الغدير
في الكتاب والسنة والادب
الجزء العاشر

العلامة الشيخ عبدالحسين الاميني

هوية الكتاب
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الجزء العاشر
يحوي مناقب الخلفاء والنظرة فيها متنا واسنادا، ويتلوها بحث
حر عن المغالاة في فضائل معاوية،يوقف القارئ على نفسيات
الرجل وملكاته، ويميط الستر عن صحائف من تاريخ حياته
السوداء،ويعرفه بعجره وبجره، ولسنا مجازفين في القول،
منحازين عن الحق، متعصبين لمبدا اوعقيدة.
سبحانك نحن نسبح بحمدك ونقدس لك، وما لنا لا نؤمن باللّه
وما جاءنا من الحق ونطمع ان يدخلناربنا مع القوم الصالحين .
يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم، هذا بيان
للناس‏وهدى‏وموعظة‏للمتقين، قد جئتكم بالحكمة ولا بين
لكم بعض الذي تختلفون فيه، وانا لنعلم ان‏منكم مكذبين، وما
تفرق الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة، خذوا ما
آتيناكم بقوة،واتبعوا احسن ما انزل‏ال يكم من ربكم، اتبعوا من
لا يساءلكم اجرا وهم مهتدون، نحن نقص عليك‏نباءهم بالحق،
واعتصموا بحبل اللّه جميعا ولا تفرقوا، واطيعوا اللّه ورسوله ولا
تنازعوا فتفشلواوتذهب ريحكم، ولا تكونوا كالذين تفرقوا
واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، انهم اءلفوا آباءهم‏ضالين
فهم على آثارهم يهرعون، ولقد ضل قبلهم اكثر الاولين،
ويحاجون في اللّه من بعد مااستجيب له حجتهم‏داحضة ، فمن
حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فق ل: تعالوا ندع
ابناءناوابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل
فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين.
الاميني

بقية البحث عن مناقب الخلفاء الثلاثة
4 اخرج البخاري في كتاب المناقب من صحيحه((1))
(5/243) باب فضل ابي 10/بكر بعد النبي من‏طريق عبداللّه بن
عمر قال: كنا نخير بين الناس في زمن النبي(ص) فنخير ابا
بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم‏عثمان بن عفان‏غ.
وذكر في باب مناقب عثمان((2)) (5/262) عن ابن عمر ايضا
بلفظ: كنا في زمن النبي(ص) لا نعدل باءبي بكراحدا، ثم عمر،
ثم عثمان، ثم نترك اصحاب النبي(ص) لانفاضل بينهم. وبهذا
اللفظ حكاه الحافظ العراقي عن‏الصحيحين في طرح التثريب
(1/82).
واخرج في تاريخه (1/قسم‏2/13) بلفظ: كنا في عهد النبي(ص)
وبعده نقول: خير اصحاب النبي(ص)ابوبكر ثم عمر ثم عثمان.
واخرج احمد في مسنده((3)) (2/14) عن ابن عمر قال: كنا
نعد ورسول اللّه(ص) حي واصحابه متوافرون:ابو بكر وعمر
وعثمان ثم نسكت.
واخرج((4)) ابو داود والطبراني عن ابن عمر: كنا نقول ورسول
اللّه(ص) حي: افضل امة النبي(ص) بعده‏ابوبكر، ثم عمر، ثم
عثمان، فيسمع رسول اللّه(ص) ذلك فلا ينكره((5)).
وروى ابن سليمان في فضائل الصحابة من طريق سهيل بن ابي
صالح، عن ابيه، عن ابن عمر: كنا نقول: اذاذهب ابو بكر وعمر
وعثمان استوى الناس. فيسمع‏10/ النبي(ص) ذلك فلا
ينكره((6)).
وفي لفظ البزار: كنا نقول في عهد النبي(ص): ابو بكر وعمر
وعثمان يعني بالخلافة((7)) وفي لفظ الترمذي:كنا نقول
ورسول اللّه(ص) حي((8)).
وفي لفظ البخاري في تاريخه (1/قسم‏1/49): كنا نقول في زمن
النبي(ص): من‏يلي هذا الامر بعد النبي(ص)؟فيقال: ابو بكر، ثم
عمر، ثم عثمان، ثم نسكت.
قال الاميني : هذه الرواية عمدة ما تمسك به القوم فيما وقع
من الانتخاب الدستوري في الاسلام، وقد اتخذهاالمتكلمون
حجة لدى البحث عن الامامة، واتبع اثرهم المحدثون، ولهم
عند اخراجها تصويب وتصعيد،وتبجح وابتهاج، وجاء كثيرون
وقد اطنبوا واسهبوا في القول لدى شرحها، وجعلوها كحجر
اساسي علواعليها امر الخلافة الراشدة، واحتجوا بها على صحة
البيعة التي عم شؤمها الاسلام، وحفت بهنات ووصمات‏وشتتت
شمل المسلمين، وفتت في عضد الدين، وفصمت عراه، وجرت
الويلات على امة محمد حتى اليوم،فلنا عندئذ ان نبسط القول،
ونوقف القارئ على جلية الحال ( ليهلك من هلك عن بينة
ويحيى من حي عن‏بينة)((9))، واللّه ولي التوفيق.
كان عبد اللّه بن عمر على العهد النبوي الذي ادعى انه كان
يخير فيه فيختار في‏ابان شبيبته حتى انه كان لم‏يبلغ الحلم
في جملة من سنيه، ولذلك رده رسول اللّه(ص) عن الجهاد
يوم بدر واحد واستصغره، واجاز له‏يوم الخندق وهو ابن خمس
عشرة‏سنة كما ثبت في الصحيح((10))، وهو على جميع
الاقوال في ولادته،وهجرته،ووفاته لم يكن مجاوزا العشرين يوم
وفاة رسول اللّه(ص)، وهو في مثل هذاالسن لا يخير
عادة‏في‏التفاضل بين مشيخة الصحابة ووجوه الامة، ولا
يتخذحكما يمضى رايه في الخيرة، لان الحكم الفاصل في‏مثل
هذا يستدعي ممارسة‏طويلة، ووقوفا على تجاريب متتابعة
مقرونة بعقلية ناضجة، وتمييز بين‏مقتضيات‏الفضيلة، وعرفان
لنفسيات الرجال، وقوة في النفس لا يتمايل بها الهوى، 10/
وابن عمر كان يفقد كل‏هذه‏لما ذكرناه من صغر سنه يوم ذاك
المانع عن كل ما ذكرناه، وروايته هذه اقوى شاهد على فقدانه
تلكم‏الملكات الفاضلة. قال ابوغسان الدوري: كنت عند علي بن
الجعد فذكروا عنده حديث ابن عمر: كنانفاضل على عهد
رسول اللّه(ص) فنقول: خير هذه الامة بعد النبي ابو بكر وعمر
وعثمان، فيبلغ النبي(ص)فلا ينكر. فقال علي بن الجعد:
انظروا الى هذا الصبي هو لم يحسن ان يطلق امراته يقول: كنا
نفاضل((11)).
ومن عرف ابن عمر وقرا صحيفة تاريخه السوداء عرفه بضؤولة
الراي، واتباع الهوى، وبفقدانه كل تلكم‏الخلال((12)) يوم بلغ
اشده وكبر سنه فضلا عن عنفوان شبابه، وسيوافيك نزر من
آرائه السخيفة.
دع ابن عمر ومن لف لفه يختار ويتقول ( وربك يخلق ما يشاء
ويختار ما كان لهم الخيرة )((13)) ( وماكان‏لمؤمن و لا مؤمنة
اذا قضى اللّه ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم
)((14)).
ودع البخاري ومن حذا حذوه يصحح الباطل، ولا يعرف الحي
من اللي((15))، واسمع لغواهم ولا تخف‏طغواهم، ( ولو اتبع
الحق اهواءهم لفسدت السموات والارض ومن فيهن )((16))، (
قد جئناك بية من ربك‏والسلا م على من اتبع الهدى )((17)).
قال ابو عمر في الاستيعاب((18)) في ترجمة علي (ع)
(2/467): من قال بحديث ابن عمر: كنا نقول على عهدرسول
اللّه(ص) ابو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت يعني فلا
نفاضل وهو الذي انكر ابن معين وتكلم‏فيه بكلام غليظ، لان
القائل بذلك قد قال بخلاف ما اجتمع عليه اهل السنة من
السلف والخلف من اهل‏الفقه والاثر: ان عليا افضل الناس بعد
عثمان (رضى‏ا...عنه)، وهذا مما لم يختلفوا فيه، وانما اختلفوا
في تفضيل‏علي وعثمان.
واختلف السلف ايضا في تفضيل علي وابي بكر، وفي اجماع
الجميع الذي وصفنا دليل على ان حديث ابن‏عمر وهم وغلط،
وانه لا يصح معناه وان كان اسناده صحيحا. انتهى.
وقال ابن حجر((19)) بعد ذكر محصل كلام ابي عمر هذا:
وتعقب ايضا باءنه‏لايلزم من سكوتهم اذ ذلك عن‏تفضيله عدم
تفضيله على الدوام، وباءن الاجماع 10/ المذكور انما حدث بعد
الزمن الذي قيده ابن عمر،فيخرج حديثه عن ان يكون غلطا.
انتهى.
عزب عن ابن حجر ومن تعقب ابا عمر ان الاجماع الحادث
المذكور لم يكن الا لتلكم السوابق التي كان‏يحوزها مولانا امير
المؤمنين يوم سكت ابن عمر عن اختياره ولم تكن لها جدة،
وانما هي هي التي اثنى‏عليها الكتاب والسنة، فيلزم من
سكوتهم اذ ذاك عن تفضيله بعد الثلاثة عدم تفضيله على
الدوام، فان كان‏مدار الاجماع على اختياره (ع) يوم اختاروه هو
ملكاته، ونفسياته، وسبقه في الفضائل والفواضل المفصلة‏في
الكتاب والسنة فهي لا تفارقه (ع) وهو المختار بها على الكل
في ادوار حياته يوم فارق النبي(ص) الدنيا،وهلم جرا. وان كان
المدار غير ذلك من الشيخوخة والكبر وامثالهما فذلك شي‏ء لا
نعرفه، ولا نفضله (ع)على غيره بهذه التافهات التي هي شرك
القوم اقتنصت بها بسطاء امة محمد(ص) يوم بيعة ابي بكر
حتى‏اليوم.
وليت من تعقب ابن عبد البر ان لم يكن ياءخذ بكل ما جاء في
علي امير المؤمنين من الكتاب والسنة‏الصحيحة الثابتة كان
ياءخذ بما جاء به قومه عن انس فحسب ثم يحكم فيما جاء به ابن
عمر، قال انس: قال‏رسول اللّه(ص): ان اللّه افترض عليكم حب
ابي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، كما افترض الصلاة
والزكاة‏والصوم والحج، فمن انكر فضلهم فلا تقبل منه الصلاة
ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج((20)).
الرياض النضرة((21)) (1/29).
وشتان بين راي ابن عمر وبين قول ابيه في علي (ع): هذا
مولاي ومولى كل مؤمن، من لم يكن مولاه فليس‏بمؤمن. راجع
ما مضى (1/341) الطبعة الاولى و (1/382) الطبعة الثانية.
ولعل القوم سترا على عوار اختيار ابن عمر، وتخلصا من نقد ابي
عمر المذكور، اختلقوا من طريق‏جعدبة((22)) بن يحيى عن
العلاء بن البشير العبشمي، عن ابن ابي اويس، عن مالك، عن
نافع، عن ابن عمرانه قال: كنا على عهد رسول‏اللّه(ص) نفاضل
فنقول: ابو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي.
واختلقوا من طريق محمد بن ابي البلاط((23)) عن زهد بن
ابي عتاب، عن ابن‏عمر ايضا قال: كنا نقول في‏زمن النبي(ص):
يلي الامر بعده ابو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم نسكت.
ولعل الواقف على اجزاء كتابنا هذا، وبالاخص الجزء السادس
وهلم جرا، يعلم ويذعن باءن اختيار ابن‏عمر ومن راى رايه
باطل في غاية السخافة، ولو كان معظم الصحابة لم يعدل باءبي
بكر احدا في زمن نبيهم‏فما الذي زحزحهم عن رايهم ذلك يوم
السقيفة؟ وما الذي ارجاءهم عن بيعته؟ ومن اين اتاهم ذلك
الخلاف‏الفاحش الذي جر الاسواء على الامة حتى اليوم؟ وقد
عرفناك في الجزء السابع (ص‏76، 93، 141)
الطبعة‏الاولى((24)).
ان عيون الصحابة من المهاجرين والانصار لما لم تكن تجد
لابي بكر يوم‏تقمص الخلافة فضيلة يستحق بهاالخلافة، وتدعم
بها الحجة على الناس في بيعته تقاعست وتقاعدت عنها وما
مدت اليها منهم يد، ولم تكن‏لهم فيها قدم، وما بايعه يومها
الاول الا رجلان او اربعة، او خمسة، ثم حدت الامة اليها الدعوة
المشفوعة‏بالارهاب والترعيب، وما كان في افواه الدعاة اليها الا
الترهيب بالقتل والضرب والحرق، او قولهم: ان ابابكر السباق
المسن، صاحب رسول اللّه في الغار، وكانت هذه غاية جهدهم
في عد فضائل ابي بكر. قال ابن‏حجر في فتح
الباري((25))(13/178): وهي فضيلة كونه ثاني اثنين في
الغار اعظم فضائله التي استحق بها ان‏يكون الخليفة من بعد
النبي(ص)، ولذلك قال عمر بن الخطاب: ان ابا بكر صاحب
رسول‏اللّه ، ثاني اثنين،فانه اولى المسلمين باءموركم. انتهى.
الا مسائل ابن حجر عن ان صحبة يومين في الغار التي تتصور
على انحاء، وللقول فيها مجال واسع، صحبة‏ما امكنت الرجل
من ان يصف صاحبه لما جاءه اليهود وقالوا: صف لنا صاحبك.
فقال: معشر اليهود لقدكنت معه في الغار كاصبعي هاتين،
ولقد صعدت معه جبل حراء وان خنصري لفي خنصره، ولكن
الحديث‏عنه(ص) شديد، وهذا علي بن ابي طالب. فاءتوا عليا
فقالوا: يا ابا الحسن صف لنا ابن عمك، فوصفه.الحديث((26)).
كيف‏استحق الرجل‏بمثل‏هذه الصحبة‏الخلافة وصار
بذلك‏اولى‏الناس باءمورهم؟ واما صحبة علي (ع) اياه‏منذ نعومة
اظفاره الى آخر نفس لفظه(ص) حتى عاد منه كالظل من ذيه،
وعد نفسه في الكتاب العزيز،وقرنت ولايته بولاية اللّه وولاية
نبيه، وجعلت مودته اجر الرسالة، فلم تستوجب استحقاقه بها
الخلافة‏والاولوية باءمور الناس بعد قوله(ص): ((من كنت مولاه
فعلي مولاه)) ان هذا لشي‏ء عجاب!
واني لست ادري ان هذه المفاضلة المتسالم عليها بين الصحابة
في حياة رسول‏اللّه(ص) لماذا نسيها اولئك‏العدول بموته(ص)؟
ولماذا لم يصفقوا على ذلك الاختيار الذي كان يسمعه رسول
اللّه(ص) فلا ينكره؟ ووقع‏الخلاف والتشاح والتلاكم والتشاتم
والنزاع، حتى كاد ان يقتل صنو النبي الاعظم في تلك
المعمعة، ورات‏بضعته الصديقة ما رات، ووقعت وصمات لا
تنسى طيلة حياة الدنيا، وارجئ دفن رسول اللّه(ص)
ثلاثا،وكانت الصحابة بمعزل عنه(ص) وعن اجنانه((27))، وما
حضر الشيخان دفنه((28)). قال النووي في شرح‏صحيح
مسلم((29)): كان عذر ابي بكر وعمر وسائر الصحابة واضحا
لانهم راوا المبادرة بالبيعة من اعظم‏مصالح المسلمين، وخافوا
من تاءخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة،
ولهذا اخروا دفن‏النبي(ص) حتى عقدوا البيعة لكونها كانت
اهم الامور، كي لا يقع نزاع في مدفنه، او كفنه، او غسله،
اوالصلاة عليه، او غير ذلك.
ثم لو كان الامر كما زعم ابن عمر من الاختيار فتقديم ابي بكر
يوم السقيفة الرجلين: عمر وابا عبيدة على‏نفسه وقوله: بايعوا
احد الرجلين، او قوله: قد رضيت لكم احد هذين الرجلين
فبايعوا ايهما شئتم.لماذا؟
ولماذا قول ابي بكر لابي عبيدة الجراح حفار القبور: هلم
ابايعك فان رسول اللّه(ص) يقول: انك امين هذه‏الامة؟
تاريخ ابن عساكر((30)) (7/160).
ولماذا قول ابي بكر في خطبة له: اما واللّه ما انا بخيركم، ولقد
كنت لمقامي هذا كارها؟ او قوله: الا وانما انابشر ولست بخير
من احد منكم فراعوني؟ او قوله: اني‏وليت عليكم ولست
بخيركم؟ او قوله: اقيلوني‏اقيلوني لست بخيركم((31))؟
ولماذا ورم انف كل الصحابة يوم اختيار ابي بكر عمر بن
الخطاب للامر بعده، واراد كل منهم ان يكون‏الامر له دونه
؟ ((32))
ولماذا جابه طلحة بن عبيد اللّه اءحد العشرة المبشرة ابابكر
يوم استخلف عمر فقال طلحة: ما تقول لربك‏وقد وليت عليها
فظا غليظا؟
ولماذا ندم ابوبكر في اخريات ايامه على خلافته قائلا: وددت
اني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الامرفي عنق احد
الرجلين يريد عمر وابا عبيدة فكان احدهما اميرا وكنت وزيرا؟
راجع (7/170).
ولماذا اتى عمر ابا عبيدة الجراح يوم وفاة النبي(ص) فقال:
ابسط يدك فلابايعك فانك امين هذه الامة على‏لسان رسول
اللّه(ص)((33))؟
وما الذي دعا عمر بن الخطاب الى قوله لابن عباس: اما واللّه يا
بني عبدالمطلب، لقد كان علي فيكم اولى‏بهذا الامر مني ومن
ابي بكر؟ راجع (1/346 الطبعة الاولى، ص‏389 الطبعة الثانية).
ولماذا قال عمر لما طعن: ان ولوها الاجلح سلك بهم الطريق
الاجلح «المستقيم‏»((34)) يعني عليا فقال له ابن‏عمر: ما
منعك ان تقدم عليا؟ قال: اكره ان احملها حيا وميتا((35)).
ولماذا قال لاصحاب الشورى: للّه درهم ان ولوها الاصيلع، كيف
يحملهم على الحق، قالوا: اتعلم ذلك منه‏ولا تستخلفه؟ قال:
ان استخلف فقد استخلف من هو خير مني، وان اترك فقد ترك
من هو خيرمني((36)).
ولماذا تمنى عمر يوم طعن سالم بن معقل احد الموالي قائلا: لو
كان سالم حيا ماجعلتها شورى((37))؟ وفي لفظ‏الطبري:
استخلفته. وفي لفظ للباقلاني: لرايت اني قد اصبت الراي، وما
تداخلني فيه الشكوك.
ولماذا كان يقول: لو ادركني احد رجلين فجعلت هذا الامر اليه
لوثقت به : سالم مولى ابي حذيفة، وابي‏عبيدة بن
الجراح((38))؟
ولماذا قال للقائلين له: لو عهدت يا امير المؤمنين: لو ادركت
ابا عبيدة الجراح ثم وليته، ثم قدمت على ربي‏فقال لي: لم
استخلفته على امة محمد؟ لقلت: سمعت عبدك وخليلك
يقول: لكل امة امين، وان امين هذه الامة‏ابو عبيدة الجراح، ولو
ادركت خالدا ثم وليته، ثم قدمت على ربي فقال لي: من
استخلفت على امة‏محمد؟لقلت: سمعت عبدك وخليلك
يقول: لخالد سيف من سيوف اللّه سله اللّه على
المشركين((39)).
ولماذا قوله: لو ادركت ابا عبيدة لاستخلفته وما شاورت، فان
سئلت عنه قلت: استخلفت امين اللّه وامين‏رسوله((40))؟
ومر في الجزء الخامس (ص‏311 الطبعة الاولى، ص‏362 الطبعة
الثانية) ان عائشة قالت لعبد اللّه بن عمر: يابني ابلغ عمر
سلامي وقل له: لا تدع امة محمد بلاراع، استخلف عليهم ولا
تدعهم بعدك هملا، فاني اخشى‏عليهم الفتنة، فاءتى عبد اللّه
فاءعلمه فقال: ومن تاءمرني ان استخلف؟ لو ادركت ابا عبيدة
بن الجراح‏باقيالاستخلفته و وليته، فاذا قدمت على ربي
فساءلني وقال لي: من وليت على امة محمد؟ قلت: اي
رب‏سمعت عبدك ونبيك يقول: لكل امة امين وامين هذه
الامة ابو عبيدة ابن الجراح. ولو ادركت معاذ بن جبل‏استخلفته،
فاذا قدمت على ربي فساءلني: من وليت على امة محمد؟ قلت:
اي رب سمعت عبدك ونبيك يقول:ان معاذ بن جبل ياءتي بين
يدي العلماء يوم القيامة، ولو ادركت خالد بن الوليد لوليته، فاذا
قدمت على ربي‏فساءلني: من وليت على امة محمد؟ قلت: اي
رب سمعت عبدك ونبيك يقول: خالد بن الوليد سيف
من‏سيوف اللّه سله على المشركين((41)).
ولماذا ساوى عمر بين اصحاب الشورى، ولما قيل له: استخلف.
قال: ما اجد احدا احق بهذا الامر من‏هؤلاء النفر او الرهط الذين
توفي رسول اللّه(ص) وهو عنهم راض، فسمى عليا وعثمان
والزبير وطلحة‏وسعدا وعبدالرحمن؟
صحيح البخاري((42)) (5/267).
واين هذا من قول عبد الرحمن بن عوف لعلي وعثمان: اني قد
ساءلت الناس لكما((43)) فلم اجد احدا يعدل‏بكما احدا. وقوله:
ايها الناس اني ساءلتكم سرا وجهرا باءمانيكم((44)) فلم اجدكم
تعدلون باءحد هذين‏الرجلين: اما علي واما عثمان((45))؟
ولماذا بدا عبد الرحمن بن عوف بعلي (ع) اولا للبيعة وقدمه
على عثمان يوم الشورى، غير انه اشترط عليه‏صلوات اللّه عليه
القيام بسيرة الشيخين، فلم يقبله وقبله عثمان فبايعه على
ذلك((46))؟ وقد مر الكلام حول‏هذا الشرط في الجزء التاسع
(ص‏88، 90).
ولماذا قال ابو وائل لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان
وتركتم عليا؟ اخرجه احمد في‏مسنده((47))(1/75).
ولماذا قال معاوية: انما كان هذا الامر لبني عبد مناف، لانهم
اهل رسول‏اللّه(ص)، فلما مضى رسول اللّه(ص)ولى الناس ابابكر
وعمر من غير معدن الملك والخلافة. ياءتي تمام كلامه في هذا
الجزء.
ولماذا قال العباس عم النبي لعلي (ع) يوم قبض النبي (ص):
ابسط يدك فلنبايعك((48))؟
ولماذا قال العباس لابي بكر: فان كنت برسول اللّه طلبت فحقنا
اخذت وان كنت بالمؤمنين طلبت فنحن‏منهم، متقدمون
فيهم. وان كان هذا الامر انما يجب لك بالمؤمنين فما وجب اذ
كنا كارهين؟ الى آخر ما مر في(5/320 الطبعة الاولى).
ولماذا تقاعد عمار وشتم ابن ابي سرح لما قال: ان اردت ان لا
تختلف قريش‏فبايع عثمان؟ وخالف المقدادوجمع آخر من
عيون الصحابة بيعة عثمان، وتمت بالارهاب والترعيد، وقال
عمار لعبد الرحمن: ان اردت‏ان لا يختلف المسلمون فبايع
عليا. فقال المقداد: صدق عمار ان بايعت عليا قلنا: سمعنا
واطعنا((49)). وقال‏علي‏لعبد الرحمن: ((حبوته حبو دهر ليس
هذا او ل يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل واللّه المستعان
على‏ما تصفون. واللّه ما وليت عثمان الا ليرد الامر اليك، واللّه
كل يوم هو في شاءن))؟
تاريخ الطبري((50)): (5/37).
ولماذا قال سعد بن ابي وقاص لعبد الرحمن بن عوف: ان كنت
تدعوني والامر لك وقد فارقك عثمان على‏مبايعتك كنت
معك، وان كنت انما تريد الامر لعثمان فعلي احق بالامر واحب
الي من عثمان، بايع لنفسك‏وارحنا وارفع رؤوسنا؟!
انساب البلاذري (5/20)، تاريخ الطبري (5/36)، الكامل لابن
الاثير (3/29)، فتح الباري(13/168)((51)).
ولماذا قال الزبير: لو مات عمر لبايعت طلحة، فواللّه ما كان بيعة
ابي بكر الا فلتة فتمت((52))؟!
ولماذا جابه الزبير يوم قال عمر: اكلكم يطمع في الخلافة بعدي
بقوله: ما الذي يبعدنا منها؟ وليتها انت‏فقمت بها ولسنا دونك
في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة.
شرح ابن ابي الحديد((53)) (1/62).
واين يقع قول علي امير المؤمنين (ع) على صهوة المنبر: ((اما
واللّه لقد تقمصها ابن ابي قحافة وانه ليعلم‏ان‏محل ي منها
محل القطب من الرحى)) الى آخر الخطبة الشقشقية، الى
كلمات اخرى له تضاد هذه‏المفاضلة.
ولماذا كان ابو عبيدة احب الى رسول اللّه بعد الشيخين من
اصحابه كما في صحيحة جاء بها((54)) ابن ماجة في‏سننه
(1/51)، والترمذي في صحيحه (13/126) عن ابن شقيق، قال:
قلت لعائشة غ: اي اصحاب رسول‏اللّه(ص) كان احب الى رسول
اللّه(ص)؟ قالت: ابو بكر. قلت: ثم من؟ قالت: عمر. قلت: ثم من؟
قالت: ابوعبيدة بن الجراح. قلت: ثم من؟ فسكتت؟
واخرجها((55)): احمد في مسنده (6/218)، وابن عساكر في
تاريخه (7/161).
وشتان بين اختيار ابن عمر وبين ما جاء عن ابن ابي مليكة قال:
قيل لعائشة: من كان رسول اللّه(ص)مستخلفا لو استخلف؟
قالت: ابو بكر. قيل لها: ثم من؟قالت: عمر. فقيل لها: ثم من؟
قالت: ابو عبيدة.وانتهت الى هذه((56)).
واين كان ابن عمر عن اناس كانوا يفضلون بلال الحبشي على
ابي بكر حتى قال: كيف تفضلوني عليه وانماانا حسنة من
حسناته((57))؟
وانى اختيار ابن عمر من قول كعب بن زهير((58)):
صهر النبي وخير الناس كلهم
وكل من رامه بالفخر مفخور
صلى الصلاة مع الامي اولهم
قبل العباد ورب الناس مكفور
ومن قول ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب:
ما كنت احسب ان الامر منتقل
عن هاشم ثم منها عن ابي حسن
اليس اول من صلى لقبلتهم
واعلم الناس بالايات والسنن
وآخر الناس عهدا بالنبي ومن
جبريل عون له في الغسل والكفن
من فيه ما فيهم ما تمترون به
وليس في القوم ما فيه من الحسن
ماذا الذي ردكم عنه فنعلمه
ها ان بيعتكم من اول الفتن((59))
ومن قول الفضل بن ابي لهب:
الا ان خير الناس بعد محمد
مهيمنه التاليه في العرف والنكر
وخيرته في خيبر ورسوله
بنبذ عهود الشرك فوق ابي بكر
واول من صلى وصنو نبيه
واول من اردى الغواة لدى بدر
فذاك علي الخير من ذا يفوقه
ابو حسن حلف القرابة والصهر
ومن قول عبد اللّه بن ابي سفيان بن الحارث:
وكان ولي الامر بعد محمد
علي وفي كل المواطن صاحبه
وصي رسول اللّه حقا وجاره
واول من صلى ومن لان جانبه((60))
ومن قول النجاشي احد بني الحارث بن كعب، من ابيات
له((61)):
جعلتم عليا واشياعه
نظير ابن هند اما تستحونا
الى افضل الناس بعد الرسول
وصنو الرسول من العالمينا
وصهر الرسول ومن مثله
اذا كان يوم يشيب القرونا
ومن قول جرير بن عبد اللّه البجلي((62))، من ابيات له:
فصلى الاله على احمد
رسول المليك تمام النعم
وصلى على الطهر من بعده
خليفتنا القائم المدعم
عليا عنيت وصي النبي
يجالد عنه غواة الامم
له الفضل والسبق والمكرما
ت وبيت النبوة لا يهتضم
ومن قول زحر بن قيس((63)) الى خاله جرير:
جرير بن عبد اللّه لا تردد الهدى
وبايع عليا انني لك ناصح
فان عليا خير من وطئ الحصى
سوى احمد والموت غاد ورائح
ومما قيل على لسان الاشعث بن قيس الكندي((64)):
اتانا الرسول رسول الوصي
علي المهذب من هاشم
رسول الوصي وصي النبي
وخير البرية من قائم
وزير النبي وذو صهره
وخير البرية في العالم
له الفضل والسبق بالصالحات
لهدي النبي به ياءتمي((65))
وانت ترى من جراء ذلك الاختيار الباطل الذي جاء به ابن عمر
ان تدهورت‏السياسة فصار الانتخاب‏نصا، وانقلبت الديمقراطية
ان كانت الى دكتاتورية محضة رضيت الامة ام غضبت، ثم عاد
الامر شورى‏ويا للّه وللشورى وسيف عبد الرحمن ابن عوف هو
العامل الوحيد يوم ذاك، الى ان اصبح ملكا عضوضا،ووصلت
النوبة الى الطلقاء وابناء الطلقاء، الى رجال العيث والفساد، الى
ابناء الخمور والفجور، الى ان‏تمكن معاوية الخمر والربا من
استخلاف يزيد العرة والشرة قائلا: من احق منه بالخلافة في
فضله وعقله‏وموضعه؟ وما اظن قوما بمنتهين حتى تصيبهم
بوائق تجتث اصولهم، وقد انذرت ان اغنت النذر((66)).
لم يكن لاعيان الامة، ووجوه الصحابة، وصلحاء الملة، وخيرة
الناس في امر تلكم الادوار القاتمة حل ولاعقد، بل كانوا
مضطهدين مقهورين مبتزين يرون حكم اللّه مبدلا، وكتابه
منبوذا، وفرائضه محرفة عن‏جهات اشراعه، وسنن نبيه متروكة.
سبحانك اللهم ما اجراهم على الرحمن وانتهاك حرمة النبي
وكتابه باختياريضاده نداء القرآن الكريم، (كتاب فصلت آياته
قرآنا عربيا لقوم يعلمون )((67))! باختيار كذبه ما جاء عن
النبي الاقدس(ص) من‏النصوص على اختيار اللّه عليا وانه احد
الخيرتين، وانه خير البشر بعده(ص)، وانه احب الناس الى
اللّهواليه(ص)، وانه منه بمنزلته من ربه، وانه منه بمنزلة الراس
من جسده، وانه منه بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي
بعده، وان لحمه لحمه ودمه دمه والحق معه، وان
طاعته‏طاعته ومعصيته معصيته، وانه سلم لمن‏سالمه، وحرب
لمن حاربه((68)) وانه ممسوس في ذات اللّه((69)) الى
نصوص كثيرة تضاد اختيار ابن عمر ومن‏شاكله في تمني
الحديث.
اليست هذه الاحاديث الى امثالها المعدودة بالمئات انكارا من
رسول‏اللّه(ص)لقولهم ان كان هناك قول: اذاذهب ابو بكر
وعمر وعثمان استوى الناس؟
اليست آي المباهلة والتطهير والولاية واضرابها الى الثلاثمائة
آية النازلة في علي (ع)((70)) تضاد ذلك القول‏القارص؟
( هل يستوي الاعمى والبصير ام هل تستوي الظلمات والنور
)((71)) ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون )((72))
( افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لايستوون )((73)) ( مثل
الفريقين كالاعمى والاصم‏والبصيروالسميع هل
يستويان‏مثلا)((74)) ( افمن كان على بينة من ربه كمن زين
له سوء عمله )((75)) (افمن يمشي مكبا على وجهه اهدى امن
يمشي سويا على صراط مستقيم )((76)) ( قل لا
يستوي‏الخبيث‏والطيب ولو اعجبك‏ك ثرة الخبيث )((77)) (
لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي‏الضرروالمجاهدون
ف ي سبيل اللّه )((78)) ( لا يستوي اءصحاب النار واءصحاب
الجنة )((79)) ( وما يستوي‏الاعمى والبصير والذين آمنوا
وعملوا الصالحات )((80)) ( افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب
اقفالها)((81)).
ما هذا الاختيار؟ وكيف يتم؟ ولم وبم؟
هل تدري ما الذي دعا ابن عمر الى رمي القول على عواهنه؟
الى رمي‏الصحابة بعزوه المختلق، ونسبة هذاالاختيار المبير
اليهم، وانهم تركوا المفاضلة بعد الثلاثة، وانهم قالوا: ثم نترك
اصحاب النبي(ص) لا نفاضل‏بينهم، وقالوا: كنا نقول: اذا ذهب
ابوبكر وعمر وعثمان استوى الناس فيسمع النبي(ص) ذلك
فلا ينكره؟
ام هل تدري بماذا تتصور المفاضلة والخيرة؟ وبم تتم؟ وانى
تصح؟ بعد ثبوت ما جاء في الصحاح والمسانيدمرفوعا من ان
عليا (ع) كان اعظمهم حلما، واحسنهم خلقا، واكثرهم علما،
واعلمهم بالكتاب والسنة،واقدمهم سلما، واولهم صلاة من
رسول اللّه، واوفاهم بعهد اللّه، واقومهم باءمر اللّه، واخشنهم في
ذات اللّه،واقسمهم بالسوية، واعدلهم في الرعية، وابصرهم
بالقضية، واعظمهم عند اللّه مزية، وافضلهم في القضاء،واولهم
واردا علي الحوض، واعظمهم عناء، واحبهم الى اللّه ورسوله،
واخصهم عنده منزلة، واقربهم‏قرابة،واولاهم‏بهم من‏انفسهم
كماكان‏رسول‏اللّه(ص)،واقربهم عهدا به(ص)((82))، وجبريل
ينادي: لا فتى الا علي لاسيف الا ذو الفقار((83)). فهل يبقى
هنالك موضوع للمفاضلة بعد هذه كلها حتى يخير فيه الصبي
ابن عمر اوغيره، فيختارون على علي غيره؟ غفرانك اللهم
واليك المصير.
قال الجاحظ: لا يعلم رجل في الارض متى ذكر السبق في
الاسلام والتقدم فيه، ومتى ذكرت النجدة‏والذب‏عن الاسلام،
ومتى ذكر الفقه في الدين، ومتى ذكر الزهد في الاموال التي
تتناجز الناس عليها، ومتى‏ذكر الاعطاء في الماعون، كان
مذكورا في هذه الخصال كل ها الا علي (رضى‏ا...عنه). ثمار
القلوب‏للثعالبي((84)) (ص‏67).
لست ادري كيف ترك المخيرون اصحاب محمد بعد الثلاثة لا
تفاضل بينهم، وبماذا استوى الناس وفيهم‏العشرة المبشرة؟
وفيهم من رآه رسول اللّه(ص) شبيه عيسى في امته هديا وبرا
ونسكا وزهدا وصدقاوجداوخلقا وخلقا((85)).
وفيهم من كان(ص) يراه جلدة ما بين عينيه وانفه، طيبا
مطيبا، قد ملى‏ء ايماناالى مشاشه، يدور مع
الحق‏اينمادار((86)).
وفيهم من رآه(ص) اثقل في الميزان من احد، ويراه رجال
الصحابة: اشبه الناس هديا ودلا وسمتابمحمد(ص)((87)).
وفيهم من قربه(ص) وادناه، وعلمه علم ما كان وما
يكون((88)).
وفيهم من جاء فيه عن النبي(ص) قوله: ((من اراد ان ينظر الى
رجل نور قلبه‏فلينظر الى سلمان)). وقوله:((ان اللّه عز وجل
يحب من اصحابي اربعة، اخبرني انه يحبهم، وامرني ان احبهم:
علي، ابوذر، سلمان،المقداد))، وصح فيه قوله: ((سلمان منا
اهل البيت)). وقال علي امير المؤمنين: ((سلمان رجل منا اهل
البيت،ادرك علم الاولين والاخرين، من لكم بلقمان الحكيم
كان بحرا لا ينزف))((89)).
وفيهم العباس عم النبي(ص) الذي كان(ص) يجله اجلال الولد
والده، خاصة خص اللّه العباس بها من بين‏الناس، وله قال(ص):
((يا ابا الفضل لك من اللّه حتى ترضى)). وخطب(ص) في
قضية فقال: ((من اكرم‏الناس على اللّه؟)) قالوا: انت يا رسول
اللّه، قال: ((فان العباس مني وانا منه)). مستدرك
الحاكم((90))(3/325).
وجاء في حديث استسقاء عمر بالعباس عام الرمادة((91)) ان
عمر خطب الناس فقال: يا ايها الناس‏ان‏رسول اللّه(ص) كان
يرى للعب اس ما يرى الولد لوالده، يعظمه، ويفخمه، ويبر
قسمه، فاقتدوا ايهاالناس برسول اللّه في عمه العباس، واتخذوه
وسيلة الى اللّه عز وجل فيما نزل بكم((92)).
وفيهم معاذ بن جبل وقد صح فيه عند القوم قول رسول
اللّه(ص): انه اعلم الاولين والاخرين بعد النبيين‏والمرسلين،
وان اللّه يباهي به الملائكة((93)).
وفيهم ابي بن كعب وقد صحح الحاكم فيه قول ابي مسهر: ان
رسول اللّه(ص)سماه سيد الانصار، فلم يمت‏حتى قالوا: سيد
المسلمين((94)).
وفيهم اسامة بن زيد حب رسول اللّه(ص) وقد جاء فيه عن ابن
عمر نفسه في الصحيحين قوله(ص) لماطعن بعض الناس في
امارته وقد امره على جيش كان فيهم ابو بكر وعمر: ((فقد
كنتم تطعنون في امارة ابيه‏من قبل، وايم اللّه ان كان لخليقا
للامارة، وان كان لمن احب الناس الي، وان هذا لمن احب
الناس‏الي‏بعده))((95)).
وقوله(ص): اسامة احب الي ما حاشا فاطمة ولا غيرها.
مسند احمد((96)): (2/96، 106، 110).
الى اناس آخرين يعدون في الرعيل الاول من رجالات الفضائل
والفواضل من امة محمد(ص) فهل كان‏ابن عمر يعرف هؤلاء
الرجال ومبلغهم من العظمة وما ورد فيهم عن النبي الاقدس
من جمل الثناء عليهم ثم‏يساوي بينهم وبين من عداهم نظراء
ابناء هند والنابغة والزرقاء؟
فان كان لا يدري فتلك مصيبة
وان كان يدري فالمصيبة اعظم
وكيف يتم هذا الاختيار وقد عزا القوم الى رسول اللّه(ص): ما
من نبي الا قداعط‏ي سبعة نجباء رفقاءواعطيت انا اربعة عشر:
سبعة من قريش: علي، والحسن، والحسين وحمزة، وجعفر،
وابو بكر، وعمر.وسبعة من المهاجرين: عبد اللّه بن مسعود،
وسلمان، وابو ذر، وحذيفة، وعمار، والمقداد، وبلال؟((97))
نعم، لا يرضى ابن عمر ان يكون علي امير المؤمنين افضل من
احد من اصحاب محمد(ص) حتى بعد عثمان‏وليد بيت امية،
قتيل الصحابة العدول ومخذولهم، ولا يروقه ان يحكم
بالمفاضلة بينه (ع) وبين ابن هند وان‏كان عاليا من المسرفين،
يسمع آيات اللّه تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كاءن لم يسمعها،
كاءن في اذنيه وقرا،ولابينه وبين ابن النابغة الابتر ابن الابتر،
ولا بينه وبين مغيرة بن شعبة ازنى ثقيف، ولا بينه وبين
ابناءامية اثمار الشجرة الملعونة في القرآن، من وزغ طريد، الى
لعين مثله، الى فاسق مستهتر، الى فاحش‏متفحش، ولا بينه
وبين سلسلة الخمارين رجال الخمور والفجور في الجاهلية او
الاسلام نظراء:
ابي بكر بن شغوب((98)). راجع الغدير (7/99).
ابي طلحة زيد بن سهل الانصاري. مسند احمد((99)) (3/181،
227)، سنن البيهقي (8/286)، الغدير(7/99).
ابي عبيدة بن الجراح. مسند احمد((100)) (3/181)، سنن
البيهقي (8/286)، شرح صحيح مسلم‏للنووي((101))(8/223)
هامش ارشاد الساري، مجمع الزوائد (5/52).
ابي محجن الثقفي. تفسير القرطبي((102)) (3/56)، الاصابة
(4/175).
ابي بن كعب. مسند احمد((103)) (3/181)، سنن البيهقي
(8/286).
انس بن مالك. غير واحد من الصحاح والمسانيد، راجع الغدير
(7/97، 100)
حسان بن ثابت. تفسير القرطبي((104)) (3/57) وهو القائل:
ونشربها فتتركنا ملوكا
واسدا ما ينهنهنا اللقاء
خالد بن عجير. الاصابة (1/459).
سعد بن ابي وقاص. سنن البيهقي (8/285)، تفسير ابن كثير
(2/95)، تفسير ابي حيان (4/12) ارشادالساري((105))
(7/104)، تفسير الخازن((106)) (1/252)، تفسير الالوسي
(2/111) تفسيرالشوكاني((107))(2/71).
سليط بن النعمان. الامتاع للمقريزي (ص‏112).
سهيل‏بن بيضاء. مسنداحمد((108))(3/227)،
سنن‏البيهقي(8/290)، الغدير(7/99).
ضرار بن الازور. تاريخ ابن عساكر((109)) (7/31، 133).
ضرار بن الخطاب. تاريخ ابن عساكر((110)) (7/133).
عبد الرحمن بن عمر. المعارف لابن قتيبة((111)) (ص‏80)،
الغدير (6/296 300 الطبعة الاولى).
عبد الرحمن بن عوف. احكام القرآن للجصاص((112))
(2/245)، مستدرك الحاكم((113)) (4/142) وكثير
من‏التفاسير، وفي الحديث تحريف اشار اليه الحاكم في
المستدرك((114))(2/307). راجع‏الغدير: (6/236
الطبعة‏الاولى وص 252 الطبعة الثانية).
عبد اللّه بن ابي سرح اخ عثمان من الرضاعة. كتاب
صفين((115)) (ص‏180).
عتبان بن مالك. تفسير الخازن((116)) (1/152).
عمرو بن العاص. الغدير (2/136).
قيس بن عاصم المنقري. تفسير القرطبي((117))(3/56).
كنانة بن ابي الحقيق. الامتاع للمقريزي (ص‏112).
معاذ بن جبل. شرح صحيح مسلم للنووي((118)) (8/223)
هامش ارشاد الساري، الغدير (7/100).
نعيم بن مسعود الاشجعي. الامتاع للمقريزي (ص‏112).
نعيمان بن عمرو بن رفاعة الانصاري. الاستيعاب (1/308)، اسد
الغابة (5/36)، تاريخ ابن كثير(8/70)((119)).
وليد بن عقبة اخ عثمان لامه. الغدير((120)) (8/123 128)
الطبعة الاولى.
بيعة ابن عمر تارة وتقاعسه عنها اخرى :
هذه عقلية ابن عمر النابية عن ادراك الحقائق، وهي التي
ارجاءته عن بيعة‏مولانا امير المؤمنين (ع) وحدته‏الى بيعة
عثمان، ولم يتسلل عنه حتى يوم مقتله بعد ما نقم عليه
الصحابة اجمع خلا شذاذا منهم، بل كان هوالذي اغرى عثمان
بنفسه حتى قتل كما جاء في انساب البلاذري((121)) (5/76)
عن نافع قال: حدثني عبد اللّهبن عمر، قال: قال عثمان وهو
محصور: ما تقول فيما اشار به علي المغيرة بن الاخنس؟ قال:
قلت: وما هو؟قال: قال: ان هؤلاء القوم يريدون خلعك فان
فعلت والا قتلوك فدع امرهم اليهم. قال: فقلت: ارايت ان
لم‏تخلع هل يزيدون على قتلك؟ قال: لا. قال: فقلت: فلا ارى
ان تسن هذه السنة في الاسلام، فكلما سخط‏قوم على اميرهم
خلعوه، لا تخلع قميصا قمصكه اللّه.
وفي اثر هذا جاء في الاثر: ان عثمان لما اشرف على الناس
فسمع بعضهم يقول: لا نقتله ولكن نعزله، قال: اماعزلي فلا واما
قتلي فعسى.

وهذا من اتفه ما ارته ابن عمر، فان امره عثمان ان لا يخلع
نفسه خيفة ان يطرد ذلك جار في صورة عدم‏الخلع المنتهي
الى القتل الذي هو افظع من الخلع، وفي كل منهما سقوط
هيبة السلطان وزوال ابهة الخلافة،غير ان البقاء مخلوعا اخف
وطاءة وابعد عن مثار الفتن، ومن مشاهد الفتن الثائرة بعد قتل
عثمان من قاتليه‏والحاضين عليه والمتخاذلين عنه، فمن
قائلة: اقتلوا نعثلا. قتل اللّه نعثلا. تطلب ثاره. ومؤلبين عليه،
اخذابضبعي الهودج يحثان على الهتاف بثارات عثمان، وموها
عليها نبح كلاب الحواب، ومتقاعد عنه بالشام حتى‏اذا اودي به
كتب الكتائب، وخرج الى صفين، وازلف اليه من كان يقول لما
بلغه انه محصور: انا ابو عبداللّهقد يضرط العير والمكواة‏في
النار((122)). ولما بلغه مقتله قال: انا ابو عبداللّه قتلته وانا
بوادي السباع((123)). قال‏هذا ثم‏طفق يثب مع معاوية يطلب
الثار، وكان من ولائد وقعة صفين مقتل الخوارج بالنهروان،
فمن جراءهذه المعامع كانت مجزرة كبرى لزرافات من
الصحابة والتابعين ووجهاء الامصار ورؤساء القبائل
وصلحاءالمسلمين، وهل كانت هذه المفاسد الا ولائد ذلك
الراي الفطير الذي اسدى به ابن عمر للخليفة المقتول؟ولو
كان سالم القوم كما اشار اليه المغيرة بن الاخنس فخلعوه، بقي
حلس بيته ولا ثائر ولا مشاغب، وبقيت‏بيوت المسلمين عامرة
ولم تكن تنتشر الفتن في البلاد.
قال ابن حجر في فتح الباري((124)) (13/10): انتشرت الفتن
في البلاد، فالقتال بالجمل وبصفين كان بسبب‏قتل عثمان،
والقتال بالنهروان بسبب التحكيم بصفين،وكل قتال وقع في
ذلك العصر انما تولد عن شي‏ء من‏ذلك او عن شي‏ء تولد عنه.
انتهى.
وقال في (ص‏42): قوله(ص) في حق عثمان: بلاء يصيبنه. هو
ما وقع له من القتل الذي نشاءت عنه الفتن‏الواقعة بين الصحابة
في الجمل، ثم في صفين وما بعد ذلك. انتهى.
ونحن لا نعرف لابن عمر حجة فيما ارتكبه من البيعة والقعود
الا ما نحته له ابن حجر في فتح الباري (5/19)بقوله: لم يذكر
ابن عمر خلافة علي لانه لم يبايعه لوقوع الاختلاف عليه كما
هو مشهور في صحيح الاخبار،وكان راي ابن عمر انه لا يبايع
لمن لم يجتمع عليه الناس، ولهذا لم يبايع ايضا لابن الزبير ولا
لعبد الملك في‏حال اختلافهما، وبايع ليزيد بن معاوية، ثم لعبد
الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير. انتهى.
وقال في الفتح((125)) ايضا (13/165): كان عبد اللّه بن عمر
في تلك المدة امتنع ان يبايع لابن الزبير او لعبدالملك كما
كان امتنع ان يبايع لعلي او معاوية، ثم بايع لمعاوية لما اصطلح
مع الحسن بن علي، واجتمع عليه‏الناس، وبايع لابنه يزيد بعد
موت معاوية لاجتماع الناس عليه، ثم امتنع من المبايعة لاحد
حال الاختلاف،الى ان قتل ابن الزبير وانتظم الملك كله لعبد
الملك فبايع له حينئذ.
هذه حجة داحضة موه بها ابن حجر على الحقائق الراهنة لتغرير
امة جاهلة، ولعله اتخذها مما جاء في‏الحديث من انه لما تخلف
عبد اللّه بن عمر عن بيعة علي (ع) امر باحضاره فاءحضر فقال
له: ((بايع)) قال: لاابايع حتى تبايع جميع الناس. قال له علي
(ع) ((فاءعطني حميلا((126)) ان لا تبرح)) قال: ولا اعطيك
حميلا. فقال‏الاشتر :ياامير المؤمنين ان هذا قد امن سوطك
وسيفك، فدعني اضرب عنقه. قال: ((لست‏اريد ذلك منه‏على
كره، خلوا سبيله)). فلما انصرف، قال امير المؤمنين (ع): ((لقد
كان صغيرا وهو سيئ الخلق وهو في‏كبره اسوا خلقا)) و روي
انه اتاه في اليوم الثاني، فقال: اني لك ناصح، ان بيعتك لم
يرض بها الناس كلهم،فلو نظرت لدينك و رددت الامر شورى
بين المسلمين. فقال علي (ع): ((ويحك وهل ما كان عن طلب
مني؟الم يبلغك صنيعهم بي؟ قم يا احمق، ما انت وهذا
الكلام؟)) فخرج ثم اتى عليا(ع) آت في اليوم الثالث فقال:ان
ابن عمر قد خرج الى مكة يفسد الناس عليك، فاءمر بالبعثة في
اثره. فجاءت ام كلثوم ابنته فساءلته،وضرعت اليه فيه، وقالت: يا
امير المؤمنين انما خرج الى مكة ليقيم بها، وانه ليس بصاحب
سلطان، ولا هومن رجال هذا الشاءن، وطلبت اليه ان يقبل
شفاعتها في امره لانه ابن بعلها، فاءجابها وكف البعثة اليه،
وقال:((دعوه وما اراد)).
جواهر الاخبار للصعدي المطبوع في ذيل كتاب البحر الزخار
(6/71).
هلموا معي يا امة محمد(ص) نسائل ابن عمر، هلا بايع هو ابا بكر
ولم يجتمع عليه الناس، وانعقدت بيعته‏باثنين او اربعة او
خمسة، كما مر في (7/141) الطبعة الاولى.
والاختلاف هنالك كان قائما على ساق، وهو الذي فرق صفوف
الامة حتى اليوم، وكان ابن عمر ينظر اليه‏من كثب، ثم لحقتها
موافقة الناس بالارهاب في بعض، واطماع في آخرين، وامر دبر
بليل بين لفيف من‏زبانية الخلافة، وتمت بعد وصمات مر
الايعاز اليها في الجزء السابع (ص‏74 87)، تمت وصدور امة
صالحة‏واغرة عليها وعلى من تقمصها، وهو يعلم ان محل علي
(ع) منها محل القطب من الرحى، ينحدر عنه السيل،ولا يرقى
اليه الطير.
واما ابوه فلم يثبت امره الا بتعيين ابي بكر اياه، ((فيا عجبا «بينا
هو»((127)) يستقيلها في حياته اذ عقدها لاخربعد وفاته،
لشدما تشطرا ضرعيها، فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها،
ويخشن مسها، ويكثر العثار فيهاوالاعتذار منها))((128))،
والناس متذمر على المستخلف، كلهم ورم انفه من ذلك،
قائلين: ما تقول لربك وقدوليت علينا فظا غليظا؟ ثم الحقت
الناس به العوامل المذكورة.
واما حديث الشورى، وما ادراك ما حديث الشورى؟ فسل عنه
سيف عبدالرحمن بن عوف الذي لم يكن‏مع احد يومئذ سيف
غيره، واذكر قوله لعلي: بايع والا ضربت عنقك، او قوله له: لا
تجعلن على نفسك‏سبيلا. كما ذكره البخاري، والطبري
وغيرهما((129))، وزاد ابن قتيبة: فانه السيف لا غير. او قول
اصحاب‏الشورى لما خرج علي مغضبا ولحقوه: بايع والا
جاهدناك((130)). او قول امير المؤمنين: ((متى اعترض
الريب‏في مع الاول منهم حتى صرت اقرن الى هذه النظائر،
لكني اسففت اذ اسفوا، وطرت اذ طاروا. فصغا رجل‏منهم
لضغنه، ومال آخر لصهره، مع هن وهن)). الخ((131)).
لكن ابن عمر على زعم ابن حجر لا يرى كل هذه خلافا في
خلافة القوم،ولا في معاوية من انجاز الامربعد امير المؤمنين
علي (ع) بين السيف والمطامع، وفي القلوب منه ما فيها الى ان
لفظ نفسه الاخير، هذا سعدبن ابي وقاص احد العشرة المبشرة
ومن رجال الشورى الستة تخلف عن بيعته، دخل على معاوية
فقال له:السلام عليك ايها الملك، فقال له: فهلا غير ذلك انتم
المؤمنون وانا اميركم، فقال سعد: نعم ان كنا امرناك،وفي لفظ:
نحن المؤمنون ولم نؤمرك. فقال معاوية: لا يبلغني ان احدا
يقول: ان سعدا ليس من قريش الا فعلت به وفعلت، ان سعدا
الوسط في قريش، ثابت النسب((132)).
وهذا ابن عباس وهو يجابه معاوية ويدحض حجته، قال عبيد
اللّه بن عبد اللّه المديني: حج معاوية‏فمربالمدينة، فجلس في
مجلس فيه سعد، وفيه عبد اللّه بن عمر، وعبد اللّه بن عب اس،
فالتفت الى عبد اللّه بن‏العباس فقال: يا ابا عباس انك لم تعرف
حقنا من باطل غيرنا، فكنت علينا ولم تكن معنا، وانا
ابن‏عم‏المقتول ظلما يعني عثمان وكنت احق بهذا الامر من
غيري. فقال ابن عباس: اللهم ان كان هكذا فهذاواوماء الى ابن
عمر احق بها منك لان اباه قتل قبل ابن عمك. فقال معاوية:
ولاسواء ان ابا هذا قتله‏المشركون، وابن عمي قتله المسلمون.
فقال ابن عباس: هم واللّه ابعد لك وادحض
لحجتك.فتركه((133)).
وانكرت عائشة على معاوية دعواه الخلافة، وبلغه ذلك فقال:
عجبا لعائشة تزعم اني في غير ما انا اهله،وان الذي اصبحت فيه
ليس لي بحق، مالها ولهذا يغفر اللّه لها، انما كان ينازعني في
هذا الامر ابو هذا الجالس‏وقد استاءثر اللّه به. فقال‏الحسن بن
علي: ((او عجب ذلك يا معاوية؟)) قال: اي واللّه، قال: افلا
اخبرك بما هواعجب من هذا؟ قال: ما هو؟ قال: ((جلوسك في
صدر المجلس وانا عند رجليك)).
شرح ابن ابي الحديد((134)) (4/5).
وهكذا كان اكابر الصحابة مناوئين له في المدينة الطيبة
فاءسمعوه النكير، وسمعوا ادا من القول. وراوا امرا من‏امره،
وشاهدوا منه احداثا وبدعا في الدين الحنيف تخلد مع الابد،
وعاينوا منه جنايات على الامة‏الاسلامية وصلحائها وعظمائها،
من هتك، وحبس، وشتم، وسب مقذع، وضرب، وتنكيل،
وعذاب، وقتل،قط لا تغفر له وحاش للّه ان يغفرها له، دع عمر
بن عبدالعزيز يرى في الطيف انه مغفور له((135))
وتذمرت‏عليه صلحاء امة محمد(ص) لما جاء عنه(ص) فيه من
لعنه والتخذيل عنه ، وامره الصحابة بقتاله، وتوصيفه‏فئته
بالقسط، وانها الفئة الباغية، وقوله السائر الدائر: ((اذا رايتم
معاوية على منبري‏فاقتلوه))((136))وقوله(ص) ((الخلافة
بالمدينة والملك بالشام))((137)).
ليت شعري اين كان ابن عمر من هذه كلها؟ ومن قوله(ص)
الحاسم لمادة النزاع: ((ستكون خلفاء فتكثر)).قالوا: فما تاءمرنا؟
قال: ((فوا ببيعة الاول فالاول))((138)).
وقوله(ص): ((اذا بويع لخليفتين فاقتلوا الاخر
منهما))((139)).
وقوله(ص): ((ستكون هنات وهنات، فمن اراد ان يفرق امر
هذه الامة‏وهي جميع فاضربوه بالسيف‏كائنامن كان)). وفي
لفظ: ((فاقتلوه))((140)).
وقوله(ص): ((من اتاكم وامركم جميع على رجل واحد يريد ان
يشق عصاكم او يفرق جماعتكم،فاقتلوه))((141)).