ملح ونوادر

  الغدير

ملح ونوادر

1 حدث احمد بن خالد قال: كنا يوما بدار صالح بن علي من عبدالقيس ببغداد ومعنا جماعة من اصحابنا، فسقط على ‏كنيسة في سطحه ديك طار من دار دعبل، فلما رايناه قلنا: هذا صيدنا، فاخذناه. فقال صالح: ما نصنع به؟ قلنا: نذبحه،فذبحناه وشويناه. فخرج دعبل وسال عن الديك فعرف انه سقط في دار صالح، فطلبه منا فجحدناه، وشربنا يومنا. فلماكان من الغد خرج دعبل فصلى الغداة، ثم جلس على المسجد، وكان ذلك المسجد مجمع الناس، يجتمع فيه جماعة من‏العلماء وينتابهم الناس، فجلس دعبل على المسجد وقال:

اسر المؤذن صالح وضيوفه / ‏اسر الكمي هفا خلال الماقط ((2-1585))

بعثوا عليه بنيهم وبناتهم / من بين ناتفة وآخر سامط

يتنازعون كانهم قد اوثقوا / خاقان او هزموا كتائب ناعط ((2-1586))

نهشوه فانتزعت له اسنانهم / وتهشمت اقفاوهم بالحائط

فكتبها الناس عنه ومضوا. فقال لي ابي وقد رجع الى البيت: ويحكم، ضاقت عليكم المكل، فلم تجدوا شيئا تاكلونه سوى‏ديك دعبل؟ ثم انشدنا الشعر، وقال لي: لا تدع ديكا ولا دجاجة تقدر عليه الا اشتريته، وبعثت به الى دعبل، والا وقعنافي لسانه، ففعلت ذلك ((2-1587)).

2 عن اسحاق النخعي قال: كنت جالسا مع دعبل بالبصرة وعلى راسه غلامه ثقيف، فمر به اعرابي يرفل في ثياب خز،فقال لغلامه: ادع لي هذا الاعرابي، فاوما الغلام اليه، فجاء، فقال له دعبل: ممن الرجل؟ قال: من بني كلاب، قال: من‏اي‏ولد كلاب انت؟ قال: من ولد ابي بكر، فقال دعبل: اتعرف القائل؟:

ونب ئت كلبا من كلاب يسبني / ومحض كلاب يقطع‏ الصلوات

فان انا لم اعلم كلابا بانها / كلاب واني باسل النقمات

فكان اذا من قيس عيلان والدي / وكانت اذا امي من الحبطات ((2-1588))

قال: وهذا الشعر لدعبل يقوله في عمرو بن عاصم الكلابي. فقال له الاعرابي: ممن انت؟ فكره ان يقول من خزاعة‏فيهجوهم، فقال: انا انتمي الى القوم الذين يقول فيهم الشاعر:

اناس علي الخير منهم وجعفر / وحمزة والسجاد ذو الثفنات

اذا فخروا يوما اتوا بمحمد / وجبريل والفرقان والسورات

فوثب الاعرابي وهو يقول: ما لي الى محمد وجبريل والفرقان والسورات مرتقى ((2-1589)).

3 حدث الحسين بن ابي السرى قال: غضب دعبل على ابي نصر بن جعفر ابن محمد بن الاشعث وكان دعبل مؤدبه‏قديما لشي‏ء بلغه عنه، فقال يهجو اباه:

ما جعفر بن‏محمد بن الاشعث / عندي بخير ابوة من عثعث

عبثا تمارس بي تمارس حية / سوارة ان هجتها لم تلبث

لو يعلم المغرور ماذا حاز من / خزي لوالده اذا لم يعبث

قال: فلقيه عثعث، فقال له: اي شي‏ء كان بيني وبينك حتى ضربت بي المثل في خسة الاباء؟، فضحك دعبل، وقال: لاشي‏ء واللّه الا اتفاق اسمك واسم ابن الاشعث في القافية، اولا ترضى ان اجعل اباك وهو اسود خيرا من آباء الاشعث بن ‏قيس ((2-1590))؟

4 عن الحسين بن دعبل قال: قال ابي في الفضل بن مروان:

نصحت فاخلصت النصيحة للفضل / وقلت فسيرت المقالة في الفضل

الا ان في الفضل بن سهل لعبرة / ان اعتبر الفضل بن مروان بالفضل

وللفضل في الفضل بن يحيى مواعظ / اذا فكر الفضل بن مروان في الفضل

فابق حميدا من حديث تفز به / ولا تدع الاحسان والاخذ بالفضل

فانك قد اصبحت للملك قيما / وصرت مكان‏الفضل‏والفضل والفضل

ولم ار ابياتا من الشعر قبلها / جميع قوافيها على الفضل والفضل

وليس لها عيب اذا هي انشدت / سوى‏ان نصحي‏الفضل كان من ‏الفضل

فبعث اليه الفضل بن مروان بدنانير، وقال له: قد قبلت نصحك، فاكفني خيرك وشرك ((2-1591)).