وكما ان انتفاء الايمان عن كل عضو وجارحة مكلفة يكشف عن
ضعف ايمان القلب وتضعضع حكومة الاسلام فيه، اذ هوامير
البدن ولا ترد الجوارح ولا تصدر الا عن رايه وامره، كذلك
الصفات النفسية، فان منها ما هو الكاشف عن قوة‏الايمان القلبي
وضعفه كما ورد في النبوي الشريف، فيما اخرجه الحافظ
المنذري في الترغيب والترهيب((774))(3/171):((ان المرء
ليكون مؤمنا وان في خلقه شيئا فينقص ذلك من ايمانه)).
ومنها ما يلازم النفاق ولا يفارقه ولا يجتمع مع شي‏ء من
الايمان وان صلى صاحبه وصام، وبه عرف المنافق في
القرآن‏العزيز.
فاليك ما ورد عن النبي الاقدس في كثير من الصفات
المذكورة المعزوة الى المترجم له، حتى تكون على بصيرة من
الامر،فلا يغرنك تقلب الذين طغوا في البلاد واكثروا فيها
الفساد.
1 ((آية المنافق ثلاث: اذا حدث كذب. واذا وعد اخلف. واذا
ائتمن خان)).
اخرجه: البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم: ((وان صام وصلى
وزعم انه مسلم))((775)).
2 ((اربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة
منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: اذا ائتمن‏خان،
واذا حدث كذب، واذا عاهد غدر، واذا خاصم فجر)).
اخرجه: البخاري، ومسلم، ابو داود، الترمذي، النسائي((776)).
3 ((لا ايمان لمن لا امانة له، ولا دين لمن لا عهد له)).
اخرجه: احمد، البزار، الطبراني، ابن حبان، ابو يعلى،
البيهقي((777)).
4 ((المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه)). متفق
عليه.
5 ((الكذب مجانب للايمان)). ابن عدي، والبيهقي((778)).
6 ((المكر والخديعة في‏النار)). الديلمي((779))، القضاعي.
7 ((المؤمن ليس بحقود)). الغزالي، ابن الديبع((780)).
8 ((لا ايمان لمن لا حياء له)). ابن حبان، ابن الديبع((781)).
9 ((الحسد يفسد الايمان كما يفسد الصبر العسل)). الديلمي،
ابن الديبع((782)).
10 ((الغيرة من الايمان والبذاء من النفاق)). الديلمي،
القضاعي، ابن الديبع((783)).
11 ((اليسير من الرياء شرك، ومن عادى اولياء اللّه فقد بارز اللّه
بالمحاربة)). ابن ماجة، الحاكم، البيهقي((784)).
12 ((من ارضى سلطانا بما يسخط به ربه خرج من دين اللّه)).
الحاكم((785)).
13 ((الحياء من الايمان)) .
البخاري، مسلم، ابو داود، الترمذي، النسائي، ابن
ماجة((786)).
14 ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)).
البخاري، مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة((787)).
15 ((لا يجتمع في جوف عبد الايمان والحسد)). ابن حبان،
البيهقي((788)).
16 ((الشح والعجز والبذاء من النفاق)). الطبراني، ابو
الشيخ((789)).
17 ((لا يجتمع شح وايمان في قلب عبد ابدا)). النسائي، ابن
حبان، الحاكم((790)).
18 ((خصلتان لا يجتمعان في مؤمن: البخل، وسوء الخلق)).
البخاري، الترمذي وغيرهما((791)).
19 ((المؤمن غر كريم، والفاجر خب((792)) لئيم)). ابو داود،
الترمذي، احمد((793)).
20 ((ان الرجل لا يكون مؤمنا حتى يكون قلبه مع لسانه سواء،
ويكون لسانه مع قلبه سواء، ولا يخالف قوله
عمله)).الاصبهاني((794)).
21 ((الحياء والايمان قرناء جميعا، فاذا رفع احدهما رفع
الاخر)). الحاكم،الطبراني((795)).
22 ((ان اللّه غ اذا اراد ان يهلك عبدا نزع منه الحياء، فاذا نزع
منه‏الحياء لم تلقه الا مقيتا ممقتا نزعت منه الامانة، فاذانزعت
منه الامانة لم تلقه الا خائنا مخونا، فاذا لم تلقه الا خائنا مخونا
نزعت منه الرحمة، فاذا نزعت منه الرحمة لم تلقه الا رجيما
ملعنا، فاذا لم تلقه‏الا رجيما ملعنا نزعت منه
ربقة‏الاسلام))ابن‏ماجة، والمنذري((796)).
وفاته
توفي ليلة الفطر سنة (43) على ماهو الاصح عند المؤرخين،
وقيل غير ذلك، وعاش نحو تسعين سنة، وقال العجلي
عاش‏تسعا وتسعين سنة. قال اليعقوبي في
تاريخه((797))(2/198): لما حضرت عمرا الوفاة قال لابنه: لود
ابوك انه كان مات في‏غزاة ذات السلاسل، اني قد دخلت في
امور لا ادري ما حجتي عند اللّه فيها. ثم نظر الى ماله فراى
كثرته، فقال: يا ليته‏كان بعرا، يا ليتني مت قبل هذا اليوم
بثلاثين سنة، اصلحت لمعاوية دنياه وافسدت ديني، آثرت
دنياي وتركت آخرتي،عمي علي رشدي حتى حضرني اجلي،
كاني بمعاوية قد حوى مالي واساء فيكم خلافتي.
قال ابن عبد البر في الاستيعاب((798))(2/436): دخل ابن
عباس على عمرو بن العاص في مرضه فسلم عليه، وقال:كيف
اصبحت يا ابا عبد اللّه؟ قال: اصبحت وقد اصلحت من دنياي
قليلا، وافسدت من ديني كثيرا، فلو كان الذي‏اصلحت هو الذي
افسدت، والذي افسدت هو الذي اصلحت لفزت، ولو كان
ينفعني ان اطلب طلبت، ولو كان ينجيني‏ان اهرب هربت،
فصرت كالمنخنق بين السماء والارض، لا ارقى بيدين ولا اهبط
برجلين، فعظني بعظة انتفع بها يا ابن‏اخي.
فقال له ابن عباس: هيهات يا ابا عبد اللّه صار ابن اخيك اخاك،
ولا تشاء ان تبكي الا بكيت، كيف يؤمن برحيل من هومقيم؟
فقال عمرو: وعلى حينها((799)) حين ابن بضع وثمانين سنة
تقنطني من رحمة ربي؟ اللهم ان ابن عباس يقنطني
من‏رحمتك، فخذ مني حتى ترضى. قال ابن عباس: هيهات يا
ابا عبد اللّه اخذت جديدا وتعط‏ي خلقا! فقال عمرو: مالي ولك‏يا
ابن عباس؟ ما ارسلت كلمة الا ارسلت نقيضها.
قال عبد الرحمن بن شماسة: لما حضرت عمرو بن العاص
الوفاة بكى، فقال له ابنه عبداللّه: لم تبكي اجزعا من
الموت؟قال: لا واللّه ولكن لما بعده. فقال له: قد كنت على خير.
فجعل يذكره صحبة رسول اللّه(ص) وفتوحه الشام، فقال له
عمرو:تركت افضل من ذلك: شهادة ان لا اله الا اللّه. اني كنت
على ثلاثة اطباق ليس منها طبق الا عرفت نفسي فيه، كنت
اول‏شي‏ء كافرا فكنت اشد الناس على رسول اللّه(ص)، فلو مت
يومئذ وجبت لي النار. فلما بايعت رسول اللّه(ص)
كنت‏اشدالناس حياء منه فما ملات عيني من رسول اللّه(ص)
حياء منه، فلومت يومئذ قال الناس: هنيئا لعمرو اسلم وكان
على‏خير، ومات على خير احواله، فترجى له الجنة. ثم بليت بعد
ذلك بالسلطان واشياء فلا ادري اعلي ام لي؟! فاذا مت
فلاتبكين علي باكية، ولا يتبعني مادح ولانار، وشدوا علي
ازاري فاني مخاصم، وشنوا علي التراب «شنا»((800))، فان
جنبي‏الايمن ليس باحق بالتراب من جنبي الايسر.
فائدة
يوجد اسم والد المترجم له في كثير من كلمات الاصحاب
العاصي بالياء، وكذا ورد في شعر امير المؤمنين:
لاوردن العاصي ابن العاصي
سبعين الفا عاقدي النواصي
وفي رجز الاشتر:
ويحك يا ابن العاصي
تنح في القواصي
ويذكر بالياء في كتب غير واحد من الحفاظ، وقال الحافظ
النووي في تهذيب الاسماء واللغات((801))(2/30):
وعليه‏الجمهور وهو الفصيح عند اهل العربية. ثم قال: ويقع في
كثير من كتب الحديث والفقه او اكثرها بحذف الياء وهي لغة،
وقدقري في السبع نحوه كالكبير المتعال، والداع.
5 محمد الحميري
بحق محمد قولوا بحق
فان الافك من شيم اللئام
ابعد محمد بابي وامي
رسول اللّه ذي الشرف التهامي
اليس علي افضل خلق ربي
واشرف عند تحصيل الانام
ولايته هي الايمان حقا
فذرني من اباطيل الكلام
وطاعة ربنا فيها وفيها
شفاء للقلوب من السقام
علي امامنا بابي وامي
ابو الحسن المطهر من حرام
امام هدى اتاه اللّه علما
به عرف الحلال من الحرام
ولو اني قتلت النفس حبا
له ما كان فيها من اثام
يحل النار قوم ابغضوه
وان صلوا وصاموا الف عام
ولا واللّه لا تزكو صلاة
بغير ولاية العدل الامام
امير المؤمنين بك اعتمادي
وبالغر الميامين اعتصامي
فهذا القول لي دين وهذا
الى لقياك ياربي كلامي
برئت من الذي عادى عليا
وحاربه من اولاد الطغام
تناسوا نصبه في يوم خم
من الباري ومن خير الانام
برغم الانف من يشنا كلامي
علي فضله كالبحر طامي
وابرا من اناس اخروه
وكان هو المقدم بالمقام
علي هزم الابطال لما
راوا في‏كفه برق‏الحسام
مايتبع الشعر
هذه القصيدة رواها شيخ الاسلام الحموئي في الباب الثامن
والستين من فرائد السمطين((802))، باسناده عن
الحافظ‏الكبير ابي عبداللّه محمد بن احمد بن علي بن احمد بن
محمد بن ابراهيم النطنزي، مصنف كتاب الخصائص العلوية
على‏سائر البرية، قال: انبانا ابو الفضل جعفر بن عبد الواحد بن
محمد بن محمود الثقفي بقراءتي عليه، قال: انبانا ابو طاهر
محمدبن احمد بن عبد الرحيم، قال: انبانا ابو الشيخ، قال:
حدثنا محمد بن احمد بن معدان، حدثنا محمد بن زكريا،
حدثنا عبداللّهبن الضحاك، حدثنا هشام بن محمد، عن ابيه،
قال:
اجتمع الطرماح الطائي، وهشام المرادي، ومحمد بن عبداللّه
الحميري عند معاوية بن ابي سفيان، فاخرج بدرة فوضعها
بين‏يديه، وقال: يامعشر شعراء العرب قولوا قولكم في علي بن
ابي طالب، ولا تقولوا الا الحق، وانا نفي من صخر بن حرب‏ان
اعطيت هذه البدرة الا من قال الحق في علي.
فقام الطرماح وتكلم في علي ووقع فيه، فقال له معاوية: اجلس
فقد عرف اللّه نيتك، وراى مكانك. ثم قام هشام المرادي‏فقال
ايضا ووقع فيه، فقال له معاوية: اجلس مع صاحبك فقد عرف
اللّه مكانكما. فقال عمرو بن العاص لمحمد بن عبداللّهالحميري
وكان خاصا به: تكلم ولا تقل الا الحق، ثم قال: يامعاوية قد آليت
ان لاتعط‏ي هذه البدرة الا من قال الحق في‏علي. قال: نعم، انا
نفي من صخر بن حرب ان اعطيتها منهم الا من قال الحق في
علي. فقام محمد بن عبداللّه فتكلم ثم قال:بحق محمد قولوا
بحق ... القصيدة.
فقال معاوية: انت اصدقهم قولا، فخذ هذه البدرة.
ورواها شيخنا الفقيه الكبير عماد الدين ابو جعفر محمد بن ابي
القاسم بن محمد الطبري الاملي، في الجزء الاول من
بشارة‏المصطفى لشيعة المرتضى((803))، قال: اخبرنا الشيخ
ابو عبداللّه احمد بن محمد بن شهريار الخازن بمشهد مولانا
اميرالمؤمنين(ع) في شوال سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، قال:
حدثني الشيخ ابو عبداللّه محمد بن محسن الخزاعي، قال:
حدثنا ابوالطيب علي بن محمد بن بنان، قال: حدثنا ابو القاسم
الحسن بن محمد السكري من كتابه، قال: حدثنا ابو العباس
احمد بن‏محمد بن مسروق ببغداد من كتابه، قال: حدثنا محمد
بن دينار الضبي، قال: حدثنا عبداللّه بن الضحاك... الى آخر
السندوالمتن.
وذكرها صاحب رياض العلماء((804)) في ترجمة الشريف
المرتضى نقلا عن شيخ الاسلام الحموئي.
الشاعر
محمد بن عبداللّه الحميري زميل عمرو بن العاص، احسبه ابن
القاضي عبداللّه ابن محمد الحميري الذي قلده معاوية بن‏ابي
سفيان ديوان الخاتم، وكان قاضيا كما ذكره الجهشياري في
كتاب الوزراء والكتاب((805))(ص‏15) قال: كان معاوية‏اول من
اتخذ ديوان الخاتم، وكان سبب ذلك: انه كتب لعمرو بن الزبير
بمائة الف درهم الى زياد وهو عامله على العراق،ففض عمرو
الكتاب وجعلها مائتي الف درهم، فلما رفع زياد حسابه قال
معاوية: ماكتبت له الا بمائة الف. وكتب الى زيادبذلك وامره ان
ياخذ المائة الف منه، فحبسه بها فاتخذ معاوية ديوان الخاتم
وقلده عبداللّه بن محمد الحميري وكان‏قاضيا... انتهى.
ويحتمل قويا ان يكون صاحب الشعر هو القاضي عبداللّه نفسه،
ووقع الاشتباه بتقديم الوالد على الولد.
واما ديوان الخاتم فقد اخترعه معاوية، قال ابن الطقطقي في
الاداب السلطانية((806))(ص‏78): ومما اخترع معاوية من‏امور
الملك ديوان الخاتم، وهذا ديوان معتبر من اكابر الدواوين، لم
تزل السنة جارية به الى اواسط دولة بني العباس‏فاسقط،
ومعناه: ان يكون ديوان وبه نواب، فاذا صدر توقيع من الخليفة
بامر من الامور احضر التوقيع الى ذلك الديوان،واثبتت نسخته
فيه، وحزم بخيط وختم بشمع، كما يفعل في هذا الزمان بكتب
القضاة. وختم بختم صاحب ذلك الديوان.
شعراء الغدير في القرن الثاني
6 ابو المستهل الكميت
المولود (60)
المتوفى (126)
نفى عن عينك‏الارق الهجوعا
وهم يمتري منها الدموعا
دخيل في الفؤاد يهيج سقما
وحزنا كان من جذل((807)) منوعا
وتوكاف((808))الدموع‏على‏اكتئاب
احل الدهر موجعه الضلوعا
ترقرق اسحما دررا وسكبا
يشبه سحها غربا هموعا((809))
لفقدان الخضارم من قريش
وخير الشافعين معا شفيعا
لدى الرحمن يصدع بالمثاني
وكان له‏ابو حسن قريعا((810))
حطوطا في مسرته ومولى
الى مرضاة خالقه سريعا
واصفاه النبي على اختيار
بما اعيا الرفوض له المذيعا
ويوم الدوح دوح غديرخم
ابان له الولاية لو اطيعا
ولكن الرجال تبايعوها
فلم ار مثلها خطرا مبيعا
فلم ابلغ بها لعنا ولكن
اساء بذاك اولهم صنيعا
فصار بذاك اقربهم لعدل
الى جور واحفظهم مضيعا
اضاعوا امر قائدهم فضلوا
واقومهم لدى الحدثان ريعا
تناسوا حقه وبغوا عليه
بلا ترة وكان لهم قريعا
فقل لبني امية حيث حلوا
وان خفت المهند والقطيعا
الا اف لدهر كنت فيه
هدانا طائعا لكم مطيعا
اجاع اللّه من اشبعتموه
واشبع من بجوركم اجيعا
ويلعن فذ امته جهارا
اذا ساس البرية والخليعا
بمرضي السياسة هاشمي
يكون حيا((811)) لامته ربيعا
وليثا في المشاهد غير نكس
لتقويم البرية مستطيعا
يقيم امورها ويذب عنها
ويترك جدبها ابدا مريعا
مايتبع الشعر
هذه من غرر قصائد الكميت الهاشميات المقدرة بخمسمائة
وثمانية وسبعين بيتا كما نص به صاحب
الحدائق‏الوردية((812))، غير انه عاثت في طبعها يد النشر
الامينة على ودائع العلم، فنقصت منها شيئا كثيرا لا يستهان به
مثل مااجترحت في طبع ديوان حسان والفرزدق وابي نؤاس
وغيرها كما مر (ص‏41)، وقد آن ليد التنقيب ان تميط الستار
عن‏تلكم الجنايات المخباة، فالمطبوع منها في ليدن سنة
(1904) يتضمن(536) بيتا. والمشروحة بقلم الاستاذ محمد
شاكرالخياط (560) بيتا. والمشروحة بقلم الاستاذ الرافعي
(458) بيتا على هذا الترتيب.
من‏لقلب متيم مستهام
غير ما صبوة ولا احلام
طبع ليدن والخياط (103) بيتا، ومشروحة الرافعي(102) «بيتا».
طربت وما شوقا الى‏البيض‏اطرب
ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب
طبع ليدن والخياط (140) «بيتا»، ومشروحة الرافعي (138)
«بيتا».
انى ومن اين آبك الطرب
من حيث‏لا صبوة‏ولا ريب
طبع ليدن (133) «بيتا»، مشروحة الخياط(132) «بيتا»،
مشروحة الرافعي (67) بيتا.
الا هل عم في رايه متامل
وهل‏مدبر بعد الاساءة مقبل
طبع ليدن والخياط (111) «بيتا»، مشروحة الرافعي(89) بيتا.
طربت وهل بك من مطرب
ولم تتصاب ولم تلعب
طبع ليدن والخياط (33) «بيتا»، مشروحة الرافعي(28) بيتا.
نفى عن عينك الارق الهجوعا
وهم يمتري منها الدموعا
طبع ليدن (20) «بيتا»، ومشروحة الخياط (21) «بيتا»، والرافعي
(19) بيتا.
سل الهموم لقلب غير متبول
ولا رهين لدى‏بيضاء عطبول((813))
طبع ليدن والخياط (7) ابيات، وذكر الرافعي منها (5) ابيات.
اهوى عليا اميرالمؤمنين ولا
ارضى‏بشتم ابي بكر ولا عمرا
طبع ليدن والخياط (7) ابيات، وحذف الرافعي منها بيتا
«واحدا».
ستة ابيات فائية وقافية ونونية ولم يذكر الرافعي البيتين
النونيين، فلما كانت العينية التي اثبتناها من الهاشميات نذكر
اولا مايخص بها، ثم نورد ما يرجع الى الهاشميات جملة واحدة،
ونردفه بما ورد في بعض قصائدها غير العينية.
العينية من الهاشميات
قال شيخنا المفيد في رسالته في معنى المولى((814)):
الكميت ممن استشهد بشعره في كتاب اللّه، واجمع اهل العلم
على‏فصاحته ومعرفته باللغة، ورئاسته في النظم، وجلالته في
العرب، حيث يقول:
ويوم الدوح دوح غدير خم
ابان له الولاية لو اطيعا
اوجب له الامامة بخبر الغدير، ووصفه بالرئاسة من جهة المولى،
وليس يجوز على الكميت مع جلالته في اللغة والعربية‏وضع
عبارة على معنى لم توضع عليه قط في اللغة، ولا استعملها
قبله احد من اهل العربية، ولا عرفها بشي‏ء كما وصف‏احد منهم،
لانه لو جاز عليه جاز على غيره ممن هو مثله وفوقه ودونه،
حتى تفسد اللغة باسرها، ولا يكون لنا طريق‏الى‏معرفة لغة
العرب على الحقيقة، وينغلق الباب في ذلك. انتهى.
وروى الكراجكي في كنز الفوائد((815))(ص‏154) باسناده عن
هناد((816)) بن السري قال: رايت امير المؤمنين علي بن‏ابي
طالب في المنام، فقال لي: ياهناد. قلت: لبيك يا امير
المؤمنين، قال: انشدني قول الكميت:
ويوم الدوح دوح غدير خم
ابان له الولاية لو اطيعا
قال: فانشدته، فقال لي: خذ اليك ياهناد، فقلت: هات ياسيدي.
فقال(ع):
ولم‏ار مثل ذاك‏اليوم يوما
ولم ار مثله حقا اضيعا
وقال الشيخ ابو الفتوح في تفسيره((817))(2/193): روي عن
الكميت، قال: رايت امير المؤمنين(ع) في المنام فقال:
انشدني قصيدتك العينية، فانشدته حتى انتهيت الى قولي
فيها:
ويوم الدوح دوح غدير خم
ابان له الولاية لو اطيعا
فقال صلوات اللّه عليه : صدقت. ثم انشد(ع):
ولم ار مثل ذاك اليوم يوما
ولم ار مثله حقا اضيعا
ورواه السيد في الدرجات الرفيعة((818))، والعقيلي نقلا عن
منهاج الفاضلين للحموي، ومرآة الزمان لابن الجوزي،
ورواه‏سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته((819)) (ص‏20)
عن شيخه عمرو بن صافي الموصلي، عن بعض.
وقال المرزباني في معجم الشعراء((820)) (ص‏348): مذهب
الكميت في التشيع ومدح اهل البيت(ع) في ايام بني
امية‏مشهور، ومن قوله فيهم:
فقل لبني امية حيث حلوا
وان‏خفت‏المهند والقطيعا
اجاع اللّه من اشبعتموه
واشبع من بجوركم اجيعا
ويروى: ان ابا جعفر محمد بن علي، الامام الطاهر(رض) لما
انشده الكميت هذه القصيدة دعا له. انتهى.
وفي الصراط المستقيم للبياضي العاملي((821)): انه روى ابن
الكميت: انه راى النبي(ص) في النوم فقال: انشدني قصيدة
ابيك‏العينية، فلما وصل الى قوله:
ويوم‏الدوح دوح غديرخم
ابان له الولاية لو اطيعا
بكى بكاء شديدا، وقال: صدق ابوك رحمه اللّه، اي واللّه لم ار
مثله حقا اضيعا.
الهاشميات
ذكرها له المسعودي في مروج الذهب((822)) (2/194)، وقال
ابو الفرج((823)) والسيد العباسي((824)): قصائد
الكميت‏الهاشميات من جيد شعره ومختاره. وقال
الامدي((825))وابن عمر البغدادي((826)): للكميت بن زيد
في اهل البيت‏الاشعار المشهورة، وهي اجود شعره. وقال
السندوبي((827)): كان الكميت من خيرة شعراء الدولة
الاموية، وكان‏عالمابلغات العرب وايامهم، ومن خير شعره
وافضله الهاشميات، وهي القصائد التي ذكر فيها آل بيت
الرسول بالخير.
روى ابو الفرج في الاغاني((828)) (15/124) باسناده عن
محمد بن علي النوفلي، قال: سمعت ابي يقول: لما قال الكميت
بن‏زيد الشعر، كان اول ماقال الهاشميات فسترها، ثم اتى
الفرزدق بن غالب، فقال له: يا ابا فراس انك شيخ مضر
وشاعرها،وانا ابن اخيك الكميت بن زيد الاسدي: فقال له:
صدقت انت ابن اخي، فما حاجتك؟ قال: نفث على لساني
فقلت شعرا ،فاحببت ان اعرضه عليك، فان كان حسنا امرتني
باذاعته، وان كان قبيحا امرتني بستره، وكنت اولى من ستره
علي.
فقال له الفرزدق: اما عقلك فحسن ، واني لارجو ان يكون
شعرك على قدر عقلك، فانشدني ماقلت، فانشده:
طربت وماشوقا الى البيض اطرب
قال: فقال لي: فيم تطرب ياابن اخي؟ فقال:
ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب
فقال: بلى يا ابن اخي فالعب فانك في اوان اللعب. فقال:
ولم يلهني‏دار ولا رسم منزل
ولم يتطربني بنان مخضب
فقال: مايطربك ياابن اخي؟ فقال:
ولا السانحات البارحات عشية
امر سليم القرن ام مر اعضب
فقال: اجل لا تتطير. فقال:
ولكن الى اهل الفضائل والتقى
وخير بني حواء والخير يطلب
فقال: ومن هؤلاء ويحك؟ قال:
الى النفر البيض الذين بحبهم
الى اللّه فيما نابني اتقرب
قال: ارحني ويحك من هؤلاء؟ قال:
بني هاشم رهط النبي فانني
بهم ولهم ارضى مرارا واغضب
خفضت لهم‏مني جناحي مودة
الى كنف عطفاه اهل ومرحب
وكنت لهم من هؤلاء وهؤلا
محبا على اني اذم واغضب
وارمى وارمي بالعداوة اهلها
واني لاوذى فيهم واونب
فقال له الفرزدق: ياابن اخي، اذع ثم اذع، فانت واللّه اشعر من
مضى واشعر من بقي.
ورواه المسعودي في مروجه((829)) (2/194) والعباسي في
المعاهد (2/26)((830)).
روى الكشي في رجاله((831)) (ص‏134) باسناده عن ابي
المسيح عبداللّه بن مروان الجواني قال: كان عندنا رجل
من‏عباد اللّه الصالحين، وكان راوية شعر الكميت يعني
الهاشميات وكان يسمع ذلك منه، وكان عالما بها،
فتركه‏خمساوعشرين سنة لا يستحل روايته وانشاده، ثم عاد
فيه، فقيل له: الم تكن زهدت فيها وتركتها؟! فقال: نعم،
ولكني‏رايت رؤيا دعتني الى العود لها. فقيل له: وما رايت؟. قال:
رايت كان القيامة قد قامت، وكانما انا في المحشر، فدفعت
الي‏مجلة.
قال ابو محمد: فقلت لابي المسيح: وما المجلة؟ قال: الصحيفة.
قال: نشرتها فاذا فيها: بسم اللّه الرحمن الرحيم. اسماء من‏يدخل
الجنة من محبي علي بن ابي طالب. قال: فنظرت في السطر
الاول فاذا اسماء قوم لم اعرفهم، ونظرت في السطر الثاني‏فاذا
هو كذلك، ونظرت في السطر الثالث والرابع فاذا فيها:
والكميت بن زيد الاسدي. قال: فذلك دعاني الى العود فيه.
قال البغدادي في خزانة الادب((832)) (1/87): بلغ خالد
القسري خبر هذه القصيدة يعني قصيدة الكميت
المسماة‏بالمذهبة التي اولها: الا حييت عنا يامدينا... فقال: واللّه
لاقتلنه، ثم اشترى ثلاثين جارية في نهاية الحسن،
فرواهن‏القصائد الهاشميات للكميت، ودسهن مع نخاس الى
هشام بن عبد الملك فاشتراهن، فانشدنه يوما القصائد
المذكورة،فكتب الى خالد. وكان يومئذ عامله بالعراق: ان ابعث
الي براس الكميت. فاخذه خالد وحبسه، فوجه الكميت الى
امراته‏ولبس ثيابها وتركها في موضعه وهرب من الحبس، فلما
علم خالد، اراد ان ينكل بالمراة، فاجتمعت بنو اسد اليه
وقالوا:ماسبيلك على امراة لنا خدعت؟ فخافهم وخلى
سبيلها((833)).
قال الثعالبي في ثمار القلوب((834)) (ص‏171): عهدي
بالخوارزمي يقول: من روى حوليات زهير، واعتذارات
النابغة،واهاجي الحطيئة، وهاشميات الكميت، ونقائض جرير
والفرزدق، وخمريات ابي نواس، وزهديات ابي العتاهية،
ومراثي‏ابي تمام، ومدائح البحتري، وتشبيهات ابن المعتز،
وروضيات الصنوبري، ولطائف كشاجم، وقلائد المتنبي، ولم
يتخرج في‏الشعر فلا اشب اللّه تعالى قرنه.
خمس الهاشميات غير واحد من الشعراء منهم: الشيخ ملا
عباس الزيوري البغدادي، والعلا مة الشيخ محمد
السماوي،والسيد محمد صادق آل صدر الدين الكاظمي، و
شرحها الاستاذ محمد محمود الرافعي المصري واحسن فيه
وفي مقدمته‏وترجمة الكميت، واجاد، وقال: الهاشميات هي من
مختار الكلام، ومن رائق الشعر وشيقه، وجيد القول وطريفه،
احسن‏فيه كل الاحسان، واجاد كل الاجادة. وشرحها الاستاذ
محمد شاكر الخياط النابلسي.
الميمية من الهاشميات
من لقلب متيم مستهام
غير ما صبوة ولا احلام
قال صاعد مولى الكميت: دخلنا على ابي جعفر محمد بن
علي(ع) فانشده الكميت قصيدته هذه، فقال: ((اللهم
اغفرللكميت، اللهم اغفر للكميت)). الاغاني((835))
(15/123).
قال نصر بن مزاحم المنقري: انه راى النبي(ص) في النوم،
وبين يديه رجل ينشده:
من لقلب متيم مستهام
غير ما صبوة ولا احلام
قال: فسالت عنه فقيل لي: هذا الكميت بن زيد الاسدي.
قال: فجعل النبي(ص) يقول: جزاك اللّه خيرا، واثنى عليه.
الاغاني((836)) (15/124)، المعاهد((837)) (2/27).
روى الكشي في رجاله((838)) (ص‏136) باسناده عن زرارة،
قال: دخل الكميت على ابي جعفر(ع) وانا عنده فانشده:
من لقلب متيم مستهام
غير ما صبوة ولا احلام
فلما فرغ منها، قال‏للكميت: ((لاتزال مؤيدا بروح‏القدس ما
دمت تقول فينا)).
وروى في (ص‏135) باسناده عن يونس بن يعقوب، قال: انشد
الكميت ابا عبداللّه(ع) شعره:
اخلص اللّه في هواي فما اغر
ق نزعا وما تطيش سهامي
فقال ابو عبداللّه(ع): ((لا تقل هكذا ولكن قل: قد اغرق نزعا)).
ورواه ابن شهرآشوب في المناقب((839))، وفي لفظه: فقلت:
يامولاي انت اشعر مني بهذا المعنى. وروى الحديثين‏الطبرسي
في اعلام الورى((840)) (ص‏158).
قال المسعودي في مروج الذهب((841)) (2/195): قدم
الكميت المدينة، فاتى ابا جعفر محمد بن علي بن الحسين بن
علي‏غ فاذن له ليلا وانشده، فلما بلغ الميمية قوله:
وقتيل بالطف غودر منهم
بين غوغاء امة وطغام
بكى ابو جعفر ثم قال: ((يا كميت لو كان عندنا مال لاعطيناك،
ولكن لك ما قال رسول‏اللّه(ص) لحسان بن ثابت: لا زلت‏مؤيدا
بروح القدس ما ذببت عنا اهل البيت)).
فخرج من عنده فاتى عبداللّه بن الحسن بن علي، فانشده
فقال: ياابا المستهل ان لي ضيعة اعطيت فيها اربعة آلاف
دينار،وهذا كتابها، وقد اشهدت لك بذلك شهودا، وناوله اياه.
فقال: بابي انت وامي، اني كنت اقول الشعر في غيركم اريد
بذلك‏الدنيا، ولا واللّه ماقلت فيكم الا للّه، وما كنت لاخذ على
شي‏ء جعلته للّه مالا ولا ثمنا، فالح عبداللّه عليه وابى من
اعفائه،فاخذ الكميت الكتاب ومضى، فمكث اياما، ثم جاء الى
عبداللّه فقال: بابي انت وامي ياابن رسول اللّه ان لي حاجة.
قال:وما هي؟ وكل حاجة لك مقضية. قال: وكائنة ماكانت؟ قال:
نعم. قال: هذا الكتاب تقبله وترتجع الضيعة. ووضع الكتاب‏بين
يديه، فقبله عبداللّه.
ونهض عبداللّه بن معاوية بن عبداللّه بن جعفر بن ابي طالب،
فاخذ ثوبا جلدا، فدفعه الى اربعة من غلمانه، ثم جعل يدخل‏دور
بني هاشم، ويقول: يابني هاشم، هذا الكميت قال فيكم الشعر
حين صمت الناس عن فضلكم، وعرض دمه لبني‏امية، فاثيبوه
بما قدرتم. فيطرح الرجل في الثوب ماقدر عليه من دنانير و
دراهم. واعلم النساء بذلك، فكانت المراة تبعث‏ما امكنها، حتى
انها لتخلع الحلي عن جسدها، فاجتمع من الدنانير والدراهم
ماقيمته مائة الف درهم، فجاء بها الى‏الكميت فقال: يا ابا
المستهل اتيناك بجهد المقل، ونحن في دولة عدونا، وقد
جمعنا هذا المال و فيه حلي النساء كما ترى،فاستعن به على
دهرك، فقال: بابي انت وامي قد اكثرتم و اطيبتم، وما اردت
بمدحي اياكم الا اللّه ورسوله، ولم‏اك‏لاخذلذلك ثمنا من الدنيا،
فاردده الى اهله.
فجهد به عبد اللّه ان يقبله بكل حيلة فابى، فقال: ان ابيت ان
تقبل فاني رايت ان تقول شيئا ت غضب به بين الناس،لعل‏فتنة
تحدث فيخرج من بين اصابعها بعض ما تحب. فابتدا الكميت
وقال قصيدته التي يذكر فيها مناقب قومه من مضربن نزار بن
معد، وربيعة بن نزار، واياد وانمار ابني نزار، ويكثر فيها من
تفضيلهم، ويطنب في وصفهم، وان هم افضل من‏قحطان،
فغضب بها بين اليمانية والنزارية فيما ذكرناه، وهي قصيدته
التي اولها:
الا حييت عنا يام دينا
وهل ناس تقول مسلمينا
قال ابن شهرآشوب في المناقب((842)) (5/12): بلغنا ان
الكميت انشد الباقر(ع):
من لقلب متيم مستهام
غير ما صبوة ولا احلام
فتوجه الباقر(ع) الى الكعبة فقال:(( اللهم ارحم الكميت واغفر
له ثلاث مرات ثم قال: ياكميت هذه مائة الف قد جمعتهالك
من اهل بيتي)).
فقال الكميت: لا واللّه لا يعلم احد اني آخذ منها حتى يكون اللّه
غ الذي يكافئني، ولكن تكرمني بقميص من قمصك،فاعطاه.
وذكره العباسي في المعاهد((843)) (2/27) وفيه: فامر له
ابوجعفر بمال وثياب، فقال الكميت: واللّه ما احببتكم للدنيا،
ولواردت الدنيا لاتيت من هي في يديه، ولكنني احببتكم
للاخرة، فاما الثياب التي اصابت اجسامكم فانا اقبلها لبركاتها،
واماالمال فلا اقبله، فرده وقبل الثياب.
قال البغدادي في خزانة الادب((844)) (1/69): حكى صاعد
مولى الكميت قال: دخلت مع الكميت على علي
بن‏الحسين(رض) فقال: اني قد مدحتك بما ارجو ان يكون لي
وسيلة عند رسول اللّه(ص) ثم انشده قصيدته التي اولها:
من لقلب متيم مستهام
غير ما صبوة ولا احلام
فلما اتى على آخرها، قال له: ((ثوابك نعجز عنه، ولكن ماعجزنا
عنه فان اللّه لا يعجز عن مكافاتك، اللهم اغفر للكميت)).ثم
قسط له على نفسه وعلى اهله اربعمائة الف درهم، وقال له:
((خذ يا ابا المستهل)) فقال له: لو وصلتني بدانق لكان‏شرفالي،
ولكن ان احببت ان تحسن الي فادفع الي بعض ثيابك التي تلي
جسدك اتبرك بها. فقام فنزع ثيابه ودفعها اليه‏كلها، ثم‏قال:
((اللهم ان الكميت جاد في آل رسولك وذرية نبيك بنفسه
حين ضن الناس، واظهر ماكتمه غيره من الحق،فاحيه سعيدا ،
وامته شهيدا، واره الجزاء عاجلا، واجزل له جزيل المثوبة آجلا،
فانا قد عجزنا عن مكافاته)). قال‏الكميت: مازلت اعرف بركة
دعائه.
قال محمد بن كناسة: لما انشد هشام بن عبد الملك قول
الكميت: فبهم صرت للبعيد ابن عم
واتهمت القريب اي اتهام((845))
مبديا صفحتي على الموقف المع
لم باللّه قوتي واعتصامي((846))
قال: استقتل المرائي. الاغاني((847)) (15/127).
البائية من الهاشميات
طربت وماشوقا الى البيض اطرب
ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب
روى ابو الفرج في الاغاني((848)) (15/124) باسناده عن
ابراهيم بن سعد الاسدي، قال: سمعت ابي يقول: رايت
رسول‏اللّه(ص) في المنام فقال: من اي الناس انت؟ قلت: من
العرب. قال: اعلم، فمن اي العرب؟ قلت: من بني اسد. قال: من
اسدبن خزيمة؟. قلت: نعم. قال: اهلالي انت؟ قلت: نعم. قال:
اتعرف الكميت بن زيد؟ قلت: يارسول اللّه عمي ومن
قبيلتي.قال: اتحفظ من شعره؟ قلت: نعم. قال انشدني:
طربت وما شوقا الى‏البيض اطرب
ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب
قال: فانشدته، حتى بلغت الى قوله:
فمالي الا آل احمد شيعة
ومالي الا مشعب الحق مشعب
فقال لي: اذا اصبحت فاقرا عليه السلام، وقل له: قد غفر اللّه لك
بهذه القصيدة. وذكره العباسي في معاهد
التنصيص((849))(2/27) وغيره.
وفي الاغاني((850))(15/124): عن دعبل بن علي الخزاعي
قال: رايت النبي(ص) في النوم، فقال لي: ((مالك وللكميت
بن‏زيد؟)). فقلت: يارسول اللّه مابيني وبينه الا كما بين الشعراء.
فقال: ((لا تفعل، اليس هو القائل:
فلا زلت فيهم حيث يتهمونني
ولازلت في اشياعكم اتقلب
فان اللّه قد غفر له بهذا البيت)). قال: فانتهيت عن الكميت
بعدها.
هذا البيت من ابيات حرفتها يد النشر المصرية عن القصيدة بعد
قوله:
وقالوا ترابي هواه ورايه
بذلك ادعى فيهم والقب
قال السيوط‏ي في شرح شواهد المغني((851)) (ص‏13): اخرج
ابن عساكر((852)) باسناده عن محمد بن عقير((853)):كانت
بنو اسد تقول: فينا فضيلة ليست في العالم، ليس منزل منا الا
وفيه بركة وراثة الكميت، لانه راى النبي(ص) في النوم‏فقال
له: انشدني:
طربت وما شوقا الى البيض اطرب
ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب
فانشده فقال له: بوركت، وبورك قومك.
وفي شرح الشواهد((854)) ايضا (ص‏14): اخرج ابن
عساكر((855))، عن ابي عكرمة الضبي، عن ابيه قال: ادركت
الناس‏بالكوفة، من لم يرو:
طربت وما شوقا الى‏البيض اطرب
ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب
فليس بهاشمي. ورواه السيد في الدرجات الرفيعة((856)) ،
وفيها: فليس بشيعي.
وقال السيوط‏ي في الشرح((857)) (ص‏14): اخرج ابن
عساكر((858))، عن محمد بن سهل، قال: قال الكميت: رايت
في‏النوم وانا مختف رسول اللّه(ص)، فقال: ((مم خوفك؟))
قلت: يارسول اللّه من بني امية وانشدته:
الم ترني من حب آل محمد
اروح واغدو خائفا اترقب((859))
فقال: ((اظهر، فان اللّه قد امنك في الدنيا والاخرة)).
وقال في (ص‏14): اخرج ابن عساكر((860))، عن الجاحظ قال:
مافتح للشيعة الحجاج الا الكميت بقوله:
فان هي لم تصلح لحي سواهم
فان ذوي القربى احق واوجب
يقولون لم يورث ولولا تراثه‏لقد شركت فيها بكيل
وارحب((861))
وذكر كلام الجاحظ الشيخ المفيد كما في الفصول
المختارة((862))
(2/84)، و لعل الجاحظ لم يقف على مواقف احتجاج الشيعة
بنفس هذه الحجة وغيرها، المتكثرة منذ عهدهم
المتقادم‏المتصل بالعهد النبوي. او انه يرمي بكلمته الى انكار
سلف الشيعة في الصدر الاول، لكن فضحه تاريخهم
المجيد،والماثورات في فضلهم عن صاحب الرسالة وهلم جرا،
وانك تجد الاحتجاج بما ذكر وغيره في كثير من شعر
الصحابة‏والتابعين لهم باحسان، وفي كلماتهم المنثورة، قبل ان
تنعقد نطفة الكميت، كخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين،
وعبداللّه بن‏عباس، والفضل بن عباس، وعمار بن ياسر، وابي ذر
الغفاري، وقيس بن سعد الانصاري، وربيعة بن الحارث
بن‏عبدالمطلب، وعبداللّه ابن ابي سفيان بن الحارث بن
عبدالمطلب، وزفر بن زيد بن حذيفة، والنجاشي بن الحرث بن
كعب،وجرير بن عبداللّه البجلي، وعبد الرحمن بن حنبل حليف
بني جمع، وآخرين كثيرين.
وقد فتح لهم هذا الباب بمصراعيه امير المؤمنين علي
صلوات اللّه عليه في كتبه وخطبه الطافحة بذلك، المبثوثة
في‏طيات الكتب ومعاجم الخطب والرسائل.
قال شيخنا المفيد كما في الفصول((863)) (2/85): انما نظم
الكميت معنى كلام امير المؤمنين(ع) في منثور كلامه في
الحجة على‏معاوية، فلم يزل آل محمد (ع) بعد امير المؤمنين
يحتجون بذلك، ومتكلمو الشيعة قبل الكميت وفي زمانه
وبعده، وذلك‏موجود في الاخبار الماثورة والروايات المشهورة،
ومن بلغ الى الحد الذي بلغه الجاحظ في البهت سقط كلامه.
اللامية من الهاشميات
الاهل عم في رايه متامل
وهل مدبر بعدالاساءة مقبل
روى ابو الفرج في الاغاني((864)) (15/126) بالاسناد عن ابي
بكر الحضرمي، قال: استاذنت للكميت على ابي جعفرمحمد بن
علي(ع) في ايام التشريق بمنى فاذن له، فقال له الكميت:
جعلت فداك اني قلت فيكم شعرا احب ان انشدكه.
فقال: ((ياكميت اذكر اللّه في هذه الايام المعلومات، وفي هذه
الايام المعدودات)). فاعاد عليه الكميت القول، فرق له
ابوجعفر(ع) فقال: ((هات)). فانشده قصيدته حتى بلغ:
يصيب به‏الرامون عن قوس غيرهم
فيا آخر اسدى له الغي اول
فرفع ابو جعفر(ع) يديه الى السماء وقال: ((اللهم اغفر
للكميت)).
وعن محمد بن سهل صاحب الكميت قال: دخلت مع
الكميت على ابي عبداللّه الصادق جعفر بن محمد(ع)
فقال‏له:جعلت فداك الا انشدك؟
قال: ((انها ايام عظام)). قال: انها فيكم. قال: ((هات)). وبعث ابو
عبداللّه(ع) الى بعض اهله فقرب، فانشده فكثر البكاء،حتى اتى
على هذا البيت:
يصيب به‏الرامون عن قوس غيرهم
فيا آخر اسدى له الغي اول
فرفع ابو عبداللّه(ع) يديه، فقال: ((اللهم اغفر للكميت ماقدم
وما اخر، وما اسر وما اعلن، وا عطه حتى
يرضى)).الاغاني((865)) (15/123)، المعاهد((866)) (2/27).
ورواه البغدادي في خزانة الادب((867)) (1/70) وفيه بعد
قوله: فكثر البكاء وارتفعت الاصوات، فلما مر على قوله
في‏الحسين(رض):
كان حسينا والبهاليل حوله
لاسيافهم ما يختلي المتبتل
وغاب نبي اللّه عنهم وفقده
على الناس رزء ماهناك مجلل
فلم ار مخذولا لاجل مصيبة
واوجب منه نصرة حين يخذل
فرفع((868)) جعفر الصادق(رض) يديه وقال: ((اللهم اغفر
للكميت ماقدم واخر، وما اسر واعلن، واعطه حتى
يرضى)).ثم‏اعطاه الف دينار وكسوة، فقال له الكميت: واللّه ما
احببتكم للدنيا ولو اردتها لاتيت من هي في يديه، ولكنني
احببتكم‏للاخرة، فام ا الثياب التي اصابت اجسادكم فاني اقبلها
لبركتها، واما المال فلا اقبله.
روى ابو الفرج في الاغاني((869)) (15/119) عن علي بن
محمد بن سليمان، عن ابيه، قال: كان هشام بن عبد الملك قد
اتهم‏خالد بن عبداللّه، وكان يقال: انه يريد خلعك، فوجد بباب
هشام يوما رقعة فيها شعر، فدخل بها على هشام فقرئت‏عليه:
تالق برق عندنا وتقابلت
اثاف لقدر الحرب اخشى اقتبالها
فدونك قدر الحرب وهي مقرة
لكفيك واجعل دون قدر جعالها
ولن تنتهي او يبلغ الامر حده
فنلها برسل قبل ان لا تنالها
فتجشم منها ما جشمت من التي
بسوراء هرت نحو حالك حالها
تلاف امور الناس قبل تفاقم
بعقدة حزم لا يخاف انحلالها
فما ابرم الاقوام يوما لحيلة
من الامر الا قلدوك احتيالها
وقد تخبر الحرب العوان‏بسرها
وان لم يبح من لا يريد سؤالها
فامر هشام ان يجتمع له من بحضرته من الرواة فجمعوا، فامر
بالابيات فقرئت عليهم، فقال: شعر من تشبه هذه
الابيات؟فاجمعوا جميعا من ساعتهم انه كلام الكميت بن زيد
الاسدي. فقال هشام: نعم هذا الكميت ينذرني بخالد بن
عبداللّه.
ثم كتب الى خالد يخبره، وكتب اليه بالابيات، وخالد يومئذ
بواسط، فكتب خالدالى واليه بالكوفة يامره
باخذالكميت‏وحبسه، وقال لاصحابه: ان هذا يمدح بني هاشم
ويهجو بني امية، فاتوني من شعر هذا بشي‏ء، فاتي بقصيدته
اللامية التي‏اولها:
الا هل عم في رايه متامل
وهل مدبر بعد الاساءة مقبل
فكتبها وادرجها في كتاب الى هشام، يقول: هذا شعر الكميت،
فان كان قد صدق في هذا فقد صدق في ذاك. فلما قرئت‏على
هشام اغتاظ، فلما سمع قوله:
فياساسة هاتوا لنا من جوابكم
ففيكم لعمري ذو افانين مقول
اشتد غيظه، فكتب الى خالد يامره ان يقطع يدي الكميت
ورجليه، ويضرب عنقه، ويهدم داره، ويصلبه على ترابها. فلماقرا
خالد الكتاب كره ان يستفسد عشيرته، واعلن الامر رجاء ان
يتخلص الكميت، فقال: كتب الي امير المؤمنين واني‏لاكره ان
استفسد عشيرته، وسماه، فعرف عبد الرحمن بن عنبسة‏بن
سعيد ما اراد، فاخرج غلاما له مولدا ظريفا، فاعطاه‏بغلة له شقراء
فارهة من بغال الخليفة، وقال: ان انت وردت الكوفة فانذرت
الكميت لعله ان يتخلص من الحبس فانت‏حر لوجه اللّه، والبغلة
لك، ولك علي بعد ذلك اكرامك والاحسان اليك.
فركب البغلة فسار بقية يومه وليلته من واسط الى الكوفة
فصبحها، فدخل الحبس متنكرا، فخبر الكميت بالقصة،
فارسل‏الى امراته وهي ابنة عمه يامرها ان تجيئه ومعها ثياب
من لباسها وخفان، ففعلت. فقال: البسيني لبسة النساء،
ففعلت.ثم‏قالت له: اقبل فاقبل، وادبر فادبر، فقالت: ما ادري الا
يبسا في منكبيك، اذهب في حفظ اللّه. فمر بالسجان فظن انه
المراة‏فلم يعرض له، فنجا وانشا يقول:
خرجت خروج‏القدح قدح‏ابن مقبل‏على الرغم من تلك النوابح
والمشلي((870))
علي ثياب الغانيات وتحتها
عزيمة امر اشبهت سلة النصل
وورد كتاب خالد الى والي الكوفة يامره فيه بما كتب به اليه
هشام، فارسل الى الكميت ليؤتى به من الحبس فينفذ فيه
امرخالد، فدنا من باب البيت((871))، فكل متهم المراة
وخبرتهم انها في البيت، وان الكميت قد خرج. فكتب بذلك الى
خالدفاجابه: حرة كريمة افتدت ابن عمها بنفسها. وامر
بتخليتها، فبلغ الخبر الاعور الكلبي بالشام، فقال قصيدته التي
يرمي‏فيها امراة الكميت باهل الحبس ويقول:
اسودينا واحمرينا
فهاج الكميت ذلك حتى قال:
الا حييت عنا يا مدينا
وهل ناس تقول مسلمينا
وهي ثلاثمائة بيت.
وقال في (ص‏114)((872)): ان خالد بن عبد اللّه القسري روى
جارية حسناء قصائد الكميت الهاشميات واعدهاليهديها الى
هشام، وكتب اليه باخبار الكميت وهجائه بني امية، وانفذ اليه
قصيدته التي يقول فيها:
فيارب هل الا بك النصر يبتغى
ويا رب هل الا عليك المعول
وهي طويلة يرثي فيها زيد بن علي وابنه الحسين بن زيد،
ويمدح بني هاشم، فلما قراها اكبرها، وعظمت عليه‏واستنكرها،
وكتب الى خالد يقسم عليه ان يقطع لسان الكميت ويده. فلم
يشعر الكميت الا والخيل محدقة بداره، فاخذوحبس في
المحبس، وكان ابان بن الوليد عاملا على واسط، وكان الكميت
صديقه، فبعث اليه بغلام على بغل وقال له: انت‏حر ... الى آخر ما
ياتي ان شاء اللّه تعالى.
وللكميت في حديث الغدير من قصيدة قوله:
علي امير المؤمنين وحقه
من اللّه مفروض على كل مسلم
وان رسول اللّه اوصى بحقه
واشركه في كل حق مقسم
وزوجه صديقة لم يكن لها
معادلة غير البتولة مريم
وردم ابواب الذين بنى لهم
بيوتا سوى ابوابه لم يردم
واوجب يوما بالغدير ولاية
على كل بر من فصيح واعجم
تفسير ابي الفتوح((873)) (2/193)
الشاعر
ابو المستهل الكميت بن زيد بن خنيس بن مخالد((874)) بن
وهيب بن عمرو بن سبيع ابن مالك بن سعد بن ثعلبة
بن‏دودان بن اسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر ابن
نزار.
قال ابو الفرج: شاعر مقدم عالم بلغات العرب، خبير بايامها، من
شعراء مضر والسنتها، والمتعصبين على القحطانية،المقارنين
المقارعين لشعرائهم، العلماء بالمثالب والايام، المفاخرين بها،
وكان في ايام بني امية، ولم يدرك الدولة العباسية‏ومات قبلها،
وكان معروفا بالتشيع لبني هاشم، مشهورا بذلك.
سئل معاذ الهراء: من اشعر الناس؟ قال: امن الجاهليين ام من
الاسلاميين؟ قالوا: بل من الجاهليين. قال: امرؤ القيس،وزهير،
وعبيد بن الابرص. قالوا: فمن الاسلاميين؟. قال: الفرزدق،
وجرير، والاخطل، والراعي.
قال: فقيل له: يا ابا محمد ما رايناك ذكرت الكميت فيمن
ذكرت. قال: ذاك اشعر الاولين والاخرين((875)).
وقدمر(ص‏168) قول الفرزدق له: انت واللّه اشعر من مضى
واشعرمن بقي. وكان مبلغ شعره حين مات خمسة آلاف
ومئتين‏وتسعة وثمانين بيتا على ما في الاغاني((876))
والمعاهد((877))
(2/31)، او اكثر من خمسة آلاف قصيدة كما في كشف
الظنون((878))، نقلا عن عيون الاخبار لابن شاكر (1/397)
وقدجمع شعره الاصمعي وزاد فيه ابن السكيت، ورواه جماعة،
عن ابي محمد عبداللّه بن يحيى المعروف بابن كناسة
الاسدي‏المتوفى (207)، ورواه ابن كناسة، عن الجزي، وابي
الموصل، وابي صدقة الاسديين، والف كتابا اسماه سرقات
الكميت من‏القرآن وغيره((879)).
ورواه ابن السكيت عن استاذه نصران، وقال نصران: قرات شعر
الكميت على ابي حفص عمر بن بكير، وعمل شعره‏السكري ابو
سعيد الحسن بن الحسين المتوفى (275)، كما في فهرست
ابن النديم((880)) (ص‏107 و225) وصاحب شعره‏محمد بن
انس، كما في تاريخ ابن عساكر((881)) (4/429).
وحكى ياقوت في معجم الادباء((882)) (1/410) عن ابن
النجار، عن ابي عبداللّه احمد بن الحسن الكوفي النسابة، انه
قال:قال ابن عبدة النساب: ما عرف النساب انساب العرب على
حقيقة حتى قال الكميت النزاريات فاظهر بها علما كثيرا،ولقد
نظرت في شعره فما رايت احدا اعلم منه بالعرب وايامها، فلما
سمعت هذا جمعت شعره، فكان عوني على التصنيف‏لايام
العرب.
وقال بعضهم: كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر:
كان خطيب اسد، فقيه الشيعة، حافظ القرآن العظيم،ثبت‏الج
نان، كاتبا حسن الخط، نسابة جدلا، وهو اول من ناظر((883))
في التشيع، راميا لم يكن في اسد ارمى منه،فارساشجاعا ،
سخيا دينا. خزانة الادب((884)) (1/69)، شرح
الشواهد((885)) (ص‏13).
ولم تزل عصبيته للعدنانية ومهاجاته شعراء اليمن متصلة،
والمناقضة بينه وبينهم شائعة في حياته، وفي اثرها
ناقض‏دعبل‏وابن عيينة قصيدته المذه بة بعد وفاته، واجابهما
ابو الزلفاء البصري مولى بني هاشم، وكان بينه وبين حكيم
الاعورالكلبي مفاخرة ومناظرة تامة.
فائدة
حكيم الاعور المذكور، احد الشعراء المنقطعين الى بني امية
بدمشق، ثم انتقل الى الكوفة.
جاء رجل الى عبداللّه بن جعفر، فقال له: ياابن رسول اللّه هذا
حكيم الاعور ينشد الناس هجاءكم بالكوفة.
فقال: هل حفظت شيئا؟.
قال: نعم وانشد:
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة
ولم نر مهديا على الجذع يصلب
وقستم بعثمان عليا سفاهة
وعثمان خير من علي واطيب
فرفع عبد اللّه يديه الى السماء وهما تنتفضان رعدة، فقال: اللهم
ان كان كاذبا فسلط عليه كلبا، فخرج حكيم من
الكوفة‏فادلج((886))، فافترسه الاسد. معجم الادباء((887))
(4/132)
الكميت وحياته المذهبية
يجد الباحث في خلال السير وزبر الحديث، شواهد واضحة على
ان الرجل لم يتخذ شاعريته وما كان يتظاهر به من‏التهالك في
ولاء اهل البيت(ع) وسيلة لما يقتضيه النهمة، وموجبات الشره
من التلمظ بما يستفيده من الصلات والجوائز، اوتحري
مسانحات وجرايات، او الحصول على رتبة او راتب، انى وآل
رسول اللّه كما يقول عنهم دعبل‏الخزاعي:
ارى فياهم في غيرهم متقسما
وايديهم من فيئهم صفرات
وهم سلام اللّه عليهم فضلا عن شيعتهم:
مشردون نفوا عن عقر دارهم
كانهم قد جنوا ماليس يغتفر
وقد انهالت الدنيا قضها بقضيضها على اضدادهم يوم ذاك
من طغمة الامويين، ولو كان المتطلب يطلب شيئا من
حطام‏الدنيا، او حصولا على مرتبة، او زلفة تربي به، لطلبها من
اولئك المتغلبين على عرش الخلافة الاسلامية.