المعاني التي يمكن ارادتها من الحديث
لم يبق من المعاني الا الولي والاولى بالشيء والسيد غير قسيميه: المالك والمعتق والمتصرف في الامر ومتوليه. اما الولي فيجب ان يراد منه خصوص ما يراد في (الاولى) لعدم صحة بقية المعاني كما عرفناكه، واما السيد ((1-2301)) بالمعنى المذكور فلا يبارح معنى الاولى بالشيء، لانه المتقدم على غيره، لا سيما في كلمة يصف بها النبي(ص) نفسه، ثمابن عمه على حذو ذلك، فمن المستحيل حمله على سيادة حصل عليها السائد بالتغلب والظلم، وانما هي سيادة دينيةعامة يجب اتباعها على المسودين اجمع.
وكذلك المتصرف في الامر، ذكره الرازي في تفسيره ((1-2302)) (6/210) عن القفال عند قوله تعالى: (واعتصموا باللّه هومولاكم) الحج [78]: فقال: قال القفال: هو مولاكم، سيدكم والمتصرف فيكم. وذكرهما سعيد الچلبي مفتي الروم وشهابالدين احمد الخفاجي في تعليقيهما على البيضاوي، وعده في الصواعق ((1-2303)) (ص25) من معانيه الحقيقية، وحذاحذوه كمال الدين الجهرمي في ترجمة الصواعق، ومحمد بن عبدالرسول البرزنجي في النواقض ((1-2304)) ، والشيخعبدالحق في لمعاته، فلا يمكن في المقام الا ان يراد به المتصرف الذي قيضه اللّه سبحانه لان يتبع، فيحدو البشر الىسنن النجاح فهو اولى من غيره بانحاء التصرف في الجامعة الانسانية، فليس هو الا نبيا مبعوثا، او اماما مفترض الطاعةمنصوصا به من قبله بامر الهي لا يبارحه في اقواله وافعاله، (وما ينطق عن الهوى # ان هو الا وحي يوحى ((1-2305)) ) .
وكذلك متولي الامر الذي عده من معاني المولى ابو العباس المبرد، قال في قوله: (بان اللّه مولى الذين امنوا ((1-2306)) ) :والولي والمولى معناهما سواء ، وهو الحقيق بخلقه المتولي لامورهم ((1-2307)) ، وابو الحسن الواحدي في تفسيره الوسيط، والقرطبي في تفسيره ((1-2308)) (4/232) في قوله تعالى في ال عمران [150] ( بل اللّه مولاكم) ، وابن الاثير فيالنهاية (4/246)، والزبيدي في تاج العروس (10/398)، وابن ((1-2309)) منظور في لسان العرب ((1-2310)) ، وقالوا: ومنهالحديث: «ايما امراة نكحت بغير اذن مولاها فنكاحها باطل»، وفي رواية: (وليها)، اي متولي امرها، والبيضاوي ((1-2311)) في تفسير قوله تعالى: (ما كتب اللّه لنا هو مولانا) التوبة [51] في تفسيره (1/505)، وفي قوله تعالى: (واعتصموا باللّههو مولاكم) الحج[78] (2/114)، وفي قوله تعالى: (واللّه مولاكم) التحريم [2] (2/530)، وابو السعود العمادي ((1-2312))في تفسير قوله تعالى: (واللّه مولاكم) التحريم هامش تفسير الرازي (8/183)، وفي قوله تعالى: (هي مولاكم)، والراغب في المفردات ((1-2313)) ، وعن احمد بن الحسن الزاهد الدرواجكي في تفسيره: المولى في اللغة من يتولى مصالحك، فهومولاك، يلي القيام بامورك، وينصرك على اعدائك، ولهذا سمي ابن العم والمعتق مولى، ثم صار اسما لمن لزم الشيء،والزمخشري في الكشاف ((1-2314)) ، وابو العباس احمد بن يوسف الشيباني الكواشي المتوفى سنة (680) في تلخيصه، والنسفي في تفسير قوله تعالى: (انت مولانا ((1-2316)) ) ، ((1-2315)) والنيسابوري في غرائب القران ((1-2317)) فيقوله تعالى: (انت مولانا) وقوله تعالى: (فاعلموا ان اللّه مولاكم ((1-2318)) )، وقوله تعالى: (هي مولاكم)، وقال القسطلاني ((1-2319)) في حديث مر في (ص318) عن البخاري ومسلم في قوله(ص): «انا مولاه» : اي ولي الميت اتولى عنهاموره، والسيوطي في تفسير الجلالين ((1-2320)) في قوله تعالى: (انت مولانا)، وقوله: (فاعلموا ان اللّه مولاكم)، وقوله: (لن يصيبنا الا ما كتب اللّه لنا هو مولانا)، فهذا المعنى لا يبارح ايضا معنى الاولى، لا سيما بمعناه الذي يصف به صاحب الرسالة(ص)نفسه على تقدير ارادته.