الغدير في الكتاب والسنة والادب
الجزء التاسع

العلامة الشيخ عبدالحسين الاميني

بسم اللّه الرحمن الرحيم

يتضمن تراجم جمع من اعاظم الصحابة رجال الدعوة الصالحة.
والبحث عما لفقته يد الافتعال من‏التاريخ المزور. وما الفته
سماسرة الجهل والدجل من الكتب. والاعراب عن صحيح ما في
قصة‏قتيل الصحابة عثمان، واخفاق ما هنالك من جلبة ولغط،
اومكاء وتصدية. واللّه ولي التوفيق.
سبحانك ما كان ينبغي لنا ان نتخذ من دونك من اولياء ،
فالحق والحق اقول، حقيق علي ان لا اقول على اللّه الا الحق،

ومن الناس من يجادل في اللّه بغير علم ولا هدى ولا كتاب
منير، ولدينا كتاب ينطق‏بالحق، كتاب مصدق لسانا عربيا،
اذهب بكتابي هذا فالقه اليهم ثم تول عنهم، وقل جاء
الحق‏وزهق‏الباطل ان الباطل كان زهوقا، ولقد وصلنا لهم
القول لعلهم يتذكرون، وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من
ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم، انما كان قول المؤمنين اذا
دعوا الى اللّه ورسوله‏ل يحكم‏بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا،
الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم
اللّهواولئك هم اولوا الالباب، ويا قوم لا اسالكم عليه مالا ان
اجري الا على اللّه، لا اسالكم عليه اجرا الاالمودة في القربى، وما
علينا الا البلاغ المبين ، انما وليكم اللّه ورسوله والذين آمنوا
الذين يقيمون‏الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.
فالحمد للّه وسلام على المرسلين.
الاميني

بقية البحث في فضائل عثمان بن عفان

(42) الخليفة يخرج ابن مسعود من المسجد عنفا
اخرج البلاذري في الانساب ((1))(5/36) قال: حدثني عباس
بن هشام عن ابيه عن ابي مخنف وعوانة في‏اسنادهما: ان
عبداللّه بن مسعود حين القى مفاتيح بيت المال الى الوليد بن
عقبة قال: من غير غير اللّه ما به،ومن بدل اسخط اللّه عليه، وما
ارى صاحبكم الا وقد غير وبدل، ايعزل مثل سعد بن ابي وقاص
ويولى‏الوليد؟ وكان يتكلم بكلام لا يدعه وهو:
ان اصدق القول كتاب اللّه، واحسن الهدى هدى محمد (ص)،
وشر الامور محدثاتها، وكل محدث بدعة،وكل بدعة ضلالة،
وكل ضلالة في النار ((2)).
فكتب الوليد الى عثمان بذلك وقال: انه يعيبك ويطعن عليك،
فكتب اليه عثمان يامره باشخاصه، فاجتمع‏الناس فقالوا: اقم
ونحن نمنعك ان يصل اليك شي‏ء تكرهه، فقال: ان له علي حق
الطاعة ولا احب ان اكون‏اول من فتح باب الفتن. وفي لفظ ابي
عمر: انها ستكون امور وفتن لا احب ان اكون اول من
فتحها.فردالناس وخرج اليه ((3)).
قال البلاذري: وشيعه اهل الكوفة، فاوصاهم بتقوى اللّه ولزوم
القرآن، فقالوا له: جزيت خيرا فلقد علمت‏جاهلنا، وثبت عالمنا،
واقراتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم اخو الاسلام انت ونعم
الخليل. ثم‏ود عوه‏وانصرفوا.
وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر رسول اللّه
(ص)، فلما رآه قال: الا انه قد قدمت عليكم‏دويبة سوء، من
يمشي على طعامه يقي‏ء ويسلح، فقال ابن مسعود: لست كذلك
ولكني صاحب رسول اللّه(ص) يوم بدر ويوم بيعة الرضوان.
ونادت عائشة: اي عثمان اتقول هذا لصاحب رسول اللّه؟ ثم امر
عثمان‏به فاخرج من المسجد اخراجا عنيفا، وضرب به عبداللّه
بن زمعة ((4)) الارض، ويقال: بل احتمله يحموم آغلام
عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الارض فدق
ضلعه، فقال علي: «يا عثمان اتفعل هذابصاحب رسول اللّه
(ص) بقول الوليد ابن عقبة؟» فقال: ما بقول الوليد فعلت هذا
ولكن وجهت زبيد بن‏الصلت الكندي الى الكوفة فقال له ابن
مسعود: ان دم عثمان حلال، فقال علي: «احلت عن زبيد على
غيرثقة‏».
وفي لفظ الواقدي: ان ابن مسعود لما استقدم المدينة دخلها
ليلة جمعة، فلما علم عثمان بدخوله قال: يا ايهاالناس انه قد
طرقكم الليلة دويبة، من يمشي على طعامه يقي‏ء ويسلح، فقال
ابن مسعود: لست كذلك‏ولكنني صاحب رسول اللّه يوم بدر،
وصاحبه يوم بيعة الرضوان، وصاحبه يوم الخندق، وصاحبه
يوم‏حنين. قال: وصاحت عائشة: يا عثمان اتقول هذا لصاحب
رسول اللّه؟ فقال عثمان: اسكتي.. ثم قال لعبداللّهبن زمعة:
اخرجه اخراجا عنيفا، فاخذه ابن زمعة فاحتمله حتى جاء به باب
المسجد فضرب به الارض‏فكسر ضلعا من اضلاعه، فقال ابن
مسعود: قتلني ابن زمعة الكافر بامر عثمان.
قال البلاذري((5)): وقام علي بامر ابن مسعود حتى اتى به
منزله، فاقام ابن مسعود بالمدينة لا ياذن له عثمان في‏الخروج
منها الى ناحية من النواحي، واراد حين‏برئ الغزو، فمنعه من
ذلك وقال له مروان: ان ابن مسعودافسد عليك العراق، افتريد
ان يفسد عليك الشام؟ فلم يبرح المدينة حتى توفي قبل مقتل
عثمان بسنتين،وكان مقيما بالمدينة ثلاث سنين.
وقال قوم: انه كان نازلا على سعد بن ابي وقاص، ولما مرض ابن
مسعود مرضه الذي مات فيه اتاه عثمان‏عائدا فقال: ما تشتكي؟
قال: ذنوبي. قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي. قال: الا ادعو
لك طبيبا؟ قال:الطبيب امرضني. قال: افلا آمر لك بعطائك
((6))؟ قال: منعتنيه وانا محتاج اليه، وتعطينيه وانا مستغن
عنه؟ قال:يكون لولدك، قال: رزقهم على اللّه. قال: استغفر لي
يا ابا عبدالرحمن، قال: اسال‏اللّه ان ياخذ لي منك بحقي،واوصى
ان لا يصلي عليه عثمان. فدفن بالبقيع وعثمان لا يعلم. فلما
علم غضب وقال: سبقتموني به؟ فقال له‏عمار بن ياسر: انه
اوصى ان لا تصلي عليه. فقال ابن الزبير ((7)):
لا عرفنك بعد الموت تندبني
وفي حياتي ما زودتني زادي
وفي لفظ ابن كثير في تاريخه ((8)) (7/163): جاءه عثمان في
مرضه عائدا فقال له:
ما تشتكي؟ قال: ذنوبي. قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي.
قال: الا آمر لك بطبيب؟ قال: الطبيب امرضني.قال: الا آمر لك
بعطائك؟ وكان قد تركه سنتين فقال: لا حاجة لي. فقال:
يكون لبناتك من بعدك، فقال:اتخشى على بناتي الفقر؟ اني
امرت بناتي ان يقران كل ليلة سورة الواقعة، واني سمعت رسول
اللّه (ص)يقول: «من قرا الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة ابدا».
وقال البلاذري ((9)): كان الزبير وصي ابن مسعود في ماله
وولده، وهو كلم عثمان
في عطائه بعد وفاته حتى اخرجه لولده، واوصى ابن مسعود ان
يصلي عليه عمار بن ياسر، وقوم يزعمون‏ان عمارا كان وصيه،
ووصية الزبير اثبت.
واخرج البلاذري ((10)) من طريق ابي موسى القروي باسناده:
انه دخل عثمان على ابن مسعود في مرضه‏فاستغفر كل واحد
منهما لصاحبه، فلما انصرف عثمان قال بعض من حضر: ان دمه
لحلال. فقال ابن مسعود:ما يسرني انني سددت اليه سهما
يخطئه وان لي مثل احد ذهبا.
وقال الحاكم وابو عمر وابن كثير: اوصى ابن مسعود الى الزبير
بن العوام، فيقال: انه هو الذي صلى عليه‏ودفنه بالبقيع ليلا
بايصائه بذلك اليه ولم يعلم عثمان بدفنه، ثم عاتب عثمان
الزبير على ذلك، وقيل: بل صلى‏عليه عثمان، وقيل: عمار
. ((11))
وفي رواية توجد في شرح ابن ابي الحديد ((12)) (1/236): لما
حضره الموت قال: من يتقبل مني وصية اوصيه‏بها على ما
فيها؟ فسكت القوم وعرفوا الذي يريد. فاعادها، فقال عمار: انا
اقبلها، فقال ابن مسعود: ان لايصلي علي عثمان. قال: ذلك
لك. فيقال: انه لما دفن جاء عثمان منكرا لذلك، فقال له قائل:
ان عمارا ولي الامر.فقال لعمار: ما حملك على‏ان لم تؤذني؟
فقال: عهد الي ان لا اوذنك... الخ. وذكر كل ما رويناه عن
البلاذري مع زيادة، فراجع.
وفي لفظ اليعقوبي: اعتل ابن مسعود، فاتاه عثمان يعوده، فقال
له: ما كلام‏بلغني عنك؟ قال: ذكرت الذي‏فعلته بي، انك امرت
بي فوطئ جوفي فلم اعقل صلاة الظهر ولا العصر ومنعتني
عطائي. قال: فاني اقيدك‏من نفسي فافعل بي مثل الذي فعل
بك. قال: ما كنت بالذي افتح القصاص على الخلفاء. قال: فهذا
عطاؤك‏فخذه، قال: منعتنيه وانا محتاج اليه، وتعطينيه وانا
غني عنه، لا حاجة لي به، فانصرف.فاقام ابن مسعودمغاضبا
لعثمان حتى توفي. تاريخ اليعقوبي ((13)) (2/147).
واخرج محمد بن اسحاق عن محمد بن كعب القرظ‏ي: ان
عثمان ضرب ابن مسعود اربعين سوطا في دفنه اباذر. شرح ابن
ابي الحديد ((14)) (1/237).
وفي تاريخ الخميس (2/268): حبس عثمان عن عبداللّه بن
مسعود وابي ذر عطاءهما، واخرج اباذر الى‏الربذة وكان بها الى
ان مات. واوصى عبداللّه الى الزبير واوصاه ان يصلي عليه ولا
يستاذن عثمان‏لئلايصلي عليه، فلما دفن وصل عثمان ورثته
بعطاء ابيهم خمس سنين. واجاب بان عثمان كان مجتهدا ولم
يكن‏من قصده حرمانه، اما التاخير الى غاية ادبا، واما مع حصول
تلك الغاية او دونها وصل به ورثته ولعله‏كان انفع له.
وفي السيرة الحلبية ((15)) (2/87): من جملة ما انتقم به على
عثمان انه حبس عبداللّه بن مسعود وهجره، وحبس‏عطاء ابي
بن كعب، واشخص عبادة بن الصامت من الشام لما شكاه
معاوية، وضرب عمار بن ياسر وكعب‏بن عبدة ضربه عشرين
سوطا ونفاه الى بعض الجبال، وقال لعبدالرحمن بن عوف: انك
منافق... الخ.
قال الاميني : لعلك لا تستكنه هذه الجراة ولا تبلغ مداها حتى
تعلم ان ابن مسعود من هو، فهنالك تؤمن بان‏ما فعل به حوب
كبير لا يبرر فعل مرتكبه اي عذر معقول فضلا عن التافهات.
1 اخرج ((16)) مسلم وابن ماجة من طريق سعد بن ابي
وقاص، قال: نزل قوله‏تعالى: (ولا تطرد الذين يدعون‏ربهم
بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شي‏ء
وما من حسابك عليهم من شي‏ءفتطردهم‏فتكون من
الظالمين) ((17)).
في ستة نفر منهم عبداللّه بن مسعود.
راجع ((18)): تفسير الطبري (7/128)، المستدرك للحاكم
(3/319)، تاريخ ابن عساكر (6/100)، تفسير القرطبي(16/432،
433)، تفسير ابن كثير (2/135)، تفسير ابن جزي (2/10)،
تفسير الدر المنثور (3/13)، تفسيرالخازن (2/18)، تفسير
الشربيني (1/404)، تفسير الشوكاني (2/115).
2 اخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى ((19)) (3/108) طبع
ليدن، من طريق عبداللّه بن مسعود نزول قوله‏تعالى: (الذين
استجابوا للّه والرسول من بعد ما اصابهم القرح للذين احسنوا
منهم واتقوا اجر عظيم) ((20)). في‏ثمانية عشر رجلا هو
احدهم.
وذكر ابن كثير والخازن في تفسيرهما ((21)): ان ابن مسعود
ممن نزلت فيهم الاية.
3 ذكر الشربيني والخازن ((22)) نزول قوله تعالى: (امن هو
قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة) ((23)) في
ابن‏مسعود وعمار وسلمان. ياتي تفصيله بعيد هذا في ترجمة
عمار.
4 عن علي (ع) مرفوعا: «عبداللّه يوم القيامة في الميزان اثقل
من احد».
وفي لفظ: «والذي نفسي بيده لهما يعني ساقي ابن مسعود
اثقل في الميزان من احد».
وفي لفظ: «والذي نفسي بيده لساقا عبداللّه يوم القيامة اشد
واعظم من احد وحراء».
راجع ((24)): مستدرك الحاكم (3/317)، حلية الاولياء
(1/127)، الاستيعاب (1/371) صفة الصفوة (1/157)،تاريخ ابن
كثير (7/163)، الاصابة (2/370)، مجمع الزوائد للهيثمي
(9/289)، وقال: اخرجه احمد وابو يعلى‏والطبراني ورجالهم
رجال الصحيح غير ام موسى وهي ثقة، ورواه من طريق البزار
والطبراني، فقال ((25)):رجالهما رجال الصحيح، كنز العمال
(6/180، 181 و 7/55) نقلا عن الطبراني والضياء وابن
خزيمة‏وصححه.
5 عن علقمة وعمر في حديث عن رسول اللّه (ص): «من سره
ان يقراالقرآن غضا او رطبا كما انزل،فليقراه على قراءة ابن ام
عبد».
اخرجه ((26))
: ابو عبيد في فضائله، احمد، الترمذي، النسائي،
البخاري في‏تاريخه، ابن ابي خزيمة، ابن ابي داود،ابن الانباري،
عبدالرزاق، ابن حبان، الدارقطني، ابن عساكر، ابو نعيم، الضياء
المقدسي، البزار، الطبراني، ابويعلى، وغيرهم.
راجع ((27)): سنن ابن ماجة (1/63)، حلية الاولياء (1/124)،
مستدرك الحاكم (3/318)، الاستيعاب (1/371)،صفة الصفوة
(1/156)، طرح التثريب (1/85)، الاصابة (2/369)، مجمع
الزوائد (9/287)، كنز العمال(6/181).
6 عن ابي الدرداء مرفوعا في حديث: «رضيت لامتي ما رضي
اللّه لها وابن ام عبد، وسخطت لامتي ماسخط اللّه لها وابن ام
عبد».
اخرجه ((28)) البزار والطبراني، ورجال البزار ثقات كما قاله
الهيثمي في مجمع الزوائد (9/290)، ورواه الحاكم
في‏المستدرك (3/317، 318)، وابو عمر في الاستيعاب
(1/371) ويوجد في كنز العمال (6/181 و 7/56).
7 عن عبداللّه بن مسعود قال: قال لي رسول اللّه (ص): «آذنك
على ((29)) ان ترفع الحجاب وتسمع‏سوادي ((30)) حتى
انهاك‏». قال ابن حجر: اخرجه اصحاب الصحاح.
مسند احمد (1/388)، سنن ابن ماجة (1/63)، حلية الاولياء
(2/126)، الاستيعاب (1/371)، تاريخ ابن‏كثير (7/162)، الاصابة
(3/369) ((31)).
8 اخرج الترمذي ((32)) من طريق عبداللّه في حديث قال:
قال رسول‏اللّه (ص): «تمسكوا بعهد ابن‏ام‏عبد».
وفي لفظ احمد: «تمس كوا بعهد عمار، وما حدثكم ابن مسعود
فصدقوه‏».
راجع ((33)): مسند احمد (5/385)، حلية الاولياء (1/128)،
تاريخ ابن كثير (2/162)، الاصابة (2/369)، كنزالعمال (7/55).
9 سئل علي امير المؤمنين عن ابن مسعود، قال: «علم القرآن
وعلم السنة ثم انتهى وكفى به علما».
راجع ((34)): حلية الاولياء لابي نعيم (1/129)، المستدرك
للحاكم (3/318)، الاستيعاب (1/373)، صفة الصفوة(1/157).
10 اخرج الحاكم في المستدرك ((35)) (3/315) من طريق
حبة العرني قال: ان ناسا اتوا عليا فاثنوا على‏عبداللّه بن مسعود،
فقال: «اقول فيه مثل ما قالوا وافضل: من قرا القرآن واحل
حلاله، وحرم حرامه، فقيه‏في الدين، عالم بالسنة‏».
11 اخرج الترمذي ((36)) باسناد رجاله ثقات من طريق
حذيفة بن اليمان: ان اشبه الناس هديا ودلا وسمتابمحمد
(ص) عبداللّه.
وفي لفظ البخاري: ما اعرف احدا اقرب سمتا وهديا ودلا
برسول اللّه (ص) من ابن ام عبد، وزادالترمذي: ولقد علم
المحفوظون من اصحاب رسول اللّه (ص) ان ابن ام عبد اقربهم
الى اللّه زلفى. وفي لفظ‏ابي نعيم: انه من اقربهم وسيلة يوم
القيامة. وفي لفظ ابي عمر: سمع حذيفة يحلف باللّه: مااعلم
احدا اشبه دلاوهديا برسول‏اللّه(ص) من حين يخرج من بيته
الى ان يرجع اليه من عبداللّه بن مسعود، ولقد علم‏المحفوظون
من اصحاب محمد (ص) انه من اقربهم وسيلة الى اللّه يوم
القيامة.
وفي لفظ علقمة: كان يشبه بالنبي في هديه ودله وسمته.
راجع ((37)): صحيح البخاري كتاب المناقب، مسند احمد
(5/389)، المستدرك (3/315، 320)، حلية الاولياء(1/126،
127)، الاستيعاب (1/372)، مصابيح السنة (2/283)، صفة
الصفوة (1/156، 158)، تاريخ ابن‏كثير (7/162)، تيسير الوصول
(3/297) الاصابة (2/369)، كنز العمال (7/55).
12 اخرج ((38)) الشيخان والترمذي عن ابي موسى قال:
قدمت انا واخي من اليمن وما نرى ابن مسعود الاانه‏رجل من
اهل بيت النبي (ص) لما نرى من دخوله ودخول امه على
النبي (ص).
راجع ((39)): المستدرك للحاكم(3/314)،
مصابيح‏السنة(2/284)، تيسير الوصول (3/279) نقلا عن
الشيخين‏والترمذي، تاريخ ابن كثير (7/162)، مرآة الجنان
لليافعي (1/87)، الاصابة (2/369) قال: عند البخاري في‏التاريخ
بسند صحيح ((40)).
13 اخرج احمد في مسنده ((41)) (4/203) من طريق عمرو
بن العاصي قال:مات رسول اللّه (ص) وهو يحب‏عبداللّه بن
مسعود وعمار بن ياسر.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (9/290) بلفظ: مات رسول
اللّه (ص) وهو راض عنهما. حكاه عن احمدوالطبراني فقال:
رجال احمد رجال الصحيح. واخرجه ابن عساكر ((42)) من
طريق عثمان بن ابي العاص الثقفي‏كما في كنز العمال ((43))
(7/56).
14 اخرج البخاري ((44)) من طريق عبداللّه بن مسعود، قال:
اخذت من في رسول اللّه (ص) سبعين سورة‏وان زيد بن ثابت
لصبي من الصبيان. وفي لفظ: احكمتها قبل ان يسلم زيد بن
ثابت وله ذؤابة يلعب مع‏الغلمان. وفي لفظ: ما ينازعني فيها
احد ((45)).
حلية الاولياء (1/125)، الاستيعاب (1/373)، تهذيب التهذيب
(6/28) وصححه، كنز العمال (7/56)نقلاعن ابن ابي داود.
15 اخرج البغوي من طريق تميم بن حرام ((46))، قال:
جالست اصحاب رسول‏اللّه (ص) فما رايت احداازهد في الدنيا
ولا ارغب في الاخرة ولا احب الي ان اكون في صلاحه من ابن
مسعود، الاصابة لابن حجر(2/370).
واخرجه البخاري في تاريخه (1/قسم 2/ص‏152) ولفظه:
ادركت ابا بكر وعمر واصحاب محمد(ع) فمارايت احدا... الى
آخره.
16 عن عبيداللّه بن عبداللّه بن عتبة: كان عبداللّه صاحب
سواد رسول‏اللّه(ص) يعني سره. وعن ابي‏الدرداء: الم يكن فيكم
صاحب السواد عبداللّه؟ وعن عبداللّه بن شداد: ان عبداللّه كان
صاحب السوادوالوساد والسواك والنعلين ((47)).
راجع ((48)): طبقات ابن سعد (3/108)، حلية الاولياء
(1/126)، الاستيعاب (1/371)، صفة الصفوة (1/156)،طرح
التثريب (1/75).
17 عن ابي وائل، قال ابن مسعود: اني لاعلمهم بكتاب اللّه وما
انا بخيرهم‏وما في كتاب اللّه سورة ولا آية‏الا وانا اعلم فيم انزلت
ومتى نزلت. قال ابو وائل: فما سمعت احدا انكر ذلك عليه.
اخرجه ((49)) الشيخان والنسائي كما في تيسير الوصول
(3/279)، وابو عمر في الاستيعاب (1/372)، وذكره‏اليافعي في
مرآته (1/87).

هذا ابن مسعود
وهذا علمه وهديه وسمته وصلاحه وزلفته الى نبي العظمة
(ص)، اضف الى ذلك كله سابقته في الاسلام‏وهو سادس ستة،
وهجرته الى الحبشة ثم الى المدينة، وشهوده بدرا ومشاهد
النبي (ص) كلها، وهو احدالعشرة المبشرة بالجنة كما في رواية
ابي عمر في الاستيعاب، ولعلك لا تشك بعد سيرك الحثيث
في غضون‏السيرة والتاريخ في انه لم يكن له داب الا على نشر
علم القرآن وسنة الرسول وتعليم الجاهل، وتنبيه
الغافل،وتثبيت القلوب، وشد ازر الدين، في كل ذلك هو شبيه
رسول اللّه (ص) في هديه وسمته ودله، فلا تجد فيه‏مغمزا
لغامز، ولا محلا للمز لامز، وقد بعثه عمر الى الكوفة ليعلمهم
امور دينهم، وبعث عمارا اميرا وكتب‏اليهم: انهما من النجباء
من اصحاب محمد من اهل بدر، فاقتدوا بهما واسمعوا من
قولهما، وقد آثرتكم بعبد اللّهبن مسعود على نفسي ((50)). وقد
سمعت ثناء اهل الكوفة عليه بقولهم: جزيت خيرا، فلقد علمت
جاهلنا وثبت‏عالمنا، واقراتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم
اخو الاسلام انت ونعم الخليل.
كان‏ابن‏مسعود اول من‏جهر بالقرآن‏بمكة، اجتمع‏يوما اصحاب
رسول‏اللّه(ص) فقالوا: واللّه ما سمعت‏قريش هذا القرآن يجهر لها
به قط، فمن رجل يسمعهموه؟ فقال‏عبداللّه بن مسعود: انا.
قالوا: انا نخشاهم‏عليك، انما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من
القوم ان ارادوه، قال: دعوني فان اللّه سيمنعني، قال: فغدا
ابن‏مسعود حتى اتى المقام في الضحى، وقريش في انديتها،
حتى قام عند المقام ثم قرا: بسم اللّه الرحمن الرحيم آرافعا بها
صوته الرحمن علم القرآن. قال: ثم استقبلها يقرؤها، قال:
وتاملوه، فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن‏ام عبد؟ قال: ثم قالوا: انه
ليتلو بعض ما جاء به محمد(ص) فقاموا اليه، فجعلوا يضربون
في وجهه، وجعل‏يقرا حتى بلغ منها ما شاء اللّه ان يبلغ، ثم
انصرف الى اصحابه وقد اثروا في وجهه، فقالوا له: هذا
الذي‏خشينا عليك، فقال: ما كان اعداء اللّه اهون علي منهم
الان، ولئن شئتم لاغادينهم بمثلها غدا، قالوا: لا،حسبك قد
اسمعتهم ما يكرهون ((51)).
وقد هذبته تلكم الاحوال وكهربته، فلم يسق لمغضبة على
باطل، ولم يحده طيش الى غاية، فهو ان قال فعن‏هدى، وان
حدث فعن الصادع الكريم صدقا، وان جال ففي مستوى الحق،
وان صال فعلى الضلالة، وعرفه‏بذلك من عرفه من اول يومه،
وكان معظما مبجلا لدى الصحابة وكانوا يحذرون خلافه والرد
عليه ويعدونه‏حوبا. قال ابو وائل: ان ابن مسعود راى رجلا قد
اسبل ازاره فقال: ارفع ازارك. فقال: وانت يابن مسعودفارفع
ازارك. فقال: اني لست مثلك ان بساقي حموشة وانا آدم
الناس. فبلغ ذلك عمر، فضرب الرجل‏ويقول ((53)): ((52))
اترد على ابن مسعود ((54))؟
واخرج ابو عمر في الاستيعاب ((55)) (1/372) بالاسناد عن
علقمة قال: جاء رجل الى عمر وهو بعرفات‏فقال: جئتك من
الكوفة وتركت بها رجلا يحكي المصحف عن ظهر قلبه، فغضب
عمر غضبا شديدا وقال:ويحك ومن هو؟ قال:عبداللّه بن
مسعود. قال: فذهب عنه ذلك الغضب وسكن وعاد الى حاله،
وقال: واللّهما اعلم من الناس احدا هو احق بذلك منه.
فلماذا يحرم هذا البدري العظيم عطاءه سنين؟ ثم ياتيه من
سامه سوء العذاب وقد خالجه الندم ولات حين‏مندم متظاهرا
بالصلة فلا يقبلها ابن مسعود وهو في منصرم عمره، ويسال ربه
ان ياخذ له منه بحقه،ثم‏يتوج ه الى النعيم الخالد معرضا عن
الحطام الزائل، موصيا بان لا يصلي عليه من نال منه ذلك
النيل‏الفجيع.
لماذا فعل به هذا؟ ولماذا شتم على رؤوس الاشهاد؟ ولماذا
اخرج من مسجد رسول اللّه (ص) مهانا عنفا،ولماذا ضرب به
الارض فدقت اضالعه؟ ولماذا بطشوا به بطش الجبارين؟
كل ذلك لانه امتنع عن ان يبيح للوليد بن عقبة الخالع الماجن
من بيت مال‏الكوفة يوم كان عليه ما امر به،فالقى مفاتيح بيت
المال لما لم يجد من الكتاب والسنة وهو العليم بهما مساغا
لهاتيك الاباحة ولا لاثرة الامربها، وعلم انها سوف تتبعها من
الاعطيات التي لا يقرها كتاب ولا سنة، فتسلل عن عمله
وتنصل، وماراقه ان يبوء بذلك الاثم، فلهج بما علم، وابدى
معاذيره في القاء المفاتيح، فغاظ تلكم الاحوال داعية‏الشهوات،
وشاخص الهوى الوليد بن عقبة، فكتب في حقه ونم وسعى،
فكان من ولائد ذلك ان ارتكب من‏ابن مسعود ما عرفت، ولم
تمنع عن ذلك سوابقه في الاسلام وفضائله وفواضله وعلمه
وهديه وورعه‏ومعاذيره وحججه، فضلا على ان يشكر على ذلك
كله، فاوجب نقمة الصحابة على من نال ذلك منه،وانكار مولانا
امير المؤمنين (ع) وصيحة ام المؤمنين في خدرها، ولم تزل
البغضاء محتدمة على هذه وامثالهاحتى كان في مغبة الامر ما
لم يحمده خليفة الوقت وزبانيته الذين جروا اليه الويلات.
ولو ضرب المسيطر على الامر صفحا عن الفظاظة في الانتقام،
او اعار لنصح‏صلحاء الامة اذنا واعية، او لم‏يستبدل جراثيم
الفتن بمحنكي الرجال، او لم ينبذ كتاب اللّه وسنة نبيه وراء
ظهره، لما استقبله ما جرى عليه‏وعلى من اكتنفه من الواد
والهوان. لكنه لم يفعل ففعلوا، ولمحكمة العدل الالهي غدا
حكمها البات.
ولابن مسعود عند القوم مظلمة اخرى وهي جلده اربعين
سوطا في موقف آخر، لماذا كان ذلك؟ لانه دفن‏ابا ذر لما حضر
موته في حجته. وجد بالربذة في ذلك الوادي القفر الوعر ميتا
كان في الغارب والسنام من‏العلم والايمان.
وجد صحابيا عظيما كان رسول اللّه (ص) يقربه ويدنيه قد فارق
الدنيا.
وجد عالما من علماء المسلمين قد غادرته الحياة.
وجد مثالا للقداسة والتقوى، فتمثل امام عينيه تلك الصورة
المكبرة التي كان يشاهدها على العهدالنبوي.
وجد شبيه عيسى بن مريم في الامة المرحومة هديا وسمتا
ونسكا وزهدا وخلقا، طرده خليفة الوقت عن‏عاصمة الاسلام.
وجد عزيزا من اعزاء الصحابة على اللّه ورسوله وعلى المؤمنين
قد اودى على مستوى الهوان في قاعة المنفى‏مظلوما
مضطهدا.
وجد في قارعة الطريق جثمان طيب طاهر غريب وحيد نازح
عن الاوطان‏تصهره الشمس، وتسفي عليه‏الرياح، وذكر قول
رسول اللّه: «رحم اللّه اباذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويحشر
وحده‏».
فلم يدع العلم والدين ابن مسعود ومن معه من المؤمنين ان
يمروا على ذلك المنظر الفجيع دون ان يمتثلواحكم الشريعة
بتعجيل دفن جثمان كل مسلم، فضلا عن ابي ذر الذي بشر
بدفنه صلحاء المؤمنين رسول اللّه(ص)، فنهضوا بالواجب
فاودعوه في مقره الاخير والعيون عبرى، والقلوب واجدة على
ما ارتكب من‏هذا الانسان المبجل، فلما هبطوا يثرب نقم على
ابن مسعود من نقم على ابي ذر، فحسب ذلك الواجب الذي‏ناء
به ابن مسعود حوبا كبيرا، حتى صدر الامر بجلده اربعين
سوطا، وذلك امر لا يفعل بمن دفن زنديقا لطم‏جيفته فضلا
عن مسلم لم يبلغ مبلغ ابي ذر من العظمة والعلم والتقوى
والزلفة، فكيف بمثل ابي ذر وعاءالعلم، وموئل التقوى، ومنبثق
الايمان، وللعداء مفعول قد يبلغ اكثر من هذا.
اي خليفة هذا لم يراع حرمة ولا كرامة لصلحاء الامة وعظماء
الصحابة من البدريين الذين نزل فيهم‏القرآن، واثنى عليهم
النبي العظيم؟ وقد جاء في مجرم بدري ((56)) قوله (ص) لما
قال عمر: ائذن لي يا رسول‏اللّه فاضرب عنقه، فقال : مهلا يابن
الخطاب انه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل اللّه قد اطلع على
اهل بدرفقال: اعملوا ما شئتم فاني غافر لكم ((57)). واختلق
القوم حديثا لادخال عثمان في زمرتهم لفضلهم المتسالم‏عليه
عند الامة جمعاء، كان الرجل آلى على نفسه ان يطل على الامة
الداعية الى الخير، الامرة بالمعروف‏والناهية عن المنكر، بالذل
والهوان، ويسر بذلك سماسرة الاهواء من بني ابيه، فطفق
بمراده، واللّه من ورائهم‏حسيب.
والمدافع‏ان اعوزته المعاذيرتشبث بالطحلب فقال ((58)):
حداه الى ذلك الاجتهاد!ذلك العذر العام المصحح‏للاباطيل،
والمبرر للشنائع، والوسيلة المتخذة لاغراء بسطاء الامة، وذلك
قولهم بافواههم: (وان ربك‏ل يعلم‏ما تكن صدورهم وما
يعلنون) ((59)) (بل الانسان على نفسه بصيرة # ولو القى
معاذيره) ((60)).

(43) مواقف الخليفة مع عمار
((61))(5/48)بالاسناد من 1 اخرج‏البلاذري في‏الانساب
طريق ابي مخنف قال: كان في بيت المال بالمدينة سفط‏فيه
حلي وجوهر، فاخذ منه عثمان ما حلى به بعض اهله فاظهر
الناس‏الطعن عليه في ذلك وكلموه فيه‏بكلام‏شديد
حتى‏اغضبوه،فخطب فقال: لناخذن حاجتنا من هذا الفي‏ء وان
رغمت انوف اقوام. فقال له علي: اذاتمنع من ذلك ويحال
بينك‏وبينه. وقال‏عمار بن‏ياسر: اشهد اللّهان انفي‏اول‏راغم
من‏ذلك. فقال عثمان: اعلي يابن‏المتكاء ((62)) تجترئ؟
خذوه، فاخذ ودخل عثمان ودعا به فضربه حتى غشي عليه،
ثم‏اخرج فحمل حتى‏اتي به‏منزل‏ام سلمة زوج رسول‏اللّه(ص)
فلم يصل الظهر والعصر والمغرب،فلما افاق‏توضا وصلى وقال:
الحمدللّه ليس هذا اول يوم اوذينا فيه في اللّه. وقام هشام بن
الوليد بن المغيرة المخزومي وكان عمار حليفا لبني‏مخزوم،
فقال: يا عثمان‏اما علي‏فاتقيته وبني‏ابيه،واما نحن‏فاجترات
علينا وضربت‏اخانا حتى اشفيت به على‏التلف. اما واللّه لئن مات
لاقتلن به رجلا من بني امية عظيم السرة، فقال عثمان: وانك
لهاهنا يابن القسرية؟قال: فانهما قسريتان وكانت امه وجدته
قسريتين من‏بجيلة فشتمه عثمان‏وامر به فاخرج، فاتى ام
سلمة‏فاذا هي قد غضبت لعمار، وبلغ عائشة ما
صنع‏بعمار،فغضبت واخرجت شعرا من شعر رسول
اللّه(ص)وثوبا من ثيابه ونعلا من نعاله ثم قالت: ما اسرع ما
تركتم سنة‏نبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد!فغضب
عثمان غضبا شديدا حتى ما درى ما يقول، فالتج المسجد
((63)) وقال الناس: سبحان اللّه، سبحان اللّه،وكان عمرو بن
العاص واجدا على عثمان لعزله اياه عن مصر وتوليته اياها
عبداللّه بن سعد بن ابي سرح،فجعل يكثر التعجب والتسبيح.
وبلغ عثمان مصير هشام بن الوليد ومن مشى معه من
بني‏مخزوم الى ام سلمة وغضبها لعمار فارسل اليها: ماهذا
الجمع؟ فارسلت اليه: دع ذا عنك ياعثمان،ولاتحمل الناس في
امرك على ما يكرهون. واستقبح الناس‏فعله بعمار وشاع فيهم
فاشتد انكارهم له.
وفي لفظ الزهري كما في انساب البلاذري ((64)) (ص‏88):
كان في الخزائن سفط فيه حلي، واخذ منه عثمان فحلى‏به
بعض اهله، فاظهروا عند ذلك الطعن عليه وبلغه ذلك فخطب
فقال: هذا مال اللّه اعطيه من شئت وامنعه‏من شئت فارغم اللّه
انف من رغم، فقال عمار: انا واللّه اول من رغم انفه من ذلك.
فقال عثمان: لقد اجترات‏علي يابن سمية! وضربه حتى غشي
عليه، فقال عمار: ما هذا باول ما اوذيت في اللّه. واطلعت عائشة
شعرامن رسول (ص) ونعله وثيابا من ثيابه فيما يحسب وهب
ثم قالت: ما اسرع ما تركتم سنة نبيكم! وقال‏عمرو بن العاص:
هذا منبر نبيكم وهذه ثيابه وهذا شعره لم يبل فيكم وقد بدلتم
وغيرتم. فغضب عثمان حتى‏لم يدر ما يقول.
2 قال البلاذري في الانساب ((65)) (5/49): ان المقداد بن
عمرو وعمار بن ياسر وطلحة والزبير في عدة من‏اصحاب
رسول اللّه (ص) كتبوا كتابا عددوا فيه احداث عثمان، وخوفوه
ربه، واعلموه انهم مواثبوه ان لم‏يقلع، فاخذ عمار الكتاب واتاه
به‏فقرا صدرا منه، فقال له عثمان: اعلي تقدم من بينهم؟ فقال
عمار: لاني‏انصحهم لك. فقال: كذبت يابن سمية. فقال: انا واللّه
ابن سمية وابن ياسر. فامر غلمانه فمدوا بيديه ورجليه ثم‏ضربه
عثمان برجليه وهي في الخفين على مذاكيره، فاصابه الفتق،
وكان ضعيفا كبيرا فغشي عليه.
وذكره ابن ابي الحديد في الشرح ((66)) (1/239) نقلا عن
الشريف المرتضى من دون غمز فيه.
وقال ابو عمر في الاستيعاب ((67)) (2/422): وللحلف والولاء
اللذين بين بني مخزوم وبين عمار وابيه ياسر كان‏اجتماع بني
مخزوم الى عثمان حين نال من عمار غلمان عثمان ما نالوا من
الضرب، حتى انفتق له فتق في بطنه،ورغموا وكسروا ضلعا من
اضلاعه، فاجتمعت بنو مخزوم وقالوا: واللّه لئن مات لا قتلنا به
احدا غيرعثمان.

صورة مفصلة
قال ابن قتيبة: ذكروا انه اجتمع ناس من اصحاب رسول اللّه
(ص) كتبوا كتابا ذكروا فيه:
1 ما خالف فيه عثمان من سنة رسول اللّه وسنة صاحبيه.
2 وما كان من هبته خمس افريقية لمروان وفيه حق اللّه
ورسوله، ومنهم ذوو القربى واليتامى‏والمساكين.
3 وما كان من تطاوله في البنيان، حتى عدوا سبع دور بناها
بالمدينة دارا لنائلة ودارا لعائشة وغيرهما من‏اهله وبناته.
4 وبنيان مروان القصور بذي خشب، وعمارة الاموال بها من
الخمس الواجب للّه ولرسوله.
5 وما كان من افشائه العمل والولايات في اهله وبني عمه من
بني امية من احداث وغلمة لا صحبة لهم‏من الرسول ولا تجربة
لهم بالامور.
6 وما كان من الوليد بن عقبة بالكوفة اذ صلى بهم الصبح وهو
امير عليها سكران اربع ركعات ثم قال‏لهم: ان شئتم ان ازيدكم
ركعة ((68)) زدتكم.
7 وتعطيله اقامة الحد عليه وتاخيره ذلك عنه.
8 وتركه المهاجرين والانصار لا يستعملهم على شي‏ء ولا
يستشيرهم واستغنى برايه عن رايهم.
9 وما كان من الحمى الذي حمى حول المدينة.
10 وما كان من ادراره القطائع والارزاق والاعطيات على اقوام
بالمدينة ليست لهم صحبة من النبي آعليه الصلاة والسلام
ثم لا يغزون ولا يذبون.
11 وما كان من مجاوزته الخيزران الى السوط، وانه اول من
ضرب بالسياط ظهور الناس، وانما كان‏ضرب الخليفتين قبله
بالدرة والخيزران.
ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب في يد عثمان، وكان ممن حضر
الكتاب عمار بن ياسر والمقداد بن الاسودوكانوا عشرة، فلما
خرجوا بالكتاب ليدفعوه الى عثمان والكتاب في يد عمار جعلوا
يتسللون عن عمار حتى‏بقي وحده، فمضى حتى جاء دار
عثمان، فاستاذن عليه، فاذن له في يوم شات، فدخل عليه
وعنده مروان بن‏الحكم واهله من بني امية، فدفع اليه الكتاب
فقراه، فقال له: انت كتبت هذا الكتاب؟ قال:نعم. قال: ومن‏كان
معك؟ قال: معي نفر تفرقوا فرقا منك. قال: ومن هم؟ قال: [لا]
((69)) اخبرك بهم. قال: فلم اجترات‏علي من بينهم؟ فقال
مروان: يا امير المؤمنين،ان هذا العبد الاسود يعني عمارا قد
جرا عليك الناس،وانك ان قتلته نكلت به من وراءه. قال
عثمان: اضربوه. فضربوه وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه،
فغشي‏عليه، فجروه حتى طرحوه على باب الدار، فامرت به ام
سلمة زوج النبي عليه الصلاة والسلام فادخل‏منزلها وغضب
فيه بنو المغيرة وكان حليفهم، فلما خرج عثمان لصلاة الظهر،
عرض له هشام بن الوليد بن‏المغيرة فقال: اما واللّه لئن مات
عمار من ضربه هذا لاقتلن به رجلا عظيما من بني امية، فقال
عثمان: لست‏هناك. قال: ثم خرج عثمان الى المسجد فاذا هو
بعلي وهو شاك معصوب الراس، فقال له عثمان: واللّه يا
اباالحسن ما ادري اشتهي موتك ام اشتهي حياتك؟! فواللّه لئن
مت ما احب ان ابقى بعدك لغيرك، لاني لا اجدمنك خلفا،
ولئن بقيت لا اعدم طاغيا يتخذك سلما وعضدا ويعدك كهفا
وملجا، لا يمنعني منه الا مكانه منك‏ومكانك منه، فانا منك
كالابن العاق من ابيه، ان مات فجعه وان عاش عقه، فاما سلم
فنسالم واما حرب‏فنحارب، فلا تجعلني بين السماء والارض،
فانك واللّه ان قتلتني لا تجد مني خلفا، ولئن قتلتك لا اجد
منك‏خلفا، ولن يلي امر هذه الامة بادئ فتنة. فقال علي: ان في
ما تكلمت به لجوابا، ولكني عن جوابك مشغول‏بوجعي، فانا
اقول كما قال العبد الصالح (فصبر جميل واللّه المستعان‏على ما
تصف ون) ((70)) قال مروان: اناواللّه اذا لنكسرن رماحنا
ولنقطعن سيوفنا ولا يكون في هذا الامر خير لمن بعدنا، فقال
له عثمان: اسكت، ماانت وهذا؟ الامامة والسياسة ((71))
(1/29).
وذكره مختصرا ابن عبد ربه في العقد الفريد ((72)) (3/272)
نقلا عن ابي بكر بن ابي شيبة من طريق الاعمش،قال: كتب
اصحاب عثمان عيبه وما ينقم الناس عليه في صحيفة، فقالوا:
من يذهب بها اليه؟ قال عمار: انا.فذهب بها اليه، فلما قراها قال:
ارغم اللّه انفك، قال: وبانف ابي بكر وعمر، قال: فقام اليه فوطئه
حتى غشي‏عليه. ثم ندم عثمان، وبعث اليه طلحة والزبير
يقولان له: اختر احدى ثلاث: اما ان تعفو، واما ان تاخذالارش،
واما ان تقتص، فقال: واللّه لا قبلت واحدة منها حتى القى اللّه.
3 قال البلاذري في الانساب ((73)) (5/54): وقد روي ايضا:
انه لما بلغ عثمان موت ابي ذر بالربذة قال: رحمه‏اللّه. فقال
عمار بن ياسر: نعم فرحمه اللّه من كل انفسنا. فقال عثمان: يا
عاض اير ابيه اتراني ندمت على‏تسييره؟ وامر فدفع في قفاه
وقال: الحق بمكانه، فلما تهيا للخروج جاءت بنو مخزوم الى
علي فسالوه ان‏يكلم عثمان فيه، فقال له علي: «يا عثمان اتق
اللّه، فانك سيرت رجلا ((74)) صالحا من المسلمين فهلك
في‏تسييرك، ثم انت الان تريد ان تنفي نظيره‏» وجرى بينهما
كلام حتى قال عثمان: انت احق بالنفي منه. فقال‏علي: «رم
ذلك ان شئت‏» واجتمع المهاجرون فقالوا: ان كنت كلما كلمك
رجل سيرته ونفيته فان هذا شي‏ءلا يسوغ. فكف عن عمار.
وفي لفظ اليعقوبي: لما بلغ عثمان وفاة ابي ذر قال: رحم اللّه
اباذر. قال عمار: نعم رحم اللّه اباذر من كل‏انفسنا.فغلظ ذلك
على عثمان، وبلغ عثمان عن عم ار كلام، فاراد ان يسيره ايضا،
فاجتمعت بنو مخزوم الى علي بن‏ابي طالب (ع) وسالوه
اعانتهم، فقال علي: لا ندع عثمان ورايه. فجلس عمار في بيته،
وبلغ عثمان ماتكلمت‏بنو مخزوم فامسك عنه. تاريخ اليعقوبي
(2/150). ((75))
4 قال البلاذري في الانساب ((76)) (5/49): ان عثمان مر
بقبر جديد فسال عنه فقيل: قبر عبداللّه بن مسعود،فغضب
على عمار لكتمانه اياه موته اذ كان المتولي للصلاة عليه
والقيام بشانه فعندها وطئ عمارا حتى اصابه‏الفتق.
وذكره ابن ابي الحديد في شرحه ((77)) (1/239) نقلا عن
الشريف المرتضى من دون غمز فيه.
وفي لفظ اليعقوبي: توفي ابن مسعود وصلى عليه عمار بن
ياسر، وكان عثمان غائبا فستر امره، فلماانصرف راى عثمان
القبر فقال: قبر من هذا؟ فقيل: قبر عبداللّهابن مسعود، قال:
فكيف دفن قبل ان اعلم؟فقالوا: ولي امره عمار بن ياسر، وذكر
انه اوصى ان لا يخبر به، ولم يلبث الا يسيرا حتى مات المقداد
((78))،فصلى عليه عمار وكان اوصى اليه ولم يؤذن عثمان به،
فاشتد غضب عثمان على عمار وقال: ويلي على ابن‏السوداء، اما
لقد كنت به عليما. تاريخ اليعقوبي ((79)) (2/147).
وفي طبقات ابن سعد ((80)) (3/185) طبع ليدن: ان عقبة
بن عامر هو الذي قتل عمارا، وهو الذي كان ضربه‏حين امره
عثمان بن عفان.
قال الاميني : هذه افاعيل الخليفة في رجل نزل فيه القرآن
شهيدا على طمانينته بالايمان والرضا بقنوته آناءالليل ساجدا
وقائما يحذر الاخرة، في رجل هو اول مسلم اتخذ مسجدا في
بيته يتعبد فيه ((81))، في رجل تضافرالثناء عليه عن رسول
اللّه (ص) مشفوعا بالنهي المؤكد عن بغضه ومعاداته وسبه
وتحقيره وانتقاصه‏بالفاظ ستقف عليها ان شاء اللّه تعالى. وقد
اكبرته الصحابة الاولون ونقمت على من آذاه واغضبه
وابغضه‏وفعل به كل تلكم المناهي، ولم يؤثر عن عمار الا الرضا
بما يرضي اللّه ورسوله والغضب لهما والهتاف بالحق‏والتجهم
امام الباطل رضي الناس ام غضبوا، ولم يزل على ذلك كله منذ
بدء امره الذي اوذي فيه هو وابواه،فكان مرضيا عند اللّه ايمانهم
وخضوعهم وبعين اللّه ما قاسوه من المحن فعاد ذكرهم وردا
لنبي‏الاسلام فلم‏يزل يلهج بهم ويدعو لهم ويقول:
«اصبروا آل ياسر موعدكم الجن ة‏». من طريق عثمان بن عفان
. ((82))
ويقول: «ابشروا آل ياسر موعدكم الجنة‏». من طريق جابر
. ((83))
ويقول: «اللهم اغفر لال ياسر وقد فعلت‏». رواه عثمان ايضا
. ((84))
وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار وبابيه وامه وكانوا اهل بيت
اسلام اذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاءمكة، فيمر بهم
رسول اللّه (ص) فيقول: «صبرا آل ياسر موعدكم الجنة، صبرا
آل ياسر فان مصيركم الى‏الجنة‏» ((85)).
نعم، كان عمار هكذا عند مفتتح حياته الدينية الى منصرم
عمره الذي قتلته فيه الفئة الباغية. وقد اخبر به‏النبي (ص)
بقوله:
«ويحك يابن سمية تقتلك الفئة الباغية‏».
وفي لفظ: «تقتل عمارا الفئة الباغية، وقاتله في النار».
وفي لفظ: «ويح عمار او ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية‏».
وفي لفظ معاوية: «تقتل عمارا الفئة الباغية‏».
وفي لفظ عثمان: «تقتلك الفئة الباغية، قاتل عمار في النار».
وفي لفظ: «تقتل عمارا الفئة الباغية عن الطريق، وان آخر رزقه
من الدنيا ضياح من لبن‏».
وفي لفظ عمار: اخبرني حبيبي (ص) انه تقتلني الفئة الباغية،
وان آخر زادي مذقة من لبن.
وفي لفظ حذيفة: «انك لن تموت حتى تقتلك الفئة الباغية
الناكبة عن الحق، يكون آخر زادك من الدنيا شربة‏لبن‏».
وفي لفظ: «ويح عمار تقتله الفئة‏الباغية، يدعوهم الى الجنة
ويدعونه الى النار».
وفي لفظ انس: «ابن سمية تقتله الفئة الباغية قاتله وسالبه في
النار».
وفي لفظ عائشة: «اللهم بارك في عمار، ويحك ابن سمية
تقتلك الفئة الباغية، وآخر زادك من الدنيا ضياح من‏لبن‏».
وفي لفظ: «ويح ابن سمية ليسوا بالذين يقتلونك انما تقتلك
الفئة الباغية‏».
جاء هذا الحديث من طرق كثيرة تربو حد التواتر منها طريق:
عثمان بن عفان، عمرو بن العاص، معاوية بن‏ابي سفيان،
حذيفة بن اليمان، عبداللّه بن عمر، خزيمة بن ثابت، كعب بن
مالك، جابر بن عبداللّه، ابن‏عباس، انس بن مالك، ابي هريرة
الدوسي، عبداللّه بن مسعود، ابي سعد، ابي امامة، ابي رافع، ابي
قتادة، زيدابن ابي اوفى، عمار بن ياسر، عبداللّه بن ابي هذيل،
ابي اليسر، زياد بن الفرد، جابر ابن سمرة، عبداللّه بن‏عمرو بن
العاص، ام سلمة، عائشة.
راجع ((86)) : طبقات ابن سعد (3/180)، سيرة ابن هشام
(2/114)، مستدرك الحاكم (3/386، 387، 391)،الاستيعاب
(2/436) وقال: تواترت‏الاثار عن النبي(ص) انه قال: «تقتل
عمارا الفئة الباغية‏»، وهذا من‏اخباره بالغيب واعلام نبوته(ص)
وهو من اصح الاحاديث. طرح التثريب (1/88) وصححه،
تيسيرالوصول (3/278)، شرح ابن ابي الحديد (2/274)، تاريخ
ابن كثير (7/267، 270)، مجمع الزوائد (9/296)وصححه من
عدة طرق، تهذيب التهذيب (7/409) وذكر تواتره، الاصابة
(2/512) وقال: تواترت‏الاحاديث [عن النبي(ص) ان عمارا
تقتله الفئة الباغية]، كنز العمال (6/184 و 7/73، 74)، ونص
على‏تواتره السيوط‏ي في الخصائص كما مر في الجزء الثالث
(250).
واخرجه ((87)) : البخاري، ومسلم، واحمد، والبزار،
وعبدالرزاق، والطبراني، والدارقطني، وابو يعلى، وابو
عوانة،والاسماعيلي، والضياء المقدسي، وابو نعيم، وتمام، وابن
قانع، وابن مندة، والبارودي، والبرقاني، وابن عساكر،والخطيب.

عمار في الذكر الحكيم
هذا عمار بين البدء والختام المحمودين وهو بينهما كما اثنى
عليه الذكر الحكيم بقوله تعالى (امن هوقانت‏آناءالليل س اجدا
وقائما يحذر الاخرة) ((88)).
اخرج ((89)) ابن سعد في الطبقات (3/178) طبع ليدن
وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس: انها نزلت‏في عمار بن
ياسر.
وذكر الزمخشري في تفسيره ((90)) (3/22): انها نزلت في
عمار وابي حذيفة بن المغيرة المخزومي.
وذكر القرطبي في تفسيره ((91)) (15/239) عن مقاتل: ان
من هو قانت: عمار بن ياسر.
وذكر الخازن في تفسيره ((92)) (3/53): انها نزلت في ابن
مسعود وعمار وسلمان. وذكره الخطيب الشربيني في‏تفسيره
(3/410). وذكر الشوكاني في تفسيره ((94)) (4/442) ((93))
حديث ابن سعد وابن مردويه وابن عساكر. وزادالالوسي عليه
في تفسيره (23/247) قوله: واخرج جويبر عن ابن عباس انها
نزلت في عمار وابن مسعودوسالم مولى ابي حذيفة. وعن
عكرمة: الاقتصار على عمار. وعن مقاتل: المراد بمن هو قانت:
عمار وصهيب‏وابن مسعود وابوذر. وجل ما ذكره الالوسي
ماخوذ من الدر المنثور ((95)) (5/323).
آية ثانية : اخرج ابن ماجة ((96)) في قوله تعالى: (ولا تطرد
الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ماعليك من
حسابهم من شي‏ء) الاية (الانعام: 52)انها نزلت في عمار
وصهيب وبلال وخباب.
راجع ((97)) : تفسير الطبري (7/127، 128)، تفسير القرطبي
(16/432)، تفسير البيضاوي (1/380)، تفسيرالزمخشري
(1/453)، تفسير الرازي (4/50)، تفسير ابن كثير (2/134)،
تفسير ابن جزي (2/10)،الدرالمنثور (3/14)، تفسير الخازن
(2/18)، تفسير الشربيني (1/404)، تفسير الشوكاني (2/115).
آية ثالثة : اخرج جمع من الحف اظ نزول قوله تعالى: (الا من
اكره وقلب ه‏مطمئن بالايمان) ((98)) في عمار. وقال‏ابو عمر
في الاستيعاب: هذا مما اجتمع اهل التفسير عليه. وقال
القرطبي: نزلت في عمار في قول اهل‏التفسير. وقال ابن حجر
في الاصابة: اتفقوا على انه نزل في عمار.
قال ابن عباس في لفظ الواحدي : نزلت في عمار بن ياسر،
وذلك ان المشركين اخذوه واباه ياسرا وامة‏سمية وصهيبا
وبلالا وخبابا وسالما، فاما سمية فانها ربطت بين بعيرين ووجئ
قبلها بحربة، وقيل لها: انك‏اسلمت من اجل الرجال. فقتلت،
وقتل زوجها ياسر، وهما اول قتيلين قتلا في الاسلام، واما عمار
فانه‏اعطاهم‏ما ارادوا بلسانه مكرها فاخبر النبي (ص) بان عمارا
كفر. فقال: «كلا ان عمارا ملئ ايمانا من قرنه‏الى قدمه، واختلط
الايمان بلحمه ودمه‏» فاتى عمار رسول‏اللّه (ص) وهو يبكي،
فجعل رسول اللّه عليه‏الصلاة والسلام يمسح عينيه وقال:
«ان عادوا لك فعد لهم بما قلت‏». فانزل اللّه تعالى هذه الاية.
اخرج حديث نزولها في‏عمار: ابن‏المنذر، وابن‏ابي‏حاتم،
وابن‏مردويه، والطبري عن ابن عباس، وعبدالرزاق،وابن سعد،
وابن جرير، وابن ابي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه،
والبيهقي، وابن عساكر ((99)) من طريق‏ابي عبيدة بن محمد
بن عمار عن‏ابيه، وابن‏ابي شيبة ((100))، وابن جرير، وابن
المنذر، وابن عساكر عن ابي‏مالك.
راجع ((101)): طبقات ابن سعد (3/178)، تفسير الطبري
(14/122)، اسباب‏النزول للواحدي (ص‏212)،مستدرك الحاكم
(2/357)، الاستيعاب (2/435)، تفسير القرطبي (10/180)،
تفسير الزمخشري (2/176)،تفسير البيضاوي (1/683)، تفسير
الرازي (5/365)، تفسير ابن جزي (2/162)، تفسير
النيسابوري‏هامش الطبري (14/122)، بهجة المحافل (1/94)،
تفسير ابن كثير (2/587)، الدر المنثور (4/132)، تفسيرالخازن
(3/143)، الاصابة (2/512)، تفسير الشوكاني (3/191)، تفسير
الالوسي (14/237).
آية رابعة : ذكر الواحدي من طريق السدي ان قوله تعالى:
(افمن وعدناه وعدا حسنا فهو لا قيه كمن‏متعناه‏متاع الحياة
الدنيا ث م هو يوم القيامة من المحضرين ) ((102))، نزل في
عمار والوليد بن المغيرة.
راجع ((103)): اسباب النزول للواحدي (ص‏255)، تفسير
القرطبي (13/303)، تفسير الزمخشري (2/286)،تفسير الخازن
(3/43)، تفسير الشربيني (3/105).
آية خامسة : اخرج ابو عمر من طريق ابن عباس في قوله تعالى:
(اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورايمشي به في الناس)
، انه عمار بن ياسر. ((104))
واخرج نزولها في عمار: ابن ابي شيبة، وابن المنذر، وابن ابي
حاتم، وابو الشيخ.