22 احتجاج المامون الخليفة على الفقهاء بحديث الغدير
روى ابو عمر بن عبدربه المترجم (ص102) في العقد الفريد (3/42) عن اسحاق بن ابراهيم بن اسماعيلبن حماد ((1568)) بن زيد قال:
بعث الي يحيى بن اكثم والى عدة من اصحابي وهو يومئذ قاضي القضاة، فقال: ان امير المؤمنين امرني ان احضر معي غدا مع الفجر اربعين رجلا، كلهم فقيهيفقه ما يقال له، ويحسن الجواب، فسموامن تظنونه يصلح لما يطلب امير المؤمنين، 2فسمينا له عدة، وذكر هو عدة، حتى تم العدد الذي اراد، وكتب تسمية القوموامر بالبكور في السحر، وبعث الى من يحضر فامره بذلك، فغدونا عليه قبل طلوع الفجر، فوجدناه قد لبس ثيابه وهوجالس ينتظرنا، فركب وركبنا معه حتى صرنا الى الباب، فاذا بخادم واقف، فلما نظر الينا
قال: يا ابا محمد امير المؤمنين ينتظرك، فادخلنا، فامرنا بالصلاة فاخذنا فيها، فلم نستتمها حتى خرج الرسول، فقال: ادخلوا، فدخلنا فاذا امير المؤمنينجالس على فراشه…الى ان قال: ثم قال: اني لم ابعث فيكم لهذا، ولكنني احببت ان ابسطكم ان امير المؤمنين اراد مناظرتكم في مذهبه الذي هو عليه،والذي يدين اللّه به.
قلنا: فليفعل امير المؤمنين وفقه اللّه. فقال: ان امير المؤمنين يدين اللّه على ان علي بن ابي طالب خير خلفاء اللّه بعد رسول اللّه(ص)، واولى الناس بالخلافةله. قال اسحاق: فقلت: يا امير المؤمنين ان فينا من لا يعرف ما ذكر امير المؤمنين في علي، وقد دعانا امير المؤمنينللمناظرة. فقال: يا اسحاق اختر، ان شئت سالتك اسالك، وان شئت ان تسال فقل. قال اسحاق: فاغتنمتها منه، فقلت: بل اسالك يا امير المؤمنين.
قال: سل. قلت: من اين قال امير المؤمنين: ان علي بن ابي طالب افضل الناس بعد رسول اللّه واحقهم بالخلافة بعده؟ قال: يا اسحاق خبرني عن الناس بم يتفاضلون، حتى يقال: فلان افضل من فلان؟ قلت: بالاعمال الصالحة. قال:صدقت. قال: فاخبرني عمن فضل صاحبه على عهد رسول اللّه(ص)، ثم ان المفضول ان عمل بعد وفاة رسول اللّه بافضل من عملالفاضل على عهد رسول اللّه ايلحق به؟
قال: فاطرقت، فقال لي: يا اسحاق لا تقل: نعم، فانك ان قلت: نعم، اوجدتك فيدهرنا هذا من هو اكثر منه جهادا وحجا وصياما وصلاة وصدقة. فقلت: اجل، ياامير المؤمنين لا يلحق المفضول علىعهد رسول اللّه(ص) الفاضل ابدا. قال: يا اسحاق هل تروي حديث الولاية؟ قلت: نعم، يا امير المؤمنين. قال: اروه، ففعلت. قال: يا اسحاق ارايت هذاالحديث هل اوجب على ابي بكر وعمر ما لم يوجب لهما عليه؟ قلت: ان الناس ذكروا ان الحديث انما كان بسبب زيدبن حارثة لشيء جرى بينه وبين علي، وانكر ولاء علي، فقال رسول اللّه(ص): «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والمن والاه، وعاد من عاداه». قال: فياي موضع قال هذا؟ اليس بعد منصرفه من حجةالوداع؟
قلت: اجل. قال: فان قتل زيد بن حارثة قبل الغدير، كيف رضيت لنفسك بهذا؟! اخبرني لو رايت ابنا لك قد اتت عليه خمس عشرة سنة يقول: مولاي مولى ابن عمي، ايها الناس فاعلموا ذلك. اكنتمنكرا ذلك عليه تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟ فقلت: اللهم نعم. قال: يا اسحاق افتنزه ابنك عما لا تنزه عنه رسول اللّه(ص)؟ ويحكم لا تجعلوا فقهاءكم اربابكم، ان اللّه جل ذكره قال في كتابه: (اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون اللّه… ((1569)) )، ولم يصلوا لهم ولا صاموا ولا زعموا انهم ارباب، ولكن امروهم فاطاعوا امرهم ((1570)) .
وروى ابن مسكويه المترجم (ص108) للمامون الخليفة في تاليفه نديم الفريد كتابا كتبه الى بني هاشم، وذكر منهقوله: فلم يقم مع رسول اللّه(ص) احد من المهاجرين كقيام علي بن ابي طالب، فانه ازره ووقاه بنفسه، ونام في مضجعه، ثم لميزل بعد متمسكا باطراف الثغور، ينازل الابطال، ولا ينكل عن قرن، ولا يولي عن جيش، منيع القلب، يؤمر علىالجميع، ولا يؤمر عليه احد، اشد الناس وطاة على المشركين، واعظمهم جهادا في اللّه، وافقههم في دين اللّه، واقراهملكتاب اللّه، واعرفهم بالحلال والحرام، وهو صاحب الولاية في حديث غدير خم. وصاحب قوله(ص): «انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي((1571)) ».