الغدير في الكتاب والسنة والادب
الجزء الرابع

العلامة الشيخ عبدالحسين الاميني

كتاب ديني، علمي، فني، تاريخي، ادبي، اخلاقي‏مبتكر في
موضوعه، فريد في بابه،يبحث فيه عن حديث الغدير كتابا وسنة
وادبا، ويتضمن تراجم‏امة كبيرة من‏رجالات العلم والدين
والادب من الذين نظموا هذه الاثارة من العلم وغيرهم .
الجزءالرابع
العلامة الشيخ عبدالحسين احمد الاميني النجفي
تحقيق مركز الغدير للدراسات الاسلامية
شعراء الغدير في القرن الرابع وشعراؤه في القرن الخامس‏وشطر
من السادس، وهم: واحد وثلاثون شاعرا
واللّه المستعان
الحمد للّه على ما عرفنا من نفسه، والهمنا من شكره، وفتح لنا
من ابواب العلم‏بربوبيته، ودلنا عليه من الاخلاص في توحيده،
وجنبنا من الالحاد والنفاق والشقاق‏والشك في امره، ومن علينا
بسيد رسله (ص)، واكرمنا بالثقلين خليفتي نبيه: كتاب
اللّهالعزيز والعترة الطاهرة سلام اللّه عليهم واسعد حظنا
بتواصل اشواطنا في السعي‏وراء صالح المجتمع، ووفقنا للسير
في سبيل الخدمة للملا وفي مقدمهم رواد العلم‏والفضيلة،
واثبت اقدامنا في جدد الحق والحقيقة، وتعالى في تلك الجدة
جدنا، وتوالت‏بسعد الجد صحائف اعمالنا وآثار يراعنا، ونحن
نستثبت في الامر ولا نتفوه الا بثبت،واللّه ولي التوفيق، وهو
نعم المولى ونعم النصير.
عبدالحسين احمد الاميني
بقية شعراء الغدير في القرن الرابع 11 240
1 ابو الفتح كشاجم 7 ابو العباس الضبي
2 الناشئ الصغير 8 ابو الرقعمق الانطاكي
3 البشنوي الكردي 9 ابو العلاء السروي
4 الصاحب بن عباد 10 ابو محمد العوني
5 الجوهري الجرجاني 11 ابن حماد العبدي
6 ابن الحجاج البغدادي 12 ابو الفرج الرازي
13 جعفر بن حسين
(22) ابو الفتح كشاجم
المتوفى (360)
له شغل عن سؤال الطلل
اقام الخليط به ام رحل
فما ضمنته لحاظ الظبا
تطالعه من سجوف الكلل
ولا تستفز حجاه الخدود
بمصفرة واحمرار الخجل
كفاه كفاه فلا تعذلاه
كر الجديدين كر العذل
طوى الغي مشتعلا في ذراه
فتطفى الصبابة لما اشتعل
له في البكاء على الطاهرين
مندوحة عن بكاء الغزل
فكم فيهم من هلال هوى
قبيل التمام وبدر افل
هم حجج اللّه في خلقه
ويوم المعاد على من خذل
ومن انزل اللّه تفضيلهم
فرد على اللّه ما قد نزل
فجدهم خاتم الانبياء
ويعرف ذاك جميع الملل
ووالدهم سيد الاوصياء
ومعط‏ي الفقير ومردي البطل
ومن علم السمر طعن الحلي
لدى الروع والبيض ضرب القلل
ولو زالت الارض يوم الهياج
من تحت اخمصه لميزل((1))
ومن صد عن وجه دنياهم
وقد لبست حليها والحلل
وكان اذا ما اضيفوا اليه
فارفعهم رتبة في المثل
سماء اضيف اليها الحضيض
وبحر قرنت اليه الوشل((2))
بجود تعلم منه السحاب
وحلم تولد منه الجبل
وكم شبهة بهداه جلا
وكم خطة بحجاه فصل
وكم اطفا اللّه نار الضلال
به وهي ترمي الهدى بالشعل
ومن رد خالقنا شمسه
عليه وقد جنحت للطفل((3))
ولو لم تعد كان في رايه
وفي وجهه من سناها بدل
ومن ضرب الناس بالمرهفات
على الدين ضرب عراب الابل
وقد علموا ان يوم الغدير
بغدرهم جر يوم الجمل
فيا معشر الظالمين الذين
اذاقوا النبي مضيض الثكل
الى ان قال:
يخالفكم فيه نص الكتاب
وما نص في ذاك خير الرسل
نبذتم وصيته بالعراء
وقلتم عليه الذي لم يقل
الى آخر قصيدته الموجودة في نسخ ديوانه المخطوط (47)
بيتا، وقد اسقط ناشر ديوانه‏من القصيدة ما يخالف مذهبه،
وليست هذه باول يد حرفت الكلم عن مواضعها.
الشاعر
ابو الفتح محمود بن محمد بن الحسين بن سندي بن شاهك
الرملي((4))، المعروف‏بكشاجم. هو نابغة من رجالات الامة،
وفذ من افذاذها، واوحدي من نياقدها، كان‏لا يجارى ولا يبارى،
ولا يساجل ولا يناضل، فكان شاعرا كاتبا متكلما
منجمامنطقيامحدثا، ومن نطس الاواسي محققا مدققا مجادلا
جوادا.
فهو جماع الفضائل، وان ما لقب نفسه بكشاجم اشارة بكل حرف
منها الى علم:فبالكاف الى انه كاتب، وبالشين الى انه شاعر،
وبالالف الى ادبه، او انشاده، وبالجيم‏الى نبوغه في الجدل او
جوده، وبالميم الى انه متكلم او منطقي او منجم،
ولماولع‏في‏الطب وبرع فيه‏زاد على‏ذلك حرف الطاء فقيل:
طكشاجم، الا انه لم يشتهر به.
هذا ما طفحت به المعاجم((5)) في تحليل هذا اللقب على
الخلاف الذي اوعزنا اليه في‏الاشارة، لكن الرجل بارع في جميع
ما ذكر من العلوم، ولعله هو المنشا للاختلاف في‏التحليل.
ادبه وشعره
ان المترجم قدوة في الادب واسوة في الشعر، حتى ان الرفاء
السري الشاعر المفلق،على تقدمه في فنون الشعر والادب كان
مغرى بنسخ ديوانه، وكان في طريقه يذهب،وعلى قالبه
يضرب((6))، ولشهرته بهذا الجانب قال بعضهم:
يا بؤس من يمنى بدمع ساجم
يهمي على حجب الفؤاد الواجم((7))
لولا تعلله((8)) بكاس مدامة
ورسائل الصابي وشعر كشاجم((9))
دون شعره ابو بكر محمد بن عبداللّه الحمدوني، ثم الحق به
زيادات اخذها من ابي‏الفرج بن كشاجم.
وشعره كما تطفح عنه شواهد تضلعه في اللغة والحديث،
وبراعته في فنون الادب‏والكتاب والقريض، كذلك يقيم له وزنا
في الغرائز الكريمة النفسية، ويمثله بملكاته‏الفاضلة كقوله:
شهرت نداي مناصب
لي في ذرى كسرى صريحه
وسجية لي في المكا
رم انني فيها شحيحه
متحيزا فيها معلى المجد مجتنبا
منيحه ولقد سننت من الكتا
بة للورى طرقا فسيحه
وفضضت من عذر المعا
ني الغر في اللغة الفصيحه
وشفعت ماثور الروا
ية بالبديع من القريحه
ووصلت ذاك بهمة
في المجد سائبة طموحه
وعزيمة لا بالكليلة في الخطوب ولا الطليحه((10))كلتاهما لي
صاحب في كل دامية‏جموحه ويحكي القارئ عن نبوغه وسرده
المعاني الفخمة في اسلاك نظمه، ورقة‏لطائفه، وقوة انظاره،
ودقة فكرته، ومتانة رويته، قوله:
لو بحق تناول النجم خلق
نلت اعلى النجوم باستحقاق
اوليس اللسان مني امضى
من ظبات المهندات الرقاق
ويدي تحمل الانامل منها
قلما ليس دمعه بالراقي((11))
افعوانا تهاب منه الاعادي
حية يستعيذ منها الراقي((12))
وتراه يجود من حيث تجري
منه تلك السموم بالدرياق
مطرقا يهلك العدو عقابا
ويريش الولي ذا الاخفاق
وسطور خططتها في كتاب
مثل غيم السحابة الرقراق
صغت فيه من البيان حليا
باختراع البعيد لا الاشفاق
وقواف كانهن عقود الد
ر منظومة على الاعناق
غرر تظهر المسامع تيها
حين يسمعنها على الاحداق
ويحار الفهم الرقيق اذا ما
جال منهن في المعاني الرقاق
ثاويات معي وفكري
قد سيرها في نوازح الافاق
واذا ما الم خطب فراسي
فيه مثل الشهاب في الاعناق
واذا شئت كان شعري احلى
من حديث الفتيان والعشاق
حلف مشمولة وزير عوان
اسد في الحروب غير مطاق
اصطباحي تنفيذ امر ونهي
ومن الراح بالعشي اغتباقي
ووقور الندى ولا اخجل الشا
رب منه ولا اذم الساقي
انزع الكاس‏ان شربت واسقي
ه دهاقا صحبي وغير دهاق
ومعد للصيد منتخبات
من اصول كريمة الاعراق
مضمرات كانها الخيل تطوى
كل يوم بطونها للسباق
رائقات الشباب مكتسيات
حللا من صنيعة الخلاق
تصف البيض والجفون اذا
ما اخرجت السنا من الاشداق
وكان المها اذا ما راتها
حذرت واستطامنت في وثاق
مع ندامى كانهم والتصافي
خلقوا من تلف واتفاق
والباحث يجد شاعرنا عند شعره معلما اخلاقيا فذا بعدما يرى
امثلة خلائقه الكريمة،ونفائس سجاياه، وصدقه في ولائه،
وقيامه بشؤون الانسانية نصب عينيه، مهما وقف‏على مثل قوله:
ولدينا لذي المودة حفظ
ووفاء بالعهد والميثاق
اتوخى رضاه جهدي فلما
مسه الضر مسه ارفاقي
تلك اخلاقنا ونحن اناس
همنا في مكارم الاخلاق
وقوله:
اناس اعرضوا عنا
بلا جرم ولا معنى
اساؤوا ظنهم فينا
فهلا احسنوا الظنا
وخلونا ولو شاؤوا
لعادوا كالذي كنا
فان عادوا لنا عدنا
وان خانوا لما خنا
وان كانوا قد اشتغلوا
فانا عنهم اغنى
وقوله من قصيدة يمدح بها ابن مقلة:
كم في من خلة لو انها امتحنت
ادت الى غبطة او سدت الخله
وهمة في محل النجم موقعها
وعزمة لم تكن في الخطب منجله
وذلة اكسبتني عز مكرمة
وربما يستفاد العز بالذله
صاحبت سادات اقوام فما عثروا
يوما على هفوة مني ولا زله
واستمتعوا بكفاياتي وكنت
لهم اوفى من الذرع او
امضى من الاله((13))
خط يروق والفاظ مهذبة
لا وعرة النظم بل مختارة سهله
لو انني منهل منها اخا ظما
روت صداه فلم يحتج الى غله
وكم سننت رسوما غير مشكلة
كانت لمن امها مسترشدا قبله
عمت فلا منشئ الديوان مكتفيا
منها ولم يغن عنها كاتب السله
وصاحبتني رجالات بذلت لها
مالي فكان سماحي‏يقتضي بذله
فاعمل الدهر في ختلي مكائده
والدهر يعمل في اهل الهوى ختله
لكن قنعت فلم ارغب الى احد
والحر يحمل عن اخوانه كله
وتراه متى ما ابعده الزمان عن اخلائه وحجبهم عنه، عز عليه
البين، وعظمت عليه‏شقته، وثقل عليه عبئه، فجاء في شكواه
يفزع ويجزع، ويئن ويحن، فيصور على قارئ‏شعره حنانه
وحنينه، ويمثل سجاح عينه لوعة وجده، ولهب هواه بمثل قوله
يا من‏لعين ذرفت
ومن لروح تلفت
منهلة عبرتها
كانها قد طرفت((14))
ان امنت فاضت وان
خافت رقيبا وقفت
وانما بكاؤها
على ليال سلفت
وقوله:
يا معرضا لا يلتفت
بمثل ليلي لا تبت
برح هجرانك بي
حتى رثى لي من شمت
علقت قلبي بالمنى
فاحيه او فامت:
وبما كان كشاجم مجبولا بالحنان ولين الجانب، وسجاحة
الخلائق، وحسن‏الادب،مطبوعا بالعطف والرافة، مفطورا على
عوامل الانسانية والغرائز الكريمة، ولم يكن‏شريرا، ولا ردي‏ء
النفس، ولا بذي‏ء اللسان، ولا مسارعا في الوقيعة في احد،
كان‏يرى الشعر احدى مثره الجمة، ويعده من فضائله، وما كان
يتخذه عدة للمدح، ولاجنة في الهجاء، وما يهمه التوجه الى
الجانبين، لم ير لاي منهما وزنا، لعدم تحريه‏التحامل على احد،
وعدم اتخاذه مكسبا ليدر له اخلاف الرزق، ولا آلة لدنياه
وجمع‏حطامها، وكان يقول:
ولئن شعرت لما قصد
ت هجاء شخص او مديحه
لكن وجدت الشعر لل
داب ترجمة فصيحه
هجاؤه
اخرج القرن الرابع شعراء هجائين، قد اتخذ كل واحد منهم
طريقة خاصة من فنون‏الهجاء، وكل فن مع هذه نوع فذ في
الهجاء، يظهر ميزه متى قرن بالاخر، ومنهم‏مكثرومنهم من
استقل، وشاعرنا من الفرقة الثانية، وله فن خاص من الهجاء
كان‏يختاره ويلتزم به في شعره.
ولعلك تجده في فنه المختار مجبول خلائقه الحسنة،
ونفسياته الكريمة، وملكاته الفاضلة،فكانه قد خمرت بها فطرته،
ومزجت بها طينته، او جرت منه مجرى الدم، واستولت‏على
روحه، وحكمت في كل جارحة منه، حتى ظهرت آياتها في
هجائه النادر الشاذ،فيخيل اليك مهما يهجو انه واعظ بار
يخطب، او نصوح يودد ويعاتب، اومجادل‏دون حقه يجامل، لا
انه يغمز ويعيب، ويغيظ في الوقيعة ويناضل، ويثور ويثارلنفسه،
وتجده قد اتخذ الهجاء شكة دفاع له لا شكة هجوم، وترى كل
هجائه خليا عن‏لهجة‏حادة، وسباب مقذع، عاريا عن قبيح
المقال وخبث الكلام، بعيدا عن هتك‏مهجوه، ونسبته الى كل
فاحشة، وقذفه بكل سيئة، غير مستبيح ايذاء مهجوه،
ولامستحل حرمته، ولا مجوز عليه الكذب والتهمة، خلاف ما
جرت العادة بين كثير من‏ادباء العصور المتقادمة، فعليك النظر
الى قوله في بعض ابناء رؤساء عصره، وقد انفذاليه كتابا فلم
يجبه عنه:
ها قد كتبت فما رددت جوابي
ورجعت مختوما علي كتابي
واتى رسولا مستكينا يشتكي
ذل الحجاب ونخوة البواب
وكانني بك قد كتبت معذرا
وظلمتني بملامة وعتاب
فارجع الى الانصاف واعلم انه
اولى بذي الاداب والاحساب
يا رحمة اللّه التي قد اصبحت
دون الانام علي سوط عذاب
بابي وامي انت من مستجمع
تيه القيان ورقة الكتاب
وقوله الاخر في هجاء جماعة من الرؤساء:
عدمت رئاسة قوم شقوا
شبابا ونالوا الغنى حين شابوا
حديث بنعمتهم عهدهم
فليس لهم في المعالي نصاب
يرون التكبر مستصوبا
من الراي والكبر لا يستصاب
وان كاتبوا صارفوا في الدعاء
كان دعاءهم مستجاب
ومن لطيف شعره في الهجاء قوله:
ان مظلومة التي
زوجت من ابي عمر
ولدت ليلة الزفا
ف الى بعلها ذكر
قلت من اين ذا الغلا
م وما مسها بشر
قال لي بعلها الم
يات في مسند الخبر
ولد المرء للفرا
ش وللعاهر الحجر
قلت هنيته على
رغم من انكر الخبر
كشاجم والرئاسة
وبما كان المترجم كما سمعت مطبوعا بسلامة النفس،
وقداسة النفس، وطيب‏السريرة، متحليا بمكارم الاخلاق، خاليا
من المكيدة والمراوغة والدسيسة،مزايلاللبذاء والايذاء
والاعتساف، كان رافعا نفسه عن الرتبة واشغال المنصة
في‏ابواب الملوك والولاة، وما كان له مطمع في شان من الوزراء
والولاية والكتابة والعمالة‏عند الامراء والخلفاء، وما اتخذ فضائله
الجمة لها شركا، ولنيل الامال وسيلة، وكان‏يرى التقمص
بالرئاسة من مرديات النفس ويقول:
رايت الرئاسة مقرونة
بلبس التكبر والنخوه
اذا ما تقمصها لابس
ترفع في الجهر والخلوه
ويقعد عن حق اخوانه
ويطمع ان يهرعوا نحوه
وينقصهم من جميل الدعاء
ويامل عندهم حظوه
فذلك ان انا كاتبته
فلا يسمع اللّه لي دعوه
ولست بت له منزلا
ولو انه يسكن المروه
وكان‏بالطبع والحال هذه‏ ينهى‏اولياءه
عن‏قبول‏الوظائف‏السلطانية،والتولي لشي‏ءمن المناصب عند
الحكام، ويحذرهم عن التصدي لوظيفة من شؤون‏الملك
والمملكة،ويمثل بين يديهم شنعة‏الائتمار، وينبههم بما
يقتضيه‏الترؤس‏من‏الظلم‏والوقيعة‏في النفوس،ونصب العداء
لمخالفيه، وما يوجب من دحض الحق، واضاعة‏الحقوق، ورفض
مكارم‏الاخلاق. وحسبك ما كتبه‏الى صديق‏له وكان قد تقلد
البريدمن‏قوله:
صرت لي عامل البريد مقيتا
وقديما الي كنت حبيبا
كنت تستثقل الرقيب فقد صر
ت علينا بما وليت رقيبا
كرهتك النفوس وانحرفت عن
ك قلوب وكنت تسبي القلوبا
افلا يعجب الانام بشخص
صار ذئبا وكان ظبيا ربيبا
حكمه ودرر كلمه
فيا له في شعره من شواهد صادقة تمثله بهذا الجانب العظيم،
وتعرب عن قدم‏صدقه في‏حث امته الى المولى سبحانه
بالحكمة والموعظة الحسنة، وبث الدعوة اليه بدرر الكلم‏وغرر
الحكم، واصلاح امته ببيان الحقيقة، وتشريح دعوة النفس
الامارة بالسوء، ومن‏حكمياته قوله:
ليس خلق الا وفيه اذا ما
وقع الفحص عنه خير وشر
لازم ذاك في الجبلة لا يد
فعه من له بذلك خبر
حكمة الصانع المدبر ان لا
شي‏ء الا وفيه نفع وضر
فاجتهد ان يكون اكبر قسمي
ك من النفع والاقل الاضر
وتحمل مرارة الراي واعلم
ان عقبى هواك منه امر
رض بفعل التدبير نفسك واقصر
ها عليه ففيه فضل وفخر
لا تطعها على الذي تبتغيه
وليرعها منك اعتساف وقهر
ان من شانها مجانبة الخي
ر واتيان كل ما قد يغر
وقوله:
عجبي ممن تعالت حاله
وكفاه اللّه زلات الطلب
كيف لا يقسم شطري عمره
بين حالين نعيم وادب
فاذا ما نال دهرا حظه
فحديث ونشيد وكتب
مرة جدا واخرى راحة
فاذا ما غسق الليل انتصب
يقتضي الدنيا نهارا حقها
وقضى للّه ليلا ما يجب
تلك اقسام متى يعمل بها
عامل يسعد ويرشد ويصب
ومن كلمه الذهبية في تحليل معنى الرضا عن النفس، وما
يوجب ذلك من سخطهاوجموحها ورفض الاداب قوله:
لم ارض عن نفسي مخافة سخطها
ورضا الفتى عن نفسه اغضابها
لو انني عنها رضيت لقصرت
عما تريد بمثلها آدابها
وببيننا آثار ذاك واكثرت
عذلي عليه وطال فيه عتابها
ومن حكمه قوله:
بالحرص في الرزق يذل الفتى
والصبر فيه الشرف الشامخ
ومستزيد في طلاب الغنى
يجمع لحما ما له طابخ
يضيع ما نال بما يرتجي
والنار قد يطفئها النافخ
وقوله:
حلل الشبيبة مستعاره
فدع الصبا واهجر دياره
لا يشغلنك عن العلى
خود((15)) تمنيك الزياره
خود تطيب طيبها
ويزين ساعدها سواره
يحلو اوائل حبها
ويشوب آخره مراره
ما عذر مثلك خالعا
في سكر لذته عذاره
من بعد ما شد الاشد
على تلابيه ازاره
من ساد في عصر الشبا
ب غدت لسؤدده غفاره
ما الفخر ان يغدو الفتى
متشبعا ضخم الحراره
كلفا بشرب الراح مش
غوفا بغزلان الستاره
مهجورة عرصاته
لا تقرب الاضياف داره
الفخر ان يشجي الفتى
اعداءه ويعز جاره
ويذب عن اعراضه
ويشب للطراق ناره
ويروح اما للاما
رة سعيه او للوزاره
فرد الكتابة و الخطابة
والبلاغة والعباره
متيقظ العزمات يج
تنب الكرى الا غراره
فكانه من حدة
ونفاذ تدبير شراره
حتى يخاف ويرتجى
ويرى له نشب وشاره
في موكب لجب كان
الليل البسه خماره
تزهي به عصب تنف
ض عن مناكبه غباره
ويطيل ابناء الرغا
ئب في مشاكله انتظاره
فاداب لمجد حادث
او سالف يعلي مناره
واعمر لنفسك في العلى
حالا وكن حسن العماره
واقمر لها سوقا ينف
قها وتاجرها تجاره
لا تغد كلا واجتنب
امرا يخاف الحر عاره
واذا عدمت عن الم
كل خيرها فكل الحجاره
رحلة كشاجم
غادر المترجم بيئة نشاته الرملة الى الاقطار الشرقية، وساح
في البلاد، ورحل‏رحلة بعد اخرى الى مصر وحلب والشام
والعراق، وكان كما قال في قصيدته التي‏يمدح بها ابن مقلة
بالعراق:
هذا على انني لا استفيق ولا
افيق من رحلة في اثرها رحله
وما على البدر نقص في اضاءته
ان ليس ينفك من سير ومن نقله
وقال وهو في مصر:
قد كان شوقي الى مصر يؤرقني
فاليوم عدت وعادت مصر لي دارا
اغدو الى الجيزة الفيحاء مصطحبا
طورا وطورا ارجي السير اطوارا((16))
بينااسامي رئيسا في رئاسته
اذ رحت احسب في الحانات خمارا
فللدواوين اصباحي ومنصرفي
الى بيوت دمى يعلمن اوتارا
اما الشباب فقد صاحبت شرته
وقد قضيت لبانات واوطارا
من شادن من بني الاقباط يعقد ما
بين الكثيب وبين الخصر زنارا
وكانه في بعض آناته يرى نفسه بين مصر والعراق، ويتذكر
ادواره فيهما، وماناله في‏سفره اليهما من سراء او ضراء، او شدة
او رخاء، وما حظ‏ي من الاهلين من النعمة‏والنقمة، والاكبار
والاستحقار، فيمدح هذا ويذم ذلك فيقول:
يا هذه قلت فاسمعي لفتى
في حاله عبرة لمعتبره
امرت بالصبر والسلو ولو
عشقت الفيت غير مصطبره
من مبلغ اخوتي وان بعدوا
ان حياتي لبعدهم كدره
قد همت شوقا الى وجوههم
تلك الوجوه البهية النضره
ابناء ملك علاهم بهم
على العلى والفخار مفتخره
ترمي بهم نعمة تزينها
مروءة لم تكن ترى نزره
ما انفك ذا الخلق بين منتصر
على الاعادي بهم ومنتصره
جبال حلم بدور اندية
اسد وغى في الهياج مبتدره
بيض كرام الفعال لا بخل ال
ايدي وليست من الندى صفره
للناس منهم منافع ولهم
منافع في الانام مشتهره
متى اراني بمصر جارهم
نسبي بها كل غادة خضره
والنيل مستكمل زيادته
مثل دروع الكماة منتثره
تغدو الزواريق فيه مصعدة
بنا وطورا تروح منحدره
والراح تسعى بها مذكرة
اردانها بالعبير مختمره
بكران لكن لهذه مائة
وتلك ثنتان واثنتا عشره
ياليتني لم ار العراق ولم
اسمع بذكر الاهواز والبصره
ترفعني تارة وتخفضني
اخرى فمن سهلة ومن وعره
فوق ظهر سلهبة
قطانها والبدار مغتفره((17))
وتارة في الفرات طامية
امواجه كالخيال معتكره
حتى كان العراق تعشقني
او طالبتني يد النوى بتره((18))
وكان يجتمع في رحلاته مع الملوك والامراء والوزراء ويحظ‏ى
بجوائزهم، ويستفيد من‏صلاتهم، ويتصل بمشيخة العلم
والحديث والادب، ويقرا عليهم، ويسمع عنهم، وياخذمنهم،
وجرت بينه وبينهم محاضرات ومناظرات ومكاتبات، الى ان
تضلع في العلوم،وحاز قصب السبق في فنون متنوعة، وتقدم
في الكتابة والخطابة، وحصل له من‏كل‏فن حظه الاوفى،
ونصيبه الاعلى حتى عرفه المسعودي في
مروج‏الذهب((19))(2/523) بانه كان من اهل العلم والرواية
والادب.
عقيدته
ان عصر المترجم من العصور التي زاغت فيه النحل والمذاهب،
وشاعت فيه الاهواءوالاراء، وقل فيه من لا يرى في العقائد رايا
يفسر به اسلامه وهو ينص به على خبيئة‏قلبه تارة ويضمرها
اخرى، واما شاعرنا فكان في جانب من ذلك اماميا
صادق‏التشيع، مواليا لاهل بيت الوحي متفانيا في ولائهم، ويجد
الباحث في خلال شعره‏بينات تظاهره بالتهالك في ولاء آل اللّه،
وبثه الدعوة اليهم بحججه القوية،والتفجع في‏مصابهم والذب
عنهم، والنيل من مناوئيهم، واعتقاده فيهم انهم وسائله الى
المولى في‏الحاضرة، وواسطة نجاحه في الاخرة.
وكان من مصاديق الاية الكريمة ( يخرج الحي من
الميت)((20)) فان نصب جده‏السندي بن شاهك وعدائه لاهل
البيت الطاهر، وضغطه واضطهاده الامام موسى بن‏جعفر
صلوات اللّه عليه في سجن هارون مما سار به الركبان،
وسودت به صحيفة‏تاريخه، الا ان حفيده هذا باينه في جميع
نزعاته الشيطانية، فهو من شعراء اهل البيت‏المجاهرين بولائهم،
والمتعصبين لهم، الذابين عنهم، ولا بدع فان اللّه هو الذي
يخرج‏الدرمن بين الحصى، وينبت الورد محتفا بالاشواك، فمن
نماذج شعره في المذهب قوله‏بكاء وقل غناء البكاء
على رزء ذرية الانبياء
لئن ذل فيه عزيز الدموع
لقد عز فيه ذليل العزاء
اعاذلتي ان برد التقى
كسانيه حبي لاهل الكساء
سفينة نوح فمن يعتلق
بحبهم يعتلق بالنجاء
لعمري لقد ضل راي الهوى
بافئدة من هواها هوائي
واوصى النبي ولكن غدت
وصاياه منبذة بالعراء
ومن قبلها امر الميتون
برد الامور الى الاوصياء
ولم ينشر القوم غل الصدو
ر حتى طواه الردى في رداء
ولو سلموا لامام الهدى
لقوبل معوجهم باستواء
هلال الى الرشد عالي الضيا
وسيف على الكفر ماضي المضاء
وبحر تدفق بالمعجزات
كما يتدفق ينبوع ماء
علوم سماوية لا تنال
ومن ذا ينال نجوم السماء
لعمري الالى جحدوا حقه
وما كان اولاهم بالولاء
وكم موقف كان شخص الحمام
من الخوف فيه قليل الخفاء
جلاه فان انكروا فضله
فقد عرفت ذاك شمس الضحاء
اراها العجاج قبيل الصباح
وردت عليه بعيد المساء
وان وتر القوم في بدرهم
لقد نقض القوم في كربلاء
مطايا الخطايا خذي في الظلام
فما هم ابليس غير الحداء
لقد هتكت حرم المصطفى
وحل بهن عظيم البلاء
وساقوا رجالهم كالعبيد
وحادوا نساءهم كالاماء
فلو كان جدهم شاهدا
ليتبع اظعانهم بالبكاء
حقود تضرم بدرية:
وداء الحقود عزيز الدواء
تراه مع الموت تحت اللوا
ء واللّه والنصر فوق اللواء
غداة خميس امام الهدى
وقد غاث فيهم هزبر اللقاء
وكم انفس في سعير هوت
وهام مطيرة في الهواء
بضرب كما انقد جيب القميص
وطعن كما انحل عقد السقاء
وخيرة ربي من الخيرتين
وصفوة ربي من الاصفياء
طهرتم فكنتم مديح المديح
وكان سواكم هجاء الهجاء
قضيت بحبكم ما علي
اذا مادعيت لفصل القضاء
وايقنت ان ذنوبي به
ساقط عني سقوط الهباء
فصلى عليكم اله الورى
صلاة توازي نجوم السماء
وقوله في مدحهم صلوات اللّه عليهم :
آل النبي فضلتم
فضل النجوم الزاهره
وبهرتم اعداءكم
بالماثرات السائره
ولكم مع الشرف البلا
غة والحلوم الوافره
واذا تفوخر بالعلى
فبكم علاكم فاخره
هذا وكم اطفاتم
عن احمد من نائره
بالسمر تخضب بالنج
يع وبالسيوف الباتره((21))
تشفى بها اكبادكم
من كل نفس كافره
ورفضتم الدنيا لذا
فزتم بحظ الاخره
وقوله في ولاء امير المؤمنين (ع) مشيرا الى ما رويناه (ص‏26)
في الجزء الثالث مما وردفي حب امير المؤمنين:
حب الوصي مبرة وصله
وطهارة بالاصل مكتفله
والناس عالمهم يدين به
حبا ويجهل حقه الجهله
ويرى التشيع في سراتهم
والنصب في الارذال والسفله
وقوله في المعنى:
حب علي علو همه
لانه سيد الائمه
ميز محبيه هل تراهم
الا ذوي ثروة ونعمه
بين رئيس الى اديب
قد اكمل الطرف واستتمه
وطيب الاصل ليس فيه
عند امتحان الاصول تهمه
فهم اذا خلصوا ضياء
والنصب الظالمون ظلمه
هذه الابيات ذكرها له الثعالبي في ثمار القلوب((22))
(ص‏136) في وجه اضافة‏السوادالى‏وجه الناصبي، وياتي مثله
في ترجمة الناشئ الصغير.
ولكشاجم يرثي آل الرسول (ص) قوله:
اجل هو الرزء فادحه
باكره فاجع ورائحه
لا ربع دار عفا ولا طلل
اوحش لما نات ملاقحه
فجائع لو درى الجنين بها
لعاد مبيضة مسالحه
يا بؤس دهر على آل رسو
ل اللّه تجتاحهم جوائحه((23))
اذا تفكرت في مصابهم
اثقب زند الهموم قادحه
فبعضهم قربت مصارعه
وبعضهم بوعدت مطارحه
اظلم في كربلاء يومهم
ثم تجلى وهم ذبائحه
لا يبرح الغيث كل شارقة
تهمي غواديه او روائحه
على ثرى حلة غريب رسو
ل اللّه مجروحة جوارحه
ذل حماه وقل ناصره
ونال اقصى مناه كاشحه
وسيق نسوانه طلائحا
احسن ان تهادى بهم طلائحه((24))
وهن يمنعن بالوعيد من الن
وح والملا الاعلى نوائحه
عادى الاسى جده ووالده
حين استغاثتهما صوائحه
لو لم يرد ذو الجلال حربهم
به لضاقت بهم فسائحه
وهو الذي اجتاح حينما عقر
ت ناقته اذ دعاه صالحه
يا شيع الغي والضلال ومن
كلهم جمة فضائحه
غششتم اللّه في اذية من
اليكم اديت نصائحه
عفرتم بالثرى جبين فتى
جبريل قبل النبي ما سحه
سيان عند الاله كلكم
خاذله منكم وذابحه
على الذي فاتهم بحقهم
لعن يغاديه او يراوحه
جهلتم فيهم الذي عرف ال
بيت وما قابلت اباطحه
ان تصمتوا عن دعائهم فلكم
يوم وغى لا يجاب صائحه
في حيث كبش الردى يناطح من
ابصر كبش الورى يناطحه
وفي غد يعرف المخالف من
خاسر دين منكم ورابحه
وبين ايديكم حريق لظ‏ى
يلفح تلك الوجوه لافحه
ان عبتموهم بجهلكم سفها
ما ضر بدر السماء نائحه
او تكتموا الحق فالقرآن مشكله
بفضلهم ناطق وواضحه
ما اشرق المجد من قبورهم
الا وسكانها مصابحه
قوم ابى حد سيف والدهم
للدين او يستقيم جامحه
وهو الذي استانس الزمان به
والدين مذعورة مسارحه
حاربه القوم وهو ناصره
قدما وغشوه وهو ناصحه
وكم كسى منهم السيوف دما
يوم جلاد يطيح طائحه
ما صفح القوم عندما قدروا
لما جنت فيهم صفائحه
بل منحوه العناد واجتهدوا
ان يمنعوه واللّه مانحه
كانوا خفافا الى اذيته
وهو ثقيل الوقار راجحه
وله قوله:
زعموا ان من احب عليا
ظل للفقر لابسا جلبابا
كذبوا من احبه من فقير
يتحلى من الغنى اثوابا
حرفوا منطق الوصي بمعنى
خالفوا اذ تاولوه الصوابا
انما قال ارفضوا عنكم الدنيا
اذا كنتم لنا احبابا((25))
مشايخه وتليفه
لم نقف في المصادر التي بين ايدينا على ما يفيدنا في التنقيب
عن ايام صباه، وكيفية‏تعلمه، واساتذته في فنونه، ومشايخه في
علومه، والمصادر برمتها خالية من البحث‏عن هذا الجانب، الا
ان شعره يفيدنا تلمذه على الاخفش الاصغر علي بن
سليمان‏المتوفى سنة (315) فهو اما قرا عليه في مصر ايام
الاخفش بها، وقد ورد الاخفش‏مصر سنة (287) وخرج منها الى
حلب سنة (306)، واما في بغداد قبل ان غادرهاالاخفش الى
مصر، اذ يذكر قراءته عليه في قصيدة يمدحه بها في الشام،
حينما نزل بها الاخفش اما في رواحه الى مصر، واما في اوبته
عنها، فقال:
فلما خيل الصبح
ولما يبد تبليجه
واتبعت العرا وجها
كسى البشر تباهيجه
الى كعبة آداب
بارض الشام محجوجه
الى معدن بالحك
مة والاداب ممزوجه
سماعي قرائي
له في العلم مرجوجه
ومن يعدل بالعلم
من المند تعويجه((26))
اذ الاخبار حاجته
ثناها وهي محجوجه
به تغدو من الشك
قلوب القوم مثلوجه
ويلقى طرق الحكمة
للافهام منهوجه
لكي يفرج عني الخط
ب لا اسطيع تفريجه
وكي يمنحني تادي
به المحض وتخريجه
ومن اولى بتقريب
خلا من كنت ضريجه
ومن توجني من عل
مه احسن تتويجه
له:
1 ادب النديم، كما في فهرست ابن النديم((27)).
2 كتاب الرسائل.
3 ديوان شعره.
4 كتاب المصائد والمطارد((28)).
5 خصائص الطرف.
6 الصبيح.
7 البيزرة في علم الصيد.
ولادته ووفاته
ما عثرنا في الكتب والمعاجم على ما يفيدنا تاريخ ولادته، لكن
يلوح من شعره الذي‏يذكر فيه شيبه وهرمه في اوائل القرن
الرابع انه ولد في اواسط القرن الثالث، قال من‏قصيدة:
وان شيبي قد لاحت كواكبه
في ظلمة من سواد اللمة الجثله
فهذه جملة في العذر كافية
تغنيك فاغن عن التفصيل بالجمله
وبان مني شباب كان يشفع لي
سقيا له من شباب بان سقيا له
قد كان بابي للعافين منتجعا
ينتابه ثلة من بعدها ثله
وكنت طود المنى يؤوى الى كنفي
كحائط مشرف من فوقه ظله
افنى الكثير فما ان زال ينقصني
متى دفعت الى الافنان والقله
وقد غنيت واشغالي تبين من
فضلي فقد سترته هذه العطله
والسيف في الغمد مجهول جواهره
وانما يجتنيه عين من سله
وهذه القصيدة يمدح بها ابا علي بن مقلة الوزير ببغداد في ايام
وزارته قبل حبسه، وقدقبض عليه وحبس سنة (324) وتوفي
(328).
واما وفاته ففي شذرات الذهب((29)): انه توفي سنة (360)
وتبعه تاريخ آداب اللغة‏العربية((30)). وفي كشف
الظنون((31))، وكتاب الشيعة وفنون الاسلام((32))،
والاعلام‏للزركلي((33))، انها في سنة (350) ورددها غير واحد
من المعاجم بين التاريخين، وكل‏منهما يمكن ان يكون
صحيحا، كما يقرب اليهما ما في مقدمة ديوانه من انه توفي
سنة(330) وهو كما سمعت في مدحه ابن مقلة كان يشكو
هرمه قبل سنة (324).
لفت نظر:
ذكر المسعودي في مروج الذهب((34)) (2/523) لكشاجم
ابياتا كتبها الى صديق له، «فيها » النرد، وذكر اسمه ابا الفتح
محمد بن الحسن، واحسبه منشا تردد سيدناويذم‏صدر الدين
الكاظمي في تاسيس الشيعة((35)) في اسمه واسم ابيه بين
محمودوالحسين والحسن، وذكر المسعودي صوابه في
مروجه((36)) (2/545).
ومحمد، ولده
اعقب المترجم ولديه ابا الفرج وابا نصر احمد، ويكني كشاجم
نفسه بالثاني في قوله:
قالوا ابو احمد يبني فقلت لهم
كما بنت دودة بنيان السرق
بنته حتى اذا تم البناء لها
كان التمام ووشك الخير في نسق
ويثني عليه ويصفه بقوله:
نفسي الفداء لمن اذا جرح الاسى
قلبي اسوت به جروح اسائي
كبدي وتاموري وحبة ناظري
ومؤملي في شدتي ورخائي((37))
ربيته متوسما في وجهه
ما قبل في توسمت آبائي
ورزقته حسن القبول مبينا
فيه عطاء اللّه ذي الالاء
وغدوت مقتنيا له عن امه
وهي النجيبة وابنة النجباء
وعمرت منه مجالسي ومسالكي
وجمعت منه مربي وهوائي
فاظل ابهج في النهار بقربه
واريه كيف تناول العلياء
وازيره العلماء ياخذ عنهم
ولشذ من يغدو الى العلماء
واذا يجن الليل بات مسامري
ومجاوري وممثلا بازائي
فابيت ادني مهجتي من مهجتي
واضم احشائي الى احشائي
وكان ابو نصر احمد بن كشاجم شاعرا اديبا، ومن شعره يذم به
بخيلا قوله((38)):
صديق لنا من ابرع الناس في البخل
وافضلهم فيه وليس بذي فضل
دعاني كما يدعو الصديق صديقه
فجئت كما ياتي الى مثله مثلي
فلما جلسنا للطعام رايته
يرى انه من بعض اعضائه اكلي
ويغتاظ احيانا ويشتم عبده
واعلم ان الغيظ والشتم من اجلي
فاقبلت استل الغذاء مخافة
والحاظ عينيه رقيب على فعلي
امد يدي سرا لاسرق لقمة
فيلحظني شزرا فاعبث بالبقل
الى ان جنت كفي لحتفي جناية
وذلك ان الجوع اعدمني عقلي
فجرت يدي للحين رجل دجاجة
فجرت كما جرت يدي‏رجلها رجلي
وقدم من بعد الطعام حلاوة
فلم استطع فيها امر ولا احلي
وقمت لو اني كنت بيت نية
ربحت ثواب الصوم مع عدم الاكل
وذكر الثعالبي في يتيمة الدهر((39)) (1/247 251) من
شعره ما يناهز الستين بيتا. وقال‏صاحب تعاليق اليتيمة
(1/240): لم نعثر في ديوان كشاجم على شي‏ء من
هذه‏المختارات، ذاهلا عن ان الديوان المعروف هو لكشاجم لا
لابنه ابي نصر احمد الذي‏انتخب الثعالبي من شعره، ويستشهد
بشعره الوطواط في غرر الخصائص((40)).
خرج ابو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات الوزير، المتوفى سنة
(391) الى بستانه‏بالمقس، فكتب اليه ابو نصر بن كشاجم على
تفاحة بماء الذهب وانفذها اليه((41)).
اذا الوزير تخلى
للنيل في الاوقات
فقد اتاه سميا
ه جعفر بن الفرات
ويوجد في بدائع البدائه شي‏ء من شعره راجع (1/157)، وذكر
من شعره ابن عساكرفي تاريخه((42)) (4/149) ما نظمه سنة
(356) بالرملة لما ورد اليها ابو علي القرمط‏ي‏القصير.
ويذكر محمد بن هارون بن الاكتمي ابني كشاجم، ويهجوهما
بقوله((43)):
يا ابني كشاجم انتما
مستعملان مجربان
مات المشوم ابوكما
فخلفتماه على المكان
وقرنتما في عصرنا
ففعلتما فعل القران
لغلاء اسعار الطعا
م وميتة الملك الهجان
(23) الناشئ الصغير
المولود(271)
المتوفى (365)
يا آل ياسين من يحبكم
بغير شك لنفسه نصحا
انتم رشاد من الضلال كما
كل فساد بحبكم صلحا
وكل مستحسن لغيركم
ان قيس يوما بفضلكم قبحا
ما محيت آية النهار لنا
وآية الليل ذو الجلال محا
وكيف تمحى انوار رشدكم
وانتم في دجى الظلام ضحى
ابوكم احمد وصاحبه
الممنوح من علم ربه منحا
ذاك علي الذي تفرده
في يوم خم بفضله اتضحا
اذ قال بين الورى وقام به
معتضدا في القيام مكتشحا
من كنت مولاه فالوصي له
مولى بوحي من الاله وحى
فبخبخوا ثم بايعوه ومن
يبايع اللّه مخلصا ربحا
ذاك علي الذي يقول له
جبريل يوم النزال ممتدحا
لا سيف الا سيف الوصي‏ولا
فتى سواه ان حادث فدحا
لو وزنوا ضربه لعمرو واعما
ل البرايا لضربه رجحا
ذاك علي الذي تراجع عن
فتح سواه وسار فافتتحا
في يوم حض اليهود حين
اقل الباب من حصنهم وحين دحا
لم يشهد المسلمون قط رحى
حرب والفوا سواه قطب رحى
صلى عليه الاله تزكية
ووفق العبد ينشئ المدحا
وقال في قصيدة يوجد منها (36) بيتا:
الا يا خليفة خير الورى
لقد كفر القوم اذ خالفوكا
ادل دليل على انهم
ابوك وقد سمعوا النص فيكا
خلافهم بعد دعواهم
ونكثهم بعدما بايعوكا
الى ان قال:
فيا ناصر المصطفى احمد
تعلمت نصرته من ابيكا
وناصبت نصابه عنوة
فلعنة ربي على ناصبيكا
فانت الخليفة دون الانام
فما بالهم في الورى خلفوكا
ولا سيما حين وافيته
وقد سار بالجيش يبغي تبوكا
فقال اناس قلاه النبي
فصرت الى الطهر اذ خفضوكا
فقال النبي جوابا لما
يؤدي الى مسمع الطهر فوكا
الم ترض انا على رغمهم
كموسى وهارون اذ وافقوكا
ولو كان بعدي نبي كما
جعلت الخليفة كنت الشريكا
ولكنني خاتم المرسلين
وانت الخليفة ان طاوعوكا
وانت الخليفة يوم انتجاك
على الكور حينا وقد عاينوكا
يراك نجيا له المسلمون
وكان الاله الذي ينتجيكا
على فم احمد يوحي اليك
واهل الضغائن مستشرفوكا
وانت الخليفة في دعوة
العشيرة اذ كان فيهم ابوكا
ويوم الغدير وما يومه
ليترك عذرا الى غادريكا
لهم خلف نصروا قولهم
ليبغوا عليك ولم ينصروكا
اذا شاهدوا النص قالوا لنا
توانى عن الحق واستضعفوكا
فقلنا لهم نص خير الورى
يزيل الظنون وينفي الشكوكا
وله يمدح آل اللّه قوله:
بل محمد عرف الصواب
وفي‏ابياتهم نزل الكتاب
هم الكلمات والاسماء لاحت
لادم حين عز له المتاب
وهم حجج الاله على البرايا
بهم وبحكمهم لا يستراب
بقية ذي العلى وفروع اصل
بحسن بيانهم وضح الخطاب
وانوار ترى في كل عصر
لارشاد الورى فهم شهاب
ذراري احمد وبنو علي
خليفته فهم لب لباب
تناهوا في نهاية كل مجد
فطهر خلقهم وزكوا وطابوا
اذا ما اعوز الطلاب علم
ولم يوجد فعندهم يصاب
محبتهم صراط مستقيم
ولكن في مسالكه عقاب((44))
ولا سيما ابو حسن علي
له في الحرب مرتبة تهاب
كان سنان ذابله ضمير
فليس عن القلوب له ذهاب
وصارمه كبيعته بخم
معاقدها من القوم الرقاب
علي الدر والذهب المصفى
وباقي الناس كلهم تراب
اذا لم تبر من اعدا علي
فما لك في محبته ثواب((45))
اذا نادت صوارمه نفوسا
فليس لها سوى نعم جواب
فبين سنانه والدرع سلم
وبين البيض والبيض اصطحاب
هو البكاء في المحراب ليلا
هو الضحاك ان جد الضراب
ومن في خفه طرح الاعادي
حبابا كي يلسبه الحباب((46))
فحين اراد لبس الخف وافى
يمانعه عن الخف الغراب
وطار به فاكفاه وفيه
حباب في الصعيد له انسياب((47))
ومن ناجاه ثعبان عظيم
بباب الطهر القته السحاب
رآه الناس فانجفلوا برعب
واغلقت المسالك والرحاب((48))
فلما ان دنا منه علي
تدانى الناس واستولى العجاب
فكلمه علي مستطيلا
واقبل لا يخاف ولا يهاب
ودن لحاجر وانساب فيه
وقال وقد تغيبه التراب((49))
انا ملك مسخت وانت مولى
دعاؤك ان مننت به يجاب
اتيتك تائبا فاشفع الى من
اليه في مهاجرتي الاياب
فاقبل داعيا واتى اخوه
يؤمن والعيون لها انسكاب
فلما ان اجيبا ظل يعلو
كما يعلو لدى الجد العقاب
وانبت ريش طاووس عليه
جواهر زانها التبر المذاب
يقول لقد نجوت باهل بيت
بهم يصلى لظ‏ى وبهم يثاب
هم النبا العظيم وفلك نوح
وباب اللّه وانقطع الخطاب
ما يتبع الشعر
الاصح ان هذه القصيدة للناشئ كما صرح به ابن شهرآشوب في
المناقب((50))، وروى‏ابن خلكان((51)) عن ابي بكر
الخوارزمي: ان الناشئ مضى الى الكوفة سنة (325)واملى
شعره بجامعها، وكان المتنبي وهو صبي يحضر مجلسه بها،
وكتب من املائه‏لنفسه من قصيدة:
كان سنان ذابله ضمير
فليس من القلوب له ذهاب
وصارمه كبيعته بخم
مقاصدها من الخلق الرقاب
وذكرها له الحموي في معجم الادباء((52)) (5/235)، واليافعي
في مرآة الجنان (2/335)،وجزم بذلك في نسمة
السحر((53))، وعزى من نسبها الى عمرو بن العاص الى
افحش‏الغلط، وهؤلاء مهرة الفن واليهم المرجع في امثال
المقام.
فما تجده في غير واحد من المعاجم وكتب الادب ككتاب
الاكليل((54))، وتحفة الاحباءمن مناقب آل العباء((55)) من
نسبتها الى عمرو بن العاص على وجوه متضاربة مما لامعول
عليه. قال صاحبا الاكليل والتحفة: ان معاوية بن ابي سفيان
قال يوما لجلسائه: من قال في علي فله هذه البدرة، فقال عمرو
بن العاص هذه الابيات طمعا بالبدرة.
وكذلك لا يصح عزوها الى ابن الفارض كما في بعض المعاجم،
وكان ابن
خلكان والحموي معاصرين لابن الفارض، فما كان يخفى
عليهما لو كان الشعر له،على‏انه كانت تتناقله الرواة قبل وجود
ابن الفارض.
والذي احسبه ان لجملة من الشعراء قصائد علوية على هذا
البحر والقافية مبثوثة بين‏الناس، وربما حرفت ابيات منها عن
مواضعها فادرجت في قصيدة الاخر، كما انك تجدابياتا من شعر
الناشئ في خلال ابيات السوسي المذكورة في مناقب ابن
شهرآشوب،وكذلك ابياتا من شعر ابن حماد في خلال ابيات
العوني، وابياتا من شعر الزاهي في‏خلال شعر الناشئ، وابياتا من
شعر العبدي في خلال شعر ابن حماد، وبذلك اشتبه‏الحال على
الرواة فعزي الشعر الى هذا تارة والى ذلك اخرى.
خمس جملة من هذه القصيدة العلامة الحجة الشيخ محمد
علي الاعسم النجفي اوله:
بنو المختار هم للعلم باب
لهم في كل معضلة جواب
اذا وقع اختلاف واضطراب
بل محمد عرف الصواب
الشاعر
ابو الحسن((56)) علي بن عبداللّه بن الوصيف الناشئ الصغير
الاصغر البغدادي من‏باب الطاق، نزيل مصر، المعروف بالحلاء،
كان ابوه يعمل حلية السيوف فسمي‏حلاء، ويقال له: الناشئ،
لان الناشئ يقال لمن نشا في فن من فنون الشعر، كما
قال‏السمعاني في الانساب((57)).
كان احد من تضلع في النظر في علم الكلام، وبرع في الفقه،
ونبغ في الحديث، وتقدم في‏الادب، وظهر امره في نظم
القريض، فهو جماع الفضائل، وسمط جمان العلوم، وفي‏الطليعة
من علماء الشيعة ومتكلميها، ومحدثيها، وفقهائها، وشعرائها.
روى عنه الشيخ الامام محمد بن النعمان المفيد، وبواسطته
يروي عنه شيخ الطائفة ابوجعفر الطوسي كما في فهرسته
(ص‏89)، واحتمل في رياض العلماء((58))
رواية الشيخ الصدوق عنه ايضا، وقال: لعله الذي كان من مشايخ
الصدوق.
وفي الوافي بالوفيات((59)) ولسان الميزان((60)) (4/238):
ان ابا عبداللّه الخالع، وابا بكر بن‏زرعة الهمداني، وعبدالواحد
العكبري، وعبدالسلام بن الحسن البصري اللغوي، وابن‏فارس
اللغوي، وعبداللّه بن احمد بن محمد بن روزبه الهمداني
وغيرهم يروون عنه،وانه يروي عن المبرد، وابن المعتز
وغيرهما.
وذكر ابن خلكان((61)): انه اخذ العلم عن ابي سهل اسماعيل
بن علي بن نوبخت، وهومن اعاظم متكلمي الشيعة.
وقال شيخ الطائفة في فهرسته (ص‏89): وكان يتكلم على
مذهب اهل الظاهر في الفقه.واهل الظاهر هم اصحاب ابي
سليمان داود بن علي بن خلف الاصبهاني المعروف‏بالظاهري
المتوفى (270)، قال ابن النديم في الفهرست((62))
(ص‏303): هو اول من‏استعمل قول الظاهر واخذ بالكتاب
والسنة، والغى ما سوى ذلك من الراي والقياس.وقال ابن
خلكان في تاريخه((63)) (1/193): كان ابو سليمان صاحب
مذهب مستقل،وتبعه جمع كثير يعرفون بالظاهرية.
وفي رجال النجاشي((64)): ان للمترجم كتابا في الامامة، لكن
الشيخ الطوسي يذكر له‏كتبا في الفهرست. وفي تاريخ ابن
خلكان: ان له تصانيف كثيرة، وفي الوافي بالوفيات:ان شعره
مدون، وان مدائحه في اهل البيت (ع) لا يحصى كثرة، ولذلك
عده ابن‏شهرآشوب في معالم العلماء((65)) من مجاهري شعراء
اهل البيت (ع).
وفي معجم الادباء((66)): قال الخالع: كان الناشئ يعتقد
الامامة، ويناظر عليها باجودعبارة، فاستنفد عمره في مديح
اهل البيت حتى عرف بهم، واشعاره فيهم‏لاتحصى‏كثرة، ومدح
مع ذلك الراضي باللّه وله معه اخبار، وقصد كافورا
الاخشيدي‏بمصر وامتدحه، وامتدح ابن حنزابة وكان ينادمه،
وطري((67)) الى البريدي بالبصرة،والى ابي الفضل بن العميد
بارجان.
وقال: قال ابن عبدالرحيم: حدثني الخالع قال: حدثني الناشئ،
قال: ادخلني ابن رائق‏على الراضي باللّه وكنت مداحا لابن
رائق ونافقا عليه فلما وصلت الى الراضي قال‏لي: انت الناشئ
الرافضي ؟ فقلت: خادم امير المؤمنين الشيعي. فقال: من اي
الشيعة ؟فقلت: شيعة بني هاشم. فقال هذا خبث حيلة. فقلت:
مع طهارة مولد. فقال: هات مامعك.
فانشدته فامر ان يخلع علي عشر قطع ثيابا، واعط‏ى اربعة آلاف
درهم، فاخرج‏الي‏ذلك وتسل مته وعدت الى حضرته فقبلت
الارض وشكرته، وقلت: انا ممن‏يلبس الطيلسان. فقال: ها هنا
طيالس عدنية اعطوه منها طيلسانا واضيفوا اليهاعمامة خز،
ففعلوا.
فقال: انشدني من شعرك في بني هاشم، فانشدته:
بني العباس ان لكم دماء
اراقتها امية بالذحول((68))
فليس بهاشمي من يوالي
امية واللعين ابا زبيل
فقال: ما بينك وبين ابي زبيل ؟ فقلت: امير المؤمنين اعلم.
فابتسم وقال:انصرف.
ويستفاد من غير واحد من الاخبار ان الناشئ على كثرة شعره
في اهل البيت(ع)حظ‏ي منهم بالقبول والتقدير، وحسبه ذلك
ماثرة لا يقابلها اي فضيلة، ومكرمة‏خالدة‏تكسبه فوز النشاتين.
روى الحموي في معجم الادباء((69)) قال: حدثني الخالع،
قال:
كنت مع والدي في سنة ست واربعين وثلاثمائة وانا صبي في
مجلس الكبوذي في‏المسجد الذي بين الوراقين والصاغة، وهو
غاص بالناس، واذا رجل قد وافى وعليه‏مرقعة وفي يده سطيحة
وركوة ومعه عكاز، وهو شعث، فسلم على الجماعة
بصوت‏يرفعه، ثم قال: