19 عمرو وابن اخيه
كان لعمرو بن العاص ابن اخ ((2-668)) اريب من بني سهم جاءه من مصر، فقال له: الا تخبرني يا عمرو باي راي تعيش فيقريش؟ اعطيت دينك، وتمنيت دنيا غيرك، اترى اهل مصر وهم قتلة عثمان يدفعونها الى معاوية وعلي حي؟ وتراها انصارت الى معاوية لا ياخذها بالحرف الذي قدمه في الكتاب ((2-669)) ؟ فقال عمرو: يا ابن اخي ان الامر للّه دون علي ومعاوية. فقال الفتى:
الا ياهند اخت بني زياد / رمي عمرو بداهية البلاد
رمي عمرو باعور عبشمي / بعيدالقعر محشي الكباد ((2-670))
له خدع يحار العقل فيها / مزخرفة صوائد للفؤاد
فشرط في الكتاب عليه حرفا / يناديه بخدعته المنادي
واثبت مثله عمرو عليه / كلا المراين حية بطن وادي
الا يا عمرو ما احرزت مصرا / وما ملت الغداة الى الرشاد
وبعت الدين بالدنيا خسارا / فانت بذاك من شر العباد
فلو كنت الغداة اخذت مصرا / ولكن دونها خرط القتاد
وفدت الى معاوية بن حرب / فكنت بها كوافد قوم عاد
واعطيت الذي اعطيت منها / بطرس فيه نضح من مداد
الم تعرف ابا حسن عليا / وما نالت يداه من الاعادي
عدلت به معاوية بن حرب / فيا بعد البياض من السواد
ويا بعد الاصابع من سهيل / ويا بعد الصلاح من الفساد
اتامن ان تراه على خدب / يحث الخيل بالاسل الحداد ((2-671))
ينادي بالنزال وانت منه / قريب فانظرن من ذا تعادي
فقال عمرو: يا ابن اخي لو كنت مع علي وسعني بيتي، ولكني الان مع معاوية. فقال له الفتى: انك ان لم ترد معاوية لم يردك.ولكنك تريد دنياه ويريد دينك. وبلغ معاوية قول الفتى، فطلبه فهرب، فلحق بعلي، فحدثه بامر عمرو ومعاوية. قال: فسر ذلك عليا وقربه. قال: وغضب مروان وقال: ما بالي لا اشترى كما اشتري عمرو؟ فقال معاوية: انما يشترى الرجال لك!. قال: فلما بلغ عليا ما صنع معاوية وعمرو، قال:
يا عجبا لقد سمعت منكرا / كذبا على اللّه يشيب الشعرا
يسترق السمع ويغشي البصرا / ما كان يرضى احمد لو اخبرا
ان يقرنوا وصيه والابترا / شاني الرسول واللعين الاخزرا ((2-672))
كلاهما في جنده قد عسكرا / قد باع هذا دينه فافجرا
من ذا بدنيا بيعه قد خسرا / بملك مصر ان اصاب الظفرا
اني اذا الموت دنا وحضرا / شمرت ثوبي ودعوت قنبرا
قدم لوائي لاتؤخر حذرا / لن ينفع الحذار مما قدرا
لما رايت الموت موتا احمرا / عبات همدان وعبوا حميرا
حي يمان يعظمون الخطرا / قرن اذا ناطح قرنا كسرا
قل لابن حرب لا تدب الحمرا / ارود قليلا ابد منك الضجرا ((2-673))
لا تحسبني يا ابن حرب غمرا ((2-674)) / وسلبنا بدرا معا وخيبرا
كانت قريش يوم بدر جزرا / اذ وردوا الامر فذموا الصدرا ((2-675))
لو ان عندي يا ابن حرب جعفرا / او حمزة القرم الهمام الازهرا
رات قريش نجم ليل ظهرا
الامامة والسياسة (1/84)، كتاب صفين لابن مزاحم(ص24)، شرح ابن ابي الحديد(1/138) ((2-676)).