الشاعر

  الغدير

الشاعر

ابو الحسين علي بن محمد بن جعفر بن محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) الكوفي الحماني‏المعروف بالافوه. وفي لباب الانساب ((3-176)) : يلقب هو ووالده محمد بالحمال، ويقال لاولاده بنو الحمال.

حمان بكسر المهملة وتشديد الميم محلة بالكوفة، والنسبة الى حمان قبيلة من تميم، وهم بنو حمان بن عبد العزيز بن‏كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. واسم حمان: عبد العزى. وقد سكن هذه المحلة من نسب اليها وان لم يكن منها ((3-177)) ، فمافي بعض المعاجم ضبطه بالمعجمة تصحيف.

المترجم له في الرعيل الاول من فقهاء العترة ومدرسيهم في عاصمة التشيع بالعراق في القرون الاولى الكوفة وفي‏السنام الاعلى من خطباء بني هاشم وشعرائهم المفلقين، وقد سار بذكره وبشعره الركبان، وعرفه القريب والبعيد بحسن‏الصياغة وجودة السرد، اضف الى ذلك علمه الغزير، ومجده الاثيل، وسؤدده الباهر، ونسبه العلوي الميمون، وحسبه‏الوضاح، الى فضائل جمة تسنمت به الى ذروة الخطر المنيع.

سال المتوكل ابن الجهم: من اشعر الناس؟ فذكر شعراء الجاهلية والاسلام، ثم انه سال ابا الحسن الامام علي بن محمدالهادي فقال: الحماني، حيث يقول:

لقد فاخرتنا من قريش عصابة / بمط خدود وامتداد اصابع

فلما تنازعنا المقال قضى لنا / عليهم بما يهوى نداء الصوامع

ترانا سكوتا والشهيد بفضلنا / عليهم جهير الصوت في كل جامع

فان رسول اللّه احمد جدنا / ونحن بنوه كالنجوم الطوالع

قال: وما نداء الصوامع يا ابا الحسن؟ قال: اشهد ان لا اله الا اللّه، واشهد ان محمدا رسول اللّه، جدي ام جدك؟ فضحك ‏المتوكل، ثم قال: هو جدك لا ندفعك عنه.

هذا الحديث ذكره الجاحظ في المحاسن والاضداد ((3-178)) (ص‏104)، والبيهقي في المحاسن والمساوئ ((3-179)) (1/74) غير ان فيها:الرضي مكان ابي الحسن، واحسبه تصحيف المرتضى، وهو لقب الامام الهادي سلام اللّه عليه.

ورواه شيخ الطائفة في اماليه ((3-180)) (ص‏180)، وبهاء الدين في تاريخ طبرستان ((3-181)) (ص‏224)، وابن شهرآشوب في‏المناقب ((3-182)) (5/ 118) طبعة الهند.

واثنى عليه المسعودي في مروج الذهب ((3-183)) (2/322) في كلام ياتي له، وقال: كان علي بن محمد الحماني مفتيهم بالكوفة،وشاعرهم ومدرسهم ولسانهم، ولم يكن احد بالكوفة من آل علي بن ابي طالب يتقدمه في ذلك الوقت.

وذكره النسابة العمري في المجدي ((3-184)) واطراه بما ملخصه: كان مشهورا بالشعر، رثى يحيى بن عمر، وكان اشعر ولد ابيه‏يكنى ابا الحسين. وقال في ترجمة الشريف الرضي: هو اشعر قريش الى وقتنا، وحسبك ان يكون قريش في اولها الحارث‏بن هشام، والعبلي، وعمر بن ابي ربيعة، وفي آخرها بالنسبة الى زمانه محمد بن صالح الموسوي، وعلي بن محمد الحماني.

وذكره الرفاعي في صحاح الاخبار(ص‏40) وقال: كان شهما، شجاعا، شاعرا، مفلقا، وخطيبا مصقعا. واثنى عليه بالعلم‏وجودة الشعر سهل بن عبداللّه البخاري النسابة في سر السلسلة ((3-185)) ، وصاحب بحر الانساب المشجر، والبيهقي في لباب ‏الانساب ((3-186)) ، وابن المهنا في عمدة الطالب ((3-187)) (ص‏269)، وذكر الاخير ان له ديوان شعر مشهورا.

وقال الحموي في معجم الادباء ((3-188)) (5/285) في ترجمة محمد بن احمد الحسني العلوي بعدما اثنى عليه بانه شاعر مفلق،وعالم محقق، شائع الشعر، نبيه الذكر،ليس في ولد الحسن من يشبهه، بل يقاربه علي بن محمد الافوه.

وحكى صاحب نسمة السحر ((3-189)) عن الحموي انه قال: كان المترجم في العلوية من الشهرة والادب والطبع كعبداللّه بن‏المعتز في العباسية، وكان يقول: انا شاعر، وابي شاعر، وجدي شاعر الى ابي طالب.

كان سيدنا الحماني في جانب عظيم من الاباء، والحماسة، وقوة القلب، ورباطة الجاش، وصراحة اللهجة، والجراة‏على‏مناوئيه، كل ذلك وراثة من سلفه الطاهر وبيته الرفيع. قال المسعودي: لما دخل الحسن بن اسماعيل الكوفة وهوصاحب الجيش الذي لقي يحيى بن عمر الشهيد سنة (250)، قعد عن سلامه ولم يمض اليه، ولم يتخلف عن سلامه احد من‏آل علي‏بن ابي طالب الهاشميين، وكان علي بن محمد الحماني مفتيهم بالكوفة الى ان قال : فتفقده الحسن بن اسماعيل،وسال عنه، وبعث بجماعة فاحضروه، فانكر الحسن تخلفه، فاجابه علي بن محمد بجواب مستقتل آيس من الحياة. فقال:اردت ان آتيك مهنئا بالفتح، وداعيا بالظفر. وانشد شعرا لا يقوم على مثله من يرغب في الحياة:

قتلت اعز من ركب المطايا / وجئتك استلينك في الكلام

وعز علي ان القاك الا / وفيما بيننا حد الحسام

ولكن الجناح اذا اهيضت / قوادمه يرف على الاكام

فقال له الحسن بن اسماعيل: انت موتور فلست انكر ما كان منك. وخلع عليه وحمله الى منزله ((3-190)) .

حبسه ابو احمد الموفق باللّه المتوفى (278) مرتين مرة لكفالته بعض اهله، ومرة لسعاية عليه من انه يريد الخروج على‏الخليفة، فكتب اليه من الحبس:

قد كان جدك عبداللّه خير اب / لابني علي حسين الخير والحسن

فالكف يوهن منها كل انملة / ما كان من اختها الاخرى من الوهن

فلما وصل اليه الشعر كفل وخلى سبيله، فلقيه ابو علي وقال له: قد عدت الى وطنك الذي تلذه، واخوانك الذين تحبهم. فقال: يا ابا علي ذهب الاتراب والشباب والاصحاب، وانشد:

هبني بقيت على الايام والابد / ونلت ما شئت من مال ومن ولد

من لي برؤية من قد كنت آلفه / وبالشباب الذي ولى ولم يعد

لا فارق الحزن قلبي بعد فرقتهم / حتى يفرق بين الروح والجسد ((3-191))

LEAVE A COMMENT