ولادته ووفاته

  الغدير

ولادته ووفاته

ولد سيد الشعراء الحميري سنة (105) بعمان ((2-1112))، ونشا في البصرة في حضانة والديه الاباضيين، الى ان عقل وشعرفهاجرهما، واتصل بالامير عقبة بن سلم وتزلف لديه حتى مات والداه فورثهما كما مر (ص‏232 234)، ثم غادر البصرة‏الى الكوفة واخذ فيها الحديث عن الاعمش وعاش مترددا بينهما.

وتوفي في الرميلة ببغداد في خلافة الرشيد، وهذا هو المتسالم عليه، وكفن باكفان وجهها الرشيد باخيه، وصلى عليه اخوه‏علي بن المهدي ((2-1113)) وكبر خمسا على طريق الامامية، ووقف على قبره الى ان سطح بامر من الرشيد ودفن في‏ جنينة ((2-1114)) ناحية من الكرخ مما يلي قطيعة الربيع ((2-1115)).

اما سنة وفاته فقد ارخها المرزباني ((2-1116)) بسنة (173)، ونقلها القاضي المرعشي في مجالسه ((2-1117)) عن‏ خطالكفعمي ((2-1118)). وقال ابن حجر((2-1119)) بعد نقل التاريخ المذكور عن ابي الفرج: ارخه غيره سنة (178) وارخه ابن‏ الجوزي((2-1120)) سنة تسع.

روى المرزباني ((2-1121)) باسناده عن ابن ابي حردان قال: حضرت السى د ببغداد عند موته، فقال لغلام له: اذامت‏فات‏مجمع البصريين واعل مهم بموتي، وما اظن ه يجي‏ء منهم الا رجل او رجلان، ثم اذهب الى مجمع الكوفيين‏ فاعلمهم بموتي وانشدهم:

يا اهل كوفان اني وامق لكم / مذ كنت طفلا الى السبعين والكبر

اهواكم واواليكم وامدحكم / حتما علي كمحتوم من القدر

لحبكم لوصي المصطفى وكفى / بالمصطفى وبه من سائر البشر

والسيدين اولي الحسنى ونجلهم / سمي من جاء بالايات والسور

هو الامام الذي نرجو النجاة به / من حر نار على الاعداء مستعر

كتبت شعري اليكم سائلا لكم / اذ كنت انقل من دار الى حفر

ان لا يليني سواكم اهل بصرتنا / الجاحدون او الحاوون للبدر

ولا السلاطين ان الظلم حالفهم / فعرفهم صائر لا شك للنكر

وكفنوني بياضا لا يخالطه / شي‏ء من الوشي‏او من فاخر الحبر

ولا يشيعني النصاب انهم / شر البرية من انثى ومن ذكر

عسى الاله ينجيني برحمته / ومدحي الغرر الزاكين من سقر

فانهم ليسارعون الي ويكبرون ((2-1122)). فلما مات فعل الغلام ذلك، فما اتى من البصريين الا ثلاثة معهم ثلاثة اكفان وعطر، واتى من الكوفيين خلق عظيم معهم‏سبعون كفنا، ووجه الرشيد، باخيه علي وباكفان وطيب، فردت اكفان العامة عليهم وكفن في اكفان الرشيد، وصلى عليه‏علي ابن المهدي وكبر خمسا ووقف على قبره الى ان سطح ومضى، كل ذلك بامر الرشيد. وروي مجي‏ء الكوفيين بسبعين كفنا عن ابي العينا ((2-1123)) عن ابيه وزاد: فلما مات دفن بناحية الكرخ مما يلي قطيعة‏الربيع.

وفي حديث موته له مكرمة خالدة تذكر مدى الدهر، وتقرا في‏صحيفة التاريخ مع الابد. قال بشير بن عمار: حضرت وفاة‏السيد في الرميلة ببغداد، فوجه رسولا الى صف الجزارين الكوفيين يعلمهم بحاله ووفاته، فغلط الرسول فذهب الى‏صف‏السموسين (كذا) فشتموه ولعنوه، فعلم انه قد غلط، فعاد الى الكوفى ين يعلمهم بحاله ووفاته فوافاه سبعون كفنا.قال:وحضرنا جميعا وانه ليتحسر تحسرا شديدا وان وجهه لاسود كالقار وما يتكلم، الى ان افاق افاقة وفتح عينيه فنظر الى‏ناحية القبلة جهة النجف الاشرف ثم قال: يا امير المؤمنين، اتفعل هذا بوليك؟قالها ثلاث مرات مرة بعد اخرى. قال: فتجلى واللّه في جبينه عرق بياض، فما زال يتسع ويلبس وجهه حتى صار كله كالبدر، وتوفي فاخذنا في جهازه‏ودفناه في الجنينة ببغداد، وذلك في خلافة الرشيد.

الاغاني ((2-1124)) (7/277).

وقال ابو سعيد محمد بن رشيد الهروي: ان السيد اسود وجهه عند الموت، فقال: هكذا يفعل باوليائكم يا امير المؤمنين؟ قال: فابيض وجهه كانه القمر ليلة البدر، فانشا يقول:

احب الذي من مات من اهل وده / تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحك

ومن مات يهوى غيره من عدوه / فليس له الا الى النار مسلك

ابا حسن افديك نفسي واسرتي / ومالي وما اصبحت في‏الارض املك

ابا حسن اني بفضلك عارف / واني بحبل من هواك لممسك

وانت وصي المصطفى وابن عمه / فانا نعادي مبغضيك ونترك

ولاح لحاني في علي وحزبه / فقلت: لحاك اللّه انك اعفك

مواليك ناج مؤمن بين الهدى / وقاليك معروف الضلالة مشرك

رجال الكشي ((2-1125))(ص‏185)، امالي ابن‏ الشيخ ((2-1126))(ص‏31)، بشارة‏المصطفى ((2-1127)).

وقال الحسين بن عون: دخلت على السيد الحميري عائدا في علته التي مات فيها، فوجدته يساق به، ووجدت عنده‏جماعة من جيرانه وكانوا عثمانية، وكان السيد جميل الصورة رحيب الجبهة عريض ما بين السالفتين، فبدت في وجهه نكتة‏سوداء مثل‏النقطة من‏المداد، ثم لم‏تزل تزيد وتنمى حتى طبقت وجهه يعني اسودادا فاغتم لذلك من حضره من الشيعة،فظهر من الناصبة سرور وشماتة، فلم يلبث بذلك الا قليلا حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء، فلم تزل تزيدبياضا وتنمى حتى اسفر وجهه واشرق، وافتر السيد ضاحكا، وانشا يقول:

كذب الزاعمون ان عليا / لن ينجي محبه من هنات

قد وربي دخلت جنة عدن / وعفا لي الاله عن سيئاتي

فابشروا اليوم اولياء علي / وتولوا علي حتى الممات

ثم من بعده تولوا بنيه / واحدا بعد واحد بالصفات

ثم اتبع قوله هذا: اشهد ان لا اله الا اللّه حقا حقا، واشهد ان محمدا رسول اللّه حقا حقا ((2-1128))، واشهد ان عليا اميرالمؤمنين حقا حقا. اشهد ان لا اله الا اللّه. ثم غمض عينيه لنفسه فكانما كانت روحه ذبالة ((2-1129)) طفئت او حصاة‏سقطت.

امالي‏ الشيخ ((2-1130))(ص‏43)، مناقب ‏السروي ((2-1131)) (2/20)، كشف‏ الغمة ((2-1132)) (ص‏124).