الحقيقة من معانى المولى ليس الا الاولى بالشىء
على ان الذي نرتئيه في خصوص المقام بعد الخوض في غمار اللغة، ومجاميع الادب، وجوامع العربية : ان الحقيقةمن معاني المولى ليس الا الاولى بالشيء، وهو الجامع لهاتيك المعاني جمعاء، وماخوذ في كل منها بنوع من العناية،ولم يطلق لفظ المولى على شيء منها الا بمناسبة هذا المعنى:
1 فالرب سبحانه هو اولى بخلقه من اي قاهر عليهم، خلق العالمين كما شاءت حكمته، ويتصرف بمشيئته.
2 والعم اولى الناس بكلاءة ابن اخيه والحنان عليه، وهو القائم مقام والده الذي كان اولى به.
3 وابن العم اولى بالاتحاد والمعاضدة مع ابن عمه لانهما غصنا شجرة واحدة.
4 والابن اولى الناس بالطاعة لابيه والخضوع له ، قال اللّه تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) ((1-2321)) .
5 وابن الاخت ايضا اولى الناس بالخضوع لخاله الذي هو شقيق امه.
6 والمعتق بالكسر اولى بالتفضل على من اعتقه من غيره.
7 والمعتق بالفتح اولى بان يعرف جميل من اعتقه عليه، ويشكره بالخضوع بالطاعة.
8 والعبد ايضا اولى بالانقياد لمولاه من غيره، وهو واجبه الذي نيطت سعادته به.
9 والمالك اولى بكلاءة مماليكه وامرهم والتصرف فيهم بما دون حد الظلم.
10 والتابع اولى بمناصرة متبوعه ممن لا يتبعه.
11 والمنعم عليه اولى بشكر منعمه من غيره.
12 والشريك اولى برعاية حقوق الشركة وحفظ صاحبه عن الاضرار.
13 والامر في الحليف واضح، فهو اولى بالنهوض بحفظ من حالفه ودفع عادية الجور عنه.
14 وكذلك الصاحب اولى بان يؤدي حقوق الصحبة من غيره.
15 كما ان الجار اولى بالقيام بحفظ حقوق الجوار كلها من البعداء.
16 ومثلها النزيل، فهو اولى بتقدير من اوى اليهم ولجا الى ساحتهم وامن في جوارهم.
17 والصهر اولى بان يرعى حقوق من صاهره، فشد بهم ازره، وقوى امره، وفي الحديث: «الاباء ثلاثة: اب ولدك،واب زوجك، واب علمك».
18 واعطف عليها القريب الذي هو اولى بامر القريبين منه والدفاع عنهم والسعي وراء صالحهم.
19 والمنعم اولى بالفضل على من انعم عليه، وان يتبع الحسنة بالحسنة.
20 والعقيد كالحليف في اولوية المناصرة له مع عاقده، ومثلهما.
21 ، 22 المحب والناصر، فان كلا منهما اولى بالدفاع عمن احبه، او التزم بنصرته.
23 وقد عرفت الحال في الولي.
24 والسيد.
25 والمتصرف في الامر.
26 والمتولي له.
اذن فليس للمولى الا معنى واحد وهو الاولى بالشيء ، وتختلف هذه الاولوية بحسب الاستعمال في كل من موارده،فالاشتراك معنوي، وهو اولى من الاشتراك اللفظي المستدعي لاوضاع كثيرة غير معلومة بنص ثابت، والمنفية بالاصلالمحكم. وقد سبقنا الى بعض هذه النظرية شمس الدين بن البطريق في العمدة ((1-2322)) (ص56)، وهو احد اعلام الطائفة فيالقرن السادس، وتطفح بشيء من ذلك كلمات غير واحد من علماء اهل السنة ((1-2323)) ، حيث ذكروا المناسبات فيجملة من معاني المولى تشبه ما ذكرنا.
ويكشف عن كون المعنى المقصود (الاولى) هو المتبادر من المولى اذا اطلق، كما ياتي بيانه عن بعض في الكلماتحول المفاد ما رواه مسلم باسناده في صحيحه ((1-2324)) (ص197) عن رسول اللّه(ص): «لا يقل العبد لسيده مولاي»، وزاد في حديث ابي معاوية: «فان مولاكم اللّه»، واخرجه غير واحد من ائمة الحديث في تاليفهم.