اللامية من الهاشميات
الاهل عم في رايه متامل / وهل مدبر بعدالاساءة مقبل
روى ابو الفرج في الاغاني ((2-864)) (15/126) بالاسناد عن ابي بكر الحضرمي، قال: استاذنت للكميت على ابي جعفرمحمد بن علي(ع) في ايام التشريق بمنى فاذن له، فقال له الكميت: جعلت فداك اني قلت فيكم شعرا احب ان انشدكه. فقال: ((ياكميت اذكر اللّه في هذه الايام المعلومات، وفي هذه الايام المعدودات)). فاعاد عليه الكميت القول، فرق له ابوجعفر(ع) فقال: ((هات)). فانشده قصيدته حتى بلغ:
يصيب به الرامون عن قوس غيرهم / فيا آخر اسدى له الغي اول
فرفع ابو جعفر(ع) يديه الى السماء وقال: ((اللهم اغفر للكميت)).
وعن محمد بن سهل صاحب الكميت قال: دخلت مع الكميت على ابي عبداللّه الصادق جعفر بن محمد(ع) فقالله:جعلت فداك الا انشدك؟ قال: ((انها ايام عظام)). قال: انها فيكم. قال: ((هات)). وبعث ابو عبداللّه(ع) الى بعض اهله فقرب، فانشده فكثر البكاء، حتى اتى على هذا البيت:
يصيب به الرامون عن قوس غيرهم / فيا آخر اسدى له الغي اول
فرفع ابو عبداللّه(ع) يديه، فقال: ((اللهم اغفر للكميت ماقدم وما اخر، وما اسر وما اعلن، وا عطه حتى يرضى)).الاغاني ((2-865)) (15/123)، المعاهد ((2-866)) (2/27).
ورواه البغدادي في خزانة الادب ((2-867)) (1/70) وفيه بعد قوله: فكثر البكاء وارتفعت الاصوات، فلما مر على قوله في الحسين (رض):
كان حسينا والبهاليل حوله / لاسيافهم ما يختلي المتبتل
وغاب نبي اللّه عنهم وفقده / على الناس رزء ماهناك مجلل
فلم ار مخذولا لاجل مصيبة / واوجب منه نصرة حين يخذل
فرفع ((2-868)) جعفر الصادق(رض) يديه وقال: ((اللهم اغفر للكميت ماقدم واخر، وما اسر واعلن، واعطه حتى يرضى)). ثماعطاه الف دينار وكسوة، فقال له الكميت: واللّه ما احببتكم للدنيا ولو اردتها لاتيت من هي في يديه، ولكنني احببتكمللاخرة، فام ا الثياب التي اصابت اجسادكم فاني اقبلها لبركتها، واما المال فلا اقبله.
روى ابو الفرج في الاغاني ((2-869)) (15/119) عن علي بن محمد بن سليمان، عن ابيه، قال: كان هشام بن عبد الملك قد اتهمخالد بن عبداللّه، وكان يقال: انه يريد خلعك، فوجد بباب هشام يوما رقعة فيها شعر، فدخل بها على هشام فقرئت عليه:
تالق برق عندنا وتقابلت / اثاف لقدر الحرب اخشى اقتبالها
فدونك قدر الحرب وهي مقرة / لكفيك واجعل دون قدر جعالها
ولن تنتهي او يبلغ الامر حده / فنلها برسل قبل ان لا تنالها
فتجشم منها ما جشمت من التي / بسوراء هرت نحو حالك حالها
تلاف امور الناس قبل تفاقم / بعقدة حزم لا يخاف انحلالها
فما ابرم الاقوام يوما لحيلة / من الامر الا قلدوك احتيالها
وقد تخبر الحرب العوان بسرها / وان لم يبح من لا يريد سؤالها
فامر هشام ان يجتمع له من بحضرته من الرواة فجمعوا، فامر بالابيات فقرئت عليهم، فقال: شعر من تشبه هذه الابيات؟فاجمعوا جميعا من ساعتهم انه كلام الكميت بن زيد الاسدي. فقال هشام: نعم هذا الكميت ينذرني بخالد بن عبداللّه. ثم كتب الى خالد يخبره، وكتب اليه بالابيات، وخالد يومئذ بواسط، فكتب خالدالى واليه بالكوفة يامره باخذالكميتوحبسه، وقال لاصحابه: ان هذا يمدح بني هاشم ويهجو بني امية، فاتوني من شعر هذا بشيء، فاتي بقصيدته اللامية التي اولها:
الا هل عم في رايه متامل / وهل مدبر بعد الاساءة مقبل
فكتبها وادرجها في كتاب الى هشام، يقول: هذا شعر الكميت، فان كان قد صدق في هذا فقد صدق في ذاك. فلما قرئتعلى هشام اغتاظ، فلما سمع قوله:
فيا ساسة هاتوا لنا من جوابكم / ففيكم لعمري ذو افانين مقول
اشتد غيظه، فكتب الى خالد يامره ان يقطع يدي الكميت ورجليه، ويضرب عنقه، ويهدم داره، ويصلبه على ترابها. فلماقرا خالد الكتاب كره ان يستفسد عشيرته، واعلن الامر رجاء ان يتخلص الكميت، فقال: كتب الي امير المؤمنين وانيلاكره ان استفسد عشيرته، وسماه، فعرف عبد الرحمن بن عنبسةبن سعيد ما اراد، فاخرج غلاما له مولدا ظريفا، فاعطاهبغلة له شقراء فارهة من بغال الخليفة، وقال: ان انت وردت الكوفة فانذرت الكميت لعله ان يتخلص من الحبس فانتحر لوجه اللّه، والبغلة لك، ولك علي بعد ذلك اكرامك والاحسان اليك. فركب البغلة فسار بقية يومه وليلته من واسط الى الكوفة فصبحها، فدخل الحبس متنكرا، فخبر الكميت بالقصة، فارسلالى امراته وهي ابنة عمه يامرها ان تجيئه ومعها ثياب من لباسها وخفان، ففعلت. فقال: البسيني لبسة النساء، ففعلت.ثمقالت له: اقبل فاقبل، وادبر فادبر، فقالت: ما ادري الا يبسا في منكبيك، اذهب في حفظ اللّه. فمر بالسجان فظن انه المراةفلم يعرض له، فنجا وانشا يقول:
خرجت خروج القدح قدح ابن مقبل / على الرغم من تلك النوابح والمشلي ((2-870))
علي ثياب الغانيات وتحتها / عزيمة امر اشبهت سلة النصل
وورد كتاب خالد الى والي الكوفة يامره فيه بما كتب به اليه هشام، فارسل الى الكميت ليؤتى به من الحبس فينفذ فيه امرخالد، فدنا من باب البيت ((2-871))، فكل متهم المراة وخبرتهم انها في البيت، وان الكميت قد خرج. فكتب بذلك الى خالدفاجابه: حرة كريمة افتدت ابن عمها بنفسها. وامر بتخليتها، فبلغ الخبر الاعور الكلبي بالشام، فقال قصيدته التي يرميفيها امراة الكميت باهل الحبس ويقول:
اسودينا واحمرينا …
فهاج الكميت ذلك حتى قال:
الا حييت عنا يا مدينا / وهل ناس تقول مسلمينا
وهي ثلاثمائة بيت.
وقال في (ص114) ((2-872)): ان خالد بن عبد اللّه القسري روى جارية حسناء قصائد الكميت الهاشميات واعدهاليهديها الى هشام، وكتب اليه باخبار الكميت وهجائه بني امية، وانفذ اليه قصيدته التي يقول فيها:
فيارب هل الا بك النصر يبتغى / ويا رب هل الا عليك المعول
وهي طويلة يرثي فيها زيد بن علي وابنه الحسين بن زيد، ويمدح بني هاشم، فلما قراها اكبرها، وعظمت عليهواستنكرها، وكتب الى خالد يقسم عليه ان يقطع لسان الكميت ويده. فلم يشعر الكميت الا والخيل محدقة بداره، فاخذوحبس في المحبس، وكان ابان بن الوليد عاملا على واسط، وكان الكميت صديقه، فبعث اليه بغلام على بغل وقال له: انتحر … الى آخر ما ياتي ان شاء اللّه تعالى.
وللكميت في حديث الغدير من قصيدة قوله:
علي امير المؤمنين وحقه / من اللّه مفروض على كل مسلم
وان رسول اللّه اوصى بحقه / واشركه في كل حق مقسم
وزوجه صديقة لم يكن لها / معادلة غير البتولة مريم
وردم ابواب الذين بنى لهم / بيوتا سوى ابوابه لم يردم
واوجب يوما بالغدير ولاية / على كل بر من فصيح واعجم
تفسير ابي الفتوح ((2-873)) (2/193)