي علي، فقال:«احضرت
خطبة عثمان؟» قلت: نعم. قال: «افحضرت مقالة مروان
للناس؟» قلت: نعم. قال علي: «عياذ اللّه ياللمسلمين، اني ان
قعدت في بيتي قال لي: تركتني وقرابتي وحقي، واني ان
تكلمت فجاء ما يريد يلعب به‏مروان، فصار سيقة له يسوقه حيث
شاء بعد كبر السن وصحبة رسول اللّه (ص)».
قال عبدالرحمن بن الاسود: فلم يزل حتى جاء رسول عثمان:
ائتني. فقال علي‏بصوت مرتفع عال مغضب:«قل له: ما انا بداخل
عليك ولا عائد». قال: فانصرف الرسول، فلقيت عثمان بعد
ذلك بليلتين جائيا ((656))،فسالت ناتلا غلامه: من اين جاء
امير المؤمنين؟ فقال: كان عند علي، فقال عبدالرحمن بن
الاسود: فغدوت‏فجلست مع علي (ع) فقال لي: «جاءني عثمان
البارحة، فجعل يقول: اني غير عائد واني فاعل، قال: فقلت‏له:
بعدما تكلمت به على منبر رسول اللّه (ص)، واعطيت من
نفسك، ثم دخلت بيتك، وخرج مروان الى‏الناس فشتمهم على
بابك ويؤذيهم؟ قال: فرجع وهو يقول: قطعت رحمي وخذلتني
وجرات الناس علي.فقلت: واللّه اني لاذب الناس عنك، ولكني
كلما جئتك بهنة اظنها لك رضا جاء باخرى، فسمعت
قول‏مروان علي واستدخلت مروان‏». قال: ثم انصرف الى بيته،
فلم ازل ارى عليا منكبا عنه لا يفعل ما كان يفعل ((657)).

عهد آخر بعد حنث الاول
اخرج الطبري من طريق عبداللّه بن الزبير عن ابيه، قال: كتب
اهل المدينة‏الى عثمان يدعونه الى التوبة،ويحتجون ويقسمون
له باللّه لا يمسكون عنه ابدا حتى يقتلوه، او يعطيهم ما يلزمه
من حق اللّه، فلما خاف‏القتل شاور نصحاءه واهل بيته، فقال
لهم: قد صنع القوم ما قد رايتم فما المخرج؟ فاشاروا عليه ان
يرسل الى‏علي بن ابي طالب فيطلب اليه ان يردهم عنه
ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتى ياتيه امداده،
فقال:ان‏القوم لن يقبلوا التعليل، وهم محم لي عهدا وقد كان
مني في قدمتهم الاولى ما كان، فمتى اعطهم ذلك‏يسالوني
الوفاء به.
فقال مروان بن الحكم: يا امير المؤمنين مقاربتهم حتى تقوى
امثل من مكاثرتهم على القرب، فاعطهم ماسالوك، وطاولهم ما
طاولوك، فانما هم بغوا عليك فلا عهد لهم.
فارسل الى علي فدعاه، فلما جاءه قال: يا ابا حسن انه قد كان
من الناس ما قد رايت، وكان مني ما قدعلمت، ولست آمنهم
على قتلي، فارددهم عني، فان لهم اللّه عز وجل ان اعتبهم من
كل ما يكرهون، وان‏اعطيهم الحق من نفسي ومن غيري وان
كان في ذلك سفك دمي.
فقال له علي: «الناس الى عدلك احوج منهم الى قتلك، واني
لارى قومالا يرضون الا بالرضا، وقد كنت‏اعطيتهم في قدمتهم
الاولى عهدا من اللّه لترجعن عن جميع ما نقموا، فرددتهم
عنك، ثم لم تف لهم بشي‏ء من‏ذلك، فلا تغرني هذه المرة من
شي‏ء، فاني معطيهم عليك الحق‏».
قال: نعم، فاعطهم فواللّه لا فين لهم.
فخرج علي الى الناس، فقال: «ايها الناس انكم انما طلبتم الحق
فقد اعطيتموه، ان عثمان قد زعم انه منصفكم‏من نفسه ومن
غيره، وراجع عن جميع ما تكرهون، فاقبلوا منه ووكدوا عليه‏».
قال الناس: قد قبلنا،فاستوثق منه لنا، فانا واللّه لا نرضى بقول
دون فعل. فقال لهم علي: «ذلك لكم‏». ثم دخل عليه
فاخبره‏الخبر، فقال عثمان: اضرب بيني وبينهم اجلا يكون لي
فيه مهلة، فاني لا اقدر على رد ما كرهوا في يوم‏واحد، قال له
علي: «ما حضر بالمدينة فلا اجل فيه، وما غاب فاجله وصول
امرك‏»، قال: نعم، ولكن اجلني‏في ما بالمدينة ثلاثة ايام. قال
علي: «نعم‏». فخرج الى الناس فاخبرهم بذلك، وكتب بينهم
وبين عثمان كتابا اجله فيه ثلاثا على ان يرد كل مظلمة،ويعزل

كل عامل كرهوه، ثم اخذ عليه في الكتاب اعظم ما اخذ اللّهعلى
احد من خلقه من عهد وميثاق، واشهد عليه‏ناسا من وجوه
المهاجرين‏والانصار، فكف‏المسلمون‏عنه‏ورجعوا الى‏ان يفي لهم
بما اعطاهم من نفسه.
فجعل يتاهب للقتال ويستعد بالسلاح، وقد كان اتخذ جندا
عظيما من رقيق الخمس، فلما مضت الايام الثلاثة‏وهو على
حاله لم يغير شيئا مما كرهوه، ولم يعزل عاملا، ثار به الناس،
وخرج عمرو بن حزم الانصاري‏حتى اتى المصريين وهم بذي
خشب، فاخبرهم الخبر وسار معهم حتى قدموا المدينة،
فارسلوا الى عثمان: الم‏نفارقك على انك زعمت انك تائب من
احداثك، وراجع عما كرهنا منك، واعطيتنا على ذلك عهد
اللّهوميثاقه؟ قال: بلى انا على ذلك. قال: فما هذا الكتاب الذي
وجدنا مع رسولك؟ الحديث ((658)).

سياسة ضئيلة
لما تكلم علي مع المصريين ورجعهم الى بلادهم ورجع هو الى
المدينة دخل على عثمان‏واخبره انهم رجعوا،فمكث عثمان
ذلك اليوم، حتى اذا كان الغد جاءه مروان فقال له: تكلم واعلم
الناس ان اهل مصر قد رجعوا،وان ما بلغهم عن امامهم كان
باطلا فان خطبتك تسير في البلاد قبل ان يتحلب الناس
عليك من امصارهم‏فياتيك من لا تستطيع دفعه، فابى عثمان
ان يخرج، فلم يزل به مروان حتى خرج فجلس على المنبر
فحمداللّه واثنى عليه ثم قال: اما بعد: ان هؤلاء القوم من اهل
مصر كان بلغهم عن امامهم امر فلما تيقنوا انه باطل‏ما بلغهم
عنه رجعوا الى بلادهم.
فناداه الناس من كل ناحية: اتق اللّه يا عثمان وتب الى اللّه.
وكان اولهم عمرو ابن العاصي. قال: اتق اللّه ياعثمان فانك قد
ركبت نهابير وركبناها معك فتب الى اللّه نتب. الى آخر ما مر
في هذا الجزء صفحة(137).

(42) قصة ((644))الحصار الثاني
اخرج البلاذري من طريق ابي مخنف قال: لما شخص
المصريون بعد الكتاب‏الذي كتبه عثمان فصاروابايلة ((660)) او
بمنزل قبلها راوا راكبا خلفهم يريد مصر فقالواله: من انت؟
فقال: رسول امير المؤمنين الى عبداللّهبن سعد، وانا غلام امير
المؤمنين. وكان اسود، فقال بعضهم لبعض: لو انزلناه وفتشناه
الا يكون صاحبه قدكتب فينا بشي‏ء، ففعلوا فلم يجدوا معه
شيئا، فقال بعضهم لبعض: خلوا سبيله، فقال كنانة بن بشر: اما
واللّهدون ان انظر في اداوته فلا. فقالوا: سبحان اللّه ايكون كتاب
في ماء؟ فقال: ان للناس حيلا. ثم حل الاداوة‏فاذا فيها قارورة
مختومة، او قال: مضمومة، في جوف القارورة كتاب في انبوب
من رصاص فاخرجه فقرئ‏فاذا فيه:
اما بعد: فاذا قدم عليك عمرو بن بديل فاضرب عنقه، واقطع
يدي ابن عديس وكنانة وعروة، ثم دعهم‏يتشحطون في
دمائهم حتى يموتوا، ثم اوثقهم على جذوع النخل.
فيقال: ان مروان كتب الكتاب بغير علم عثمان، فلما عرفوا ما
في الكتاب، قالوا: عثمان محل. ثم رجعوا عودهم‏على بدئهم
حتى دخلوا المدينة فلقوا عليا بالكتاب وكان خاتمه من
رصاص، فدخل به علي على عثمان‏فحلف باللّه ما هو كتابه ولا
يعرفه وقال: اما الخط فخط كاتبي، واما الخاتم فعلى خاتمي،
قال علي: «فمن‏تتهم؟» قال: اتهمك واتهم كاتبي. فخرج علي
مغضبا وهو يقول: «بل هو امرك‏». قال ابو مخنف: وكان
خاتم‏عثمان بدءا عند حمران بن ابان ثم اخذه مروان حين
شخص حمران الى البصرة فكان معه.
وفي لفظ جهيم الفهري قال: انا حاضر امر عثمان فذكر كلاما
في امر عمار. فانصرف القوم راضين، ثم‏وجدواكتابا الى عامله
على مصر ان يضرب اعناق رؤساء المصرى ين، فرجعوا ودفعوا
الكتاب الى علي فاتاه به‏فحلف له انه لم يكتبه ولم يعلم به.
فقال له علي: «فمن تتهم فيه؟» فقال: اتهم كاتبي واتهمك يا
علي! لانك مطاع‏عند القوم ولم تردهم عني.
وجاء المصريون الى دار عثمان فاحدقوا بها وقالوا لعثمان وقد
اشرف عليهم: يا عثمان اهذا كتابك؟ فجحدوحلف، فقالوا: هذا
شر، يكتب عنك بما لا تعلمه، مامثلك يلي امور المسلمين،
فاختلع من الخلافة. فقال: ماكنت لانزع قميصا قمصنيه اللّه، او
قال: سربلنيه اللّه. وقالت بنو امية: يا علي افسدت علينا امرنا
ودسست‏والبت، فقال: «يا سفهاء انكم لتعلمون انه لا ناقة لي في
هذا ولا جمل، واني رددت اهل مصر عن عثمان ثم‏اصلحت امره
مرة بعد اخرى فما حيلتي؟» وانصرف وهو يقول: «اللهم اني
بري‏ء مما يقولون ومن دمه ان‏حدث به حدث‏».
قال: وكتب عثمان حين حصروه كتابا قراه ابن الزبير على
الناس يقول فيه: واللّه ما كتبت الكتاب ولا امرت‏به ولا علمت
بقصته وانتم معتبون من كل ما ساءكم، فامروا على مصركم من
احببتم، وهذه مفاتيح بيت‏مالكم فادفعوها الى من‏شئتم. فقالوا:
قد اتهمناك بالكتاب فاعتزلنا.
واخرج ابن سعد ((661)) من طريق جابر بن عبداللّه الانصاري،
قال: ان عثمان وجه الى المصريين لما اقبلوايريدونه محمد بن
مسلمة في خمسين من الانصار انا فيهم فاعطاهم الرضا
وانصرفوا، فلما كانوا ببعض‏الطريق راوا جملا عليه ميسم
الصدقة فاخذوه، فاذا غلام لعثمان ففتشوه، فاذا معه قصبة من
رصاص في‏جوف اداوة فيها كتاب الى عامل مصر: ان افعل
بفلان كذا، وبفلان كذا، فرجع القوم الى المدينة فارسل‏اليهم
عثمان محمد بن مسلمة، فلم يرجعوا وحصروه.
صورة اخرى :
عن سعيد بن المسيب قال: ان عثمان لما ولي كره ولايته نفر
من اصحاب رسول‏اللّه (ص) لان عثمان كان‏يحب قومه، فولي
الناس اثنتي عشرة سنة، وكان كثيرا ما يولي بني امية ممن لم
يكن له من رسول اللّه (ص)صحبة، وكان يجي‏ء من امرائه ما
يكره اصحاب محمد، فكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم، فلما كان
في الحجج‏الاخرة استاثر ببني عمه فولاهم وولى عبداللّه بن
سعد بن ابي سرح مصر، فمكث عليها سنين فجاء اهل‏مصر
يشكونه ويتظلمون منه، وقد كانت من عثمان قبل هنات الى
عبداللّه بن مسعود وابي ذر وعمار بن‏ياسر، فكان في قلوب
هذيل وبني زهرة وبني غفار واحلافها من غضب لابي ذر ما
فيها، وحنقت بنومخزوم لحال عمار بن ياسر، فلما جاء اهل مصر
يشكون ابن ابي سرح، كتب اليه كتابا يتهدده فيه، فابى
ان‏ينزع‏عما نهاه عثمان عنه وضرب بعض من شكاه الى عثمان
من اهل مصر حتى قتله، فخرج‏من اهل مصرسبعمائة رجل الى
المدينة فنزلوا المسجد وشكوا ما صنع بهم ابن ابي سرح في
مواقيت الصلاة الى اصحاب‏محمد، فقام طلحة الى عثمان
فكلمه بكلام شديد، وارسلت اليه عائشة رضي اللّه تعالى عنها
تساله ان‏ينصفهم من عامله، ودخل عليه علي بن ابي طالب
وكان متكلم القوم فقال له: «انما يسالك القوم‏رجلامكان
رجل، وقد ادعوا قبله دما فاعزله عنهم واقض بينهم، فان وجب
عليه حق‏فانصفهم منه‏». فقال‏لهم: اختاروا رجلا اول يه عليكم
مكانه. فاشار الناس عليهم بمحمد بن ابي بكر الصديق فقالوا:
استعمل‏علينا محمد بن ابي بكر. فكتب عهده وولاه ووجه
معهم عدة من المهاجرين والانصار ينظرون فيما بينهم‏وبين
ابن ابي سرح، فشخص محمد بن ابي بكر وشخصوا جميعا، فلما
كانوا على مسيرة ثلاث من المدينة اذاهم بغلام اسود على بعير
وهو يخبط البعير خبطا كانه رجل يطلب او يطلب، فقال له
اصحاب محمد بن ابي‏بكر: ما قصتك؟ وما شانك؟ كانك هارب
او طالب. فقال لهم مرة: انا غلام امير المؤمنين، وقال اخرى:
اناغلام مروان، وجهني الى عامل مصر برسالة، قالوا: فمعك
كتاب؟ قال: لا. ففتشوه، فلم يجدوا معه شيئاوكانت معه اداوة
قد يبست فيها شي‏ء يتقلقل فحركوه ليخرج فلم يخرج،
فشقواالاداوة فاذا فيها كتاب من‏عثمان الى ابن ابي سرح.
فجمع محمد من كان معه من المهاجرين والانصار وغيرهم ثم
فك الكتاب بمحضر منهم فاذا فيه: اذا اتاك‏محمد بن ابي بكر
وفلان وفلان فاحتل لقتلهم وابطل كتاب محمد وقر على
عملك حتى ياتيك رايي، واحبس‏من يجي‏ء الي متظلما منك
ان شاء اللّه، فلما قراوا الكتاب فزعوا وغضبوا ورجعوا الى المدينة
وختم محمد بن‏ابي‏بكر الكتاب بخواتيم نفر ممن كان معه
ودفعه الى رجل منهم وقدموا المدينة، فجمعوا عليا وطلحة
والزبيروسعدا ومن كان من اصحاب النبي (ص) ثم فكوا الكتاب
بمحضر منهم واخبروهم بقصة الغلام واقراوهم‏الكتاب، فلم
يبق احد من اهل المدينة الا حنق على عثمان، وزاد ذلك من
كان غضب لابن مسعود وعمار بن‏ياسر وابي ذر حنقا وغيظا،
وقام اصحاب النبي (ص) بمنازلهم ما منهم احد الا وهو مغتم
لما في‏الكتاب.
وحاصر الناس عثمان واجلب عليه محمد بن ابي بكر ببني تيم
وغيرهم،واعانه على ذلك طلحة بن عبيد اللّه،وكانت عائشة
تقرصه كثيرا، ودخل علي وطلحة والزبير وسعد وعمار في نفر
من اصحاب محمد (ص)كلهم بدري على عثمان ومع علي
الكتاب والغلام والبعير، فقال له علي: «هذا الغلام غلامك؟»
قال: نعم. قال:«والبعير بعيرك؟» قال: نعم. قال: «وانت كتبت
هذا الكتاب؟» قال: لا، وحلف باللّه: ما كتبت هذا الكتاب
ولاامرت به ولا علمت شانه، فقال له علي: «افالخاتم خاتمك؟»
قال: نعم. قال: «فكيف يخرج غلامك ببعيرك‏بكتاب عليه
خاتمك ولا تعلم به؟» فحلف باللّه: ما كتبت الكتاب ولا امرت به
ولا وجهت هذا الغلام الى‏مصر قط. وعرفوا ان الخط خط مروان
فسالوه ان يدفع اليهم مروان فابى، وكان مروان عنده في
الدار،فخرج اصحاب محمد (ص) من عنده غضابا وعلموا انه لا
يحلف بباطل، الا ان قوما قالوا: لن يبرا عثمان‏في قلوبنا الا ان
يدفع الينا مروان حتى نبحثه عن الامر ونعرف حال الكتاب،
وكيف يؤمر بقتل رجال من‏اصحاب رسول اللّه بغير حق؟ فان
يكن عثمان كتبه عزلناه، وان يكن مروان كتبه عن لسان
عثمان نظرنا مايكون منا في امر مروان، فلزموا بيوتهم فابى
عثمان ان يخرج مروان.
فحاصر الناس عثمان ومنعوه الماء، فاشرف على الناس فقال:
افيكم علي؟ فقالوا: لا. قال: افيكم سعد؟فقالوا: لا. فسكت، ثم
قال الا احد يبلغ عليا فيسقينا ماء؟ فبلغ ذلك عليا فبعث اليه
بثلاث قرب مملوءة ماءفما كادت تصل اليه، وجرح بسببها عدة
من موالي بني هاشم وبني امية حتى وصلت.
لفظ الواقدي :
من طريق محمد بن مسلمة، وقد اسلفنا صدره في (ص‏132،
133)، واليك بقيته: فوجدنا فيه هذا الكتاب فاذا فيه:

اما بعد: فاذا قدم عليك عبدالرحمن بن عديس فاجلده مئة،
واحلق راسه ولحيته، اطل حبسه حتى ياتيك‏امري، وعمرو بن
الحمق، فافعل به مثل ذلك، وسودان بن حمران مثل ذلك،
وعروة بن البياع الليثي مثل‏ذلك. قال: فقلت: وما يدريكم ان
عثمان كتب بهذا؟ قالوا: فيقتات ((662)) مروان على عثمان
بهذا؟ فهذا شر،فيخرج نفسه من هذا الامر. ثم قالوا: انطلق معنا
اليه فقد كلمنا عليا ووعدنا ان يكلمه اذا صلى الظهر،وجئنا
سعد بن ابي وقاص فقال: لا ادخل في امركم، وجئناسعيد بن
زيد بن عمرو فقال مثل هذا، فقال‏محمد: فاين وعدكم علي؟
قالوا : وعدنا اذا صلى الظهر ان يدخل عليه. قال محمد: فصليت
مع علي، قال: ثم‏دخلت انا وعلي عليه فقلنا: ان هؤلاء
المصريين بالباب فاذن لهم، قال: ومروان جالس فقال
مروان:دعني‏جعلت فداك اكلمهم. فقال عثمان: فض اللّه فاك
اخرج عني، وما كلامك في هذا الامر؟ فخرج مروان واقبل‏علي
عليه، قال : وقد انهى المصريون اليه مثل الذي انهوا الي فجعل
علي يخبره ما وجدوا في كتابهم، فجعل‏يقسم باللّه ما كتب ولا
علم ولا شوور فيه، فقال محمد بن مسلمة: واللّه انه لصادق،
ولكن هذا عمل مروان،فقال علي: «فادخلهم عليك فليسمعوا
عذرك‏». قال: ثم اقبل عثمان على علي فقال: ان لي قرابة
ورحما واللّه لوكنت في هذه الحلقة لحللتها عنك، فاخرج اليهم
فكلمهم فانهم يسمعون منك. قال علي: «واللّه ما انا بفاعل‏ولكن
ادخلهم حتى تعتذر اليهم‏» قال: فادخلوا.