الهواتف بالشعر

  الغدير

الهواتف بالشعر

وهناك هتافات غيبية شعرية في الدعاية الدينية، خوطب بها اناس في بدء الاسلام فاهتدوا بها، وهي معدودة من معاجزالنبي(ص)، وتنم عن اهمية الشعر في باب الالقاء والحجاج وافهام المستمع، وان اخذه بمجامع القلوب والافئدة آكد من‏الكلام المنثور، فليتخذ دستورا في اصلاح المجتمع وبث الدعاية الروحية. ومنها:

1 سمعت آمنة بنت وهب في ولادة النبي(ص) هاتفا يقول:

صلى الاله وكل عبد صال / ح‏والطيبون على السراج الواضح

‏المصطفى خير الانام محمد / الطاهر العلم الضياء اللائح

‏زين الانام ‏المصطفى علم الهدى / ‏الصادق البر التقي الناصح

صلى عليه اللّه ما هبت صبا / وتجاوبت ورق الحمام النائح ((2-35))

2 هتف هاتف من صنم بصوت جهير ليلة مولد النبي(ص)، وقد خرت فيها الاصنام، وهو يقول:

تردى لمولود انارت بنوره / ‏جميع فجاج ‏الارض بالشرق والغرب

‏وخرت له الاوثان طرا وارعدت‏ / قلوب ملوك الارض ‏طرا من الرعب

‏ونار جميع الفرس باخت واظلمت‏ / وقد بات شاه‏ الفرس في اعظم الكرب

‏وصدت عن الكهان بالغيب‏ جنها / فلا مخبر منهم بحق ولا كذب

فيالقصي ارجعوا عن ضلالكم / وهبوا الى الاسلام والمنزل الرحب ((2-36))

3 قال ورقة: بت ليلة مولد النبي(ص) عند صنم لنا، اذ سمعت من جوفه هاتفا يقول:

ولد النبي فذلت الاملاك / ‏وناى الضلال وادبر الاشراك

ثم انتكس الصنم على راسه ((2-37)).

4 قال العوام بن جهيل مصغرا الهمداني سادن يغوث: بت ليلا في بيت الصنم، وسمعت هاتفا من الصنم يقول: يا ابن‏جهيل حل بالاصنام الويل، هذا نور سطع من الارض الحرام، فودع يغوث بالسلام. فكلمت قومي ما سمعت، فاذاهاتف ‏يقول:

هل تسمعن القول يا عوام‏ام / انت ذو وقر عن الكلام

‏قد كشفت دياجر الظلام / ‏واصفق الناس على الاسلام

فقلت:

يا ايها الهاتف بالعوام / لست بذي وقر عن الكلام

فبينن عن سنة الاسلام

قال: وما كنت واللّه عرفت الاسلام قبل ذلك، فاجابني يقول:

ارحل على اسم اللّه والتوفيق / رحلة لا وان ولا مشيق ((2-38))

الى فريق خير ما فريق / ‏الى النبي الصادق المصدوق

فرميت الصنم، وخرجت اريد النبي(ص) فصادفت وفد همدان يدور بالنبي، فدخلت عليه، فاخبرته خبري فسر النبي(ص)ثم قال: ((2-اخبر المسلمين)) وامرني بكسر الاصنام، فرجعت الى اليمن، وقد امتحن اللّه قلبي بالاسلام، وقلت في ذلك:

فمن مبلغ عنا شمي قومنا / ومن حل ‏بالاجواف سرا واجهرا

بانا هدانا اللّه للحق بعدما / تهود منا حائر وتنصرا

وانا سرينا من يغوث وقربه / ‏يعوق وتابعناك ياخير الورى((2-39))

5 اخرج ابو نعيم في دلائل النبوة ((2-40)) (1/34) عن العباس بن مرداس السلمي قال: دخلت على وثن يقال له الضمار،فكنست ما حوله ومسحته وقبلته، فاذا بصائح يصيح: يا عباس بن مرداس:

قل للقبائل من سليم كلها / هلك الانيس وفاز اهل المسجد

اودى ضمار وكان يعبد مرة / ‏قبل الكتاب الى النبي محمد

ان الذي‏ ورث النبوة والهدى / ‏بعد ابن مريم من قريش مهتدي

فخرج العباس في ثلاثمائة راكب من قومه الى النبي(ص)، فلما رآه النبي تبسم 2 / 12ثم قال: ((2-يا عباس بن مرداس كيف كان اسلامك؟)) فقص عليه القصة. فقال: ((2-صدقت)) وسر بذلك ((2-41)) .

6 اخرج ابو نعيم في دلائله ((2-42)) (1/33) عن رجل خثعمي، قال: ان قوما من خثعم كانوا مجتمعين عند صنم لهم، اذسمعوا بهاتف يهتف:

يا ايها الناس ذوو الاجسام / ‏ومسندو الحكم الى الاصنام

‏ما انتم وطائش الاحلام / ‏هذا نبي سيد الانام

‏اعدل ذي حكم من‏ الحكام / ‏يصدع بالنور وبالاسلام

‏ويردع الناس عن الاثام‏ / مستعلن في البلد الحرام

واخرج ابو نعيم عن عمر، قال: سمعت هاتفا يهتف ويقول:

يا ايها الناس ذوو الاجسام / ومسندو الحكم الى الاصنام

ما انتم وطائش الاحلام / ‏فكلكم‏ اوره ‏كالنعام ((2-43))

اما ترون ما ارى امامي؟ / قد لاح للناظر من تهام

‏اكرم به للّه من امام / ‏قد جاء بعد الكفر بالاسلام

والبر والصلات ‏للارحام ((2-44))

ورواه الخرائط‏ي كما في تاريخ ابن كثير ((2-45)) (2/343) باسناده، واللفظ فيه:

يا ايها الناس ذوو الاجسام / ‏من بين اشياخ الى غلام‏

ما انتم وطائش الاحلام / ‏ومسند الحكم الى الاصنام‏

اكلكم في حيرة‏الن‏يام / ام لا ترون ما الذي امامي؟

من ساطع يجلو دجى الظلام / ‏قد لاح للناظر من تهام

‏ذاك نبي سيد الانام / ‏قد جاء بعد الكفربالاسلام

‏اكرمه الرحمن من امام‏ / ومن رسول صادق الكلام

اعدل ذي حكم من الحكام / ‏يامر بالصلاة‏ والصيام

والبر والصلات للارحام / ‏ويزجر الناس عن الاثام

‏والرجس والاوثان والحرام / ‏من هاشم في ذروة السنام

مستعلنا في البلدالحرام

7 اخرج ابو نعيم عن يعقوب بن يزيد بن طلحة التيمي عن رجل، قال: كنا بقفرة من الارض، اذا هاتف من خلفنا يقول:

قد لاح نجم فاضاء مشرقه / يخرج من ظلما عسوف موبقه

ذاك رسول مفلح من صدقه‏ / اللّه اعلى‏امره‏وحققه ((2-46))

8 اخرج البيهقي ((2-47)) وابن عساكر ((2-48))، عن ابن عباس ان رجلا قال: يا رسول اللّه خرجت في الجاهلية اطلب‏بعيراشرد، فهتف بي هاتف في الصبح يقول:

يا ايها الراقد في الليل الاجم / ‏قد بعث اللّه نبيا في الحرم‏

من هاشم اهل الوفاء والكرم‏ / يجلو دجنات الدياجي والظلم

فادرت طرفي فما رايت له شخصا، فقلت:

يا ايها الهاتف في داجي الظلم / اهلا وسهلا بك من طيف الم

‏بين هداك اللّه في لحن الكلم / ‏ماذا الذي يدعو اليه يغتنم

فاذا انا بنحنحة وقائل يقول:

ظهر النور، وبطل الزور، وبعث اللّه محمدا بالخيور. ثم انشا يقول:

الحمد للّه الذي / لم يخلق الخلق عبث

‏ارسل فينا احمدا / خير نبي قد بعث

صلى عليه اللّه ما / حج ‏له ‏ركب ‏وحث ((2-49))

9 اخرج ابو سعد في شرف المصطفى عن الجعد بن قيس المرادي، قال: خرجنا اربعة انفس نريد الحج في الجاهلية،فمررنا بواد من اودية اليمن، اذا بهاتف يقول:

الا ايها الركب المعرس بلغوا / اذا ما وقفتم بالحطيم وزمزما

محمدا المبعوث منا تحية‏ / تشيعه من حيث سار ويمما

وقولوا له‏انا لدينك شيعة / بذلك اوصانا المسيح بن مريما ((2-50))

10 اخرج الحاكم في المستدرك ((2-51)) (3/253) عن عيش بن جبر قال: سمعت قريش في ليلة قائلا يقول على ابي ‏قبيس:

فان يسلم السعدان يصبح محمد / بمكة لا يخشى خلاف مخالف

فظنت قريش انهما سعد تميم وسعد هذيم، فلما كانت الليلة الثانية سمعوه يقول:

ايا سعد سعدالاوس كن‏انت ناصرا / ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف‏

اجيبا الى داعي الهدى وتمنيا / على اللّه في‏ الفردوس‏ منية عارف

فان ثواب اللّه يا طالب الهدى / ‏جنان من الفردوس ذات رفارف

فلما اصبحوا قال ابو سفيان: هو واللّه سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ((2-52)).

11 روى ابن سعد في طبقاته الكبرى ((2-53)) (1/215 219) ما ملخصه: لما هاجر رسول اللّه(ص) من مكة الى المدينة، ومر هو ومن معه بخيمتي ام معبد الخزاعية وهي قاعدة بفناء الخيمة،فسالوها تمرا او لحما يشترون، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، واذا القوم مرملون ((2-54)) مسنتون ((2-55))، فقالت: واللّه لوكان عندنا شي‏ء ما اعوزكم القرى. فنظر رسول اللّه(ص) الى شاة في كسر الخيمة، فقال: ((2-ما هذه الشاة يا ام معبد؟)). قالت: هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم. فقال: ((2-هل بها من لبن؟)). قالت: هي اجهد من ذلك. قال: ((2-اتاذنين لي ان احلبها؟)). قالت: نعم بابي انت وامي ان رايت بها حلبا. فدعا رسول اللّه(ص) بالشاة فمسح ضرعها، وذكر اسم اللّه، وقال: ((2-اللهم بارك لها في شاتها)). قال: فتفاجت((2-56)) ودرت واجترت((2-57)). فدعا باناء لها يريض((2-58)) الرهط، فحلب فيه ثجا((2-59)) حتى غلبه‏الثمال((2-60))، فسقاها فشربت حتى رويت، وسقى اصحابه حتى رووا، وشرب(ص) آخرهم وقال: ((2-ساقي القوم آخرهم)). فشربوا جميعا عللا بعد نهل ((2-61)) حتى اراضوا ((2-62)). ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء، فغادره عندها، ثم ارتحلوا عنها. واصبح صوت بمكة عاليا بين السماء والارض يسمعونه ولا يرون من يقول، وهو يقول:

جزى اللّه رب الناس خير جزائه‏ / رفيقين حلا خيمتي ام معبد

هما نزلا بالبر وارتحلا به / ‏فافلح من امسى رفيق‏ محمد

فيال‏قصي مازوى اللّه عنكم / ‏به من فعال لا يجازى وسؤدد

سلوا اخت كم عن شاتها وانائها / فانكم ان تسالوا الشاة ‏تشهد

دعاها بشاة حائل فتحلبت / ‏له بصريح ضرة الشاة مزبد ((2-63))

فغادره رهنا لديها لحالب / ‏تدر بها في مصدر ثم مورد ((2-64))

12 اخرج ابن الاثير في اسد الغابة ((2-65)) (5/188) عن ابي ذؤيب الهذلي الشاعر، انه سمع ليلة وفاة النبي(ص)هاتفا يقول:

خطب اجل اناخ بالاسلام / ‏بين النخيل ومعقد الاطام ((2-66))

قبض النبي محمد فعيوننا / تذري الدموع عليه بالتسجام

وهناك هواتف في شؤون العترة النبوية، منها:

13 اخرج الحافظ الكنجي في كفايته ((2-67)) (ص‏261): لما ولد في الكعبة علي امير المؤمنين دخل ابو طالب الكعبة ‏وهو يقول:

يارب هذا الغسق الدجي / ‏والقمر المنبلج المضي

‏بين لنا من امرك الخفي‏ / ماذا ترى في اسم ذا الصبي

قال: فسمع صوت هاتف وهو يقول:

يا اهل بيت المصطفى النبي / خصصتم بالولد الزكي‏

ان اسمه من شامخ العلي‏ / علي اشتق من العلي

ثم قال: هذا حديث تفرد به مسلم بن خالد الزنجي، وهو شيخ الشافعي.

14 ذكر الشبلنجي في نور الابصار ((2-68)) (ص‏47): ان عليا امير المؤمنين كان يزور قبر فاطمة في كل يوم، فاقبل‏ذات يوم فانكب على القبر وبكى، وانشا يقول:

مالي مررت على القبور مسلما / قبر الحبيب فلا يرد جوابي

‏يا قبر مالك لا تجيب مناديا / امللت بعدي خلة الاحباب

فاجابه هاتف يسمع صوته ولا يرى شخصه، وهو يقول:

قال الحبيب

وكيف لي بجوابكم وانا / رهين جنادل وتراب‏

اكل التراب محاسني فنسيتكم / ‏وحجبت عن اهلي وعن‏ اترابي

‏فعليكم مني السلام تقطعت / ‏مني ومنكم خلة الاحباب

15 روى ابن عساكر في تاريخه ((2-69)) (4/341)، والكنجي في الكفاية ((2-70)) عن ام‏سلمة قالت: لما كانت ليلة قتل‏الحسين الامام السبط سمعت قائلا يقول:

ايها القاتلون جهلا حسينا / ابشروا بالعذاب والتنكيل

‏كل اهل السماء يدعو عليكم / ‏من نبي ومرسل وقبيل

قد لعنتم على ‏لسان ابن داود / وموسى وحامل ‏الانجيل ((2-71))