تذييل

تذييل :

((1-2342)) (4/246)، والحلبي في عزا ابن الاثير في النهاية السيرة ((1-2343)) (3/304) وبعض اخر الى القيل، وذكروا ان السبب في قوله(ص): «من كنت مولاه‏»: ان اسامة بن زيد قال لعلي: لست مولاي، انما مولاي رسول اللّه، فقال(ص): «من كنت مولاه فعلي مولاه‏».

ان من روى هذه الرواية المجهولة اراد حطا من عظمة الحديث، وتحطيما لمنعته فصوره بصورة مصغرة لا تعدو عن ان تكون قضية شخصية، وحوارا بين اثنين من افراد الامة، اصلحه رسول اللّه بكلمته هذه، وهو يجهل او يتجاهل عن انه تخصمه على تلك المزعمة الاحاديث المتضافرة في سبب الاشادة بذلك الذكر الحكيم من نزول اية التبليغ الى مقدمات ومقارنات اخرى لا يلتئم شي‏ء منها مع هذه الاكذوبة، ومثلها الاية الكريمة الناصة بكمال الدين، وتمام النعمة، ورضا الرب بذلك الهتاف المبين،وليست هذه العظمة من قيمة الاصلاح بين رجلين تلاحيا، لكن ذهب على الرجل‏انه لم يزد الا تاكيدا في المعنى وحجة على الخصم على تقدير الصحة.

فهب ان السبب لذلك البيان الواضح هو ما ذكر، لكنا نقول: ان ما انكره اسامة على امير المؤمنين(ع) من معنى المولى، واثبته لرسول اللّه خاصة دون اي احد، لا بد ان يكون شيئا فيه تفضيل لا معنى ينوء به كل احد حتى اسامة نفسه، ولا تفاضل بين المسلمين من ناحيته في الجملة، وذلك المعنى المستنكر المثبت لا يكون الا الاولوية او ما يجري مجراها من معاني المولى.

ونقول: ان النبي(ص) لما علم ان في امته من لا يلاحي ابن عمه ويناوئه بالقول، ويخشى ان يكون له مغبة وخيمة تؤول الى مضادته، ونصب العراقيل امام سيره الاصلاحي من بعده، عقد ذلك المحتشد العظيم فنوه بموقف وصيه من الدين، وزلفته منه، ومكانته من الجلالة، وانه ليس لاحد من افراد الامة ان يقابله بشي‏ء من القول او العمل، وانما عليهم الطاعة له، والخضوع لامره، والرضوخ لمقامه، وانه يجري فيهم مجراه من بعده، فاكتسح بذلك المعاثر عن خطته، والحب السنن الى طاعته، وقطع المعاذير عن محادته بخطبته التي القاها، ونحن لم نال جهدا في افاضة القول في مفاده.

ويشبه هذا ما اخرجه احمد بن حنبل في مسنده ((1-2344)) (5/347) واخرون عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن، فرايت منه جفوة، فلما قدمت على رسول اللّه(ص) ذكرت عليا فتنقصته، فرايت وجه رسول اللّه يتغير، فقال: «يا بريدة الست اولى بالمؤمنين من انفسهم؟ قلت: بلى يا رسول اللّه. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه‏».

فكان راوي هذه القصة كراوي سابقتها اراد تصغيرا من صورة الامر، فصبها في قالب قضية شخصية، ونحن لا يهمنا ثبوت ذلك بعدما اثبتنا حديث الغدير بطرقه المربية على التواتر، فان غاية ما هنالك تكريره(ص) اللفظ بصورة نوعية تارة، وفي صورة شخصية اخرى، لتفهيم بريدة ان ما حسبه جفوة من امير المؤمنين لا يسوغ له‏الوقيعة فيه على ما هو شان الحكام المفوض اليهم امر الرعية، فاذا جاء الحاكم بحكم فيه الصالح العام، ولم يرق ذلك لفرد من السوقة، ليس له ان يتنقصه، فان الصالح العام لا يدحضه النظر الفردي، ومرتبة الولاية حاكمة على المبتغيات الشخصية، فاراد(ص) ان يلزم بريدة حده، فلا يتعدى طوره بما اثبته لامير المؤمنين من الولاية العامة نظير ما ثبت له(ص) بقوله(ص): «الست اولى بالمؤمنين من انفسهم؟»

(هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين)