حضروا ولم
اك في الحضورلو كنت ثم لقيل هل من آخذ بيد
الضريرولقد دخلت على الصديق البيت في اليوم المطير
متشمرا متبختراللصفع بالدلو الكبير
فادرت حين تبادروادلوي فكان على المدير
يا للرجال تصافعوافالصفع مفتاح السرور
لا تغفلوه فانهيستل احقاد الصدور
هو في المجالس كالبخور فلا تملوا من بخور
ولاذكرن اذا ذكرتاحبتي وقت السحور
ولاحزنن لانهملما دنا نضج القدور
رحلوا وقد خبزوا الفطير ففاتهم اكل الفطير
لا والذي نطق النبي بفضله يوم الغديرما للامام ابي
علي
في البرية من نظير((332))
الشاعر
ابو حامد احمد بن محمد
الانطاكي نزيل مصر المعروف بابي
الرقعمق، احد الشعراءالمشاهير المتصرفين في فنون
الشعر،
وله شوطه البعيد في اساليب البيان غير انه ربماخلط
الجد
بالهزل. نشا بالشام ثم رحل الى مصر واخذ فيها شهرة
طائلة
ومكانة منالادب عظيمة، ومدح ملوكها وزعماءها
ورؤساءها،
وممن مدح: المعز ابو تميم معد بنالمنصور بن القائم
بن
المهدي عبيداللّه، وابنه زفر عزيز مصر، والحاكم
ابن
العزيز،وجوهر القائد، والوزير ابو الفرج يعقوب بن
كلس
ونظراؤهم، وصادف فيها جماعةمن اهل الهزل والمجون
فاوغل
فيهما كل الايغال حتى نبز بابي الرقعمق، وقد يقال:
انههو الذي
سمى نفسه بذلك، وقد اعلن في شعره انه حليف الرقاعة،
بقوله:
استغفر اللّه من عقل نطقت به
ما لي وللعقل ليس العقل من شاني
لا والذي دون هذا الخلق صيرني
احدوثة وبحب الحمق اغراني
والبيتان من قصيدة له سجل بها ليل تنيس((333))
وهي
مدينة مصرية كان بها في بعضالعهود خمسمائة صاحب
محبرة
يكتبون الحديث، ومطلع القصيدة:
ليلي بتنيس ليل الخائف العاني
تفنى الليالي وليلي ليس بالفاني
وينم عن توغله في المجون قوله من قصيدة:
كفي ملامك ياذات الملامات
فما اريد بديلا بالرقاعات
كانني وجنود الصقع تتبعني
وقد تلوت مزامير الرطانات
قسيس دير تلا مزماره سحرا
على القسوس بترجيع ورنات
وقد مجنت وعلمت المجون فما
ادعى بشيء سوى رب المجانات
وذاك اني رايت العقل مطرحا
فجئت اهل زماني بالحماقات
وقوله من قصيدة:
ففي ما شئت من حمق ومن هوس
قليله لكثير الحمق اكسير
كم رام ادراكه قوم فاعجزهم
وكيف يدرك ما فيه قناطير
لاشكرن حماقاتي لان بها
لواء حمقي في الافاق منشور
ولست ابغي بها خلا ولا بدلا
هيهات غيري بترك الحمق معذور
لا عيب في سوى اني اذا طربوا
وقد حضرت يرى في الراس تفجير
وقوله من قصيدة:
فاسمعن مني ودعنيمن كثير وقليل
وصغير وكبيرودقيق وجليل
قد ربحنا بالحماقات على اهل العقول
فرعى اللّه ويبقيكل ذي عقل قليل
ما له في الحمق والخفة مثلي من عديل
فمتى اذكر قالواشيخنا طبل الطبول
شيخنا شيخ ولكنليس بالشيخ النبيل
واكثر شعره جيد على اسلوب صريع الدلاء والقصار
البصري كما
قاله ابنخلكان((334))، ويستشهد بشعره في الادب
كما في
باب المشاكلة((335)) من التلخيص وسائركتب
البيان، وقد
استشهد عليها بقوله:
قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه
قلت اطبخوا لي جبة وقميصا
قال السيد العباسي في معاهد التنصيص((336))
(1/225): هو
قول ابي الرقعمق، يروى انهقال: كان لي اخوان اربعة
وكنت
انادمهم ايام الاستاذ كافور الاخشيدي،
فجاءنيرسولهم في يوم
بارد وليست لي كسوة تحصنني من البرد، فقال: اخوانك
يقراون عليكالسلام ويقولون لك: قد اصطبحنا اليوم
وذبحنا
شاة سمينة فاشته علينا ما نطبخ لكمنها، قال: فكتبت
اليهم:
اخواننا قصدوا الصبوح بسحرة
فاتى رسولهم الي خصوصا
قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه
قلت اطبخوا لي جبة وقميصا
قال: فذهب الرسول بالرقعة، فما شعرت حتى عاد ومعه
اربع
خلع واربعصرر فيكلصر ة عشرة دنانير، فلبست
احدى الخلع
وسرت اليهم.
ترجمه الثعالبي في يتيمة الدهر((337)) (1/269 296) وذكر
من شعره اربعمائة واربعةوتسعين بيتا، وقال: نادرة
الزمان،
وجملة الاحسان، وممن تصرف بالشعر الجزل فيانواع
الجد
والهزل، واحرز قصد الفضل، وهو احد المداح المجيدين
والفضلاء المحسنين،وهو بالشام كابن الحجاج
بالعراق. ولعل
كونه كابن الحجاج السابق ذكره ينم عنتشيعه، فان
ذلك
اظهر اوصاف ابن الحجاج واجل ما يؤثر عنه، فقد عرفه
من
عرفهبولائه الصلب لاهل بيت الوحي (ع) والتجهم امام
اضدادهم والوقيعة فيهم، فقاعدةالتشبيه تستدعي ان
يكون
شاعرنا المترجم مثله او قريبا منه، على ان صاحب
نسمةالسحر((338)) عده ممن تشيع وشعر، وعقد له
ترجمةضافية الذيول.
نعم، ويشبه ابن الحجاج في تغلب المجون على شعره،
ولا يبعد
جدا ان يكون هذامرمى كلام الثعالبي. ومن شعره قصيدة
في
ممدوح((339))
له علوي، منهاقوله((340))وعجيبوالحسين
له راحة بالجود تنسكب ان شربي عنده رنقولديه
مربعي جدب
وله الورد المعاذ به والجناب الممرع الخصب وهو
الغيث الملث
اذا اعوزتنا درها السحب((341))والى الرسي ملجؤنامن صروف
الدهر والهرب سيد شادت علاه له في العلا
آباؤهالنجبوله بيت
تمد له فوق مجرى الانجم الطنب حسبه بالمصطفى
شرفاوعلي
حين ينتسب رتبة في العز شامخةقصرت عن نيلها الرتب
ذاك
فخر ليس تنكره لكم عجم ولا عربولانتم من بفضلهم
جاءت
الاخبار والكتبواليكم كل منقبةفي الورى تعزى
وتنتسبوبكم
في كل معركة تفخر الهندية القضبوبكم في كل عارفة
ترفع
الاستار والحجبواذا سمر القنا اشتجرتفبكم
تستكشف الكرب
وله من قصيدة اولها:
باح وجدا بهواهحين لم يعط مناه
مغرم اغرى به السقم فما يرجى شفاه
كاد يخفيه نحول الجسم حتى لا تراه
لو ضنا يخفي عن العين لاخفاه ضناه
ومنها قوله:
حبذا الرسي مولى رضي الناس ولاه جعل اللّه اعاديه
من السوء
فداه فلقد ايقن بالثر وة من حل ذراه من رقى حتى
تناهىفي
المعالي مرتقاه فاق ان يبلغ في السؤدد والمجد مداه
ملك مذ
كان بالسطوة ممنوع حماه بحر جود ليس يدرىاين منه
منتهاه
لم يضع من كان ابرا هيم في الناس رجاهلا ولا يفرق
منصرف
زمان ان عراه من به استكفى اذى الايام والدهر كفاه
كيف لا
امدح من لميخل خلق من نداهومن غرر محاسنه قوله
يمدح من
قصيدة، اولها:
قد سمعنا مقاله واعتذاره
واقلناه ذنبه وعثاره
والمعاني لمن عنيت ولكن
بك عرضت فاسمعي يا جاره
من مراديه انه ابد الده
ر تراه محللا ازراره
عالم انه عذاب من الل
ه مباح لاعين النظاره
هتك اللّه ستره فلكم
هتك من ذي تستر استاره
سحرتني الحاظه وكذا ك
ل مليح الحاظه سحاره
ما على مؤثر التباعد والا
عراض لو آثر الرضا والزياره
وعلى انني وان كان قد عذ
ب بالهجر مؤثر ايثاره
لم ازل لا عدمته من حبيب
اشتهي قربه وآبى نفاره
يقول في مدحها:
لم يدع للعزيز في سائر الار
ض عدوا الا واخمد ناره
فلهذا اجتباه دون سوا
ه واصطفاه لنفسه واختاره
لم تشيد له الوزارة مجدا
لا ولا قيل رفعت مقداره
بل كساها وقد تخرمها الده
ر جلالا وبهجة ونضاره
كل يوم له على نوب الده
ر وكر الخطوب بالبذل غاره
ذو يد شانها الفرار من البخ
ل وفي حومة الوغى كراره
هي فلت عن العزيز عداه
بالعطايا وكثرت انصاره
هكذا كل فاضل يده تم
سي وتضحي نفاعة ضراره
فاستجره فليس يامن الا
من تفيا بظله واستجاره
فاذا ما رايته مطرقا يع
مل فيما يريده افكاره
لم يدع بالذكاء والذهن شيئا
في ضمير الغيوب الا اناره
لا ولا موضعا من الارض الا
كان بالراي مدركا اقطاره
زاده اللّه بسطة وكفاه
خوفه من زمانه وحذاره
وذكر النويري من شعره في نهاية الارب((342)) في
الجزء
الثالث (ص190) قوله:
لو نيل بالمجد فيالعلياء منزلة
لنال بالمجد اعناق السماوات
يرمي الخطوب براي يستضاء به
اذا دجا الراي من اهل البصيرات
فليس تلقاه الا عند عارفه
او واقفا في صدور السمهريات((343))
ترجمه ابن خلكان في تاريخه((344)) (1/42) وقال بعد
الثناء
عليه ونقل كلامالثعالبيالمذكور وذكر ابيات من
شعره: وذكره
الامير المختار المسبحي في تاريخ مصر، وقال:توفي
سنة تسع
وتسعين وثلثمائة، وزاد غيره في يوم الجمعة لثمان
بقين من
شهررمضان، وقيل: في شهر ربيع الاخر، واظنه توفي
بمصر.
وترجمه((345))
اليافعي وارخ وفاته كما ذكر في مرآة الجنان
(2/452)، وابن العماد الحنبليفي الشذرات (3/155)،
والسيد
العباسي في معاهد التنصيص (1/226)، والزركلي
فيالاعلام
(1/74)، وصاحب تاريخ آداب اللغة (2/264).
(30) ابو العلاء السروي
علي امامي بعد الرسول
سيشفع في عرصة الحق لي
ولا ادعي لعلي سوى
فضائل في العقل لم يشكل
ولا ادعي انه مرسل
ولكن امام بنص جلي
وقول الرسول له اذ اتى
له شبه الفاضل المفضل
الا ان من كنت مولى له
فمولاه من غير شك علي((346))
الشاعر
ابو العلاء محمد بن ابراهيم
السروي، هو شاعر طبرستان
الاوحد، وعلم الفضيلةالمفرد، وله مساجلات
ومكاتبات مع ابي
الفضل بن العميد المتوفى سنة(360)، ولهكتب وشعر
رائع
وملح كثيرة، ذكرت في اليتيمة((347)) منها جملة صالحة
(4/48)، وفيمحاسن اصبهان (ص52 و 56)، وفي نهاية الارب
في فنون الادب((348))، ومن شعره فيوصف طبرستان
ما
ذكره الحموي في معجم البلدان((349)) (6/18) وهو:
اذا الريح فيها جرت الريح اعجلت
فواختها في الغصن ان تترنما
فكم طيرت في الجو وردا مدنرا
يقلبه فيه ووردا مدرهما((350))
واشجار تفاح كان ثمارها
عوارض ابكار يضاحكن مغرما
فان عقدتها الشمس فيها حسبتها
خدودا على القضبان فذا وتواما
ترى خطباء الطير فوق غصونها
تبث على العشاق وجدا معتما
وله في مدح اهل البيت(ع) قوله ذكره ابن شهرآشوب في
المناقب((351))
(2/73) طبعايران:
ضدان جالا على خديك فاتفقا
من بعدما افترقا في الدهر واختلفا
هذا باعلام بيض اغتدى فبدا
وذا باعلام سود انطوى فعفا
اعجب بما حكيا في كتب امرهما
عن الشعارين في الدنيا وما وصفا
هذا ملوك بني العباس قد شرعوا
لبس السواد وابقوه لهم شرفا
وذي كهول بني السبطين رايتهم
بيضاء تخفق اما حادث ازفا
كم ظل بين شباب لا بقاء له
وبين شيب عليه بالنهى عطفا
هلالمشيب الى جنبالشباب سوى
صبح هنالك عن وجه الدجى كشفا
وهل يؤدي شباب قد تعقبه
شيب سوى كدر اعقبت منه صفا
لو لم يكن لبني الزهراء فاطمة
من شاهد غير هذا في الورى لكفى
فراية لبني العباس عابسة
سوداء تشهد فيه التيه والسرفا
وراية لبني الزهراء زاهرة
بيضاء يعرف فيها الحق من عرفا
شهادة كشفت عن وجه امرهما
فبح بها وانتصف ان كنت منتصفا
حاز النبي وسبطاه وزوجته
مكان ما افنت الاقلام والصحفا
والفخر لو كان فيهم صورة جسدا
عادت فضائلهم في اذنه شنفا
وقد تناكرت الاحلام وانقلبت
فيهم فاصبح نور اللّه منكسفا
الا اضاء لهم عنها ابو حسن
بعلمه وكفاهم حرها وشفا
وهل نظير له في الزهد بينهم
ولو اصاخ لدنيا او بها كلفا
وهل اطاع النبي المصطفى بشر
من قبله وحذا آثاره وقفا
وهل عرفنا وهل قالوا سواه فتى
بذي الفقار الى اقرانه زلفا
يدعو النزال وعجل القوم محتبس
والسامري بكف الرعب قد نزفا
مفرج عن رسول اللّه كربته
يوم الطعان اذا قلب الجبان هفا
تخاله اسدا يحمي العرين اذا
يوم الهياج بابطال الوغى رجفا
يظله النصر والرعب اللذان هما
كانا له عادة ان سار او وقفا
شواهد فرضت في الخلق طاعته
برغم كل حسود مال وانحرفا
ثم الائمة من اولاده زهر
متوجون بتيجانالهدى حنفا
من جالس بكمال العلم مشتهر
وقائم بغرار السيف قد زحفا
مطهرون كرام كلهم علم
كمثل ما قيل كشافون لا كشفا
وله في يتيمة الدهر((352)) (4/48).
مررنا على الروض الذي قد تبسمت
ذراه واوداج الابارق تسفك
فلم نر شيئا كان احسن منظرا
من الروض يجري دمعه وهو يضحك
وله في النرجس:
حي الربيع فقد حيا بباكور
من نرجس ببهاء الحسن مذكور
كانما جفنه بالغنج منفتحا
كاس من التبر في منديل كافور
وله في النرجس ذكرها صاحبا الظرائف واللطائف((353))
(ص159) وحلبة الكميت(ص203):
انظر الى نرجس تبدت
صبحا لعينيك منه طاقه
واكتب اسامي مشبهيه
بالعين في دفتر الحماقه
واي حسن يرى لطرف
مع يرقان يحل ماقه((354))
كراثة ركبت عليها
صفرة بيض على رقاقه
وكتب اليه شاعر غريب يشكو اليه حجابه ابياتا منها:
جئت الى الباب مرارا فما
ان زرت الا قيل لي قد ركب
وكان في الواجب يا سيدي
ان لا ترى عن مثلنا تحتجب
فاجابه على ظهر رقعته:
ليس احتجابي عنك من جفوة
وغفلة عن حرمة المغترب
لكن لدهر نكد خائن
مقصر بالحر عما يجب
وكنت لا احجب عن زائر
فالان من ظلي قد احتجب
وذكر الثعالبي في ثمار القلوب((355)) (ص354) له قوله:
اما ترى قضب الاشجار قد لبست
انوارها تنثني ما بين جلاس
منظومة كسموط الدر لابسة
حسنا يبيح دم العنقود للحاسي
وغردت خطباء الطير ساجعة
على منابر من ورد ومن آس
خطباءالطير فيالشعر هي: الفواخت
والقماريوالرواشن
والعنادل وما اشبهها.
قال الثعالبي: اظن اول من اخترع هذه الاستعارة
المليحة ابو
العلاء السروي في قولهالمذكور. وذكر له صاحب
محاسن
اصبهان (ص52) فيالوصف قوله:
اوما ترى البستان كيف تجاوبت
اطياره وزها لنا ريحانه
وتضاحكت انواره وتسلسلت
انهاره وتعارضت اغصانه
وكانما يفتر غب القطر عن
حلل نشرن رياضه وجنانه
وذكر له (ص56) قوله:
كان حمام الروض نشوان كلما
ترنم في اغصانه وترحجا
فلاذ نسيم الجو من طول سيره
حسيرا باطراف الغصون مطلجا
وللصاحب بن عباد ابيات كتبها الى المترجم له، ذكرها
المافروخي في محاسن اصبهان(ص14) وهي:
ابا العلاء الا ابشر بمقدمنا
فقد وردنا على المهرية القود
هذا وكان بعيدا ان اراجعكم
على التعاقب بين البيض والسود
من بعد ما قربت بغداد تطلبني
واستنجزتني بالاهواز موعودي
وراسلتني بان بادر لتملكني
ويجري الماء ماء الجود في العود
فقلت لا بد من جي((356)) وساكنها
ولو رددت شبابي خير مردود
فان فيها اودائي ومعتمدي
وقربها خير مطلوب ومنشود
الست اشهد اخواني ورؤيتهم
تفي بملك سليمان بن داود
كان المترجم يتعصب للعجم على العرب، فكتب اليه ابن
العميد رسالة ينكرفيهاتعصبه بقوله: اقبل وصية
خليلك،
وامتثل شورة نصيحك، ولا تتماد في ميدان
الجهلينضك، ولا
تتهافت في الحاح يغرك، واخش يا سيدي ان يقال: التحمت
حربالبسوس من دم ضرع((357))، واشتبكت حرب غطفان
من اجل بعير قرع،وقتل الففارس برغيف الحولاء، وصب
اللّه
على العجم سوط عذاب بمزاح ابي العلاء((358)).
البيان:
حرب البسوس: البسوس بنت منقذ
التميمية، زارت اختها ام
جساس بن مرة، ومعالبسوس جار لها من جرم يقال له
سعد بن
شمس، ومعه ناقة له، فرماها كليب وائللما رآها في
مرعى قد
حماه، فاقبلت الناقة الى صاحبها وهي ترغو وضرعها
يشخبلبنا
ودما، فلما راى ما بها انطلق الى البسوس فاخبرها
بالقصة،
فقالت:
واذلاه واغربتاه، وانشات تقول ابياتا تسميها العرب
ابيات الفناء،
وهي:
لعمري لو اصبحت في دار منقذ
لما ضيم سعد وهو جار لابياتي
ولكنني اصبحت في دار غربة
متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي
فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل
فانك في قوم عن الجار اموات
ودونك اذوادي فخذها وآتني
بها حلة لا يغدرونببنياتي((359))
فسمعها ابن اختها جساس فقال لها: ايتها الحرة
اهدئي، فواللّه
لاقتلن بلقحة((360))جارككليبا، ثم ركب فخرج
الى كليب
فطعنه طعنة اثقلته فمات منها، ووقعت الحرب بين
بكروتغلب،
فدامت اربعين سنة، وجرت خطوب وصار شؤم البسوس مثلا،
ونسبتالحرب اليها وهي من اشهر حروب العرب.
رغيف الحولاء: من امثال العرب المشهورة: اشام من
رغيف
الحولاء((361))،
كانتالحولاء خبازة في بني سعد بن زيد مناة،
فمرت وعلى راسها كارة خبز، فتناولرجلمن راسها
رغيفا،
فقالت: واللّه مالك علي حق ولا استطعمتني، فلم
اخذترغيفي
؟ اما انك ما اردت بهذا الا فلانا تعني رجلا كانت في
جواره
فمرت اليهشاكية، فثار وثار معه قومه الى الرجل
الذي اخذ
الرغيف وقومه، فقتل بينهم الفنفس، وصار رغيف
الحولاء مثلا
في الشيء اليسير يجلب الخطب الكبير.
سوط عذاب: من استعارات الكتاب الكريم، قال اللّه
تعالى:
(فصب عليهم
ربك سوط عذاب)((362)).
وذكر له النويري في نهاية الارب((363)) (2/23).
حي شيبا اتى لغير رحيل
وشبابا مضى لغير اياب
اي شيء يكون احسن من عا
ج مشيب في آبنوس شباب
(31) ابو محمد العوني
امامي له يوم الغديراقامه
نبي الهدى ما بين من انكرالامرا
وقام خطيبا فيهم اذ اقامه
ومن بعد حمداللّه قال لهم جهرا
الا ان هذا المرتضى بعل فاطم
علي الرضا صهري فاكرم به صهرا
ووارث علمي والخليفة فيكم
الى اللّه من اعدائه كلهم ابرا
سمعتم؟ اطعتم ؟ هل وعيتم مقالتي ؟
فقالوا جميعا ليس نعدو له امرا
سمعنا اطعنا ايها المرتضى فكن
على ثقة منا وقد حاولوا غدرا((364))
ومنها قوله مشيرا الى حديث مر في الجزء الثاني
(ص320):
وفي خبر صحت روايته لهم
عن المصطفى لا شك فيه فيستبرا
بان قال لما ان عرجت الى السما
رايت بها الاملاك ناظرة شزرا
الى نحو شخص حيل بيني وبينه
لعظم الذي عاينته منه لي خيرا
فقلت حبيبي جبرئيل من الذي
تلاحظه الاملاك قال لك البشرى
فقلت ومن ذا قال علي الرضا
وما خصه الرحمن من نعم فخرا
تشوقت الاملاك اذ ذاك شخصه
فصوره الباري على صورة اخرى
فمال الى نحو ابن عم ووارث
على جذل منه بتحقيقه خبرا((365))
ومن شعره في الغدير كما في المناقب لابن شهرآشوب((366))
(1/537) طبع ايران قولهاليس قام رسول اللّه يخطبهم
يوم الغدير وجمع الناس محتفل
وقال من كنت مولاه فذاك له
من بعد مولى فواخاه وما فعلوا
لو سلموها الى الهادي ابي حسن
كفى البرايا ولم تستوحش السبل
هذا يطالبه بالضعف محتقبا
وتلك يحدو بها في سعيها جمل
وله من قصيدة فى المناقب((367)) (1/538) طبع ايران
قوله:
فقال رسول اللّه هذا لامتي
هو اليوم مولى رب ما قلت فاسمع
فقام جحود ذو شقاق منافق
ينادي رسول اللّه من قلب موجع
اعن ربنا هذا ام انت اخترعته
فقال معاذ اللّه لست بمبدع
فقال عدو اللّه لاهم ان يكن
كما قال حقا بي عذابا فاوقع
فعوجل من افق السماء بكفره
بجندلة فانكب ثاو بمصرع
وله من قصيدة كبيرة يمدح بها امير المؤمنين (ع)
ويسمي
الائمة المعصومين:
ان رسول اللّه مصباح الهدى
وحجة اللّه على كل البشر
جاء بفرقان مبين ناطق
بالحق من عند مليك مقتدر
فكان من اول من صدقه
وصيه وهو بسن ماثغر((368))
ولم يكن اشرك باللّه ولا
دنس يوما بسجود لحجر
فذاكم اول من آمن بال
له ومن جاهد فيه ونصر
اول من صلى من القوم ومن
طاف ومن حج بنسك واعتمر
من شارك الطاهر في يوم العبا
في نفسه من شك في ذاك كفر
من جاد بالنفس ومن ضن بها
في ليلة عند الفراش المشتهر
من صاحبالدار الذيانقض بها
نجم من الجو نهارا فانكدر
من صاحب الراية لما ردها
بالامس بالذل قبيع وزفر
من خص بالتبليغ في براءة
فتلك للعاقل من احدى العبر
من كان في المسجد طلقا بابه
حلا وابواب اناس لم تذر
من حاز في خم بامر اللّه ذا
ك الفضل واستولى عليهم واقتدر
من فاز بالدعوة يوم الطائرال
مشوي منخص بذاك المفتخر
من ذا الذياسري به حتى راىال
قدرة في حندس ليل معتكر
من خاصف النعل ومن خبركم
عنه رسول اللّه انواع الخبر
سائل به يوم حنين عارفا
من صدق الحرب ومن ولى الدبر
كليم شمس اللّه والراجعها
من بعد ما انجاب ضياها واستتر
كليم اهل الكهف اذ كلمهم
في ليلة المسح فسل عنها الخبر
وقصة الثعبان اذ كلمه
وهو على المنبر والقوم زمر
والاسد العابس اذ كلمه
معترفا بالفضل منه واقر
بانه مستخلف اللّه على الا
مة والرحمن ما شاء قدر
عيبة علم اللّه والباب الذي
يؤتى رسول اللّه منه المشتهر((369))
له من قصيدة:
ايا امة السوء التي ما تيقظت
لما قد خلت فيها من المثلات
وقد وترت آل النبي ورهطه
على قدر الايام اي ترات
وقد غدرت بالمرتضى علم الهدى
امام البرايا كاشف الكربات
ببدر واحد والنضير وخيبر
ويوم حنين ساعة الهبوات((370))
وصاحب خم والفراش وفضله
ومن خص بالتبليغ عند براة((371))
وله من قصيدة يمدح بها امير المؤمنين (ع):
واللّه البسه المهابة والحجا
وربا به ان يعبد الاصناما
مازال يغذوه بدين محمد
كهلا وطفلا ناشئا وغلاما
ام من سواه اذا اتي بقضية
طرد الشكوك واخرس الحكاما
فاذا راى رايا يخالف رايه
قوم وان كدوا له الافهاما
نزل الكتاب برايه فكانما
عقد الاله برايه الاحكاما
من ذا سواه اذا تشاجرت القنا
وابى الكماة الكر والاقداما
وتصلصلت حلق الحديد واظهرت
فرسانها التصجاج والاحجاما((372))
ورايت من تحت العجاج لنقعها
فوق المغافر والوجوه قتاما
كشف الاله بسيفه وبرايه
يظمي الجواد ويرتوي الصمصاما
ووزيره جبريل يقحمه الوغى
طوعا وميكال الوغى اقحاما
ام من سواه يقول فيه احمد
يوم الغدير وغيره اياما
هذا اخي مولاكم وامامكم
وهو الخليفة ان لقيت حماما
مني كما هارون من موسى فلا
تالوا((373))
لحق امامكم اعظاما
ان كان هارون النبي لقومه
ما غاب موسى سيدا واماما
فهو الخليفة والامام وخير من
امضى القضاء وخفف الاقلاما
حتى لقد قال ابن خطاب له
لما تقوض من هناك وقاما
اصبحت مولائي ومولى كل من
صلى لرب العالمين وصاما
غصن رسول اللّه اثبت غرسه
فعلا الغصون نضارة ونظاما
حتى استوى علما كما قد شاءه
رب السماء وسيدا قمقاما
ما سامه في ان يكون مؤمرا
لفتى ولا ولى عليه اساما
فهو الامير حياته ومماته
امرا من اللّه العلي لزاما
صلى عليه ذو الجلال كرامة
وملائك كانوا لديه كراما
وله من قصيدة:
يا آل احمد لولاكم لما طلعت
شمس ولا ضحكت ارض من العشب
يا آل احمد لازال الفؤاد بكم
صبا بوادره تبكي من الندب
يا آل احمد انتم خير من وخدت
به المطايا فانتم منتهى الارب
ابوكم خير من يدعى لحادثة
فيستجيب بكشف الخطب والكرب
عدل القران وصي المصطفى وابو ال
سبطين اكرم به من والد واب
بعل المطهرة الزهراء ذو الحسب ال
طهر الذي ضمه شفعا الى النسب
من قال احمد في يوم الغدير له
من كنت مولى له في العجم والعرب
فان هذا له مولى ومنذره
يا حبذا هو من مولى ويا بابي
من مثله وهو مولى الخلق اجمعها
بامر رب الورى في نص خير نبي
ياتي غدا ولواء الحمد في يده
والناس قد سفروا عن اوجه قطب
حتى اذا اصطكت الاقدام زائلة
عن الصراط فويق النار مضطرب
الشاعر
ابو محمد طلحة بن
عبيد اللّه بن ابي عون الغساني((374))
العوني. لعل في شهرة العونيوشعره السائر وطرفه
المدونة في
الكتب، غنى عن تعريفه وذكر عبقريته، وتفوقه فيسرد
القريض، ونبوغه في نضد جواهر الكلام، كما ان فيما
دون من
تاريخ حياته ومايؤثر عنه من جمل الشعر ومفصلاته،
كفاية
للباحث عن ادلاء الحجة على تشيعهوتفانيه في ولاء
سادته
وائمة دينه صلوات اللّه عليهم.
لقد سرى الركبان بشعر العوني فطارت نبذه الى مختلف
الديار،
ولهج بها الناس فياماكن قصية، وكان ينشدها
المنشدون في
الاندية والمجتمعات التي يتحرى فيها
تشنيفالاسماع بذكر
اهل البيت (ع) وفضائلهم، ومنهم الشاعر منير والد
الشاعر
احمد بنمنير المترجم في شعراء القرن السادس، كان
ينشد
شعر العوني في اسواق طرابلسفيقرط آذان الناس
بتلكم
الفضائل، لكن ابن عساكر((375)) اساء سمعا
واساءجابه((376)) غاظه ذلك الهتاف بذكر اهل
البيت (ع)،
فاراد ان يسم الرجل بما يشوهسمعته، فقال: انه كان
يغني في
اسواق طرابلس بشعر العوني.
وجاء ابن خلكان((377)) بعد لاي من عمر الدهر حتى
وقف
على تلك الانشودة ،فساءته اكثر مما ساءت ابن عساكر،
فزاد
ضغثا على اباله((378))، فطرح لفظة شعر
العونيواكتفى بان
منيرا كان يغني في الاسواق، وللمحاسبة مع الرجلين
موقف
نؤجله الىيومالحساب، فهنالك يستوفي منير حقه، و
(ان ربك
لبالمرصاد)((379)).
وهذه كلها والنبذ المدونة من شعره في هذا الكتاب
وفيها عد
الائمة الاثني عشر، آياتباهرة لبلوغ العوني
الغاية القصوى من
الموالاة والتشيع، حتى ان القاصرين اوالحانقين
عليه رموه
بالغلو لما ذكره ابن شهرآشوب في المعالم((380)) من
انه نظم
اكثرالمناقب، والواقف على شعره جد عليم بانه كان
يمشي على
الوسط بين الافراطوالتفريط، فلا يثبت لاهل البيت
(ع) الا ما
حق لهم من المراتب والمناقب او ما هودون مقامهم،
ولا ينظم
الا ما ورد في احاديث ائمة الدين من مناقبهم، واما
التهمةبالغلو
فكلمة جاهل او معاند.
وعلى اي فتشيع العوني كان مشهورا في العصور
المتقدمة،
على عهده وبعد وفاته،حتىانه لما وقعت الفتنة بين
الشيعة
والسنة في بغداد سنة (443) واحتدم بينهما
القتال،فكانت مما
جاءت به يد الجور من الفظائع انهم نبشوا قبور جماعة
من
الشيعةوطرحوا النيران في ترابهم ومنهم العوني
المترجم،
والناشئ علي بن وصيف الانفذكره((381))، والشاعر المعروف
الجذوعي((382)).
كان العوني يتفنن في الشعر، وياتي باساليبه وفنونه
وبحوره،
مقدرة منه على تحويرالقول وصياغة الجمل كيف ما شاء
واحب.
قال ابن رشيق في العمدة((383)) (1/154): ومن الشعر نوع
غريب يسمونه القواديسيتشبيها بالقواديس
السانية، لارتفاع
بعض قوافيه في جهة وانخفاضها في الجهةالاخرى،
فاول من
رايته جاء به طلحة بن عبيداللّه العوني في قوله وهي
من
قصيدةله مشهورة طويلة:
كم للدمى الابكار بال
جنتين من منازل
بمهجتي للوجد من
تذكارها منازل
معاهد رعيلها
مثعنجر الهواطل((384))
لما ناى ساكنها
فادمعي هواطل
وللعوني معاني فخمة في شعره استحسنها معاصروه ومن
بعده، فحذوا حذوه فيصياغة تلك المعاني، لكن
الحقيقة تشهد
بان الفضل لمن سبق. قال ابو سعيد محمد ابناحمد
العبيدي
في الابانة عن سرقات المتنبي (ص22): قال العوني:
مضى الربيع وجاء الصيف يقدمه
جيش من الحر يرمي الارض بالشرر
كان بالجو ما بي من جوى وهوى
ومن شحوب فلا يخلو من الكدر
قال المتنبي المقتول (354):
كان الجو قاسى ما اقاسي
فصار سواده فيه شحوبا((385))
وقال في (ص64): قال العوني:
يا صاحبي بعدتما فتركتما
قلبي رهين صبابة ونصاب
ابكي وفاءكما وعهدكما كما
يبكي المحب معاهد الاحباب
قال المتنبي:
وفاؤكما كالربع اشجاه طاسمه((386))
بان تسعدا والدمع اشفاه ساجمه((387))
وقال في (ص66): للعوني في قصيدة له في اهل البيت (ع):
الا سيد يبكي بشجوي فانني
لمستعذب ماء البكاء ومستحلي
احب ابن بنت المصطفى وازوره
زيارة مهجور يحن الى الوصل
وما قدمي في سعيه نحو قبره
بافضل منه رتبة مركب العقل
قال المتنبي((388)):
خير اعضائنا الرؤوس ولكن
فضلتها بقصدها الاقدام
قال الاميني: وحذا حذو العوني في المعنى سيدنا
الشهيد
السيد نصراللّه الحائري فيكافية له في تربة
كربلاء المشرفة،
وقال:
اقدام من زار مغناك الشريف غدت
تفاخر الراس منه طاب مثواك((389))
وشعره في اهل البيت (ع) مدحا ورثاء مبثوث في المناقب
لابن
شهرآشوب، وروضةالواعظين لشيخنا الفتال، والصراط
المستقيم لشيخنا البياضي، وقدجمعنا من شعره مايربو
على
ثلاثمائة وخمسين بيتا، وجمعه ورتبه العلامة
السماوي في
ديوان، ومما رتبهقصيدتهالمعروفة بالمذهبة توجد
في
مناقبابن شهرآشوب ناقصة الاطراف:
وسائل عن العلي الشان
هل نص فيه اللّه بالقرآن
بانه الوصي دون ثان
لاحمد المطهر العدناني
فاذكر لنا نصا به جليا
اجبت يكفي خم في النصوص
من آية التبليغ بالمخصوص
وجملة الاخبار والنصوص
غير الذي انتاشت يد اللصوص
وكتمته ترتضي اميا
اما سمعت يا بعيد الذهن
ما قاله احمد كالمهني
انت كهارون لموسى مني
اذ قال موسى لاخيه اخلفني
فاسالهم لم خالفوا الوصيا
اما سمعت خبر المباهله
اما علمت انها مفاضله
بين الورى فهل راى من عادله
في الفضل عند ربه وقابله
ولم يكن قربه نجيا((390))
اما سمعت انه اوصاه
وكان ذا فقر كما تراه
فخص بالدين الذي يرعاه
فان عداه وهو ما عداه
غادر دينا لم يكن مرعيا
فقال هل من آية تدل
على علي الطهر لا تعل
بحيث فيها الطهر يستقل
تدنيه للفضل فيقصى كل
ويغتدي من دونه مقصيا
فقلت ان اللّه جل قالا
اذ شرف الاباء والانسالا
وآل ابراهيم فازوا آلا
انا وهبنا لهم افضالا
لسان صدق منهم عليا
فكان ابراهيم ربانيا
ثم رسولا منذرا رضيا
ثم خليلا صفوة صفيا
ثم اماما هاديا مهديا
وكان عند ربه مرضيا
فعندها قال ومن ذريتي
قال له لا لن ينال رحمتي
وعهدي الظالم من بريتي
ابت لملكي ذاك وحدا
نيتي سبحانه لا زال وحدانيا((391))
فالمصطفى الامر فينا الناهي
وعادم الامثال والاشباه
فالفعل منه والمقام الزاهي
لم يصدرا الا بامر اللّه
لم يتقول ابدا فريا
ان كان غير ناطق عن الهوى
الا بامر مبرم من ذي القوى
فكيف اقصاهم وادنىالمجتوى((392))
اذن لقد ضل ضلالا وغوى
ولم يكن حاشا له غويا((393))
لكنما الاقوام في السقيفه
قد نصبوا برايهم خليفه
وكان في شغل وفي وظيفه
من غسل تلك الدرة النظيفه
وحزنه الذي له تهيا
حتى اذا قضى الخليفة انتخب
من عقد الامر له بين العرب
ثم قضى واختار منهم من احب
وان تكنشورى فللشورى سبب
ان كان ذا ترتيبه مقضيا
ثم قضى ثالثهم فانثالوا
له الرجال تتبع الرجال
فلم تسع غير القبول الحال
فقام والرضا به محال
اذ كان كل يتمنى شيا
فغاضبت اولهم ذات الجمل
وقام معها الرجلان في العمل
فردهم سيف القضاء وفصل
ولم يكن قد سبق السيف العذل
فقد تاتى حربهم مليا
وغاضب الشاني لامر سالف
فاجتاحه بذي الفقار القاصف
واصبح الناصر كالمخالف
اذ شكت الرماح بالمصاحف
واخذ الانحدار والرقيا((394))
وكان ان يرد للتسليم
اذ رد للاحبش في الهزيم
فاعمل الحيلة في التحكيم
بامر شيطانهم الرجيم
ففي الرعاة حكم الرعيا
فلم يجد للكف من مناص
واخذ التحكيم بالنواصي
فجاء اهل الشام بابن العاصي
فاحتال فيها حيلة القناص
غر ابا موسى الاشعريا
قام ابو موسى فويق المنبر
وقال اني خالع لحيدر
كما خلعت خاتمي من خنصري
ثم جعلتها لنجل عمر
يا عمرو قم انت اخلع الشاميا
فقال عمرو ايها الناس اشهدوا
ان خلع الذي له يعتمد
ثم اسمعوا قولي ولا ترددوا
به فاني لابن هند اعقد
فاتخذوه مذهبا عمريا((395))
فما ترى انت بهذي الحال
من المقال ومن الافعال
لا تدخل المفتاح في الاقفال
تفتح عن الاضغان والاذحال
وما يكون في الحشا مطويا
ان عليا عند اهل العلم
اول من سمي بهذا الاسم
قد ناله من ربه في الحكم
على يدي اخيه وابن العم
وحيا قديم الفضل عدمليا((396))
وهو الذي سمي في التوراة
عند الالى هادوا من الهداة
بالنص والتصريح في البراة
برغم من سيء من العداة
من كل عيب في الورى بريا
وهو الذي يعرف عند الكهنه
اذ جمعوا التوراة في الممتحنه
فاخذوا من كل شيء حسنه
وهم لتوراة الكليم الخزنه
ليوردوا الحق لهم بوريا
وهو الذي يعرف في الانجيل
برتبة الاعظام والتبجيل
وميزة الغرة والتحجيل
وفوزة الرقيب للمجيل
وكان يدعى عندهم اليا((397))
وهو الذي يعرف بالزبور
زبور داود حليف النور
وذي العلى والعلم المنشور
في اسم الهزبر الاسد الهصور
ليث الوغى اعني به آريا
وهو الذي تدعوه ما بين الورى
اكابر الهند واشياخ القرى
ذوو العلوم منهم بكنكرا
لانه كان عظيما خطرا
وكنكر كان له سميا
وهو الذي يعرف عند الروم
ببطرس القوة والعلوم
وصاحب الستر لها المكتوم
ومالك المنطوق والمفهوم
ومن يكن ذا يدع بطرسيا
وهو الذي يعرف عند الفرس
لدى التعاليم وعند الدرس
بغرسنا وذاك اسم قدسي
معناه قابض بكل نفس
كما دعوه عندهم باريا
وهو الذي يعرف عند الترك
تيرا وذاك مشبه المحك
وانه يرفع كل شك
عن كل حاك قوله ومحكي
اذا عرفت المنطق التركيا
وهو الذي يدعونه في الحبش
بتريك اي مدبر لا يختشي
لقدرة به وبطش مدهش
وينعتونه باقوى قرشي
فاسال به من يعرف الحبشيا
وهو الذي يعرف عند الزنج
بحنبني اي مهلك ومنج
وقاطع الطريق في المحج
الا باذن في سلوك النهج
فان اردت فاسال الزنجيا
وهو فريق بلسان الارمن
فاروقة الحق لكل مؤمن
تعرفه اعلامهم في الزمن
فاسال به ان كنت ممن يعتني
تحقيقه من كان ارمنيا((398))
وهو الذي سمته تلك الجوهره
اذ ولدت في الكعبة المطهره
وخرجت به فقال الجمهره
من ذا فقالت هو شبلي حيدره
ولدته مطهرا قدسيا
هذا وقد لقبه ظهيرا
ابوه اذ شاهده صغيرا
يصرع من اخوانه الكبيرا
مشمرا عن ساعد تشميرا
وكان عبلا فتلا((399)) قويا
ولقبته ظئره((400)) ميمونا
اذ رات السعد به مقرونا
فكان درا عندها مكنونا
يحمي اخا رضاعه المنونا
ثم يدر ثديها الابيا
واسم اخيه في بني هلال
معلق الميمون بالحبال
يذكره في سمر الليالي
رجالهم فاسمع من الرجال
موهبة خص بها صبيا
والاسم عند اللّه في العلى علي
وهو الصحيح والصريح والجلي
اشتقه من اسمه في الازل
كمثل ما اشتق لخير الرسل
ومنح النبي والوصيا
واتفقت آراء اهل العلم
على اسمه من دون معنى الاسم
فاختلفت في قصده والفهم
له وكل لم يطش بسهم
اذ قد اصاب الغرض المرقيا
فقال قوم قد علا برازا
اقرانه وابتزها ابتزازا
فما رآه القرن الا انحازا
وكان دونا سافلا فامتازا
فهو علي اذ علا العديا
وقال قوم قد علا مكانا
متن النبي ورمى الاوثانا
اذ لم يطق حمل نبي كانا
من ثقل الوحي حكى ثهلانا((401))
فنال منه المنزل العليا
وقال فرقة علي الدار
في جنة الخلد معالمختار
علاه ذو العرش على الابرار
في روضة تزهو وفي انهار
فنال منه المرتضى العلويا((402))
وقال فرقة علاهم علما
فكان اقضاهم لذاك حكما
ومن الى القضاء قد تسمى
يكون اعلى رفعة واسمى
فوال ذاك العالم السميا
ودع تويل الكتاب والخبر
وخذ بما بان لديك وظهر
قد خاطب اللّه به خير البشر
ليفهموا الاحكام في بادي النظر
ويعرفوا النبي والوصيا
فاستمسكن بالعروة الوثقى التي
لم تنفصم عنه ولم تنفلت
تمش على الصراط لم تلتفت
في قدم راس وقلب مثبت
حتى تجوز سالما سويا
الى جنان الخلد في اعلى الرتب
اذ ينثني كل امرئ مع من احب
موهبة ممن له الشكر وجب
فهو ابر خالق وخير رب
عز وجل ملكا قويا
يا رب عبدك الذي غمرته
بالفضل والانعام مذ صيرته
وقد عصى جهلا وقد امرته
ان تاب فالذنب له غفرته
قد تبت فاغفر ذنبي العديا
يا رب مالي عمل سوى الولا
لاحمد وآله اهل العلى
صنو الرسول والوصي المبتلى
وفاطم والحسنين في الملا
غرا تزين العرش والكرسيا
ثم علي وابنه محمد
وجعفر الصدق وموسى المهتدي
ثم علي والجواد الاجود
محمد ثم علي الامجد
والحسن الذي جلا المهديا
فاعطني بهم جمال الدنيا
وراحة القبر زمان البقيا
والامن والستر بحشر المحيا
والري من كوثر اهل السقيا
والحشر معهم في العلى سويا
يا طلح ان تختم بهذا في العمل
لم يدن منك فزع ولا وجل
وانت طلح الخير ان جاء الاجل
بالاجر من رب الورى عز وجل
كفى بربي راحما كفيا
وله يمدح امير المؤمنين (ع):
انا مولى لمن يقول رسول ال
له فيه ما بين جم غفير
سوف تاتي يوم القيامة ركب
خمسة ما لغيرنا من ظهور
انا منهم على البراق وبعدي
بضعتي فاطم تسير مسيري
تحتها يوم ذاك ناقتي العض
باء تطوي الفجاج طي المغير
وابي ابراهيم فوق ذلول
عز قدرا بنا على الجمهور
واخي صالح على ناقة اللّه
امامي في العالم المحشور
وعلي على اغر من الجنة
ما خطب نعته باليسير((403))
في يديه من فوق راسي لواء ال
حمد للواحد الحميد الشكور
وعليه تاج بديع من النو
ر يزاهي باكليله المستدير
قد اضاءت من نوره عرصة الحش
ر فيا حسن ذاك من منظور
ولتاج الوصي سبعون ركنا
كل ركنكالكوكب المستنير((404))
فلربي الحمد الكثير على ما
قد حباني من حبه بالكثير
وله يرثي الامام السبط المفدى صلوات اللّه عليه :
يا قمرا غاب حين لاحا
اورثني فقدك المناحا
يا نوب الدهر لم يدع لي
صرفك من حادث صلاحا
ابعد يوم الحسين ويحي
استعذب اللهو والمزاحا
كربت كي تهتدي البرايا
به وتلقى به النجاحا
فالدين قد لف بردتيه
والشرك القى لها جناحا
فصار ذاك الصباح ليلا
وصار ذاك الدجى صباحا
فجاء اذ كاتبوه يسعى
لكي يريها الهدى الصراحا
حتى اذا جاءهم تنحوا
لا بل نحوا قتله اجتياحا
وانبتوا البيد بالعوالي
والقضب واستعجلوا الكفاحا
فدافعت عنه اولياه
وعانقوا البيض والرماحا
سبعون في مثلهم الوفا
فاثخنوا بينهم جراحا
ثم قضوا جملة فلاقوا
هناك سهم القضا المتاحا
فشد فيهم ابو علي
وصافحت نفسه الصفاحا
يا غيرة اللّه لا تغيثي
منهم صياحا ولا ضباحا((405))
ثم انثنى ظامئا وحيدا
كما غدا فيهم وراحا
ولم يزل يرتقي الى ان
دعاه داعي اللقا فصاحا
دونكم مهجتي فاني
دعيت ان ارتقي الضراحا
فكلكلوا فوقه فهذا
يقطع راسا وذا جناحا
يا بابي انفسا ظماء
ماتت ولم تشرب المباحا
يا بابي اوجها صباحا
باكرها حتفها صباحا
يا بابي اجسما تعرت
ثم اكتست بالدماء وشاحا((406))
يا سادتي يا بني علي
بكى الهدى فقدكم وناحا
اوحشتم الحجر والمساعي
آنستم القفر والبطاحا
اوحشتم الذكر والمثاني
والسور الطولالفصاحا((407))
لا سامح اللّه من قلاكم
وزاد اشياعكم سماحا
وله في الامام الصادق صلوات اللّه عليه:
عج بالمطي على بقيع الغرقد
واقرا التحية جعفر بن محمد
وقل: ابن بنت محمد ووصيه
يا نور كل هداية لم تجحد
يا صادقا شهد الاله بصدقه
فكفى شهادة ذي الجلال الامجد
يا ابن الهدى وابا الهدى انت الهدى
يا نور حاضر سر كل موحد
يا ابن النبي محمد انت الذي
اوضحت قصد ولاء آلمحمد
يا سادس الانوار يا علم الهدى
ضل امرؤ بولائكم لم يهتد((408))
وله من قصيدة يمدح بها امير المؤمنين صلوات اللّه
عليه :
تخيره اللّه من خلقه
فحمله الذكر وهو الخبير
وانزل بالسور المحكمات
عليه كتاب مبين منير
واغشاه نورا وناداه قم
وانذر فانت البشير النذير
فلاح الهدى واضمحل العمى
وولى الضلال وعيف الغرور
فوصى عليا فنعم الوصي
ونعم الولي ونعمالنصير((409))
وله من قصيدة في الائمة الطاهرين (ع) قوله:
نص على ست وست بعده
كل امام راشد برهانه
صلى عليه ذو العلى ولم يزل
يغشاه منه ابدا رضوانه
وله من قصيدة اخرى:
وقلت براثا كان بيتا لمريم
وذاك ضعيف في الاسانيد اعوج
ولكنه بيت لعيسى بن مريم
وللانبياء الزهر مثوى ومدرج
وللاوصياء الطاهرين مقامهم
على غابر الايام والحق ابلج
بسبعين موصى بعد سبعين مرسل
جباههم فيها سجود تشجج
وآخرهم فيها صلاة امامنا
علي بذا جاء الحديث المنهج
وله من قصيدة كبيرة يمدح بها اهل البيت (ع):
الست ترى جبريل وهو مقرب
له في العلى من راحة القصد موقف
يقول لهم: اهل العبا انا منكم
فمن مثل اهلالبيت ان كنت تنصف
نعم آل طه خير من وطا الحصى
واكرم ابصار على الارض تطرف
هم الكلمات الطيبات التي بها
يتاب على الخاطي فيحبا ويزلف
هم البركات النازلات على الورى
تعم جميع المؤمنين وتكنف
هم الباقيات الصالحات بذكرها
لذا كرها خير الثواب المضعف
هم الصلوات الزاكيات عليهم
يدل المنادي بالصلاة ويعكف
هم الحرم المامون آمن اهله
واعداؤه من حوله تتخطف
هم الوجه وجه اللّه والجنب جنبه
وهم فلك نوح خاب عنه المخلف
هم الباب باب اللّه والحبل حبله
وعروته الوثقى تواري وتكنف
واسماؤه الحسنى التي من دعا بها
اجيب فما للناس عنها تحرف((410))
ذكر السمعاني في الانساب((411)): ان العوني كان شاعر
الشيعة، وذكر الصحابة وثلبهم فيقصيدة اولها:
ليس الوقوف على الاطلال من شاني
. . . . .
سمعت ان عمر بن عبدالعزيز لما بلغه عنه سب الصحابة،
امر به
فضرب
بالعمود بالمدينة فمات فيه.
قال الاميني: خفي على السمعاني اسم العوني وعصره
ومدفنه،
وان القصيدة النونيةالمذكورة انما هي لابي محمد
عبداللّه بن
عمار البرقي احد شعراء اهل البيت، وشي به
الىالمتوكل و
قرئت له نونيته، فامر بقطع لسانه واحراق ديوانه،
ففعل به ذلك
ومات بعدايام، وذلك سنة (245). ومن النونية قوله:
فهو الذي امتحن اللّه القلوب به
عما يجمجمن من كفر وايمان
وهو الذي قد قضى اللّه العلي له
ان لا يكون له في فضله ثان
وان قوما رجوا ابطال حقكم
امسوا من اللّه في سخط وعصيان
لن يدفعوا حقكم الا بدفعهم
ما انزل اللّه من آي وقرآن
فقلدوها لاهل البيت انهم
صنو النبي وانتم غير صنوان
(32) ابن حماد
العبدي
1
الا قل لسلطان الهوى كيف اعمل
لقد جار من اهوى وانت المؤمل
ا ابدي اليك اليوم ما انا مضمر
من الوجد في الاحشاء ام اتحمل
وما انا الا هالك ان كتمته
ولا شك كتمان الهوى سوف يقتل
فخذ بعض ما عندي وبعض اصونه
فان رمت صون الكل فالحال مشكل
لقد كنت خلوا من غرام وصبوة
ابيت ومالي في الهوى قط مدخل
الى ان دعاني للصبابة شادن
تحير فيه الواصفون وتذهل
بديع جمال لو يرى الحسن حسنه
لقر اختيارا انه منه اجمل
فسبحان من انشاه فردا بحسنه
فلا تعجبوا فاللّه ما شاء يفعل
دعاني فلم البث ولبيت عاجلا
وما كنت لولا ذلك الحسن اعجل
بذلت له روحي وما انا مالك
وفي مثله الارواح والمال تبذل
وصرت له خدنا ثلاثين حجة
اعانق منه الشمس والليل اليل
بسمعي وقر ان لحا فيه كاشح
كذاك به عن عذل من راح يعذل
الى ان بدا شيبي ولاح بياضه
كما لاح قرن من سنا الشمس مسدل
وبدل وصلي بالجفا متعمدا
وما خلته للهجر والصد يفعل
فحاولته وصلا فقال لي ابتدئ
والا يمينا انه ليس يقبل
وفر كما من حيدر فر قرنه
وقد ثار من نقع السنابك قسطل
غداة راته المشركون وسيفه
بكفيه منه الموت يجري ويهطل
حسام كصل الريم في جنباته
دبيب كما دبت على الصخر انمل
اذا ما انتضاه واعتزى وسط مازق
تزلزل خوفا منه رضوى ويذبل
به مرحب عض التراب معفرا
وعمرو بن ود راح وهو مجدل
وقام به الاسلام بعد اعوجاجه
وجاء به الدين الحنيف يكمل
الى ان يقول فيها:
هو الضارب الهامات والبطل الذي
بضربته قد مات في الحال نوفل
وعرج جبريل الامين مصرحا
يكبر في افق السما ويهلل
اخو المصطفى يوم الغدير وصنوه
ومضجعه في لحده والمغسل
له الشمس ردت حين فاتت صلاته
وقد فاته الوقت الذي هو افضل
فصلى فعادت وهي تهوي كانها
|