الجواد قد يكبو

  الغدير

الجواد قد يكبو

لا ينقضي العجب، وكيف ينقضي من مثل ابي تمام العريق في المذهب، والعارف بنواميسه، والبصير باحوال رجالاته،ومالهم من مثر جمة، وجهود مشكورة، وهو جد عليم بما لاضدادهم من تركاض وهملجة في تشويه سمعتهم، واعادة‏تاريخهم المجيد المملوء بالاوضاح والغرر، الى صورة ممقوتة، محفوفة بشية العار، مشفوعة كل هاتيك بجلبة ولغط، وقدانطلت لديه امثلة من تلكم السفاسف حول رجل الهدى، الناهض المجاهد والبطل المغوار، المختار بن ابي عبيد الثقفي،فحسب ما قذفته به خصماؤه الالداء في دينه وحديثه ونهضته حقائق راهنة، حتى قال في رائيته المثبتة في ديوانه ((2-1445))(ص‏114):

والهاشميون استقلت عيرهم / من كربلاء باوثق الاوتار

فشفاهم المختار منه ولم يكن / في دينه المختار بالمختار

حتى اذا انكشفت سرائره اغتدوا / منه براء السمع والابصار

ومن عطف على التاريخ والحديث وعلم الرجال نظرة تشفعها بصيرة نفاذة، علم ان المختار في الطليعة من رجالات الدين‏والهدى والاخلاص، وان نهضته الكريمة لم تكن الا لاقامة العدل باستئصال شافة الملحدين، واجتياح جذوم ((2-1446))الظلم الاموي، وانه بمنتزح من المذهب الكيساني، وان كل ما نبزوه من قذائف وطامات لا مقيل لها من مستوى الحقيقة‏والصدق، ولذلك ترحم عليه الائمة الهداة سادتنا، السجاد والباقر والصادق صلوات اللّه عليهم ، وبالغ في الثناء عليه‏الامام الباقر(ع)، ولم يزل مشكورا عند اهل البيت الطاهر هو واعماله.

وقد اكبره ونزهه العلماء الاعلام منهم ((2-1447)): سيدنا جمال الدين بن طاووس في رجاله، وآية اللّه العلا مة في الخلاصة،وابن داود في الرجال ، والفقيه ابن‏نما فيما افرد فيه من رسالته المسماة بذوب النضار، والمحقق الاردبيلي في حديقة الشيعة،وصاحب المعالم في التحرير الطاووسي، والقاضي نوراللّه المرعشي في المجالس. وقد دافع عنه الشيخ ابو علي في منتهى‏المقال، وغيرهم.

وقد بلغ من اكبار السلف له ان شيخنا الشهيد الاول ذكر في مزاره زيارة تخص به، ويزار بها، وفيها الشهادة الصريحة‏بصلاحه ونصحه في الولاية واخلاصه في طاعة اللّه ومحبة الامام زين العابدين، ورضا رسول اللّه وامير المؤمنين صلوات‏اللّه عليهما وآلهما عنه، وانه بذل نفسه في رضا الائمة ونصرة العترة الطاهرة والاخذ بثارهم.

والزيارة هذه توجد في كتاب مراد المريد، وهو ترجمة مزار الشهيد للشيخ علي ابن الحسين الحائري، وصححها الشيخ‏نظام الدين الساوجي مؤلف نظام الاقوال، ويظهر منها ان قبر المختار في ذلك العصر المتقادم كان من جملة المزارات‏المشهورة عند الشيعة، وكانت عليه قبة معروفة كما في رحلة ابن بطوطة ((2-1448)) (1/138).

ولقد تصدى لتدوين اخبار المختار وسيرته وفتوحه ومعتقداته واعماله جماعة من الاعلام، فمنهم:

1 ابو مخنف لوط بن يحيى الازدي: المتوفى (157)، له كتاب اخذ الثار في المختار.

2 ابو المفضل نصر بن مزاحم المنقري الكوفي العطار: المتوفى (212)، له اخبار المختار.

3 ابو الحسن علي بن عبداللّه بن ابي سيف المدائني: المتوفى (215، 225)، له اخبار المختار.

4 ابو اسحاق ابراهيم بن محمد الثقفي الكوفي: المتوفى (283)، له اخبار المختار.

5 ابو احمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي: المتوفى (302)، له اخبار المختار.

6 ابو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق: المتوفى (381)، له كتاب المختار.

7 ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي: المتوفى (469)، له مختصر اخبار المختار.

8 ابو يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري الطالبي خليفة شيخنا المفيد، له اخبار المختار.

9 الشيخ احمد بن المتوج له الثارات او قصص الثار منظومة.

10 الفقيه نجم الدين جعفر الشهير بابن نما: المتوفى (645)، له ذوب النضار في شرح الثار، طبع برمته في المجلد العاشرمن البحار.

11 الشيخ علي بن الحسن العاملي المروزي، له قرة العين في شرح ثارات الحسين، فرغ منه (20) رجب سنة (1127).

12 الشيخ ابو عبداللّه عبد بن محمد، له قرة العين في شرح ثار الحسين، طبع مع نور العين ومثير الاحزان.

13 السيد ابراهيم بن محمد تقي، حفيد العلا مة الكبير السيد دلدار علي النقوي‏النصير آبادي، له نور الابصار في اخذالثار.

14 المولى عطاءاللّه بن حسام الهروي، له روضة المجاهدين، طبع سنة (1303).

15 المولى محمد حسين ابن المولى عبد اللّه الارجستاني، له ((2-حمله‏مختارية)).

16 الكاتب الهندي نواب علي نزيل لكهنو، له ((2-نظاره انتقام)) طبع في جزئين.

17 الحاج غلام علي بن اسماعيل الهندي، له ((2-مختار نامه)).

18 سيدنا السيد محسن الامين العاملي، له اصدق الاخبار في قصة الاخذ بالثار مطبوع.

19 السيد حسين الحكيم الهندي، له ترجمة ذوب النضار لابن نما.

20 السيد محمد حسين ابن السيد حسين بخش الهندي: المولود (1290)، له تحفة الاخيار في اثبات نجاة المختار.

21 الشيخ ميرزا محمد علي الاوردبادي، له سبيك النضار او شرح حال شيخ الثار في مائتين وخمسين صحيفة، وقد ادى‏فيه حق المقال، واغرق نزعا في‏التحقيق، ولم يبق في القوس منزعا، قرات كثيرا منه ووجدته فريدا في بابه لم‏يؤلف مثله،جزاه اللّه عن الحق والحقيقة خيرا. وله في المختار قصيدة على‏روي قصيدة ابي تمام، عطف فيها على مديحه اطراء صاحبه‏ومشاطره في‏الفضيلة ابراهيم بن مالك الاشتر، وهي:

يهنيك يا بطل الهدى والثار / ما قد حويت بمدرك الاوتار

لك عند آل محمد كم من يد / مشكورة جلت عن الاكبار

عرفتك مقبلة الخطوب محنكا / فيه جنان مهذب مغوار

اضرمت للحرب العوان لظ‏ى بها / اضحت بنو صخر وقود النار

واذقت نغل سمية باس الهدى / وامية كاس الردى والعار

فراوا هوانا عند ضفة خازر / بمهند عند الكريهة وار

فرقت جمعهم العرمرم عنوة / يوم الهياج بفيلق جرار

وفوارس من حزب آل المصطفى / اسد الوغى خواضة الاخطار

وبواسل لم تغرهم وثباتهم / الا بكل مدجج ثوار

لم يعرفوا الا الامام وثاره / فتشادقوا فيها بيا للثار

فتفرقت فرقا علوج امية / من كل زناء الى خمار

واخذت ثارا قبله لم تكتحل / علوية مذ ارزئت بالثار

وعمرت دورا هدمت منذ العدى / بالطف قد اودت برب الدار

عظم الجراح فلم يصب اعماقه / الا ك يا حييت من مسبار

في نجدة ثقفية يسطوبها / في الروع من نخع هزبر ضاري

الندب ((2-1449)) ابراهيم من رضخت له / الصيد الاباة بملتقى الاصار

من زانه شرف الهدى في سؤدد / وعلا يفوح بها اريج نجار

حشوالدروع اخو حجى من دونه / هضب الرواسي الشم في المقدار

ان يحكه فالليث في حملاته / والغيث في تسكابه المدرار

او يحوه فقلوب آل محمد / المصطفين السادة الابرار

ما ان يخض عند اللقا في غمرة / الا وارسب من سطا بغمار

او يمم الجلى بعزم ثاقب / الا ورد شواظها باوار

المرتدي حلل المديح مطارفا / والممتط‏ي ذللا لكل فخار

وعليه كل الفضل قصر مثلما / كل الثنا قصر على المختار

عن مجده ارج الكبا ((2-1450)) وحديثه / زهت الروابي عنه بالازهار

ومثر مثل النجوم عدادها / قد شفعت بمحاسن الاثار

وكفاه آل محمد ومديحهم / عما ينضد فيه من اشعار

اسفي على ان لم اكن من حزبه / وكمثلهم عند الكفاح شعاري

فهناك اما موتة ارجو بها / اجر الشهادة في ثناء جاري

او انني احظ‏ى بنيل المبتغى / من آل حرب مدركا اوتاري

واخوض في‏الاوساط منهم ضاربا / ثبج العدى بالمقضب البتار

ولاثكلن اراملا في فتية / نشاوا على الالحاد في استهتار

ومشيخة قد اورثوا كل الخنا / والعار اجرية من الكفار

لكن على ما في‏من مضض‏ الجوى / اذ لم اكن احمي هناك ذماري

لم تعدني تلك المواقف كلها / اذ ان ما فعلوا بها مختاري

فلقد رضيت بما اراقوا من دم / فيها لكل مذمم كفار

ولاشفين النفس منهم في غد / عند اشتباك الجحفل الموار

يوم ابن طه عاقد لبنوده / وجنوده تلتاح ((2-1451)) في اعصار

تشوي الوجوه لظ‏ى به نزاعة / لشوى الكماة بانصل وشفار

فهنالك ‏الظفر المريح جوى‏ الحشا / من رازح في كربه باسار

ويتم فيه القصد من عصب الولا / لبني الهدى كالسيد المختار

يا ايها الندب المؤجج عزمه / وامين آل المصطفى الاطهار

يا نجعة الخطب الملم وآفة الـ / ـكرب المهم وندحة ((2-1452)) الاوزار

لا غرو ان جهلت علاك عصابة / فالقوم في شغل عن الابصار

فلقد بزغت ذكا وهل يزري بها / ان تعش عنها نظرة الابصار

لك حيث مرتبع الفخار مباءة / ولمن قلاك مزلة الاغرار

ومبوء لك في جوار محمد / وملاذ عترته حماة الجار

فلئن رموك بمحفظ من افكهم / فالطود لا يلوى بعصف الذاري

او يجحدوك مناقبا ماثورة / مشكورة في الورد والاصدار

فلك الحقيقة والوقيعة لم تزل / عن قدس مجدك في شفير هار

فتهن محتبيا بسؤددك الذي / تزور عنه جلبة المهذار

خذها اليك قصيدة منضودة / من جوهر او من سبيك نضار

لم يحكها نجم السماء لانها / بزغت بشارقة من الاقمار

كلا ولا ضاهى محاسن نظمها / ما عن حطيئة جاء او بشار

هي غادة زفت اليك ولم يشن / اقبالها بدعارة ونفار

هبت عليك نسائم قدسية / حيت ثراك برحمة ويسار

وسقى لابراهيم مضطجع الهدى / ودق الغمام المرزم المكثار

ما نافح الروض النسيم مشفعا / سجع البلابل فيه شدو هزار

يتلو كما يتلى بكل صحيفة / مر العشي وكرة الابكار

10 دعبل الخزاعي الشهيد (246) تجاوبن بالارنان والزفرات نوائح عجم اللفظ والنطقات يخبرن بالانفاس عن سر انفس اسارى هوى ماض وآخر آت فاسعدن او اسعفن حتى تقوضت ((2-1453)) صفوف الدجى بالفجر منهزمات على العرصات الخاليات من المها سلام شج صب على العرصات ((2-1454)) فعهدي بها خضر المعاهد مالفا من العطرات البيض والخفرات ((2-1455)) ليالي يعدين الوصال على القلى ويعدي تدانينا على الغربات واذ هن يلحظن العيون سوافرا ويسترن بالايدي على الوجنات واذ كل يوم لي بلحظ‏ي نشوة يبيت بها قلبي على نشوات فكم حسرات هاجها بمحسر ((2-1456)) وقوفي يوم الجمع من عرفات الم تر للايام ما جر جورها على الناس من نقص وطول شتات ومن دول المستهزئين ومن غدا بهم طالبا للنور في الظلمات فكيف ومن انى بطالب زلفة الى اللّه بعد الصوم والصلوات سوى حب ابناء النبي ورهطه وبغض بني الزرقاء والعبلات وهند وما ادت سمية وابنها اولو الكفر في الاسلام والفجرات هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه ومحكمه بالزور والشبهات ولم تك الا محنة كشفتهم بدعوى ضلال من هن وهنات تراث بلا قربى وملك بلا هدى وحكم بلا شورى بغير هداة رزايا ارتنا خضرة الافق حمرة وردت اجاجا طعم كل فرات وما سهلت تلك المذاهب فيهم على الناس الا بيعة‏الفلتات ((2-1457)) وما قيل اصحاب‏السقيفة جهرة بدعوى تراث في الضلال نتات ((2-1458)) ولو قلدوا الموصى اليه امورها لزمت بمامون عن العثرات اخي خاتم‏الرسل المصفى من القذى ومفترس الابطال في الغمرات فان جحدوا كان الغدير شهيده وبدر واحد شامخ الهضبات وآي من القرآن تتلى بفضله وايثاره بالقوت في اللزبات وغر خلال ادركته بسبقها مناقب كانت فيه‏مؤتنفات ((2-1459)) القصيدة (121) بيتا ((2-1460))