الاحاديث المفسرة لمعنى المولى والولاية
((1-2344)) وقبل هذه القرائن كلها تفسير رسول اللّه(ص) نفسه معنى لفظه وبعده مولانا امير المؤمنين(ع) حذو القذة بالقذة.
اخرج القرشي علي بن حميد في شمس الاخبار ((1-2346)) (ص38)، نقلا عن سلوة العارفين للموفق باللّه الحسين بن اسماعيل الجرجاني، والد المرشد باللّه آ باسناده عن النبي(ص) انه لما سئل عن معنى قوله: «من كنت مولاه فعليمولاه»، قال: «اللّه مولاي، اولى بي من نفسي لا امر لي معه، وانا مولى المؤمنين، اولى بهم من انفسهم لا امر لهم معي، ومن كنت مولاه اولى به من نفسه لا امر له معي، فعلي مولاه اولى به من نفسه لا امر له معه».
ومر في صفحة (200) في حديث احتجاج عبداللّه بن جعفر على معاوية قوله: يا معاوية اني سمعت رسول اللّه(ص) يقول على المنبر وانا بين يديه، وعمر بن ابي سلمة، واسامة بن زيد، وسعد بن ابي وقاص، وسلمان الفارسي، وابو ذر، والمقداد، والزبير بن العوام، وهو يقول: «الست اولى بالمؤمنين من انفسهم؟ فقلنا: بلى يا رسول اللّه. قال: اليس ازواجي امهاتكم؟ قلنا: بلى يا رسول اللّه. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اولى به من نفسه»، وضرب بيده على منكب علي، فقال: «اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ايها الناس انا اولى بالمؤمنين من انفسهم ليس لهم معي امر، وعلي من بعدي اولى بالمؤمنين من انفسهم ليس لهم معه امر …» الى ان قال عبداللّه : ونبينا(ص) قد نصب لامته افضل الناس واولاهم وخيرهم بغدير خم وفي غير موطن، واحتج عليهم به، وامرهم بطاعته، واخبرهم انه منه بمنزلة هارون من موسى، وانه ولي كل مؤمن من بعده، وانه كل من كان هو وليه فعلي وليه، ومن كان اولى به من نفسه فعلي اولى به، وانه خليفته فيهم ووصيه. الحديث.
ومر (ص165) فيما اخرجه شيخ الاسلام الحموئي في حديث احتجاج اميرالمؤمنين(ع) ايام عثمان قوله:ثم خطب رسول اللّه(ص) فقال: ايها الناس اتعلمون ان اللّه عز وجل مولاي، وانا مولى المؤمنين، وانا اولى بهم من انفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: قم يا علي، فقمت، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. فقام سلمان، فقال: يا رسول اللّه ولاء كماذا؟ قال: ولاء كولاي، من كنت اولى به من نفسه فعلي اولى به من نفسه».
وسبق (ص196) في حديث مناشدة امير المؤمنين(ع) يوم صفين قوله: ثم قال رسول اللّه(ص): «ايها الناس ان اللّه مولاي وانا مولى المؤمنين واولى بهم من انفسهم، من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقام اليه سلمان الفارسي، فقال: يا رسول اللّه ولاء كماذا؟ فقال: ولاء كولاي، من كنت اولى به من نفسه فعلي اولى به من نفسه».
وروى الحافظ العاصمي في زين الفتى قال: سئل علي بن ابي طالب عن قول النبي(ص): «من كنت مولاه فعلي مولاه». فقال: «نصبني علما اذ انا قمت، فمن خالفني فهو ضال».
يريد(ع) بالقيام قيامه في ذلك المشهد يوم الغدير لما امره به رسول اللّه(ص) ليرفعه فيعرفه، وينصبه علما للامة، وقد مرذلك (ص15 ، 23 ، 165 ، 217)، واشار اليه حس ان في ذلك اليوم بقوله:
فقال له قم يا علي فانني / رضيتك من بعدي اماما وهاديا
وفي حديث رواه السيد الهمداني في مودة القربى ((1-2347)) : فقال رسول اللّه :«معاشر الناس اليس اللّه اولى بي من نفسي يامرني وينهاني، ما لي على اللّه امر ولا نهي؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: من كان اللّه وانا مولاه فهذا علي مولاه، يامركم وينهاكم ما لكم عليه من امر ولا نهي، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، اللهم انت شهيد عليهم، اني قد بلغت ونصحت».
وقال الامام الحافظ الواحدي بعد ذكر حديث الغدير: هذه الولاية التي اثبتها النبي(ص) لعلي مسؤول عنها يوم القيامة، روي في قوله تعالى: (وقفوهم انهم مسؤولون) ((1-2348)) اي عن ولاية علي(ع) والمعنى: انهم يسالون هل والوه حق الموالاة كما اوصاهم النبي(ص) ام اضاعوها واهملوها فتكون عليهم المطالبة والتبعة؟
وذكره واخرج حديثه شيخ الاسلام الحموئي في فرائد السمطين في الباب الرابع عشر ((1-2349)) ، وجمال الدين الزرندي في نظم درر السمطين ((1-2350)) ، وابن حجر في الصواعق ((1-2351)) (ص89)، والحضرمي في الرشفة (ص24).
واخرج الحموئي ((1-2352)) من طريق الحاكم ابي عبداللّه بن البيع ((1-2353)) عن محمد بن المظفر قال: حدثنا عبداللّه بن محمد بن غزوان، حدثنا علي بن جابر، حدثنا محمد بن خالد بن عبداللّه، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا محمد بن سوقة عن ابراهيم عن الاسود عن عبداللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه(ص): «اتاني ملك فقال: يا محمد سل من ارسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ [قال: قلت: على ما بعثوا؟ قال] ((1-2354)) : على ولايتك وولاية علي بن ابي طالب». ((1-2355)) :
وروي عن علي(ع) انه قال: «جعلت الموالاة وقال اصلا من اصول الدين»، واخرج ((1-2356)) من طريق الحاكم ابن البيع: حدثنا محمد بن علي، حدثنا احمد بن حازم، حدثنا عاصم بن يوسف اليربوعي، عن سفيان بن ابراهيم الحرنوي، عن ابيه، عن ابي صادق، قال: قال علي: «اصول الاسلام ثلاثة لا ينفع واحد منها دون صاحبه: الصلاة، والزكاة، والموالاة». ومر(ص382)عن عمر بن الخطاب نفي الايمان عمن لا يكون اميرالمؤمنين مولاه.
وقال الالوسي في تفسيره ((1-2357)) (23/74) في قوله تعالى (وقفوهم انهم مسؤولون) بعد عد الاقوال فيها: واولى هذه الاقوال ان السؤال عن العقائد والاعمال، وراس ذلك لا اله الا اللّه، ومن اجله ولاية علي كرم اللّه تعالى وجهه.
ومن طريق البيهقي عن الحافظ الحاكم النيسابوري باسناده عن رسول اللّه(ص): «اذا جمع اللّه الاولين والاخرين يوم القيامة، ونصب الصراط على جسر جهنم لم يجزها احد الا من كانت معه براءة بولاية علي بن ابي طالب». واخرجه محب الدين الطبري في الرياض (2/172). ((1-2358))
ولا يسعنا المجال لذكر ما وقفنا عليه من المصادر الكثيرة المذكور فيها ما ورد في قوله تعالى: (وقفوهم انهم مسؤولون)، وقوله: (وسئل من ارسلنا من قبلك من رسلنا ((1-2359)) ) ، وما اخرجه الحفاظ عن النبي(ص) من حديث البراءة والجواز، فلا 3احسب ان ضميرك الحر يحكم بملاءمة هذه كلها مع معنى اجنبي عن الخلافة والاولوية على الناس من انفسهم، ويراه مع ذلك اصلا من اصول الدين، وينفى الايمان بانتفائه، ولا يرى صحة عمل عامل الا به.
وهذه الاولوية المعدودة من اصول الدين والمولوية التي ينفى الايمان بانتفائها كما مر في كلام عمر (ص382) صرح بها عمر لابن عباس في كلامه الاخر، ذكره الراغب في محاضراته (2/213) عن ابن عباس قال: ((1-2360)) كنت اسير مع عمر بن الخطاب في ليلة وعمر على بغل وانا على فرس، فقرا اية فيها ذكر علي بن ابي طالب، فقال: اما واللّه يا بني عبدالمطلب لقد كان علي فيكم اولى بهذا الامر مني ومن ابي بكر. فقلت في نفسي: لا اقالني اللّه ان اقلته، فقلت: انت تقول ذلك يا امير المؤمنين، وانت وصاحبك وثبتما وافرغتما ((1-2361)) الامر منا دون الناس. فقال: اليكم يا بني عبدالمطلب، اما انكم اصحاب عمر بن الخطاب، فتاخرت وتقدم هنيهة، فقال: سر، لا سرت، وقال: اعد علي كلامك. فقلت: انما ذكرت شيئا فرددت عليك جوابه، ولو سكت سكتنا. فقال: انا واللّه ما فعلنا الذي فعلنا عن عداوة، ولكن استصغرناه، وخشينا ان لايجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها. قال: فاردت ان اقول: كان رسول اللّه(ص) يبعثه، فينطح كبشها، فلم يستصغره، افتستصغره انت وصاحبك؟ فقال: لا جرم، فكيف ترى؟ واللّه ما نقطع امرا دونه، ولا نعمل شيئا حتى نستاذنه.
وفي شرح نهج البلاغة ((1-2362)) (2/20) قال عمر: يا ابن عباس اما واللّه ان صاحبك هذا لاولى الناس بالامر بعد رسول اللّه(ص) الا انا خفناه على اثنين …. الى ان قال ابن عباس : فقلت: وما هما يا امير المؤمنين؟ قال: خفناه على حداثة سنه، وحبه بني عبدالمطلب، وفي (2/115): كرهناه على حداثة السن وحبه بني عبدالمطلب.
والشهادة بولاية امير المؤمنين بالمعنى المقصود هي نور وحكمة مودوعة في قلوب مواليه(ع) ودونها كانت تشد الرحال، ولتعيين حامل عبئها كانت تبعث الرسل، كما ورد فيما اخرجه البيهقي في المحاسن والمساوئ ((1-2363)) (1/30) في حديث طويل جرى بين ابن عباس ورجل من اهل الشام من حمص ففيه: قال الشامي: يا ابن عباس ان قومي جمعوا لي نفقة، وانا رسولهم اليك وامينهم، ولا يسعك ان تردني بغير حاجتي، فانالقوم هالكون في امر علي ، ففرج عنهم فرج اللّه عنك. فقال ابن عباس: يا اخا اهل الشام ان مثل علي في هذه الامة في فضله وعلمه كمثل العبد الصالح الذي لقيه موسى(ع) ثمذكر حديث ام سلمة، وفيه لعلي فضائل جمة فقال الشامي يا ابن عباس ملات صدري نورا وحكمة، وفرجت عني فرج اللّه عنك، اشهد ان عليا(رضى ا… عنه) مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
(وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الايات لقوم يذكرون ((1-2364)) )