الصلح بين قيس ومعاوية

  الغدير
الصلح بين قيس ومعاوية

امرت شرطة الخميس قيس بن سعد على انفسهم وكان يعرف بصاحب شرطة الخميس كما في الكشي ((2-486))(ص‏72) وتعاهد هو معهم على قتال معاوية، حتى يشترط لشيعة علي ولمن كان اتبعه على اموالهم ودمائهم، ومااصابوافي الفتنة، فارسل معاوية الى قيس يقول: على طاعة من تقاتل، وقد بايعني الذي اعطيته طاعتك؟ فابى قيس ان يلين له،حتى ارسل اليه معاوية بسجل قد ختم عليه في اسفله، وقال: اكتب في هذا ماشئت فهو لك. فقال عمرو بن العاص لمعاوية:لاتعطه هذا وقاتله. فقال معاوية: على رسلك فانا لا نخلص الى قتلهم حتى يقتلوا اعدادهم من اهل الشام، فما خير العيش بعد ذلك؟! فاني‏واللّه لا اقاتله ابدا حتى لا اجد من قتاله بدا. فلما بعث اليه معاوية ذلك السجل، اشترط قيس له ولشيعة علي امير المؤمنين(ع) الامان على ما اصابوا من الدماءوالاموال، ولم يسال في سجله ذلك مالا، واعطاه معاوية ما سال، ودخل قيس ومن معه في طاعته ((2-487)).

قال ابو الفرج ((2-488)): فارسل معاوية اليه يدعوه الى البيعة، فلما ارادوا ادخاله اليه، قال اني حلفت ان لا القاه الا بيني‏وبينه الرمح او السيف. فامر معاوية برمح وسيف فوضعا بينهما ليبر يمينه، فلما دخل قيس ليبايع، وقد بايع الحسن(ع) فاقبل‏على الحسن(ع) فقال: افي حل انا من بيعتك؟. فقال: ((نعم)). فالقي له كرسي، وجلس معاوية على سرير والحسن معه، فقال‏له معاوية: اتبايع ياقيس؟ قال: نعم. ووضع يده على فخذه ولم يمدها الى معاوية، فجاء معاوية من سريره، واكب على‏قيس حتى مسح يده، وما رفع اليه قيس يده ((2-489)).

قال اليعقوبي في تاريخه ((2-490)) (2/192): بويع معاوية بالكوفة في ذي القعدة سنة (40) واحضر الناس لبيعته، وكان‏الرجل يحضر فيقول: واللّه يامعاوية اني لابايعك واني لكاره لك. فيقول: بايع فان اللّه قد جعل في المكروه خيرا كثيرا،وياتي الاخر فيقول: اعوذ باللّه من شر نفسك. واتاه قيس بن سعد بن عبادة، فقال: بايع قيس. قال: اني كنت لاكره مثل هذا اليوم يامعاوية. فقال له: مه رحمك اللّه. فقال:لقد حرصت ان افرق بين روحك وجسدك قبل ذلك، فابى اللّه ياابن ابي سفيان الا مااحب. قال: فلا يرد امر اللّه. قال: فاقبل قيس على الناس بوجهه فقال:

يا معشر الناس لقد اعتضتم الشر من الخير، واستبدلتم الذل من العز، والكفر من‏الايمان، فاصبحتم بعد ولاية امير المؤمنين، وسيد المسلمين، وابن عم رسول رب العالمين، وقد وليكم الطليق ابن الطليق،يسومكم الخسف، ويسير فيكم بالعسف، فكيف تجهل ذلك انفسكم؟ ام طبع اللّه على قلوبكم وانتم لا تعقلون؟

فجثا معاوية على ركبته، ثم اخذ بيده، وقال: اقسمت عليك. ثم صفق على كفه ونادى الناس: بايع قيس. فقال: كذبتم واللّهمابايعت. ولم يبايع لمعاوية احد الا اخذ عليه الايمان، فكان اول من استحلف على بيعته.

اخرج الحافظ عبد الرزاق، عن ابن عيينة، قال: قدم قيس بن سعد على معاوية، فقال له معاوية: وانت ياقيس،تلجم‏علي‏مع من الجم؟ اما واللّه لقد كنت ا حب ان لاتاتيني هذا اليوم الا وقد ظفر بك ظفر من اظافري موجع. فقال له‏قيس: وانا واللّه قد كنت كارها ان اقوم في هذا المقام، فاحييك بهذه التحية. فقال له معاوية: ولم؟ وهل انت الا حبر من‏احبار اليهود؟ فقال له قيس: وانت يامعاوية كنت صنما من اصنام الجاهلية، دخلت في الاسلام كارها، وخرجت منه ‏طائعا، فقال معاوية: اللهم غفرا، مد يدك. فقال له قيس: ان شئت زدت وزدت. تاريخ ابن كثير ((2-491)) (8/99).