وفي لفظ له ايضا: «من اهل بعمرة من بيت المقدس كانت له
كفارة لما قبلها من الذنوب‏». قالت: فخرجت‏امي ((945)) من
بيت المقدس بعمرة.
وقال ابو داود بعد الحديث: يرحم اللّه وكيعا احرم من بيت
المقدس يعني الى مكة.
راجع ((946)) مسند احمد (6/299)، سنن ابي داود (1/275)،
سنن ابن ماجة (2/235)، سنن البيهقي (5/30)،مصابيح السنة
للبغوي (1/170)، والترغيب والترهيب للمنذري (2/61) ذكره
بالالفاظ المذكورة وصححه‏من طريق ابن ماجة وقال: ورواه
ابن حبان في صحيحه.
2 اخرج ابن عدي ((947)) والبيهقي من طريق ابي هريرة
عن رسول اللّه (ص) في قوله تعالى(واتمواالحج‏والعمرة للّه )
: ان من تمام‏الحج ان تحرم من دويرة اهلك. ((948))
سنن البيهقي (5/30)، الدر المنثور ((949)) (1/208)، نيل
الاوطار ((950)) (5/26) قال: ثبت ذلك مرفوعا من‏حديث ابي
هريرة.
3 اخرج الحفاظ من طريق علي امير المؤمنين، انه قال في
قوله تعالى: (واتموا الحج والعمرة للّه ): «اتمامهماان تحرم بهما
من دويرة اهلك‏».
اخرجه ((951)) وكيع، وابن ابي شيبة، وعبد بن حميد، وابن
المنذر، وابن ابي حاتم، والنحاس في ناسخه(ص‏34)، وابن
جرير في تفسيره (2/120)، والحاكم في المستدرك (2/276)،
وصححه واقره الذهبي،والبيهقي في السنن الكبرى (5/30)،
والجصاص في احكام القرآن (1/337، 354)، تفسير ابن جزي
(1/74)،تفسير الرازي (2/162)، تفسير القرطبي (2/343)،
تفسير ابن كثير (1/230)، الدر المنثور (1/208) ، نيل‏الاوطار
(5/26).
4 قال الجصاص في احكام القرآن ((952)) (1/310): روي عن
علي وعمر وسعيد ابن جبير وطاووس، قالوا:اتمامهما ان تحرم
بهما من دويرة اهلك.
وقال في (ص‏337): اما الاحرام بالعمرة قبل الميقات فلا خلاف
بين الفقهاء فيه. وروي عن الاسود بن‏يزيد، قال: خرجنا عمارا،
فلما انصرفنا مررنا بابي ذر فقال: احلقتم الشعث وقضيتم
التفث؟ اما ان العمرة‏من مدركم. وانما اراد ابو ذر: ان الافضل
انشاءالعمرة من‏اهلك، كما روي عن علي: تمامهما ان‏تحرم
بهمامن‏دويرة اهلك.
وقال الرازي في تفسيره ((953)) (2/162): روي عن علي وابن
مسعود: ان اتمامهما ان يحرم من دويرة اهله.وقال في
(ص‏172): اشتهر عن اكابر الصحابة انهم قالوا: من اتمام الحج
ان يحرم المرء من دويرة اهله.
وقال القرطبي في تفسيره ((954)) (2/343) بعد ذكره حديث
علي (ع): وروي ذلك عن عمر وسعد بن ابي‏وقاص وفعله
عمران بن حصين. ثم قال: اما ما روي عن علي وفعله عمران
بن حصين في الاحرام قبل‏المواقيت التي وقتها رسول اللّه
(ص) فقد قال به عبداللّه بن مسعود وجماعة من السلف، وثبت
ان عمر اهل‏من ايلياء ((955))، وكان الاسود وعلقمة
وعبدالرحمن وابو اسحاق يحرمون من بيوتهم، ورخص فيه
الشافعي.ثم‏ذكر حديث ام سلمة المذكور.
وقال ابن كثير في تفسيره (1/230) بعد حديث علي (ع): وكذا
قال ابن عباس وسعيد بن جبير وطاووس‏وسفيان الثوري.
5 اخرج البيهقي في السنن الكبرى (5/30) من طريق نافع
عن ابن عمر: انه احرم من ايلياء عام حكم‏الحكمين.
واخرج مالك في الموطا ((956)) (1/242): ان ابن عمر اهل
بحجة من ايلياء. وذكره ابن الديبع في تيسيرالوصول ((957))
(1/264)، وسيوافيك عن ابن المنذر في كلام ابي زرعة: انه
ثابت.
قال الشافعي في كتاب الام ((958)) (2/118): اخبرنا سفيان
بن عيينة، عن عمرو ابن دينار، عن طاووس، قال:قال ولم
يسم عمرو القائل الا انا نراه ابن عباس : الرجل يهل من اهله
ومن بعد ما يجاوز اين شاء ولايجاوز الميقات الا محرما. الى ان
قال:
قلت: انه لا يضيق عليه ان يبتدئ الاحرام قبل الميقات كما لا
يضيق عليه لو احرم من اهله، فلم يات‏الميقات الا وقد تقدم
باحرامه، لانه قد اتى بما امر به من ان يكون محرما من الميقات.
انتهى.
قال ملك العلماء في بدائع الصنائع (2/164): كلما قدم الاحرام
على المواقيت هو افضل. وروي عن ابي‏حنيفة: ان ذلك افضل
اذا كان يملك نفسه ان يمنعها ما يمنع منه الاحرام. وقال
الشافعي: الاحرام من الميقات‏افضل بناء على اصله ان الاحرام
ركن‏فيكون من افعال الحج، ولو كان كما زعم لما جاز تقديمه
على الميقات،لان افعال الحج لا يجوز تقديمها على اوقاتها
((959)) وتقديم الاحرام على الميقات جائز بالاجماع اذا كان
في‏اشهر الحج، والخلاف في الافضلية دون الجواز، ولنا قوله
تعالى: (واتموا
الحج والعمرة للّه)، وروي عن علي وابن مسعود غ انهما قالا:
اتمامهما ان تحرم بهما من دويرة اهلك. وروي‏عن ام سلمة...
الى آخره.
وقال القرطبي في تفسيره ((960)) (2/345): اجمع اهل العلم
على ان من احرم قبل ان ياتي الميقات انه محرم،وانما منع من
ذلك من راى الاحرام عند الميقات افضل، كراهية ان يضيق
المرء على نفسه ما وسع اللّه عليه،وان يتعرض بما لا يؤمن ان
يحدث في احرامه، وكلهم الزمه الاحرام اذا فعل ذلك، لانه زاد
ولم ينقص.
وقال الحافظ ابو زرعة في طرح التثريب (5/5 6): قد بينا ان
معنى التوقيت بهذه المواقيت منع مجاوزتهابلا احرام اذا كان
مريدا للنسك، اما الاحرام قبل الوصول اليها فلا مانع منه عند
الجمهور، ونقل غير واحدالاجماع عليه، بل ذهب طائفة من
العلماء الى ترجيح الاحرام من دويرة اهله على التاخير الى
الميقات وهواحد قولي الشافعي، ورجحه من اصحابه القاضي
ابو الطيب والروياني والغزالي والرافعي وهو مذهب ابي‏حنيفة،
وروي عن عمر وعلي انهما قالا في قوله تعالى: (واتموا الحج
والعمرة للّه): اتمامهما ان تحرم بهما من‏دويرة اهلك. وقال ابن
المنذر: ثبت ان ابن عمر اهل من ايلياء يعني بيت المقدس،
وكان الاسود وعلقمة‏وعبدالرحمن وابو اسحاق يحرمون من
بيوتهم. انتهى. لكن الاصح عند النووي ((961)) من قولي
الشافعي:ان‏الاحرام من الميقات افضل، ونقل تصحيحه عن
الاكثرين والمحق قين، وبه قال احمد واسحاق، وحكى
ابن‏المنذر فعله عن عوام اهل العلم بل زاد مالك عن ذلك فكرة
تقدم الاحرام على الميقات، قال ابن المنذر:وروينا عن عمر انه
انكر على عمران بن حصين احرامه من البصرة، وكره الحسن
البصري وعطاء بن ابي‏رباح ومالك الاحرام من المكان البعيد.
انتهى.
وعن ابي حنيفة رواية، انه ان كان يملك نفسه عن الوقوع في
محظور فالاحرام من دويرة اهله افضل،والافمن الميقات، وبه
قال بعض الشافعية.
وشذ ابن حزم الظاهري ((962)) فقال: ان احرم قبل هذه
المواقيت وهو يمر عليها فلا احرام له الا ان ينوي اذاصار [الى]
((963)) الميقات تجديد احرام. وحكاه عن داود واصحابه
((964)) وهو قول مردود بالاجماع قبله على‏خلافه قاله
النووي، وقال ابن المنذر: اجمع اهل العلم على ان من احرم
قبل ان ياتي الميقات فهو محرم، وكذانقل الاجماع في ذلك
الخطابي وغيره. انتهى.
وذكر الشوكاني في نيل الاوطار ((965)) (5/26) جواز تقديم
الاحرام على الميقات مستدلا عليه بما مر في قوله‏تعالى:
(واتموا الحج والعمرة للّه). ثم قال:
واما قول صاحب المنار: انه لو كان افضل لما تركه جميع
الصحابة، فكلام على غير قانون الاستدلال، وقدحكى في
التلخيص انه فسره ابن عيينة فيما حكاه عنه احمد بان ينشئ
لهما سفرا من اهله، ولكن لا يناسب‏لفظ الاهلال الواقع في
حديث الباب ولفظ الاحرام الواقع في حديث ابي هريرة. انتهى.
والامعان في هذه الماثورات من الاحاديث والكلم يعط‏ي
حصول الاجماع على جواز تقديم الاحرام على‏الميقات، وان
الخلاف في الافضل من التقديم والاحرام من الميقات، لكن
الخليفة لم يعط النظر حقه، ولم‏يوف‏للاجتهاد نصيبه، او انه
عزبت عنه السنة الماثورة، فطفق يلوم عبداللّه بن عامر، او انه
احب ان يكون‏له في المسالة راي خاص، وقد قال شمس الدين
ابو عبداللّه الذهبي:
العلم قال اللّه قال رسوله
ان صح والاجماع فاجهد فيه
وحذار من نصب الخلاف جهالة
بين الرسول وبين راي فقيه
وهلم معي واعطف النظرة فيما ذكرناه عن ابن حزم من ان
عثمان لا يعيب عملا صالحا... الى آخره. فانه غيرمدعوم بالحجة
غير حسن الظن بعثمان، وهذا يجري في اعمال المسلمين
كافة مالم يزع عنه وازع، وسيرة‏الرجل تابى عن الظن الحسن
به، واما مسالتنا هذه فقد عرفنا فيها السنة الثابتة وان نهي
عثمان مخالف لها،وليس من الهين الفت في عضد السنة
لتعظيم انسان وتبرير عمله، فان المتبع في كافة القرب ما ثبت
من‏الشرع، ومن خالفه عيب عليه كائنا من كان.
واما تشبثه بالهوان بالنسك فتافه جدا، واي هوان بها في التاهب
لها قبل ميقاتها بقربة مطلقة ان لم يكن‏تعظيما لشعائر اللّه،
وانما الهوان المحرم بالنسك ادخال الاراء فيها على الميول
والشهوات، (ولا تقولوا لماتصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا
حرام لتفتروا على اللّه الكذب ان الذين يفترون على اللّه الكذب
لا يفلحون) ((966)).

(22) لولا علي لهلك عثمان
اخرج الحافظ العاصمي في كتابه زين الفتى في شرح سورة هل
اتى، من طريق شيخه ابي بكر محمد بن‏اسحاق بن محمشاد
يرفعه: ان رجلا اتى عثمان بن عفان وهو امير المؤمنين وبيده
جمجمة انسان ميت، فقال:انكم تزعمون النار يعرض على هذا
وانه يعذب في القبر وانا قد وضعت عليها يدي فلا احس منها
حرارة‏النار. فسكت عنه عثمان وارسل الى علي بن ابي طالب
المرتضى يستحضره، فلما اتاه وهو في ملا من‏اصحابه قال
للرجل: اعد المسالة. فاعادها، ثم قال عثمان بن عفان: اجب
الرجل عنها يا ابا الحسن فقال‏علي: «ائتوني بزند وحجر» والرجل
السائل والناس ينظرون اليه، فاتي بهما فاخذهما وقدح منهما
النار،ثم‏قال الرجل: «ضع يدك على الحجر»، فوضعها عليه ثم
قال: «ضع يدك على الزند»، فوضعها عليه فقال:«هل احسست
منهما حرارة النار»، فبهت الرجل، فقال عثمان: لولا علي لهلك
عثمان.
قال الاميني: نحن لا نرقب من عثمان وليد بيت امية الحيطة
بامثال هذه العلوم التي هي من اسرار الكون،وقد تقاعست عنها
معرفة من هو ارقى منه في العلم، فكيف به؟ وانما تقلها عيبة
العلوم الالهية المتلقاة من‏المبدا الاعلى منشئ الكون وملقي
اسراره فيه، وهو الذي افحم السائل ها هنا وفي كل معضلة اعوز
القوم‏عرفانها.
وانما كان المترقب من عثمان بعد ما تسنم عرش الخلافة
الحيطة بما كان يسمعه ويراه ويفهم ويعقل من‏السنة المفاضة
على افراد الصحابة، لئلا يرتبك في موارد السؤال، فيرتكب
العظائم ويفتي بخلاف الوارد، اويرتئي رايا عدت عنه المراشد
لكن ويا للاسف..

(23) راي الخليفة في الجمع بين الاختين بالملك
اخرج مالك في الموطا ((967)) (2/10)، عن ابن شهاب، عن
قبيصة بن ذؤيب ان رجلا سال عثمان بن عفان عن‏الاختين
من ملك اليمين، هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: احلتهما آية
وحرمتهما آية، اما انا فلا احب ان اصنع‏ذلك. قال: فخرج من
عنده فلقي رجلا من اصحاب رسول اللّه (ص) فساله عن ذلك
فقال: لو كان لي من‏الامر شي‏ء ثم وجدت احدا فعل ذلك
لجعلته نكالا. قال ابن شهاب: اراه علي بن ابي طالب.

لفظ آخر للبيهقي
عن ابن شهاب، قال: اخبرني قبيصة بن ذؤيب ان نيارا الاسلمي
سال رجلا من اصحاب رسول اللّه (ص)عن الاختين فيما ملكت
اليمين، فقال له: احلتهما آية وحرمتهما آية، ولم‏اكن لافعل
ذلك. قال: فخرج نيار من‏عند ذاك‏الرجل فلقيه رجل آخر من
اصحاب رسول‏اللّه(ص) فقال: ما افتاك به صاحبك
الذي‏استفتيته؟فاخبره، فقال: اني انهاك عنهما، ولو جمعت
بينهما ولي عليك سلطان عاقبتك عقوبة منكلة.
قال ملك العلماء في البدائع: وروي عن عثمان (رضي اللّه عنه)
انه قال: كل شي‏ء حرمه اللّه تعالى من الحرائرحرمه اللّه تعالى
من الاماء الا الجمع في الوط‏ء بملك اليمين.
وقال الجصاص في احكام القرآن: وروي عن عثمان وابن عباس
انهما اباحا ذلك وقالا: احلتهما آية‏وحرمتهما آية. وقال: روي
عن عثمان الاباحة، وروي عنه انه ذكر التحريم والتحليل وقال:
لا آمر به ولاانهى عنه. وهذا القول منه يدل على انه كان ناظرا
فيه غير قاطع بالتحليل والتحريم فيه، فجائز ان يكون‏قال فيه
بالاباحة ثم وقف فيه، وقطع علي فيه بالتحريم.
وقال الزمخشري: اما الجمع بينهما في ملك اليمين، فعن
عثمان وعلي غ انهما قالا: احلتهما آية وحرمتهما آية.فرجح
علي التحريم وعثمان التحليل.
وقال‏الرازي ((968)): وعن‏عثمان، انه‏قال: احلتهما
آية‏وحرمتهما آية، والتحليل اولى.
وقال ابن عبدالبر في كتاب الاستذكار ((969)): انما كنى
قبيصة بن ذؤيب عن علي ابن ابي طالب لصحبته‏عبدالملك
بن مروان، وكانوا يستثقلون ذكر علي بن ابي طالب(رضي اللّه
عنه).
راجع ((970)): السنن الكبرى للبيهقي (7/163، 164)، احكام
القرآن للجصاص (2/158)، المحلى لابن حزم(9/522)، تفسير
الزمخشري (1/359)، تفسير القرطبي (5/117)، بدائع الصنائع
لملك العلماء (2/264)تفسير الخازن (1/356) الدر المنثور
(2/136) نقلا عن مالك والشافعي وعبد بن حميد وعبدالرزاق
وابن ابي‏شيبة وابن ابي حاتم والبيهقي، تفسير الشوكاني
(1/418) نقلا عن الحفاظ المذكورين.
قال الاميني: يقع البحث عن هذه المسالة في موردين:
الاول: في حكم الجمع بين الاختين بملك اليمين ووطئهما
جميعا، فهو محرم على المشهور بين الفقهاء كما قاله‏الرازي في
تفسيره ((971)) (3/193).
وهو المشهور عن الجمهور والائمة الاربعة وغيرهم، وان كان
بعض السلف قد توقف في ذلك كما قاله ابن‏كثير في تفسيره
(1/472).
ولا يجوز الجمع عند عامة الصحابة، كما في بدائع الصنائع
(2/264).
كان فيه خلاف بين السلف ثم زال وحصل الاجماع على تحريم
الجمع بينهما بملك‏اليمين. واتفق فقهاء الامصارعليه كما قاله
الجصاص في‏احكام القرآن ((972))(2/158).
وذهب كافة العلماء الى عدم جوازه ولم يلتفت احد من ائمة
الفتوى الى خلافه قول عثمان لانهم فهموا من‏تاويل كتاب
اللّه خلافه ولا يجوز عليهم تحريف التاويل. وممن قال ذلك من
الصحابة عمر وعلي وابن‏عباس وعمار وابن عمر وعائشة وابن
الزبير، وهؤلاء اهل العلم بكتاب اللّه فمن خالفهم فهو متعسف
في‏التاويل. كذا قاله القرطبي في تفسيره ((973)) (5/116،
117).
وقال ابو عمر في الاستذكار: روي مثل قول عثمان عن طائفة
من السلف منهم ابن عباس، ولكن اختلف‏عليهم ولم يلتفت
الى ذلك احد من فقهاء الامصار والحجاز، ولا العراق ولا ما
وراءهما من المشرق ولابالشام والمغرب الا من شذ عن
جماعتهم باتباع الظاهر ونفي القياس، وقد ترك من يعمل ذلك
ظاهرا مااجتمعنا عليه، وجماعة الفقهاء متفقون على انه لا يحل
الجمع بين الاختين بملك اليمين في الوط‏ء كما لايحل‏ذلك
في النكاح ((974)).
وحكيت الحرمة‏المتسالم عليها بين الامة جمعاء عن علي،
وعمر، والزبير، وابن عباس، وابن مسعود،وعائشة، وعمار، وزيد
بن ثابت، وابن عمر، وابن الزبير، وابن منبه، واسحاق بن راهويه،
وابراهيم النخعي،والحكم بن عتيبة، وحماد بن ابي سليمان،
والشعبي، والحسن البصري، واشهب، والاوزاعي،
والشافعي،واحمد واسحاق، وابي حنيفة، ومالك ((975)).
ومع المجمعين الكتاب والسنة، فمن الكتاب اطلاق الذكر
الحكيم في عد المحرمات في قوله تعالى:(وان‏تجمعوا بين
الاختين) ((976))، فقد حرمت الجمع بينهما باي صورة من
نكاح او ملك يمين. قال ابن كثير في‏تفسيره (1/473): وقد
اجمع المسلمون على ان معنى قوله: (حرمت عليكم امهاتكم
وبناتكم واخواتكم) الى‏آخر الاية ((977)): ان النكاح وملك
اليمين في هؤلاء كلهن سواء، وكذلك يجب ان يكون نظرا
وقياسا الجمع بين‏الاختين وامهات النساء والربائب، وكذلك هو
عند جمهورهم وهم الحجة المحجوج بها على من
خالفهاوشذعنها. انتهى.
وقد تمس ك بهذا الاطلاق الصحابة والتابعون والعلماء وائمة
الفتوى والمفسرون، وكان مولانا امير المؤمنين(ع) يشدد
النكير على من يفعل ذلك ويقول: «لو كان لي من الامر شي‏ء ثم
وجدت احدا فعل ذلك لجعلته‏نكالا». او يقول للسائل: «اني
انهاك عنهما ولو جمعت بينهما ولي عليك سلطان عاقبتك
عقوبة منكلة‏».
وروي عن اياس بن عامر انه قال: سالت علي بن ابي طالب
فقلت: ان لي اختين مما ملكت يميني اتخذت‏احداهما سرية
وولدت لي اولادا ثم رغبت في الاخرى فما اصنع؟ قال: «تعتق
التي كنت تطا ثم تطاالاخرى‏» ثم قال: «انه يحرم عليك مما
ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب اللّه من الحرائر الا
العدد». اوقال: «الا الاربع، ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم
عليك في كتاب اللّه من النسب‏» ((978)).
ولو لم يكن في هذا المورد غير كلام الامام (ع) لنهض حجة
للفتوى، فانه اعرف الامة بمغازي الكتاب‏وموارد السنة، وهو
باب علم النبي صلى اللّه عليهما وآلهما وهو الذي خلفه (ص)
عدلا للكتاب ليتمسكوا بهما فلا يضلوا.

وقد اصفق على ذلك ائمة اهل البيت من ولده، وهم عترته
(ص) اعدال الكتاب وابوهم سيدهم، وقولهم‏حجة في كل باب.
وبهذه تعرف مقدار ما قد يعزى الى امير المؤمنين (ع) من
موافقته لعثمان في رايه الشاذ عن الكتاب والسنة‏وقوله:
احلتهما آية وحرمتهما آية وحاشاه (ع) من ان يختلف رايه في
حكم من احكام اللّه، غير ان رماة‏القول على عواهنه راقهم ان
يهون على الامة خطب عثمان فكذبوا عليه صلوات اللّه عليه
واختلقوا عليه،قال الجصاص في احكام القرآن ((979))
(2/158): قد روى اياس بن عامر انه قال لعلي: انهم يقولون:
انك‏تقول: احلتهما آية وحرمتهما آية. فقال: «كذبوا».
ومن السنة للمجمعين ما استدل به على الحرمة ابن نجيم في
البحر الرائق (3/95)، وملك العلماء في بدائع‏الصنائع (2/264)
وغيرهما من قوله (ص): «من كان يؤمن باللّه واليوم الاخر فلا
يجمعن ماءه في رحم اختين‏».
المورد الثاني: هل هناك ما يخصص الحرمة المستفادة من
القرآن بالنسبة الى ملك اليمين؟ يدعي عثمان ذلك‏فقال:
احلتهما آية وحرمتهما آية. ولم يعين الاية المحللة كما يعينها
غيره من السلف، نعم، اخرج عبدالرزاق((980)) وابن ابي شيبة
((981)) وعبد بن حميد وابن ابي حاتم والطبراني من طريق
ابن مسعود، انه سئل عن الرجل‏يجمع بين الاختين الامتين
فكرهه، فقيل: يقول اللّه تعالى: (الا ما ملكت ايمانكم). فقال:
وبعيرك ايضا مماملكت يمينك. وفي لفظ ابن حزم: ان حملك
مما ملكت يمينك ((982)).
وقال الجصاص في احكام القرآن ((983)) (2/158): يعنون
بالمحلل قوله تعالى: (والمحصنات من النساء الا ماملكت
ايمانكم). والقول بهذا بعيد عن نطاق‏فهم القرآن وعرفان
اسباب نزول الايات، ولا تساعده‏الاحاديث الواردة في الاية
الكريمة، وانى للقائل من ثبوت التعارض بين الايتين بعد
ورودهمافي‏موضوعين‏مختلفين؟ولاعلام القوم في‏المقام
بيانات ضافية‏قيمة نقتصر منها بكلام ((984))الجصاص،
قال في احكام القرآن ((985)) (2/199):
ان الايتين غير متساويتين في ايجاب التحريم والتحليل
وغير جائز الاعتراض باحدهما على الاخرى، اذ كل واحدة
منهما ورودها في سبب غير سبب الاخرى، وذلك لان قوله
تعالى: (وان تجمعوا بين الاختيين) وارد في حكم التحريم
كقوله تعالى: (وحلائل ابنائكم... وامهات نسائكم) وسائر من
ذكر في‏الاية تحريمها. وقوله تعالى: (والمحصنات من النساء الا
ما ملكت ايمانكم) وارد في اباحة المسبية التي لها زوج في دار
الحرب، وافاد وقوع الفرقة وقطع العصمة فيما بينهما، فهو
مستعمل فيما ورد فيه من ايقاع‏الفرقة‏بين‏المسبية وبين‏زوجها
واباحتها لمالكها، فلا يجوز الاعتراض به على تحريم الجمع بين
الاختين، اذ كل‏واحدة من الايتين واردة في سبب غير سبب
الاخرى، فيستعمل حكم كل واحدة منهما في السبب
الذي‏وردت فيه. قال:
ويدل على ذلك انه لا خلاف بين المسلمين في انها لم تعترض
على حلائل الابناء وامهات النساء وسائر من‏ذكر تحريمهن في
الاية، وانه لا يجوز وط‏ء حليلة الابن ولا ام المراة بملك اليمين،
ولم يكن قوله تعالى: (الا ماملكت ايمانكم) موجبا لتخصيصهن
لوروده في سبب غير سبب الاية الاخرى، كذلك ينبغي ان
يكون حكمه‏في اعتراضه على تحريم الجمع وامتناع علي
(رضي اللّه عنه) ومن تابعه في ذلك من الصحابة من
الاعتراض‏بقوله تعالى: (الا ما ملكت ايمانكم) على تحريم
الجمع بين الاختين يدل على ان حكم الايتين اذا وردتا
في‏سببين، احداهما في التحليل والاخرى في التحريم ان كل
واحدة منهما تجري على حكمها في ذلك السبب ولايعترض
بها على الاخرى، وكذلك‏ينبغي‏ان يكون حكم‏الخبرين اذا وردا
عن‏الرسول(ص)في مثل ذلك.الى‏آخره.
ونحن نردف كلام الجصاص بما ورد في سبب نزول قوله تعالى:
(والمحصنات من النساء الا ماملكت‏ايمانكم). وانه كما سمعت
من الجصاص غير السبب الوارد فيه قوله تعالى: (وان تجمعوا
بين‏الاختين).
اخرج مسلم في صحيحه وغيره، بالاسناد عن ابي سعيد
الخدري، قال: اصبنا نساء من سبي اوطاس ولهن‏ازواج، فكرهنا
ان نقع عليهن ولهن ازواج، فسالنا النبي(ص) فنزلت هذه الاية:
(والمحصنات من النساءالاما ملكت ايمانكم). فاستحللنا بها
فروجهن.
وفي‏لفظاحمد: ان اصحاب رسول‏اللّه(ص)اصابوا سبايا
يوم‏اوطاس لهن ازواج من اهل الشرك، فكان اناس‏من اصحاب
رسول اللّه (ص) كفوا وتاثموا من غشيانهن، قال: فنزلت هذه
الاية في ذلك: (والمحصنات م ن‏النساء الا ما ملكت ايمانكم).
وفي‏لفظ النسائي: ان نبي‏اللّه(ص) بعث جيشا الى اوطاس فلقوا
عدوا فقاتلوهم وظهروا عليهم، فاصابوا لهم‏سبايا لهن ازواج في
المشركين، فكان المسلمون تحرجوا من غشيانهن، فانزل اللّه
عز وجل:(والمحصنات‏من النساء الا ما ملكت ايمان كم).
راجع ((986)): صحيح مسلم (1/416، 417)، صحيح الترمذي
(1/135)، سنن ابي داود (1/336)، سنن النسائي(6/110)، مسند
احمد (3/72، 84)، احكام القرآن للجصاص (2/165)، سنن
البيهقي (7/167)، المحلى لابن‏حزم (9/447)، مصابيح السنة
(2/29)، تفسير القرطبي (5/121)، تفسير البيضاوي (1/269)،
تفسير ابن‏كثير (1/473) تفسير الخازن (1/375)، تفسير
الشوكاني (1/418).
وعلى ذلك تاوله علي، وابن عباس، وعمر، وعبدالرحمن بن
عوف، وابن عمر، وابن مسعود، وسعيد بن‏المسيب، وسعيد بن
جبير، وقالوا: ان الاية وردت في ذوات الازواج من السبايا ابيح
وطؤهن بملك اليمين‏ووجب بحدوث السبي عليها دون زوجها
وقوع الفرقة بينهما ((987)).
وقال القرطبي في تفسيره ((988)) (5/121): قد اختلف العلماء
في تاويل هذه الاية، فقال ابن عباس وابو قلابة‏وابن زيد
ومكحول والزهري وابو سعيد الخدري: المراد بالمحصنات هنا
المسبيات ذوات الازواج خاصة،اي هن محرمات الا ما ملكت
اليمين بالسبي من ارض الحرب، فان تلك حلال للذي تقع في
سهمه وان كان‏لها زوج. وهو قول الشافعي في ان السباء يقطع
العصمة، وقاله ابن وهب وابن عبدالحكم وروياه عن مالك،وقال
به اشهب، يدل عليه ما رواه مسلم في صحيحه عن ابي سعيد
الخدري وذكر الحديث، فقال: وهذانص [صحيح] ((989))
صريح في ان الاية نزلت بسبب تحرج اصحاب النبي (ص) عن
وط‏ء المسبيات ذوات‏الازواج، فانزل اللّه تعالى في جوابهم: (الا
ما ملكت ايمانكم). وبه قال مالك وابو حنيفة واصحابه
والشافعي‏واحمد واسحاق وابو ثور، وهو الصحيح ان شاء اللّه
تعالى. انتهى.

قول آخر في الاية المحللة
قال ملك العلماء في بدائع الصنائع (2/264)، والزمخشري في
تفسيره ((990)) (1/359) عني عثمان بية التحليل‏قوله عز
وجل: (الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير
ملومين).
وهذا انما يتم بالتمسك بعموم ملك اليمين، لكن الممعن في
لحن القول يجد انه لا يجوز الاخذ بهذا العموم لانه‏في مقام
بيان ناموس العفة للمؤمنين بان صاحبها يكون حافظا لفرجه
الا فيما اباح له الشارع في الجملة من‏زوجة او ملك يمين فقال:
(والذين هم لفروجهم حافظون # الا على ازواجهم او ماملكت
ايمانهم فانهم غيرمل‏ومين) ((991))ولا ينافي هذا وجود
شروط في كل منهما، فان العموم لا يبطل تلكم الشروط الثابتة
من‏الشريعة، وانما هي التي تضيق دائرة العموم وهي الناظرة
عليه، مثلا لا يقتضي هو اباحة وط‏ء الزوجة في‏حال الحيض
والنفاس وفي ايام شهر رمضان وفي الاحرام والايلاء والظهار
والمعتدة من وط‏ء بشبهة، ولااباحة وط‏ء الاختين ولا وط‏ء الامة
ذات الزوج فان هذه شرائط جاء بها الاسلام لا يخصصها اي
شي‏ء،ولا يعارض ادلتها عموم الا على ازواجهم او ما ملكت
ايمانهم.
ولو وسعنا عموم الاية لوجب ان نبيح كل هذه او نراها تعارض
ادلتها، ولنا عندئذ ان نقول في نكاح‏الاختين وفي بقية ما ورد
فيه الكتاب مما ذكر: احلته آية وحرمته آية ! فقد استثنيا
الزوجة وملك اليمين آبنسق واحد وهذا مما لا يفوه به اي
متفقه.
وكذلك لو اخذنا بعمومها في الرجال والنساء كما جوزه
الجصاص لوجب ان نبيح للمراة المالكة ان يطاهامن تملكه،
وهذا لا يحل اجماعا من ائمة المذاهب، وقال ابن حزم في
المحلى (9/524): لا خلاف بين احد من‏الامة كلها قطعا متيقنا
في انه ليس على عمومه، بل كلهم مجمع قطعا على انه
مخصوص، لانه لا خلاف ولاشك في ان الغلام من ملك اليمين
وهو حرام لا يحل، وان الام من الرضاعة من ملك اليمين
والاخت من‏الرضاعة من ملك اليمين، وكلتاهما متفق على
تحريمهما، او الامة يملكها الرجل قد تزوجها ابوه ووطاها
وولدمنها حرام على الابن.
وقال: ثم نظرنا في قوله تعالى: (وان تجمعوا بين الاختين).
(وامهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من‏نسائكم
اللاتي دخلتم بهن). (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن)
((992)). ولم يات نص ولا اجماع على انه‏مخصوص حاش زواج
الكتابيات فقط، فلا يحل تخصيص نص لا برهان على تخصيصه،
واذ لا بد من‏تخصيص ما هذه صفتها او تخصيص نص آخر لا
خلاف في انه مخصوص، فتخصيص المخصوص هو الذي‏لا
يجوز غيره. انتهى.
واما ما قيل ((993)) من ان الاية المحللة قوله تعالى: (واحل
لكم ما وراء ذلكم) في ذيل آية عد المحرمات فباطل‏ايضا، فانه
بمنزلة الاستثناء مما قبله من المحرمات ومنها الجمع بين
الاختين، وقد عرفت ان الامة صحابيهاوتابعيها وفقهاءها
مجمعة على عدم الفرق في حرمة الجمع بين الاختين في
الوط‏ء نكاحا وملك يمين، ولم‏يفرقوا بينهما قط، وهو الحجة،
على ان ملاك التحريم في النكاح وهو الوط‏ء موجود في ملك
اليمين، فالحكم‏فيهما شرع سواء في المراد مما وراء ذلك هو ما
وراء المذكورات كلها من الامهات والبنات الى آخر ما
فيها،ومنها الجمع بين الاختين بقسميه.
وعلى فرض الاغضاء عن كل هذه وعن اسباب نزول الايات
وتسليم امكان المعارضة بين الايتين،فان‏دليل الحظر مقدم
على دليل الاباحة في صورة التعارض ووحدة سبب الدليلين،
كما بينه علماء علم‏الاصول ونص عليه في هذه المسالة
الجصاص في احكام القرآن ((994)) (2/158) والرازي في
تفسيره((995))(3/193).
لكن عثمان كان لا يعرف كل هذا، ولا احاط بشي‏ء من اسباب
نزول الايات، فطفق يغلب دليل الاباحة في‏مزعمته على دليل
التحريم المتسالم عليه عند الكل، وقد عزب عنه حكم العقل
المستدعي لتقديم ادلة‏الحرمة دفعا للضرر المحتمل، وقد شذ
بذلك عن جميع الامة كما عرفت تفصيله، ولم يوافقه على هذا
الحسبان‏اي احد الا ما يعزى الى ابن عباس بنقل مختلف فيه
كما مر عن ابي عمر في الاستذكار.
وفي كلام الخليفة شذوذ آخر وهو قوله: كل شي‏ء حرمه اللّه
تعالى من الحرائر حرمه اللّه تعالى من الاماءالاالجمع بالوط‏ء
بملك اليمين. فهو باطل في الاستثناء والمستثنى منه، اما
الاستثناء فقد عرفت اطباق الكل‏على حرمة الجمع بين
الاختين بالوط‏ء بملك اليمين معتضدا بالكتاب والسنة، واما
المستثنى منه فقد ابقى فيه‏ما هو خارج منه بالاتفاق من الامة
جمعاء وهو العدد الماخوذ في الحرائر دون الاماء.
لقد فتحت امثال هذه المزاعم الباطلة الشاذة عن الكتاب وفقه
الاسلام باب الشجار على الامة بمصراعيه،فانها في الاغلب لا
تفقد متابعا او مجادلا قد ضلوا واضلوا وهم لا يشعرون، وهناك
شرذمة سبقها الاجماع‏ولحقها من اهل الظاهر لا يؤبه بهم لم
يزالوا مصرين على راي الخليفة في هذه المسالة، لكنهم شذاذ
عن‏الطريقة المثلى. قال القرطبي في تفسيره ((996))
(5/117): شذ اهل الظاهر فقالوا: يجوز الجمع بين الاختين
بملك‏اليمين في الوط‏ء كما يجوز الجمع بينهما في الملك،
واحتجوا بما روي عن عثمان في الاختين من ملك
اليمين:حرمتهما آية واحلتهما آية.
(ولئن اتبعت اهواءهم من بعد ما جاءك من العلم انك اذا لمن
الظالمين) ((997))

(24) راي الخليفة في رد الاخوين الام عن الثلث
اخرج الطبري في تفسيره ((998)) (4/188)، من طريق شعبة،
عن ابن عباس: انه دخل على عثمان (رضي اللّهعنه) فقال: لم
صار الاخوان يردان الام الى السدس، وانما قال اللّه (فان كان له
اخوة) ((999)). والاخوان في‏لسان قومك وكلام قومك ليسا
باخوة؟ فقال عثمان (رضي اللّه عنه): هل استطيع نقض امر
كان قبلي،وتوارثه الناس، ومضى في الامصار.
وفي لفظ الحاكم والبيهقي: لا استطيع ان ارد ما كان قبلي
ومضى في الامصار وتوارث به الناس.
اخرجه الحاكم في المستدرك ((1000)) (4/335) وصححه،
والبيهقي في السنن الكبرى (6/227)، وابن حزم في‏المحلى
(9/258)، وذكره الرازي في تفسيره ((1001)) (3/163)، وابن
كثير في تفسيره (1/459)، والسيوط‏ي في‏الدرالمنثور
(2/126)، والالوسي في روح المعاني (4/225). ((1002))
قال الاميني: ما اجاب به الخليفة ابن عباس ينم عن عدم
تضلعه في العربية مع انها لسان قومه، ولو كان له‏قسط منها
لاجاب ابن عباس بصحة اطلاق الجمع على الاثنين وانه
المطرد في كلام العرب، لا بالعجز عن‏تغيير ما غلط فيه الناس
كلهم العياذ باللّه وما هو ببدع في ذلك عمن تقدماه يوم لم
يعرفا معنى الاب‏وهومن صميم لغة الضاد ومشروح بما بعده في
الذكر الحكيم، فان اطلاق الاخوة على الاخوين قد لهج به
جمهورالعرب، ولذلك لا تجد اي خلاف في حجب الاخوين الام
عن الثلث الى السدس بين الصحابة العرب‏الاقحاح، والتابعين
الذين نزلوا منزلتهم من العربية الفصحاء، والفقهاء من مذاهب
الاسلام، ولا استناد لهم‏في الحكم الا الاية الكريمة، وما ذلك الا
لتجويزهم اطلاق الجمع على الاثنين سواء كان ذلك اقله
اوتوسعامطردا في الاطلاق.
قال الطبري في تفسيره ((1003)) (4/187): قال جماعة
اصحاب رسول اللّه (ص) والتابعين لهم باحسان ومن‏بعدهم من
علماء اهل الاسلام في كل زمان: عنى اللّه جل ثناؤه بقوله: (فان
كان له اخوة فلامه السدس). اثنين‏كان الاخوة او اكثر منهما،
انثيين كانتا او كن اناثا، او ذكرين كانا او كانوا ذكورا، او كان
احدهما ذكراوالاخرانثى، واعتل كثير ممن قال ذلك بان ذلك
قالته الامة عن بيان اللّه جل ثناؤه على لسان رسول اللّه
(ص)فنقلته امة نبيه نقلا مستفيضا قطع العذر مجيئه، ودفع
الشك فيه عن قلوب الخلق وروده. ثم نقل حديث ابن‏عباس
المذكور فقال: والصواب من القول في ذلك عندي ان المعني
بقوله: (فان كان له اخوة) اثنان من اخوة‏الميت فصاعدا على ما
قاله اصحاب رسول اللّه (ص) دون ما قاله ابن عباس (رضي اللّه
((1004)) لنقل الامة‏وراثة صحة ما قالوه من ذلك عن عنه)
الحجة وانكارهم ما قاله ابن عباس في ذلك. قال:
فان قال قائل: وكيف قيل في الاخوين اخوة؟ وقد علمت ان
الاخوين في منطق العرب مثالا ((1005)) لا يشبه‏مثال الاخوة
في منطقها؟ قيل: ان ذلك وان كان كذلك فان من شانها
((1006)) التاليف بين الكلامين بتقارب‏معنييهما وان اختلفا
في بعض وجوههما. فلما كان ذلك كذلك وكان مستفيضا في
منطقها، منتشرا مستعملا في‏كلامها: ضربت من عبداللّه
وعمرو رؤوسهما، واوجعت منهما ظهورهما. وكان ذلك اشد
استفاضة في منطقهامن ان يقال: اوجعت منهما ظهرهما، وان
كان مقولا: اوجعت ظهرهما، كما قال الفرزدق:
بما في فؤادينا من الشوق والهوى
فيبرا منهاض الفؤاد المشغف
غير ان ذلك وان كان مقولا فافصح منه بما في افئدتنا كما قال
جل ثناؤه: (ان تتوبا الى اللّه فقد صغت قلوبكما) ((1007)) فلما

كان ما وصفت من اخراج كل ما كان في الانسان واحدا اذا ضم
الى الواحد منه آخر من انسان آخر فصارا اثنين من اثنين،
فلفظ الجمع افصح في منطقها واشهر في كلامها، وكان
الاخوان شخصين كل واحد منهما غير صاحبه من نفسين
مختلفين اشبه معناهما معنى ما كان في‏الانسان من اعضائه
واحدا لا ثاني له، فاخرج انثييهما بلفظ انثى العضوين اللذين
وصفت، فقيل: اخوة في معنى الاخوين، كما قيل: ظهور في
معنى الظهرين، وافواه في معنى فموين، وقلوب في معنى
قلبين. وقد قال بعض النحويين: انما قيل اخوة، لان اقل الجمع
اثنان...الى آخره. انتهى.
واخرج الحاكم باسناد صححه في المستدرك ((1008))
(4/335)، والبيهقي في السنن (6/227) عن زيد بن ثابت
انه‏كان يحجب الام بالاخوين فقال: ان العرب تسمي الاخوين
اخوة. وذكره الجصاص في احكام القرآن((1009))(2/99).
واخرج ابن جرير في تفسيره ((1010)) (4/189) وعبد بن حميد
وابن ابي حاتم عن قتادة في قوله تعالى: (فان‏كان له اخوة
فلامه السدس). قال: اضروا بالام، ولا يرثون ولا يحجبها
الاخ‏الواحد من‏الثلث‏ويحجبها مافوق ذلك. الدرالمنثور
(2/126). ((1011))
وذكر الجصاص في احكام القرآن ((1012)) (2/98) قول
الصحابة بحجب الاخوين الام عن الثلث كالاخوة‏فقال: والحجة:
ان اسم الاخوة قد يقع على الاثنين كما قال تعالى: (ان تتوبا الى
اللّه فقد صغت قلوبكما) وهماقلبان. وقال تعالى (وهل اتاك نبا
الخصم اذ تسوروا المحراب) ((1013)). ثم قال تعالى: (خصمان
بغى بعضنا على‏بعض) ((1014)). فاطلق لفظ الجمع على
اثنين. وقال تعالى: (وان كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل
حظ‏الانثيين) ((1015)) فلو كان اخا واختا كان حكم الاية جاريا
فيهما... الخ ((1016)).
وقال مالك في الموطا ((1017)) (1/331): فان كان له اخوة
فلامه السدس فمضت السنة ان الاخوة اثنان‏فصاعدا.
وفي عمدة السالك وشرحه فيض المالك ((1018)) (2/122):
فان كان معها اي الام ولد او كان معها ولد ابن‏ذكر او انثى او
كان معها عدد اثنان فاكثر من الاخوة ومن الاخوات فلها
السدس لقوله تعالى: (فان كان‏له‏اخوة فلا مه السدس). والمراد
بهم اثنان فاكثر اجماعا ((1019)).
وقال الشافعي كما في مختصر المزني هامش كتاب الام
((1020)) (3/140): وللام الثلث، فان كان للميت ولد اوولد ولد
او اثنان من الاخوة او الاخوات فصاعدا فلها السدس.
وقال ابن كثير في تفسيره (1/459): حكم الاخوين كحكم
الاخوة عند الجمهور. ثم ذكر حديث زيد بن‏ثابت من ان اخوين
يسميان اخوة.
وقال الشوكاني في تفسيره ((1021)) (1/398): قد اجمع اهل
العلم على ان الاثنين من الاخوة يقومون مقام الثلاثة‏فصاعدا
في حجب الام الى السدس.
هذا راي الامة في الاخوة فقد عزب عن الخليفة صحة الاطلاق
في الاية الكريمة في لسان قومه، وان‏السلف‏لم يعرف من الاخوة
معنى الا ما يعم الاخوين، وزعم ان من كان قبله شذوا عن
لسان قومه، وذهبوا الى‏حجب الام بالاخوين خلاف كتاب اللّه،
وجاء ياسف على انه لم يستطع تغيير ما وقع ونقض ما كان
من‏الناس، هذا مبلغ علم الرجل بالكتاب وادلة الاحكام
والفروض المسلمة بين الامة.
واما ابن عباس فانه لم يشذ عن لغة قومه وهو من جبهة العرب
وعلى سنام قريش ومن بيت هم افصح من‏نطق بالضاد، وانما
اراد باستفهامه من الخليفة ان يعرف الملا مقداره من ابسط
شي‏ء يجب ان يكون في مثله،فضلا عن معضلات المسائل وهو
الحيطة باللغة وعرفان موارد الاستعمال، حتى يتسنى له اخذ
الحكم من‏الكتاب والسنة اللذين جاءا بهذه اللغة الكريمة،
ولذلك اتى في قوله بصورة الاستفهام عن مدرك الحكم لاعن
اصله، فان الحكم كان مسلما عنده لا ان ما قاله للخليفة كان
رايا له في الخلاف في حجب‏الاخوين، والالتبعه اصحابه
المقتصون اثره، لكنهم كلهم موافقون للامة وعلمائها في
حجب الاخوين كماذكره ابن كثير في‏تفسيره (1/459) فعد ابن
عباس مخالفا في المسالة بهذه الرواية، كما فعله الطبري في
تفسيره ((1022)) (4/188) ،وابن رشد في البداية ((1023))
(2/327) وغير واحد من الفقهاء وائمة الحديث ورجال التفسير
اغلوطة ((1024))نشات‏من عدم فهم مغزى كلامه.

(25) راي الخليفة في المعترفة بالزنا
عن يحيى بن‏حاطب قال: توفي حاطب‏فاعتق من صلى من
رقيقه وصام، وكانت له امة نوبية قد صلت‏وصامت وهي اعجمية
لم تفقه فلم ترعه الا بحبلها وكانت ثيبا. فذهب الى عمر (رضي
اللّه عنه) فحدثه‏فقال: لانت الرجل لا تاتي بخير، فافزعه ذلك
فارسل اليها عمر (رضي اللّه عنه) فقال: احبلت؟ فقالت: نعم‏من
مرغوش بدرهمين. فاذا هي‏تستهل بذلك لا تكتمه قال:
وصادف عليا وعثمان وعبدالرحمن بن‏عوف‏غ فقال: اشيروا
علي، وكان عثمان (رضي اللّه عنه) جالسا فاضطجع، فقال علي
وعبدالرحمن: قد وقع‏عليها الحد. فقال: اشر علي يا عثمان.
فقال: قد اشار عليك اخواك، قال: اشر علي انت. قال: اراها
تستهل به‏كانها لا تعلمه، وليس الحد الا على من علمه. فقال:
صدقت صدقت والذي نفسي بيده، ما الحدالا على من‏علمه.
فجلدها عمر مائة وغربها عاما ((1025)).
قال الاميني: اسلفنا هذا الحديث في الجزء السادس ((1026))،
وتكلمنا هنالك حول راي الخليفة الثاني وما امر به‏من الجلد
والاغتراب وانه خارج عن نطاق الشرع، وها هنا ننظر الى راي
عثمان وفتياه بعدم الحد.
لو كان ما يقوله الخليفة حقا لبطلت الاقارير والاعترافات في
امثال المورد، فيقال في كلها انه لا يعلم‏الحدولو علمه لاخفاه
خيفة اجرائه عليه، وكان رسول اللّه(ص) يحد بالاقرار، ولو بعد
استبراء الخبروالترى ث في الحكم رجاء ان تكون هناك شبهة
يدرا بها الحد، فكان (ص) يقول للمعترف بالزنا «ابك‏جنون؟»
((1027)) او يقول: «لعلك قبلت او غمزت او نظرت؟»
((1028)) وكذلك مولانا امير المؤمنين علي وقبله
الخليفة‏الثاني كانا يدافعان المعترف رجاء ان ينتج الاخذ والرد
لشبهة في الاقرار، لكنهما بعد ثبات المعترف على ماقال كانا
يجريان عليه الحد، الا ترى قول عمر للزانية: ما يبكيك؟ ان
المراة ربما استكرهت على نفسها.فاخبرت ان رجلا ركبها وهي
نائمة فخلى سبيلها، وان عليا (ع) قال لشراحة حين اقرت
بالزنا: لعلك‏عصيت نفسك؟ قالت: اتيت طائعة غير مكرهة
فرجمها ((1029)).
ولعل من جراء امثال هذه القضايا طرق سمع الخليفة ان
الحدود تدرا بالشبهات، والحدود تدفع ما وجدلهامدفع، غير انه
لم يدر ان للاقرار ناموسا في الشريعة لا يعدوه ولا سيما في
مورد الزنا، فانه يؤاخذ به المعترف‏في اول مرة كما تعطيه قصة
العسيف الواردة في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما
((1030))، او بعد اربعة‏اقارير، اما في مجلس واحد كما ورد في
قصة ماعز في لفظ الشيخين في الصحيحين، او في عدة
مجالس كمايظهر من حديث زاني بني ليث الوارد في سنن
البيهقي (8/228)، فتقوم تلكم الاقارير مقام اربع شهادات،كما
وقع في سارق جاء الى علي فقال: اني سرقت، فرده، فقال: اني
سرقت، فقال: شهدت على نفسك‏مرتين، فقطعه ((1031)).
وقد عزب عن الخليفة فقه المسالة كما بيناه، وهي على ما
جاءت في الاحاديث المذكورة‏يختلف حكمها عند ائمة
المذاهب. قال القاضي ابن رشد في بداية المجتهد ((1032))
(2/429): اما عدد الاقرار الذي‏يجب به الحدفان‏مالكا ((1033))
والشافعي ((1034)) يقولان: يكفي في وجوب الحد عليه
اعترافه به مرة واحدة وبه‏قال داود وابو ثور والطبري ((1035))
وجماعة، وقال ابو حنيفة واصحابه وابن ابي ليلى: لا يجب الحد
الا باقاريراربعة مرة بعد مرة، وبه قال احمد واسحاق، وزاد ابو
حنيفة واصحابه في مجالس متفرقة.
ثم ماذا يعني الخليفة بقوله: اراها تستهل به كانها لا تعلمه،
وليس الحد الا على من علمه؟ هل يريد جهلهابالحد او بحرمة
الزنا؟ اما العلم بثبوت الحد فليس له اي صلة باجراء حكم اللّه
فانه يتبع تحقق الزنا في‏الخارج، علم الزاني او الزانية بترتب
الحد عليهما ام لم يعلما.
على انه ليس من الممكن في عاصمة النبوة ان يجهل ذلك اي
احد وهو يشاهد في الفينة بعد الفينة‏مجلوداتنال منه السياط،
ومرجوما تتقاذفه الاحجار.
واما حرمة الزنا فلا يقبل من المعتذر بالجهل بها، الا حيث
يمكن صدقه كمن عاش في اقاصي البراري‏والفلوات والبقاع
النائية عن المراكز الاسلامية، فيمكن ان يكون الحكم لم يبلغه
بعد، واما المدني يومئذالكائن بين لوائح النبوة ومجاري
الاحكام والحدود وتحت سيطرة الخلفاء، وهو يعي كل حين
التشديد في‏الزنا وحرمته، ويشاهد العقوبات الجارية على الزناة
من جراء حرمة السفاح، فعقيرة‏ترتفع من الم السياط،وجنازة
تشال بعد الرجم، فليس من الممكن في حقه عادة ان يجهل
حرمة الزنا، فلا تقبل منه دعواه الجهل،ولعل هذا مما اتفقت
عليه ائمة المذاهب. قال مالك في المدونة الكبرى ((1036))
(4/382) في الرجل يطا مكاتبته‏يغتصبها او تطاوعه: لا حد
عليه وينكل اذا كان ممن لا يعذر بالجهالة.
وقال فيمن يطلق امراته تطليقة قبل البناء بها فيطؤها بعد
التطليقة ويقول: ظننت ان الواحدة لا تبينها مني‏وانه لا يبرئها
مني الا الثلاث: قال ابن القاسم: ليس عليه الحد ان عذر
بالجهالة، فارى في مسالتك ان كان‏ممن يعذر بالجهالة ان يدرا
عنه الحد لان مالكا قال في الرجل يتزوج الخامسة: ان كان
ممن يعذر بالجهالة‏وممن يظن انه لم يعرف ان ما بعد الاربع
ليس مما حرم اللّه، او يتزوج اخته من الرضاع على هذا الوجه،
فان‏مالكا درا عنه الحد وعن هؤلاء.
وفي (ص‏401) ((1037)): من وطئ جارية هي عنده رهن انه
يقام عليه الحد، قال ابن القاسم: ولا يعذر في‏هذااحد ادعى
الجهالة. قال مالك: حديث التي قالت: زنيت بمرغوش
بدرهمين ((1038)) انه لا يؤخذ به. وقال مالك:ارى ان يقام
الحد ولا يعذر العجم بالجهالة.
وقال الشافعي في كتاب الام ((1039)) (7/169) في زناء الرجل
بجارية امراته: ان زناه بجارية امراته كزناه بغيرهاالا ان يكون
ممن يعذر بالجهالة ويقول: كنت ارى انها لي حلال.
قال شهاب الدين ابو العباس ابن النقيب المصري في عمدة
السالك ((1040)): ومن زنى وقال: لا اعلم تحريم الزناوكان
قريب العهد بالاسلام او نشا ببادية بعيدة لا يحد، وان لم يكن
كذلك حد ((1041)). انتهى.
ولو قبل من كل معتذر بالجهل لعطلت حدود اللّه، وتترس به
كل زان وزانية، وشاع الفساد، وساد الهرج،وارتفع الامن عن
الفروج والنواميس، ولو راجعت ماجاء في مدافعة النبي (ص)
والخلفاء عن المعترف‏بالزنا لالقاء الشبهة لدرء الحد تراهم
يذكرون الجنون والغمز والتقبيل وما شبه ذلك، ولا تجد ذكر
الجهل‏بالحرمة في شي‏ء من الروايات، فلو كان لمطلق الجهل
تاثير في درء الحد لذكروه لا محالة من غير شك.
على ان الجهل حيث يسمع يجب ان يكون بادعاء من الرجل لا
بالتوسم من وجناته واسارير جبهته‏واستهلاله في اقراره كما
زعمه الخليفة، وهو ظاهر كلمات الفقهاء المذكورة.
ولما قلناه كله لم يعبا الحضور بذلك الاستهلال، فاخذها مولانا
امير المؤمنين وعبدالرحمن فقالا: قد وقع‏عليها الحد. واما عمر
فالذي يظهر من قوله لعثمان صدقت. الى آخره. وفعله من
اجراء الجلد والاغتراب انه‏هزا بهذا القول، ولو كان مصدقا لما
جلدها، لكنه جلدها وهي تستحق الرجم كما مر في
الجزء السادس.

(26) شراء الخليفة صدقة رسول اللّه
اخرج الطبراني في الاوسط ((1042)) من طريق سعيد بن
المسيب قال: كان لعثمان آذن، فكان يخرج بين يديه
الى‏الصلاة، قال: فخرج يوما فصلى والاذن بين يديه ثم جاء
فجلس الاذن ناحية ولف رداءه فوضعه تحت‏راسه واضطجع
ووضع الدرة بين يديه، فاقبل علي في ازار ورداء وبيده عصا،
فلما رآه الاذن من بعيد قال:هذا علي قد اقبل، فجلس عثمان
فاخذ عليه رداءه، فجاء حتى قام على راسه فقال: اشتريت ضيعة
آل فلان‏ولوقف رسول اللّه (ص) في مائها حق، اما اني قد علمت
انه لا يشتريها غيرك. فقام عثمان وجرى بينهماكلام حتى القى
اللّه عز وجل ((1043)) وجاء العباس فدخل بينهما، ورفع
عثمان على علي الدرة ورفع علي على‏عثمان العصا، فجعل
العباس يسكنهما ويقول لعلي: امير المؤمنين. ويقول لعثمان:
ابن عمك. فلم يزل حتى‏سكتا. فلما ان كان من الغد رايتهما
وكل منهما آخذ بيد صاحبه وهما يتحدثان. مجمع الزوائد
(7/226).