الغدير
في الكتاب والسنة والادب
الجزء العاشر
العلامة الشيخ عبدالحسين الاميني
هوية الكتاب
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الجزء العاشر
يحوي مناقب الخلفاء والنظرة فيها متنا واسنادا، ويتلوها بحث
حر عن المغالاة في فضائل معاوية،يوقف القارئ على نفسيات
الرجل وملكاته، ويميط الستر عن صحائف من تاريخ حياته
السوداء،ويعرفه بعجره وبجره، ولسنا مجازفين في القول،
منحازين عن الحق، متعصبين لمبدا اوعقيدة.
سبحانك نحن نسبح بحمدك ونقدس لك، وما لنا لا نؤمن باللّه
وما جاءنا من الحق ونطمع ان يدخلناربنا مع القوم الصالحين .
يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم، هذا بيان
للناسوهدىوموعظةللمتقين، قد جئتكم بالحكمة ولا بين
لكم بعض الذي تختلفون فيه، وانا لنعلم انمنكم مكذبين، وما
تفرق الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة، خذوا ما
آتيناكم بقوة،واتبعوا احسن ما انزلال يكم من ربكم، اتبعوا من
لا يساءلكم اجرا وهم مهتدون، نحن نقص عليكنباءهم بالحق،
واعتصموا بحبل اللّه جميعا ولا تفرقوا، واطيعوا اللّه ورسوله ولا
تنازعوا فتفشلواوتذهب ريحكم، ولا تكونوا كالذين تفرقوا
واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، انهم اءلفوا آباءهمضالين
فهم على آثارهم يهرعون، ولقد ضل قبلهم اكثر الاولين،
ويحاجون في اللّه من بعد مااستجيب له حجتهمداحضة ، فمن
حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فق ل: تعالوا ندع
ابناءناوابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل
فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين.
الاميني
بقية البحث عن مناقب الخلفاء الثلاثة
4 اخرج البخاري في كتاب المناقب من صحيحه((1))
(5/243) باب فضل ابي 10/بكر بعد النبي منطريق عبداللّه بن
عمر قال: كنا نخير بين الناس في زمن النبي(ص) فنخير ابا
بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثمعثمان بن عفانغ.
وذكر في باب مناقب عثمان((2)) (5/262) عن ابن عمر ايضا
بلفظ: كنا في زمن النبي(ص) لا نعدل باءبي بكراحدا، ثم عمر،
ثم عثمان، ثم نترك اصحاب النبي(ص) لانفاضل بينهم. وبهذا
اللفظ حكاه الحافظ العراقي عنالصحيحين في طرح التثريب
(1/82).
واخرج في تاريخه (1/قسم2/13) بلفظ: كنا في عهد النبي(ص)
وبعده نقول: خير اصحاب النبي(ص)ابوبكر ثم عمر ثم عثمان.
واخرج احمد في مسنده((3)) (2/14) عن ابن عمر قال: كنا
نعد ورسول اللّه(ص) حي واصحابه متوافرون:ابو بكر وعمر
وعثمان ثم نسكت.
واخرج((4)) ابو داود والطبراني عن ابن عمر: كنا نقول ورسول
اللّه(ص) حي: افضل امة النبي(ص) بعدهابوبكر، ثم عمر، ثم
عثمان، فيسمع رسول اللّه(ص) ذلك فلا ينكره((5)).
وروى ابن سليمان في فضائل الصحابة من طريق سهيل بن ابي
صالح، عن ابيه، عن ابن عمر: كنا نقول: اذاذهب ابو بكر وعمر
وعثمان استوى الناس. فيسمع10/ النبي(ص) ذلك فلا
ينكره((6)).
وفي لفظ البزار: كنا نقول في عهد النبي(ص): ابو بكر وعمر
وعثمان يعني بالخلافة((7)) وفي لفظ الترمذي:كنا نقول
ورسول اللّه(ص) حي((8)).
وفي لفظ البخاري في تاريخه (1/قسم1/49): كنا نقول في زمن
النبي(ص): منيلي هذا الامر بعد النبي(ص)؟فيقال: ابو بكر، ثم
عمر، ثم عثمان، ثم نسكت.
قال الاميني : هذه الرواية عمدة ما تمسك به القوم فيما وقع
من الانتخاب الدستوري في الاسلام، وقد اتخذهاالمتكلمون
حجة لدى البحث عن الامامة، واتبع اثرهم المحدثون، ولهم
عند اخراجها تصويب وتصعيد،وتبجح وابتهاج، وجاء كثيرون
وقد اطنبوا واسهبوا في القول لدى شرحها، وجعلوها كحجر
اساسي علواعليها امر الخلافة الراشدة، واحتجوا بها على صحة
البيعة التي عم شؤمها الاسلام، وحفت بهنات ووصماتوشتتت
شمل المسلمين، وفتت في عضد الدين، وفصمت عراه، وجرت
الويلات على امة محمد حتى اليوم،فلنا عندئذ ان نبسط القول،
ونوقف القارئ على جلية الحال ( ليهلك من هلك عن بينة
ويحيى من حي عنبينة)((9))، واللّه ولي التوفيق.
كان عبد اللّه بن عمر على العهد النبوي الذي ادعى انه كان
يخير فيه فيختار فيابان شبيبته حتى انه كان لميبلغ الحلم
في جملة من سنيه، ولذلك رده رسول اللّه(ص) عن الجهاد
يوم بدر واحد واستصغره، واجاز لهيوم الخندق وهو ابن خمس
عشرةسنة كما ثبت في الصحيح((10))، وهو على جميع
الاقوال في ولادته،وهجرته،ووفاته لم يكن مجاوزا العشرين يوم
وفاة رسول اللّه(ص)، وهو في مثل هذاالسن لا يخير
عادةفيالتفاضل بين مشيخة الصحابة ووجوه الامة، ولا
يتخذحكما يمضى رايه في الخيرة، لان الحكم الفاصل فيمثل
هذا يستدعي ممارسةطويلة، ووقوفا على تجاريب متتابعة
مقرونة بعقلية ناضجة، وتمييز بينمقتضياتالفضيلة، وعرفان
لنفسيات الرجال، وقوة في النفس لا يتمايل بها الهوى، 10/
وابن عمر كان يفقد كلهذهلما ذكرناه من صغر سنه يوم ذاك
المانع عن كل ما ذكرناه، وروايته هذه اقوى شاهد على فقدانه
تلكمالملكات الفاضلة. قال ابوغسان الدوري: كنت عند علي بن
الجعد فذكروا عنده حديث ابن عمر: كنانفاضل على عهد
رسول اللّه(ص) فنقول: خير هذه الامة بعد النبي ابو بكر وعمر
وعثمان، فيبلغ النبي(ص)فلا ينكر. فقال علي بن الجعد:
انظروا الى هذا الصبي هو لم يحسن ان يطلق امراته يقول: كنا
نفاضل((11)).
ومن عرف ابن عمر وقرا صحيفة تاريخه السوداء عرفه بضؤولة
الراي، واتباع الهوى، وبفقدانه كل تلكمالخلال((12)) يوم بلغ
اشده وكبر سنه فضلا عن عنفوان شبابه، وسيوافيك نزر من
آرائه السخيفة.
دع ابن عمر ومن لف لفه يختار ويتقول ( وربك يخلق ما يشاء
ويختار ما كان لهم الخيرة )((13)) ( وماكانلمؤمن و لا مؤمنة
اذا قضى اللّه ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم
)((14)).
ودع البخاري ومن حذا حذوه يصحح الباطل، ولا يعرف الحي
من اللي((15))، واسمع لغواهم ولا تخفطغواهم، ( ولو اتبع
الحق اهواءهم لفسدت السموات والارض ومن فيهن )((16))، (
قد جئناك بية من ربكوالسلا م على من اتبع الهدى )((17)).
قال ابو عمر في الاستيعاب((18)) في ترجمة علي (ع)
(2/467): من قال بحديث ابن عمر: كنا نقول على عهدرسول
اللّه(ص) ابو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت يعني فلا
نفاضل وهو الذي انكر ابن معين وتكلمفيه بكلام غليظ، لان
القائل بذلك قد قال بخلاف ما اجتمع عليه اهل السنة من
السلف والخلف من اهلالفقه والاثر: ان عليا افضل الناس بعد
عثمان (رضىا...عنه)، وهذا مما لم يختلفوا فيه، وانما اختلفوا
في تفضيلعلي وعثمان.
واختلف السلف ايضا في تفضيل علي وابي بكر، وفي اجماع
الجميع الذي وصفنا دليل على ان حديث ابنعمر وهم وغلط،
وانه لا يصح معناه وان كان اسناده صحيحا. انتهى.
وقال ابن حجر((19)) بعد ذكر محصل كلام ابي عمر هذا:
وتعقب ايضا باءنهلايلزم من سكوتهم اذ ذلك عنتفضيله عدم
تفضيله على الدوام، وباءن الاجماع 10/ المذكور انما حدث بعد
الزمن الذي قيده ابن عمر،فيخرج حديثه عن ان يكون غلطا.
انتهى.
عزب عن ابن حجر ومن تعقب ابا عمر ان الاجماع الحادث
المذكور لم يكن الا لتلكم السوابق التي كانيحوزها مولانا امير
المؤمنين يوم سكت ابن عمر عن اختياره ولم تكن لها جدة،
وانما هي هي التي اثنىعليها الكتاب والسنة، فيلزم من
سكوتهم اذ ذاك عن تفضيله بعد الثلاثة عدم تفضيله على
الدوام، فان كانمدار الاجماع على اختياره (ع) يوم اختاروه هو
ملكاته، ونفسياته، وسبقه في الفضائل والفواضل المفصلةفي
الكتاب والسنة فهي لا تفارقه (ع) وهو المختار بها على الكل
في ادوار حياته يوم فارق النبي(ص) الدنيا،وهلم جرا. وان كان
المدار غير ذلك من الشيخوخة والكبر وامثالهما فذلك شيء لا
نعرفه، ولا نفضله (ع)على غيره بهذه التافهات التي هي شرك
القوم اقتنصت بها بسطاء امة محمد(ص) يوم بيعة ابي بكر
حتىاليوم.
وليت من تعقب ابن عبد البر ان لم يكن ياءخذ بكل ما جاء في
علي امير المؤمنين من الكتاب والسنةالصحيحة الثابتة كان
ياءخذ بما جاء به قومه عن انس فحسب ثم يحكم فيما جاء به ابن
عمر، قال انس: قالرسول اللّه(ص): ان اللّه افترض عليكم حب
ابي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، كما افترض الصلاة
والزكاةوالصوم والحج، فمن انكر فضلهم فلا تقبل منه الصلاة
ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج((20)).
الرياض النضرة((21)) (1/29).
وشتان بين راي ابن عمر وبين قول ابيه في علي (ع): هذا
مولاي ومولى كل مؤمن، من لم يكن مولاه فليسبمؤمن. راجع
ما مضى (1/341) الطبعة الاولى و (1/382) الطبعة الثانية.
ولعل القوم سترا على عوار اختيار ابن عمر، وتخلصا من نقد ابي
عمر المذكور، اختلقوا من طريقجعدبة((22)) بن يحيى عن
العلاء بن البشير العبشمي، عن ابن ابي اويس، عن مالك، عن
نافع، عن ابن عمرانه قال: كنا على عهد رسولاللّه(ص) نفاضل
فنقول: ابو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي.
واختلقوا من طريق محمد بن ابي البلاط((23)) عن زهد بن
ابي عتاب، عن ابنعمر ايضا قال: كنا نقول فيزمن النبي(ص):
يلي الامر بعده ابو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم نسكت.
ولعل الواقف على اجزاء كتابنا هذا، وبالاخص الجزء السادس
وهلم جرا، يعلم ويذعن باءن اختيار ابنعمر ومن راى رايه
باطل في غاية السخافة، ولو كان معظم الصحابة لم يعدل باءبي
بكر احدا في زمن نبيهمفما الذي زحزحهم عن رايهم ذلك يوم
السقيفة؟ وما الذي ارجاءهم عن بيعته؟ ومن اين اتاهم ذلك
الخلافالفاحش الذي جر الاسواء على الامة حتى اليوم؟ وقد
عرفناك في الجزء السابع (ص76، 93، 141)
الطبعةالاولى((24)).
ان عيون الصحابة من المهاجرين والانصار لما لم تكن تجد
لابي بكر يومتقمص الخلافة فضيلة يستحق بهاالخلافة، وتدعم
بها الحجة على الناس في بيعته تقاعست وتقاعدت عنها وما
مدت اليها منهم يد، ولم تكنلهم فيها قدم، وما بايعه يومها
الاول الا رجلان او اربعة، او خمسة، ثم حدت الامة اليها الدعوة
المشفوعةبالارهاب والترعيب، وما كان في افواه الدعاة اليها الا
الترهيب بالقتل والضرب والحرق، او قولهم: ان ابابكر السباق
المسن، صاحب رسول اللّه في الغار، وكانت هذه غاية جهدهم
في عد فضائل ابي بكر. قال ابنحجر في فتح
الباري((25))(13/178): وهي فضيلة كونه ثاني اثنين في
الغار اعظم فضائله التي استحق بها انيكون الخليفة من بعد
النبي(ص)، ولذلك قال عمر بن الخطاب: ان ابا بكر صاحب
رسولاللّه ، ثاني اثنين،فانه اولى المسلمين باءموركم. انتهى.
الا مسائل ابن حجر عن ان صحبة يومين في الغار التي تتصور
على انحاء، وللقول فيها مجال واسع، صحبةما امكنت الرجل
من ان يصف صاحبه لما جاءه اليهود وقالوا: صف لنا صاحبك.
فقال: معشر اليهود لقدكنت معه في الغار كاصبعي هاتين،
ولقد صعدت معه جبل حراء وان خنصري لفي خنصره، ولكن
الحديثعنه(ص) شديد، وهذا علي بن ابي طالب. فاءتوا عليا
فقالوا: يا ابا الحسن صف لنا ابن عمك، فوصفه.الحديث((26)).
كيفاستحق الرجلبمثلهذه الصحبةالخلافة وصار
بذلكاولىالناس باءمورهم؟ واما صحبة علي (ع) اياهمنذ نعومة
اظفاره الى آخر نفس لفظه(ص) حتى عاد منه كالظل من ذيه،
وعد نفسه في الكتاب العزيز،وقرنت ولايته بولاية اللّه وولاية
نبيه، وجعلت مودته اجر الرسالة، فلم تستوجب استحقاقه بها
الخلافةوالاولوية باءمور الناس بعد قوله(ص): ((من كنت مولاه
فعلي مولاه)) ان هذا لشيء عجاب!
واني لست ادري ان هذه المفاضلة المتسالم عليها بين الصحابة
في حياة رسولاللّه(ص) لماذا نسيها اولئكالعدول بموته(ص)؟
ولماذا لم يصفقوا على ذلك الاختيار الذي كان يسمعه رسول
اللّه(ص) فلا ينكره؟ ووقعالخلاف والتشاح والتلاكم والتشاتم
والنزاع، حتى كاد ان يقتل صنو النبي الاعظم في تلك
المعمعة، وراتبضعته الصديقة ما رات، ووقعت وصمات لا
تنسى طيلة حياة الدنيا، وارجئ دفن رسول اللّه(ص)
ثلاثا،وكانت الصحابة بمعزل عنه(ص) وعن اجنانه((27))، وما
حضر الشيخان دفنه((28)). قال النووي في شرحصحيح
مسلم((29)): كان عذر ابي بكر وعمر وسائر الصحابة واضحا
لانهم راوا المبادرة بالبيعة من اعظممصالح المسلمين، وخافوا
من تاءخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة،
ولهذا اخروا دفنالنبي(ص) حتى عقدوا البيعة لكونها كانت
اهم الامور، كي لا يقع نزاع في مدفنه، او كفنه، او غسله،
اوالصلاة عليه، او غير ذلك.
ثم لو كان الامر كما زعم ابن عمر من الاختيار فتقديم ابي بكر
يوم السقيفة الرجلين: عمر وابا عبيدة علىنفسه وقوله: بايعوا
احد الرجلين، او قوله: قد رضيت لكم احد هذين الرجلين
فبايعوا ايهما شئتم.لماذا؟
ولماذا قول ابي بكر لابي عبيدة الجراح حفار القبور: هلم
ابايعك فان رسول اللّه(ص) يقول: انك امين هذهالامة؟
تاريخ ابن عساكر((30)) (7/160).
ولماذا قول ابي بكر في خطبة له: اما واللّه ما انا بخيركم، ولقد
كنت لمقامي هذا كارها؟ او قوله: الا وانما انابشر ولست بخير
من احد منكم فراعوني؟ او قوله: انيوليت عليكم ولست
بخيركم؟ او قوله: اقيلونياقيلوني لست بخيركم((31))؟
ولماذا ورم انف كل الصحابة يوم اختيار ابي بكر عمر بن
الخطاب للامر بعده، واراد كل منهم ان يكونالامر له دونه
؟ ((32))
ولماذا جابه طلحة بن عبيد اللّه اءحد العشرة المبشرة ابابكر
يوم استخلف عمر فقال طلحة: ما تقول لربكوقد وليت عليها
فظا غليظا؟
ولماذا ندم ابوبكر في اخريات ايامه على خلافته قائلا: وددت
اني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الامرفي عنق احد
الرجلين يريد عمر وابا عبيدة فكان احدهما اميرا وكنت وزيرا؟
راجع (7/170).
ولماذا اتى عمر ابا عبيدة الجراح يوم وفاة النبي(ص) فقال:
ابسط يدك فلابايعك فانك امين هذه الامة علىلسان رسول
اللّه(ص)((33))؟
وما الذي دعا عمر بن الخطاب الى قوله لابن عباس: اما واللّه يا
بني عبدالمطلب، لقد كان علي فيكم اولىبهذا الامر مني ومن
ابي بكر؟ راجع (1/346 الطبعة الاولى، ص389 الطبعة الثانية).
ولماذا قال عمر لما طعن: ان ولوها الاجلح سلك بهم الطريق
الاجلح «المستقيم»((34)) يعني عليا فقال له ابنعمر: ما
منعك ان تقدم عليا؟ قال: اكره ان احملها حيا وميتا((35)).
ولماذا قال لاصحاب الشورى: للّه درهم ان ولوها الاصيلع، كيف
يحملهم على الحق، قالوا: اتعلم ذلك منهولا تستخلفه؟ قال:
ان استخلف فقد استخلف من هو خير مني، وان اترك فقد ترك
من هو خيرمني((36)).
ولماذا تمنى عمر يوم طعن سالم بن معقل احد الموالي قائلا: لو
كان سالم حيا ماجعلتها شورى((37))؟ وفي لفظالطبري:
استخلفته. وفي لفظ للباقلاني: لرايت اني قد اصبت الراي، وما
تداخلني فيه الشكوك.
ولماذا كان يقول: لو ادركني احد رجلين فجعلت هذا الامر اليه
لوثقت به : سالم مولى ابي حذيفة، وابيعبيدة بن
الجراح((38))؟
ولماذا قال للقائلين له: لو عهدت يا امير المؤمنين: لو ادركت
ابا عبيدة الجراح ثم وليته، ثم قدمت على ربيفقال لي: لم
استخلفته على امة محمد؟ لقلت: سمعت عبدك وخليلك
يقول: لكل امة امين، وان امين هذه الامةابو عبيدة الجراح، ولو
ادركت خالدا ثم وليته، ثم قدمت على ربي فقال لي: من
استخلفت على امةمحمد؟لقلت: سمعت عبدك وخليلك
يقول: لخالد سيف من سيوف اللّه سله اللّه على
المشركين((39)).
ولماذا قوله: لو ادركت ابا عبيدة لاستخلفته وما شاورت، فان
سئلت عنه قلت: استخلفت امين اللّه وامينرسوله((40))؟
ومر في الجزء الخامس (ص311 الطبعة الاولى، ص362 الطبعة
الثانية) ان عائشة قالت لعبد اللّه بن عمر: يابني ابلغ عمر
سلامي وقل له: لا تدع امة محمد بلاراع، استخلف عليهم ولا
تدعهم بعدك هملا، فاني اخشىعليهم الفتنة، فاءتى عبد اللّه
فاءعلمه فقال: ومن تاءمرني ان استخلف؟ لو ادركت ابا عبيدة
بن الجراحباقيالاستخلفته و وليته، فاذا قدمت على ربي
فساءلني وقال لي: من وليت على امة محمد؟ قلت: اي
ربسمعت عبدك ونبيك يقول: لكل امة امين وامين هذه
الامة ابو عبيدة ابن الجراح. ولو ادركت معاذ بن جبلاستخلفته،
فاذا قدمت على ربي فساءلني: من وليت على امة محمد؟ قلت:
اي رب سمعت عبدك ونبيك يقول:ان معاذ بن جبل ياءتي بين
يدي العلماء يوم القيامة، ولو ادركت خالد بن الوليد لوليته، فاذا
قدمت على ربيفساءلني: من وليت على امة محمد؟ قلت: اي
رب سمعت عبدك ونبيك يقول: خالد بن الوليد سيف
منسيوف اللّه سله على المشركين((41)).
ولماذا ساوى عمر بين اصحاب الشورى، ولما قيل له: استخلف.
قال: ما اجد احدا احق بهذا الامر منهؤلاء النفر او الرهط الذين
توفي رسول اللّه(ص) وهو عنهم راض، فسمى عليا وعثمان
والزبير وطلحةوسعدا وعبدالرحمن؟
صحيح البخاري((42)) (5/267).
واين هذا من قول عبد الرحمن بن عوف لعلي وعثمان: اني قد
ساءلت الناس لكما((43)) فلم اجد احدا يعدلبكما احدا. وقوله:
ايها الناس اني ساءلتكم سرا وجهرا باءمانيكم((44)) فلم اجدكم
تعدلون باءحد هذينالرجلين: اما علي واما عثمان((45))؟
ولماذا بدا عبد الرحمن بن عوف بعلي (ع) اولا للبيعة وقدمه
على عثمان يوم الشورى، غير انه اشترط عليهصلوات اللّه عليه
القيام بسيرة الشيخين، فلم يقبله وقبله عثمان فبايعه على
ذلك((46))؟ وقد مر الكلام حولهذا الشرط في الجزء التاسع
(ص88، 90).
ولماذا قال ابو وائل لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان
وتركتم عليا؟ اخرجه احمد فيمسنده((47))(1/75).
ولماذا قال معاوية: انما كان هذا الامر لبني عبد مناف، لانهم
اهل رسولاللّه(ص)، فلما مضى رسول اللّه(ص)ولى الناس ابابكر
وعمر من غير معدن الملك والخلافة. ياءتي تمام كلامه في هذا
الجزء.
ولماذا قال العباس عم النبي لعلي (ع) يوم قبض النبي (ص):
ابسط يدك فلنبايعك((48))؟
ولماذا قال العباس لابي بكر: فان كنت برسول اللّه طلبت فحقنا
اخذت وان كنت بالمؤمنين طلبت فنحنمنهم، متقدمون
فيهم. وان كان هذا الامر انما يجب لك بالمؤمنين فما وجب اذ
كنا كارهين؟ الى آخر ما مر في(5/320 الطبعة الاولى).
ولماذا تقاعد عمار وشتم ابن ابي سرح لما قال: ان اردت ان لا
تختلف قريشفبايع عثمان؟ وخالف المقدادوجمع آخر من
عيون الصحابة بيعة عثمان، وتمت بالارهاب والترعيد، وقال
عمار لعبد الرحمن: ان اردتان لا يختلف المسلمون فبايع
عليا. فقال المقداد: صدق عمار ان بايعت عليا قلنا: سمعنا
واطعنا((49)). وقالعليلعبد الرحمن: ((حبوته حبو دهر ليس
هذا او ل يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل واللّه المستعان
علىما تصفون. واللّه ما وليت عثمان الا ليرد الامر اليك، واللّه
كل يوم هو في شاءن))؟
تاريخ الطبري((50)): (5/37).
ولماذا قال سعد بن ابي وقاص لعبد الرحمن بن عوف: ان كنت
تدعوني والامر لك وقد فارقك عثمان علىمبايعتك كنت
معك، وان كنت انما تريد الامر لعثمان فعلي احق بالامر واحب
الي من عثمان، بايع لنفسكوارحنا وارفع رؤوسنا؟!
انساب البلاذري (5/20)، تاريخ الطبري (5/36)، الكامل لابن
الاثير (3/29)، فتح الباري(13/168)((51)).
ولماذا قال الزبير: لو مات عمر لبايعت طلحة، فواللّه ما كان بيعة
ابي بكر الا فلتة فتمت((52))؟!
ولماذا جابه الزبير يوم قال عمر: اكلكم يطمع في الخلافة بعدي
بقوله: ما الذي يبعدنا منها؟ وليتها انتفقمت بها ولسنا دونك
في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة.
شرح ابن ابي الحديد((53)) (1/62).
واين يقع قول علي امير المؤمنين (ع) على صهوة المنبر: ((اما
واللّه لقد تقمصها ابن ابي قحافة وانه ليعلمانمحل ي منها
محل القطب من الرحى)) الى آخر الخطبة الشقشقية، الى
كلمات اخرى له تضاد هذهالمفاضلة.
ولماذا كان ابو عبيدة احب الى رسول اللّه بعد الشيخين من
اصحابه كما في صحيحة جاء بها((54)) ابن ماجة فيسننه
(1/51)، والترمذي في صحيحه (13/126) عن ابن شقيق، قال:
قلت لعائشة غ: اي اصحاب رسولاللّه(ص) كان احب الى رسول
اللّه(ص)؟ قالت: ابو بكر. قلت: ثم من؟ قالت: عمر. قلت: ثم من؟
قالت: ابوعبيدة بن الجراح. قلت: ثم من؟ فسكتت؟
واخرجها((55)): احمد في مسنده (6/218)، وابن عساكر في
تاريخه (7/161).
وشتان بين اختيار ابن عمر وبين ما جاء عن ابن ابي مليكة قال:
قيل لعائشة: من كان رسول اللّه(ص)مستخلفا لو استخلف؟
قالت: ابو بكر. قيل لها: ثم من؟قالت: عمر. فقيل لها: ثم من؟
قالت: ابو عبيدة.وانتهت الى هذه((56)).
واين كان ابن عمر عن اناس كانوا يفضلون بلال الحبشي على
ابي بكر حتى قال: كيف تفضلوني عليه وانماانا حسنة من
حسناته((57))؟
وانى اختيار ابن عمر من قول كعب بن زهير((58)):
صهر النبي وخير الناس كلهم
وكل من رامه بالفخر مفخور
صلى الصلاة مع الامي اولهم
قبل العباد ورب الناس مكفور
ومن قول ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب:
ما كنت احسب ان الامر منتقل
عن هاشم ثم منها عن ابي حسن
اليس اول من صلى لقبلتهم
واعلم الناس بالايات والسنن
وآخر الناس عهدا بالنبي ومن
جبريل عون له في الغسل والكفن
من فيه ما فيهم ما تمترون به
وليس في القوم ما فيه من الحسن
ماذا الذي ردكم عنه فنعلمه
ها ان بيعتكم من اول الفتن((59))
ومن قول الفضل بن ابي لهب:
الا ان خير الناس بعد محمد
مهيمنه التاليه في العرف والنكر
وخيرته في خيبر ورسوله
بنبذ عهود الشرك فوق ابي بكر
واول من صلى وصنو نبيه
واول من اردى الغواة لدى بدر
فذاك علي الخير من ذا يفوقه
ابو حسن حلف القرابة والصهر
ومن قول عبد اللّه بن ابي سفيان بن الحارث:
وكان ولي الامر بعد محمد
علي وفي كل المواطن صاحبه
وصي رسول اللّه حقا وجاره
واول من صلى ومن لان جانبه((60))
ومن قول النجاشي احد بني الحارث بن كعب، من ابيات
له((61)):
جعلتم عليا واشياعه
نظير ابن هند اما تستحونا
الى افضل الناس بعد الرسول
وصنو الرسول من العالمينا
وصهر الرسول ومن مثله
اذا كان يوم يشيب القرونا
ومن قول جرير بن عبد اللّه البجلي((62))، من ابيات له:
فصلى الاله على احمد
رسول المليك تمام النعم
وصلى على الطهر من بعده
خليفتنا القائم المدعم
عليا عنيت وصي النبي
يجالد عنه غواة الامم
له الفضل والسبق والمكرما
ت وبيت النبوة لا يهتضم
ومن قول زحر بن قيس((63)) الى خاله جرير:
جرير بن عبد اللّه لا تردد الهدى
وبايع عليا انني لك ناصح
فان عليا خير من وطئ الحصى
سوى احمد والموت غاد ورائح
ومما قيل على لسان الاشعث بن قيس الكندي((64)):
اتانا الرسول رسول الوصي
علي المهذب من هاشم
رسول الوصي وصي النبي
وخير البرية من قائم
وزير النبي وذو صهره
وخير البرية في العالم
له الفضل والسبق بالصالحات
لهدي النبي به ياءتمي((65))
وانت ترى من جراء ذلك الاختيار الباطل الذي جاء به ابن عمر
ان تدهورتالسياسة فصار الانتخابنصا، وانقلبت الديمقراطية
ان كانت الى دكتاتورية محضة رضيت الامة ام غضبت، ثم عاد
الامر شورىويا للّه وللشورى وسيف عبد الرحمن ابن عوف هو
العامل الوحيد يوم ذاك، الى ان اصبح ملكا عضوضا،ووصلت
النوبة الى الطلقاء وابناء الطلقاء، الى رجال العيث والفساد، الى
ابناء الخمور والفجور، الى انتمكن معاوية الخمر والربا من
استخلاف يزيد العرة والشرة قائلا: من احق منه بالخلافة في
فضله وعقلهوموضعه؟ وما اظن قوما بمنتهين حتى تصيبهم
بوائق تجتث اصولهم، وقد انذرت ان اغنت النذر((66)).
لم يكن لاعيان الامة، ووجوه الصحابة، وصلحاء الملة، وخيرة
الناس في امر تلكم الادوار القاتمة حل ولاعقد، بل كانوا
مضطهدين مقهورين مبتزين يرون حكم اللّه مبدلا، وكتابه
منبوذا، وفرائضه محرفة عنجهات اشراعه، وسنن نبيه متروكة.
سبحانك اللهم ما اجراهم على الرحمن وانتهاك حرمة النبي
وكتابه باختياريضاده نداء القرآن الكريم، (كتاب فصلت آياته
قرآنا عربيا لقوم يعلمون )((67))! باختيار كذبه ما جاء عن
النبي الاقدس(ص) منالنصوص على اختيار اللّه عليا وانه احد
الخيرتين، وانه خير البشر بعده(ص)، وانه احب الناس الى
اللّهواليه(ص)، وانه منه بمنزلته من ربه، وانه منه بمنزلة الراس
من جسده، وانه منه بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي
بعده، وان لحمه لحمه ودمه دمه والحق معه، وان
طاعتهطاعته ومعصيته معصيته، وانه سلم لمنسالمه، وحرب
لمن حاربه((68)) وانه ممسوس في ذات اللّه((69)) الى
نصوص كثيرة تضاد اختيار ابن عمر ومنشاكله في تمني
الحديث.
اليست هذه الاحاديث الى امثالها المعدودة بالمئات انكارا من
رسولاللّه(ص)لقولهم ان كان هناك قول: اذاذهب ابو بكر
وعمر وعثمان استوى الناس؟
اليست آي المباهلة والتطهير والولاية واضرابها الى الثلاثمائة
آية النازلة في علي (ع)((70)) تضاد ذلك القولالقارص؟
( هل يستوي الاعمى والبصير ام هل تستوي الظلمات والنور
)((71)) ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون
)((72))
( افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لايستوون )((73)) ( مثل
الفريقين كالاعمى والاصموالبصيروالسميع هل
يستويانمثلا)((74)) ( افمن كان على بينة من ربه كمن زين
له سوء عمله )((75)) (افمن يمشي مكبا على وجهه اهدى امن
يمشي سويا على صراط مستقيم )((76)) ( قل لا
يستويالخبيثوالطيب ولو اعجبكك ثرة الخبيث )((77)) (
لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اوليالضرروالمجاهدون
ف ي سبيل اللّه )((78)) ( لا يستوي اءصحاب النار واءصحاب
الجنة )((79)) ( وما يستويالاعمى والبصير والذين آمنوا
وعملوا الصالحات )((80)) ( افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب
اقفالها)((81)).
ما هذا الاختيار؟ وكيف يتم؟ ولم وبم؟
هل تدري ما الذي دعا ابن عمر الى رمي القول على عواهنه؟
الى رميالصحابة بعزوه المختلق، ونسبة هذاالاختيار المبير
اليهم، وانهم تركوا المفاضلة بعد الثلاثة، وانهم قالوا: ثم نترك
اصحاب النبي(ص) لا نفاضلبينهم، وقالوا: كنا نقول: اذا ذهب
ابوبكر وعمر وعثمان استوى الناس فيسمع النبي(ص) ذلك
فلا ينكره؟
ام هل تدري بماذا تتصور المفاضلة والخيرة؟ وبم تتم؟ وانى
تصح؟ بعد ثبوت ما جاء في الصحاح والمسانيدمرفوعا من ان
عليا (ع) كان اعظمهم حلما، واحسنهم خلقا، واكثرهم علما،
واعلمهم بالكتاب والسنة،واقدمهم سلما، واولهم صلاة من
رسول اللّه، واوفاهم بعهد اللّه، واقومهم باءمر اللّه، واخشنهم في
ذات اللّه،واقسمهم بالسوية، واعدلهم في الرعية، وابصرهم
بالقضية، واعظمهم عند اللّه مزية، وافضلهم في القضاء،واولهم
واردا علي الحوض، واعظمهم عناء، واحبهم الى اللّه ورسوله،
واخصهم عنده منزلة، واقربهمقرابة،واولاهمبهم منانفسهم
كماكانرسولاللّه(ص)،واقربهم عهدا به(ص)((82))، وجبريل
ينادي: لا فتى الا علي لاسيف الا ذو الفقار((83)). فهل يبقى
هنالك موضوع للمفاضلة بعد هذه كلها حتى يخير فيه الصبي
ابن عمر اوغيره، فيختارون على علي غيره؟ غفرانك اللهم
واليك المصير.
قال الجاحظ: لا يعلم رجل في الارض متى ذكر السبق في
الاسلام والتقدم فيه، ومتى ذكرت النجدةوالذبعن الاسلام،
ومتى ذكر الفقه في الدين، ومتى ذكر الزهد في الاموال التي
تتناجز الناس عليها، ومتىذكر الاعطاء في الماعون، كان
مذكورا في هذه الخصال كل ها الا علي (رضىا...عنه). ثمار
القلوبللثعالبي((84)) (ص67).
لست ادري كيف ترك المخيرون اصحاب محمد بعد الثلاثة لا
تفاضل بينهم، وبماذا استوى الناس وفيهمالعشرة المبشرة؟
وفيهم من رآه رسول اللّه(ص) شبيه عيسى في امته هديا وبرا
ونسكا وزهدا وصدقاوجداوخلقا وخلقا((85)).
وفيهم من كان(ص) يراه جلدة ما بين عينيه وانفه، طيبا
مطيبا، قد ملىء ايماناالى مشاشه، يدور مع
الحقاينمادار((86)).
وفيهم من رآه(ص) اثقل في الميزان من احد، ويراه رجال
الصحابة: اشبه الناس هديا ودلا وسمتابمحمد(ص)((87)).
وفيهم من قربه(ص) وادناه، وعلمه علم ما كان وما
يكون((88)).
وفيهم من جاء فيه عن النبي(ص) قوله: ((من اراد ان ينظر الى
رجل نور قلبهفلينظر الى سلمان)). وقوله:((ان اللّه عز وجل
يحب من اصحابي اربعة، اخبرني انه يحبهم، وامرني ان احبهم:
علي، ابوذر، سلمان،المقداد))، وصح فيه قوله: ((سلمان منا
اهل البيت)). وقال علي امير المؤمنين: ((سلمان رجل منا اهل
البيت،ادرك علم الاولين والاخرين، من لكم بلقمان الحكيم
كان بحرا لا ينزف))((89)).
وفيهم العباس عم النبي(ص) الذي كان(ص) يجله اجلال الولد
والده، خاصة خص اللّه العباس بها من بينالناس، وله قال(ص):
((يا ابا الفضل لك من اللّه حتى ترضى)). وخطب(ص) في
قضية فقال: ((من اكرمالناس على اللّه؟)) قالوا: انت يا رسول
اللّه، قال: ((فان العباس مني وانا منه)). مستدرك
الحاكم((90))(3/325).
وجاء في حديث استسقاء عمر بالعباس عام الرمادة((91)) ان
عمر خطب الناس فقال: يا ايها الناسانرسول اللّه(ص) كان
يرى للعب اس ما يرى الولد لوالده، يعظمه، ويفخمه، ويبر
قسمه، فاقتدوا ايهاالناس برسول اللّه في عمه العباس، واتخذوه
وسيلة الى اللّه عز وجل فيما نزل بكم((92)).
وفيهم معاذ بن جبل وقد صح فيه عند القوم قول رسول
اللّه(ص): انه اعلم الاولين والاخرين بعد النبيينوالمرسلين،
وان اللّه يباهي به الملائكة((93)).
وفيهم ابي بن كعب وقد صحح الحاكم فيه قول ابي مسهر: ان
رسول اللّه(ص)سماه سيد الانصار، فلم يمتحتى قالوا: سيد
المسلمين((94)).
وفيهم اسامة بن زيد حب رسول اللّه(ص) وقد جاء فيه عن ابن
عمر نفسه في الصحيحين قوله(ص) لماطعن بعض الناس في
امارته وقد امره على جيش كان فيهم ابو بكر وعمر: ((فقد
كنتم تطعنون في امارة ابيهمن قبل، وايم اللّه ان كان لخليقا
للامارة، وان كان لمن احب الناس الي، وان هذا لمن احب
الناساليبعده))((95)).
وقوله(ص): اسامة احب الي ما حاشا فاطمة ولا غيرها.
مسند احمد((96)): (2/96، 106، 110).
الى اناس آخرين يعدون في الرعيل الاول من رجالات الفضائل
والفواضل من امة محمد(ص) فهل كانابن عمر يعرف هؤلاء
الرجال ومبلغهم من العظمة وما ورد فيهم عن النبي الاقدس
من جمل الثناء عليهم ثميساوي بينهم وبين من عداهم نظراء
ابناء هند والنابغة والزرقاء؟
فان كان لا يدري فتلك مصيبة
وان كان يدري فالمصيبة اعظم
وكيف يتم هذا الاختيار وقد عزا القوم الى رسول اللّه(ص): ما
من نبي الا قداعطي سبعة نجباء رفقاءواعطيت انا اربعة عشر:
سبعة من قريش: علي، والحسن، والحسين وحمزة، وجعفر،
وابو بكر، وعمر.وسبعة من المهاجرين: عبد اللّه بن مسعود،
وسلمان، وابو ذر، وحذيفة، وعمار، والمقداد، وبلال؟((97))
نعم، لا يرضى ابن عمر ان يكون علي امير المؤمنين افضل من
احد من اصحاب محمد(ص) حتى بعد عثمانوليد بيت امية،
قتيل الصحابة العدول ومخذولهم، ولا يروقه ان يحكم
بالمفاضلة بينه (ع) وبين ابن هند وانكان عاليا من المسرفين،
يسمع آيات اللّه تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كاءن لم يسمعها،
كاءن في اذنيه وقرا،ولابينه وبين ابن النابغة الابتر ابن الابتر،
ولا بينه وبين مغيرة بن شعبة ازنى ثقيف، ولا بينه وبين
ابناءامية اثمار الشجرة الملعونة في القرآن، من وزغ طريد، الى
لعين مثله، الى فاسق مستهتر، الى فاحشمتفحش، ولا بينه
وبين سلسلة الخمارين رجال الخمور والفجور في الجاهلية او
الاسلام نظراء:
ابي بكر بن شغوب((98)). راجع الغدير (7/99).
ابي طلحة زيد بن سهل الانصاري. مسند احمد((99)) (3/181،
227)، سنن البيهقي (8/286)، الغدير(7/99).
ابي عبيدة بن الجراح. مسند احمد((100)) (3/181)، سنن
البيهقي (8/286)، شرح صحيح مسلمللنووي((101))(8/223)
هامش ارشاد الساري، مجمع الزوائد (5/52).
ابي محجن الثقفي. تفسير القرطبي((102)) (3/56)، الاصابة
(4/175).
ابي بن كعب. مسند احمد((103)) (3/181)، سنن البيهقي
(8/286).
انس بن مالك. غير واحد من الصحاح والمسانيد، راجع الغدير
(7/97، 100)
حسان بن ثابت. تفسير القرطبي((104)) (3/57) وهو القائل:
ونشربها فتتركنا ملوكا
واسدا ما ينهنهنا اللقاء
خالد بن عجير. الاصابة (1/459).
سعد بن ابي وقاص. سنن البيهقي (8/285)، تفسير ابن كثير
(2/95)، تفسير ابي حيان (4/12) ارشادالساري((105))
(7/104)، تفسير الخازن((106)) (1/252)، تفسير الالوسي
(2/111) تفسيرالشوكاني((107))(2/71).
سليط بن النعمان. الامتاع للمقريزي (ص112).
سهيلبن بيضاء. مسنداحمد((108))(3/227)،
سننالبيهقي(8/290)، الغدير(7/99).
ضرار بن الازور. تاريخ ابن عساكر((109)) (7/31، 133).
ضرار بن الخطاب. تاريخ ابن عساكر((110)) (7/133).
عبد الرحمن بن عمر. المعارف لابن قتيبة((111)) (ص80)،
الغدير (6/296 300 الطبعة الاولى).
عبد الرحمن بن عوف. احكام القرآن للجصاص((112))
(2/245)، مستدرك الحاكم((113)) (4/142) وكثير
منالتفاسير، وفي الحديث تحريف اشار اليه الحاكم في
المستدرك((114))(2/307). راجعالغدير: (6/236
الطبعةالاولى وص 252 الطبعة الثانية).
عبد اللّه بن ابي سرح اخ عثمان من الرضاعة. كتاب
صفين((115)) (ص180).
عتبان بن مالك. تفسير الخازن((116)) (1/152).
عمرو بن العاص. الغدير (2/136).
قيس بن عاصم المنقري. تفسير القرطبي((117))(3/56).
كنانة بن ابي الحقيق. الامتاع للمقريزي (ص112).
معاذ بن جبل. شرح صحيح مسلم للنووي((118)) (8/223)
هامش ارشاد الساري، الغدير (7/100).
نعيم بن مسعود الاشجعي. الامتاع للمقريزي (ص112).
نعيمان بن عمرو بن رفاعة الانصاري. الاستيعاب (1/308)، اسد
الغابة (5/36)، تاريخ ابن كثير(8/70)((119)).
وليد بن عقبة اخ عثمان لامه. الغدير((120)) (8/123 128)
الطبعة الاولى.
بيعة ابن عمر تارة وتقاعسه عنها اخرى :
هذه عقلية ابن عمر النابية عن ادراك الحقائق، وهي التي
ارجاءته عن بيعةمولانا امير المؤمنين (ع) وحدتهالى بيعة
عثمان، ولم يتسلل عنه حتى يوم مقتله بعد ما نقم عليه
الصحابة اجمع خلا شذاذا منهم، بل كان هوالذي اغرى عثمان
بنفسه حتى قتل كما جاء في انساب البلاذري((121)) (5/76)
عن نافع قال: حدثني عبد اللّهبن عمر، قال: قال عثمان وهو
محصور: ما تقول فيما اشار به علي المغيرة بن الاخنس؟ قال:
قلت: وما هو؟قال: قال: ان هؤلاء القوم يريدون خلعك فان
فعلت والا قتلوك فدع امرهم اليهم. قال: فقلت: ارايت ان
لمتخلع هل يزيدون على قتلك؟ قال: لا. قال: فقلت: فلا ارى
ان تسن هذه السنة في الاسلام، فكلما سخطقوم على اميرهم
خلعوه، لا تخلع قميصا قمصكه اللّه.
وفي اثر هذا جاء في الاثر: ان عثمان لما اشرف على الناس
فسمع بعضهم يقول: لا نقتله ولكن نعزله، قال: اماعزلي فلا واما
قتلي فعسى.
وهذا من اتفه ما ارته ابن عمر، فان امره عثمان ان لا يخلع
نفسه خيفة ان يطرد ذلك جار في صورة عدمالخلع المنتهي
الى القتل الذي هو افظع من الخلع، وفي كل منهما سقوط
هيبة السلطان وزوال ابهة الخلافة،غير ان البقاء مخلوعا اخف
وطاءة وابعد عن مثار الفتن، ومن مشاهد الفتن الثائرة بعد قتل
عثمان من قاتليهوالحاضين عليه والمتخاذلين عنه، فمن
قائلة: اقتلوا نعثلا. قتل اللّه نعثلا. تطلب ثاره. ومؤلبين عليه،
اخذابضبعي الهودج يحثان على الهتاف بثارات عثمان، وموها
عليها نبح كلاب الحواب، ومتقاعد عنه بالشام حتىاذا اودي به
كتب الكتائب، وخرج الى صفين، وازلف اليه من كان يقول لما
بلغه انه محصور: انا ابو عبداللّهقد يضرط العير والمكواةفي
النار((122)). ولما بلغه مقتله قال: انا ابو عبداللّه قتلته وانا
بوادي السباع((123)). قالهذا ثمطفق يثب مع معاوية يطلب
الثار، وكان من ولائد وقعة صفين مقتل الخوارج بالنهروان،
فمن جراءهذه المعامع كانت مجزرة كبرى لزرافات من
الصحابة والتابعين ووجهاء الامصار ورؤساء القبائل
وصلحاءالمسلمين، وهل كانت هذه المفاسد الا ولائد ذلك
الراي الفطير الذي اسدى به ابن عمر للخليفة المقتول؟ولو
كان سالم القوم كما اشار اليه المغيرة بن الاخنس فخلعوه، بقي
حلس بيته ولا ثائر ولا مشاغب، وبقيتبيوت المسلمين عامرة
ولم تكن تنتشر الفتن في البلاد.
قال ابن حجر في فتح الباري((124)) (13/10): انتشرت الفتن
في البلاد، فالقتال بالجمل وبصفين كان بسببقتل عثمان،
والقتال بالنهروان بسبب التحكيم بصفين،وكل قتال وقع في
ذلك العصر انما تولد عن شيء منذلك او عن شيء تولد عنه.
انتهى.
وقال في (ص42): قوله(ص) في حق عثمان: بلاء يصيبنه. هو
ما وقع له من القتل الذي نشاءت عنه الفتنالواقعة بين الصحابة
في الجمل، ثم في صفين وما بعد ذلك. انتهى.
ونحن لا نعرف لابن عمر حجة فيما ارتكبه من البيعة والقعود
الا ما نحته له ابن حجر في فتح الباري (5/19)بقوله: لم يذكر
ابن عمر خلافة علي لانه لم يبايعه لوقوع الاختلاف عليه كما
هو مشهور في صحيح الاخبار،وكان راي ابن عمر انه لا يبايع
لمن لم يجتمع عليه الناس، ولهذا لم يبايع ايضا لابن الزبير ولا
لعبد الملك فيحال اختلافهما، وبايع ليزيد بن معاوية، ثم لعبد
الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير. انتهى.
وقال في الفتح((125)) ايضا (13/165): كان عبد اللّه بن عمر
في تلك المدة امتنع ان يبايع لابن الزبير او لعبدالملك كما
كان امتنع ان يبايع لعلي او معاوية، ثم بايع لمعاوية لما اصطلح
مع الحسن بن علي، واجتمع عليهالناس، وبايع لابنه يزيد بعد
موت معاوية لاجتماع الناس عليه، ثم امتنع من المبايعة لاحد
حال الاختلاف،الى ان قتل ابن الزبير وانتظم الملك كله لعبد
الملك فبايع له حينئذ.
هذه حجة داحضة موه بها ابن حجر على الحقائق الراهنة لتغرير
امة جاهلة، ولعله اتخذها مما جاء فيالحديث من انه لما تخلف
عبد اللّه بن عمر عن بيعة علي (ع) امر باحضاره فاءحضر فقال
له: ((بايع)) قال: لاابايع حتى تبايع جميع الناس. قال له علي
(ع) ((فاءعطني حميلا((126)) ان لا تبرح)) قال: ولا اعطيك
حميلا. فقالالاشتر :ياامير المؤمنين ان هذا قد امن سوطك
وسيفك، فدعني اضرب عنقه. قال: ((لستاريد ذلك منهعلى
كره، خلوا سبيله)). فلما انصرف، قال امير المؤمنين (ع): ((لقد
كان صغيرا وهو سيئ الخلق وهو فيكبره اسوا خلقا)) و روي
انه اتاه في اليوم الثاني، فقال: اني لك ناصح، ان بيعتك لم
يرض بها الناس كلهم،فلو نظرت لدينك و رددت الامر شورى
بين المسلمين. فقال علي (ع): ((ويحك وهل ما كان عن طلب
مني؟الم يبلغك صنيعهم بي؟ قم يا احمق، ما انت وهذا
الكلام؟)) فخرج ثم اتى عليا(ع) آت في اليوم الثالث فقال:ان
ابن عمر قد خرج الى مكة يفسد الناس عليك، فاءمر بالبعثة في
اثره. فجاءت ام كلثوم ابنته فساءلته،وضرعت اليه فيه، وقالت: يا
امير المؤمنين انما خرج الى مكة ليقيم بها، وانه ليس بصاحب
سلطان، ولا هومن رجال هذا الشاءن، وطلبت اليه ان يقبل
شفاعتها في امره لانه ابن بعلها، فاءجابها وكف البعثة اليه،
وقال:((دعوه وما اراد)).
جواهر الاخبار للصعدي المطبوع في ذيل كتاب البحر الزخار
(6/71).
هلموا معي يا امة محمد(ص) نسائل ابن عمر، هلا بايع هو ابا بكر
ولم يجتمع عليه الناس، وانعقدت بيعتهباثنين او اربعة او
خمسة، كما مر في (7/141) الطبعة الاولى.
والاختلاف هنالك كان قائما على ساق، وهو الذي فرق صفوف
الامة حتى اليوم، وكان ابن عمر ينظر اليهمن كثب، ثم لحقتها
موافقة الناس بالارهاب في بعض، واطماع في آخرين، وامر دبر
بليل بين لفيف منزبانية الخلافة، وتمت بعد وصمات مر
الايعاز اليها في الجزء السابع (ص74 87)، تمت وصدور امة
صالحةواغرة عليها وعلى من تقمصها، وهو يعلم ان محل علي
(ع) منها محل القطب من الرحى، ينحدر عنه السيل،ولا يرقى
اليه الطير.
واما ابوه فلم يثبت امره الا بتعيين ابي بكر اياه، ((فيا عجبا «بينا
هو»((127)) يستقيلها في حياته اذ عقدها لاخربعد وفاته،
لشدما تشطرا ضرعيها، فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها،
ويخشن مسها، ويكثر العثار فيهاوالاعتذار منها))((128))،
والناس متذمر على المستخلف، كلهم ورم انفه من ذلك،
قائلين: ما تقول لربك وقدوليت علينا فظا غليظا؟ ثم الحقت
الناس به العوامل المذكورة.
واما حديث الشورى، وما ادراك ما حديث الشورى؟ فسل عنه
سيف عبدالرحمن بن عوف الذي لم يكنمع احد يومئذ سيف
غيره، واذكر قوله لعلي: بايع والا ضربت عنقك، او قوله له: لا
تجعلن على نفسكسبيلا. كما ذكره البخاري، والطبري
وغيرهما((129))، وزاد ابن قتيبة: فانه السيف لا غير. او قول
اصحابالشورى لما خرج علي مغضبا ولحقوه: بايع والا
جاهدناك((130)). او قول امير المؤمنين: ((متى اعترض
الريبفي مع الاول منهم حتى صرت اقرن الى هذه النظائر،
لكني اسففت اذ اسفوا، وطرت اذ طاروا. فصغا رجلمنهم
لضغنه، ومال آخر لصهره، مع هن وهن)). الخ((131)).
لكن ابن عمر على زعم ابن حجر لا يرى كل هذه خلافا في
خلافة القوم،ولا في معاوية من انجاز الامربعد امير المؤمنين
علي (ع) بين السيف والمطامع، وفي القلوب منه ما فيها الى ان
لفظ نفسه الاخير، هذا سعدبن ابي وقاص احد العشرة المبشرة
ومن رجال الشورى الستة تخلف عن بيعته، دخل على معاوية
فقال له:السلام عليك ايها الملك، فقال له: فهلا غير ذلك انتم
المؤمنون وانا اميركم، فقال سعد: نعم ان كنا امرناك،وفي لفظ:
نحن المؤمنون ولم نؤمرك. فقال معاوية: لا يبلغني ان احدا
يقول: ان سعدا ليس من قريش الا فعلت به وفعلت، ان سعدا
الوسط في قريش، ثابت النسب((132)).
وهذا ابن عباس وهو يجابه معاوية ويدحض حجته، قال عبيد
اللّه بن عبد اللّه المديني: حج معاويةفمربالمدينة، فجلس في
مجلس فيه سعد، وفيه عبد اللّه بن عمر، وعبد اللّه بن عب اس،
فالتفت الى عبد اللّه بنالعباس فقال: يا ابا عباس انك لم تعرف
حقنا من باطل غيرنا، فكنت علينا ولم تكن معنا، وانا
ابنعمالمقتول ظلما يعني عثمان وكنت احق بهذا الامر من
غيري. فقال ابن عباس: اللهم ان كان هكذا فهذاواوماء الى ابن
عمر احق بها منك لان اباه قتل قبل ابن عمك. فقال معاوية:
ولاسواء ان ابا هذا قتلهالمشركون، وابن عمي قتله المسلمون.
فقال ابن عباس: هم واللّه ابعد لك وادحض
لحجتك.فتركه((133)).
وانكرت عائشة على معاوية دعواه الخلافة، وبلغه ذلك فقال:
عجبا لعائشة تزعم اني في غير ما انا اهله،وان الذي اصبحت فيه
ليس لي بحق، مالها ولهذا يغفر اللّه لها، انما كان ينازعني في
هذا الامر ابو هذا الجالسوقد استاءثر اللّه به. فقالالحسن بن
علي: ((او عجب ذلك يا معاوية؟)) قال: اي واللّه، قال: افلا
اخبرك بما هواعجب من هذا؟ قال: ما هو؟ قال: ((جلوسك في
صدر المجلس وانا عند رجليك)).
شرح ابن ابي الحديد((134)) (4/5).
وهكذا كان اكابر الصحابة مناوئين له في المدينة الطيبة
فاءسمعوه النكير، وسمعوا ادا من القول. وراوا امرا منامره،
وشاهدوا منه احداثا وبدعا في الدين الحنيف تخلد مع الابد،
وعاينوا منه جنايات على الامةالاسلامية وصلحائها وعظمائها،
من هتك، وحبس، وشتم، وسب مقذع، وضرب، وتنكيل،
وعذاب، وقتل،قط لا تغفر له وحاش للّه ان يغفرها له، دع عمر
بن عبدالعزيز يرى في الطيف انه مغفور له((135))
وتذمرتعليه صلحاء امة محمد(ص) لما جاء عنه(ص) فيه من
لعنه والتخذيل عنه ، وامره الصحابة بقتاله، وتوصيفهفئته
بالقسط، وانها الفئة الباغية، وقوله السائر الدائر: ((اذا رايتم
معاوية على منبريفاقتلوه))((136))وقوله(ص) ((الخلافة
بالمدينة والملك بالشام))((137)).
ليت شعري اين كان ابن عمر من هذه كلها؟ ومن قوله(ص)
الحاسم لمادة النزاع: ((ستكون خلفاء فتكثر)).قالوا: فما تاءمرنا؟
قال: ((فوا ببيعة الاول فالاول))((138)).
وقوله(ص): ((اذا بويع لخليفتين فاقتلوا الاخر
منهما))((139)).
وقوله(ص): ((ستكون هنات وهنات، فمن اراد ان يفرق امر
هذه الامةوهي جميع فاضربوه بالسيفكائنامن كان)). وفي
لفظ: ((فاقتلوه))((140)).
وقوله(ص): ((من اتاكم وامركم جميع على رجل واحد يريد ان
يشق عصاكم او يفرق جماعتكم،فاقتلوه))((141)).
|