نبوغه في الادب
فاي برهنة له اوضح من شعره السائر؟ الذي تلهج به الالسن، وتتضمنه طيات الكتب، ويستشهد به في اثبات معانيالالفاظ ومواد اللغة، ويهتف به في مجتمعات الشيعة آناء الليل واطراف النهار، ذلك الشعر السهل الممتنع الذي يحسبالسامع لاول وهلة انه ياتي بمثيله، ثم لما خاض غماره، وطفق يرسب ويطف بين اواذيه، علم انه قصير الباع، قصير الخطى،قصير المقدرة عن ان ياتي بما يدانيه فضلا عما يساويه.
كان محمد بن القاسم بن مهرويه يقول: سمعت ابي يقول: ختم الشعر بدعبل. وقال البحتري: دعبل بن علي اشعر عنديمن مسلم بن الوليد، فقيل له: كيف ذلك؟ قال: لان كلام دعبل ادخل في كلام العرب من كلام مسلم، ومذهبه اشبهبمذاهبهم، وكان يتعصب له ((2-1536)).
وعن عمرو بن مسعدة قال: حضرت ابا دلف عند المامون وقد قال له المامون: اي شيء تروي لاخي خزاعة يا قاسم؟فقال: واي اخي خزاعة يا امير المؤمنين؟ قال: ومن تعرف فيهم شاعرا؟ فقال: اما من انفسهم فابوالشيص ودعبل وابنابي الشيص وداود بن ابي رزين، واما من مواليهم فطاهر وابنه عبداللّه. فقال: ومن عسى في هؤلاء ان يسال عن شعره سوى دعبل؟ هات اي شيء عندك فيه. وقال الجاحظ: سمعت دعبل بن علي يقول: مكثت نحو ستين سنة ليس من يوم ذر شارقه الا وانا اقول فيه شعرا ((2-1537))،ولما انشد دعبل ابا نواس شعره:
اين الشباب؟ واية سلكا؟ / لا اين يطلب؟ ضل بل هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل / ضحك المشيب براسه فبكى
فقال: احسنت ملء فيك واسماعنا. قال محمد بن يزيد: كان دعبل واللّه فصيحا ((2-1538)). وهناك كلمات ضافية حول ادبهوالثناء عليه لا يهمنا ذكرها.
اخذ الادب عن صريع الغواني مسلم بن الوليد ((2-1539))، واستقى من بحره، وقال: مازلت اقول الشعر واعرضه على مسلمفيقول لي: اكتم هذا حتى قلت:
اين الشباب؟ واية سلكا؟ / لا اين يطلب؟ ضل بل هلكا
فلما انشدته هذه القصيدة قال: اذهب الان فاظهر شعرك كيف شئت لمن شئت. وقال ابو تمام: ما زال دعبل مائلا الى مسلم بن الوليد مقرا باستاذيته، حتى ورد عليه جرجان، فجفاه مسلم وكان فيهبخل، فهجره دعبل وكتب اليه:
ابا مخلد كنا عقيدي مودة / هوانا وقلبانا جميعا معا معا
احوطك بالغيب الذي انت حائطي / وايجع اشفاقا لان تتوجعا
فصيرتني بعد انتحائك متهما / لنفسي، عليها ارهب الخلق اجمعا
غششتالهوى حتىتداعت اصوله / بنا وابتذلت الوصل حتى تقطعا
وانزلت من بين الجوانح والحشا / ذخيرة ود طالما قد تمنعا
فلا تعذلني ليس لي فيك مطمع / تخرقت حتى لم اجد لك مرقعا
فهبك يميني استاكلت فقطعتها / وجشمت قلبي صبره فتشجعا ((2-1540))
ويروي عنه في الادب محمد بن يزيد، والحمدوي الشاعر، ومحمد بن القاسم ابن مهرويه، وآخرون.