اول من عبثت به رعيته، وسن العمل بالشهادات المزورة،
وسلط رجال الشر والغي والجور على صلحاء امة محمد (ص)؟!
اول من هم بنقل منبر رسول اللّه (ص) عن المدينة المشرفة
الى الشام ؟! ولما حرك المنبر خسفت الشمس فترك((209)).
اول من بدل الخلافة الاسلامية الى شر ملك وسلطة سوء ؟!
اول من ملك وتجبر في الاسلام بلبس الحرير والديباج، وشرب
في آنية الذهب والفضة، وركب السروج المحلاة بهما ؟!
اول من سمع الغناء وطرب عليه واعط‏ى ووصل اليه وهو يرى
نفسه اميرالمؤمنين ؟!
اول من هتك دين اللّه باستخلاف جروه الفاجر المستهتر
التارك للصلاة ؟!
اول من شن الغارة على مدينة الرسول (ص) حرم امن اللّه،
واخاف اهليها، وما رعى حرمة ذلك الجوار المقدس ؟!
الى جرائم وبوائق تجد الرجل فيها هو السابق الاول
اليها.((210))
اصحيح ان مثل هذا الطاغية تصدر فيه كلمة اطراء من مصدر
النبوة ؟ او ياتي عن نبي العدل والحق والصدق ما يوهم‏الثناء
عليه ؟ لا، لا يمكن ذلك ، بل نبي العظمة اكبر من يبغض هذا
الانسان وجرائمه، والرجل اشد اعدائه (ص) في‏جاهليته
واسلامه، ولو كان (ص) ينطق بشي‏ء من ذلك وحاشاه لكان
اكبر ترويج للباطل واهله، واوضح ترخيص‏في المعصية، وابين
استهانة بالحق.
قال عبداللّه بن احمد بن حنبل: سالت ابي عن علي ومعاوية،
فقال: اعلم ان عليا كان كثير الاعداء، ففتش له اعداؤه عيبافلم
يجدوا فجاؤوا الى رجل قد حاربه وقاتله فاطروه كيدا منهم
لعلي((211)).
وقال الحاكم: سمعت ابا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف
يقول: سمعت ابي يقول: سمعت اسحاق بن ابراهيم
الحنظلي‏يقول: لا يصح في فضل معاوية حديث((212)).
ولما لم يجد البخاري حديثا يصح من مناقب معاوية فقال عند
عد مناقب الصحابة من صحيحه: باب ذكر
معاوية(رضى‏ا...عنه)((213)). فقال ابن حجر في فتح
الباري((214)) (7/83): اشار بهذا الى ما اختلقوه لمعاوية من
الفضائل مما لا اصل له،وقد ورد في‏فضائل معاوية احاديث
كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الاسناد ، وبذلك جزم
اسحاق بن راهويه‏والنسائي وغيرهما.
واما مسلم وابن ماجة فلما لم يريا حديثا يعبا به في فضائل
معاوية ضربا عن اسمه في الصحيح والسنن صفحا
عندعدمناقب الصحابة، والترمذي((215)) لم يذكر له الا
حديث:
اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به. فقال: حسن غريب. ونحن
اوقفناك على‏بطلانه في الجزء العاشر (ص‏373). وذكرحديث:
اللهم اهد به. وزيفه هو بنفسه لمكان عمرو بن واقد، وعمرو
احد الكذابين ذكرناه في الجزء الخامس (ص‏249).فالصحاح
والسنن خالية عما لفقتها رواة السوء في فضل الرجل.
ودخل الحافظ النسائي صاحب السنن الى دمشق فساله اهلها
ان يحدثهم بشي‏ء من فضائل معاوية فقال: اما يكفي معاوية‏ان
يذهب راسا براس حتى يروى له فضائل ؟ فقاموا اليه فجعلوا
يطعنون في خصيتيه حتى اخرج من المسجد الجامع،فقال:
اخرجوني الى مكة. فاخرجوه وهو عليل فتوفى بمكة مقتولا
شهيدا((216)).
وقال ابن تيمية في منهاجه (2/207): طائفة وضعوا لمعاوية
فضائل ورووا احاديث عن النبي (ص) في ذلك كلها كذب.
وقال الفيروزآبادي في خاتمة كتابه سفر السعادة، والعجلوني
في كشف الخفاء((217)) (ص‏420): باب فضائل معاوية ليس
فيه‏حديث صحيح.
وقال العيني في عمدة القاري((218)): فان قلت: قد ورد في
فضله يعني معاوية‏احاديث كثيرة. قلت: نعم، ولكن ليس
فيهاحديث صحيح يصح من طرق الاسناد، نص عليه اسحاق بن
راهويه والنسائي وغيرهما، فلذلك قال يعني البخاري :باب
ذكر معاوية. ولم يقل: فضيلة ولا منقبة.
وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة((219)): اتفق الحفاظ
على انه لم يصح في فضل معاوية حديث.
نعم ، ان الغلو في حب الرجل خلق له فضائل مفتراة تبعد جدا
عن ساحة النبي الاقدس (ص) ان يبوح بشي‏ء منها، وانمايد
الافتعال نسجت له على نول ما نسجته لبقية الخلفاء مناقب
تندى منها جبهة الانسانية، والف محمد بن عبدالواحد ابوعمر
غلام ثعلب جزءا في فضائل هذا الانسان المحشو رداؤه بالرذائل.
قال ابن حجر في لسان الميزان((220)) (1/374):اسحاق بن
محمد السوسي ذاك الجاهل الذي اتى بالموضوعات السمجة
في فضائل معاوية رواها عبيد اللّه السقط‏ي عنه‏فهو المتهم بها
او شيخه.
فنحن نجمع هاهنا شتات جملة من تلكم الاكاذيب التي
خلقتها او اختلقتها يد الوضع الاثيمة في مناقب الرجل
ممامرالايعاز اليه، وما لم نذكره بعد، ونجعلها بين يدي القارئ
النابه الحر ، وله القضاء بالحق، واللّه المستعان، الا وهي:
1 عن انس مرفوعا: لا افتقد احدا من اصحابي غير معاوية بن
ابي سفيان لا اراه ثمانين عاما، فاذا كان بعد ثمانين‏عامايقبل
الي على ناقة من المسك الاذفر حشوها من رحمة اللّه ، قوائمها
من الزبرجد، فاقول: معاوية ؟ فيقول: لبيك يامحمد ! فاقول:
اين كنت من ثمانين عاما؟ فيقول: كنت في روضة تحت عرش
ربي يناجيني واناجيه، ويحييني واحييه‏ويقول: هذا عوض مما
كنت تشتم في دار الدنيا.
راجع الجزء الخامس (ص‏254) الطبعة الاولى، (ص‏298)
الطبعة الثانية.
2 عن انس مرفوعا: هبط علي جبريل ومعه قلم من ذهب ابريز
فقال: ان العلي الاعلى يقرئك السلام ويقول لك: حبيبي‏قد
اهديت هذا القلم من فوق عرشي الى معاوية بن ابي سفيان
فاوصله اليه ومره ان يكتب آية الكرسي بخطه بهذا
القلم‏ويشكله ويعجمه ويعرضه عليك، فاني قد كتبت له من
الثواب بعدد كل من قرا آية الكرسي من ساعة يكتبها الى
يوم‏القيامة. فقال رسول اللّه (ص): من ياتيني بابي عبدالرحمن
؟ فقام ابو بكر الصديق ومضى حتى اخذ بيده وجاءا جميعا
الى‏النبي(ص)، فسلموا عليه فرد عليهم السلام ثم قال لمعاوية:
ادن مني يا ابا عبدالرحمن! ادن مني يا ابا عبدالرحمن ! فدنا
من‏رسول اللّه (ص) فدفع اليه القلم ثم قال له: يا معاوية هذا
قلم اهداه اليك ربك من فوق العرش لتكتب به آية
الكرسي‏بخطك وتشكله وتعجمه وتعرضه علي. فاحمد اللّه
واشكره على ما اعطاك، فان اللّه قد كتب لك من الثواب بعدد
من قراآية الكرسي من ساعة تكتبها الى يوم القيامة. فاخذ القلم
من يد النبي (ص) فوضعه فوق اذنه فقال رسول اللّه
(ص):اللهم انك تعلم اني قد اوصلته اليه. ثلاثا. فجثا معاوية
بين يدي النبي (ص) ولم يزل يحمد اللّه على ما اعطاه من
الكرامة‏ويشكره، حتى اتي بطرس ومحبرة فاخذ القلم ولم يزل
يخط به آية الكرسي احسن ما يكون من الخطحتى كتبها
واشكلهاوعرضها على النبي(ص). قال رسول اللّه (ص): يا
معاوية ان اللّه قد كتب لك من الثواب بعدد كل من يقرا آية
الكرسي‏من ساعة كتبتها الى يوم القيامة.
راجع الجزء الخامس (ص‏259) الطبعة الاولى (ص‏304) الطبعة
الثانية.
3 عن جابر: ان رسول اللّه (ص) استشار جبريل في استكتاب
معاوية فقال: استكتبه فانه امين.
راجع الجزء الخامس (ص‏260) الطبعة الاولى، (ص‏305)
الطبعة الثانية.
4 عن عبادة بن الصامت: اوحى اللّه الى النبي (ص): استكتب
معاوية فانه امين مامون.
راجع الجزء الخامس (ص‏261) الطبعة الاولى، (ص‏305)
الطبعة الثانية.
5 عن انس مرفوعا: الامناء سبعة: اللوح والقلم واسرافيل
وميكائيل وجبريل ومحمد ومعاوية.
راجع الجزء الخامس ( ص‏262) الطبعة الاولى، (ص‏308)
الطبعة الثانية.
6 عن ابي هريرة مرفوعا: الامناء عنداللّه ثلاثة: انا وجبريل
ومعاوية.
راجع الجزء الخامس (ص‏261) الطبعة الاولى، (ص‏306)
الطبعة الثانية.
7 اخبر رجل عن رجل قال: اجتمع عشرة من بني هاشم
فغدوا على النبي (ص) فلما قضى الصلاة قالوا: يا رسول
اللّهغدونا اليك لنذكر لك بعض امورنا، ان اللّه قد تفضل بهذه
الرسالة فشرفك بها وشرفنا لشرفك وهذا معاوية بن ابي
سفيان‏يكتب الوحي فقد راينا ان غيره من اهل بيتك اولى به
لك منه. قال: نعم. انظروا في رجل غيره. قال: وكان الوحي
ينزل‏في كل اربعة ايام من عند اللّه الى محمد فاقام جبريل
اربعين يوما لا ينزل، فلما كان يوم اربعين هبط جبريل بصحيفة
فيهامكتوب:يامحمد ليس لك ان تغيرمن اختاره‏اللّه لكتابة
وحيه فاقره فانه امين، فاقره.
راجع الجزء الخامس (ص‏262) الطبعة الاولى، (ص‏307)
الطبعة الثانية.
8 عن واثلة مرفوعا: ان اللّه ائتمن على وحيه جبريل وانا
ومعاوية، وكاد ان يبعث معاوية نبيا من كثرة علمه وائتمانه‏على
كلام ربي، يغفر اللّه لمعاوية ذنوبه، ووقاه حسابه، وعلمه كتابه،
وجعله هاديا مهديا وهدى به.
راجع الجزء الخامس (ص‏262) الطبعة الاولى، (ص‏308)
الطبعة الثانية.
9 عن سعد: ان النبي (ص) قال لمعاوية: انه يحشر وعليه حلة
من نور ظاهرها من الرحمة، وباطنها من الرضا، يفتخر بهافي
الجمع لكتابة الوحي.
راجع الجزء الخامس (ص‏276) الطبعة الاولى، (ص‏324)
الطبعة الثانية.
10 عن عبداللّه بن عمر: ان جعفر بن ابي طالب اهدى الى
النبي (ص) سفرجلا فاعط‏ى معاوية ثلاث سفرجلات
وقال:تلقاني بهن في الجنة.
راجع الجزء الخامس (ص‏281) الطبعة الاولى، (ص‏329)
الطبعة الثانية.
قال ابن حبان((221)): موضوع. وقال الخطيب: حديث غير
ثابت. وقال ابن عساكر((222)): لا اصل له.
راجع اللالئ المصنوعة((223)) (1/422، 423).
11 عن عبداللّه بن عمر مرفوعا: الان يطلع عليكم رجل من
اهل الجنة، فطلع معاوية فقال: انت يا معاوية مني وانامنك،
لتزاحمني على باب الجنة كهاتين واشار باصبعيه.
ذكره الذهبي في الميزان((224)) (2/133) وقال: خبر باطل.
12 اخرج البخاري في تاريخه (4 قسم 2 ص‏180) عن اسحاق
بن يزيد عن محمد بن مبارك الصوري عن صدقة بن‏خالد عن
وحشي بن حرب بن وحشي عن ابيه عن جده قال: كان معاوية
ردف النبي (ص) فقال: يا معاوية ما يليني‏منك ؟ قال: بطني.
قال (ص): اللهم املاه علما وحلما.
وذكره الذهبي في الميزان((225)) (3/268).
قال الاميني : لو كان لهذه الرواية اعتبار ولو قليلا عند البخاري
لاخرجه في صحيحه، ولم يجعل باب ذكر معاوية خاليامن‏كل
فضيلة ومنقبة، وهو يعلم ان معاوية بكله فارغ عن العلم والحلم
فكيف يصدقها من يعرف الرجل بالجهل والغضب‏المرديين ؟
ولو كان رسول اللّه (ص) دعا على رجل بان يخلو بطنه من
العلم والحلم فهل كان هو غير بطن معاوية ؟ اي عمل
الرجل‏في ورده وصدره ينبئ عن الخلتين ؟ واي فرق فيهما
بين جاهليته الممقوتة وبين اسلامه المظلم ؟ فتلك وهذا
سواسية، وهوبينهما رهين جهله المبير وغضبه المهلك، فاذا
سالت عبادة بن الصامت الصحابي العظيم عن علمه فعلى
الخبير سقطت‏يقول لك: ان امه هند اعلم منه((226)) واذا
سالت‏شريكا عن حلمه فتسمع منه قوله: ليس بحليم من سفه
الحق وقاتل عليا((227)).وتقول ام المؤمنين عائشة((228)):
اين كان حلمه حين قتل حجرا واصحابه ؟ ويل له من حجر
واصحابه.
وقال شريك حين ذكر معاوية عنده بالحلم: هل كان معاوية الا
معدن السفه ؟ واللّه لقد اتاه قتل امير المؤمنين
وكان‏متكئافاستوى جالسا ثم قال: يا جارية غنيني فاليوم قرت
عيني. فانشات تقول:
الا ابلغ معاوية بن حرب
فلا قرت عيون الشامتينا
افي شهر الصيام فجعتمونا
بخير الناس طرا اجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا
وافضلهم ومن ركب السفينا
فرفع معاوية عمودا كان بين يديه فضرب راسها ونثر دماغها،
اين كان حلمه‏ذلك اليوم؟((229)) والذي جاء في بطن
معاوية‏من الحديث المتسالم عليه انما هو انه (ص)دعا عليه
وقال: «لا اشبع اللّه بطنه‏» واما غيره فحديث افك لا يؤبه به.
13 عن جابر: ان النبي (ص) اعط‏ى معاوية سهما وقال: هاك
حتى تلقاني به في الجنة. وفي لفظ عن ابي هريرة:
حتى‏توافيني به في الجنة.
رواه القاسم بن بهران((230)). قال ابن حبان((231)): لا يجوز
الاحتجاج به بحال. وقال ابن عدي: انه كذاب. وقال
الذهبي:موضوع((232)).
14 عن خارجة بن زيد عن ابيه مرفوعا: يا ام حبيبة ! للّه اشد
حبا لمعاوية منك كاني اراه على رفارف الجنة.
ميزان الاعتدال((233))(3/56)، قال الذهبي:خبر باطل اتهم
بوضعه محمد بن رجاء.
قال الاميني : وفي الاسناد: عبدالرحمن بن ابي الزناد، قال
يحيى بن معين((234)): ليس ممن يحتج به اصحاب الحديث،
ليس‏بشي‏ء، ضعيف. وقال صالح بن احمد عن ابيه:
مضطرب‏الحديث. وعن‏ابن المديني: كان عند اصحابنا ضعيفا.
وقال‏النسائي((235)): لا يحتج بحديثه، وكان يضعف لروايته
عن ابيه.
تهذيب التهذيب((236)) (6/170).
15 قال ابو عمرو الزاهد: اخبرني علي بن محمد بن الصائغ
عن ابيه انه قال: رايت الحسين وقد وفد على معاوية زائرا،فاتاه
في يوم جمعة وهو قائم على المنبر خطيبا، فقال له رجل من
القوم: يا امير المؤمنين ائذن للحسين يصعد المنبر، فقال
له‏معاوية: ويلك دعني افتخر، فحمد اللّه واثنى عليه ثم قال:
سالتك باللّه يا ابا عبداللّه اليس انا ابن بطحاء مكة ؟ فقال:
اي‏والذي بعث جدي بالحق بشيرا. ثم قال: سالتك باللّه يا ابا
عبداللّه اليس انا خال المؤمنين ؟ فقال: اي والذي بعث
جدي‏نبيا، ثم قال: سالتك باللّه يا ابا عبداللّه اليس انا كاتب
الوحي ؟ فقال: اي والذي بعث جدي نذيرا. ثم نزل معاوية
وصعدالحسين بن علي فحمد اللّه بمحامد لم يحمده الاولون
والاخرون بمثلها ثم قال: حدثني ابي عن جدي عن جبريل عن
اللّهتعالى: ان تحت قائمة كرسي العرش ورقة آس خضراء
مكتوب عليها: لا اله الا اللّه، محمد رسول‏اللّه، يا شيعة آل محمد
لاياتي احدكم يوم القيامة يقول: لا اله الا اللّه الا ادخله اللّه
الجنة، فقال له معاوية: سالتك باللّه يا ابا عبداللّه من
شيعة‏آل‏محمد ؟ فقال: الذين لا يشتمون الشيخين ابابكر وعمر،
ولايشتمون عثمان، ولا يشتمون ابي، ولايشتمونك يا معاوية !
اخرجه ابن عساكر في تاريخه((237)) (4/312، 313) وقال:
هذا حديث منكر ولا ارى اسناده متصلا الى الحسين.
قال الاميني : الا تعجب من حافظ يروي مثل هذا الحديث ويراه
منكرا غير مسند ؟ اليس في اسناده ابو عمرو الزاهدمحمد بن
عبدالواحد الذي الف من الاكاذيب جزءا في فضائل معاوية
ومنها هذه الاكذوبة الفاحشة ؟ اليس فيه علي بن‏محمد الصائغ
الذي قال [عنه] الخطيب في تاريخه (3/222): ضعيف جدا ؟ الا
يقول‏الحافظ: ان علي بن محمد الصائغ الذي‏يروي عنه ابو
احمد الجرجاني المتوفى (374) الذي يروي عن مالك
المتوفى (179) بواسطة كيف يروي ابوه عن الحسين‏السبط
(ع) الشهيد سنة (60) ؟! وكيف يعقل ادراكه معاوية وحضوره
في خطبته ؟!
وهل لا يابى لفظ الرواية صحتها ؟ هل تجتمع هي مع ما اسلفناه
من حديث رسول اللّه الثابت الصحيح، ومن حديث
اميرالمؤمنين والحسن السبط ومن حديث الحسين السبط
نفسه، ومع ما ثبت عنهم من كتاب او مقال في الرجل ؟
وهل‏يساعدها ما كان من سيرة معاوية في علي امير المؤمنين
طيلة حياته ؟ اقرا واحكم.
16 مرفوعا: يبعث معاوية عليه رداء من نور.
اخرجه ابن حبان((238)) من طريق جعفر بن محمد الانطاكي
وقال: خبر باطل((239)).
ميزان الاعتدال (1/193)، لسان الميزان (2/124)((240)). اقر
الذهبي وابن حجر بطلان الحديث وعدم ثقة الانطاكي.
17 اخرج ابو نعيم في الحلية (10/393) عن عبداللّه بن محمد
بن جعفر عن احمد بن محمد البزاز المدني عن ابراهيم
بن‏عيسى الزاهد عن احمد الدينوري عن عبدالعزيز بن يحيى
عن اسماعيل بن عياش عن عبدالرحمن بن عبداللّه بن دينار
عن‏ابيه عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه (ص): يطلع عليكم
رجل من اهل الجنة. فطلع معاوية، ثم قال من الغد مثل
ذلك‏فطلع معاوية، ثم قال من الغد مثل ذلك فطلع معاوية.
قال الذهبي: انه ليس بصحيح.
راجع لسان الميزان((241)) (2/213).
قال الاميني : احمد بن مروان الدينوري مالكي صاحب
المجالسة، صرح الدارقطني في غرائب مالك بانه يضع
الحديث.وذكر حديث: سبقت رحمتي غضبي. فقال: لايصح
بهذاالاسناد، والمتهم‏به احمدبن مروان،
وهوعندي‏ممن‏كان‏يضع‏الحديث.
لسان الميزان((242)) (1/309).
وفي الاسناد: عبدالعزيز بن يحيى، قال ابن ابي حاتم((243)):
سمع منه ابي ثم تركه وقال: لا احدث عنه، ضعيف. وقال
ابوزرعة: ليس بثقة وذكرته لابراهيم بن المنذر فكذبه، وذكرته
لابي مصعب فقلت: يحدث عن سليمان بن بلال، فقال:
كذاب‏انا اكبر منه وما ادركته. وقال العقيلي((244)): يحدث
عن الثقات بالبواطيل، ويدعي من الحديث ما لا يعرف به غيره
من‏المتقدمين عن مالك وغيره. وقال ابن عدي((245)):
ضعيف جدا وهو يسرق حديث الناس.
ميزان الاعتدال (2/140)، تهذيب التهذيب (6/363)((246)).
وفيه: اسماعيل بن عياش، قال يحيى بن معين((247)): ليس
به في اهل الشام باس، والعراقيون يكرهون حديثه. وقال
الاسدي:اذا حدث عن الحجازيين والعراقيين خلط ما شئت.
وقال الجوزجاني: اروى الناس عن الكذابين. وقال ابن خزيمة:
لايحتج به. وقال ابن المبارك لا استحلي حديثه، وضعف روايته
عن غير الشاميين ايضا النسائي((248)) وابو احمد الحاكم
والبرقي‏والساجي. وقال الحاكم: اذا انفرد بحديث لم يقبل‏منه
لسوء حفظه. وقال ابن حبان((249)): كان من الحفاظ
المتقنين في حديثهم‏فلما كبر تغير حفظه، فما حفظ في صباه
وحداثته اتى به على جهته، وما حفظ على الكبر من حديث
الغرباء خلط فيه،وادخل الاسناد في الاسناد، والزق المتن
بالمتن وهو لا يعلم، فمن كان هذا نعته حتى صار الخطا في
حديثه يكثر خرج عن‏حد الاحتجاج به.
ميزان الاعتدال (1/112)، تهذيب التهذيب (1/324
326)((250)).
وفيه: عبدالرحمن بن عبداللّه بن دينار، ضعفه ابن
معين((251)). وقال ابو حاتم((252)) : فيه لين يكتب حديثه
ولا يحتج به. وقال ابن‏عدي((253)): وبعض ما يرويه منكر لا
يتابع عليه وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء.
ميزان الاعتدال (2/109)، تهذيب التهذيب (6/206)((254)).
18 اخرج الذهبي في الميزان وابن كثير في تاريخه((255))
(8/121) من طريق نصير عن ابي هلال محمد بن سليم حدثنا
جبلة‏عن رجل عن مسلمة بن مخلد ، ان النبي (ص) قال: اللهم
علم معاوية الكتاب، ومكن له في البلاد.
قال الذهبي: جبلة لا يعرف والخبر منكر بمرة. وقال ابن حجر
في اللسان((256)) (2/96): ولعل الافة في الحديث من
الرجل‏المجهول.
قال الاميني : لم لا تكن الافة من‏الرجل‏المعلوم‏محمدبن
سليم‏الكذاب، وقد ترجمه‏الذهبي‏في الميزان وابن حجر
في‏لسانه عن‏يحيى بن معين((257))بانه‏كان يكذب في
الحديث.
راجع((258)): الميزان (3/62) ولسان الميزان (5/192).
19 اخرج العقيلي((259)) من طريق بشر بن بشار السمسار،
عن عبداللّه بن بكار المقري من ولد ابي موسى الاشعري،
عن‏ابيه عن جده، عن ابي موسى (رضى‏ا...عنه)، قال: دخل
النبي (ص) على ام حبيبة وراس معاوية في حجرها فقال
لها:اتحبينه ؟ قالت: ومالي لا احب اخي ؟ قال: فان اللّه ورسوله
يحبانه.
قال العقيلي عبداللّه بن بكار مجهول النسب وروايته غير
محفوظة. وقال الذهبي في الميزان: غير صحيح.
راجع((260)): ميزان الاعتدال (2/26)، لسان الميزان (3/263)
وبشر السمسار ليس في الجهالة والنكارة اقل من نسب ابن‏بكار.
20 عن انس مرفوعا: ائتمن اللّه على وحيه جبرئيل ومحمدا
ومعاوية.
زيفه الذهبي لمكان محمد بن احمد البلخي الضعيف سارق
الحديث الذي لم يكن من اهل الحديث.
راجع((261)): ميزان الاعتدال (3/15)، لسان الميزان (5/34).
21 مرفوعا: ان معاوية يبعث نبيا من علمه وائتمانه على كلام
ربي.
ذكره الذهبي من طريق محمد بن الحسن وقال: روى عنه
اسحاق بن محمد السوسي احاديث مختلقة في فضل
معاوية،ولعله النقاش صاحب التفسير فانه‏كذاب، او هو آخر من
الدجاجلة.
راجع((262)): ميزان الاعتدال (3/43)، لسان الميزان
(5/125).
وفي اللسان((263)) (1/374): اسحاق بن محمد السوسي ذاك
الجاهل الذي اتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية
رواهاعبيداللّه بن محمد بن احمد السقط‏ي عنه، فهو المتهم
بها او شيوخه المجهولون.
22 اخرج البخاري في تاريخه (4 قسم 1 ص‏328) من طريق
عمرو بن واقد الدمشقي، عن يونس الدمشقي، عن ابي‏ادريس
الدمشقي، عن عمير بن سعد نزيل دمشق قال: لا تذكروا معاوية
الا بخير فاني سمعت رسول اللّه (ص) يقول: اللهم‏اهده.
قال الاميني : عمرو بن واقد الدمشقي كان ممن لا يشك شيوخ
الحديث انه يكذب، وانه ليس بشي‏ء، وانه ضعيف منكرالحديث،
وانه يقلب الاسانيد، وان احاديثه معضلة منكرة، استحق
الترك((264)).
الم يك في الحواضر الاسلامية من رجال الحديث من قرع
سمعه نبا هذه الافيكة ؟ فلماذا خصت بالشام، وسلسلت
حلقة‏اسنادها بالشاميين فحسب ؟ انت تدري لماذا.
23 اخرج ابن كثير في تاريخه((265)) (8/120) من طريق
المسيب بن واضح عن ابن عباس قال: اتى جبريل الى رسول
اللّه(ص) فقال: يا محمد اقرئ معاوية‏السلام واستوص به خيرا،
فانه امين اللّه على كتابه ووحيه ونعم الامين.
قال الاميني : قال الدارقطني: المسيب بن واضح ضعيف، قال
ابن عدي((266)): قلت لعبدان: ايهما احب اليك: عبدالوهاب
بن‏الضحاك او المسيب بن واضح ؟ فقال: كلاهما سواء.
وعبدالوهاب من الكذابين الوضاعين المعروفين، متروك
ضعيف‏جداكثير الخطا والوهم((267)).
واخرجه الطبراني في الاوسط، قال: حدثنا علي بن سعيد
الرازي، حدثنا محمد بن فطر الراملي، حدثنا مروان بن
معاوية‏الفزاري، عن عبدالملك بن ابي سليمان، عن عطاء بن
ابي رباح عن ابن عباس.
وذكره الهيثمي في المجمع (9/357) وقال: فيه محمد بن
فطر ولم اعرفه، وعلي ابن سعيد الرازي فيه لين، وحكاه
السيوط‏ي‏باسناده في اللالئ المصنوعة (1/419) وقال: اما
مروان والراوي عنه فلم ار من ترجمهما لا في الثقات ولا في
الضعفاء.
قال الاميني: علي بن سعيد الرازي هو الذي قال الدارقطني لما
سئل عنه: ليس في حديثه بذاك وسمعت بمصر: انه كان
والي‏قرية وكان يطالبهم بالخراج فما يعطونه فيجمع الخنازير
في المسجد. فقيل: كيف هو في الحديث ؟ قال: حدث باحاديث
لم‏يتابع عليها. ثم قال: في نفسي منه، وقد تكلم فيه اصحابنا
بمصر، واشار بيده وقال هو كذا وكذا ونفض بيده يقول:
ليس‏بثقة.
لسان الميزان((268)) (4/231).
لقد اوقفناك فيما سلف (5/309)، على امانة الرجل على كل ما
تحسب انه امين‏عليه، ونزيدك هنا احفاء السؤال عن
معنى‏الامانة على كتاب اللّه ووحيه، اليست هي كلاءتهما عن
التحريف والعمل بمؤداهما والجري على مفادهما
والاخذبحدودهما، وقطع الايدي الاثيمة عن التلاعب بهما ؟
وهل كان معاوية الا ردءا بهذه كلها وقد قلب على الكتاب
والوحي‏ظهر المجن في كل وروده وصدوره، ووجه اليهما
نظرته الشزراء في حله ومرتحله ؟ وهل هو الا عدوهما الالد ؟
وصحائف‏تاريخه المظلم تطفح بهذه كلها، وان ما ذكرناه في
هذا الكتاب من نماذج ما اثبتته له الحقيقة وخلده الدهر مع
ذكره الشائن‏وحديثه المائن.
24 اخرج الطبراني عن احمد بن محمد الصيدلاني عن
السري عن((269)) عاصم‏عن عبداللّه بن يحيى بن ابي كثير
عن‏ابيه((270))هشام بن عروة عن عائشة، قالت: لما كان يوم ام
حبيبة من النبي (ص) دق الباب داق، فقال النبي (ص): انظروا
من‏هذا ؟ قالوا: معاوية. قال: ائذنوا له، فدخل وعلى اذنه قلم
يخط به، فقال: ما هذا القلم على اذنك يا معاوية ؟
قال:قلم‏اعددته للّه ولرسوله، فقال له: جزاك اللّه عن نبيك
خيرا، واللّه ما استكتبتك الا بوحي من اللّه، وما افعل من صغيرة
ولاكبيرة الا بوحي من اللّه، كيف بك لو قمصك اللّه قميصا ؟!
يعني من الخلافة فقامت ام حبيبة فجلست بين يديه وقالت:
يارسول اللّه: وان اللّه مقمصه قميصا ؟ قال: نعم. ولكن فيه
هنات وهنات. فقالت: يا رسول اللّه فادع اللّه له. فقال:
اللهم‏اهده‏بالهدى، وجنبه الردى، واغفر له في الاخرة والاولى.
قال الطبراني: تفر د به السري بن عاصم((271)).
قال الاميني : المتفرد بهذه الاكذوبة الفاحشة على رسول اللّه
(ص) هو احد الكذابين الوضاعين، راجع ما اسلفناه في
الجزءالخامس ص‏231 و (8/140).
ليت شعري هل بهذا القلم الذي يزعم معاوية انه اعده للّه
ولرسوله كان يكتب تلكم القوارص والقذائف الى مولانا
اميرالمؤمنين (ع) ؟! ويكتب الى عماله اوامره الباتة بلعن سيد
الوصيين صلوات اللّه عليه ولعن من يمت به من شبليه
الامامين‏السبطين وعظماء المؤمنين ؟ ويكتب الى امرائه
الجائرين بهدر دماء صلحاء الامة وشيعة اهل بيت الوحي (ع) ؟
وهل كان‏يكتب به احكامه الجائرة، وفتاواه النائية عن الحق
المبين، وآراءه الشاذة عن الكتاب والسنة، وكل ما يلفظه
بفم‏ويخطه‏بقلم من جرائر وجرائم؟
ثم هل استجيبت هذه الدعوة المعزوة الى صاحب الرسالة حتى
نعتقد في ابن هند اعتناق الهدى، والتجنب عن
الردى،والمغفرة له في الاخرة والاولى ؟ لكن‏موبقات معاوية
واصراره عليها تنبئنا عن انها لم تكن، اذ لو كانت لما عداها
الاجابة،وكان تلك الدعوة المزعومة المختلقة ذهبت ادراج
الرياح، وكانه (ص) دعا عليه بضد ما هو مذكورواستجيبت
دعوته.
على ان معاوية لو كان على الهدى متجنبا عن الردى للزم ان
يكون صاحب الخلافة الكبرى مولانا امير المؤمنين (ع)
على‏قدسه وطهارته خلوا من ذلك كله، لانه كان يناوئه
ويناجزه القتال، وكذلك حجر واصحابه، وكل صالح صحابي او
تابعي‏قتل‏تحت نيرظلم معاوية، هل‏يسع لمسلم ان يدعي
ذلك؟ غفرانك اللهم واليك المصير.
25 اخرج الطبراني عن يحيى بن عثمان بن صالح عن نعيم
بن حماد عن محمد ابن شعيب بن سابور عن مروان بن
جناح‏عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن عبداللّه بن بسر: ان
رسول اللّه (ص) استشار ابا بكر وعمر في امر فقال: اشيرواعلي.
فقالا: اللّه ورسوله اعلم، فقال: ادعوا معاوية. فقال ابو بكر وعمر:
اما في رسول اللّه ورجلين من رجال قريش مايتقنون امرهم
حتى يبعث رسول اللّه (ص) الى غلام من غلمان قريش ؟ فقال:
ادعوا لي معاوية. فدعي له فلما وقف بين‏يديه قال رسول اللّه
(ص): احضروه امركم، واشهدوه امركم فانه قوي امين. وزاد
نعيم: وحملوه امركم((272)).
رجال اسناده:
1 يحيى بن عثمان، كان يتشيع، وكان صاحب وراقة يحدث
من غير كتبه فطعن فيه لاجل ذلك.
تهذيب التهذيب((273)) (11/257).
2 نعيم بن حماد، كذاب وضاع. راجع الجزء الخامس
(ص‏269).
3 محمد بن شعيب، شامي اموي.
4 مروان بن جناح، شامي اموي، قال‏ابو حاتم((274)): لا
يحتج به وباخيه روح.
5 يونس بن ميسرة، شامي اعمى.
6 عبداللّه بن بسر، يعد في الشاميين وهو آخر من مات بالشام
من الصحابة.
هلم معي الى تعمية الجاهلين وتغرير بسطاء الامة بالتمويه على
الحقائق، قال ابن كثير في تاريخه((275)) بعد ذكر هذا
الحديث‏وعدة مما ذكرناه من الاباطيل في فضائل‏معاوية: ثم
ساق ابن عساكر احاديث كثيرة موضوعة بلا شك في فضل
معاوية،اضربنا عنها صفحا، واكتفينا بما اوردناه من الاحاديث
الصحاح والحسان والمستجادات عما سواها من
الموضوعات‏والمنكرات.
وقال بعد ذكر الحديث الرابع والعشرين الذي تفرد به السري
الكذاب الوضاع: وقد اورد ابن عساكر بعد هذا احاديث‏كثيرة
موضوعة، والعجب منه مع حفظه‏واطلاعه كيف لا ينبه عليها
وعلى‏نكارتها وضعف رجالها؟ واللّهالموفق‏للصواب.
ترى ابن كثير هاهنا يتحامل على ابن عساكر رجاء ان ينطلي
بذلك على الاغرار ما سرده من الاكاذيب الموضوعة‏ويزيف
جملة منها لاثبات بعضها الاخر. ذاهلا عن ان‏يد التنقيب تكشف
عما غطاه دجله غلوا منه في الفضائل.
26 اخرج ابن عساكر((276)) من طريق نعيم بن حماد عن
محمد بن حرب عن ابي بكر بن ابي مريم عن محمد بن زياد
عن‏عوف بن مالك الاشجعي، قال: بينما انا راقد في كنيسة
يوحنا وهي يومئذ مسجد يصلى فيها اذ انتبهت من نومي
فاذاباسد يمشي بين يدي، فوثبت الى سلاحي، فقال الاسد: مه،
انما ارسلت اليك برسالة لتبلغها، قلت: ومن ارسلك ؟ قال:
اللّهارسلني اليك لتبلغ معاوية السلام وتعلمه انه من اهل الجنة.
فقلت له: ومن معاوية ؟ قال: معاوية بن ابي سفيان((277)).
في الاسناد :
1 نعيم بن حماد، مر القول بانه كذاب وضاع.
2 محمد بن زياد هو الحمصي، شامي ناصبي من الداء اعداء
امير المؤمنين، وثقه ابن معين((278))، وقال: ثقة مامون،
وذكره‏ابن حبان في الثقات((279)) وقال: لا يعتد بروايته الا ما
كان من رواية الثقات عنه. وقال الحاكم: اشتهر عنه
النصب‏كحريز((280)) ابن عثمان.
تهذيب التهذيب((281)) (9/170).
3 ابو بكر بن ابي مريم، شامي عثماني، قال احمد والنسائي
والدارقطني‏وابن سعد((282)): ضعيف. وضعفه ابن
معين((283)). وقال‏ابو زرعة: ضعيف منكر الحديث. وقال ابو
حاتم((284)): ضعيف الحديث طرقه لصوص فاخذوا متاعه
فاختلط. وقال‏الجوزجاني: ليس بالقوي. وقال الدارقطني:
متروك.
تهذيب التهذيب((285)) (12/29).
قال ابن كثير((286)) بعد ذكر الحديث: وفيه ضعف وهذا
غريب جدا ولعل الجميع مناما((287)) ويكون قوله:اذ انتبهت
من نومي،مدرجا لم يضبطه ابن ابي مريم. واللّه اعلم.
قال الاميني : انا حائر سادر بين رسالة هذا الاسد الضاري
وبشارته معاوية بالجنة، وبين رسالة النبي المعصوم الذي
لاينطق عن الهوى، وبشارته معاوية بالنار ولعنه اياه.
وكذا بين رسالة الاسد وبين تلكم الصحاح التي جاءت عن الامام
المعصوم امير المؤمنين وعن عدول الصحابة او الصحابة‏العدول
في معاوية الخؤون مما اسلفناه في الجزء العاشر.
وكذا بين رسالة الاسد وبين ما جاء في الكتاب الكريم من عذاب
كل آثم اقترف سيئة واحاطت به خطيئته، ووعيد من‏حاد عن
حدود الاسلام بالنار ( ومن يتعد حدود اللّه فاولئك هم
الظالمون )((288))، ولا يستوي الحسنة ولا السيئة
ولاالمحسن‏ولا المسي‏ء.
وكذا بين رسالة الاسد وبين ما جاء عن نبي الاسلام في تلكم
البوائق الموبقة التي كان معاوية قد اقترفها وشوه بها
صحيفة‏تاريخه.
فماذا الذي خص معاوية برسالة الاسد اليه خاصة في كنيسة
يوحنا بعد رسالة محمد (ص) الخاتمة، بعد تلكم الانباءالصادقة
الواردة في الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة، بعد تلكم
البشائر السارة الجمة العامة لاهل الصلاح‏والفلاح؟
27 اخرج احمد((289)) ومسلم والحاكم وغيرهم من طريق
ابن عباس، قال: كنت العب مع الغلمان فاذا رسول اللّه (ص)
قدجاء فقلت: ما جاء الا الي، فاختبات على باب فجاءني فخطاني
خطاة او خطاتين((290)) ثم قال: «اذهب فادع لي معاوية‏»،قال:
فذهبت فدعوته له فقيل: انه ياكل، فاتيت رسول اللّه (ص)
فقلت: انه ياكل،فقال: «اذهب فادعه‏»، فاتيته الثانية‏فقيل: انه
ياكل فاخبرته، فقال في الثالثة: «لا اشبع اللّه بطنه‏» قال: فما
شبع بعدها((291)).
هذا الحديث ذكره ابن كثير في عد مناقب معاوية فقال: قد
انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه واخراه، اما في دنياه فانه
لماصار الى الشام اميرا، كان ياكل في اليوم سبع مرات يجاء
بقصعة فيها لحم كثير وبصل فياكل منها، وياكل في اليوم
سبع‏اكلات بلحم، ومن الحلوى والفاكهة شيئا كثيرا ويقول:
واللّه ما اشبع وانما اعيا، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها
كل‏الملوك.
واما في الاخرة فقد اتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه
البخاري((292))وغيرهما من غير وجه عن جماعة من‏الصحابة
، ان رسول‏اللّه(ص) قال: اللهم انما انا بشر فايما عبد سببته او
جلدته او دعوت عليه وليس لذلك اهلا فاجعل‏ذلك كفارة
وقربة تقربه بها عندك يوم القيامة. فركب مسلم من الحديث
الاول وهذا الحديث فضيلة لمعاوية، ولم يورد له‏غير
ذلك((293)).
قال الاميني : هنا يرتج علي القول في مساءلة هذا المدافع عن
ابن هند والناحت له فضيلة مركبة من رذيلة ثابتة
لمعاوية،وافيكة مفتراة على قدس صاحب الرسالة، انه هل عرف
النافع من الضار، فحكم بانتفاع معاوية بالدعوة المذكورة
في‏دنياه واخراه ؟ وانه هل عرف حدود الانسانية وكمال النفس
؟ ولا اظنه، والا لما حكم بان الذي كان يرغب فيه
معاوية‏وحسب انه يرغب فيه الملوك من كثرة الاكل وقوة
المعدة الى ذلك الحد الممقوت المساوق حد البهائم نعمة من
اللّه اتت ابن‏آكلة الاكباد ببركة دعوة النبي المعصوم (ص)، ولم
يعرف من سعادة الحياة الا ان يملا اكراشا جوفا واجربة سغبا،
وما ملاآدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم اكلات يقمن
صلبه، فان كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث
لشرابه،وثلث‏لنفسه((294)).
ثم ان الذي يتبين من تضاعيف الروايات وخصوصيات المقام ان
المورد مورد نقمة لا مورد رحمة، وانما الدعاء عليه لا له‏كيفما
تمحل ابن كثير، فقد طعن على الرجل ابو ذر الغفاري بقوله:
لعنك رسول اللّه ودعا عليك مرات ان
لاتشبع((295))واشتهرت عنه هذه المنقصة حتى جرت
مجرى المثل وقيل فيها:
وصاحب لي بطنه كالهاويه
كان في احشائه معاويه
وحديث مسلم((296)) الذي يلوح عليه لوائح الافتعال انما
اختلق لمثل هذه الغاية وتاويل ما اليها مما صدر عن
النبي‏الاقدس(ص) من طعن ولعن وسب وجلد ودعوة على من
يستحق كلها، وللدفاع عن اولياء الشيطان وفي الطليعة منهم
ابن ابي‏سفيان والمنع عن الوقيعة فيهم وغمزهم تاسيا برسول
اللّه (ص)، لفقوا مكابرات عجيبة في دلالة الالفاظ والنصوص
وان‏ذلك صدر منه (ص) لا عن قصد، او انه صدر عن نزعات
نفسية تقتضيها فطرة البشر، وقد ذهب على المغفلين انه
(ص)لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى، وانه لعلى خلق
عظيم، وان في كتابه الذي جاء به من ربه قوله تعالى:
(والذين‏يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد
احتملوا بهتانا واثما مبينا)((297)).
وقد صح عنه قوله (ص): «المسلم من سلم المسلمون من
لسانه ويده‏»((298)).
وقوله (ص): «المؤمن لا يكون لعانا»((299)).
وقوله (ص): «سباب المسلم فسوق‏»((300)).
وقوله (ص): «اني لم ابعث لعانا وانما بعثت رحمة‏»((301)).
وقوله (ص): «المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان‏»((302)).
وقوله (ص): «من ذكر امرا بشي‏ء ليس فيه ليعيبه به حبسه اللّه
في نار جهنم حتى ياتي بنفاد ما قال فيه‏»((303)).
هل هؤلاء القوم يصفون نبيا صح عندهم من حديث مسلم: انه
غضبت عائشة غ مرة، فقال لها رسول اللّه (ص): مالك‏جاءك
شيطانك ؟ فقالت: وما لك شيطان ؟ قال: بلى ولكني دعوت
اللّه فاعانني عليه فاسلم فلا يامرني الا بخير((304))؟
وهل يتكلمون عن نبي قال لعبداللّه بن عمرو بن العاص: «اكتب
عني في الغضب والرضا، فوالذي بعثني بالحق نبيا مايخرج منه
الا حق‏». واشار الى لسانه((305))؟
وقال عبداللّه بن عمرو: اكتب كل شي‏ء اسمعه من رسول اللّه
(ص) اريد حفظه‏فنهتني قريش وقالوا: تكتب كل شي‏ء
سمعته‏من رسول اللّه (ص) ورسول اللّه (ص) بشر يتكلم في
الغضب والرضا؟ فامسكت عن‏الكتاب، فذكرت ذلك
لرسول‏اللّه(ص) فاوما باصبعه الى فيه وقال: «اكتب، فوالذي
نفسي بيده ما خرج منه الا حق‏»((306)).
وكان (ص) كما وصفه امير المؤمنين (ع): «لا يغضب للدنيا فاذا
اغضبه الحق لم يعرفه احد ولم يقم لغضبه شي‏ء حتى‏ينتصر
له‏»((307)).
وهل يدنسون بهذا العزو المختلق لتبرير ذيل امثال ابن هند
ساحة نبي صح عنه (ص) قوله: «ان العبد اذا لعن‏شيئاصعدت
اللعنة الى السماء فتغلق ابواب السماء دونها، ثم تهبط الى
الارض فتغلق ابوابها دونها، ثم تاخذ يمينا وشمالا،فان لم تجد
مساغا رجعت الى الذي لعن، فان كان اهلا والا رجعت الى
قائلها»((308))؟
وهل يشوهون بها سمعة قداسة نبي كان يؤدب امته بداب اللّه،
وينهى اصحابه عن لعن كل شي‏ء حتى الدواب والبهائم‏والديك
والبرغوث والريح ؟ وكان يقول: «من لعن شيئا ليس له باهل
رجعت اللعنة عليه‏»((309)). وقال لرجل كان يسيرمعه فلعن
بعيره: «يا عبداللّه لا تسر معنا على بعير ملعون‏»((310)). وقال
لما لعنت جارية ناقتها: «لا تصاحبنا ناقة عليهالعنة‏». وفي حديث
المعتمر: «ايم اللّه لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من اللّه»((311)).
وكان (ص) يبالغ في الامر ويحذر الناس‏عنه حتى قال سلمة
بن الاكوع: كنا اذا راينا الرجل يلعن اخاه راينا ان قد اتى بابا من
الكبائر((312)).
دع الاباطيل ولا تشطط في القول فمن لعنه (ص) فهو ملعون،
ومن سبه فهو مستاهل لذلك، ومن جلده فان ذلك من‏شرعه
المبين، ومن دعا عليه اخذته الدعوة، وهل‏يجد ذو خبرة‏مصداقا
لتلك‏المزعمة‏المخزية‏ويسع‏له‏ان‏يستشهدبسب‏رسول‏اللّه(ص)
احدا من صلحاء امته كائنا من كان ممن لا يستحق السب او
بلعنه وجلده اياه ودعوته‏عليه ؟ حاشا النبي المبعوث لتتميم
مكارم الاخلاق من هذه الفرية الشائنة.
وان صحت هذه المزعمة لتطرق الوهن في افعاله واقواله وفي
قضائه وحدوده، فلا يعلم الانسان انها بحافز الهي، او اندفاع‏الى
شهوة واطفاء ثورة الغضب، واي نبي معصوم هذا ؟ وكيف تتبع
سنته ؟ ويقتفى اثره عندئذ ؟ وفي اي من حالتيه هومقتدى
البشر وحجة الخلق وقدوة الامم ؟ وما المائز بينه وبين امته
وكل يستحوذ عليه الغضب، ويقوده الهوى، وكان لاي‏احد اسوة
برسول اللّه (ص) ان يقول مثل ذلك حين يقع في المسلمين
بالسباب وينال منهم باللعن فتنقلب المعصية بتلك‏الدعوة
اللاحقة طاعة وبرا وكفارة وقربة.
ومن هنا بلغت القحة والصلف من ابن حجر الى ان تمسك بذيل
حديث مسلم المثبت ما لا يقبله العقل والمنطق وتاباه‏الاصول
الدينية المسلمة، فمنع بذلك عن لعن الحكم لعين رسول اللّه
وطريده وابنه الوزغ ابن الوزغ((313)).
وللقوم في هذا المقام تصعيدات وتصويبات، او قل: خرافات
ومخاز مثل ما حكي عن بعضهم((314)): ان ظاهر هذا
الحديث‏يعطينا اباحة تلكم المحظورات للنبي(ص) فحسب،
وعد السيوط‏ي((315)) من خصائص رسول اللّه(ص)
باب‏اختصاصه(ص)بجواز لعن من شاء بغير سبب ، وقال
القسطلاني((316)) (1/395): كان له (ص) ان يقتل بعد
الامان، وان يلعن من شاء بغيرسبب، وجعل اللّه شتمه ولعنه
قربة للمشتوم والملعون لدعائه (ع). الا يضحك ضاحك على
عقلية هذا الارعن ؟ وانه كيف‏يكون ذلك وقد فرض ان مصب
هاتيك الطعون مستوجب للرحمة والحنان بالدعوة اللاحقة
اياها ؟ فما المجوز لنبي الرحمة‏هتك ستار اولئك وفضحهم
على ملا من الاشهاد من غير استحقاق على مر الدهور ؟ وهل
الدعاء الاخير يرفع عنهم‏شية العار الملحقة بهم من الدعوة
الاولى ؟ وهل لاباحة تلكم الفواحش التي هي بذاتها فاحشة
وقبائح عقلية لا تقبل‏التخصيص لصاحب الرسالة معنى معقول
؟ وهل هتك حرمات المؤمنين مع حفظ الوصف لهم والمبدا
فيهم مما يستباح‏لاحد نبيا كان او غيره ؟! اما انا فلا اعرفه،
واحسب ان من ذهب الى ذلك ايضا مثلي في الجهل.
وهلا كان لرسول اللّه والحالة هذه ان ينص بعد ما سب من لا
يستحق او لعنه‏او جلده او دعا عليه، وبعد ما هدات ثورة‏غضبه
واطفا نيران سخطه على ان ذلك وقع في غير محله، حتى لا
يدنس ساحة الابرياء طيلة حياتهم بشية العار ووسمة‏الشنار، ولا
يشوه سمعة اناس نزهين في الملا الديني ابد الدهر ؟
وهلا كان للصحابة ان يستفهموا رسول اللّه (ص) جلية الحال
في كل تلكم الموارد ليعرفوا وجه ما اتى به من الهتيكة: هل‏وقع
في اهله ومحله ؟ حتى لا يتخذوا فعله مدركا مطردا في
الوقيعة والتحامل، ولا يزري احد احدا جهلا منه بالموضوع‏اقتفاء
لاثره (ص).
وهلا كان لمثل ابي سفيان ومعاوية والحكم ومروان وبقية
ثمرات الشجرة الملعونة في القرآن ونظرائهم الملعونين
بلسان‏النبي الاقدس ان يحتجوا برواية مسلم‏على من يعيرهم
بلعن رسول اللّه (ص) اياهم كعائشة ام المؤمنين وامير
المؤمنين‏وابي ذر ووجوه الصحابة غيرهم ؟
وهاهنا دقيقة اخرى وهي: ان اللعنات والطعون المتوجهة في
القرآن الكريم الى اناس عناهم الذكر الحكيم ونوه بذلك‏الصادع
الكريم (ص) هل هي من اللّه تعالى كما زعموه في النبي
الاقدس ومؤولة بمدائح ورحمات وقرب ؟! فهي الى
جلالة‏اولئك القوم وقداستهم ادل من كونهم ملعونين
مطرودين من ساحة رحمة اللّه تعالى، وهل اللّه سبحانه اعط‏ى
عهدا بذلك‏وآلى على نفسه ان يجعلها رحمة وزكاة وقربة ؟ ام
انها باقية على مداليلها التي هي ناصة عليها ؟! لا ادري ماذا
يقول‏القوم، هل يسلبون الحقائق عن الالفاظ القرآنية كما
سلبوها عن الالفاظ النبوية ؟! وفي ذلك ارتاج لباب التفاهم
وسدلطريق المحاورة، غير ان احمال الكلام لم تراقبها دائرة
المكوس، فللمتحذلق ان يقول ما شاء، وللثرثار ان يلهج بما
حبذه‏الهوى ولا يكترث. نعوذ باللّه من التقول بلا تعقل.
28 عن مسرة بن عبداللّه الخادم، قال: حدثنا كردوس بن
محمد الباقلاني عن يزيد بن محمد المروزي عن ابيه عن
جده،قال: سمعت امير المؤمنين عليا (رضى‏ا...عنه) يقول،
فذكر خبرا فيه: بينا انا جالس بين يدي رسول اللّه (ص) اذ
جاءمعاوية فاخذ رسول اللّه (ص) القلم من يدي فدفعه الى
معاوية، فما وجدت في نفسي اذ علمت ان اللّه امره بذلك.
ذكره ابن حجر في لسان الميزان((317)) (6/20) وعده من
موضوعات مسرة بن الخادم فقال: متن باطل واسناد مختلق.
واخرج الخطيب في تاريخه((318)) من طريق مسرة منقبة
لابي بكر وعمر فقال:هذا الحديث كذب موضوع
والرجال‏المذكورون في اسناده كلهم ثقات ائمة سوى مسرة
والحمل عليه فيه، على انه ذكر سماعه من ابي زرعة بعد موته
باربع‏سنين((319)).
29 عن انس مرفوعا: انا مدينة العلم وعلي بابها، ومعاوية
حلقتها((320)).
زيفه صاحب المقاصد، وابن حجر في الفتاوى الحديثية
(ص‏197)، والعجلوني في كشف الخفاء (1/204).
واكبر ظني ان مختلق هذه الخرافات لا يبتغي الا الاستهزاء بما
جاء عن النبي الاعظم من الفضائل في رجال لهم الكفاءة
لهاوحيا من اللّه العزيز، ولا يذهب على اي جاهل ان ابن هند لا
يقدس ساحة رجاسته الف تمحل، واختلاق الف حديث‏مثل
هذه، وهو بعد معاوية، وهو بعد ابن هند، وهو بعد هو هو.
30 اخرج الطبراني((321)) من طريق عبدالرحمن بن ابي
عميرة المزني ان النبي (ص) قال لمعاوية: اللهم علمه
الكتاب‏والحساب وقه العذاب.
وفي لفظ الترمذي((322)): اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به،
وبهذا اللفظ اخرجه ابن عساكر في تاريخه((323)) (2/106).
زيفه ابن عبدالبر في الاستيعاب((324)) وقال: لا يثبت. راجع
ما اسلفناه في الجزء العاشر (ص‏376).
31 عن عبدالرحمن بن‏ابي عميرة مرفوعا: يكون في
بيت‏المقدس بيعة هدى.
اخرجه ابن سعد((325)) عن الوليد بن مسلم عن شيخ من اهل
دمشق عن يونس ابن ميسرة بن جليس عن
عبدالرحمن((326)).
انظر الى سلسلة الشاميين في اسناد هذه المفتعلة: يروي
الوليد مولى بني امية‏عالم الشام الذي كان كثير الخطا، يروي
عن‏الكذابين ثم يدسها عنهم، روى الاوزاعي عن ضعفاء احاديث
مناكير فاسقطهم الوليد وصيرها من رواية الاوزاعي،وكان
رفاعا اختلط عليه ما سمع وما لم يسمع وكانت له
منكرات((327)) عن شيخ من اهل الشام لا يعرفه انس ولا
جان، عن‏يونس الاعمى الشامي الذي ادرك معاوية وروى عنه
واستمرا رضائخه، عن عبدالرحمن الذي لا تثبت احاديثه
ولاتصح صحبته كما قاله ابن عبدالبر.
افهل يروي مثل هذه الاضحوكة الا امثال هؤلاء ؟ وهل تروى الا
بمثل هذا الاسناد الوعر ؟ وهل تدري اي بيعة غاشمة‏يراها النبي
(ص) العياذ باللّه بيعة هدى ؟ هي ذلك الملك العضوض
الذي كان ينبئ عنه الصادع الكريم، ويحض‏اصحابه‏على قتال
صاحبه، بيعة الطليق ابن الطليق التي كانت قوامها البراءة عن
ولاية اللّه الكبرى ولاية امير المؤمنين التي جاءبها الكتاب
الكريم، واكمل اللّه بها الدين، واتم بها النعمة، وقرنها بولايته
وولاية رسوله (ص)، بيعة عمت شؤمهاالاسلام، وزرعت في
قلوب اهلها الاثام، وخلطت الحلال بالحرام، واباحت الاموال
والدماء للطلقاء واللعناء، وجرت‏الويلات على عترة محمد (ص)
وعلى امته حتى اليوم.
32 اخرج ابن عساكر((328)) قال: انبانا ابو بكر محمد بن
محمد، انبانا ابو بكر محمد بن علي، انبانا ابو الحسين احمد
بن‏عبداللّه، انبانا احمد بن ابي طالب، حدثني ابي، حدثني ابو
عمرو السعيدي، حدثنا علي بن روح، حدثنا علي بن
عبيدالعامري، حدثنا جعفر بن محمد وهو الانطاكي، حدثنا
اسماعيل بن عياش عن تمام بن نجيح الاسدي عن عطاء عن
ابن‏عمر قال: كنت مع النبي (ص) ورجلان من اصحابه فقال :
لو كان عندنا معاوية لشاورناه في بعض امرنا، فكانهما
دخلهمامن ذلك شي‏ء، فقال: انه اوحي الي ان اشاور ابن ابي
سفيان في بعض امري، واللّه اعلم((329)).
قال الاميني : في الاسناد جمع من المجاهيل، وفيه جعفر بن
محمد الانطاكي ليس‏بثقة((330)) واسماعيل بن عياش
الحمصي وثقه‏جماعة غير ان الجوزجاني قال: اما اسماعيل فما
اشبه حديثه بثياب نيسابور يرقم على الثوب المائة واقل
وشراؤه دون‏عشرة، وكان اروى الناس عن الكذابين.